ثوابت المجتمع الجزائــري !
إن نشأة المجتمع الجزائري الحديث تبدأ بأول رصاصة لتحريره في أول نوفمبر 1954 ، وجاء بيان أول نوفمبر من أجل تحديد المعالم الأساسية والمستقبلية لهذا المجتمع. ومن خلال ذلك البيان يمكن لنا تحديد الثوابت الأساسية للمجتمع الجزائري وتتمثل فيما يلي :
1 – الاستقلال الكامل للمجتمع الجزائري : ويعني استقلال الوطن بأبعاده ( البرية ، البحرية والجوية) من أي تدخل خارجي مباشر أو استغلال لخيراته لمصالح خارجية أو داخلية على حساب المصالح العامة للشعب. وكذلك استقلال الشعب من كل مظاهر الظلم بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معاني أي القضاء على (التهميش، الإقصاء ، الاستغلال.... ). ويتجسد الاستقلال الكامل بتحقـيق :
( الاستقلال الفكري ، الاستقلال الاجتماعي، الاستقلال الاقتصادي والاستقلال السياسي)
2 – الوحدة الكاملة للمجتمع : وتعني وحدة الوطن أي تجسيد وحدة الإقليم بالقضاء على جميع المفاهيم الديكتاتورية ( التي تزرع التقسيم وعلى رأسها الجهوية والتميز بين المناطق من حيث التطور الحضاري). كذلك ضرورة تجسيد وحدة الشعب بالقضاء على كل مظاهر التقسيم مثل( البيروقراطية ،المحسوبية، الجهوية، الطبقية، الإقصاء، التهميش، العنصرية.... )وكل المظاهر المستمدة من الفكر الديكتاتوري والتي تمزق وحدة الشعب وترابطه.
3 – النظام الديمقراطي للمجتمع : ويعني ضرورة تجسيد الديمقراطية الشاملة في تنظيم وتسيير شؤون المجتمع ضمن المجالات الحيوية 4 الأربع للمجتمع (الفكرية، الاجتماعية،الاقتصادية والسياسية) والمقصود بالديمقراطية الشاملة هـو:
* تجسيد العدالة في الحقوق.
* تجسيد العدالة في الواجبات.
* تجسيد العدالة في الإمكانات الضرورية التنظيمية والعملية للوصل السريع لتجسيد الحقوق وكذلك للالتزام بالواجبات .
4 - الإسلام دين المجتمع ومرجع فكري وأخلاقي للنظام العام : أي ضرورة الالتزام بالقيم الفكرية والأخلاقية للدين الإسلامي في تنظيم وتسيير شؤون المجتمع.
5 – اللغــة الرسمية للمجتمع: تعتبر اللغة في حد ذاتها متغير حتى بالنسبة للفرد الواحد ، حيث يمكن للفرد أحيانا استعمال أكثر من ثلاث لغات، لكن للضرورة تلجا أغلبية المجتمعات إلى تثبيت لغة واحدة للعلاقات العامة داخل المجتمع تدعى اللغة الرسمية وذلك وفق تعريف ثابت لها يتمثل فيما يلي : اللغة الرسمية: هي اللغة التي لها ارتباطات فكرية وتاريخية بالشعب وتعتبر في نفس الوقت لغة وطنية أي أن الأغلبية المطلقة من الشعب تجيد استعمالها كتابتا ونطقا ، ومن هنا فقط نستنتج أن اللغة الرسمية للمجتمع الجزائري هي اللغة العربية لأنها لغة الدين الإسلامي دين المجتمع وهي الوحيدة التي يمكن اعتبارها لغة وطنية بناءا لتعريف اللغة الوطنية.
وبهذا يمكن لكل مواطن إدراك ثوابت المجتمع الجزائري والتي من المفترض أن يقوم وفقها الدستور بغرض تجسيدها ميدانيا والحفاظ عليها كمكتسبات للشعب الجزائري ... والتي ضرب بها الحزب الواحد بعد 1962عرض الحائط ليصنع لنفسه دستورا على مقاسه مستمدا من النظام الفرنسي قصد خدمة مصالحه الديكتاتورية الضيقة على حساب مصالح الشعب العليا.ويستولي على مكتسبات الشعب التي حققها بكفاح مرير.... و إلا كيف نفسر وجود منظمة المجاهدين؟؟ ومنظمة أبنائهم وربما غدا أحفادهم... والتاريخ يثبت بالأرقام أن شهداء الثورة يفوق المليون ونصف المليون، في حين أن عدد السكان أنداك أي في 1962 لا يتجاوز 13 مليون نسمة وبحسابات بسيطة نجد أنه من كل 10 أفراد أستشهد فرد على الأقل ، وذلك هو معدل عدد أفراد الأسرة الجزائرية أنداك... أي من كل أسرة أستشهد فرد على الأقل... فكيف تتبنى أقلية الثورة والجهاد وهو مكسب شعبي عام.... وإذا كان لابد من التمييز فالنقل الشعب الجزائري المجاهد وفئة الحركة الخونة..... لكن هذه المنظمة أسسها الخونة الدين يعيشون على دماء الشهداء الأبرار... ليستمروا في سلب الشعب حقوقه المشروعة... وأن الفئة النادرة من المجاهدين الحقيقيين اللذين لم يكتب لهم الاستشهاد كهدف لنضالهم.... هم الآن على هامش الحياة مع عامة الشعب.
وللتوضيح التاريخي للشعب: فالثورة قامت وفق ثلاث جبهات :
* الجبهة السياسية : متمثلة في جبهة التحرير الوطني ودورها التمثيل السياسي للثورة.
* الجبهة العسكرية : متمثلة في جيش التحرير الوطني ودوره الكفاح المسلح.
* الجبهة الشعبية : من خلال التلاحم الشعبي وراء الجبهتين السياسية والعسكرية من خلال الدعم والمظاهرات.
لكن في 1962 جاء مفهوم الحزب الواحد (حزب التخريب الوطني) على أنقاض الجبهات الثلاث ليستولى على ما حققته الجبهات الثلاث ، وينصب ذاته سيدا على الشعب .... كسلطة بصلاحيات غير محدودة... معتبرا الشعب (غـــاشي) ... أو جمهور لا يصلح فقط إلا للتصفيق والتهليل لما يخدم مصالح هذا الحزب الديكتاتوري وليس له أي دور في تقرير مستقبله.
وقد جاء التصحيح الثوري بقيادة هواري بومدين... من أجل بعث استمرارية للثورة ، لأنه تبين أن الاستقلال لم يتجسد في 1962 .... بل تحقق خروج الاستعمار فقط ، وكان ينبغي استمرار الثورة لتجسيد الاستقلال بأبعاده الشاملة والمتمثلة في :
- تجسيد الاستقلال الفكري : بتحقيق النهوض الفكري والعلمي داخل المجتمع وتطهير المجتمع من المفاهيم الخاطئة التي زرعها الاستعمار وأعوانه.
- تجسيد الاستقلال الاجتماعي: بتحقيق مفهوم المواطنة الحقيقية لأفراد الشعب وأهما : التعليم والتكوين ، الصحة والعلاج ،العمل وتوفير السكن اللائق بالحياة المستقلة.
- تجسيد الاستقلال الاقتصادي : باسترجاع خيرات الشعب من خلال التأميمات والتحكم في تسير خيرات الشعب بما يخدم مصالحه العليا.
- تجسيد الاستقلال السياسي : بتجسيد الاستقلالية السياسية في اتخاذ القرارات بعيدا عن أي تدخل خارجي أو استغلال داخلي....
لكن كون الجهاز التنفيذي والتشريعي للدولة أنداك يسيطر عليه الحزب الواحد... عمد هذا الأخير إلى عرقلة تلك المسيرة التحررية .... والتي اختتمت بالقضاء الجسدي على الراحل الشهيد هواري بومدين... لتبدأ مسيرة جديدة في تحطيم مكتسبات الشعب وثوابته، فقسم الشعب إلى أشلاء متناحرة حتى وصل التقسيم إلى الأسرة ، فتقاتلا الأشقاء وفق مفاهيم خاطئة... وتواصل فرض إذلال الشعب إلى اليوم.... منها نظرية عقود ما قبل التشغيل لإذلال الإطارات...... وأخرها قفة رمضان... وعلى رأي الحكمة الشعبية..# من اللحـيـثو بخر لوا #.