التفاعل
0
الجوائز
166
- تاريخ التسجيل
- 21 سبتمبر 2009
- المشاركات
- 1,295
- آخر نشاط

وزراء في أبراج
لم يقل وزير في الحكومة الجزائرية كلاما أصدق من كلام الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية المكلف بالجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، عندما اتهم زملاءه في الحكومة بالعيش في أبراج عالية لا يصلها صوت الشعب ولا صوت المسؤولين المحليين، ثم يقترحون مشاريع لا يمكن إنجازها.
الوزير ولد قابلية انتفض في وجه زميله وزير النقل عمار تو الذي يريد أن ينجز مشاريع ترامواي في ولايات لا تملك حتى طرقا معبدة لسير السيارات ولا أرصفة للراجلين. وأصدق مثال قدمه ولد قابلية هو ولاية الجلفة التي ما تزال تعاني من مشكل قيادة السيارة بالقشابية مع مصالح الأمن، فإذا بعمار تو يريد أن ينجز فيها ترامواي، فيحل المشكل من أساسه، لأن الجلفاويين لن يحتاجوا إلى قيادة سياراتهم.
عمار تو لم يفعل في الحقيقة سوى الاقتداء بزملائه الآخرين الذين اقترحوا مشاريع مشابهة بلا دراسة ولا بعد نظر؛ برئيس الجمهورية ومشروع 100 محل في كل بلدية، وكأن كل البلديات لها نفس الحاجيات. فإذا كانت بعض البلديات تحتاج لمائتي محل فهناك بلديات أخرى لا تجد بضعة المحلات الصغيرة المنتشرة فيها زبائن فيبيع أصحابها ما يبيعون ''بالكريدي''.
ونفس الملاحظة تنطبق على مشروع إذاعة في كل ولاية الذي يريد كاتب الدولة للاتصال أن يجسده، وكأن كل الولايات تحتاج إلى إذاعات مهما كان عدد سكانها ومهما كانت أولوياتها، بينما المنطق يفرض أن توضع معايير علمية ودراسات جدوى قبل برمجة مشاريع مكلفة وفي بعض الأحيان غير مفيدة.
ثم لماذا تحمّل الحكومة نفسها عناء إنجاز الإذاعات بدل أن تعمل على فتح هذا المجال أمام الخواص كما فعلت موريتانيا التي سبقتنا إلى تحرير القطاع السمعي بصري من احتكار الدولة، إذ سيصبح بإمكان الجزائريين مشاهدة فضائيات موريتانية خاصة بينما لا توجد فضائيات جزائرية ولا حتى إذاعات محلية خاصة. وبقدر ما يحزننا هذا الأمر إلا أنه يفرحنا لأننا سنجد فضائية صديقة نلجأ إليها للرد على من يسبّ شهداء الجزائر.
لعل الحكومة المسكينة تريد أن تكون عادلة في كل شيء، فقررت أن تعطي كل الولايات نفس المشاريع، لكن هذا العدل ليس في الحقيقة إلا ظلما. ففي الوقت الذي يقطع البطالون الطرقات للمطالبة بالعمل تقترح عليهم الحكومة إذاعة محلية تكلف الملايير وتشغـّل عشرة أشخاص. وعندما يطالب سكان القصدير بالسكن تقترح عليهم الحكومة محلات لا أحد يريدها.
العدل هو أن تعطي كل ذي حق حقه لا أكثـر ولا أقل، وعندما ينزل الوزراء من أبراجهم سيمكنهم تطبيقه.