..من الجاني .. أهو الحُب أم العُقوق ؟! ..

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

ريم الرياشي

:: عضو مُتميز ::
إنضم
9 ماي 2009
المشاركات
877
نقاط التفاعل
1
النقاط
16
من السهل على الإنسان أن يجد الأعذار ليبرر تقاعسه ولربما فشله ولربما انحرافه ولربما عقوقه و ... ، ولعل أسهل الطرق وأقصرها بل وأقساها تتمثل بِلَوم الآباء ونعتهم بالقصور ولربما الإهمال ، فيعقدوا أي الأبناء محكمة للآباء ليكونوا هم القضاة والحكَم فيها .
ويا لسخرية القدر ! أصبح الأبناء يعيبون على الآباء فقرَهم ، وتدنّي مستواهم العلمي ، ونسوا أن آباءهم رَغم أميّتهم أخذوا بأيديهم ودفعوهم دَفعاً نحو العِلم .
ورغم شظف العيش وقسوته أوصلوهم إلى أعلى الدرجات العلمية إذ لمَسوا فيهمالجد والإجتهاد ، فكانت دوماً أحلامهم تبدأ وتنتهي عند أبنائهم .
وكثيرون حازوا على درجات عُليا من العلم وأصبحوا ذوي شأن ، فانفصلوا عنبيئتهم الإجتماعية التي في أغلب الأحيان تمثّل قسوة الحياة ، بل الماضي بكل
صوره من جهل ربما ، وربما فقر ، ولم يعد هذا الوسط يلائم مستواه الإجتماعيوالثقافي الجديدين .
في واقع الأمر لا يعيب المرء أن يرتقي بمستواه العلمي والثقافي والإقتصادي ، ولكنما يعيب أن يتنكر لأصله وجذوره . ولعله من دواعي الفضل والإحسان أن يمد الأبناء
أيديهم لتلك الجذور التي كان لها أطيب الأثر في صنع حاضرهم ويرتقوا بآبائهم إلى ذات المستوى الذي بلَغوه ، فكيف يستطيع الأبناء أن ينعموا بالنعيم وآباؤهم بعانون شظف
العيش ؟! إنها لَعَمري أعلى درجات العقوق !

ولا يتوقف لوم الأبناء للآباء سواء كان حظهم من الدنيا قليلاً أو كان حظهم منها كبيرا .
فمَن شبّ في أسرة مُترَفة وضلّت خُطاه يجد نفسه في نهاية المطاف يلوم أبويه على ذلك .
نعم انصرف الآباء عن متابعة الأبناء وعن دورهم التربوي والموجّه والناصح ، وانغمسوا في جمع المال ومضاعفة الأرباح وهمُّهم أن يورّثوا أبناءهم أسماً لامعاً ومركزاً مرموقاً
بين الأُسَر .
ويَزِلُّ الأبناء المترفون الخُطا حين غابت رقابة الأهل ، فيقع البعض في الرذيلة ، وآخرونيدمنون المخدرات ، ذاك السرطان الذي يغزو عقولهم ويهديهم الموت مُغلّفاً بورق سوليفان .
ولكن يبقى الآباء بشر ، لربما أخطؤوا الوسيلة والقياس حين التفَتوا للحفاظ على الإرث المادي وازدهار تجارتهم وارتفاع أسهمها ، ظانين كل الظن أنهم هكذا يسعدوا أبناءهم ويساعدوهم على النجاح والتميّز والإبداع ، فالمال والثروة سحر ذو حدّين في نفس الإنسان ، إما أن يُسعد وإما أن يُشقي ، كُلٌّ حسب تربيته وثقافته .

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : مَن يُقاسي ويتجرّع مرارة الحزن والألم وحتى الندم حين يقع المصاب ويفتك بالأبناء ، أليس الآباء ؟! فلا يقهر الآباء ويشقيهم سوى الأبناء
ولا يفرحهم سواهم .

ويبقى السؤال من الجاني ، أهم الآباء أم الأبناء ؟ أم تراه الحب بلا حساب ؟ أم تراها تلك
الفجوة بين الأجيال ؟ أم تراه الحب أخطأ العنوان وانحرف عن المسار ؟


.....................................



 
مشكوووووووووووووووووووووووورة
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top