الشيخ شمس الدين السلفية صنعتها المخابرات البريطانية وسلمتها لأميركا

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

SAAMIR

:: عضو مُشارك ::
thumbnail.php



جدد الشيخ شمس الدين بوروبي

الداعية الجزائري والرئيس السابق لـ"الجمعية الخيرية الإسلامية"، مواقفه المناوئة للتيار السلفي في الجزائر، مؤكدا في ذات الصدد بأن "السلفية" هي صنيعة المخابرات البريطانية التي سلمتها بعد ذلك للمخابرات الأمريكية، بهدف ضرب الصحوة الإسلامية.
وبدا جليا من أجوبة الشيخ على أسئلة "الإسلاميون.نت" أنه لا فرق لديه بين "السلفية العلمية" و"السلفية الجهادية"، برغم أن شيوخ "السلفية العلمية" نددوا بالعنف والإرهاب، مشيرا إلى أن هؤلاء "لم ينددوا بالإرهاب إلا عندما تيقنوا أنه يستحيل قيام دولة سلفية في الجزائر، بعد انتصار الجيش والشعب الجزائري على الإرهاب"، مؤكدا أيضا أنه لا مستقبل لهذا التيار في الجزائر.
وقل بوروبي أنه يجب التفريق يفرق بين السلف والسلفية "فنحن نحترم السلف ونقلد السلف وأئمتنا هم أئمة السلف رضي الله عنهم، ولكن السلفية التي نتحدث عنها، هي سلفية استخباراتية صنعتها المخابرات البريطانية، وسلمتها للمخابرات الأمريكية، بهدف تكسير الصحوة الإسلامية، وتغيير مسارها، وبعد أن كانت الصحوة الإسلامية تعمل لإقامة حكم الله في الأرض، أصبحت اليوم تدعو للحفاظ على عروش الظلمة".
وقال بوروبي ان "رئيس أنصار السنة في مصر، ومن مؤسسي السلفية في هذا البلد، كان يسمي التابعي الجليل الذي كان يقلده ثلثا المسلمين بأبي جيفة، والسلفية عندنا (في الجزائر) يسمون الإمام مالك بالإمام الهالك، لقد ضللوا الإمام بن باديس، وضللوا الإمام الشعراوي، وضللوا الإمام حسن البنا، وكفروا السيد قطب، وضللوا الشيخ البوطي، وضللوا الشيخ الصابوني، وضللوا الشيخ الكبيسي، وضللوا أبوغدة، وضللوا عبد الحميد كشك واتهموه بالطرقية..".
ويضيف بوروبي أن "السلفية ليسوا شيئا واحدا، فهم حاليا حوالي 280 طائفة، اتفقوا على شيء واحد واختلفوا في كل شيء، اتفقوا على تضليل بعضهم البعض، هذا الأمر محل اتفاق بينهم، واختلفوا في كل شيء، قالوا يجب أن نلغي المذاهب الأربعة كي نوحد الأمة على الكتاب والسنة، العجيب أنهم أنشئوا لنا اليوم مئات المذاهب، بعدما كان المغرب العربي متحدًا على مذهب الإمام مالك، الآن نرى مئات الطوائف، فأين توحيد الأمة هذا الذي زعموا"؟
وضاف بوروبي أن السلفية مخادعون محذرا من الاعتقاد بأنهم نددوا بـالإرهاب، "هم نددوا بالإرهاب عندما تيقنوا أنه يستحيل قيام دولة سلفية، لما انتصر الجيش والشعب الجزائري في معركة الإرهاب، حينها بدأنا نسمع بفكرة التنديد بالإرهاب، بدليل أن الألباني له فتوى يكفر فيها حكام الجزائر، فلما كفر حكام الجزائر، أعطى تغطية شرعية للأعمال الإرهابية، العجيب أنه بعد حوالي 13 سنة، وبعد أن هزم الشعب الجزائري الإرهاب، سمعنا الألباني في التلفزة الجزائرية يندد بالإرهاب، فلماذا لم يندد عند بداية الإرهاب كما فعلنا نحن؟ وكما فعل علماؤنا أهل السنة والجماعة، وكما فعل الشيوخ والأئمة.
ونفى بوروبي تحامله على السلفية قائلا: "لا نتحامل، إذا كان المقصود بالسلفية هو فهم الكتاب والسنة وفق فهم السلف، فأتباع الأئمة الأربعة يفهمون الكتاب والسنة بفهم السلف، ولذلك تتعجب إذا قلدت مالكا لا تسمى سلفيا، أما إذا قلدت الألباني أو ابن العثيمين أو ابن باز تسمى سلفيا، أليست هذه بدعة"؟
واضاف "عندما أقول السلفية، أنا لا أقصد السلف الصالح، وإنما أقصد هذه الطائفة التي أنشأتها المخابرات البريطانية، هذه الطائفة التي رضي عنها الاستعمار، كيف تتصورون أن الدعاة يطاردون في كل أنحاء العالم، بينما أوروبا وأميركا تمنح إقامات وملاذا آمنا لمشايخ هذا التيار السلفي، مثلا أين يعيش أبو قتادة وغيره؟ هؤلاء كلهم عندهم جنسيات بريطانية وأميركية، وحتى مواقع الإنترنت كلها مواقع موجودة في أميركا، من الذي يمول هذا التيار السلفي الذي يدعو إلى طاعة الحكام، الذين تنصبهم أميركا، وكل من تغضب عليه أميركا يحارب، فلماذا ضللوا سيد قطب؟ ولماذا ضللوا كل العلماء العاملين؟ فكل من ترضى عنه أمريكا يرضى عنه السلفيون، وكل من لا ترضى عنه أمريكا يحاربه السلفيون".
المصدر النهار الجديد- آخر الاخبار من الجزائر - الشيخ شمس الدين السلفية ...
 
السلفية معروفة
وخفاش الليل معروف
والله يحكم بيننا
 
الشيخ:thumbdown: شمس الدين:001_tt2: السلفية صنعتها المخابرات:thumbup: البريطانية وسلمتها لأميركا:lol:
 
نحبكم يا سلفية واحترمكم

إنَّ الحاسدينَ كثيرُ ............ومَالَكَ إنْ عُدَّ الكرامُ نَظِيرُ

حللتَ محلاً فاضلاً متقدماً...........مِنَ المَجْدِ والفَخْرُ القديمُ فَخورُ
 
نحبكم يا سلفية واحترمكم

إنَّ الحاسدينَ كثيرُ ............ومَالَكَ إنْ عُدَّ الكرامُ نَظِيرُ

حللتَ محلاً فاضلاً متقدماً...........مِنَ المَجْدِ والفَخْرُ القديمُ فَخورُ


الحمد لله أنك تفرق بين السلفية وغيرهم
 
اضحك الله سنكم
\
=
شمس الدين ...الي فيه يكافيه

والسلفية واضح منهجها

الشيخ شمس الدين السلفية صنعتها المخابرات البريطانية وسلمتها لأميركا


خرجة قوية جدا لم يسبق إليها
ربما سيكرم عليها لاحقا

 
الشيخ شمس الدين السلفية صنعتها المخابرات البريطانية وسلمتها لأميركا


خرجة قوية جدا لم يسبق إليها
ربما سيكرم عليها لاحقا


نعم جائزة نوبل للتحريض ضد منهج السنة
:yahoo::blink:



 
wol_error.gif
تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لرؤية الصورة كاملة. الحجم الأصلي للصورة هو 750 * 600.
atman.jpg
 
besmallah.gif


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
110.gif

flower64.gif



التبصير ببعد السلفية عن التكفير


ليس الشأن أن يُطلق المرء الكلام على عواهنه متهما غيره بغير حجة ولا برهان، ولكن الشأن أن يقرن المرء الدعاوى بأدلتها وبراهينها، إذ"لو يُعطي الناس بدعواهم، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعيواليمين على من أنكر"[1]
ولقد اتهم فئام من الناس الدعوة السلفية بالتكفير ولم يقدموا على هذه الدعوى من الحجج ما تقوم به، فهي مجرد دعوى لا تعدو ذلك.

والدعاوى ما لم تقيموا عليــ *** ها بينات أبناؤها أدعياء

فالدعوة السلفية كانت وستضل دوما بمنأى عن أي فكر منحرف، سواء التكفير أو غيره ولقد شهد العدو قبل الصديق للدعوة السلفية بالأيادي البيضاء في مواجهة فكر التكفير والغلو والتطرف وهذه تسعة أدلة على بعد السلفية عن التكفير:

1-الدعوة السلفية دعوة علمية تقوم على التأصيل الشرعي فهي تربط الناس بالقرآن الكريم وكتب التفسير السلفي وكتب السنة النبوية وشروحها وقواعد الاستدلال والاستنباط وهي في ذلك كله تدعو لاتباع السلف ولها من العناية بهذا الأمر ما ليس لغيرها... فدعوة هذا حالها، كيف تجد الأفكار التكفيرية الخارجية وسط أتباعها مرتعا؟؟ فإن التكفير قرين للجهل لا ينفك عنه ولا يفارقه، ومن خبر أحوال الخوارج منذ نشأتهم إلى هذا اليوم علم صدق هذا الأمر.

2- لقد تولى السلفيون نشر كلام كبار العلماء المحذر من التساهل في التكفير، وقد كان لذلك عظيم الأثر في إحجام كثير من الشباب عن سلوك هذا المسلك الخطير ومن هذه الأقوال قول العلامة أبي العباس القرطبي:"وباب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا."[2]
وقول شيخ الإسلام:"وليس لأحد أن يُكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتُبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه بالشك..."[3]

3- اعتماد عقيدة السلف في تحريم تكفير أصحاب الكبائر، فـ"عُصاة المسلمين، حاكمهم ومحكومهم فهم عند السلفيين ليسوا بكفار،بل مسلمين، يُصلى خلفهم ويُصلى على موتاهم، ويُحضر في مناسباتهم،ويعاملون بكل أنواع التعامل التي جاء بها الإسلام، فالزاني والسارق والقاتل والسكير الغير المبيح لذلك، والذي يعترف بأن هذه ذنوب ومعاصي؛ فهو ليس بكافر بإجماع أهل السنة"[4]
وحتى لو تلبس المرء بما يستلزم كفره فإن إسقاط حكم التكفير عليه كمعين ليس للأهواء والأمزجة، وإنما التكفير حكم شرعي مرده لتحقق شروط وانتفاء موانع... وموانع التكفير أربعة، وهي الجهل والتأويل والإكراه والخطأ.

4- إن الذي يرمي السلفية بالتكفير أحد رجلين:
إما أن يكون رجلا يدري أن ما يقوله محض افتراء، ويدرك أن ادعاءه بهتان... وهذا مُغرض لا نملك إلا أن ندعو الله أن يكفيناه بما شاء وكيف شاء.
وإما رجل جاهل اشتبهت عليه الأمور فظن السلفيين تكفيريين، ومِن هؤلاء مَن إذا ركب سفينة قد هاج بها البحر وماج، ورأى رجلا يستغيث بالمقبورين كالبدوي والجيلاني وابن مشيش غيرهم فحذره سلفي قائلا:"لا تستغث بغير الله فإن الاستغاثة بغيره كفر" فيقول المسكين:" أرأيتم؟ إن السلفيين يكفرون"
و لمثل هذا نقول: إن السلفي المحذر لهذا المستغيث بغير الله من فعله لم يُكفره وإنما حذره من الوقوع في الكفر ولا يلزم من ذلك الحكم عليه بالكفر"فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا أو كافرا فإنه يُعذر بالجهل والخطأ،حتى يتبين له الحجة التي يكفر تاركها بيانا واضحا ما يلتبس على مثله"[5]
5-جهود السلفيين في بيان قواعد التكفير، والتحذير من الانزلاق وراء كلام خوارج العصر، وهي كثيرة جدا وقد أثمرت بحمد الله الأثر الطيب، سواء من جهة وقاية الشباب من الارتماء في أحضان هذا الفكر المنحرف، وتحصينهم منه، أومن جهة انقاد من أُشربوا في قلوبهم شُبه أرباب هذا الفكر وتلبيساتهم، ومن هذه المؤلفات:
*-"الحكم بغير ما أنزل وأصول التكفير" للشيخ خالد العنبري.
*-" التحذير من فتنة الغلو في التكفير" وقد تضمن كلام الشيخ الألباني و تعليقي الشيخين ابن باز والعثيمين رحم الله الجميع وهو من إعداد الشيخ علي الحلبي.
*- "التبصير بقواعد التكفير" و"صيحة نذير بخطر التكفير" كلاهما للشيخ علي الحلبي.
*- المدارج في كشف شبهات الخوارج" للشيخ أحمد بن عمر بازمول.
*-" التكفير وضوابطه" للشيخ إبراهيم الرحيلي.
*- "تخليص العباد" للشيخ عبد المالك الرمضاني وهو نقد لفكر أبي قتادة الفلسطيني.
*- "تبديد كواشف العنيد" للشيخ عبد العزيز الريس وهو رد على أبي محمد المقدسي.
6- لقد عُرف عن التكفيريين وصفهم للسلفيين بالعمالة والإرجاء، مما يدل على بعد منهج هؤلاء عن منهج أولئك، وقد ألفوا مؤلفات كثيرة في هذا الباب منها:
*-"عملاء لا علماء" لمحمد الفيزازي
*-" كشف الشبهات: عقيدة السلفيين في ميزان أهل السنة والجماعة" لمحمد بوالنيت.
*-"إمتاع النظر في كشف شبهات مرجئة العصر" لأبي محمد المقدسي.
*-"تبصيرالعقلاء بتلبيسات أهل التجهم والإرجاء" للمقدسي أيضا.
*-"بيان حقيقة الإيمان والرد على مرجئة العصر فيما خالفوا فيه محكم القرآن" لحامد العلي
وغيرها من البحوث التي جاوزت المائة والتي بينت بجلاء أن التكفيريين علموا أن أكبر من يشكل خطرا عليهم ويهدد انتشار فكرهم هم السلفيون... فهل بعد هذا كله يقال إن السلفية تتبنى التكفير؟؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
7- لقد استطاع السلفيون أن يحققوا في مجال دحر الفكر التكفيري ما عجزت عنه الجهات الرسمية العلمية والأمنية، ففي المغرب مثلا ينذر أن تجد داعية سلفيا أو طالب علم إلا وقد رجع على يده الكثير من التكفيريين، واستبصر كثير من الشباب الذين يجدون في الفكر الخارجي مجالا للتعبير عن حماستهم الفارغة وعواطفهم الجياشة غير المنضبطة بعلم ولا بقواعد.
8- إن الثمرة المباشرة لمنهج التكفير هي الدعوة للخروج على ولاة أمر المسلمين ومنابذتهم، وشق عصا الطاعة وتأليب الناس عليهم، وهذا أمر معروفٌ بُعدهُ عن أدبيات السلفيين –كما يُقال- بل إنهم حذروا منه بنفس القوة التي حذروا بها من فتنة الغلو في التكفير ومن أمثلة ما كتبوا في الباب:
*- المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم: و المحكوم للشيخ ابن باز رحمه الله.
*-معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة: للشيخ الراحل عبد السلام بن برجس تغمده الله بواسع رحمته.
*-السنة فيما يتعلق بولي الأمة: للشيخ أحمد بن عمر بازمول.
9- كما أن من ثمار التكفير الملازمة له ما انتشر اليوم في أرجاء الدنيا من العمليات التخريبية والتفجيرات، التي يتبناها ويدعو إليها من تشرب فكر الخوارج، و لا شك أن هذا مناقض لما يدعو إليه السلفيون من حرمة دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين، ولقد اجتهدوا في بيان هذا الأمر وتقريره بالأدلة الشرعية في عشرات المؤلفات منها:
*- "بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادا ؟!.. ويحكم..أفيقوا يا شباب!!":للشيخ عبد المحسن العباد.
*- "الأدلة القطعية على تحريم التفجيرات التخريبية": للشيخ حماد القباج المراكشي.
إن دعاة منهج السلف إذ يتبنون هذا المنهج في هذه القضية الحساسة، فإنهم لا يقومون بذلك تقربا لجهة ولا إرضاء لمؤسسة، ولا تزلفا لأحد، وإنما هو منهج نبوي وعقيدة سلفية، دلت عليها نصوص القرآن والسنة وآثار سلف الأمة، وإن كثيرا ممن يطيب لهم اليوم العزف على وتر محاربة التكفير والتطرف، من أصحاب المناصب ممن عُرفوا بمناوئة منهج السلف، لا يفعلون ذلك إلا حفاظا على رواتبهم وكراسيهم، وإن الذين يراهنون على أمثالهم في حربهم على الفكر الخارجي، كمن يرجو الورود من السراب، والشرب من الضباب، والبناء على الخراب... فشتان بين من رائده في كلامه القرآن والسنة وابتغاء وجه الله عز وجل وبين من يدعو لدريهمات يأخذها وتعويضات ينالها... وهذا مكمن الفرق في النتيجة والثمرة بين السلفيين وغيرهم وقديما قالوا: ليست الثكلى كالنائحة المستأجرة فمتى يأخذ القوم العبرة ؟؟


[1]
- رواه مسلم

- [2]المفهم لما أشكل من صحيح مسلم 3/111

[3]
- مجموع الفتاوى 12/468

[4]
- دعوة سلف الأمة إحياء الكتاب و السنة 222

5]
- من كلام ابن العربي المالكي نقلا عن

محاسن التأويل للقاسمي 5/1307-
1308
 
بسم الله الرحمان الرحيم


{فاسألوا
أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}





فتاوى
العلماء الأكابر


فيما
أُهدر من دماء في الجزائر





أصحاب
الفضيلة العلماء:





عبد
العزيز بن عبد الله بن باز


محمد
ناصر الدين الألباني


محمد
بن صالح بن عثيمين





جمع
وتعليق:


عبد المالك بن أحمد
رمضاني الجزائري





قرأه:
العلاَّمة الشيخ محمد بن صالح العُثيمين







للتحميل
 
بارك الله فيك خويا صهيب
 
المتصل: السلام عليكم
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المتصل: الشيخ عائد الشمري؟
الشيخ: معاك أخوك عائد الشمري.
المتصل: حياكم الله يا شيخ، كيف حالكم؟
الشيخ: أهلا وسهلا
المتصل: معكم شباب من الجزائر يا شيخ.
الشيخ: حياكم الله يا أهل الجزائر
المتصل: بخير أنتم يا شيخ؟
الشيخ: أبشرك، لله الحمد والمنة.
المتصل: الحمد لله، الحمد لله؛ يا شيخ،
الشيخ: تفضل.
المتصل: نستأذنكم في تسجيل كلمة حول أحداث الجزائر، يا شيخ.
الشيخ: تفضل.
المتصل: بسم الله الرحمن الرحيم، شهدت الجزائر مؤخرا تصاعدا في الاعتداءات والتفجيرات الإجرامية التي أهدرت بسببها دماء بريئة ومعصومة باسم الجهاد في الدين، فهل الإسلام يقر هذه الأعمال، يا شيخ؟
الشيخ: الإسلام لا يقر مثل هذه الأعمال، وذلك لأن هذه الأعمال لا علاقة لها بالجهاد لا من قريب ولا من بعيد.
فإن الجهاد ينقسم إلى قسمين، الجهاد ينقسم إلى قسمين، الجهاد ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: وهو جهاد الطلب.
والقسم الثاني: وهو جهاد الدفع.
- فأما جهاد الطلب، فإنه شُرع من أجل نشر الإسلام، ومن أجل تأمين الناس على أن يدخلوا الإسلام، وذلك لأن هناك من الكفار من يمنع الناس من الدخول في الإسلام، فعند القوة وعند القدرة فإنه يجوز جهاد الطلب بشرط ألا يكون بيننا وبين من نجاهدهم عهود أمان سابقة، فإذا جاهدنهم كان الجهاد لنشر الإسلام، وكان الجهاد لتأمين المسلمين، وكان الجهاد لرفع راية الإسلام وزيادته قوة؛ وإذا طبقنا هذا المفهوم على جهاد هؤلاء أو ما يسمونه بالجهاد فإنه لا علاقة له بجهاد الطلب، فإنهم يقاتلون أبناء جلدتهم من المسلمين، ويقتلون الناس غدرا وخيانة وغيلة، وهذه لا علاقة لها بالإسلام، ولا علاقة لها بجهاد الطلب، فإن جهاد الطلب -كما هو معلوم- وكما هي الفتوحات الإسلامية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين من بعده، وفي عهد الدولة الأموية والعباسية، وفي دولة المماليك، تجد أنها -التي كانت منتشرة هذه الدول- تجد أن جهاد تلكم الدول السابقة إذا أردت المقارنة بينه وبين قتال هؤلاء فلا علاقة لهؤلاء بهذا الجهاد، فإن الجهاد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين، كان من أجل نشر الإسلام، وكان من أجل تأمين المسلمين، وكان من أجل تأمين الناس لكي يدخلوا دين الله عز وجل؛ وأما فعل هؤلاء فهو فيه إرهاب المسلمين، وفيه قتل المسلمين، وفيه قتل المعاهدين، وفيه قتل المستأمِنين، وفيه الغدر، وفيه الخيانة، وفيه الغيلة، وفيه نقض العهود ونقض المواثيق، وفيه المخادعة، وهذا كله لا علاقة له بالإسلام ولا بالأخلاق التي أمر بها الله أو أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ هذا بالنسبة إذا أدرنا جهاد الطلب.
- وأما جهاد الدفع، فإن جهاد الدفع إنما شُرع لحماية بلاد المسلمين، وشُرع من أجل تأمين الناس في مساجدهم، وتأمين الناس في جمعهم وجماعاتهم وصلواتهم، وتأمينهم لكي يخرجوا زكواتهم، وتأمينهم لكي يحجوا بيت الله، وتأمينهم لكيلا ينتشر القتل ولا سفك الدماء ولا هتك الأعراض ولا سلب الأموال؛ فهذا هو جهاد الدفع، عندما شُرع لحماية بلاد الإسلام وحماية المسلمين؛ فإذا أردنا أن ننظر إلى قتال هؤلاء نجد أن قتالهم بعكس جهاد الدفع.
جهاد الدفع من أجل حماية المسلمين، وقتالُ هؤلاء الذين عندكم من الإرهابيين من أجل قتل المسلمين.
جهاد الدفع من أجل حماية بلاد المسلمين، وقتال هؤلاء الخوارج الذين عندكم من أجل إلحاق الأذى وعدم الأمن في بلاد المسلمين.
جهاد المسلمين من أجل إبعاد القتل عن المسلمين، وقتالُ هؤلاء الخوارج عمل القتل في المسلمين.
جهاد الإسلام من أجل حماية أموال المسلمين، وقتالُ هؤلاء الخوارج عندكم من أجل سلب أموال المسلمين.
جهاد المسلمين من أجل تأمين الناس للوصول إلى الجُمع والجماعات وعدم الخوف، وقتالُ هؤلاء تخويف المسلمين من الوصول إلى المساجد، وتخويفهم من الوصول إلى الجمع والجماعات.
فنجد أن جهاد الدفع لحماية الإسلام والمسلمين، حمايتهم في دينهم، حمايتهم في أعراضهم، حمايتهم في أنفسهم، حمايتهم في أمولهم، وأما هؤلاء فإن قتالهم يهدد كل هذه الأمور الضرورات الخمس، فهو يهدد دين الناس، ويهدد أعراض الناس، ويهدد أموال الناس، ويهدد أرواح الناس، ويهدد أموال الناس، فكيف يقال: إن هذا جهاد الدفع؛ لينظر هؤلاء إلى جهاد النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم وضع خندقا على المدينة من أجل أن يحميها، فكان جهاد الدفع؛ والنبي صلى الله عليه وسلم ذهب وفتح مكة جهاد الطلب، من أجل أن يبعد هؤلاء الطواغيت عن الناس لكي يدخلوا في الإسلام، فدخل الناس في الإسلام، وكان فتح مكة؛ أين هذا من قتال هؤلاء؟!
هؤلاء قتالهم مردود، ولا علاقة له بالجهاد، لا بجهاد الطلب ولا بجهاد الدفع، ولا علاقة له بالأدلة الشرعية الواردة في الجهاد، ولا ينطبق عليه أي علة ولا أي مفهوم من مفاهيم الجهاد التي ذكرها أهل العلم والتي أوردها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث والتي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه؛ هؤلاء لا علاقة لهم بالجهاد، هؤلاء إذا أردت أن تقرأ التاريخ تجد أن لا يشبه أفعالهم هذه إلا الباطنية والإسماعيلية والحشاشين، هم الذين كانوا عندهم إمارة باطنية وعندهم قيادة باطنية، وعندهم جنود باطنيين، وينفذون القتل غيلة، وينفذون القتل بالمسلمين وبعلماء المسلمين وبأنحاء المسلمين، إذا قرأت التاريخ لا تجد لهم مشابها، حتى الخوارج! حتى الخوارج الأوائل كانوا إذا أرادوا قتال المسلمين -والعياذ بالله- فإنهم يخرجون إلى مكان ويجتمعون على أمير وبجيش ويقاتلون، هؤلاء لم يفعلوا حتى فعل الخوارج، تعدَّوا حتى على الخوارج، فهؤلاء يعيشون في وسطنا يختفون فيما بيننا، هذا الفعل لم يكن إلا فعل الباطنية، لم يفعل هذا الفعل وهذه الطريقة من التخفي ومن المخادعة، وإلى الوصول للهدف ثم تفجيره وقتل الناس غيلة وغير ذلك، هذا لا يعرف إلا عند الحشاشين وعند الباطنية وعند الإسماعيلية وغيرهم، كما هو مذكور في كتب التاريخ، كما هو في البداية والنهاية لابن كثير، وكما هو في غيرها من الكتب التي نصت على هذا.
هؤلاء وضعوا لهم دولة وهمية، إمارة وهمية، قيادة للجيوش وهميين، أين دولتهم؟ إنما هي فقط في عقولهم، ولكن لا نرى من أثرها إلا هذا القتل وإلا هذا الدمار، ولا نرى من أثر هذه الدولة إلا هذه العمليات الانتحارية والتفجير الذي شوه صورة الإسلام.
فهؤلاء، الجهاد لا يشوه صورة الإسلام الجهاد الشرعي، ولكن قتال هؤلاء الذين يسمونه جهادا زورا وبهتانا وينسبونه إلى الإسلام شوهوا صورة الإسلام، وجعل أعداء الإسلام من النصارى ومن اليهود يستغلون هذا القتل ويصفونه بأن هذا هو جهاد المسلمين.
لقد عاش اليهود النصارى والمستشرقون لسنوات لا يستطيعون أن يلقوا أي شبهة أو يشوهوا صورة جهاد النبي صلى الله عليه وسلم أو جهاد الخلفاء أو جهاد الصحابة، ولكن عندما أتى هؤلاء بقتلهم وغيلتهم وخداعهم ومكرهم وخفائهم وسريتهم وغموضهم وقتلهم هم الذين أرادوا أن يوحوا للناس أن هذا هو الجهاد، هذا ليس جهادا، هذا تشويه لصورة الجهاد.
- ولذلك تجد أن علماء الدعوة السلفية سواء المتقدمين أو المتأخرين، فالإمام ابن حنبل واجهه من الأذى ما واجهه وسُجن وضُرب وجُلد أيام المأمون وأيام الواثق وأيام المعتصم، ومع ذلك لم يفعل أي شيء من هذه الأفاعيل، ولم يطلب من طلابه أن يقوموا بأي اغتيال، لا لأمير ولا لرجل أمن في دولة المأمون، وكذلك حصل ما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من سجن ومن جلد ومن تعزير، ومع ذلك لم يطلب من أحد من تلاميذه أن يفعل ما يفعل هؤلاء.
- وعلماء الدعوة السلفية في هذا العصر،كـ: ابن باز وابن عثيمين والألباني والشيخ صالح اللحيدان والشيخ صالح الفوزان وغيرهم كثير، كلهم تبرؤوا من هذه الأفعال، وبيّن الشيخ عبد العزيز بن باز في زمانه قبل أن يتوفى بطلان هذه الأفعال، والألباني كذلك بين بطلانها وابن عثيمين بين بطلانها، والآن علماء الدعوة السلفية عندنا كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة وغيرها بيّنوا أيضا بطلانها، فهذه لا علاقة لها بالسلفية، ولا علاقة لها بالدعوة السلفية، وإنما هي دعوة خارجية تتلبس لباس السلفية كذبا وزورا وبهتانا؛ والدليل أنهم ليس لديهم أي مرجع من مراجع كتب السلفيين لا المتقدمة ولا المتأخرة يؤيدهم، وليس هناك أي عالم من علماء الدعوة السلفية لا المتقدمين ولا من المتأخرين في هذا الزمن كابن باز وابن عثيمين والألباني يؤيدهم، وإنما هؤلاء يؤيدهم جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية التي خرجت من رحم الإخوان المسلمين والتي يعتبر سيدها وإمامها ومفتيها سيد قطب، فهؤلاء إمامهم سيد قطب ومفتيهم سيد قطب، وعلماؤهم هم علماء الجماعة الإسلامية والجهاد وغيرهم، ولا علاقة لهم لا بالدعوة السلفية ولا بعلماء الدعوة السلفية ولا لهم أي امتداد تاريخي سلفي يؤيدهم في هذه الأعمال التي فعلوها، ولذلك لا تجد أنهم يرجعون الشباب إلى كتب الفقه ولا يرجعون الشباب إلى كتب الحديث ولا يرجعون الشباب إلى علماء الدعوة السلفية المتقدمين لكي يبرهنوا على ... العالم، وإنما يكتفون فقط بأوراق على الإنترنت يكتبها بعض الخوارج والجهلة الذين يصرفون النصوص عما دلت عليه، ويتعاملون معها بالتأويل الذي سبقهم إليه تأويل الخوارج وغيرهم، ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين في كتاب الفرقان أن الخوارج إنما أُتوا من سوء فهمهم للقرآن، فهؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال أدعوهم إلى الاستغفار، وإلى التوبة، وإلى إلقاء السلاح، وإلى الرجوع إلى كتب السلف، وإلى الرجوع إلى كتب الفقه والعلم، وإلى الدعوة إلى الله على بصيرة وبينة، وإلى نشر الإسلام بالحجة والبرهان والحكمة والرحمة والموعظة الحسنة، فإنهم آذوا الإسلام وآذوا المسلمين، وإن الله سبحانه وتعالى لا يرضى عن هذه الأفعال لأنها تخالف الكتاب وتخالف السنة ولم يكن هكذا دأب السلف، لذلك يجب على الناس أن تعرف هذا، الدعوة السلفية الحقة التي على الكتاب والسنة على فهم السلف تتبرأ من هذه الأفعال، وهذه فتاوى علماء الدعوة السلفية المتأخرين، وهذه فتاوى الشيخ ابن تيمية وأحمد بن حنبل وغيرهم لم يقم بهذه الأفعال، وإذا رجعت إلى التاريخ، لن تجد مثالا لأفعال هؤلاء إلا عند الباطنية والإسماعيلية والقرامطة وغيرهم، هم الذين كانوا يتخفون، ولهم أمراء مخفيون، ولهم بيعات مخفية، ويقومون بالقتل في الخفاء وبالغيلة وبالخداع وبالغدر، وأما المسلمون الخُلّص هم الذين تكون دعوتهم ظاهرة وجهادهم ظاهرا وأمرهم بيّن وعملهم كله علانية؛ أسأل الله عز وجل أن يجزكم خير الجزاء، وأن يهدي هؤلاء، وأن يرحم الأموات، وأن يكفي المسلمين شر هؤلاء.
 
- ثم أقول لهؤلاء: عندما يقتلون رجال الأمن، أليس رجال الأمن هؤلاء هم الذين يجاهدون لحماية بلادهم؟ وهم الذين يجاهدون للدفاع عن الجزائر؟ وهم الذين يجاهدون لاستتباب الأمن في الدولة الجزائرية؟ وهم الذين يجاهدون من أجل أن يصل الناس إلى الجمع والجماعات؟ أليس رجال الأمن في الجزائر هم الذين يطاردون القتل ويمنعون القتل بإذن الله؟ وهم الذين يمنعون بإذن الله كثرة الأموات؟ وهم الذين إذا ارتكب الشخص جريمة فإنهم يدافعون عن المظلوم ويدافعون (عن) الأشرار، أليس الناس في الجزائر بحماية من الله عز وجل ثم بسبب وجود رجال أمن الذين يسهرون لحماية أموال الناس وحماية أعراض الناس وحماية دين الناس وحماية أنفس الناس وأرواحهم؟ هل أمثال هؤلاء يقتّلون؟ أم أنهم يُشكرون على جهادهم وعلى سهرهم وعلى مرابطتهم في أعمالهم من أجل الحفاظ على أمن المسلمين والحفاظ على عقائد المسلمين والحفاظ على أرواح المسلمين والحفاظ على أعراض المسلمين والمسلمات؟ بأي شرع يجيزون لأنفسهم هذا؟ ولكن هذه الأفعال الغيلة؛ وأنا أقول لهم: ارجعوا إلى الله عز وجل، واقرؤوا الكتاب والسنة، وارجعوا إلى كتب الفقه وما ورد فيه في أبواب الجهاد، وارجعوا إلى كتب الفقه وكتب المحدثين وأهل الحديث وما ورد فيه في جهاد الطلب وجهاد الدفع، والأدلة الوردة في ذلك، وكيفية جهاد النبي صلى الله عليه وسلم وجهاد الصحابة وجهاد الخلفاء الراشدين، وليتقوا الله عز وجل في أنفسهم وليعودوا إلى ربهم سبحانه وتعالى بالتوبة والاستغفار، فإن الله غفور رحيم، نعم.
المتصل: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، ونستسمحكم في سؤال أو سؤالين في نفس الموضوع إذا أمكن؟
الشيخ: تفضل.
المتصل: يا شيخ، يوجد من يقسم هنا في الجزائر السلفية إلى ثلاثة أقسام، يقولون: سلفية جهادية، ويعنون بها هؤلاء الخوارج، وسلفية سياسية، ويعنون بها الأحزاب المسماة بالإسلامية، وسلفية علمية، ويعنون بها أهل السنة أصحاب الحديث، فهل في شرع الله عز وجل وفي علم السلف وما خلّفوه في كتبهم دليل على هذا التقسيم؟ أحسن الله إليكم.
الشيخ: السلفية واحدة، وهي الإسلام الحق، كما أن الإسلام الحق واحد، فكما أن هناك من ينتسب إلى الإسلام، ويقول: إن هذا هو الإسلام، ويقصد به عقيدة الرافضة، ويأتي الخوارج ويقولون: هذا الإسلام، ويقصدون به عقيدة الخوارج، ويأتي المعتزلة ويقولون: هذا هو الإسلام، ويقصدون به عقيدة المعتزلة، ويأتي الصوفية على اختلاف فرقهم وطوائفهم، ويقولون: هذا الإسلام ويقصدون به التصوف، ويأتي المرجئة ويقولون: هذا الإسلام، ويقصدون به الإرجاء؛ فكذلك في هذا العصر يأتي من الناس من يقول: هذه السلفية، وهو لا علاقة له بالسلفية، فهذه السلفية التي يسمونها: سلفية جهادية، هذه عندما تنظر إلى رموزهم وتنظر إلى مرجعيهم العلمية وتنظر إلى الكتب التي يرجعون إليها وتنظر إلى الرموز التي يرجعون إليها، كلها رموز الإخوان المسلمين ورموز القطبيين وسيد قطب والتكفيرين ورموز الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وغيرها، فلا علاقة لها بالسلفية لا من بعيد ولا من قريب، قد يوافقون الدعوة السلفية في باب الأسماء والصفات، لكن ليس كل من وافق السلفية في باب الأسماء والصفات يعني ذلك أنه سلفي، وهناك من وافق السلفية في باب الأسماء والصفات ولكنه خالف في باب الإيمان فأصبح مرجئا، وهناك من وافق السلفية في باب الأسماء والصفات ولكنه خالفها في التصوف فأصبح صوفيا مبتدعا، وهناك من قد يوافق السلفية في جوانب ويخالف في جوانب أخرى مما يجعله ينتمي إلى الفرقة الأخرى الضالة، وبالتالي ينتمي إلى فرقته تلك، هؤلاء لأنهم وافقوا السلفية في باب إثبات الأسماء والصفات أو كذلك في باب توحيد الألوهية، ثم بعد ذلك ظنوا أن هذا يجعلهم ينتسبون للسلفية بشكل عام، وهم لم يوافقوا السلفية في باب الحاكمية ولا في باب الجهاد ولا غيرها وابتدعوا في دين الله، هذا، وأخذوا بعقائد الخوارج، فهل إذا أتاني خارجي يستحل قتال المسلمين وشهر السيف عليهم يقول: أنا سلفي لأني أثبت أسماء الله وصفاته؟ هو يصبح خارجيا؛ هؤلاء لم يفهموا معنى السلفية، السلفية -بارك الله فيك- أنك في أبواب العقيدة كلها تكون على طريقة السلف، في باب الحاكمية في باب الأسماء والصفات في باب القدر، ولذلك تجد أن كل من هذه الأبواب خرج ناس عن السلفية وانتسبوا إلى فرقة، خرج ناس في باب القدر فعندنا قدرية وعندنا جبرية، خرج ناس في باب الأسماء والصفات فعندنا معتزلة وجهمية وأشاعرة ومفوضة ومشبهة، خرج أناس في باب الإيمان فعندنا مرجئة الجهمية الذين يقولون: الإيمان المعرفة، وعندنا مرجئة الكرامية الذين يقولون: الإيمان القول، وعندنا مرجئة الأحناف الذين يقولون: الإيمان اعتقاد وقول، هؤلاء كلهم خرجوا وأصبحوا مرجئة، إذا ليس كل من وافق السلفية في باب واحد معنى ذلك أنه يبتدع في الأبواب الأخرى ويوالي ويعادي عليها ثم يقحم نفسه في السلفية، هؤلاء الذين يدّعون أنهم سلفية جهادية أليس أئمة الدعوة السلفية في هذا العصر ابن باز وابن عثيمين والألباني، هؤلاء العلماء الثلاثة كلهم خطؤوا هؤلاء وضللوهم وبيّنوا بطلان أفعالهم وبطلان عقائدهم وأن فعل الخوارج، فمن رموزهم في هذا العصر؟ هل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية يجدون فيها جوزا القتل هذا الذي يفعلونه؟ جواز الغيلة والانتحار وقتل الناس وقتل رجال الأمن وقتل المسلمين الذين يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقتل المعاهدين والمستأمِنين؟ أنجد هذا في كتب ابن القيم؟ أنجد هذا في كتب ابن قدامة؟ هل هذا في مذهب ابن حنبل؟ في الشافعي؟ مالك؟ عند أئمة الإسلام والمتقدمين؟ عند الأوزاعي؟ عند الثوري؟ عند الحسن البصري؟ عند ابن عباس وابن مسعود وغيرهم؟ من أين أتوا بهذا كله؟ هذه كتب العقيدة عندنا: الشريعة للآجري والسنة للآلكائي والإيمان لابن بطة والسنة للبربهاري وغيرها، هل يوجد مثل هذه الأمور فيها التي هم يفعلونها الآن؟ غير موجود، هل علماء الدعوة السلفية في هذا العصر والذين يمثلون الدعوة السلفية كابن باز وابن عثيمين والألباني والفوزان يرون شرعية هذه الأمور؟ الجواب: لا، لكن من الذي يرى هذه الأمور؟ أليس أيمن الظاهري وأسامة بن لادن وسيد قطب وجماعة التكفير والهجرة وجماعة الإخوان المسلمين عندما أنشأت الجناح العسكري والتنظيم الخاص أيام عبد الرحمن السندي ومحمود الصبار، هذه كتبهم موجودة الآن: "حقيقة التنظيم الخاص" لمحمود الصبار، "النقط فوق الحروف" لأحمد عادل كمال، كلها فيها مثل هذه العلميات وعمليات القتل وقتل الشرطة، وأحمد عادل كمال ذكر في كتابه: "نقط فوق الحروف" أنهم كانوا يهاجمون مراكز الشرطة ويفجرونها من أيام الأربعينات بقيادة عبد السندي وبأمر حسن البنا، هذه لا علاقة لها بالسلفية هذه من الأخوان المسلمين ومشتقات الإخوان المسلمين، وأما هؤلاء الذين يقولون: السلفية السياسية، السلفية ترى السياسة، والسياسة من الدين، وليست السياسة خارج الدين، ولكن هؤلاء يطبقون نظريات الإخوان المسلمين السياسية والجناح السياسي للإخوان المسلمين الذي يرى الديمقراطية ويرى التعددية الحزبية ويرى التعددية السياسية، ويرى الأعمال هذه، وهذه ليس من السلفية في شيء، ليس الديمقراطية من السلفية في شيء، وهذا هو الذي يتبناه القرضاوي وتبناه حسن البنا وتبناه مرشد الإخوان المسلمين كعمر التلمساني ومحمد مهدي عاكف وغيرهم، هذا لا علاقة له بالسلفية، هذه الديمقراطية وهذه السياسة التي: "الغاية تبرر الوسيلة" وهذا التلاعب والتحالف مع أهل الباطل، وكذلك التلاعب السياسي عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل المكتسبات السياسية، هذه كلها من خطط وبرامج وعقائد ومبادئ الإخوان المسلمين، لا علاقة لها بالسلفية، فهؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالسلفيين، سواء السلفية الجهادية أو السلفية السياسية هم الإخوان المسلمون، هم الإخوان المسلمون، ولكن هؤلاء الآن يريدون العمل السياسي وهو الجناح السياسي وهو الذي يتبناه الآن القرضاوي وهو يعتبر الآن حامل لوائه، واضح ولاّ لا؟ فساروا بركابه، والآخرين يسيرون بركاب أسامة بن لادن وأيمن الظواهري الذين هم من أتباع سيد قطب وأتباع الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، وكلها من جماعة الإخوان المسلمين، سواء الأصل أو المشتقات.
- أما السلفية، السلفية -ولله الحمد والمنة- السلفية لها أقوالها ولها مبادئها ولها أصولها، سواء في الجانب السياسة أو سواء في جانب العقائد أو سواء في جانب العبادات أو سواء في جانب المعاملات أو الدعوة أو الجهاد، وهذه أقوال السلفيين منتشرة قديما وحديثا، وهذه أقوال علمائنا في جميع الأبواب تكلموا، تكلموا في الحاكمية سواء المتقدمين من السلف كالآجري في الشريعة وغيره وعقدوا أبوابا في هذا، أو من المتأخرين كالشيخ ابن باز والألباني العثيمين، وهذه فتاواهم موجودة ومطبوعة في هذا الباب، كذلك فتاواهم موجود ومطبوعة في عدم جواز قتل المستأمِنين أو المعاهدين، كذلك فتاواهم موجودة ومطبوعة في عدم جواز قتل الذميين، كذلك فتاواهم موجودة ومطبوعة في عدم جواز قتل المسلمين، وكذلك في عدم جواز الخروج على الحكام واستحلال دماء رجال الأمن وغيرهم، هذه فتاوى السلفيين الآن موجودة وفتاوى السلفيين المتقدمين موجودة، فأين تجد هذا؟ إنما إذا أردت أن تبحث عن هذه الذي سمى نفسه سلفي سياسي عندكم أو الذي سمى نفسه سلفي جهادي، إذا أردت أن تعرض عقائدهم وأقوالهم فإنك تجدها موجودة في كتب الإخوان المسلمين، سواء في شق الإخوان المسلمين السياسي أو في الشق والجناح العسكري الخاص الذي أسسه حسن البنا، نعم.
المتصل: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، سؤال آخر: هنالك بعض الشباب يدّعون السلفية وغيرهم من العوام يؤيدونهم في الجبال ويفرحون بما بفعل هؤلاء الإرهابيون الخوارج من عمليات تفجيرية، فما نصيحتكم لهؤلاء؟ أحسن الله إليكم.
الشيخ: هؤلاء يجب أن يتقوا الله عز وجل، الله سبحانه وتعالى يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، هؤلاء أقل شيء ينكرون هذه الأفعال ولو بقلوبهم، وأما أنهم يفرحون بها فهم -والعياذ بالله- يشاركونهم في هذا الجرم، يشاركونهم في هذا الجرم -والعياذ بالله-، الذي يفرح بقتل المسلمين، الذي يفرح بتشويه صورة جهاد الإسلام، الذي يفرح بقتل هؤلاء المسلمين والمسلمات، وهذا التفجير الذي هو فعل الإسماعيلية وفعل الباطنية فإن هذا لا يجوز، وهؤلاء سبب فرحهم أنهم منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا فعلهم ولكنهم يرضون بفعلهم ويؤيدونه، نعم.
المتصل: جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ على هذه الكلمة، ونستسمحكم على الإطالة.
الشيخ: أنا أوصيكم في الجزائر أن تشغلوا نفسكم بطاعة الله وفي دراسة التوحيد ودراسة العبادات والأخلاق والسلوك، وأن تنشروا دين الله بين الناس بالحكمة والموعظة الحسنة والرحمة، وأسأل الله أن يوفقكم ويبارك فيكم وأن يهدي ضال المسلمين.
المتصل: آمين آمين، بارك الله..
الشيخ: وأن يحفظ الجزائر وأن يحفظ الجزائريين من كل سوء وأن يبعد عن الجزائر هذه الفتنة وغيرها من الفتن سواء كانت هذه الفتنة تتعلق بالعلمانية أو اللبرالية أو الصوفية أو الشيعة أو الخوارج أو الباطنية أو غيرهم، نسأل الله أن يحمي الجزائر وسائر بلاد المسلمين، بارك الله فيكم.
المتصل: بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.
الشيخ: حياك الله يا أخي.
المتصل: السلام عليكم والرحمة!
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

------

وهذا رابط تحميل الملف:
http://upload.ps/5kmchcj0et7i/akwal-...hemary.rar.htm
 
إنّ أبناء الجزائر الأبرار لن تزيدهم عنجرية ومغالة دعاة الإرهاب إلا تمسكا بدينهم، وتوبةً من ذنوبهم، والتحاما فيما بينهم.


الحمد لله وكفى والصّلاة والسلام على المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
أول ما يجب أن نبدأ به، ونحن نذرف الدموع بسبب ما حدث من تفجرات مفجعة وقاتلة لأبناء الأمة، أن نقول لأبناء أمتنا وأهل الضحايا: إنّ لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وكل شيء عنده إلى أجل مسمّى، فليصبر أبناء الأمة، وليحتسبوا، اللهم اغفر لأبنائنا المسلمين، وارفع درجتهم في المهديين، واخلفهم في عقبهم في الغابرين، واغفر لنا ولهم يا ربّ العالمين، وافسح لهم في قبرهم، ونوّر لهم فيه.
وقدّ بشر المصطفى صلى الله عليه وسلم من واسى أخاه المسلم في مصيبته بخير عميم يوم الدين، فقد أخرج الخطيب في تار يخه، وكذا ابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عزّى أخاه المؤمن في مصيبةٍ كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة، قيل: يا رسول الله ما يحبر بها؟ قال: يغبط بها)، وللحديث شاهد انظره في الإرواء للعلامة الألباني رحمه الله (برقم: 765).
إنّ إيفاء القول في الفاجعة التي أصابت أبناء شرق العاصمة لا يسعها عشرات من المقالات، والمحاضرات والخطب، ولكن أشير إشارة موجزة من دافع الواجب الديني إلى خطورة ما يحدث، وإلى غوائل الفتن التي يتقلد زمامها المغرر بهم ومن يأزهم أزا، وأرجوا أن يجد أبناؤنا في ما نكتب نبراسا يستهدون به في ضلمات الفتن والمحن، ومنهاجا لهم في عهد اخطلط الحق بالباطل، ورخص فيه دم المسلم.
يا أبناء الجزائر الأحرار يقول تعالى في سورة الأنفال: [وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ].
قال العلاّمة الـمُفسر الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي في تفسيره: (يحذر تعالى عباده المؤمنين [فِتْنَةً]، أي: اختبارا ومحنة يعمّ بها المسيء وغيره، لا يخص بها أهل المعاصي، ولا من باشر الذنب، بل يعمها حيثُ لم تُدفع وترفع)(1)
وأخرج الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا شداد يعني ابن سعيد، حدثنا غَيلان بن جرير، عن مُطرف قال: (قلنا للزبير يا أبا عبد الله، ما جاء بكم؟ ضيّعتم الخليفة حتى قُتِل، ثم جئتم تطلبون بدمه؟ فقال الزبير: إنّا قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان: [وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً] [الأنفال 25]، لم نكن نَحسِب أنّا أهلها حتى وقعت منّا حيث وقعت)(2).
يا أبناء الجزائر الأبرار لما كان شأن الفتن المضلة التي يوقد نيرانها المغرر بهم ومن يأزهم أزا أنها تصيب المسيء وغيره أكثر النبيّ الكريم محمدٌ صلى الله عليه وسلم من التحذير من نيرانها الهوجاء، والبيان لمعالمها شفقة على أتباعه؛ بيان يحدد أصناف الشرور التي تعصف بأمن المسلمين وإيمانهم إذا حلت الفتن الصماء بساحتهم، ويشرح بوضوح ما بعده وضوح الغوائل الناجمة عن الفتن العامة؛ وأنها -والله العاصم من كل شرّ- تهزُّ كيان الأمة، وتذهب بريحها، وتضعف اقتصادها، وتسيرها ساحة خصبة لأهل المطامع السيئة، والنوايا الفاسدة للعبث بمقوماتها، ولتغيير مصارها التاريخي والوطني المرسوم بإتقان في مؤتمر الصومام وما عقبه من خطوات شجاعة ومثمرة كي تبقى الجزائر الأبية والمحررة من ربقة الإستدمار دولة عربية ومسلمة، وحلقة ذهبية في تاريخ الأمة الإسلامية، وقبلة مشرقة على الغرب بنور الرسالة تذيب الجليد عن أبنائه، وتنفض الغبار عن أهله، لا بقاء لهم إلا ببقائها شامخة شموخ جبالها الراسخة.
لقد أكثر النبي يا أبناء الجزائر من بيان خطورة الفتن على أبناء الأمة حرصا منه -فداه أبي وأمي- على دفع الشرّ عنهم، وعلى المحافظة على إيمانهم وأمنهم، ووحدة كلمتهم، وصلابة بنيانهم، وعلى رغبته لإيصال الخير إليهم، عسى أن يجعلوا بينهم وبين الفتن المضلة حجابا مستورا، [لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ]، وقال تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ].
وسأل المصطفى ربّه الغفور الرحيم أن يجنب أمته أصول المهالك، ولا أرى أضر على المسلمين من هذه التفجيرات الهوجداء، والاغتيلات العمياء التي راحت بسببها أنفس ذنبها الوحيد أنها أحبت الجزائر، وأقسمت أن تحافظ على أنفس وأموال موطنيه، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث عامر بن سعد، عن أبيه؛ أن رسول الله أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مرّ بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا ربّه طويلا ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم: (سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسَّنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها)(3).
ولمّا كان البأسُ بين المسلمين واقعا بخبر الصادق المصدوق، وها نحن نلمس أثاره السيئة في الجزائر، ونرى ناره السوداء تأتي على الأخضر واليابس، اهتم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ببيان الفتن وغوائلها حتى يحذرها المسلمون ويبتعدوا عن بؤرها، ويتقوا أضرارها ولهيبها، وإن وقعوا في حمأتها كما هو الحال عندنا خرجوا من نفقها المظلم إذا استرشدوا بهديه صلى الله عليه وسلم، وعملوا بإرشداته بأقلّ الخسائر، وأدنى الأضرار على المستوى الروحي والمادي على حدٍ سواء، وصدق من قال:
عـرفـت الشرّ لا للشر *** لكن لتوقيــه.
ومن لا يعرف الشرّ *** من الناس يقع فيه.
ومن صور نذاته بخطورة الفتن، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقف خطيبا الساعات الطوال محذرا من أوار الفتن، ولا يترك مناسبة إلا أرشد الناس إلى البعد عن إيقاد نيران الفتنة، بل جاء عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي زيد الأنصاري عمرو بن أخطب الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أنه قال: (صلى بنا رسول الله الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتّى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هوكائن، فأعلمنا أحفظنا)(4).
وعن أبي ذر قال: (لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتقلب في السماء طائرٌ إلا ذكّرنا منه علما)(5).
وإنني من هذا المنبر الطيب أطالب وزارة الشؤون الدينية والإعلام والثقافة بتخصيص وقت ليس بالهيّن لتعريف المسلمين بدينهم الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لا علاج لأدواء المسلمين من تفجيرات والاغتيالات إلا أن يكونوا مسلمين حقا كما أراد الله ورسوله، يعودون إلى العمل بدين الله تعالى الذي ارتضى لهم، ولا يعرضون عنه عنادا، ولا يتركونه تأوٌُّلا، ويدعون أهواءهم، ونزوات رؤوسهم.
وسيرا على منهج رسول الله كان اعتناء الصحابة بهذا الأمر جليا، فكانوا يتدارسون أحوال الفتن بينهم، ويسأل بعضهم بعضا عن تفاصيلها وأنواعها، ويعلِّم بعضُهم بعضا من كان يجهلها، فقد جاء عن حذيفة أنّه قال: (كنّا عند عمر فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله في الفتنة كما قال؟ قال: فقلت: أنا. قال: إنك لجريء! وكيف قال؟ قال: قلت: سمعت رسول الله يقول: (فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر؟ قال: فقلت: ما لك ولها يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال: أ فيكسر الباب أم يفتح؟ قال: قلت: لا بل يكسر. قال: ذلك أحرى أن لا يغلق أبدا)(6).
وأخرج الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: (لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة، ما ترك فيها شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره، عَلِمه من علمه، وجَهِله من جهله، إن كنت لأرى الشيء قد نسيتُ (في نسخة: نسيته)، فأعرف ما يعرف الرجلُ وفي نسخة: (فأعرفه كما يعرف الرجلُ الرجلَ) إذا غاب عنه فرآه فعرفه)(7).
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه من طريق ابن شهاب الزهري، أنّ أبا إدريس الخولاني كان يقول: قال حذيفة بن اليمان: والله، إنِّي لأعلم الناس بكلّ فتنة هي كائنة، فيما بيني وبين الساعة، وما بي إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرّ إليّ في ذلك شيئا، لم يحدِّثه غيري، ولكن رسول الله قال، وهو يحدِّث مجلسا أنا فيه عن الفتن، فقال: رسول الله وهو يَعُدُّ الفتن (منهن ثلاثٌ لا يكدن يذرن شيئا، ومنهن فتنٌ كرياح الصيف، منها صغار ومنها كبار).
قال حذيفة: فذهب أولئك الرَّهط كلُّهم غيري)(8)
وقد تفاوت الصحابة الأبرار في حفظ النصوص الواردة في التحذير من الفتن المضلة، وكان حُذَيْفَة بن اليمان بن حسيل رضي الله عنه أكثرهم حفظا وسؤالا، لأن الناس كانوا يسألون رسول الله عن الخير، وكان رضي الله عنه يسأل عن الشر مخافة أن يدركه، ومَن فَهِم من الباحثين أن حذيفة انفرد عن سائر الصحابة بالاعتناء بأحاديث الفتن، ومنه أدرجها في باب الأخبار الخاصة، وأنها ليست من الفقه الذي يخاطب به العامة فقد أخطأ، والحق أن التخصيص لا دليل عليه كما هو واضح من روايات حذيفة رضي الله عنه، فقد أخبر أن ما حفظه في شأن الفتن كان في مجلس عام، وجاء في بعض الروايات أنه كان في المسجد كما مرّ بنا في حديث أبي زيد، فتحذير المسلمين في هذه العصور من شرور الفتن التي ذهبت بالناس ضبعا لبعا من الأمر الواجب، و"العلم الواجب يجب بثه ونشره، ويجب على الأمة حفظه"(9).
قال ابن أبي جمرة شارحا لحديث حذيفة " كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني" الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه كتاب الفتن، باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟: (في الحديث حكمة الله في عباده، كيف أقام كلاً منهم فيما شاء، فحبب إلى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير ليعملوا بها ويبلغوها غيرهم، وحبب لحذيفة السؤال عن الشرّ ليجتنبه ويكون سببا في دفعه عمن أراد الله له النجاة).
ومن عناية الصحابة الأبرار بحفظ أحاديث الفتن المضلة لتحذير النّاس منها بضوابط شرعية ما جاء عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر قال: (حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثته، وأما الآخر فلو بثته قطع هذا البلعوم)(10).
وقد حمل الحفاظ الوعاء الذي لم يبثه أبو هريرة على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي الأمراء وأحوالهم وزمنهم، جلبا للمصالح ودرء للمفاسد، وكان أحيانا يُعرِّض عند الحديث عن أمراء السوء، ليس الأمر كما هو الشأن عند بعض الوعاظ أو خطباء المساجد في هذا العصر، فإنه منذ أن يشرع في الحديث وهو يبث في أنفس سامعيه داء التمرد على السلطان والخروج عليه بالقول والفعل إلى أن تقام الصلاة، أما الصحابة الأبرار فإنهم كانوا يراعون حالة المتلقي عند بثّ العلم، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبيد الله بن موسى، عن معروف بن خرَّبوذ، عن أبي الطُّفيل، عن علي رضي الله عنه أنه قال: (حدَّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّبَ الله ورسوله)(11).
وأخرج الإمام مسلم في مقدمة صحيحه قال: حدثني أبو طاهر، وحرملة بن يحي، قالا: أخبرنا بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عبد الله بن مسعود قال: (ما أنت بمحدِّثٍ قوما حديثا لا تبلغه عقولُهم إلاّ كان لبعضهم فتنةً)(12).
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/424 ط: سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم): (وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب، ومن قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين، وأن المراد ما يقع من الفتن، ونحوه عن حذيفة، وعن الحسن أنّه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين، لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمد من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي)، ثم ذكر الحافظ ضابطا مهما يشرح كلامه السابق ويوضح معناه: (وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب، والله أعلم).
إن العلم بمراتب الأعمال، ودرجات المصالح ودركات المفاسد يتصل أتصالا وثيقا بفقه التحذير من الفتن المضلة، الذي ركيزته الخبرة بالأعمال التي تدفع البلايا والرزايا عن الأمة، والأحكام التي تُنجي من الأضرار والمفاسد، فمن أراد الله به خير من الأفراد والجماعات وفَّقه إلى العلم الذي يستطيع به أن يميز بين الأعمال والتصرفات، وما تشتمل عليه من منافع وشرور.
وسيرا على طريق الصحابة الواضح كان حال التابعيين الأبرار في سؤال علمائهم عن الفتن المضلة، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه، قال: حدثنا إسحاق الواسطي، حدثنا خالد، عن بيان، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير قال: خرج علينا عبد الله بن عمر، فرجونا أن يحدّثنا حديثا حسناً، قال: فبادَرَنا إليه رجلٌ فقال يا أبا عبد الرحمن حدِّثنا عن القتال في الفتنة، واللهُ يقول: [وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ] [البقرة 193]، فقال: هل تدري ما الفتنة، ثكِلتك أمُّك؟ إنّما كان محمد صلى الله عليه وسلم يُقاتل المشركين، وكان الدُّخولُ في دينهم فتنةً، وليس كقتالكم على الملك)(13).
ووقع نحو هذا سؤال من نافع بن الأزرق(14) وجماعته لعمران، إلا أنهم لم ينتفعوا من سؤال أهل العلم ومصاحبتهم، واستشرفوا للفتن فأهلكتهم.
وأخرج الإمام ابن ماجهْ القزوينيّ في سننه، قال: حدثنا سويد بن سعيد، قال: حدثنا عليّ بن مسهر، عن عاصم، عن السُّمَيْط بن السُّمير، عن عمران بن الحصين قال: أتى نافع بن الأزرقِ وأصحابُه، فقالوا: هلكت يا عمران! قال: ما هلكت. قالوا: بلى. قال: ما الذي أهلكني؟ قالوا: قال الله: [وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ] قال: قد قاتلناهم حتّى نفيناهم، فكان الدين كلُّه لله، إن شئتم حدّثتكم حديثا سمعته من رسول لله صلى الله عليه وسلم، قالوا: وأنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بعث جيشا من المسلمين إلى المشركين، فلما لقوهم قاتلوهم قتالا شديدا، فمنحوهم أكتافهم، فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرّمح، فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، إني مسلم، فطعنه فقتله، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هلكت، قال: (وما الذي صنعت؟) مرّة أو مرتين، فأخبره بالذي صنع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهلا شققتَ عن بطنه فعلمت ما في قلبه؟) قال: يا رسول الله! لو شققتُ بطنه لكنت أعلم ما في قلبه، قال: (فلا أنت قبلت ما تكلم به، ولا أنت تعلم ما في قلبه)، قال: فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات، فدفنَّاه فأصبح على ظهر الأرض، فقالوا: لعل عدوّأ نبشه، فدفناه، ثم أمرنا غلمانا يحرسونه(15)، فأصبح على ظهر الأرض، فقلنا لعلّ الغلمان نعسوا، فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا، فأصبح على ظهر الأرض، فألقيناه في بعض تلك الشعاب)(16).
ورواه كذلك ابن ماجه من طريق إسماعيل بن حفص الأُبلِّي، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن عاصم، عن السميط، عن عمران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ الأرض لتقبل من هو شرّ منه، ولكن الله أحبّ أن يريكم تعظيم حُرمة لا إله إلا الله).
وفي ختام هذه الصيحة في وجه دعاة الفساد والاعتداء على الخلق بالباطل، أذكر بنودا موجزة أرى من خلالها الحل الأشمل والأمثل لهذه الأعمال الإجرامية التي طال مقامها في ساحة الأمة، وتعددت أسالبها للإضرار بأبنائنا، ولتنغيص معيشتهم، وتكدير نفسهم ونحن على أبواب شهر رمضان شهر الخير والغفران
-1-: الرجوع إلى المرجعية العلمية الصحيحة، فكل باب من أبواب العلم له مرجع: فالفتوى والمسائل الشرعية - لاسيما في النوازل والفتن- فهي عند أهل الاجتهاد والإدراك، سواء كانوا من أبناء الوطن الحبيب، أو يسكنون في أوطان أخرى مسلمة، فالعلم رحم بين أهله، فعلى ن بيده زمام الأمر أن يعقد مؤتمرات وندوات يستضيف فيها أهل الاجتهاد من أهل العلم للنظر في مسائل الإرهاب، وسبل علاجها، وأما إذا ترك الأمر للنطيحة والمتردية ممن يزعمون أنهم من أهل العلم فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله؛ فانتظر الساعة). روه البخاري.
-2-: احترام أهل العلم والعلماء، وتوقيرهم، وتقديمهم للنظر في قضايا الأمة، فقد روى الإمام عبد الرزاق في مصنفه بسنده إلى طاووس أنه قال: (من السّنة أن يوقر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسّلطان، والوالد).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عباس: (البركة مع أكابركم)(17).
وقال أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي اللبيب الناصح: (مثل العلماء كمثل النجوم التي يهتدى بها، والأعلام التي يقتدى بها، فإذا تغيبت تحيروا، وإذا تركوها ضلوا)(18).
وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله: (وكان بنو إسرائيل كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ، فكانت تسوسهم الأنبياء، والعلماء لهذه الأمة كالأنبياء في بني إسرائيل)(19).
ولكن للأسف الشديد الذي نلمسه أن أهل العلم وطلبة العلم الشرعي، وخاصة الذين لهم دراية تامة بمنهج الخوارج وأذنابهم من دعاة الإرهاب والاعتداء على البشرية؛ مؤخرون إن لم أقل مهمشون، وهذا أمر لا يخدم الحسّ الأمني، ولا يقوي ركائزه في عصر تلاطم الأفكار، وكثرة الشبه، ولهذا لابد أن نعيد للعلم منزلته، ولأهله مكانتهم في المجتمع، وأن تعتني بهم الدولة في معاشهم، وأن تسهل لهم السبل لتنظيف عقول المغرر بهم، فأهل العلم هم نبراس الأمة في عصر ظلمات الفتن والجهل.
-3-: نشر مذهب السلف الصالح في علاج الفكر المفضي إلى التكفير والتفجير.
لقد ألّف علماؤنا قديما وحديثا مصنفات متينة في ردّ فكر الخوارج، والتحذير منه، وعقدوا مناظرات عديدة فيها دحضوا شبهات أهل الباطل من الانتحاريين وأعوانهم، فما علينا إلا نشرها بين المسلمين وشرح متونها في المساجد والإذاعات، بل يجب أن توزع على طلاب المدارس والجامعات إذا أردنا قهر فكر الإرهابيين ورمسه من على وجه هذا الوطن الحبيب.
-4-:ومن الدواء النافع - والذي لابد منه في هذا الباب -: قيام ولاة الأمور بما أوجبه الله عليهم من الحكم بما أنزل الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة، في الظاهر والباطن، في الأقوال والأفعال، والعقائد والنيات، والابتعاد عن كل ما حرم الله، والسير في رعيتهم بما أمرهم الله به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: (فهكذا شُرِعت الحدود، وهكذا ينبغي أن تكون نية الوالي في إقامتها، فإنه متى كان قصده صلاح الرعية، والنهي عن المنكرات، بجلب المنفعة لهم، ودفْع المضرة عنهم، وابتغى بذلك وجه الله تعالى، وطاعة أمره؛ ألان الله له القلوب، وتيسّرتْ له أسباب الخير، وكفاه الله العقوبة البشرية، وقد يرضى المحدود إذا أقام عليه الحد، وأما إذا كان قصده العلو عليهم، وإقامة رياسته ليعظِّموه، أو ليبذلوا له ما يريد من أموال؛ انعكس عليه مقصوده...)
وقال - رحمه الله تعالى -: (... ومتى اهتمت الولاة بإصلاح دين الناس؛ صلح للطائفتين دينهم ودنياهم، وإلا اضطربت الأمور عليهم، وملاك ذلك كله: صلاح النية، والتوكل جماع صلاح الخاصة والعامة... )
وعظ ابن الجوزي في سنة 574هـ بحضور الخليفة المستضيء بأمر الله، فكان مما قال: ((يا أمير المؤمنين،كن لله سبحانه - مع حاجتك إليه - كما كان لك - مع غناه عنك - إنه لم يجعل أحدًا فوقك، فلا ترضَ أن يكون أحد أشكر له منك)) فتصدَّق أمير المؤمنين بصدقات، وأطلق محبوسين.
وقال مَرَّةً له: (يا أمير المؤمنين، لأن تصحب من يُخَوِّفك، حتى تدرك الأمن؛ خير لك من أن تصحب من يُؤَمِّنك ، حتى تدرك الخوف...).
وقال له أيضًا: (يا أمير المؤمنين، إن تكلمتُ خِفْتُ منك، وإن سكتُّ خِفْتُ عليك، وأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك، وقول الناصح: اتق الله؛ خير من قول القائل: أنتم أهل بيت مغفور لكم).
-5-: نشر فقه الحوار والمصالحة مع المخالف:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في سياق كلامه على نوعي التعامل مع الولاة من مجموع الفتاوى (28/283-284): (الأول: تعاون على البر والتقوى: من الجهاد، وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وإعطاء المستحقين، فهذا مما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة؛ فقد ترك فرضًا على الأعيان، أو على الكفاية، متوهمًا أنه متورع، وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل والورع، إذْ كلُ منهما كَفٌّ وإمساك...[إلى أن قال رحمه الله]: فإن مدار الشريعة على قوله تعالى [فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ]المفسر لقوله: [اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ] ؛ وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) أخرجاه في الصحيحين، وعلى أنّ الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع المفسدتين مع احتمال أدناهما: هو المشروع).
وقال رحمه الله في منهاج السنة (6/118 تحقيق محمد رشاد سالم): (فالأقَلُّ ظلمًا ينبغي أن يعاون على الأكثر ظلمًا، فإنّ الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومعرفة خير الخيرين، وشر الشرين، حتى يُقَدَّم عند التزاحم خير الخيرين، ويُدْفَع شر الشرين، ومعلوم أن شرّ الكفار، والمرتدين، والخوارج: أعظم من شر الظالم).
-6-:أن تتعاون عدة وزارات في البلد الإسلامي لعلاج هذه الأفكار:
فمن ذلك وزارة التربية والتعليم: فعليها أن تراعي في المنهج الذي يُدرَّس لأبناء الأمة ما سبقت الإشارة إليه من دراسات ناضجة وافية لعلاج هذا الداء، مع مراعاة عمل دورات علمية في ذلك للمدرِّسين والموجِّهين، حتى يظهر أثر ذلك على الطلاب.
وكذا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تقوم بعمل دورات علمية للخطباء، وتوزع عليهم الدراسات المذكورة، وتوجِّههم توجيهًا صحيحًا، فإنهم اللسان الناطق للأمة، وأثر المنبر على المسلمين - رجالًا ونساءً، وكبارًا وصغارًا –لا يخفى على أحد.
وكذا وزارة الإعلام: وعليها حمل ثقيل في توجيه المسلمين إلى الاعتدال، ومجال هذه الوزارة واسع جدًّا في هذا الشأن، فليتقِ اللهَ القائمون عليها، وليكونوا مفاتيح خير، مغاليق شرٍّ، فإن الإعلام يعمل ما لا تعمله الجيوش الجرارة.
وكذا؛ فهناك عدد من الجهات التي لها صلةٌ بهذا الشأن، فالكلُّ على ثغر، والمصلحة العامة هدف الصادقين حيثما كانوا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
===========​
 
الهامش:
(1) تفسير ابن كثير (7/49 ط: مكتبة أولاد الشيخ للتراث).
(2) مسند الإمام أحمد(1/165)، وإسناد حسن إن شاء الله، وشداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي البصري حسن الحديث، له أخطاء قليلة مع قلة حديثه أنزلته عن مرتبة الثقة، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين خلا شيخ الإمام أحمد عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري مولى بني هاشم، لقبه جردقة فهو من رجال البخاري فقط وفيه كلام يسير بسبب أخطائه.
وأخرجه البزار (برقم 976) من طريق الحجاج بن نصر، عن شداد بن سعيد، به.
والحجاج بن نصر الفساطيطي القيسي، أبو محمد البصري، ضعيف، كان يقبل التلقين.
وأخرجه الإمام أحمد (1/167) من طريق الأسود بن عامر، والإمام النسائي في الكبرى (10/108 برقم 11142) من طريق عبد الرحمن بن مهدي؛ كلاهما عن جرير بن حازم، قال: سمعت الحسن قال: قال الزبير بن العوّا به.
وهذا مرسل يصلح لتقوية الطريق الأول.
وأخرجه ابن جرير الطبري (9/257)، وأبو داود الطياليسي في مسنده (برقم 192 نسختي الخاصة)، وغيرهما من طريق الصلت بن دينار، عن عقبة بن صهبان، وأبي رجاء العُطاردي، قالا:
سمعنا الزبير رضي الله عنه يقول: به.
قلت: والصلت بن دينار الأزدي الهُنائي البصري أبو شعيب المجنون، متروك ناصبي.
(3) أخرجه مسلم (برقم 2890، كتاب الفتن، باب: هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض)، وأخرجه مسلم من طريق آخر (برقم 2889) عن حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان به.
(4) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (برقم 2892، كتاب الفتن، باب: إخبار النبي × فيما يكون إلى قيام السّاعة) من طريق عزرة بن ثابت، عن علباء بن أحمر، عن أبي زيد عمرو بن أخطب به.
(5)أخرجه الإمام أحمد (5/162)، (5/153) من طريق شعبة وابن النمير، والطياليسي في مسنده (برقم41) من طريق شعبة كلاهما عن سليمان عن المنذر عن أشيخ لهم عن أبي ذر. وشيوخ المنذر لم يسموا.
وأخرج الإمام (5/162) من طريق فطر عن منذر عن أبي ذر، بلا الواسطة.
وأخرجه البزار في مسنده (9/341 برقم3897) من طريق فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن أبي ذر رضي الله عنه. قال الإمام البزار: وهذا الحديث رواه ابن عيينة عن فطر عن منذر الثوري قال: أبو ذر، ومنذر الثوري لم يدرك أبا ذر.
وقال الإمام الدارقطني بعد ما أورد الحديث في علله (6/290س:1148): (يرويه ابن عيينة عن فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن أبي ذر، وقيل: عن الثوري أيضا، وليس بصحيح عنه.
وغير ابن عيينة يرويه عن فطر، عن منذر الثوري عن أبي ذر مرسلا، وهو الصحيح.
وقال شعبة والثوري وابن نمير عن الأعمش عن منذر الثوري عن أشياخ لهم عن أبي ذر.
حدثنا أبوذر أحمد بن محمد بن أبي بكر الواسطي والحسين بن إسماعيل المحاملي قالا: ثنا عيسى بن أبي حرب، قال: ثنا يحي بن أبي بكير، ثنا سفيان الثوري عن فطر عن أبي الطفيل عن أبي ذر بذلك)اهـ.
قلت: وقد أورد العلاّمة الألباني الحديث في الصحيحة (برقم1803) من معجم الطبراني الكبير (برقم1637) بزيادة (ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم)، ثم قال رحمه الله: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وفطر وهو ابن خليفة وثقه أحمد وابن معين، وروى له البخاري مقرونا كما قال الذهبي في الكاشف، وله شاهد من رواية عمرو عن المطلب مرفوعا بلفظ: (ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا قد أمرتكم به، وما تركت شيئا مما نهاكم عنه إلا قد نهيتكم عنه)، أخرجه الشافعي كما في بدائع المنن (برقم7) وابن خزيمة في حديث علي بن حجر (3/برقم100)، وهذا إسناد مرسل حسن، عمرو؛ هو ابن أبي عمر، والمطلب هو ابن عبد الله)اهـ.
(6) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (كتاب الفتن، باب: في الفتنة التي تموج كموج البحر) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة به.
(7)أحرجه البخاري في صحيحه (برقم 6604، كتاب القدر)، ومسلم في صحيحه (برقم 2891 كتاب الفتن). من طريق الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة الأسدي، عن حذيفة.
(8) صحيح مسلم (كتاب الفتن، باب: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة، برقم: 2891).
(9) سير أعلام النبلاء (10/604).
(10) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب العلم، باب: حفظ العلم، برقم 120) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
(11) صحيح البخاري (برقم 127)
(12) مقدمة صحيح مسلم (باب: النهي عن الحديث بكل ما سمع، برقم: 14).
(13) صحيح البخاري (كتاب الفتن، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم "الفتنة من قبل الشرق" برقم 7095).
(14) أبو راشد نافع بن الأزرق بن قيس بن نهار، إليه تنسب فرقة الأزارقة من الخوارج، خرج بالبصرة في أواخر دولة يزيد بن معاوية سنة 65هـ، فبعث إليه عبد الله بن حارث أمير البصرة مسلم بن عيسى لقتله، واشتدى القتال وقتل فيه نافع كما قتل مسلم بن عيسى.
قال ابن حزم: كان في أول أمره من أصحاب ابن عباس رضي الله عنه، ثم غلب عليه الشقاء فاستعرض المسلمين بسيفه، وقتل النساء والأطفال، وعطل الرحم، وفارق الإسلام.
قال الحافظ الذهبي من رؤوس الخوارج، وقال الحافظ ابن حجر: كان يطلب العلم، وله أسئلة عن ابن عباس، وأخرج الطبراني بعضها في مسند ابن عباس من المعجم الكبير.
قلت: حال ابن الأزرق كحال كالقوم الذين جاؤوا الحسن البصري وسألوه في الخروج مع ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف فمنعهم وكبح هواهم، فردوا الحق الذي سمعوه، والذي به تكون عصمة دماؤهم بنعرة جاهلية فيها الطعن في الأنساب؛ فقد جاء في الطبقات لمحمد بن سعد الزهري (م:230 ) (9/164ط: الخانجي) بإسناد حسن قال: أخبرنا عمرو بن عاصم، قال: حدثنا سلاّم بن مسكين، قال: حدثني سليمان بن علي الرّبعي قال: لمّا كانت الفتنة - فتنة بن الأشعث إذْ قاتل الحجّاجَ بنَ يوسف- انطلق عقبة بن عبد الغافر، وأبو الجوزاء، وعبد الله بن غالب، في نفر من نظرائهم، فدخلوا على الحسن – أي ابن أبي الحسن البصري - فقالوا: يا أبا سعيد ما تقول في قتال هذا الطاغية، الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة، وفعل وفعل؟ قال: وذكروا مِنْ فِعْل الحجّاج؛ قال: فقال الحسن: أرى أن لا تقاتلوه؛ فإنها إن تكن عقوبة من الله؛ فما أنتم برادّي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء؛ فاصْبِروا حتّى يَحكُم الله، وهو خير الحاكمين، قال: فخرجوا من عنده وهم يقولون: نطيع هذا العِلْج! قال: وهم قوم عرب، قال: وخرجوا مع ابن الأشعث، قال: فَقُتِلُوا جميعًا.
قال سليمان: فأخبرني مرّة بن ذُباب أبو المعذّل قال: أتيت على عقبة بن عبد الغافر وهو صريع في الخندق فقال: يا أبا المعذل لا دنيا ولا آخرة)اهـ.
(15) يجوز جراسة مقابر المسلمين ولو بالأجرة إذا خيف غليها النبش والإهانة.
(16) سنن ابن ماجه (كتاب الفتن، باب: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، برقم 4930).
وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل (برقم 3234-3235)، والطبراني في الكبير (18/562) من طريق الأصم الأحول، عن سميط به
قال البو صيري في مصباح الزجاجة: إسناده حسن؛ وعاصم هو الأحول روى له مسلم، والسُّبيط وثقه العجلي، وروى له مسلم في صحيحه أيضا، وسويد بن سعيد مختلف فيه.
وقد حسنه العلامة الألباني رحمه الله في حكمه على أحاديث ابن ماجه، ووافقه علي بن حسن الحلبي في تحقيقه لسنن ابن ماجه (4/60 برقم 4000 ط: دار المعارف).
قلت وبالله التوفيق: قد أخرج الحديث الإمام أحمد في مسنده (4/438) من طريق عارم، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: وحدثني السُّميط الشيباني، عن أبي العلاء، قال: حدثني رجل من الحيّ؛ أن عمران بن عمير حدثه: أن عُبيسا، أو ابن عبيس في أناس من بني جُشم أتوه، وذكر باقي الحديث.
وطريق ابن ماجه ليس فيه أبو العلاء يزيد بن عبد الله الشخير، ولا شيخه المبهم، وبه يكون الحديث معضلا، اللهم إلا إذا كان السميط سمعه مرتين، مرة من عمران، ومرة من أبي العلاء عن شيخه المبهم، وهذا ما أستبعده والله أعلم.
(17) هذا الحديث يروى مرسلا ومتصلا.وقد صحح الحديث الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله كما في الصحيحة (برقم1778) مع الانتباه لبعض الخلط في الأسانيد وقع فيه الشيخ رحمه الله.
(18) أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/256) وابن أبي شيبة (7/193 برقم 35168)، وحنبل في جزئه (برقم39)، والبيهقي في المدخل (برقم395) من طريق عبد الواهب الثقفي، وحماد بن زيد، عن أيوب بن أبي تميمة [كيسان] عن أبي قلابة.
(19) مفتاح دار السعادة (1/451 ط: دار ابن عفان).


وكتبه/أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري كان الله في عونه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلفيون بريئون من الأعمال الإرهابية
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد :
فإنَّ الله أرسل رسوله بالهدى ، ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ، وإنَّ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي ترجمة عملية لشريعة الله سبحانه وتعالى ؛ التي أوحاها إليه ، والتي أمره الله باتباعها في قوله تعالى : )ثمَّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون * إنَّهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإنَّ الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ( ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الغدر ، والخيانة ، ويأمر بالصدق والعفاف ، والأمانة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ، ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيـل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا ، وليدا )) رواه مسلم ، وفي رواية الطبراني في المعجم الصغير برقم الحديث 340 : (( ولا تجبنوا ، ولا تقتلوا وليدا ، ولا امرأة ، ولا شيخا كبيرا )) فحرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الغدر ، وحرَّم الخيانة التي يستعملها الإرهابيون ، وحرم قتل النساء والأطفال ، والشيوخ ؛ الذين لايستطيعون القتال ولايُقاتلون ؛ حرَّم قتل هؤلاء ، وحرَّم الإفساد ، فالله سبحانه وتعالى يقول : ) ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعا إنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين ( وأخبر أنَّه لايحب المفسدين ، وأخبر أنَّه لايهدي كيد الخائنين .
وعلى هذه الطريقة سار أصحابه ، فكانوا إذا أتوا قوماً من الكفار يدعونهم إلى الإسلام أولاً فإن أبو وكانوا أهل كتاب دعوهم إلى الجزية ، فإن أبوا أعلنوا لهم القتال ، وأخبروهم أنَّهم سيقاتلونهم ، فيقاتلونهم بعد الإعلان لهم ، أمَّا إذا كان الكفار وثنيين فإنَّهم يخيرون بين الدخول في الإسلام أو القتال ، ويقاتلونهم بعد إعلان القتال لهم .
أمَّا ما يعمله الإرهابيون في هذا الزمن ؛ الذين يلبسون الأحزمة الناسفة أو يقودون السيارات المفخخة ، فإذا وجدوا مجموعة من الناس ، فجَّر اللابس نفسه أو فجَّر سيارته ونفسه ، فهذا أمرٌ ينبني على الخيانة ، فالإسلام بعيدٌ عنه كل البعد ، ولايقره أبداً .
وقال : (( طوبى لمن قتلهـم أو قتلوه وإنَّ ما يُعمل الآن من الأعمال الإنتحارية في بريطانيا أو غيرها من البلدان ؛ إنَّما يعملـها ويخطط لها التكفيريون الخوارج ؛ الذين ذمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان ؛ سفهاء الأحلام ؛ يقولون من خير قول البرية ؛ يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ؛ لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهــم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة )) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : (( شرُّ قتلى تحـت أديـم السماء )) وقال : (( خير قتلى من قتلوه )))) وقال : (( أين ما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجراً عند الله )) وقـال عنهــم : (( كلاب النار )) وقال : (( لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عاد )) وفي رواية : (( قتل ثمود )) وقال عنهم : (( أما إنَّه ستمرق مارقةٌ يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثمَّ لايعودون إليه حتى يرجع السهم على فُوَقِه )) ومعنى (( مرق )) خرج من الجانب الآخر ؛ والخوارج يمرقون من الدين ؛ أي يخرجون منه لايعلق بهم منه شيء .
وعلى هذا فمن المعلوم أنَّ الإسلام بريءٌ من هذه التصرفات الهوجاء الرَّعناء ، وإنَّه ليشجب فاعليها ، وينكر أفعالهم .
وإنَّ الذين يتهمون السلفيين الذين يتبعون كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويسيرون على نهج الصحابة ؛ إنَّ الذين يتهمونهم بالتفجيرات في بريطانيا أو غيرها ؛ والتي تشتمل على قتل الأنفس ، وإتلاف الأموال ، وإراقة الدماء ، وإخافة الناس ، والخروج على الدولـة .
إنَّ الذين يتهمون السلفيين بهذا هم الذين يفعلون هذه المناكر ، ويريدون أن يلصقوها بغيرهم هم أصحاب تنظيم القاعدة ؛ الذين يتابعون أسامة بن لادن ، والمسعري ، وسعد الفقيه ، وأمثالهم لأنَّ هؤلاء تربوا على كتب المكفرين من أمثال سيد قطب ، ومن معه في هذا المنهج الخاطـئ الذين يكفرون أمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم بغير حق ؛ بل يكفرون بالمعاصي ، والمعاصي لايسلم منها أحد .
والحقيقة أنَّه لايجوز أن نكفِّر أحداً من المسلمين إلاَّ من كفره الله سبحانه وتعالى كالمشركين شركاً أكبر ؛ قال الله عز وجل : ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين ( وقال سبحانه : ) ومن يدع مع الله إلهاً آخر لابرهان له به فإنَّما حسابه عند ربه إنَّه لايفلح الكافرون ( وقال سبحانه وتعالى : ) ولاتدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين ( وقال سبحانه وتعالى على لسان عيسى بن مريم أنَّه قال : ) يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنَّه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ( هذه هي الحقيقة التي لايجوز لأحدٍ أن يحيد عنها ، ومن زعم خلاف ذلك من المكفرين ؛ الذين يكفرون الموحدين المصلين الصائمين فهو مبطلٌ ، وداعٍ إلى الباطل ؛ هذه هي الحقيقة التي لايجوز الشك فيها ، ولا الميل عنها ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أملاها
الشيخ / أحمد بن يحيى النَّجمي
22 / 7 / 1426 هـ
 
هذه أقوال العلماء في مؤلفات سيد قطب مجموعة في شريط صوتي واحد
للمشايخ :
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
الشيخ صالح الفوزان حفظه الله
الشيخ عبيد الجابري حفظه الله
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
الشيخ محمد آمان الجامي رحمه الله
الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله
التحميل
مـــن هــــنـــــا
أو
مـــن هــــنـــــا
 
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(( سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة )) رواه البخاري ومسلم.

الخوارج لا يعرفهم كثير من الناس لأن أهل البدع بصفة عامة لا يستطيع تمييزهم عامة الناس إلا إذا كانوا أهل منعة وشوكة أو أن يكونوا منعزلين عن المخالفين لهم، قال شيخ الإسلام في كتاب النبوات (1/139) : " وكذلك الخوارج لما كانوا أهل سيف وقتال ظهرت مخالفتهم للجماعة حين كانوا يقاتلون الناس وأما اليوم فلا يعرفهم أكثر الناس".

وللخوارج لهم صفات يعرفون بها ، لكن ينبغي أن يعلم أن بعض هذه الصفات عرفت عنهم بالتتبع والاستقراء وكلام العلماء ، ولا يشترط في كل صفة تذكر عنهم أن يقروا بها ، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (13/49) : " وأقوال الخوارج إنما عرفناها من نقل الناس عنهم لم نقف لهم على كتاب مصنف "

بل إن الباحث يجد أن الخوارج الأولين المتفق على ضلالهم قد استشكل أمرهم على أهل عصرهم فكيف بمن يظهرون الانتساب إلى السنة في هذا العصر وهم خوارج شعروا أم لم يشعروا .

وإليك أخي الكريم بعضاً من صفاتهم مستقاة من فتاوى علماء العصر:

1- التدين بالخروج على ولاة الأمر وعدم السمع والطاعة لهم بالعمروف:

سئل سماحة الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

س: بعض الأخوة – هداهم الله – لا يرون وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد، فما هي نصيحتكم سماحة الوالد؟

فأجاب رحمه الله :

ننصح الجميع بالهدوء والسمع والطاعة – كما تقدم – والحذر من شق العصى والخروج على ولاة الأمور لأن هذا من المنكرات العظيمة، هذا دين الخوارج ، هذا دين الخوارج دين المعتزلة، الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم في غير معصية، وهذا غلط خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع ولطاعة بالمعروف وقال: (( من رأى من أميرة شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة )) وقال: (( من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاضربوا عنقه )) فلا يجوز لأحد أن يشق العصا أويخرج على ولاة الأمور أو يدعوا إلى ذلك فهذا من أعظم المنكرات وأعظم أسباب الفتنة والشحناء والذي يدعوا إلى ذلك هذا دين الخوراج والشاق يقتل لأنه يفرق الجماعة ويشق العصا ، فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا من يدعوا إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة. [ من شريط بعنوان : " حكم الحملات الإعلامية على بلاد الحرمين" ]

وقال – رحمه الله - :

(( وهذه الدولة بحمد الله لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنما الذي يستبيحون الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج ، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان، وقد قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم إنهم: (( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )) وقال: (( أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة )) متفق عليه. والأحاديث في شأنهم كثيرة معلومة )) [مجموع فتاوى سماحته (4/91)]



قال محدث العصر الإمام الألباني رحمه الله تعالى:

عند حديث ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ..) بعد أن رد على الخوارج قال: والمقصود أنهم سنّوا في الإسلام سنةً سيئة ،وجعلوا الخروج على حكام المسلمين ديناً على مر الزمان والأيام ، رغم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم منهم في أحاديث كثيرة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم ((الخوارج كلاب النار)).

ورغم أنهم لم يروا كفراً بَواحاً منهم ، وإنما ما دون ذلك من ظلم وفجور وفسق .

واليوم – والتاريخ يعيد نفسه كما يقولون- ؛ فقد نبتت نابتة من الشباب المسلم لم يتفقهوا في الدين إلا قليلا ورأوا أن الحكام لا يحكمون بما أنزل الله إلا قليلا فرأوا الخروج عليهم دون أن يستشيروا أهل العلم والفقه والحكمة منهم بل ركبوا رؤوسهم أثاروا فتناً عمياء وسفكوا الدماء في مصر وسوريا , والجزائر وقبل ذلك فتنة الحرم المكي فخالفوا بذلك هذا الحديث الصحيح الذي جرى عليه عمل المسلمين سلفا وخلفا إلا الخوارج) . [أنظر السلسلة الصحيحة المجلد السابع / القسم الثاني صـ1240-1243]



2- تكفير مرتكب الكبيرة:

وسئل الإمام إبن باز رحمه الله :

سماحة الوالد : نعلم . أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة ، ولكن هناك- للأسف- من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا ، وفيه شيء من التخاذل ، وقد قيل هذا الكلام؛ لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير

فأجاب : هذا غلط من قائله ، وقلة فهم ؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي ، وإنما تحملهم الحماسه والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة ، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق ، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج ، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة .

فالخوارج كفروا بالمعاصي ، وخلدوا العصاة في النار ، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة ، وأنهم في النار مخللدون فيها . ولكن قالوا : إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين ، وكله ضلال .

والذي عليه أهل السنة- وهو الحق- أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها فإذا زنا لا يكفر ، وإذا سرق لا يكفر ، وإذ شرب الخمر لا يكفر ، ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا تقام عليه الحدود ، ولا يكفر بذلك إلا إذا استحل المعصية وقال : إنها حلال ، وما قاله الخوارج في هذا باطل ، وتكفيرهم للناس باطل ؛ ولهذا قال فيهم النبي : ( إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرميه ثم لا يعودون إليه يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان )

هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم ، فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة ، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية ، فيقفوا مع النصوص كما جاءت ، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه ، بل عليهم المناصحة بالمكاتبه والمشافهة ، بالطرق الطيبة الحكيمة ، وبالجدال بالتي هي أحسن ، حتى ينجحوا ، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير .
هكذا جاءت النصوص عن رسول . الله صلى الله عليه وسلم ، والله عز وجل يقول : "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ "
فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع ، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور ، بالكلام الطيب ، والحكمة ، والأسلوب الحسن ، حتى يكثر الخير ويقل الشر ، وحتى يكثر الدعاة إلى الله ، وحتى ينشطوا لي دعوتهم بالتي هي أحسن ، لا بالعنف والشدة ، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتى الطرق الطيبة السليمة ، مع الدعاء لهم بظهر الغيب : أن الله يهديهم ، ويوفقهم ، ويعينهم على الخير ، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها وعلى إقامة الحق .

هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إليه : أن يهدي الله ولاة الأمور ، وأن يعينهم على ترك الباطل ، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن ، لا بالعنف والشدة ، وبهذا يكثر الخير ، ويقل الشر ، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه ، وتكون العاقبة حميدة للجميع .


[ من كتاب: "المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم" ]
.................................

3- تهييج الناس وإيغار صدروهم على الحكام بذكر معايبهم والطعن فيهم والتظاهر ضدهم:

سئل سماحة الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله – :

عن المنشورات الوافدة من لندن، ومضمون كلام السائلين أنهم سمعوا كلاماً لبعض العلماء لكن يريدون الفتيا التي تصدرونها أنتم حتى نكون على بينة من أمرنا.

فأجاب – رحمه الله - :

أما المنشورات التي تصدر من المسعري ومن معه في لندن للتشويش على هذه الدولة وهذه البلاد، قد صدر منا غير مرة الوصية بعدم نشرها، أو بإتلاف ما يوجد منها، وأنها تجر إلى الفتن والفرقة والاختلاف، فالواجب إتلاف ما يصدر وعدم تداوله بين المسلمين، والدعاء لولاة الأمور بالتوفيق والهداية والصلاح وأن الله يعينهم على كل خير وأن الله يسدد خطاهم، ويمنحهم البطانة الصالحة، في الصلاة وغيرها؛ يدعوا الإنسان ربه في سجوده، وفي آخر صلاته، وفي آخر الليل، للمسلمين ولولاة الأمر بالتوفيق والهداية وصلاح الأمر والبطانة، أما نشر العيوب فهذا من أسباب الفتن، ولما نشرت الخوارج العيوب في عهد عثمان قام الظلمه والجهلة على عثمان فقتل حتى قتل علي بسبب هذه المنشورات الخبيثة، ما بين كذب وبين صدق لا يوجب الخروج على ولاة الأمور، بل يوجب الدعاء لهم بالهداية والتوفيق، هذه الأشياء التي سلكها المسعري وأشباهه هي من جنس ما سلكه عبد الله بن سبأ وأشباهه في عهد عثمان وعلي حتى فرقت الأمة، وحتى وقعت الفتنة وقتل عثمان ظلماً، وقتل علي ظلما وقتل جمع كثير من الصحابة ظلماً. [ من شريط بعنوان : " حكم الحملات الإعلامية على بلاد الحرمين" ]



وسئل رحمه الله :

يرى البعض : أن حال الفساد وصل في الأمة لدرجة لا يمكن تغييره إلا بالقوة وتهييج الناس على الحكام ، وإبراز معايبهم؛ لينفروا عنهم ، وللأسف فإن هؤلاء لا يتورعون عن دعوة الناس لهذا المنهج والحث عليه ، ماذا يقول سماحتكم؟
فأجاب : هذا مذهب لا تقره الشريعة؛ لما فيه من مخالفة للنصوص الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف ، ولما فيه من الفساد العظيم والفوضى والإخلال بالأمن .

والواجب عند ظهور المنكرات إنكارها بالأسلوب الشرعي ، وبيان الأدلة الشرعية من غير عنف ، ولا إنكار باليد إلا لمن تخوله الدولة ذلك؛ حرصا على استتباب الأمن وعدم الفوضى ، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : { من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة } وقوله صلى الله عليه وسلم : { على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره في المنشط والمكره ما لم يؤمر بمعصية الله }

وقد بايع الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، والعسر واليسر ، وعلى ألا ينزعوا يدا من طاعة ، إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

والمشروع في مثل هذه الحال : مناصحة ولاة الأمور ، والتعاون معهم على البر والتقوى ، والدعاء لهم بالتوفيق والإعانة على الخير ، حتى يقل الشر ويكثر الخير .

نسأل الله أن يصلح جميع ولاة أمر المسلمين ، وأن يمنحهم البطانة الصالحة ، وأن يكثر أعوانهم في الخير ، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده ، إنه جواد كريم.

وقال الإمام إبن عثيمين – رحمه الله - :

(( بل العجب أنه وجه الطعن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، قيل له : (إعدل) وقيل له : (هذه قسمة ما أريد بها وجه الله)، قيل للرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الرسول: إنه ( يخرج من ضئضئ هذا الرجل من يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم)، (ضئضئ أي: نفسه)، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف ويكون بالقول والكلام، لأن هذا ما أخذ السيف على الرسول، لكنه أنكر عليه وما يوجد في بعض كتب أهل السنة من أن الخروج على الإمام هو الخروج بالسيف، فمرادهم من ذلك الخروج النهائي الأكبر، كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام : الزنى يكون بالعين، يكون بالأذن، يكون باليد، يكون بالرجل، لكن الزنا الأعظم الذي هو الزنا في الحقيقة هو: زنى الفرج ولهذا قال: والفرج يكذبه، فهذه العبارة من بعض العلماء هذا مرادهم، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال، أنه لا يمكن أن يكون خروجاً بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول، الناس لا يمكن أن يحملوا السيف على الإمام بدون شيء يثيرهم، فلا بد من أنه هناك شيء يثيرهم وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجاً حقيقةً دلت عليه السنة ودل عليه الواقع، أما السنة فعرفناها، وأما الواقع فإننا نعلم عليم اليقين: أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لن يخرجوا على الإمام بمجرد (يالله أمش) خذ السيف لا بد أن يكون هناك شوكة وتمهيد وقدح للإمة وسلب لمحاسنهم، ثم تتمليء القلوب غيضاً وحقداً وحينئذ يحصل البلاء )). [ من شريط بعنوان : " حكم الحملات الإعلامية على بلاد الحرمين" ]

وسئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله - :

هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط أم يدخل في ذلك الطعن فيهم وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم؟

ج: ذكرنا هذا لكم، قلنا الخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا أشد الخروج ويكون بالكلام، بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر، هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم، فالكلام خروج.



وقال العلاّمة الفوزان عن الخوارج:

وفي عصرنا ربما سمّوا من يرى السمعَ والطاعةَ لأولياء الأمور في غير ما معصية عميلاً، أو مداهنًا، أو مغفلاً‏.‏ فتراهم يقدحون في وَليَّ أمرهم، ويشِّهرون بعيوبه من فوق المنابر، وفي تجمعاتهم، والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ‏:‏ ‏(‏من أرادَ أن ينصحَ لسلطان بأمر؛ فلا يبدِ له علانيةً ولكن ليأخذْ بيدِه، فيخلوا به، فإن قَبِلَ منه فذَّاكَ، وإلا كان قد أدَّى الذي عليه‏)‏ رواه أحمد‏:‏ ‏(‏3/404‏)‏ من حديث عياض بن غنم - رضي الله عنه -، ورواه - أيضًا - ابن أبي عاصم في ‏"‏السنة‏"‏‏:‏ ‏(‏2/522‏)‏‏.‏

أو إذا رأى وليُّ الأمرِ إيقافَ أحدِهم عن الكلام في المجامع العامة؛ تجمعوا وساروا في مظاهرات، يظنونَ - جهلاً منهم - أنَّ إيقافَ أحدِهم أو سجنَهُ يسوغُ الخروج، أوَلَمْ يسمعوا قولَ النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه -، عند مسلم ‏(‏1855‏)‏‏:‏ ‏(‏لا‏.‏ ما أقاموا فيكم الصلاة‏)‏‏.‏

وفي حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في ‏"‏الصحيحين‏"‏‏:‏ ‏(‏إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم فيه من الله برهان‏)‏ وذلك عند سؤال الصحابة واستئذانهم له بقتال الأئمة الظالمين‏.‏

ألا يعلمُ هؤلاء كم لبثَ الإمامُ أحمدُ في السجنِ، وأينَ ماتَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية‏؟‏‏!‏‏.‏

ألم يسجن الإمام أحمد بضع سنين، ويجلد على القول بخلق القرآن، فلِمَ لَمْ يأمر الناس بالخروج على الخليفة‏؟‏‏!‏‏.‏

وألم يعلموا أن شيخ الإسلام مكث في السجن ما يربو على سنتين، ومات فيه، لِمَ لَمْ يأمرِ الناسَ بالخروجِ على الوالي - مع أنَّهم في الفضلِ والعلمِ غايةٌُ، فيكف بمن دونهم -‏؟‏‏؟‏‏!‏‏.‏
إنَّ هذه الأفكارَ والأعمالَ لم تأتِ إلينا إلا بعدما أصبحَ الشبابُ يأخذون علمَهم من المفكِّرِ المعاصرِ فلان، ومن الأديب الشاعرِ فلان، ومن الكاتبِ الإسلامي فلان، ويتركونَ أهل العلمِ، وكتبَ أسلافِهم خلفَهم ظهريًا؛ فلا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله‏.‏

"‏من محاضرة ألقاها الشيخ بمدينة الطائف يوم الاثنين الموافق 3/3/1415هـ في مسجد الملك فهد بالطائف‏. "‏

.................................

فائدة:

وقال عبد الله بن محمد الضعيف – أحد أئمة السلف - : " قَعَدُ الخوارج هم أخبث الخوارج " [رواه أبو داود في (( مسائل أحمد )) ص (271) بسند صحيح]

قال ابن حجر في وصف بعض أنواع الخوارج: " والقَعَدية الذين يُزَيِّنون الخروجَ على الأئمة ولا يباشِرون ذلك " [((هدي الساري)) ص (483) وانظر (( الإصابة )) عند ترجمة عمران بن حطّان]



3- تكفير من لم يحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً :

سئل الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله – متى يكفر الحاكم بغير ما أنزل الله؟

فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : إذا كان مستحلا له أو يرى أنه ماهو مناسب أو يرى الحكم بغيره أولى ، المقصود أنه محمول على المستحل أو الذي يرى بعد ذا أنه فوق الاستحلال يراه أحسن من حكم الله ، أما إذا كان حكم بغير ما أنزل الله لهواه يكون عاصيا مثل من زنا لهواه لا لاستحلال ، عق والديه للهوى ، قتل للهوى يكون عاصيا ، أما إذا قتل مستحلا ، عصى والديه مستحلا لعقوقهما ، زنا مستحلا : كفر ، وبهذا نخرج عن الخوارج ، نباين الخوارج يكون بيننا وبين الخوارج حينئذ متسع ولا ـ بتشديد اللام بمعنى أو ـ وقعنا فيما وقعت فيه الخوارج ، وهو الذي شبه على الخوارج هذا ، الاطلاقات هذه .

وسئل في نفس الشريط هل ترون أن هذه المسألة اجتهادية ؟

فقال الشيخ ابن باز : والله أنا هذا الذي اعتقده من النصوص يعني من كلام أهل العلم فيما يتعلق في الفرق بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة ، خصوصا الخوارج ، أن فعل المعصية ليس بكفر إلا إذا استحله أو دافع عن دونها بالقتال . [ شريط مناقشة التكفير ]



سئل الإمام محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:

عمن يكفر حكام المسلمين فقال: ( هؤلاء الذين يكفّرون؛ هؤلاء ورثة الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، والكافر من كفّره الله ورسوله، وللتكفير شروط؛ منها: العلم، ومنها: الإرادة؛ أن نعلم بأن هذا الحاكم خالف الحق و هو يعلمه، وأراد المخالفة، ولم يكن متأولاً ...). [ من شريط كشف اللثام عن أحمد سلام – دار بن رجب ]

فائدة:

قال الإمام الشاطبي في الاعتصام (2/736):

استشهاد الخوارج على كفر الحاكم بقوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة:44] وهذا الاستشهاد ليس وليد عصرنا، بل خوارج عصرنا رووه بالإسناد المتصل إلى شيوخهم الخوارج الأوّلين، الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه { تشابهت قلوبهم ...}

أخرج ابن وهب عن بُكير أنه سأل نافعاً: كيف راي ابن عمر في الحرورية (أي: الخوارج) ؟

قال: ( يراهم شرار خلق الله، إنهم انطلقوا إلى آيات أُنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين)

فسُّر سعيد بن جبير من ذلك، فقال: ( مما يتّبع الحرورية من المتشابه قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ ويقرنون معها: ﴿ ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ﴾ فإذا رأو الإمام يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر، ومن كفر عدل بربه؛ ومن عدل بربه فقد أشرك، فهذه الأمة مشركون. فيخرجون – أي:الحرورية – فيقتلون ما رأيت، لأنهم يتأولون هذه الآية ).



4- تكفير الحاكم بحجة أنه عطّل الجهاد :

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله - :

هناك من يقول: إن ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفر بالله، فما هو رأيكم في كلامه؟

ج: هذا كلام جاهل، يدل على أنه ما عنده بصيرة ولا علم وأنه يكفر الناس، وهذا رأي الخوارج والمعتزلة، نسأل الله العافية، لكن مانسيء الظن بهم نقول هؤلاء جهال يجب عليهم أن يتعلموا قبل أن يتكلموا أما إن كان عندهم علم ويقولون بهذا القول، فهذا رأي الخوارج وأهل الضلال.

[الجهاد وضوابطه الشرعية للعلامة الفوازان ص 49]

5- التفجير:

قال الإمام ابن عثيمين في حادث تفجير الخبر:

(( لا شك أن هذا العمل لا يرضاه أحد، كل عاقل، فضلا عن المؤمن، لأنه خلاف الكتاب والسنة، ولأن فيه إساءة للإسلام في الداخل والخارج.. ولهذا تعتبر هذه جريمة من أبشع الجرائم، ولكن بحول الله إنه لا يفلح الظالمون، سوف يعثر عليهم إن شاء الله، ويأخذون جزاءهم، ولكن الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث، منهج الخوارج الذي استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين )) ·

[الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية للشيخ فهد الحصين]



6- تجويز قتل رجال الأمن:

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله - :

انتشر بين الكثير من الشباب منشورات تفيد جواز قتل رجال الأمن وخاصة "المباحث" وهي عبارة عن فتوى منسوبة لأحد طلاب العلم وأنهم في حكم المرتدين، فنرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي في ذلك والأثر المترتب على هذا الفعل الخطير؟

ج: هذا مذهب الخوارج، فالخوارج قتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر وعمر وعثمان، فالذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا يقتل رجال الأمن؟؟ هذا هو مذهب الخوارج، والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم نسأل الله العافية.
[الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية للشيخ فهد الحصين]



7- من أقوالهم: أن الإمام من يجتمع عليه جميع المسلمين في أنحاء المعمورة من الشرق إلى الغرب :

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله - :

هل هذا القول صحيح ان الإمام من يجتمع عليه جميع المسلمين في أنحاء المعمورة من الشرق إلى الغرب؟

ج: هذا كلام الخوارج، الإمام من بايعه أهل الحل والعقد من المسلمين، ويلزم الباقين طاعته. وليس بلازم أنه يبايعه كلهم من المشرق والمغرب، رجالاً ونساء، هذا ليس منهج الإسلام في عقد الإمامة.

وبـعـد:

هل يوجد خوارج في هذا الزمان ؟!!

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله -: هل يوجد في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج؟

فقال الشيخ:

يا سبحان الله، وهذا الموجود أليس هو فعل الخوارج، وهو تكفير المسلمين، وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم، هذا مذهب الخوارج.
وهو يتكون من ثلاثة أشياء:

أولاً: تكفير المسلمين.

ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر.

ثالثاً: استباحة دماء المسلمين.

هذه من مذهب الخوارج، حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً، صار خارجياً، في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه.

[ كتاب : "الفتاوى الشرعية في القضايا العصري" لفهد الحصين ]
 
اللهم أرنا الحق حقا و أرزقنا اتباعه و ارنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه

السلفيه هم الاصل يا أختي ولا علاقة للارهاب بالسلفية ولا علاقة لهم بديننا الحنيف

لاحول ولا قوة الا بالله
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom