وقالها نزار ............طعنوا العروبة بخنجر في الظلام

عتاب

:: عضو متألق ::
أوفياء اللمة
ومن غرائب الصدف أن نزار قباني أبى إلا أن يودع العالم في آخر دواوينه الشعرية بقصيدة تحمل كل معان الرفض والتمرد والثورة و القوة والحماسة التي ميزت حياته وطبعتها حتى رحيله وهي قصيدة (طَعَنُوا العُرُوبةَ في الظلام بخنجرٍ) التي يرثي فيها العالم العربي وما آل له من ضعف وخزي وإذلال وكأنه كان يستشرف ما سيؤول إليه حال العرب.

"طَعَنُوا العُرُوبةَ في الظلام بخنجرٍ":

لا تَسأليني،
يا صديقةُ، مَنْ أنا؟
ما عُدْتُ أعرفُ…
- حينَ اكتُبُ -
ما أُريدُ…
رَحلتْ عباءَاتٌ غزَلتُ خُيُوطَها…
وتَمَلمَلَت منّي
العُيُون السُودُ…
لا الياسمينُ تجيئُني أخبارُهُ…
أمَّا البَريدُ…
فليسَ ثَمَّ بَريدُ…
لم يَبقَ في نَجدٍ… مكانٌ للهوى
أو في الرَصَافَةِ…
طائرٌ غِرِّيدُ…

العَالَمُ العربيُّ…
ضَيَّعَ شعرَهُ… وشُعُورهُ…
والكاتبُ العربيُّ…
بينَ حُرُوفِهِ… مَفْقُودُ!!
- 3 -
الشعرُ، في هذا الزمانِ…
فَضِيحةٌ…
والحُبُّ، في هذا الزمانِ…
شَهيدُ…

ما زالّ للشِعر القديمِ
نضارةٌ…
أما الجديدُ…
فما هناكَ جديدُ!!
لُغةٌ… بلا لُغةٍ…
وجوقُ ضفادعٍ…
وزوابعُ ورقيّةٌ
ورُعُودُ
هم يذبحونَ الشِعرَ…
مثل دجاجةٍ…
ويُزّورونَ…
وما هناكَ شهودُ!!

رحلَ المُغنون الكِبارُ
بشعرِنا…
نفي الفرزدقُ من عشيرتهِ
وفرَّ لبيدُ!!

هل أصبحَ المنفى
بديلَ بيُوتنا؟
وهل الحمامُ، مع الرحيلِ…
سعيدُ؟؟

الشعرُ… في المنفى الجميلِ…
تحرّرٌ…
والشِعرُ في الوطنِ الأصيلِ…
قيودُ!!…

هل لندنٌ…
للشعرِ، آخرُ خيمةٍ؟
هل ليلُ باريسٍ…
ومدريدٍ…
وبرلينٍ…
ولُوزانٍ…
يبدّدُ وحشتي؟
فتفيضُ من جسدي
الجداولُ…
والقصائدُ…
والورودُ؟؟…

لا تسأليني…
يا صديقةُ: أين تبتدئ الدموعُ…
وأين يبتدئ النشيدُ؟
أنا مركبٌ سكرانُ…
يُقلعُ دونَ أشرعةٍ
ويُبحرُ دون بُوصلةٍ…
ويدخُلُ في بحار الله مُنتحراً…
ويجهلُ ما أرادَ… وما يريدُ…

لا تسأليني عن مخازي أُمتي
ما عدتُ أعرفُ - حين أغضبُ -
ما أُريدُ…
وإذا السيوفَ تكسرت أنصالُها
فشجاعةُ الكلماتِ… ليس تُفيدُ…

لا تسأليني…
من هو المأمونُ… والمنصورُ؟
أو من كان مروانٌ؟
ومن كانَ الرشيدُ؟
لا تسأليني…
أيامَ كان السيفُ مرفوعاً…
وكان الرأسُ مرفوعاً…
وصوتُ الله مسموعاً…
وكانت تملأ الدنيا…
الكتائبُ… والبنودُ…
واليومَ، تختـــجلُ العروبة من عروبتنا…
وتختجلُ الرجولةُ من رجولتنا…
ويختجلُ التهافتُ من تهافتنا…
ويلعننا هشامٌ… والوليدُ!

لا تسأليني…
مرةً أخرى… عن التاريخ…
فهو إشاعةُ عربيةٌ…
وقصاصةٌ صحفيةٌ…
وروايةٌ عبثية…
لا تسألي، إن السّؤَالَ مذلةٌ…
وكذا الجوابُ مذلةٌ…
نحنُ انقرضنا…
مثل أسماكِ بلا رأسٍ…
وما انقرضَ اليهودُ!!

أنا من بلادٍ…
كالطحينِ تناثرَت…
مِزَقاً…
فلا ربٌّ… ولا توحيدُ…
تغزو القبائلُ بعضها بشهيةٍ
كبرى…
وتفترسُ الحُدودَ… حدودُ!!

أنا من بلادٍ…
نكّست راياتها…
فكتابُها التوراةُ… والتلمودُ…
-
هل في أقاليم العروبةٍ كُلّها…
رجلٌ سَوِيُّ العقلِ…
يجرؤ أن يقول: أنا سعيدُ؟؟…

لا تسأليني من أنا؟
أنا ذلك الهِندي…
قد سرقوا مزارعهُ…
وقد سرقوا ثقافته…
وقد سرقوا حضارتهُ…
فلا بقيت عظامٌ منهُ…
أو بقِيت جُلودُ!!…

أنيابُ أمريكا
تغوصُ بلحمِنا…
والحِسُّ في أعماقنا مفقودُ…

نتقبلُ (الفيتو)…
ونلثمُ كفَّها…
ومتى يثورُ على السياطِ عبيدُ؟؟

والآن جاؤوا من وراء البحرِ…
حتى يشربُوا بترولنا…
ويبدّدوا أموالنا…
ويُلوّثوا أفكارنا…
ويُصدِّروا عُهراً إلى أولادنا…
وكأننا عربٌ هنودُ!!

لا تسأليني. فالسؤالُ إهانةٌ.
نيران إسرائيل تحرقُ أهلنا…
وبلادنا… وتُراثنا الباقي…
ونحنُ جليدُ!!

لا تسأليني، يا صديقةُ، ما أرى.
فالليلُ أعمى…
والصباحُ بعيدُ…
طعنوا العروبةَ في الظلام بخنجرٍ
فإذا هُمُ… بين اليهودِ يهودُ!!
(لندن 1 نيسان (ابريل) 97)
 
تسلم ايديكي
غاليتي
على الابيات الرائعة التي نقلتيهالنا
للشاعر الكبير نزار قباني

واسمحيلي ان اضيف هذه الابيات له ايضاً



أنا منذ خمسينَ عاما،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ، ولايمُطرونْ...
وهم يدخلون الحروب، ولايخرجونْ...
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
ولا يهضمونْ...

أنا منذ خمسينَ عاما
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ...
وليس لديهم بَنونْ...
وليس هنالك حُزْنٌ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!

أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...
رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...
فقتلى على شاشة التلفزهْ...
وجرحى على شاشة التلفزهْ...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ...
أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟

أنا...بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...
رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...
ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...


 

كنا نقرأ عن تاريخنا فنصاب بالغرور والفخر والاعتزاز وتنتابنا أوقات لانستطيع فيها أن نعود بأقدامنا إلى الأرض لشدة ماارتفعنا وسمونا بمشاعرنا وأحاسيسنا فوق هامات العُلا والمجد واليوم نقرا عن واقعنا فترتجف أيادينا ولانستطيع أن نقوى على الحراك لأننا نحيا وسط التخاذل والخوف لذلك أرجو ممن سيدخل إلى صفحات تاريخنا العربي الآ...ن أن يحترس وهو يُقلّبها من خطورة ماسيصاب به من أمراض ستقتل عنده النخوة وستدمر الكبرياء والشهامة
 
والصباحُ بعيدُ…
طعنوا العروبةَ في الظلام بخنجرٍ
فإذا هُمُ… بين اليهودِ يهودُ!!

بارك الله فيك على نقل هذه الأبيات المعبر عن حالنا اليوم
 
أنيابُ أمريكا
تغوصُ بلحمِنا…

والحِسُّ في أعماقنا مفقودُ…

نتقبلُ (الفيتو)…
ونلثمُ كفَّها…
ومتى يثورُ على السياطِ عبيدُ؟؟

والآن جاؤوا من وراء البحرِ…
حتى يشربُوا بترولنا…
ويبدّدوا أموالنا…
ويُلوّثوا أفكارنا…
ويُصدِّروا عُهراً إلى أولادنا…
وكأننا عربٌ هنودُ!!

لا تسأليني. فالسؤالُ إهانةٌ.
نيران إسرائيل تحرقُ أهلنا…
وبلادنا… وتُراثنا الباقي…
ونحنُ جليدُ!!

رائع ما نقلتي أختي الكريمة**

 
الشعرُ، في هذا الزمانِ…
فَضِيحةٌ…
والحُبُّ، في هذا الزمانِ…
شَهيدُ…

ماشاء الله نقل رائع وجبتيه في وقت الي لازم يعرف فيه العرب

مكانتهم الحقيقية تقبلي مروري وسلامي
 
كم عشقت نزار حين كتب في الحب والمراة واليوم اعشقه اكثر حينما كتب في العروبة المفقودة ....
لا تَسأليني،
يا صديقةُ، مَنْ أنا؟

ما عُدْتُ أعرفُ…
- حينَ اكتُبُ -
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom