بيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخ

عبد الجبار الجزائري

:: عضو مُشارك ::
إنضم
16 جوان 2010
المشاركات
298
نقاط التفاعل
0
النقاط
7
بيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخريب للمنشآت

بيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخريب للمنشآت

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول اللّه ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهُداه ، أما بعد: فقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة بالطائف ابتداءً من تاريخ 2/4/ 1419 ه ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها من التكفير والتفجير ، وما ينشأ عنه من سفك الدماء ، وتخريب المنشات ، ونظرا إلى خطورة هذا الأمر ، وما يترتب عليه من إزهاق أرواح بريئة ، وإتلاف أموال معصومة ، وإخافة للناس ، وزعزعة لأمنهم واستقرارهم ، فقد رأى المجلس إصدار بيان يوضِّح فيه حكم ذلك نُصحاً لله ولعباده ، وإبراءً للذمة وإزالة للَّبس في المفاهيم لدى مَن اشتبه عليهم الأمر في ذلك ، فنقول وباللّه التوفيق :

أولا :
التكفير حكم شرعي ، مردّه إلى الله ورسوله ، فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى اللّه ورسوله ، فكذلك التكفير ، وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل ، يكون كفراً أكبر مخرجاً عن الملَّة.

ولما كان مَرَدّ حكم التكفير إلى اللّه ورسوله ؛ لم يَجُز أن نكفر إلا مَن دَل الكتاب والسُّنَّة على كفْرِه دلالة واضحة ، فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن ، لِمَا يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة ، وإذا كانت الحدود تدْرَأ بالشبهات ، مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير ، فالتكفير أولى أن يُدْرَأ بالشبهات ؛ ولذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر ، فقال:
H1.GIF
أيُّما امرئ قال لأخيه: يا كافر ، فقد باء بها أحدهما ، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه
H2.GIF
وقد يَرِد في الكتاب والسُّنَّة ما يُفْهَم منه أن هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كُفْر ، ولا يكفَّر مَن اتصف به ، لوجود مانع يمنع من كفره.

وهذا الحكم
كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها ، وانتفاء موانعها كما في الإرث ، سببه القرابة- مثلا- وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين ، وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به.

وقد ينطق المسلم بكلمة بالكفر لغلبة فرح غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد ، كما في قصة الذي قال:
H1.GIF
اللهم أنت عبدي وأنا ربك
H2.GIF
أخطأ من شدة الفرح.

والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استحلال الدم والمال ، ومنع التوارث ، وفسخ النكاح ، وغيره مما يترتب على الرِّدَّة ، فكيف يسوغ للمؤمن أن يُقْدِم عليه لأدنى شبهة.
وإذا كان هذا في وُلاة الأمور كان أشد ، لما يترتب عليه من التمرُّد عليهم وحمل السلاح عليهم ، وإشاعة الفوضى ، وسفك الدماء ، وفساد العباد والبلاد ، ولهذا مَنَعَ النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم مِن منابذتهم ، فقال:
H1.GIF
إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من اللّه برهان
H2.GIF
فأفاد قوله:
H1.GIF
إلا أن تروا
H2.GIF
أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة. وأفاد قوله :
H1.GIF
كفراً
H2.GIF
أنه لا يكفي الفسوق ولو كَبُرَ ، كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار ، والاستئثار المحرم. وأفاد قوله:
H1.GIF
بواحا
H2.GIF
أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر ، وأفاد قوله:
H1.GIF
عندكم فيه من اللّه برهان
H2.GIF
أنه لا بد من دليل صريح ، بحيث يكون صحيح الثبوت ، صريح الدلالة ، فلا يكفي الدليل ضعيف السند ، ولا غامض الدلالة. وأفاد قوله:
H1.GIF
من اللّه
H2.GIF
أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب اللّه أو سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم . وهذه القيود تدل على خطورة الأمر.


ثانيا:
ما نَجَمَ عن هذا الاعتقاد الخاطئ من استباحة الدماء وانتهاك الأعراض ، وسلب الأموال الخاصة والعامة, وتفجير المساكن والمركبات ، وتخريب المنشآت ، فهذه الأعمال وأمثالها محرَّمة شرعاً بإجماع المسلمين ؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة ، وهتك لحرمة الأموال ، وهتك لحرمات الأمن والاستقرار ، وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم ، وغدوهم ورواحهم ، وهتك للمصالح العامة التي لا غِنى للناس في حياتهم عنها.

وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم ، وحرَّم انتهاكها ، وشدَّد في ذلك ، وكان من آخر ما بلَّغ به النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال في خطبة حجة الوداع:
H1.GIF
إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا
H2.GIF
ثم قال صلى الله عليه وسلم :
H1.GIF
ألا هل بلَّغت ؟ اللهم فاشهد
H2.GIF
متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم :
H1.GIF
كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه
H2.GIF
وقال عليه الصلاة والسلام:
H1.GIF
اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة
H2.GIF

وقد توعَّد اللّه سبحانه مَن قَتَلَ نفساً معصومة بأشد الوعيد ، فقال سبحانه في حق المؤمن :
B2.GIF
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
B1.GIF
[النساء:93] وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ :
B2.GIF
وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
B1.GIF
[النساء:92] فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قُتِل خطأً فيه الدية والكفارة ، فكيف إذا قُتِل عمداً ، فإن الجريمة تكون أعظم ، والإثم يكون أكبر. وقد صحَّ عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
H1.GIF
مَن قَتَلَ مُعاهداً لم يَرح رائحة الجنة
H2.GIF

ثالثا:
إن المجلس إذ يبيِّن حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب اللّه وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخطورة إطلاق ذلك ، لِمَا يترتب عليه من شرور وآثام ، فإنه يُعْلِن للعالَم أن الإسلام بريء من هذا المُعْتَقَد الخاطئ ، وأن ما يجري في بعض البلدان مِن سفك للدماء البريئة ، وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة ، وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي ، والإسلام بريء منه ، وهكذا كل مسلم يؤمن باللّه واليوم الآخر بريء منه ، وإنما هو تصرُّف مِن صاحِب فكر منحرف ، وعقيدة ضالَّة ، فهو يحمل إثمه وجرمه ، فلا يحتسب عمله على الإسلام ، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام ، المعتصمين بالكتاب والسُّنَّة ، المستمسكين بحبل اللّه المتين ، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأْباه الشريعة والفطرة ؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذِّرة من مصاحبة أهله.

قال اللّه تعالى:
B2.GIF
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ
B1.GIF
[البقرة: 204- 206].

والواجب على جميع المسلمين في كل مكان
التواصي بالحق ، والتناصُح والتعاون على البِر والتقوى ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن ، كما قال اللّه سبحانه وتعالى :
B2.GIF
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
B1.GIF
[المائدة: 2] ، وقال سبحانه:
B2.GIF
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
B1.GIF
وقال عز وجل :
B2.GIF
وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
B1.GIF
[سورة العصر].


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
H1.GIF
الدين النصيحة
H2.GIF
قيل: لمَن يا رسول اللّه ؟ قال:
H1.GIF
للّه ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامَّتهم
H2.GIF
وقال عليه الصلاة والسلام :
H1.GIF
مَثلَ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى
H2.GIF
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ونسأل الله سبحانه
بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى أن يَكُفَّ البأس عن جميع المسلمين ،. وأن يُوَفِّق جميع وُلاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد وقمع الفساد والمفسدين ، وأن ينصر بهم دينه ، يُعلي بهم كلمته ، وأن يُصلِح أحوال المسلمين جميعا في كل مكان ، وأن ينصر بهم الحق ، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

رئيس المجلس: عبد العزيز بن عبد اللّه بن باز وعضوية كل من : صالح بن محمد اللحيدان- عبد الله بن سليمان بن منيع- محمد ابن صالح العثيمين- عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ- د/ عبد اللّه بن محمد بر إبراهيم آل الشيخ- د/ عبد اللّه بن عبد المحسن التركي- د/ عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان راشد بن صالح بن خنين- عبد اللّه بن عبد الرحمن الغديان- عبد اللّه بن عبد الرحمن البسام- ناصر بن حمد الراشد- محمد بر سليمان البدر- محمد بن زيد آل سليمان د/ صالح بن عبد الرحمن الأطرم- محمد بن إبراهيم بن جبير- د/ صالح بن فوزان الفوزان حسن بن جعفر العتمي- محمد بن عبد اللّه السبيل- عبد الرحمن بن حمزة المرزوقي - د/ بكر بن عبد اللّه أبو زيد
 
بارك الله فيك أخي .... أرجوا ان يقرأ هذا البيان جيدا من يكفر الشيعة ....
 
أحسن الله إليكم ،ونفع بما نقلتم
 

بارك الله بك
و جزاك الله عنا خير الجزاء
جعله الله في ميزان حسناتك
أخوك الاردني
 
بارك الله فيك اخي ...
وشكرا على بيانك لهذا الامر الذي جاء في وقته ...
لان الملاحظ حاليا ...الكل يتسابق لتكفير خصمه ..
عن علم او بغير علم ....
شكرا .....
 
بارك الله فيكم و نفع بكم
جزيتم الجنة
 
جزاك الله كل الخير اخي عبد الجبار
 
للاعلى ..............
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top