تَعَبْ..؛

إيمان~

:: عضو مُتميز ::
إنضم
15 ديسمبر 2014
المشاركات
555
نقاط التفاعل
2,052
النقاط
56
محل الإقامة
قسنطينة
الجنس
أنثى



أقلِبُ ورقة أخْرى ,سأكمل هذا الجُزْء ثُمَّ أخْلُدُ للنوم ...


إنَّها العِبارَة التِي أُكَرِّرُها مُنْذُ ساعَتَين،...
يمر الوقتُ، ورقة ورقة... و تزحفُ الدَّقائِقُ اللَّزِجَةُ على أعْصابِي لٍتُخَدِّرَها بحقْنة تعبٍ أخِرى ،فلم يَبْقَ لِي من المُورفينات ما يُسكتُ الطِّفلَة الصارِخة بداخلي إلا التَّعب.



و تتراكم السَّاعاتُ على مكْتَبِي ،أوْراقًا مُزْدَحِمَّة بالأمْراض و أعْراضها و أدْوِيَتِها ،ولا مَكانَ للإنْسانِيَّة أراهُ بَيْنَها ، فقط يَتَحول جسْم الإنْسان إلى كَومَة أعراضٍ و تَحاليل ،و يحاول العقْل الطِّبِي تَجْرِيدَها من المشاعر و الأحاسيس ...
كيف يَتَحَوَّلُ هذا الكائن المُعقَّدُ إلى نَظِريَّاتٍ مُمَنْطَقَةٍ مُبْسوطَةٍ فِي أوراقَ مكتوبة بالفرنسية و جاهزة للحِفْظ الأصَم ،هكذا ببساطَةٍ بِغَباءٍ و تفاهَة.



وَرَقَةٌ أُخْرى ، إنَّها الواحِدَة بعد مُنْتصَفِ الليْلِ، لا بُدَّ أن أحْلام النّاَئِمِين أيضا جاوَزَت المُنْتَصَفْ،... فقطْ لمن مازال يَحْلُم يكون الليل نوما و النَّوم هَناءا ،أحْلامي أنا تَسَلَّلَت مني زَحْفا، خارج مَجال الذَّاكرة ،وقَطَعت أخادِيد الجُرْح و الشَّفاء و ... اخْتَفَتْ فِي ......لست أدري أين .


أكْتافِي مُتْعَبَة، ولكن ليسَ بَعْد ليس بما يكفي مازال فيَّ ما يكفي للتفكير و الذِكْريات...


ورَقَةٌ أُخْرى....أصابِعي تَكْتُبُ بكَسَلْ ...أرَى الدَّخان الرمادِي يَتَصاعدُ منها مشْحونا برائحة الحبر و رذاذ السَّخافة المالح،
و تَخْتَفي الحروف و السُّطور من على الورق، ويظل يتصاعد هذا الدخان... يلُفُّنِي يَمْلأ مِحْجَرَيّْ عَيْنَيَّا بالحبر و المُلوحَة ،



هَذا الدُّخان به ... رائحَة سَجائِرِك و لَون أنْفَاسِكَ الحَارَّة و ضَبابِيَّة كَلماتِك...


إنَّهُ يَتَمَرَّدُ على سِيادَة التَّعَب لِيوقِظَ الآلام الرَّاقِدَة.


لَمْ يُغادِرْنِي هَذا الدُّخانُ المَسْمومُ مُنْذُ أن أخَذْتُ منك سِيجارتك لأغْرِسَها فِي يَدِي [من غَيْر قَصْد] فأنا أحْتَرِفُ الآلام [من غير قصد]


هل تذْكُرْ !

يوم أن يَبِسَتْ دَواخِلِي يَأسًا و سَكَنَ فِيها الخوف عَلَيْك، وأنا أراك تَلُفُّ شَبابك و صحتك في سيجارة و تُشْعِلَها

خَطَفْتُها منك و لم أدر ما ذا أفعَلُ بها

تحدَّيْتَنِي :


- ماذا؟ مآبك هل تريدين رشفَة ؟ كما في الأفلام مثلا ... إنَّك أضْعف من ذلك يا فتاة ... أضعف من أن تُنْقِذِيني أنا الذي اخترتُ الاحْتِراق...هاتِها ، إنها تُفْسِدُ مَنْظَر يَديك الجميلَتَين

ولم تُكْمل كلامك إلا و السِيجارة مَغروسَة في راحة يدي ،أطْفَأتُها و أشْعَلْتُ في روحي لهيبا ،و تسَرَّب دُخانُها إلى شَراييني ليسكُنها كَما تَسَرَّبت رجولتُك الطَّاغية في طُفوليَّتي ، في أنوثَتي في جلدي لتَحْتَلَّني ، أو كما تسَرَّبت نَظَراتُك في قلبي لَتوشِمَهُ بك...

وانْطَفأت السِيجارَة في دَهشة منك ، و مددت يَدَكْ السَّمْراء الكَبِيرَة لِتُطْبِقَها على يَدِي و تَفْتَح أصابِعي الموجوعَة الضاغطة على الجُرْح الحارْ...

نَظَرْتَ طَويلا إلى الجرح الرَّمادي ، ثم شَهِقْتَ ضاحِكًا:

- يا حَمْقاء.. ! ما كان عليك فعل ذلك، الجميع يعلم أنك لي، فلا داعي للأخْتام

لماذا ؟ لماذا ضحكتَ يومَها يا هشام، ماذا أخْفيت في تلك الضحكة الصاخبة، أي صوت صرخ فيك لتسكته بقهقهة ساخرة، لماذا يومها كنت قاسيا، قاسيا جدا معي.

تسرَّبت دموع مالحة ممزوجة بالدُّخان، و سَكَبْتُها داخليا، تَسَلَّخَت أعماقيَ الهشَّةُ وسالت أسياخا سوداء من وجع و يأسٍ و.... سَخافة.

و لم يسْقُط القناع عن وجهي، لم أبكِ أمامك يوما مهما فعلْت، لم تنزَع وشاح الكِبْرياء عني يوما.

ابْتَسَمْتُ ،ونَظَرْتُ إلى الجرْح و أنا التي تَدْري أنَّه ختْمُ الفِصال لا ختم امتِلاك

فأنت لم تَمْتَلِكْنِي يوما

أهذا ما أوجَعَكْ؟ أنَّي لم أرْكَع لَكَ يوما كما تفعل النَّساء ...

قُلْتُ لك:

- نعم لا بأس بالأخْتامْ في انْتِظار أن يَعلم العالم أنَّك لي...

و لم تكن لي و لن تكون أبدا


و تعالَت ضِحكاتك أكْثَر حتى ملأت موقف السَّيارات الذي كنا نقف فيه، تعالت ساخرة و مُرَّة.

- ألم تَتَعلَّمي بَعدْ؟ ليست هُناك من النَّساء من لديها الموهبة و الصّبْرُ ،و الأنوثة الكافية لتَحتَويَّني ...

- و أنا إذا؛ ماذا أكون؟

- أنت ؟ أنت لست امرأة أنت "طِفْلَة".....

نعم أعلم ذلك يا هشام، أعلم إني مازلت طفلة مهما كبرت، و أعلم أنّكَ مُسْتَبِدٌّ و طاغية، أطْغى من أن تحتملك امرأة، وأنَّ نَظراتك الحادَّة أمْضى من أن توقفها دروعٌ من كبريا؛
و أعلم أن هيْبَة رجولتك أقوى من أن تُذيبها حلاوة أنثى بدلالها..
أعلم أنَّك قاسٍ جدا و أنك تبْحث عن امرأة تُخرج منك الطِّفْل الخائف في داخلك، عن امرأة تحولك إلى طفل في العاشرة...

أعلم ذلك و أكثر.

إذا لما ؟ لما تركت النِّساء جميعا و جئتني ، كشفت لي عن وجهك الطِّفْل الشَّقي ...
ومددت يدك المُرْتَجِفة الخائفة إلى يَدي ،لتُخْرِج مني الطِّفْلَة
لنتمرَّد معا
لِنَلْعب معا تحت المَطر حتى التَّعبْ...

لما بنيت بيننا جسرا و ملعبا وغابات من الأحلام و البراءة و الحنان و غمرتـَ[هما] معا بالضياء

لم ؟ بعدما اعتادت أنا الطِّفلة عليك رميت بها في الوحل... و رحلْت

تلك الطِّفلة مازالت تصْرُخ ... صُراخُها يُخيفُني ،يُؤنِّبُني ، يُعذِّبُني
و الدُّخانُ الخارج منيَّ يَلُفُّني ، يخْنُقُني ، يَغْتالُني ...

أرْكُضُ...أرْكُضُ هاربة إلى النافذة، هارِبَةً منكْ ، من طَيْفِكَ و كَلماتِكْ ... من نَظَراتِكَ و بَحَّة صوتِكَ الذِي يعلو بالضحكة....هارٍبَة من الوجع من الخيبة و الزَّمَنْ...
أفْتَحُها بلهفة ، ليصْفَعَني هواءُ تشرينَ الباردُ النَّقي ، يُعِيدُني إلى غُرْفتي و أوراقي و تَعَبي... إلى هُنا ، حيثُ لا طِفْلٌ أنت و لا رَجُلْ،
إلى حيثُ لم يبْقَ منك إلَّا دُخانٌ تسَلَّلَ ذات شَقاوة سخيفة في أوردتي و احْتَلَّها...


حيث ما أنت إلا ذِكْرى موبوءة مُحاصَرةٌ باليأس و النَّدم.

أعود إلى مَكْتبي ، لأغْرَق من جديد في الورق...

أقلب ورقة أخرى، سأكمل هذا الجزء ثم أخلد إلى... تعبْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



قسنطينة 17/05/2015


13:04


إيمان~
 
آخر تعديل:
رد: تَعَبْ..؛


نعم أعلم ذلك يا هشام، أعلم إني مازلت طفلة مهما كبرت، و أعلم أنّكَ مُسْتَبِدٌّ و طاغية، أطْغى من أن تحتملك امرأة، وأنَّ نَظراتك الحادَّة أمْضى من أن توقفها دروعٌ من كبريا؛
و أعلم أن هيْبَة رجولتك أقوى من أن تُذيبها حلاوة أنثى بدلالها..
أعلم أنَّك قاسٍ جدا و أنك تبْحث عن امرأة تُخرج منك الطِّفْل الخائف في داخلك، عن امرأة تحولك إلى طفل في العاشرة...

أعلم ذلك و أكثر.

:up: :up:


..........................

لا اعرف كيف اسميكـ أيتها الشرقية بعد كل ما قراته الان ...

شاعرة ...كاتبة... روآآآئية ...

:regards01:

دمت متالقة

واعرف انك مهما خلدت الى النوم :d الا ان الورقة ستُظلُ تُقْلَبُ وتُقلبْ ...

لا تحرمينا من قراءة اوراقك ...

________________

تستحقين اكثر من تقييييم +++++++

مميز :regards01:
 
رد: تَعَبْ..؛




:up: :up:


..........................

لا اعرف كيف اسميكـ أيتها الشرقية بعد كل ما قراته الان ...

شاعرة ...كاتبة... روآآآئية ...

:regards01:

دمت متالقة

واعرف انك مهما خلدت الى النوم :d الا ان الورقة ستُظلُ تُقْلَبُ وتُقلبْ ...

لا تحرمينا من قراءة اوراقك ...

________________

تستحقين اكثر من تقييييم +++++++

مميز :regards01:


لأكون صريحة معك
البداية كانت للخاطرة
ولم أكتشف الشعر و القصة إلا مصادفة :p

و أسعد جدا حين تعجبين بما أكتب
كما يسعد الطفل بقطعة الحلوى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تشرفت جدا بك

سلام
 
رد: تَعَبْ..؛

سُؤال:

هَلْ يَجِبُ أن يَحْتَوِي كُلُّ ما نَكْتُبُه
عَلى جُزْءٍ مِنَّا ؟
 
رد: تَعَبْ..؛

كتبتي فابدعتي

لا استطيع أن اقول انكي مبدعة

لانكي تخطيتي الحدود

وحلقتي في سماء الكون

لتسطري لنا أحرفا فيأبهى حله و أروع كلام

دام نبضك وقلمك. لنا غاليتي
لك ودي واكاليل وردي ..........

 
رد: تَعَبْ..؛

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
و جريمة تلك التي تقوم بتحديد معنى كلماتكي و مدى رقتها و روعتها
لدا غاليتي اتمنى ان تتقبلي مروري الصامت امام كلمات خططتها بروحكي قبل قلمكي
دمتي و دام تميزكي غاليتي
تحياتي احترامي و تقديري لشخصكم الكريم
في امان الله و حفظه
سلام الله عليكم

 
رد: تَعَبْ..؛

صــح فطورك

أنـا أيضا تعب يا إيمان ..
لكـن تعبك كان أثقل ...
أتعلميـن أن سحـر السيجـارة أكثر قوة م سحر حـواء ...
فهي تقبلنا و تقتلنا بصمت جميل
أما حواء فإما تقتلنا بالكلام أو الهجر

كنت أعتقد أني سأقف عند بحيرة فضفضة
لكن وجدت نفسي أغرق في بحـر بعيد الأفق
أبعـاد الإبداع فيه غير منتهية
مع كل موجة أشرب وأعطش وأزيد شربا
ومائه عذب لا يرتوى منه
كم هي جميلة ومبدعة هذه الطفلة عندما
يخطفها الإلهــام !
لا حرمنا الله منك ومن قلمك يا إيمــان

 
رد: تَعَبْ..؛

كتبتي فابدعتي

لا استطيع أن اقول انكي مبدعة

لانكي تخطيتي الحدود

وحلقتي في سماء الكون

لتسطري لنا أحرفا فيأبهى حله و أروع كلام

دام نبضك وقلمك. لنا غاليتي
لك ودي واكاليل وردي ..........




شكرا لك زهرة
على الحضور و القراءة و الكلمات المشجعة
أرجو أن أكون دوما عند حسن ظنك

سلام
 
رد: تَعَبْ..؛

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
و جريمة تلك التي تقوم بتحديد معنى كلماتكي و مدى رقتها و روعتها
لدا غاليتي اتمنى ان تتقبلي مروري الصامت امام كلمات خططتها بروحكي قبل قلمكي
دمتي و دام تميزكي غاليتي
تحياتي احترامي و تقديري لشخصكم الكريم
في امان الله و حفظه
سلام الله عليكم


صامتا كان أو صاخبا
مرحبا بك و بكلماتك

شكرا على عبق الاطلالة



 
رد: تَعَبْ..؛

صــح فطورك

أنـا أيضا تعب يا إيمان ..
لكـن تعبك كان أثقل ...
أتعلميـن أن سحـر السيجـارة أكثر قوة م سحر حـواء ...
فهي تقبلنا و تقتلنا بصمت جميل
أما حواء فإما تقتلنا بالكلام أو الهجر

كنت أعتقد أني سأقف عند بحيرة فضفضة
لكن وجدت نفسي أغرق في بحـر بعيد الأفق
أبعـاد الإبداع فيه غير منتهية
مع كل موجة أشرب وأعطش وأزيد شربا
ومائه عذب لا يرتوى منه
كم هي جميلة ومبدعة هذه الطفلة عندما
يخطفها الإلهــام !
لا حرمنا الله منك ومن قلمك يا إيمــان



حقيقة يا أمين
قد يخفف البوح شيئا من التَّعب

لكن
كم من الزمن أحتاج لأبوح بكل التعب في داخلي
كانت لتقول بطلة القصة


هل تصدق
أحاول جاهدة إخفاء الطفلة
لكنها تظهر قسرا في كتاباتي
و دائما ما أجد من ينتبه لوجودها و يتحدث عنها

شكرا أمين على المرور و المشاركة

سلام
 
رد: تَعَبْ..؛

عذبةٌ أنتِ كالطفولة كالأحلام كاللحنِ كالصباحِ الجديدِ

كالسماء الضحوكِ كالليلةِ القمراءِ كالوردِ كابتسامِ الوليدِ






تسلم الأيادي ___النجم البعيد
 
رد: تَعَبْ..؛

من جديد تطلين من نافذة الابداع وتعزفين أجمل الكلمات
يروقني بوحك حين يبعثر الحروف
تقبلي مني أجمل تحية
 
رد: تَعَبْ..؛

عذبةٌ أنتِ كالطفولة كالأحلام كاللحنِ كالصباحِ الجديدِ

كالسماء الضحوكِ كالليلةِ القمراءِ كالوردِ كابتسامِ الوليدِ






تسلم الأيادي ___النجم البعيد


دعنِي..
أتأمل قليلا في هذه الكلمات و كأنها غير موجهة لي
لأستعذب ما فيها من جمال بعيدا عن أنانية الأنا و طمعه


شكرا على بزوغ النجم و لو كان بعيدا
 
رد: تَعَبْ..؛

من جديد تطلين من نافذة الابداع وتعزفين أجمل الكلمات
يروقني بوحك حين يبعثر الحروف
تقبلي مني أجمل تحية



مرْحبا بالقمر
و بحكاياه ....

شكرا لك سيدتي لأنك تُطِلين ... و أي شرف ذاك إطلالة القمر


بالمناسبة ..،
وددت لو أسمع حكايا جديدة و بوحا ليليا منك


سلام
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top