الديكتاتورية الفكرية

CYRINE

:: عضو مُشارك ::
يهاجم كثير من الكتاب والمثقفين وأهل الفكر من مختلف الاتجاهات ما تعانيه بعض بلاد العرب والمسلمين من الاستبداد والتسلط الذي تمارسه حكوماتها، حيث تتخذ قراراتها دون اكتراث بآراء وتطلعات عامة الشعب الذين تؤثر فيهم هذه القرارات.

في واقع الأمر فإن هذا النوع من التسلط والاستبداد، ولنسمه الديكتاتورية الإدارية، ليس قاصراً على الحكومات، فعالمنا العربي والإسلامي يعاني من التسلط والاستبداد الإداري في مناحٍ شتى وعلى مختلف المستويات، فقد تمارس الأم هذا التسلط على أولادها، وقد يمارسه الأب على أسرته، وقد يمارسه المدير على مرؤوسيه، والمسؤول على من هم تحت ولايته، ناهيك عما تمارسه بعض الأنظمة والحكومات على مواطنيها.

ولئن كان هذا النوع الخطير من الاستبداد مرفوضاً، فإن هناك نوعاً آخر من الاستبداد والديكتاتورية لا يقل خطورة عنه، إنه نوع يتمثل في فرض بعض أهل الفكر والثقافة والإعلام وصايتهم على عقول الناس وأفكارهم، وذلك بمحاولة فرض آرائهم وقناعاتهم على الجمهور، ومقابلة كل من يخالفهم بالسخرية والتنقص والتسفيه، ولنا أن نسمي هذا النوع بالديكتاتورية الفكرية.

إن الديكتاتورية الفكرية أصل أصيل للديكتاتورية الإدارية، فإن المسؤول أو الحاكم الذي يتخذ قراراته دون رجوع إلى من هم تحت ولايته، لا يفعل ذلك إلا لأنه يرى آراءهم لا قيمة لها وأنه أوتي من الحكمة ما لم يؤت غيره، ولسان حاله يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى} [سورة غافر: 29].

إن خطورة الديكتاتورية الفكرية تظهر في كونها تؤثر على أفكار وعقول من تمارس عليهم، مما يترك آثاراً كبيرة على حاضرهم ومستقبلهم حيث تصبح نظرتهم للأمور أحادية قاصرة، بينما الديكتاتورية الإدارية تكون مؤقتة تزول بزوال سلطة الأب أو المسؤول أو الحاكم ولا يكون لها غالباً سلطان على عقول الناس.

من المفارقات العجيبة أن بعض الدعاة والمربين ممن ينتقدون ويهاجمون الديكتاتورية الإدارية يمارسون في بيوتهم أو دعوتهم نوعاً من أنواع الديكتاتورية الفكرية حيث لا مجال للرأي الآخر، وحيث النقاش والحوار ممنوع.

وأعجب من ذلك أن نرى بعض الكتاب وأصحاب القلم الذين هم من أشد المهاجمين للديكتاتورية الإدارية، والمتحمسين في الوقت نفسه للديمقراطية الغربية، والداعين لها بوصفها تمثل حكم الأغلبية الذي مهما يكن به من عيوب فهو أفضل من تسلط فرد أو فئة، نراهم يكتبون كتابات أحادية تصادم المزاج العام للأغلبية في بلادنا وتعاكس قيمها، فتأتيهم الرسائل من المشايخ وأهل العلم وطلبته وعامة الناس في الرد عليهم وتفنيد ما في كلامهم، فيسفهونها ويسفهون أصحابها ويصفوهم بقلة العلم والفهم، وهذه صورة كريهة من صور الديكتاتورية الفكرية.

لئن كان التصدي للطغيان والاستبداد الإداري مطلوباً، فإن التخلص من الاستبداد الفكري مطلوب كذلك، ولا ينبغي لمن يحترم قلمه ويحترم قراءه أن يهاجم نوعاً من الاستبداد بينما هو واقع في آخر، ولمثل هذا نقول ما قاله المتوكل الليثي:

يـا أَيُّـها الرَجُـلُ المُعَـلِّمُ غَـيرَهُ
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا
وَتَـراكَ تُصـلِحُ بالرشـادِ عُقولَنا
فابـدأ بِنَفسِـكَ فانهَـها عَن غَيِّها
فَهُنـاكَ يُقبـَلُ ما تَقـولُ وَيُهتَدي
لا تَنـهَ عَـن خُلُـقٍ وَتـأتيَ مِثلَهُ

*****

هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ
فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ


 
ان الديكتاتورية الفكرية ابشع انواع الاضطهاد والاستبداد الذى يمارس على البشر لانه نوع من السجن الذاتى بعدها يشمل المجتمع باسره ....
والديكتاتور يكون مستعدا لان يفعل اى شيء لممارسة هدا النوع من الاستبداد لانه مكبل للافواه والعقول وجعل مجمل الشرائح سجن جماعى ....
والامة التى ماتت عقول مفكريها ما هى الاجثة هامدة لن تتقدم ابدا او ليس هذا الهدف من الاستبداد العربي الان ؟؟؟؟؟.......
كان في القدم الاستبداد هو مقرون بالجسد والبطن والخبز اما بتحضر الانسان تحول الى استبداد ودكتاتورية فكرية .....فما فائدة العضلة والعقل غائب ؟؟؟؟؟
 
نعم انها الديكتاتورية الفكرية
حيث على كل مواطن ان يعطّل عقله و حواسه .
فيكون الحزب الحاكم هو سمعه الذي يسمع به و عينه التي يرى بها و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها و فوق كل هذا عقله الذي يفكر به
من اطاع الحزب وطني و من خالفه خائن .

المشكل اننا اصبحنا نعيش اليوم ديكتاتورية تلقائية automatique فحتى في زمن تعدد الاحزاب و زمن الانتخابات و العهد ... لازلنا نعيش في ديكتاتورية بداخلنا
فالمواطن مهيئ تلقائيا لعوامل الديكتاتورية منذ ولادته و اكبر ما اخشاه ان يكون الامر قد تحول الى وراثة و مشاكل جينية :biggrin:
هذا طبعا من شدّة دهاء حكامنا اليوم .

تحـــــــــــــياتـــــــــــــي

 
يكون الامر قد تحول الى وراثة و مشاكل جينية
هدا ما اخشاه ان ايضا شكرا لك اخي
 
ليس وراثة بل قضية تعود وتعدد وجوه الجلادين فكل عصر بوجه جديد غير انه نفس هو ................
 
بسم الله
الدكتاتورية و ان ارتبطت ظاهريا بالوجه السياسي فان في الاصل الدكتاتورية لا تكاد تغيب على الواقع العربي في عمومه لدرجة ان غيابها في مواقع ما قد يؤدى الى حضور السؤال
و الدكتاتورية تستطيع معايشتها و بكل بساطة في كل مناحي الحياة اليومية و بكل بساطة فهي مجسمة تماما في البيت و مع الجار و في المدرسة و الادارة و السوق و حتى الانترنيت للاسف
في الحافلة و انت متجه الى مكان عملك تظطر لمهادنة الفابض في الحافلة لانه بكل بساطة قد يقول لك 'هبط و خوذ طاكسي' و انت في الادارة يقول لك روج جيب نسخة من شهادة الميلاد راهو مابقاوناش و في البيت يقول لك الصبي 'نح النشرة و اعمل طوم و جيري' و هكذا
فحتى اذا اخترت النت باعتباره يجسد الحرية تجد موضوعك محذوف و عليه عبارة موضوع تافه و هكذا الدكتاتورية عندنا معشر العرب ثقافة ممكن تصديرها
 
السلام عليكم ورحمة الله

الدكتاتورية الفكرية اقل ما يقال عنها انها قضية الساعة المخفية

يعني الكل مقيد و الكل يقاد و من اذنيه

الطاعة ..... من المقومات السياسية

نعم الطاعة ونعم الشعب ...... الله يبارك

طبعا

القانون فوق الجميع
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom