نصحني بعض الأطباء بالذهاب لبلاد الواق الواق ، وذلك للمعالجة من علّة أرقتني ومن حولي وأضحت لا تطاق ، وهي مرض كثرة التأفف والبصاق .
رافقتني برحلتي السندبادية بعد الإتفاق ، رفيقة دربي العصفورة ياسمينة فنحن الاثنين على أتم وفاق .
غادرت دونما حزن على غربتي أو حتى الفراق ، فقد استمعت لنصيحتهم وغادرت لبلد إسلامي إسمه الواق الواق ؟
لدى دخولي شاهدت في أحد مداخلها السياحية فيما يسمى بالأسواق ، رأيت فيها الجنسين مشغولين ببعضهما بين قُبَلٍ وعناق ، غضضت بصري وقلت لعلي أخطات العنوان وهؤلاء ليسوا من كوكب الأرض البرّاق ، وخبأت العصفورة ياسمين بين حناياي فإني شعرت بأن صدرها قد ضاق .
وغير بعيدٍ لاح لنا شاطئ البحر ، وفيه مافيه من القهر .
شاهدت رجالاً ونساءً يتمتعون بما يسمى الحريّة ، ويرتدون مايسمى بالبكيني المستورد من البلاد الصينية
قلت للياسمينة : غضي طرفك وابقي على كتفي في هذه المنطقة الخطرة الساحلية .
خاطبت أحدهم : ألهذا الحد الأقمشة عندكم غالية .
أجابني : ياغبي دعك من هُرائِك وتمتع بهذه الأجساد العارية ، وكفاك تخلف ورجعية .
قلت : ولكنني أستحي أن أمشي بين هذه الحيوانات البرمائية .
قال : اخرس ! فنحن من عائلات محترمة وأنساب قبلية ؟.
قلت : أتمتلك عنصر مايسمى بالفِعال الرجولية .
قال : أتجدني أحمل ملامح أنثوية .
قلت : حاشا بل الأنثى أرجل منك بهذا المقام ياأجمل صبيّة .
تدخلت أخته أو زوجته وقالت : ألا تعلم ياغبي أننا بزمن المثلية ؟.
وتلك قضية اخرى وحساسة جدا تغيير الجنس سواء بعملية او بدون عملية
زمن المثلية والايمو والكلام الفارغ وفراغ الهوية والباطن والعياذ بالله
إعتذرت ؟؟!!
واستطردت قائلاً لها : أفلا يغار عليك والدك وأنت وسط هذه الفحولة والرجولة ؟
قالت : دعنييييييييي أرجوووووووووك فأنا جداً خجولة .
مشينا وجاوزنا هذه المحنة بسلام وتابعنا دونما توقف إلى الأمام .
لأقف وإياها على إعلانٍ ضخم عن حفل فني ساهر يتخلله عروض فنية .
قلت لعصفورتي : هذا معرض سيعرض فيه لوحات تشكيلية ، ونحوتات فنية ، ومن شبه المؤكد أن هناك أناشيد دينية أو وطنية .
إطمأننت على عصفورتي أنها مازالت تقف مستسلمة على كتفي ، وإخترقت الزحام وكأني ذاهب إلى حتفي .
ما إن دخلت ..
حتى صعقت بمناظر اللحوم البشرية ، تهتز كأنها مارد أو جان أو عصي وحبال سحرية ، وإختلاط بين من يدعون بالرجال وبين من يدعون بالفئة النسوية .
والجميع بين هزِّ وغمزٍ كأنهم لعبٌ ودمىً شَخَصَ لها البصر ،
وحركات جعلتني أبتلع ريقي بصعوبة ولم أعد أعرف المبتدأ من الخبر .
واستيقظت من ذهولي على ضرب أجنحة الياسمينة وصراخها : مالك محمد أأنت أمام أعجوبة ؟!
قلت : لا ولكني لأول مرة أراني أمام حقيقة الإسلام والعروبة .
وعلى المسرح قدم عريف الحفل المطربة وهو يفتعل بعض الحركات ، فارتفعت الأصوات والهتافات ، وشعرت أن فوقي تجمع بعض الشباب والفتيات ، طبعاً بسبب الانسجام لابأس بحصول بعض الإلتحامات والعناقات ، وكانت الياسمينة ترفرف فوقي وتروح لي بأجنحتها فقد شَعَرْتُ وشَعَرَتْ للحظة أنني فقدت روحي وفقدتها ، لا بسبب كثرة من كانوا فوقي ، بل من ريح العطور ورؤية اللحم الشرقي .
وللأمانة فمعظمهن كنَّ يغطين الرأس حرصاً وخوفاً من الناس ، ويكشفن عن الساق وبعض الحواس ، وهذا لدى فقيهاتهن ليس فيه بأس .
ومن كانت منهن محتشمة ، كانت تلبس الضيق وجسدها كأنه قطعة واحدة ملتئمة ؟
سألت إحداهن : كيف استطعتِ إرتداء هذا البنطال ؟
هل رأيت السفاهة وقمة الوقاحة وترد باستعلاء ولها ألف لسان وان زادتك كلمتك بعشرين لغة علوم في غير محلها
قالت بسخرية : دَهنتُ ساقاي زيت فمالك ولهذا السؤال والمقال ؟
ووقف الجميع باحترام ٍ مع تصفيق وصيحات ، فظننت أنني سأرَى إحدى البطلات أو المجاهدات .
وخرجت كاسية عارية تتمايل على الطرفين ، وتهز أمامنا الردفين .
تدير لنا ظهرها المكشوف ، ثم تسمعنا صوتها كأنه ثغاء نعجة أو خروف .
وأمامها رجال ونساء سكرى يتراقصون ويطربون ، وإن صاحت هذه المطربة هاموا ومعها يخورون .
وماصدمني رؤية عجوز قد فاق عمرها التسعين ، ولكنها بفضل عمليات الشد والمد تتوقعها بسن الستين ، وصارحتني : أنها بسن الثلاثين .
جلست هذه الشمطاء تتمايل بسعادة بالغة وهناء ، وهي تصفق لابنتها التي تراقص أخاها وبعض الأصدقاء ، فمرة تتمايل على صدر عبيد ومرة على صدر زيد وبهاء .
وهنا حاولت الخروج لأني شعرت أنني بسجن وحان وقت الإفراج ، فاصطدمت بخصر إحداهن كانت منسجمة مع صديقها تهز ويهز دونما أي إحراج .
تبسما !! ودعواني لمشاركتهما لأنه لايوجد أي إزعاج ؟
لطمتني بجناحها ياسمينة وقالت : لعله أعجبك العرض ، ممن ينقصهم اللجام والسَرْج .
غادرنا مسرعَين وتنفست وإياها الصعداء .
قالت : عليك بالتفكر قبل أن تُعْمِلَ عقلك ياصاحب الذكاء ؟
قلت : دعينا نذهب لنأكل طعام العشاء ، فقد لقينا من سفرنا هذا الكثير من العناء .
وغير بعيد عثرنا على سلسلة مطاعم فيها أكلات شهية ، وعصير ومشروبات غازية .
جلسنا على إحدى الطاولات ؟
فأقبل علينا رجل وكأنه من قوم عاد ، أتانا يحمل دفتره وقلمه وكأننا معه على ميعاد !
سقط أمامنا دفتر فيه صور أطعمة ، وأسماء معانيها ملغمة .
قلت لعصفورتي : ألك أن تترجمين ما كتبه لنا أهل الصين ، فإني لا أعرف الصينية أو الهيروغليفية فكوني لي خير معين .
تبسمت وهمست لي بمعاني هذه الأسماء المعجمة ، والتي لم أفهم منها سوى أنها أسماء أطعمة مبهمة .
طلبنا بعض الطعام ، وبدأنا بانتظار قدوم هذا الهمام .
سمعت قهقهة أنثى اهتز لها المكان !!؟؟؟ جعلتني أنتفض من مقامي فزع حيران ؟
تعوذت بالله والتفتُّ لأرى ما أحدث هذا التسونامي ، فإذا أنا بدولفينة تضحك لأرنبها المائع المخنث الأعمى أو المتعامي .
وأمامهما كأس فيه ماء ، وإذا صبوا فوقه الماء ، أصبح لبناً رائباً بعد أن كان ماء .
وزاد من ذهولي اقترابهما من بعض وهما يتهامسان ، ثم أصبح التحاماً بينهما كأنهما بمعركة في زمن بيزنطة والرومان .
غطيت عيون عصفورتي وغادرت على عجل ، قبل أن أفقد صوابي وأزيل حائط الحياء والخجل .
قلت بنفسي : أجلس وعصفورتي بين الصخور ، فقد أنهكني التعب وأصاب همتّي الفتور ، ولا أريد رؤية الناس فلم أعد ذلك الشخص الصبور .
جلست ورميت رأسي على صخرة ، فوقع بصري على رجل قادم من غير هذه المجرة ، أدار ظهره إلينا وبدأ برش مياه صفراء مستقذرة ..........
وهنا قمت وقد بلغ مني الغضب أوجه ، فلكمته على وجهه ، ورميته على الأرض وأسقطت حجراً فوقه .
وبدأت معاناتي من جديد ، وشعرت أن جسمي أضحى قطعة من الجليد .
فارتفع سكري
وهبط ضغطي
وارتجفت يداي
وتيبست قدماي
وتوسعت عيناي
وتغير شكل أذناي
وأصابتني الذاتية
والدوخة والزنتارية
وصرت بحالةٍ من الدوار
وراودتني كثيراً من الأفكار
وقطعت البحار والقفار
واشتعل رأسي بالشيب
ولم أعد أميّز بين الحسن والعيب
وزاد سقمي
وكبر همي
وشل فمي
وانعقد مني اللسان
وصرت في حالة هذيان
وعندما قصصت على طبيبي وأصحابي ماجرى
بدأ الكل بالبصاق
وانتشرت هذه العدوى بين الطبيب والرفاق
وعني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!
فقد بدأ البصاق يخرج دونما إرادة !
والتأفف أضحى عادة بل وصار الكل يطلب مني الإستزادة !
وهذه رحلتي مع ياسمين التي منعتني بعدها من زيارة أي عيادة ؟!!.