رحمة الله

البحر الهادي

:: أستاذ ::
أحباب اللمة
إنضم
27 ماي 2016
المشاركات
5,786
نقاط التفاعل
12,805
النقاط
1,716
محل الإقامة
أرض الوطن
الجنس
ذكر
قال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2].
قال تعالى: ﴿ وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163].
قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ... ﴾ [الفتح: 29].

الرحمن اسم من الأسماء الحسنى، وهو اسم مُختص بالله تعالى، لا يجوز أن يُسمَّى به غيره.
قال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى... ﴾ [الإسراء: 110].

عندما تجرَّأ (مُسيلمة) وأطلق على نفسه (رحمن اليمامة)، ألبسه الله تعالى لباسَ الذلِّ والكذب والمهانة، وعُرِف بـ (مُسيلمة الكذاب)؛ فلا يُنطق اسمه إلا قُرِن بالكذب.

الرحمن؛ أي: ذو الرحمة الواسعة، التي وسِعَت جميعَ أقطار السموات والأرض من الإنس والجن، مؤمنهم وكافرهم، وبهائمهم.
إن رحمة الله تعالى في الدنيا تشمل المؤمن والعاصي والكافر؛ يعطيهم الله مقومات حياتهم، ولا يؤاخذهم بذنوبهم، يَرزق مَن آمن به ومَن لم يؤمن به، ويعفو عن كثير.

قال سعيد بن جبير وعامر الشعبي: (الرحمن) فاتحة ثلاث سور إذا جُمعن كنَّ اسمًا من أسماء الله تعالى (الر)، و(حم) و(ن)، فيكون مجموع هذه (الرحمن).

الرحيم: هو ذو الرَّحمة للمؤمنين يوم القيامة، وهي خاصة بهم، فالله تعالى (رحيم) بالمؤمنين فقط؛ فالكفَّار والمشركون مطرودون من رحمة الله تعالى.

عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا الله وأنا الرحمن، خلقتُ الرَّحِم، وشقَقتُ لها من اسمي؛ فمَن وصلها وصلتُه، ومن قطعها بتَتُّه))؛ (رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في المسند، وصححه الترمذي والألباني)، بتَتُّه: قطعته.

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنه سمع النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لن تؤمنوا حتى تراحموا))، قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم، قال: ((إنَّه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنَّها رحمة النَّاس رحمة العامة))؛ (رواه الطبراني).

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمةً واحدة بين الجنِّ والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحشُ على ولدها، وأخَّر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عبادَه يوم القيامة)) (رواه مسلم).

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَبْيٍ، فإذا امرأة من السَّبي تبتغي، إذا وجدتْ صبيًّا في السَّبي أخذتْه فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أترون هذه المرأة طارحةً ولدَها في النار؟))، قلنا: لا والله، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((للهُ أرحَمُ بعباده من هذه بولدها))؛ (متفق عليه).

لقد كان النَّبي صلى الله عليه وسلم أرحم خلق الله تعالى؛ فلقد رَحم اليتيمَ والأرملةَ، والمسكين والضعيف، والعاصي والكافر والحيوان، وامتدَّت رحمتُه صلى الله عليه وسلم حتى شملتِ الجمادَ عندما سُمع أنين الجذع الذي كان يَخطب عليه، فنزل من على المنبر واحتضنه وهدَّأ من روعه حتى سكن.

قالوا عن الرحمة:
1 - قال عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:"الرحمن، الرحيم، والبر، الكريم، الجواد، الرؤوف، الوهَّاب: هذه الأسماء تتقارب معانيها، وتدلُّ كلها على اتصاف الربِّ بالرحمة والبر، والجودِ والكرم، وعلى سَعة رحمته ومواهبه التي عمَّ بها جميعَ الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته، وخصَّ المؤمنين منها بالنصيب الأوفر والحظِّ الأكمل، ذكر القرآن قوله تعالى: ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156]، والنعم والإحسان كلها من آثار رحمته وجوده وكرمه، وخيرات الدنيا والآخرة كلُّها من آثار رحمته".

2 - قال ابن قيم الجوزية رحمه الله كما في كتاب موارد الظمآن لدروس الزمان: "وممَّا ينبغي أن يُعلم أنَّ الرحمة صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد وإن كرهتْها نفسُه وشقَّت عليها؛ فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأرحم النَّاس بك مَن شقَّ عليك في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك".
إنَّ رحمة الله تعالى لا تحدُّها حدود، ولا يمنعها مانع، فعندما يأذن الله تعالى بنزول رحمته يجعل العاصي وليًّا، ويجعل الصحراءَ حدائقَ غنَّاء؛ بل يجعل الكهف الموحِش والسجن المظلم رحبًا فسيحًا، يَهنأ فيه صاحبه، ويأنس بالله تعالى، وينشرح صدره انشراحًا لا يَسعه الكون، وما ينطبق على الأفراد ينطبقُ على الكيانات والهيئات والمؤسسات والأمم كذلك.

وإذا كان المسلم لا يمل من طلب الرحمة، فعليه:
أن يوفِّر في نفسه من الطاعات ما تجعله أهلًا لهذه الرحمة.
وأن يخالط الصالحين، ويقرأ في سيَر الصَّحابة والتابعين؛ لينهل من مَعينهم، ويتخلَّق بخلُقهم.
وأن يرحم نفسَه؛ فلا يوردها المهالك بالذنوب والمعاصي.
وألا يَقسو على نفسه بتحميلها ما لا تطيق من مشاق الدنيا وكدرها.
وأن يجتنب كلَّ ما يضرها أو يمرضها.
﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]




 
رد: رحمة الله

آسمآء آلله عطرة جدآ
شكرآ
 
جزاك الله خيرا بارك الله فيك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top