التفاعل
0
الجوائز
66
- تاريخ التسجيل
- 26 جانفي 2007
- المشاركات
- 911
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 18 نوفمبر
عاش الكثير من المواطنين الجزائريين في تونس العزيزة، مثلما عاش اهلها، معززين مكرمين، وقد شعروا فيها بالامن والامان مثلها شعر به اهلها، كما امتلكوا بعضا من تربتها الطيبة مثلما امتلك اهلها دون تفريق او تمييز، وقد تعايش الجزائريون مع التونسيين في حب ووئام من ازمنة بعيدة، موغلة في الذاكرة التاريخية، كيف لا؟ والارض ارض واحدة، والانسان انسان واحد، والدين، دين واحد، ووالله فان الجرح جرح واحد ايضا، وان احداث ساقية سيدي يوسف هي احداث واحدة ايضا، وان مدينة بنزرت لتشهد على قوة الاواصر، والدم المسكوب فوق اديم شوارعها المنتفضة.
ولم تعد الوشائج الثقافية والروحية الى زمن قريب، وانما هي ممتدة، منطلقة انطلاق الاطلسين الاشمين، وامتدادات الاهل ولعشائر والقبائل.
فالذاكرة الادبية القديمة تحفظ بحروف من ذهب اسم الكاتب العالمي، لوكيوس ابوليوس صاحب اول رواية في العالم، وذلك قبل بلزاك وفلوبير وزولا، وتولسوتوي، وهيمنجواي، وغارسيا ماركيز... وغيرهم.
وفي القرن العشرين، اي منذ بدايات القرن الماضي قصد هذه البلاد الطيبة العشرات، بل المئات، بل الآلاف من الطلبة الجزائريين ومن طالبي العلم العريق من رحاب جامع الزيتونة العامرة بفيض الحب والتوادد والتواشج والتعالق والترابط بالحبل المتين وبالدم الطاهر الطهور المتطهر المطهر، وقد كان منهم من كانت له الريادة والاثر الطيب على الفكر والنهضة والثقافة والفكر في الجزائر، ومن هذه الكواكب الجزائرية التي تتلمذت على ايادي مشايخ جامع الزيتونة ومدارسها ومعاهدها التعليمية: الشيخ بن باديس، ومفدي زكرياء، ومحمد السعيد الزاهري، ومحمد العابد الجلالي والطاهر وطار، وعبد الحميد بن هدوقة، وعبد المجيد الشافعي وغيرهم.
ويعد الشاعر مفدي زكرياء من اهم المثقفين الجزائريين تواصلا وارتباطا بالمؤسسات الثقافية والرسمية التونسية- وتعود هذه الصلة الى عام 1925، وهي السنة التي شهدت تفجر موهبته الادبية وكذلك حسمه لمساره الفكري والروحي، وخير دليل وافضل برهان على تعلقه بالتربة التونسية الموعد الذي عقده الله له فوق ارضها الطيبة، وذلك بان اسلم روحه لخالقها في عام 1977 متعطرا باريجها ومتذرا باوراق زيتونها.
وتعبر كتاباته الشعرية عن فيض حبه لتونس، وتعلقه بها مقاما وحسن معشر، وخير معاون، وافضل سند له يوم ان اسودت الليالي، وغربت الشمس، وتجهمت الوجوه، وانكدرت النفوس، وانقبضت القلوب.
وقد عبر نفسه عن ذلك في نص الاهداء الذي صدر به ديوانه: «تحت ظلال الزيتون» والذي طبعته له: المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية عام 1965م، فيقول: «الىالتي صنعت فكري وغمرت روحي معرفة ونورا، وحقيقة وجمالا، الى الشجرة المباركة التي اضاء زيتها جوانب قلبي...»
وقال ايضا في مقدمة الديوان نفسه معبرا عن احتضان تونس له: «... وديواني هذا «تحت ظلال الزيتون» وميض من خوالج جياشة، اخلصت فيها لضميري، وعقيدتي، في حبي لهذا البلد الامين الذي صنع فكري فيما صنع، وانتزع اعجابي بما امتاز به من خلق وابداع وما فطر من نبل عاطفة، وسمو روح، ونصاعة ضمير...».
ضم ديوان: «تحت ظلال الزيتون» تسعا وعشرين قصيدة منها هذه القصائد: في ذكرى الشابي، المغرب العربي انت جناحه، سنثأر للشعب، يوم الخلاص، ارادة الشعب تسوق هذا القدر، هل دم الاحرار في بنزرت ناما؟، شعب الجزائر لا ينسى لكم ذمما، وهل الجزائر غير تونس؟
تتمحور موضوعات قصائد الديوان حول عدة تيمات منها:
- التغني بالتاريخ التونسي وتمجيد شعبها.
- التغني بالكفاح المشترك، وابراز العلاقات المتينة التي تربط الشعبين ببعضهما، وتمثل هذا الموضوع بضعة قصائد منها: قصيدة : «شعب الجزائر لا ينسى لكم ذمما» والتي القاها في حفل اختتام مؤتمر المصير ببنزرت يوم 15 اكتوبر 1964م، ومنها الابيات التالية:
ياشعب تونس، والاهداف واحدة
وعهدنا بالدم القاني كتبناه
شعب الجزائر لن ينسى لك مذمما
فكم تحملت يا خضراء بلواه
وكم سعدنا بعيش في دياركم
وكم نعمنا بعطف مانسيناه
ان كان للنبل معنى جل مقصده
فأنتم يا بني الخضراء معناه
او كان للحر في الاوطان مكرمة
فالحر عندكم ينسى رزاياه
او كان للضيف جود عند بعضهم
فالضيف عندكم ينسى بقاياه
ان شاء لله الموضوع جبكم خوكم و جاركم تونسي :thumbup: