التكفير والتكفيريين حوار مفتوح للمشاركة الجادة .

أبو عاتكة

فُـ,ـريڊ أبـٌـٌٌـٌٌٌـٌٌـٌوُفُـ,ـيصُـ,ـلُـِـِِـِِِـِِـِـ
طاقم الإدارة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

هذه دعوة للاخوة رواد المنتدى والمهتمين والمتمكنين والمطلعين على الامور الشرعية والفقهية .

اود ان يفتح باب حوار وتبيين بالدلائل والبراهين والاحاطة بضاهرة وقضية خطيرة لا يعرف منها الخيط الابيض من الاسود ولا نعرف من يقف ورائها بهذا الحجم الكبير والمهدد للامة تتعاضم يوما بعد يوم يمارسها فئات وجماعات حملت على ضهورها امرا جللا وأحكاما خطيرة لا يعلم عضم شئنها ومصيرها الا المولى عزوجل .

الضاهرة هي التكفير والقذف والتنابز باللقاب
سواء شخص عادي , شخصية معروفة , امام او شيخ او عالم دين , سياسي , حاكم

لكن الأخطر هو التكفير والاخراج من الملة .

أكيد نصادف يوميا في مجالسنا او مجالس نصادفها في الواقع المعيش او عبر مواقع ومنتديات الانترنت .تعقيبات ومداخلات ومقالات تكفر وتقذف في شرف وسيرة شخص معين وتشكك في نواياه وعلاقته بالدين وبالمسلمين وبالاحداث وتعطى له القاب اغلبها شتم وفحش وعبارات غير لائقة وجارحة . ويصل الامر الى تصنيفه كافرا ومنافقا وعدوا لله وللاسلام وللمؤمنين .

ومهما كان الشخص المتهم وبلغ ما بلغ او قدم ما قدم او فعل مافعل فانه يلقى وابلا من الشتائم والاتهامات سواء مدللة او مفبركة او صاحبها جره السيل فيرمي دون علم ودون يقين فقط هو يتبع جماعة معينة او مجلسا يمارس هذا الفعل العضيم الذي يرونه بسيطا وهو عند الله من الجرائم . ويرون في نفسهم القائم على التصنيف والاحكام فيرفعون شخصا ويحطون من شخص يرون في انفسهم الحق والمبادرة والاولوية بالكلام والحكم والفرض .

والمصيبة الاقتباس من مواقع لا نعرف لها مصدرا ولا وكيلا فينهل منها البعض اسباب التكفير ودلائلها لشخصيات معينة فننسخ ما ادرج فيها من فقرات ومقاطع وصور تبرمج وتركب على هوى بعض الجماعات فتقتنص قولا او حركة وتبني عليها الحكم بالتكفير والخروج عن الدين والشرع وتنشره عبر المنتديات والمواقع والمتصفح ينهل منها دون دراية قد تقوده عاطفته للاتباع او قد يقوده عقله للتبين والتحقق من الحقائق وهذا ما نرجوه للمسلمين .

بعض الاقوال والافعال يمارسها الاشخاص من منطلق منصبه او مكانته بين الناس وفي الامة قد لا تتماشى مع رغبات وقد تعارض اهداف ومعتقدات ومفاهيم لشخص او مجموعة تدخلهم في خانة النفاق والتؤامر على الامة وتضعهم في قفص الاتهام وقد لا يدخلونه ويحكم عليهم مسبقا قبل المحاكمة والتحقق بالكفر والخروج عن الملة والاسلام . هذا الامر هل له ضوابط وحدود وقيود حتى يصل الحكم في الاخير الى التكفير من طرف العامة .

هل يعطى هؤلاء فرصة للتبرير او التفنيد وابراز الحقيقة التي تغيب وسط الفتن والدسائس والغوغاء

نفتتح الحوار بالسؤال التالي :

التكفير ماهو من يمارسه أو يحكم به ما ضوابطه ماعواقبه هل يكفر الناس على أمور معينة دون أخرى . هل الحكم بالكفر على شخص ينطق به عامة الناس ام جماعة او هيئة او شخص بعينه .
كيف يتم كل هذا ؟

ارجو المشاركة جديا والاهتمام بالنقاش لانه مهم ومهم جدا خصوصا في المرحلة الحالية التي نعيشها وبروز الفتن والقلاقل والدسائس للامة الاسلامية .
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذا الباب باب لا يلجه إلا من عرف الشرك والكفر كما يعرف التوحيد
والتكفير لا يكون إلا بدليل
ونواقض الإسلام عديدة أشهرها عشرة أوردها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وغيره من علماء الإسلام وهي
(الأول) الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له, والدليل قوله تعالى ((ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) ومنه الذبح لغير الله.
(الثاني) من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسالهم الشفاعة كفر إجماعا.
(الثالث) من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعا.(أما الدليل على كفر من لم يكفرهم فهو أن من لم يكفرهم يعد مكذبا لله تعالى في تكفيره هؤلاء الكفار)
(الرابع) من اعتقد أن غير هدى النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه,أو أن حكم غيره أحسن من حكمه(كالذين يفضلون حكم الطاغوت على حكمه تعالى) فهو كافر
(الخامس) من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر إجماعا والدليل قوله تعالى((ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ))
(السادس) من استهزأ بشيء من دين الله أو ثوابه أو عقابه كفر والدليل قوله تعالى((ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون,لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ))
(السابع) السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر والدليل على ذلك قوله تعالى (( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر)) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من أتى عرافا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد )
(الثامن) مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى((ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين))
(التاسع) من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه اتباعه صلى الله عليه وسلم وأنه يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليهما السلام فهو كافر.
(العاشر) الأعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به, والدليل قوله تعالى((ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون))

ولا فرق فيها بين الجاد والهازل إلا المكره

-ومن المعلوم أن الإسلام هو
الإستسلام لله بالتوحيد والإنقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله

-وأركان الإيمان سته
أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره

-ومن كان يعبد الله بغير إخلاص ولو كان ظاهره عامل بالإسلام فهو كافر لأن الله مطلع على نيته

-ومن تكلم ومن رؤي عرف ما هو من كلامه وعمله والقلوب لا يعرف ما فيها إلا الله
-ولا خير فينا إذا لم نعرف الكفر والشرك كما نعرف التوحيد ،فلماذا؟
كي لا نقع في الكفر والشرك

-والواجب على المسلمين التعلم والحذر من الكفر والشرك أعظم من الحذر من الأمراض والأعداء لأن الأمراض والعداء يتخلص منهم بالموت في النهاية
أما الكفر والشرك فلا خلاص منهما فصاحبهما في النار ولا حول ولا قوة إلا بالله
فيا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك
وبالمناسبة إخواني الحذر الحذر من إعطاء القبور فوق حقها فلا حق لأصحابها غفر الله للمسلم منهم سوى زيارتهم والدعاء لهم فقط
فلا يجوز البناء عليها ولا إنارتها ولا يجوز رفعها فوق ذراع عن الأرض ولايجوز وضع الزهور عليها والنباتات ولا يجوز وضع القبب عليها ولا زخرفتها ولا وضع الرخام عليها ولا بأس فقط بوضع علامة فارقة يعرف أهل الميت بها قبر ميتهم كالنصائب عند الرأس والقدم والإسم رخص فيه بعض العلماء إذا كانت المقابر كثيرة ولا يعرف القبر إلا بذلك دون إبراز وتضخيم بل بما يفي بالحاجة فقط
-ومما يجب الحذر منه الإستعانة والإستغاثة وطلب الحاجات من غير الله ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله إلا الله فلا تقل يطبيب إشفني وأنقذني مما أحل بي أو من يقول اسالك يا الله بجاه نبيك فهذا من جعل الواسطة بينك وبين الله هذا لا يجوز ونبينا صلى الله عليه وسلم له قدر وجاه عند الله ولكن لا تجعل قدره وجاهه لك واسطة عند الله تعالى
-ولو سألت مخلوقا فيما يقدر عليه المخلوق فلابأس كان تنادي من يسمعك لأنقاذك من الغرق لابأس
-ومما يجب الحذر منه البدع وهي ما لم تكن في الدين لقوله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )

وفقني الله وإياكم وهذا رد مختصر لسؤال أخونا فريد شكر الله له
 
آخر تعديل:
-ومما ينبغي التحذير منه الذهاب للسحرة والكهان والعرافين ومدعي علم الغيب فمن صدقهم كفر والعياذ بالله
-وكذا طالبي فك السحر بسحر والعياذ بالله فهذا من الشرك فاحذروه

وهذه رسالة ألفيتها مهمة في حكم السحر للشيخ القرعاوي رحمه الله
من نواقض الإسلام السحر وحكم حل السحر بالسحر؟ للعلامة عبدالله بن إبراهيم القرعاوي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ​



نواقض الإسلام وأن حل السحر عن المسحور لا يجوز من ساحر وما ذكر من بعض حيل الشياطين والمشعوذين والتحذير منهم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,,,
إن الارتداد عن دين الإسلام إلى الكفر تارة يكون بترك الإسلام بالكلية إلى ملة من ملل الكفر، وتارة يكون بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام مع بقاء التسمي بالإسلام وأداء شعائره، فيعده بعض الناس من جملة المسلمين وهو ليس منهم، وهذا أمر خطير وموقف دقيق يحتاج إلى بصيرة نافذة يحصل بها الفرقان بين الحق والباطل والهدى والضلال.
إذ كثيرًا ما يلتبس هذا الأمر على كثير من الناس بسبب جهله بنواقض الإسلام وأسباب الردة، فيظن أن من أدى شيئاً من شعائر الإسلام صار مسلماً ولو ارتكب شيئاً من المكفرات، وهذا الظن الفاسد إنما نشأ من الجهل بحقيقة الإسلام وما يناقضه، وهذا واقع مؤلم يعتقده بعض من الناس في هذا الزمان، ممن لا يميزون بين الحق والباطل، والهدى والضلال، فصاروا يطلقون مسمى الإسلام على من يؤدي بعض شعائره ولو ارتكب ناقصاً من نواقض الإسلام، ولم يعلم هؤلاء أن من ادعى الإسلام وأدى العبادات، ثم ارتكب شيئاً من نواقضه فهو بمثابة من يتوضأ ثم يحدث، فهل يبقى لوضوئه أثر، وهكذا المسلم إذا ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام فإنه لا يبقى لإسلامه أثر.
إنه لا يكون العبد مسلماً بمجرد الانتساب إلى الإسلام مع البقاء على ما يناقضه من الأمور الكفرية، كما أنه لا يكفي مدح الإسلام والثناء عليه من غير تمسك به وعمل بأحكامه، فاليوم المنتسبون إلى الإسلام كثير، ولكن المسلمين منهم بالمعني الصحيح قليل، فنحمد الله تعالى أن من علينا بنعمة العمل بالتوحيد.
وإنه لمن الظلم الواضح والضلال المبين أن نصف بالإسلام من هو مرتكب لما يناقضه من أنواع الردة المجمع عليها لمجرد أنه يصوم أو يصلي أو يعمل شيئاً من شعائره، وهذا من الجهل بحقيقة الإسلام أو من اتباع الهوى، وكلا الأمرين خطير قبيح.
إن نواقض الإسلام كثيرة، وأسباب الردة متعددة، لكنا نذكر منها ما قد يخفى حكمه على بعض الناس:
فمنها السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر لقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ ﴾.
والسحر: في اللغة: عبارة عما خفي ولطف سببه، وسمي السحر سحرا لأنه يقع خفياً آخر الليل.
وفي الشرع: عقد ورقي، أي قراءات وطلاسم يتواصل لهذا الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد لتضر المسحور وأدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء.
والصرف بالعكس من ذلك: وهو صرف الإنسان عما يهواه كصرفه مثلاً عن محبة زوجته إلى بغضها، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه وفي عقله، فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله.
والسحر محرم في جميع شرائع الرسل؛ فمن فعله أو رضي به كفر؛ لأن الرضا كالفاعل لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴾ وقال عز وجل : ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾ .
قال ابن عباس: من نصيب، وقال قتادة: علم أهل الكتاب فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة، وقال الحسن: ليس له دين، وقد نص أصحاب أحمد- رحمهم الله تعالى- أنه يكفر بتعلمه وتعليمه. وروى عبد الرزاق عن صفوان بن سليم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلم شيئاً من السحر قليلاً كان أو كثيراً كان آخر عهده من الله» وهو مرسل. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» . وروى النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئاً وكل إليه» .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه: والساحر لا يتم له السحر، ولا تخبره الشياطين عن غائب، ولا تساعده على قتل شخص إلا بعد ما يعبد غير الله بتقريبه للشياطين ما يحبونه من الذبح لهم ونحو ذلك، حتى إن بعضهم يمكنهم من فعل الفاحشة به، وهذا من الاستمتاع المذكور في الآية: ﴿ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾ فيكون كفراً انتهى كلامه رحمه الله، فهو من الشرك بالله تعالى المخرج من الملة؛ لذا فلا تجوز الاستعانة بالجن بحال من الأحوال، لا بالأشياء المتاحة ولا بالأشياء المحرمة، ولا يجوز تحضيرهم وجمعهم، فمن فعل من الذين يقرأون على الناس شيئاً من ذلك فهو مشعوذ دجال؛ لأن الجن والشياطين ما تخدم أحدا حتى تستمتع به، وإذا استمتعت به فقد أشرك.
ومن أنواع السحر: العيافة والطرق والطيرة؛ لحديث قبيصة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت» قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط في الأرض، والجبت قال الحسن: رنة الشيطان [رواه أحمد رحمه الله].
وقوله من الجبت أي من السحر. وأما حل السحر عن المسحور فلا يجوز إلا بالرقية الشرعية والنشرة الجائزة فهو كما وضح ذلك ابن القيم- رحمه الله- تعالى حيث قال: السحر عن المسحور وهي نوعان:
أحدهما حل بسحر مثله: وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور.
الثاني النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة: فهذا جائز.
وعلى النوع الأول: يحمل حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: «هي من عمل «الشيطان» [رواه أحمد].
وعلى الثاني: وهي النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة يحمل ما جاء عن سعيد بن المسيب عن قتادة قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه. فالمراد به علاج السحر برقية من راق ليس بساحر ولا كاهن. أو بنوع من النشرة الجائزة كما تقدم.
اللهم إنا نعوذ بك من السحر والسحرة، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم.
ثم ليعلم أنه لا يجوز حل السحر عن المسحور بسحر، ولا يجوز للمسلم أن يأتي أو يذهب إلى ساحر أو إلى كاهن من أجل رقية أو علاج من وجوه:
الأول: لو كان يجوز للمسلم أن يذهب إلى السحرة التماسا للدواء برقية أو نحوها لما أمر بقتل الساحر، وفيه منفعة للناس، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حد الساحر ضربة بالسيف» .
الثاني: أن الله تعالى قال في السحرة: ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ ﴾ وهذا لفظ علم يبين أن السحر ليس فيه نفع بوجه من الوجوه؛ لأنه من الشرك بالله، فإن الساحر لا يتم له سحره ولا يحصل له حل السحر عن المسحور حتى يعبد غير الله ويشرك مع الله، وذلك بتقريبه للجن والشياطين ما يحبون من ذبح أو سجود لهم، وقد يكون سراً فيما بينهم وبينه، أو إهانة لكلام الله عز وجل، ودخوله بالمصحف إلى الحمام والبول عليه، نعوذ بالله من ذلك، أو كتابة للفاتحة أو آية الكرسي أو غير ذلك من آيات القرآن بشيء نجس.
ومن كتب له لا يعلم بذلك لأنه لا يرى ولا يشاهد الآيات من القرآن ولا يدري أن هذا الساحر أو المشعوذ الدجال قد تقرب للشياطين بكتابتها بشيء نجس فهم ليس فيهم نفع مطلقاً كما قال تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوَهُمْ رَهَقاً ﴾ قال عكرمة في تفسير هذه الآية: كان إذا نزل الإنس وادياً هرب منهم الجن فلما سمع الجن ما يقول الإنس فأصابوهم بالجنون والخبل فزاد الجن تكبرا وطغيانا بسبب استعاذة الإنس.
ويشهد لهذا واقع كبير من الناس في هذا الزمن لما غفلوا عن طاعة الله وطاعة رسوله وتلاوته كتابه العزيز، وأقبلوا على آلات اللهو والغناء والمزامير والتلفاز والدش والجرائد والمجلات الخليعة والمسارح.
خف التوحيد في قلوبهم فضعفوا فتغلبت عليهم الجن وتسلطت على قلوبهم وأبدانهم بالهموم والغموم والأمراض الوهمية، فأخذ من أصيب بشيء من ذلك يذهب إلى القراء المشعوذين والدجالين والسحرة والكهان والعرافين، وهذه هي بغية الشياطين يؤذونهم ليذهبوا إلى إخوانهم من الإنس ليشركوا بالله فزادوهم رهقا أي: رعباً وخوفاً.
ومن ذلك: ما يفعله بعض القراء من توهيم المريض وذكر أشياء لا حقيقة لها، أو يقول له: إن فلانا قد نحتك وعانك، وهو كذب فيحدث من ذلك زيادة مرض وتوهم وتخيل لهذا الذي ذكر، أو لغيره فيزداد مرضه مرضاً، ورعبه رعباً، وخوفه خوفاً من كل أحد، ويحصل بسبب ذلك عدوان وبغضاء وشحناء من أجل ذلك، وهذا هو مراد الشياطين وبغيتهم، وقد يذكر بعض القراء أن فلاناً شفي وأنه قرأ عليه أمام الناس وخرج الذي به، وهذا من مكر الشياطين لتغر الناس بهذا المشعوذ الدجال؛ لأنك لو تتبعت هذا الذي حصل له ذلك ما وجدت أنه شفي، بل تجد أنه يتردد على بعض القراء طول عمره؛ لأن بعضهم يعلق قلب المريض به، فلا يتعلق بالله وإلا لو تعلق بالله شفاه الله، كما في الحديث: «اللهم رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما» . لذا فلا تجوز الاستعانة بالجن، ولا يجوز الذهاب إلى من يستعين بالجن ويحضره، ومن أفتى بجواز ذلك فقد أخطا وضل وأضل وفتح على المسلمين باب سوء وفتنة وشر. كيف يقول بذلك والله تعالى يقول﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوَهُمْ رَهَقاً ﴾ ويقول: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ .
والنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم عن الاستعاذة بالجن إلى خير من ذلك، فقال فيما رواه مسلم في صحيحه عن خولة بنت حكيم- رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء» .
قال ابن القيم- رحمه الله تعالى- «من ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب فقد عبده، وإن لم يسم ذلك عبادة ويسميه استخداماً. وصدق هو استخدام من الشيطان له، ليست خدمة عبادة؛ فإن الشيطان لا يخضع له ولا يعبده كما يفعل هو به» انتهى.
الثالث: مما يدل على أنه لا يجوز الذهاب إلى السحرة من أجل حل السحر عن المسحور أن الله تعالى قد يبن بأن الساحر لا يفلح حيث أتى ولو كان فيه فائدة لأحد لكان هذا نوعا من الفلاح وهو لا يفلح بإطلاق، قال تعالى: ﴿ ولا يفلحُ الساحر حيثُ أتى﴾.
الرابع: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين بأن الله لم يجعل شفاء أمته فيما حرم عليها، والسحر محرم بالإجماع.
الخامس: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين بأن: «من أتى كاهناً أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم [رواه الأربعة].
ولا شك أن الساحر أشد من الكاهن والعراف، بل جاء النص على الساحر في أثر ابن مسعود رضي الله عنه: «من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه بما أنزل فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » .
وعن عمران بن حصين مرفوعاً: «ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » [رواه البزار].
ومن ثبت عليه أنه يسحر أو يتعاطى السحر فإنه يحكم بقتله؛ لما روى الترمذي عن جندب: «حد الساحر ضربة بالسيف» وروى البخاري في صحيحه عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر، وصح عن حفصة أم المؤمنين-رصي الله عنها- أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها. وروى البخاري في تاريخه عن أبي عثمان النهدي قال: كان عند الوليد رجل يلعب، فذبح إنساناً وأبان رأسه فعجبنا فأعاد رأسه، فقال الناس: سبحان الله؛ يحيي الموتى فذهب يلعب «أي الساحر» لعبه ذلك، فاخترط جندب سيفه فضرب عنقه، وقال: إن كان صادقًا فليحي نفسه.
وقال الإمام أحمد- رحمه الله-: صح قتل الساحر عن ثلاث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال شارح الطحاوية: والواجب على من ولي الأمر وكل قادر أن يسعى في إزالة هؤلاء المنجمين والكهان والعرافين وأصحاب الضرب بالرمل والحصى، والقرع والقالات، ومنعهم من الجلوس في الحوانيت والطرقات، أو يدخلوا على الناس في منازلهم لذلك، ويكفي من يعلم تحريم ذلك ولا يسعى في إزالته مع قدرته على ذلك قوله تعالى: ﴿كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصديق رضي الله عنه أنه قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» . والله تعالى أعلم، والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 
وإذا علم المسلم أمر دينه ووقر الإيمان في قلبه وعمل بما أمر واجتنب مانهي عنه فإنه ترجى له النجاة في الآخرة ولن يدخل الجنة أحد إلا برحمته جل وعلا كما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم(لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ،قالوا :ولا أنت يارسول الله ؟قال :ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل )
إذا علم أن عبادته لله الخالق الكبير المتعال الذي له الكمال والجمال والقوة والسلطان الذي كل الأمور بيده وتحت سطوته وفي قبضته جل وعلا المستغني عن خلقه أجمعين وكلهم عبيده طائعين وعاصين
إذا علم المسلم هذا ؟
فهل يكون هناك أدنى شك في كفر من استهزا بالله أو وصفه بما يوصف المخلوقين أو سماه بشيء حقير عياذا بالله أو يتنقصه جل وعلا في أولوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ؟
هل يشك مسلم خائف من الله وراجيه هل يشك في كفر من يتفوه بشيء من ذلك في حقه جل وعلا وعز ؟
أجيبوني رحمكم الله فأنا منتظر لردكم عن هذا السؤال
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } النساء 94

اخي الكريم هذاالموضوع من المواضيع التي لايستطيع الفصل فيها الا أهل العلم الراسخين في العلم ..واليكم بيانا وتوضيحا شافيا من فضيلة الشيخ الدكتورصالح الفوزان (حفظه الله):
التكفير وضوابطه

بقلم : الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد:

فالتكفير معناه الحكم على مسلم بالكفر لسبب من الأسباب المقتضية لذلك والناس في هذا الباب طرفان ووسط .

فالطرف الأول الخوارج قديماً وحديثاً الذين يغلون في التكفير فيكفرون المسلمين بكبائر الذنوب التي هي دون الشرك والكفر وهذا مذهب باطل لأن الله
تعالى يقول: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل
أنه قال: (يا ابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) وقراب الأرض ملؤها أو ما يقارب ملأها.

والطرف الثاني مَنْ يرى أن المسلم لا يكفر ولو عمل ما عمل من فعل المحرمات وترك الواجبات ما دام أنه مصدق في قلبه بالله ودينه لأن الإيمان عندهم هو التصديق بالقلب ولا يدخل في تعريفه وحقيقته العمل وهذا مذهب المرجئة قديماً وحديثاً ويتبناه اليوم كثير من الكتاب الذين لم يدرسوا عقيدة السلف
فيرون أنه لا يجوز التكفير مطلقاً لأنه عندهم تشدد وغلو وتطرف ولو ارتكب الإنسان كل النواقض حتى إنهم لا يكفرون اليهود والنصارى الذين يكفرون
برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويقولون المسيح ابن الله وعزير ابن الله ويقولون: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} ويقولون: {إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}، ويقولون: {إنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} ومع ذلك لا يكفرونهم وهذا غلو في الإرجاء وإمعان في الضلال لأن الله كَفَّرَ مَنْ لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم سواء من أهل الكتاب أو غيرهم. قال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ
اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَة}{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم } {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ}{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن
يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}
وهذا مذهب باطل يتيح لكل مفسد وكل ضال ومنحرف أن يفعل ما يشاء من أنواع الردة والإفساد، ويمنح هؤلاء اسم الإسلام.

والمذهب الأول باطل أيضاً لأنه يحكم على كثير من المسلمين بالكفر لمجرد ارتكاب الذنوب التي هي دون الشرك والكفر ويسبب سفك الدماء المعصومة وإزهاق الأنفس البريئة وتفريق كلمة المسلمين بالخروج على أئمتهم وحل دولتهم ويسبب القيام بالتفجيرات والترويع ويخل بالأمن مما هو واقع اليوم ممن تبنوا هذا الرأي الباطل والمذهب الفاسد ويحقق رغبات الكفار ويتيح لهم التدخل في شؤون المسلمين بحجة حمايتهم من الإرهاب مع أن الكفار في الحقيقة هم الذين يغذون الإرهاب ويحمون الإرهابيين ليقضوا بهم أغراضهم في ضرب المسلمين وإضعافهم كما هو الواقع الآن .

وكل من فريقي الخوارج والمرجئة أخذ بالمتشابه من الأدلة فالخوارج أخذوا بنصوص الوعيد والمرجئة أخذوا بنصوص الوعد والمذهب الوسط والقول الحق في هذه المسألة ما عليه أهل السنة والجماعة وهو الجمع بين نصوص الوعد ونصوص الوعيد عملاًَ بقول الله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}

فأهل السنة يقولون بأن مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك والكفر معرض للوعيد لكنه تحت مشيئة الله إن شاء عذبه بقدر ذنوبه وإن شاء الله عفا عنه
ولم يعذبه لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}، وإذا عذبه بذنوبه فإنه لا
يخلد في النار بل يخرج منها ويدخل الجنة بما معه من التوحيد والإيمان فليس هو بمؤمن كامل الإيمان كما تقوله المرجئة وليس بكافر خارج من الإيمان كما تقوله الخوارج،

ولا يحكمون على مسلم بالكفر إلا إذ ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام المتفق عليها والمعروفة عند العلماء ولابد أن تتوفر شروط للحكم بالردة أو الكفر
على مَنْ ظاهره الإسلام وهي:

1 - ألا يكون جاهلاً معذوراً بالجهل كالذي يُسلم حديثاً ولم يتمكن من معرفة الأحكام الشرعية أو يعيش في بلاد منقطعة عن الإسلام ولم يبلغه
القرآن على وجه يفهمه أو يكون الحكم خفياً يحتاج إلى بيان.



2 - ألا يكون مكرهاً يريد التخلص من الإكراه فقط كما قال تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } دلت الآية على أن من تلفظ بالكفر مكرهاً وقلبه مطمئن بالإيمان يريد التخلص لا يكفر.

3 - ألا يكون متأولاً تأولاً يظنه صحيحاً فلابد أن يبين له خطأ تاويله .



4 - ألا يكون مقلداً لمن ظنه على حق إذا كان هذا المقلد يجهل الحكم حتى يبين له ضلال من يقلده.

5 - أن يكون الذي يتولى الحكم عليه بالردة من العلماء الراسخين في العلم الذين ينزلون الأحكام على مواقعها الصحيحة فلا يكون الذي يحكم بالكفر
جاهلاً أو متعالماً.



وأخيراً فإن إخراج مسلم من الإسلام بدون دليل صحيح واضح يعد أمراً خطيراً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من قال لأخيه يا كافر يا فاسق أو عدو الله وهو ليس كذلك رجع عليه أو حار عليه) نسأل الله العافية وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.إنتهى كلامه حفظه الله. وأهم مايعنينا هوالفقره الخامسة في ضوابط التكفير فلا يحق للمتعالمين والعوام إصدارأحكام بالتفسيق أوالتكفير,بل الواجب ردذلك إلى الراسخين من اهل العلم والله من وراء القصد...

وبارك الله فيكم على هذا الطرح القيم وخالص الشكر والتقدير على المجهود الذي تبذلونه في هذا المنتدى وفقكم الله وسدد خطاكم وأعانكم على عملكم وفتح لكم ابواب الخير
 
آخر تعديل:
-ومما ينبغي التحذير منه الذهاب للسحرة والكهان والعرافين ومدعي علم الغيب فمن صدقهم كفر والعياذ بالله
-وكذا طالبي فك السحر بسحر والعياذ بالله فهذا من الشرك فاحذروه

وهذه رسالة ألفيتها مهمة في حكم السحر للشيخ القرعاوي رحمه الله
من نواقض الإسلام السحر وحكم حل السحر بالسحر؟ للعلامة عبدالله بن إبراهيم القرعاوي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ​



نواقض الإسلام وأن حل السحر عن المسحور لا يجوز من ساحر وما ذكر من بعض حيل الشياطين والمشعوذين والتحذير منهم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,,,
إن الارتداد عن دين الإسلام إلى الكفر تارة يكون بترك الإسلام بالكلية إلى ملة من ملل الكفر، وتارة يكون بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام مع بقاء التسمي بالإسلام وأداء شعائره، فيعده بعض الناس من جملة المسلمين وهو ليس منهم، وهذا أمر خطير وموقف دقيق يحتاج إلى بصيرة نافذة يحصل بها الفرقان بين الحق والباطل والهدى والضلال.
إذ كثيرًا ما يلتبس هذا الأمر على كثير من الناس بسبب جهله بنواقض الإسلام وأسباب الردة، فيظن أن من أدى شيئاً من شعائر الإسلام صار مسلماً ولو ارتكب شيئاً من المكفرات، وهذا الظن الفاسد إنما نشأ من الجهل بحقيقة الإسلام وما يناقضه، وهذا واقع مؤلم يعتقده بعض من الناس في هذا الزمان، ممن لا يميزون بين الحق والباطل، والهدى والضلال، فصاروا يطلقون مسمى الإسلام على من يؤدي بعض شعائره ولو ارتكب ناقصاً من نواقض الإسلام، ولم يعلم هؤلاء أن من ادعى الإسلام وأدى العبادات، ثم ارتكب شيئاً من نواقضه فهو بمثابة من يتوضأ ثم يحدث، فهل يبقى لوضوئه أثر، وهكذا المسلم إذا ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام فإنه لا يبقى لإسلامه أثر.
إنه لا يكون العبد مسلماً بمجرد الانتساب إلى الإسلام مع البقاء على ما يناقضه من الأمور الكفرية، كما أنه لا يكفي مدح الإسلام والثناء عليه من غير تمسك به وعمل بأحكامه، فاليوم المنتسبون إلى الإسلام كثير، ولكن المسلمين منهم بالمعني الصحيح قليل، فنحمد الله تعالى أن من علينا بنعمة العمل بالتوحيد.
وإنه لمن الظلم الواضح والضلال المبين أن نصف بالإسلام من هو مرتكب لما يناقضه من أنواع الردة المجمع عليها لمجرد أنه يصوم أو يصلي أو يعمل شيئاً من شعائره، وهذا من الجهل بحقيقة الإسلام أو من اتباع الهوى، وكلا الأمرين خطير قبيح.
إن نواقض الإسلام كثيرة، وأسباب الردة متعددة، لكنا نذكر منها ما قد يخفى حكمه على بعض الناس:
فمنها السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر لقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ ﴾.
والسحر: في اللغة: عبارة عما خفي ولطف سببه، وسمي السحر سحرا لأنه يقع خفياً آخر الليل.
وفي الشرع: عقد ورقي، أي قراءات وطلاسم يتواصل لهذا الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد لتضر المسحور وأدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء.
والصرف بالعكس من ذلك: وهو صرف الإنسان عما يهواه كصرفه مثلاً عن محبة زوجته إلى بغضها، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه وفي عقله، فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله.
والسحر محرم في جميع شرائع الرسل؛ فمن فعله أو رضي به كفر؛ لأن الرضا كالفاعل لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴾ وقال عز وجل : ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾ .
قال ابن عباس: من نصيب، وقال قتادة: علم أهل الكتاب فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة، وقال الحسن: ليس له دين، وقد نص أصحاب أحمد- رحمهم الله تعالى- أنه يكفر بتعلمه وتعليمه. وروى عبد الرزاق عن صفوان بن سليم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلم شيئاً من السحر قليلاً كان أو كثيراً كان آخر عهده من الله» وهو مرسل. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» . وروى النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئاً وكل إليه» .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه: والساحر لا يتم له السحر، ولا تخبره الشياطين عن غائب، ولا تساعده على قتل شخص إلا بعد ما يعبد غير الله بتقريبه للشياطين ما يحبونه من الذبح لهم ونحو ذلك، حتى إن بعضهم يمكنهم من فعل الفاحشة به، وهذا من الاستمتاع المذكور في الآية: ﴿ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾ فيكون كفراً انتهى كلامه رحمه الله، فهو من الشرك بالله تعالى المخرج من الملة؛ لذا فلا تجوز الاستعانة بالجن بحال من الأحوال، لا بالأشياء المتاحة ولا بالأشياء المحرمة، ولا يجوز تحضيرهم وجمعهم، فمن فعل من الذين يقرأون على الناس شيئاً من ذلك فهو مشعوذ دجال؛ لأن الجن والشياطين ما تخدم أحدا حتى تستمتع به، وإذا استمتعت به فقد أشرك.
ومن أنواع السحر: العيافة والطرق والطيرة؛ لحديث قبيصة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت» قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط في الأرض، والجبت قال الحسن: رنة الشيطان [رواه أحمد رحمه الله].
وقوله من الجبت أي من السحر. وأما حل السحر عن المسحور فلا يجوز إلا بالرقية الشرعية والنشرة الجائزة فهو كما وضح ذلك ابن القيم- رحمه الله- تعالى حيث قال: السحر عن المسحور وهي نوعان:
أحدهما حل بسحر مثله: وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور.
الثاني النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة: فهذا جائز.
وعلى النوع الأول: يحمل حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: «هي من عمل «الشيطان» [رواه أحمد].
وعلى الثاني: وهي النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة يحمل ما جاء عن سعيد بن المسيب عن قتادة قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه. فالمراد به علاج السحر برقية من راق ليس بساحر ولا كاهن. أو بنوع من النشرة الجائزة كما تقدم.
اللهم إنا نعوذ بك من السحر والسحرة، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم.
ثم ليعلم أنه لا يجوز حل السحر عن المسحور بسحر، ولا يجوز للمسلم أن يأتي أو يذهب إلى ساحر أو إلى كاهن من أجل رقية أو علاج من وجوه:
الأول: لو كان يجوز للمسلم أن يذهب إلى السحرة التماسا للدواء برقية أو نحوها لما أمر بقتل الساحر، وفيه منفعة للناس، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حد الساحر ضربة بالسيف» .
الثاني: أن الله تعالى قال في السحرة: ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ ﴾ وهذا لفظ علم يبين أن السحر ليس فيه نفع بوجه من الوجوه؛ لأنه من الشرك بالله، فإن الساحر لا يتم له سحره ولا يحصل له حل السحر عن المسحور حتى يعبد غير الله ويشرك مع الله، وذلك بتقريبه للجن والشياطين ما يحبون من ذبح أو سجود لهم، وقد يكون سراً فيما بينهم وبينه، أو إهانة لكلام الله عز وجل، ودخوله بالمصحف إلى الحمام والبول عليه، نعوذ بالله من ذلك، أو كتابة للفاتحة أو آية الكرسي أو غير ذلك من آيات القرآن بشيء نجس.
ومن كتب له لا يعلم بذلك لأنه لا يرى ولا يشاهد الآيات من القرآن ولا يدري أن هذا الساحر أو المشعوذ الدجال قد تقرب للشياطين بكتابتها بشيء نجس فهم ليس فيهم نفع مطلقاً كما قال تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوَهُمْ رَهَقاً ﴾ قال عكرمة في تفسير هذه الآية: كان إذا نزل الإنس وادياً هرب منهم الجن فلما سمع الجن ما يقول الإنس فأصابوهم بالجنون والخبل فزاد الجن تكبرا وطغيانا بسبب استعاذة الإنس.
ويشهد لهذا واقع كبير من الناس في هذا الزمن لما غفلوا عن طاعة الله وطاعة رسوله وتلاوته كتابه العزيز، وأقبلوا على آلات اللهو والغناء والمزامير والتلفاز والدش والجرائد والمجلات الخليعة والمسارح.
خف التوحيد في قلوبهم فضعفوا فتغلبت عليهم الجن وتسلطت على قلوبهم وأبدانهم بالهموم والغموم والأمراض الوهمية، فأخذ من أصيب بشيء من ذلك يذهب إلى القراء المشعوذين والدجالين والسحرة والكهان والعرافين، وهذه هي بغية الشياطين يؤذونهم ليذهبوا إلى إخوانهم من الإنس ليشركوا بالله فزادوهم رهقا أي: رعباً وخوفاً.
ومن ذلك: ما يفعله بعض القراء من توهيم المريض وذكر أشياء لا حقيقة لها، أو يقول له: إن فلانا قد نحتك وعانك، وهو كذب فيحدث من ذلك زيادة مرض وتوهم وتخيل لهذا الذي ذكر، أو لغيره فيزداد مرضه مرضاً، ورعبه رعباً، وخوفه خوفاً من كل أحد، ويحصل بسبب ذلك عدوان وبغضاء وشحناء من أجل ذلك، وهذا هو مراد الشياطين وبغيتهم، وقد يذكر بعض القراء أن فلاناً شفي وأنه قرأ عليه أمام الناس وخرج الذي به، وهذا من مكر الشياطين لتغر الناس بهذا المشعوذ الدجال؛ لأنك لو تتبعت هذا الذي حصل له ذلك ما وجدت أنه شفي، بل تجد أنه يتردد على بعض القراء طول عمره؛ لأن بعضهم يعلق قلب المريض به، فلا يتعلق بالله وإلا لو تعلق بالله شفاه الله، كما في الحديث: «اللهم رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما» . لذا فلا تجوز الاستعانة بالجن، ولا يجوز الذهاب إلى من يستعين بالجن ويحضره، ومن أفتى بجواز ذلك فقد أخطا وضل وأضل وفتح على المسلمين باب سوء وفتنة وشر. كيف يقول بذلك والله تعالى يقول﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوَهُمْ رَهَقاً ﴾ ويقول: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ .
والنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم عن الاستعاذة بالجن إلى خير من ذلك، فقال فيما رواه مسلم في صحيحه عن خولة بنت حكيم- رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء» .
قال ابن القيم- رحمه الله تعالى- «من ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب فقد عبده، وإن لم يسم ذلك عبادة ويسميه استخداماً. وصدق هو استخدام من الشيطان له، ليست خدمة عبادة؛ فإن الشيطان لا يخضع له ولا يعبده كما يفعل هو به» انتهى.
الثالث: مما يدل على أنه لا يجوز الذهاب إلى السحرة من أجل حل السحر عن المسحور أن الله تعالى قد يبن بأن الساحر لا يفلح حيث أتى ولو كان فيه فائدة لأحد لكان هذا نوعا من الفلاح وهو لا يفلح بإطلاق، قال تعالى: ﴿ ولا يفلحُ الساحر حيثُ أتى﴾.
الرابع: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين بأن الله لم يجعل شفاء أمته فيما حرم عليها، والسحر محرم بالإجماع.
الخامس: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين بأن: «من أتى كاهناً أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم [رواه الأربعة].
ولا شك أن الساحر أشد من الكاهن والعراف، بل جاء النص على الساحر في أثر ابن مسعود رضي الله عنه: «من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه بما أنزل فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » .
وعن عمران بن حصين مرفوعاً: «ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » [رواه البزار].
ومن ثبت عليه أنه يسحر أو يتعاطى السحر فإنه يحكم بقتله؛ لما روى الترمذي عن جندب: «حد الساحر ضربة بالسيف» وروى البخاري في صحيحه عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر، وصح عن حفصة أم المؤمنين-رصي الله عنها- أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها. وروى البخاري في تاريخه عن أبي عثمان النهدي قال: كان عند الوليد رجل يلعب، فذبح إنساناً وأبان رأسه فعجبنا فأعاد رأسه، فقال الناس: سبحان الله؛ يحيي الموتى فذهب يلعب «أي الساحر» لعبه ذلك، فاخترط جندب سيفه فضرب عنقه، وقال: إن كان صادقًا فليحي نفسه.
وقال الإمام أحمد- رحمه الله-: صح قتل الساحر عن ثلاث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال شارح الطحاوية: والواجب على من ولي الأمر وكل قادر أن يسعى في إزالة هؤلاء المنجمين والكهان والعرافين وأصحاب الضرب بالرمل والحصى، والقرع والقالات، ومنعهم من الجلوس في الحوانيت والطرقات، أو يدخلوا على الناس في منازلهم لذلك، ويكفي من يعلم تحريم ذلك ولا يسعى في إزالته مع قدرته على ذلك قوله تعالى: ﴿كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصديق رضي الله عنه أنه قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» . والله تعالى أعلم، والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات.

بارك الله فيك، لو تفضلت بذكر مصدر النقل للتوثيق، سددك الله ووفقك الى ما فيه رضاه.
 
توقيع ابو ليث
-ومن كان يعبد الله بغير إخلاص ولو كان ظاهره عامل بالإسلام فهو كافر لأن الله مطلع على نيته
الرجاء ذكر كلام العلماء و أدلتهم في ذلك؟؟؟
وكيف لنا نحن البشر الى الحكم بكفره ونحن لا نعلم سريرته؟؟؟
ان قلت هو عند الله كافر رجعت بك الى ما مقصودك بالاخلاص، أتعني به التوحيد أم ذلك الذي ضده الرياء والذي هو الشرك الاصغر كما سماه الرسول عليه الصلاة والسلام، و معلوم أنه غير مخرج من الملة مع كونه محبطا للعمل المتعلق به، فما هو تعليقك؟؟؟
 
توقيع ابو ليث
وإذا علم المسلم أمر دينه ووقر الإيمان في قلبه وعمل بما أمر واجتنب مانهي عنه فإنه ترجى له النجاة في الآخرة ولن يدخل الجنة أحد إلا برحمته جل وعلا كما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم(لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ،قالوا :ولا أنت يارسول الله ؟قال :ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل )
إذا علم أن عبادته لله الخالق الكبير المتعال الذي له الكمال والجمال والقوة والسلطان الذي كل الأمور بيده وتحت سطوته وفي قبضته جل وعلا المستغني عن خلقه أجمعين وكلهم عبيده طائعين وعاصين
إذا علم المسلم هذا ؟
فهل يكون هناك أدنى شك في كفر من استهزا بالله أو وصفه بما يوصف المخلوقين أو سماه بشيء حقير عياذا بالله أو يتنقصه جل وعلا في أولوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ؟
هل يشك مسلم خائف من الله وراجيه هل يشك في كفر من يتفوه بشيء من ذلك في حقه جل وعلا وعز ؟
أجيبوني رحمكم الله فأنا منتظر لردكم عن هذا السؤال
علما هذا السؤال هنا، وما مقمه من موضوع الأخ أبو فريد؟؟؟
أما عن تقرير مسائل التكفير فليس بسؤال العوام، و انما بعرض كلام العلماء الثقات من أمثال الألباني و ابن باز وابن عثيمين و مقبل الوادعي و صالح الفوزان و صالح أل الشيخ و ربيع و زيد المدخلي وسماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية و غيرهم ممن كان على نهجهم ووفق طريقتهم المؤصلة المدللة، فان قلت علما الحصر في هؤلاء دون غيرهم، قلنا لأنهم فرسان هذا الميدان، ومن كان لهم سابق الفضل في اطفاء كثير من الفتن، و هم من شهد لهم القاصي والداني بعلمهم و فضلهم.
 
توقيع ابو ليث
..واليكم بيانا وتوضيحا شافيا من فضيلة الشيخ الدكتورصالح الفوزان (حفظه الله):
التكفير وضوابطه

بقلم : الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء

نعمة ما نقلت أختي يبقى ذكر المصدر من فضلك.
 
توقيع ابو ليث
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
بارك الله فيكم على المشاركة الطيبة وبعد فهذا ما استطعت جمعه من اجابات وأقوال لمشايخ وكبار أهل العلم فيما يخص أسئلتك المطروحة
نبدأ على بركة الله:
(1)
مُواجهةُ (التطرُّف والتكفير) .. لماذا؟!

قد يسألُ سائل، أو يقولُ قائل: ما سببُ (تخصيصكم) مبحثاً منفرداً مُتميّزاً يتعلَّق بـ (التطرُّف والتكفير)؟!

والجوابُ على ذلك يسيرٌ –بفضل الله العلي القدير:

ذلكم أنَّ مسألة التكفير المُعاصرةَ –لِتطرُّف أهلها فيها- بِتشَعُّباتها، وتَبِعَاتها، ونتائِجها: قد أوقعت الأُمةَ –على جميع المستويات والأصعدة –حُكَّاماً ومحكومين- بِفتنٍ، واضطراباتٍ، ومِحَنٍ وبليَّات، فضلاً عن تسلُّط أعداء الأمة عليها، وتكالُبهم ضِدَّها...

وهذا (التحذيرُ) الذي نُطلِقُه ونُكَرِّرُهُ: ليس هو وليدَ أحداث (11 سبتمبر) –أو تداعياتها- !! لا؛ إنَّما هو تحذيرٌ علميٌّ منهجيٌّ أصيلٌ؛ قائمٌ على فهم الإسلامِ الفهمَ الحقَّ؛ بعيداً عن الغُلُوِّ والتطرُّف –وكُلِّ ما يتَّصل بهما، أو يصلُ إليهما-.

ولقد كتبتُ –قبل عشرِ سنواتٍ كاملةٍ! – كتاباً عُنوانه: «التحذير من فتنة التكفير»(1) في نحو مئتي صفحة-؛ أَقَمْتُهُ على فتوى مُحَرَّرَة لشيخنا الإمام الألباني، قرَّظها سماحةُ الشيخ ابن باز، وعلَّق عليها فضيلةُ الشيخ ابن عُثيمين –رحم اللهُ الجميع-.

ومِمَّا كتبته –يومَها- فيه (ص 42-43) بعد كلامٍ-: « ... وَلَسنا نقولُ هذا تَهْويناً مِن شأنِ الحكمِ بما أَنزلَ اللهُ، أو تقليلاً من قدْرِ تطبيقِ الشريعةِ؛ فهذا ما نَحْلُمُ بهِ، وندعو إليهِ، ونحرِصُ عليهِ؛ فاحتكامُ النَّاسِ إلى شريعةِ اللهِ –سبحانَهُ وتعالى- كتاباً وسُنَّةً –فيه سعادتُهم، ونجاتُهم، وهدايتُهم، وصلاحُهم ...

بل كيفَ لنا أَنْ نُهَوَِّنَ من مسألةٍ فظيعةٍ عظيمةٍ مُتردِّدٍ الحكمُ فيها –والفاعلُ لها –بينَ الكفرِ والظلمِ والفسقِ؟!

ولكنَّنا نقول الذي قُلْناهُ؛ ردَّاً لِغُلُوِّ الغالين، وتَكْفيرِ المُكفِّرين؛ الذينَ فَتَحُوا البابَ مُشرَعاً –بأفعالِهم وأقوالِهم- لكلِّ أعداءِ الدينِ ومُناوئيهِ؛ لِيَصِفُوا الإسلامَ بالتطرُّفِ، والمسلمين بالإرهابِ.. من غيرِ تمييزٍ، وبلا تفصيلٍ .. فكانوا بسوءِ صنيعِهم -سدَّاً مَنيعاً في وَجْهِ الدعوةِ الحقَّةِ للإِسلامِ الحقِّ، وسبباً كبيراً للضغطِ على المسلمين، واستِنْزافِ مُقَدَّراتِهم، وَشَلِّ قواهم ...

فاللهُ يُصلِحُهم، ويُسدِّدُ دَرْبَهم ..».

أقولُ:

ففي هذا الكلام فوائدُ عدَّةٌ؛ أهمُّها ثلاث:

الأُولى: تعظيمُ مسألة الحكم بغير ما أنزل الله، وعدم جواز تهوينها، أو التقليل من شأنها.

الثانية: بيان الحكم الشرعيّ الجليّ فيها؛ وهي أنَّها –لمجرَّد الفعل- ليست كفراً أكبر.

الثالثة: كشف الآثار الخطيرة المترتبة على قول أهل (التطرُّف والتكفير) الذين انحرفوا عن الحق في هذه المسألة الكبيرة.

ومِن توفيق اللهِ –تعالى- للعبد الضعيفِ كاتب هذه الكلمات: وقوفُهُ هذه السنةَ (في شهر رمضان –منها-) على كتابٍ عِلْميٍّ –هو في أَصلهِ رسالة ماجستير- من تأْليف الأخ الشيخ عبد السلام السُّليمان- عنوانه: «صِلَة الغُلُوِّ في التكفير: بالجريمة»، ناقشه فيها الشيخ عبد العزيز آل الشيخ –مفتي المملكة العربية السعودية-، والشيخ صالح الفوزان –عضو هيئة كبار العُلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء –سدَّدَهما اللهُ –تعالى-.

وأوَّلُ ما استرعى انتباهي في الكتاب -ووجدتُ نفسي مُسارعاً للبحث عنه، والاطلاع عليه-: مبحثُ (تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله)، وهو المبحث الثاني من الفصل الأول –منه- (ص 80-94)، -والذي عنوانه: (صُوَر الغُلُوِّ في التكفير)-.

وأسوقُ مِن هذا المبحث الدقيق أَهمَّ ما فيه مِمَّا يلتقي –تماماً- ما رجَّحْتُهُ في كتابي «التحذير من فتنة التكفير» -قبل عشر سنوات-. .

ومِن إنصاف المؤلِّف -وإقرار مُناقِشَيْهِ الفاضلين -جزى اللهُ الجميعَ خيراً- رجوعُهُ إلى كتابي «التحذير» -هذا-؛ بالرغم من الحملةِ المجافيةِ للحقِّ(2) التي شُنَّت عليه في السنوات الأخيرة!!

(2)

وهاكم نصَّ كلامهِ -باختصار يسير-:

(تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله:

قال -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44]، وقال -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}[المائدة:45]، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [المائدة:47].

قال عطاء: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.

والصواب: أن مَن حكم بغير ما أنزل الله قد يكون مرتدّاً، وقد يكون مسلماً عاصياً مرتكباً لكبيرة مِن كبائر الذنوب؛ فلهذا نجد أهل العلم قد قسَّموا الكلمات التالية إلى قسمين، وهي كلمة (كافر، وفاسق، وظالم، ومنافق، ومشرك) -فكفر دون كفر- وظلم دون ظلم، وفسوق دون فسوق، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك.

قال ابن القيم: «وإذا حكم بغير ما أنزل الله، أو فعل ما سمَّاه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كفراً، وهو ملتزم للإسلام وشرائعه فقد قام به كفر وإسلام».

قال سفيان بن عُيينة عن هشام بن حُجَير، عن طاووس، عن ابن عباس في قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}: ليس هو بالكفر الذي يذهبون إليه.

وقال عبدالرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: سُئل ابن عباس عن قوله-تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: هو بهم كفر.

قال ابن طاووس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله.

وقال في رواية أخرى عنه: كفر لا ينقل عن الملّة.

فالأكبرُ يُخرج مِن الملَّة لمنافاته أصلَ الدين بالكليَّة، والأصغرُ يَنْقُصُ الإيمان وينافي كماله، ولا يُخرِج صاحبه من الملَّة.

ولهذا فصَّل العلماء القول في من حكم بغير ما أنزل الله:

قال سماحةُ الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- عندما سُئل عن حكم مَنْ حكم بغير ما أنزل الله؟ قال:

مَن حكم بغير ما أنزل الله لا يخرج عن أربعة أنواع:

1- مَن قال: أنا أحكم بهذا؛ لأنه أفضلُ مِن الشريعة الإسلامية، فهو كافرٌ كفراً أكبر .

2- ومَن قال: أنا أحكم بهذا؛ لأنه مثل الشريعة الإسلامية، فالحكم بهذا جائز وبالشريعة جائز، فهو كافر كفراً أكبر.

3- ومَن قال: أنا أحكم بهذا، والحكم بالشريعة الإسلامية أفضل، لكن الحكم بغير ما أنزل الله جائز فهو كافر كفراً أكبر.

4- ومَن قال: أنا أحكم بهذا وهو يعتقد أنَّ الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز، ويقول: الحكم بالشريعة الإسلامية أفضل ولا يجوز الحكم بغيرها، ولكنه متساهلٌ، أو يفعل هذا لأمر صادر مِن حُكَّامه، فهو كافرٌ كفراً أصغر لا يخرج من الملة ويعتبر من أكبر الكبائر.

وقد وُجِّهَ سؤال إلى (اللجنة الدائمة للبحوث العلميّة والإفتاء) في المملكة [العربيّة السعوديّة] في الفتوى رقم (5226) ونصّ السؤال:

س- متى يجوز التكفير؟ ومتى لا يجوز؟

وما نوع التكفير المذكور في قوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]؟

ج: فأما قولك: متى يجوز التكفير؟ ومتى لا يجوز؟

فنرى أن تبين لنا الأمور التي أَشْكَلَتْ عليك حتى نبين لك الحكم فيها.

فأما نوع التكفير في قوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} فهو كفرٌ أكبر، قال القرطبي في «تفسيره»:

«قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ومجاهد -رحمه الله-: ومَن لم يحكم بما أنزل الله ردّاً للقرآن وجحداً لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر» انتهى.

وأما مَنْ حكم بغير ما أنزل الله، وهو يعتقد أنه عاصٍ، لكن حمله على الحكم بغير ما أنزل الله ما يُدْفَع إليه من الرشوة أو غير هذا، أو عداوته للمحكوم عليه، أو قرابته، أو صداقته للمحكوم له، ونحو ذلك -فهذا لا يكون كفره أكبر، بل يكون عاصياً، وقد وقع في كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.

وبالله التوفيق.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو: عبدالله بن قعود - عضو: عبدالله بن غديان - عضو: عبدالرزاق عفيفي - الرئيس: عبدالعزيز بن عبد الله بن باز

***

وفي تعليق للشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- على كلام الشيخين الألباني وابن باز -رحمهما الله- حول (فتنة التكفير) فقال:

الذي فُهم من كلام الشيخين: أن الكفر لمن استحلَّ ذلك، وأمّا مَن حكم به على أنه معصية مخالفة، فهذا ليس بكافر؛ لأنه لم يستحله، لكن قد يكون خوفاً أو عجزاً، أو ما أشبه ذلك، وعلى هذا فتكون الآيات الثلاث منزلة على أحوال ثلاث:

1- مَن حكم بغير ما أنزل الله بدلاً عن دين الله، فهذا كفرٌ أكبرُ مخرج عن الملّة؛ لأنه جعل نفسه مُشَرِّعاً مع الله -عز وجل-، ولأنه كارهٌ لشريعته.

2- مَن حكم به لهوى في نفسه، أو خوفاً عليها، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يكفر، ولكنه ينتقل إلى الفسق.

3- مَن حكم به عدواناً وظلماً، وهذا لا يتأتَّى في حكم القوانين ، ولكن يتأتى في حكم خاصّ ، مثل أن يحكم على إنسان بغير ما أنزل الله لينتقم منه – فهذا يقال إنه : ظالم.

فتتـزّل الأوصاف على حسب الأحوال.

ومن العلماء من قال: إنها أوصاف لموصوف واحد، وأنّ كلَّ كافر ظالم، وكل كافر فاسق، واستدلوا بقوله -تعالى-: {والكافرون هم الظالمون}[البقرة:254]، وبقوله -تعالى-: {وأما الذين فسقوا فمأواهم النّار} [السجدة:20]، وهذا هو الفسق الأكبر.

يتبع باذن الله...


 
تكفير الحكام والعلماء:

يقول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين –رحمه الله-:

إن الأمر يكون أشد خطراً إذا نُسب التكفير إلى ولاة الأمور، وولاة الأمور العلماء والأمراء، لقول الله -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم} [النساء:59]، وأولو الأمر -كما قال علماء التفسير-: العلماء والأمراء؛ لأنّ العلماء يتولون أمور المسلمين في بيان الشريعة والدعوة إليها، والأمراء يتولون أمور المسلمين في تنفيذ الشريعة وإلزام الناس بها؛ فإذا وقع التكفير لهؤلاء فليس جناية عليهم لأشخاصهم، إذ هذا لا يضر بأشخاصهم؛ لأنهم يعرفون أشخاصهم ولا يهمهم القول . . .

إلى أن قال -رحمه الله-:

وتكفير ولاة الأمور يتضمن مفسدتين عظيمتين: مفسدة شرعية، ومفسدة اجتماعية.

أمّا المفسدة الشرعية: فهي أن العلماء الذين أُطلق عليهم الكفر لن ينتفع الناس بعلمهم، وعلى الأقل يحصل التشكيك أو الشك في أمورهم، وحينئذٍ يكون هذا الرجلُ الذي كفّر العلماء يكون هادماً للشريعة الإسلامية؛ لأنّ الشريعة الإسلامية تُتلقّى من العلماء؛ ولأنّ العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يُوَرِّثوا درهماً ولا ديناراً، إنّما وَرّثُوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر من ميراثهم.

أمّا تكفيرُ الأُمراء فإنّه يتضمّن مفسدة اجتماعية عظيمة: وهي الفوضى والحروب الأهليّة، التي لا يَعلم متى نهايتها إلا الله -عزّ وجل-، ولذلك يجب الحذرُ من مثل هذا، ويجب على مَن سمع أحداً يطلق هذا القول أن ينصحه ويُخَوِّفَهُ بالله -عزَّ وجل- ويقول له: إذا كنت ترى أن شيئاً مِن الأفعال كفرٌ -مِن عالِم مِن العلماء- فالواجب عليك أن تتصل به وأن تناقشه في الموضوع، حتى يتبيّن لك الأمر).

إلى أن قال:

(والأمثلةُ كثيرةٌ التي تثير مسألة التكفير لولاة الأمر -الأمراء والعلماء- والتي بسببها خرجت الفتنُ، وحصل بسببها القتل والسلب والنهب وأكل أموال الناس بالباطل، وهُتكت الأعراض، وضعف الأمن، وكثر الخوف بين العامة والآمنين.

وكما قال الشيخ محمد ابن عثيمين -رحمه الله-: إن تكفير ولاة الأمور يتضمن مفسدتين عظيمتين: مفسدة شرعية، ومفسدة اجتماعية، يقول الشيخ -رحمه الله-:

«فالله -الله- في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان، وأن لا يُتَّخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإِثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور؛ فهذا عين المفسدة وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس.

كما أن ملءَ القلوب على ولاة الأمر يُحدث الشرّ والفتنة والفوضى، وكذا ملء القلوب على العلماء يُحدث التقليل من شأن العلماء، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها، فإذا حاول أحدٌ أن يقلّل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر ضاع الشرع والأمن؛ لأن الناس إن تكلم العلماء لم يقتدوا بكلامهم، وإن تكلم الأمراء تمرّدوا على كلامهم، وحصل الشر والفساد.

فالواجب أن ننظر: ماذا سلك السلف تجاه ذوي السلطان؟ وأن يضبط الإنسان نفسه، وأن يعرف العواقب.

ولْيعلم أن من يثور إنما يخدم أعداء الإسلام، فليست العبرةُ بالثورة ولا بالانفعال، بل العبرة بالحكمة، ولست أريد بالحكمةِ السكوتَ عن الخطأ بل معالجة الخطأ لنصلح الأوضاع، لا لنغيّر الأوضاع، فالناصح هو الذي يتكلّم ليصلح الاوضاع لا ليغيرها» اهـ.

ويقول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- في كلام له نفيس جامع نافع في الموضوع:

«وهناك شبهة عند كثير من الشباب استحكمت في عقولهم، وأثارت عندهم مسألة الخروج على الحكام، وهي: أن هؤلاء الحكام مبدِّلون، وضعوا قوانين وضعية من عندهم، ولم يحكموا بما أنزل الله والحكم موجود، لكن وضعوا قوانين من عندهم!

فحكموا بردة هؤلاء وكفرهم، وبَنَوْا على ذلك أن هؤلاء ما داموا كفاراً يجب قتالهم، ولا ينظر إلى حالة الضعف؛ لأنّ حالة الضعف قد نُسخت بآية السيف، فما بقي هناك مجالٌ للعمل بحالة الاستضعاف -كما يقولون- التي كان عليها المسلمون في مكة!!

فالجواب على هذه الشبهة أن نقول:

لا بدّ أن نعلم -أولاً- هل انطبق عليهم وصف الردة أم لا؟ وهذا يحتاج إلى معرفة الأدلة الدالة على أن هذا القول أو الفعل ردة؛ ثمّ تطبيقها على شخص بعينه، وهل له شبهة أم لا؟

يعني: قد يكون النصّ قد دَلّ أن هذا الفعل كفر، وهذا القول كفر، لكن هناك مانعٌ يمنع من تطبيق حكم الكفر على هذا الشخص المعين.

والموانع كثيرة؛ منها: الظنّ -وهو جهل- ومنها: الغلبة، فالرجل الذي قال لأهله: إذا مِتُّ فأحرقوني ثمّ اسحقوني ثمّ اذروني في الريح في البحر، فإن الله لو قدر عليَّ ليعذبنِّي عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين.

هذا الرجل ظاهر عقيدته الكفر والشكّ في قدرة الله، لكن الله لما جمعه وخاطبه، قال: يا رب إني خشيت منك -أو كلمة نحوها-، فغفر له، فصار هذا الفعل منه تأويلاً.

ومثله ذلك الرجل الذي غلبه الفرح، وأخذ بناقته قائلاً: «اللهم أنت عبدي وأنا ربك» كلمة كفر، لكن هذا القائل لم يكفر؛ لأنّه مغلوب عليه، أخطأ من شدّة الفرح، أراد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك.

والمكره يُكره على كلمة الكفر فيقول كلمة الكفر، أو يفعل فعل الكفر، لكن لا يكفر بنص القرآن؛ لأنه غير مريد، وغير مختار.

وهؤلاء الحكام، نحن نعرف أنهم في المسائل الشخصية كالنكاح والفرائض -وما أشبهها- يحكمون بما دلّ عليه القرآن -على اختلاف المذاهب-، وأما في الحكم بين الناس فيختلفون.

ولهم شبهة يوردها لهم بعض علماء السوء، يقولون: إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أنتُم أعلمُ بأمور دُنياكُم» وهذا عام، وكل ما تصلح به الدنيا فلنا الحرية فيه؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»!

وهذا لا شك شبهة، لكن هل هو مُسَوِّغٌ لهم في أن يخرجوا عن قوانين الإسلام في إقامة الحدود، ومنع الخمور، وما شابه ذلك؟

وعلى فرض أن يكون لهم في بعض النواحي الاقتصادية شبهة، فإن هذا ليس فيه شبهة.

وأما تمام الإشكال المطروح فيقال فيه: إذا كان الله -تعالى- بعد أن فرض القتال قد قال: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قومٌ لا يفقهون} [الأنفال:65]، فكم هؤلاء ؟! واحدٌ بعشرة، ثم قال: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين} [الأنفال:66].

وقد قال بعض العلماء: إن ذلك في وقت الضعف، والحكم يدور مع علته، فبعد أن أوجب الله عليهم مصابرة العشرة قال: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً}.

ثم نقول: إن عندنا نصوصاً محكمة تبيّن هذا الأمر وتوضحه؛ منها قوله -تعالى-: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة:286].

فالله -سبحانه- لا يكلف نفساً إلا وسعها وقدرتها، والله -سبحانه- يقول -أيضاً–: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن:16] فلو فرضنا أن الخروج المشار إليه على هذا الحاكم واجبٌ، فإنه لا يجب علينا ونحن لا نستطيع إزاحته، فالأمر واضح؛ لكنه الهوى يهوي بصاحبه»(3).

قلتُ:

هذا آخرُ كلامهِ ونُقولهِ –جزاه الله خيراً- والعزوُ الأخيرُ له- بإقرار الشيخين الفاضلين –سدّدهما المولى –سبحانه- ...

وفي النصِّ (النفيس الجامع النافع) المنقول -أخيراً- عن سماحة الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- تضمينٌ لمسألة (الحكم بغير ما أنزل الله)، وتسمياتها الحادثة (التبديل)، و(التقنبن)، و(التشريع)، وبيان ُ أنَّ الحكمَ واحدٌ، وهو التفصيلُ...

... وإنِّي لَأُكَرِّرُ –في هذا المقام- كلمةً ذكرتُها مِراراً عدّة، وكتبتُها في مواطنَ مُتعدّدة –ذاتَ صِلَةٍ مُباشِرةٍ بما نحن فيه-:

«مَن لم يَقْنَع بالدليل؛ فسوفَ يُقنِعُهُ الواقع الذليل»!!

ولا مُفَرِّج إلا اللهُ العظيم الجليل...

ـ = ـ = ـ = ـ = ـ = ـ = ـ = ـ

(1) وقد طُبع –منذ ذلك الحين- أربع طبعات – بحمد الله وتوفيقهِ.

(2) انظر -لردِّها- كتابَيَّ: «الأجوبة المتلائمة»، و«التنبيهات المتوائمة . .» -وهما مطبوعان سائران-.

(3) «التحذير من فتنة التكفير» جمع علي الحلبي (ص103-111)، (تعليق الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- على كلام الشيخين الألباني وابن باز -رحمهما الله- في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله).

يتبع باذن الله...
 
آخر تعديل:
فتاوي العلماء في رأس التكفير

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .

أما بعد معشر إخواننا المسلمين جعلنا الله وإياكم على النعم شاكرين وعند البلوى والمحن صابرين فقد ظهر في وقتنا وفشا فيه كثير من الفتن وتغيير الأحوال وفساد الدين واختلاف القلوب واحياء البدع وإماتة السنن ما دل على إنقراض الدنيا وزوالها ومجىء الساعة واقترابها إذ كل ما قد تواتر من ذلك وتتابع وانتشر وفشا وظهر قد أعلمنا به صلى الله عليه وسلم وخوفناه وسمعه منه صحابته رضوان الله عليهم وأداه عنهم التابعون رحمة الله عليهم ونقله أئمتا إلينا عن أسلافهم ونقله لنا الثقات من الرواة .

وإن من هذه البلايا والرزايا التي ابتلي به كثير من شباب هذه الأمة افتتانهم بما يسمى ( أسامة بن لادن ) الذي ركب الصعب والذلول في سبيل إحياء سنن الخوارج ، وإلصاقها بالدعوة السلفية الحقة ، وإضفاء الشرعية على أعماله الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المسلمة باسم الجهاد ، فكان أن قيض الله من هذه الأمة علماء جهابذة وقفوا له بالمرصاد وبينوا عواره ، وهتكوا أستاره ، ولكن دعاة الباطل يحاولون بكل ما يستطيعون إخفاء فتاوى هؤلاء العلماء الكبار عن الناس ، ولكن يأبى الله تعالى إلا أن يظهر الحق وقمع الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً ، فإليك رحمك الله هذه الفتاوى الشرعية الموثقة في ما يسمى ( أسامة بن لادن ) :

الفتوى الأولى للعلامة الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

. مجلة البحوث الإسلامية العدد 50 ص 7- 17 :

قال الإمام بن باز – رحمه الله : (( أما ما يقوم بهالآن محمد المسعري وسعد الفقيه وأشباههما من ناشري الدعوات الفاسدة الضالة فهذا بلا شك شر عظيم ، وهم دعاة شر عظيم ، وفساد كبير ، والواجب الحذر من نشراتهم ، والقضاءعليها ، وإتلافها ، وعدم التعاون معهم في أي شيء يدعو إلى الفساد والشر والباطل والفتن ؛ لأن الله أمر بالتعاون على البر والتقوى لا بالتعاون على الفساد والشر ، ونشر الكذب ، ونشر الدعوات الباطلة التي تسبب الفرقة واختلال الأمن إلى غير ذلك .

هذه النشرات التي تصدر من الفقيه ، أو من المسعري أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها ، ويجب نصيحتهموإرشادهم للحق ، وتحذيرهم من هذا الباطل ، ولا يجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذاالشر ، ويجب أن ينصحوا ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يدَعوا هذا الباطل ويتركوه .

ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدَعوا هذا الطريقالوخيم ، وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يتوبواإلى الله مما سلف منهم ، والله سبحانه وعد عباده التائبين بقبول توبتهم ، والإحسان إليهم ، كما قال سبحانه : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىأَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} وقال سبحانه : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } والآيات في هذا المعنى كثيرة ))


الفتوى الثانية للعلامة الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

. ذكر الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله - في (جريدة المسلمون والشرق الأوسط - 9 جمادىالأولى 1417هـ) : أن أسامة بن لادن من المفسدين في الأرض، ويتحرى طرق الشر الفاسدةوخرج عن طاعة ولي الأمر.

فتوى المحدث الشيخ مقبل بن هادي الوادعي– رحمه الله - :

. في لقاء مع علامة اليمن الشيخ مقبل بن هاديالوادعي - رحمه الله- في جريدة الرأي العام الكويتية بتاريخ 19/12/1998 العدد : 11503 قال الشيخ مقبل -رحمه الله- : (( أبرأ إلى الله من بن لادن فهوشؤم وبلاء على الأمة وأعمــاله شر )).

و في نفس اللقاء :(( السائل : الملاحظ أن المسلمين يتعرضون للمضايقات في الدول الغربية بمجرد حدوث انفجار في أي مكان في العالم ؟

أجابالشيخ مقبل : أعلم ذلك ، وقد اتصل بي بعض الأخوة من بريطانيا يشكون التضييق عليهم ،ويسألون عما إذا كان يجوز لهم إعلان البراءة من أسامة بن لادن ، فقلنا لهم تبرأنا منه ومن أعماله منذ زمن بعيد ، والواقع يشهد أن المسلمين في دول الغرب مضيق عليهمبسبب الحركات التي تغذيها حركة الإخوان المفلسين أو غيرهم ، والله المستعان .السائل : ألم تقدم نصيحة إلى أسامة بن لادن ؟

أجاب الشيخ : لقد أرسلت نصائح لكن الله أعلم إن كانت وصلت أم لا ، وقد جاءنا منهم أخوة يعرضون مساعدتهم لنا وإعانتهم حتى ندعو إلى الله ، وبعد ذلك فوجئنا بهم يرسلون مالا ويطلبون منا توزيعهعلى رؤساء القبائل لشراء مدافع ورشاشات ، ولكنني رفضت عرضهم ، وطلبت منهم ألا يأتواإلى منزلي ثانية ، وأوضحت لهم أن عملنا هو دعوي فقط ولن نسمح لطلبتنا بغير ذلك )) أهـ.

وقال الشيخ مقبل – رحمه الله - في كتاب (تحفة المجيب) من تسجيل بتاريخ 18 صفر 1417 هـتحت عنوان (من وراء التفجيرات في أرض الحرمين؟ ) : (( وكذلك إسناد الأمور إلى الجهال،فقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعهمن العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالمًا اتّخذ النّاسرءوسًا جهّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا )).

كما يقال: العالمالفلاني ما يعرف عن الواقع شيئًا، أو عالم جامد، تنفير، كما تقول مجلة "السنة" التي ينبغي أن تسمى بمجلة "البدعة"، فقد ظهرت عداوتها لأهل السنة من قضية الخليج.

وأقول: إن الناس منذ تركوا الرجوع إلى العلماء تخبطوا يقول الله عز وجل: {وإذاجاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم }، وأولي الأمر هم العلماء والأمراء والعقلاءالصالحون.

وقارون عند أن خرج على قومه في زينته قال أهل الدنيا: {يا ليت لنا مثلما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم * وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون }.

والعلماء يضعون الأشياء مواضعها: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلاّ العالمون }، {إنّ في ذلك لآيات للعالمين }، {إنّما يخشى الله من عباده العلماء }، {يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات }. فهل يرفع الله أهل العلم أم أصحاب الثورات والانقلابات وقد جاء في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ eسئل: متى السّاعة؟ فقال: (( إذا وسّد الأمر إلى غير أهلهفانتظر السّاعة)) رئيس حزب وهو جاهل.ومن الأمثلة على هذه الفتن الفتنة التي كادت تدبر لليمن من قبل أسامة بن لادن إذا قيل له: نريد مبلغ عشرين ألف ريال سعودي نبني بها مسجدًا في بلد كذا . فيقول: ليس عندنا إمكانيات، سنعطي إن شاء الله بقدر إمكانياتنا. وإذا قيل له: نريد مدفعًا ورشاشًا وغيرهما. فيقول: خذ هذه مائة ألف (أو أكثر) وإن شاء الله سيأتي الباقي ))


فتوى الشيخ العلامة أحمد النجمي – حفظه الله - :

. سئل الشيخ العلامة أحمد النجمي–حفظه الله-:

أحسن الله إليك هذا سائل يقول قد صح النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : (( لعن الله من آوى محدثاً ))،هل هذا الحديث ينطبق على دولة طالبان و خاصة أنهم يؤون الخوارج ويعدونهم في معسكر الفاروق الذي يشرف عليه أسامة بن لادن و فيه أربعة فصائل: الفصيل الأول فصيل المعتم ، وفصيل الشهراني ، و فصيل الهاجري ، وفصيل السعيد ، وهؤلاء الأربعة هم الذين فجروا في العليا ، و يكفرون الحكام و يكفرون العلماء في هذه البلاد ؟

فأجاب الشيخ -حفظه الله-: (( لا شك أن هؤلاء يعتبروا محدثين،و هؤلاء الذين آووهم داخلون في هذا الوعيد الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم و اللعنة التي لعنها من فعل ذلك، (( لعن الله من آوى محدثاً )) فلو أن واحداً قتل بغير حق و أنت أويته و قلت لأصحاب الدم ما لكم عليه سبيل و منعتهم ، ألست تعتبر مؤوياً للمحدثين ! )) أهـ.

فتوى معالي الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله - :

. قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ في (جريدة الرياض )بتاريخ ( 8/11/2001 ) في جانب الانحراف في فهم الإسلام ، هذا له أسباب كثيرة جداً ، لكن من أهمها أن المعلم في التعليم ما قبل الجامعي يحتاج إلى نظرة جادة ، أنا لست مع الذين يقولون إن المشكلة في المناهج ، إن المشكلة في المعلم والمعلم الآن يعطي منهجاً مختصراً ، وهذا المنهج لو أتينا ونشرحه مثلاً خذ منهج العقيدة في المتوسط هذا المنهج يمكن أن نقرأه في يوم كله من أوله إلى أخره لأنه كله عشرون صفحة أو ثلاثون صفحة، وهو الآن (المعلم) يعلّم هذا المنهج لمدة سنة أو كل يوم ساعة، هنا الشرح الذي سيكون، أن بعض المعلمين عندما يعطي المعاني غير الصحيحة وأنا واجهت هذا عند أولادي حيث يأتون ويقولون إن هذه معناها كذا وكذا ومفهومها كذا وتطبيقها بهذا الشكل، ويكون هذا خلاف الصحيح حتى في مسائل التوحيد والعقيدة يطبقونها بشكل خاطئ، والمنهج هو نفس المنهج الديني الذي درستموه كلكم..فلماذا قبل ثلاثين سنة لم يؤد إلى انحراف أو غلو ديني ولم يعط إلا خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة؟ وفي الخمس عشرة سنة الأخيرة صار هناك اندفاع كبير جداً من الشباب يحتاج إلى علاج.

ومن أهم أسبابه هو المعلم ، ولهذا أقول من الضروري أن يكون المعلم للموضوعات الشرعية والدينية معداً إعداداً صحيحاً وليس كل متخرج في كلية شرعية أو من كلية إسلامية يصلح لأن يعلم.إن المعلم يحتاج حتى تضبطه إلى إعداد أولاً ويحتاج إلى كتاب معلم مفصل لا يخرج عنه، وإذا خرج عن كتاب المعلم هذا يحاسب عليه لأن كتاب المعلم لا وجود له في المسائل الدينية، هناك كتاب الفقه، كتاب التوحيد، كتاب التفسير، لكن أين الشرح ومن أن يأتي به يعطونك مدارس كثيرة جداً. حتى إنه في هذه الأزمة ربما سمعتم بعض المدرسين يمجد أسامة بن لادن وهذا خلل في فهم الإسلام ))

يتبع باذن الله...
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

هذه دعوة للاخوة رواد المنتدى والمهتمين والمتمكنين والمطلعين على الامور الشرعية والفقهية .

اود ان يفتح باب حوار وتبيين بالدلائل والبراهين والاحاطة بضاهرة وقضية خطيرة لا يعرف منها الخيط الابيض من الاسود ولا نعرف من يقف ورائها بهذا الحجم الكبير والمهدد للامة تتعاضم يوما بعد يوم يمارسها فئات وجماعات حملت على ضهورها امرا جللا وأحكاما خطيرة لا يعلم عضم شئنها ومصيرها الا المولى عزوجل .

الضاهرة هي التكفير والقذف والتنابز باللقاب
سواء شخص عادي , شخصية معروفة , امام او شيخ او عالم دين , سياسي , حاكم

لكن الأخطر هو التكفير والاخراج من الملة .

أكيد نصادف يوميا في مجالسنا او مجالس نصادفها في الواقع المعيش او عبر مواقع ومنتديات الانترنت .تعقيبات ومداخلات ومقالات تكفر وتقذف في شرف وسيرة شخص معين وتشكك في نواياه وعلاقته بالدين وبالمسلمين وبالاحداث وتعطى له القاب اغلبها شتم وفحش وعبارات غير لائقة وجارحة . ويصل الامر الى تصنيفه كافرا ومنافقا وعدوا لله وللاسلام وللمؤمنين .

ومهما كان الشخص المتهم وبلغ ما بلغ او قدم ما قدم او فعل مافعل فانه يلقى وابلا من الشتائم والاتهامات سواء مدللة او مفبركة او صاحبها جره السيل فيرمي دون علم ودون يقين فقط هو يتبع جماعة معينة او مجلسا يمارس هذا الفعل العضيم الذي يرونه بسيطا وهو عند الله من الجرائم . ويرون في نفسهم القائم على التصنيف والاحكام فيرفعون شخصا ويحطون من شخص يرون في انفسهم الحق والمبادرة والاولوية بالكلام والحكم والفرض .

والمصيبة الاقتباس من مواقع لا نعرف لها مصدرا ولا وكيلا فينهل منها البعض اسباب التكفير ودلائلها لشخصيات معينة فننسخ ما ادرج فيها من فقرات ومقاطع وصور تبرمج وتركب على هوى بعض الجماعات فتقتنص قولا او حركة وتبني عليها الحكم بالتكفير والخروج عن الدين والشرع وتنشره عبر المنتديات والمواقع والمتصفح ينهل منها دون دراية قد تقوده عاطفته للاتباع او قد يقوده عقله للتبين والتحقق من الحقائق وهذا ما نرجوه للمسلمين .

بعض الاقوال والافعال يمارسها الاشخاص من منطلق منصبه او مكانته بين الناس وفي الامة قد لا تتماشى مع رغبات وقد تعارض اهداف ومعتقدات ومفاهيم لشخص او مجموعة تدخلهم في خانة النفاق والتؤامر على الامة وتضعهم في قفص الاتهام وقد لا يدخلونه ويحكم عليهم مسبقا قبل المحاكمة والتحقق بالكفر والخروج عن الملة والاسلام . هذا الامر هل له ضوابط وحدود وقيود حتى يصل الحكم في الاخير الى التكفير من طرف العامة .

هل يعطى هؤلاء فرصة للتبرير او التفنيد وابراز الحقيقة التي تغيب وسط الفتن والدسائس والغوغاء

نفتتح الحوار بالسؤال التالي :

التكفير ماهو من يمارسه أو يحكم به ما ضوابطه ماعواقبه هل يكفر الناس على أمور معينة دون أخرى . هل الحكم بالكفر على شخص ينطق به عامة الناس ام جماعة او هيئة او شخص بعينه .
كيف يتم كل هذا ؟

ارجو المشاركة جديا والاهتمام بالنقاش لانه مهم ومهم جدا خصوصا في المرحلة الحالية التي نعيشها وبروز الفتن والقلاقل والدسائس للامة الاسلامية .
الآن أعود إليك أخي الفاضل، فأقول حياك الله بتحية الإيمان ووفقك و سددك تلقاء هذا الاهتمام.
حقيقة لا مرية فيها، انتشرت في الآونة الأخيرة كثير من المواضيع التي تقضي و تخب في مسائل التكفير، من بينة ولا بصيرة و لا روية ولا حتى ذكر للمصادر التي تنقل منها كثير و خطير هذه الأحكام، و لطالما فعلت أمثال هذه المواضيع فعلتها في الأمة الإسلامية، فنشرت النار وأثارت الدمار و فرقت الشمل و هزت الأمة بهزات أخطر ما تكون من هزات الزلال الخطير أو الانفجار الكبير، و هذا في ظل إتباع المتشابه و ترك المحكم، والاستدلال بالمجمل دون المفصل، و استفتاء صغار الأسنان في العلم دون كبارهم، فشاع في الأمة تكفير الأخ لأخيه، و الابن لأبيه، و الطالب الصغير للعالم الكبير، وهذا كله بسبب التكلم في مسائل التكفير بغير دليل و لا تبرير ولا سند إلى أهل العلم الذين عندهم الأهلية في ذلك، وتكفينا حادثة الجزائر كأبرز مثال و دليل على ما أقول.

و اليوم الدنيا تتقطع بالفتن بسبب عدم تحكيم سنة الرسول في البعد عنها و عدم طلبها أو السعي فيها، و لما يتكلم العلماء الربانيون الذين يوصون بالروية في علاج الأمور يُسامون و ويصافون بالتخذيل، و هذا كله بسبب تحكيم العاطفة العاصفة بأصحابها و من اتبعهم و أحاط بهم، والبعد عن حكمة العلماء و حسن تقديرهم للأمور قدرها اللازم، فلا لعلاج لهذا الأمر الهام الا بإزاحة أهل الفتن و رؤوسها عن الميدان، و مناقشة شبهاتهم التي يوردونها، و الزمهم بدليل ما يدعون ومن الذين إليهم يرجعون في تقريراتهم و أحكامهم المترجلة، و كذلك ربط الأمة بالعلماء الأكيس الفطناء، النبهاء الحكماء، أولي البصيرة في الدين، و الروية في الحكم على الآخرين، خاصتا ما كان على سبيل التعيين، اذ لا بد من توفر الشروط كالعلم والعقل و انتفاء الموانع كالإكراه والجنون، ألا أترى أن للأمر قيود و ليس على إطلاقه، فتنبهوا يا إخوان مما يحاك لكم من وراء بعض المواضيع التي تنشر عبر المنتدى في التكفير، و لا يدرى من أصحابها و لا من زكاهم و لا حتى توافق أدلتهم مع ما يستدلون له، فكثير هي الشبهات التي تثار حول هذا الموضوع، فلا ترعوا لها سمعكم، و لا تحيطوها باهتمامكم ، اذ الشبه خطافة و القلب ضعيف.
لي عودة باذن الله.
وفق الله الجميع الى ما فيه رضاه.
 
توقيع ابو ليث
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله مُحمد وعلى آله وصحبه. أما بعد:

عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ ما أَتَخَوف عليكم رجل قَرأ القرآن حتى إذا رُئِيَت بَهجته عليه وكان ردءاً للإسلام غَيَّرَه إلى ما شاء الله فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسَعَى على جَارِه بالسيف ورماه بالشرك. قال قلت يا نَبِيَّ الله أيُّهُما أَولَى بالشرك المرمي أم الرامي؟ قال: بل الرامي) رواه ابن حبان في صحيحه. وقال ابن كثير عن إسناده هذا إسناد جيد ، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد وصححه الألباني رحمهم الله.


أيها القراء الكرام؛ إنَّ هذا حديث عظيم القَدْر لأنه يُشَخِّصُ مَرضاً مِن أَفْتَكِ أمراض العصر، ألا وهو مَرض التكفير بغير حقّ، ثم ما ترتب على التكفير مِن استحلال الدماء والأموال وإشاعة الفوضى والرعب في بلاد المسلمين.

ولنا معه في هذا المقام عدد من الوقفات:

أولاً: إنَّ نبِي الله صلوات الله وسلامه عليه لم يكن ينطق عن هوى بل كان ما جاء به وحيٌ أَوْحَاهُ الله إليه، والله علام الغيوب لا تخفى عليه خافية ماضية أو حاضرة أو مستقبلة.
وقد سبق في علمه سبحانه أن سيكون في هذه الأمة من سَيُكفر المسلمين بغير حقّ ويسفك دماءهم بغير حقّ، فلذا حَذَّرَنَا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفتنة حتى نكون على بَيِّنَةٍ وبصيرة منها فلا تَجرفنا تياراتها ولا تُهلكنا أعاصيرها حيث نرى أنها الحق وأن ما خالفها هو الباطل.

ثانياً: هذا الرجل الذي تَخَوفه علينا النبي صلى الله عليه وسلم كان من شأنه أنه قرأ القرآن أي حفظ حروفه وأتقن قراءتها، وكان ردءاً للإسلام أي صاراً ناصراً للإسلام ومدافعاً عنه وذاباً عنه بأي نوع من أنواع النصرة بتعليمه القرآن أو جهاده بالقلم أو بالسيف أو بغير ذلك من الوسائل.

ولا شك أن فتنة هذا الصنف أعظم من فتنة غيره لأنه مَحسوب على الإسلام، يتكلم بلسان الدين، ويلبس عِباءة الدين، فالناس أسرع له تصديقاً، وأعظم به ثقة، بِخلاف مَن عُرف بِتَهَتُّكِهِ وفُجُوره وفُسُوقه وانسلاخه فهذا لا يُقبل منه ولا يُلتفت إليه ولا يُؤْبَهُ به بل لا يَزيده حربه للدين إلا مَقتاً عند الناس وانحطاطاً في أعينهم.

ثالثاً: هذا الرجل بعد أن قرأ القرآن وصار منه ما صار من خِدمة الإسلام غَيَّرَهُ إلى ما شاء الله، أما تغيير حروفه فلا يستطيع لأنه سرعان ما يفتضح فالقرآن مَحفوظ ولو غُيِّرَت نسخه أو عشر أو مئة فكتاب الله مَحفوظ في المصاحف وفي الصدور والحمد لله كما قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُون ) ويدخل القرآن في الذِّكر دُخولاً أولياً.

ولكن هذا الرجل غَيَّرَ تأويل القرآن وَحَرَّفَ معانيه ونَزَّلَ آياته على غير مَحامِلِها الصحيحة، ومِن ذلك مَثلاً أنْ جَعل الكبائر بِمنزلة الكفر فَكَفَّرَ بالمعاصي، وبناءً على ذلك تَجده يُكَفِّرُ المسلمين بغير حقّ.

ومن ذلك مثلاً أن يُفسر الآية تفسيراً مُجْمَلاً عاماً مع أنَّهَا تَحتمل أكثر مِن مَعنى، لا يستقيم المعنى الصحيح لها إلا بالتفصيل مثل قوله تعالى ( وَمَن لَم يَحكُم بِما أَنزلَ الله فأولئك هُم الكافرون )، فيُفسرها تفسيراً عاماً فَيُكَفِّر كل مَن حَكَمَ بغير ما أنزل الله وهذا مِن أبطل الباطل.

إنَّ العالم المجتهد إذا أفتى وأخطأ في فتواه فقد حكم بغير ما أنزل الله، فهل يكون بذلك كافراً معاذ الله !! بل هو مأجور عند الله أجراً واحداً لاجتهاده.

إنَّ السلف الصالح فسروا هذه الآية بِما مُقضاه أنَّ الحاكم يَكْفُرُ إذا حَكَمَ بغير ما أنزل الله إذا كان مُسْتَحِلاً والعياذ بالله، أما إذا لَم يستحل فهو مِن باب كُفْر دُون كُفر كما قاله ابن عباس وغيره، أي كُفر لكنه دون الكفر الأكبر، أما إذا كان خَطَئاً في الاجتهاد مِمَّن له حقّ الاجتهاد فهذا مأجور على اجتهاده مغفور له خطأه.

ومن أمثلة تحريف معاني القرآن عند هذا الصنف من الناس أن يأتي إلى النص الشرعي الذي يُخاطب وُلاَة الأُمور فينزله الواحد منهم على نفسه، ومثال ذلك أنَّ الله تعالى قال في كتابه (يا أيها النبي حَرِّض المؤمنين على القتال) فيقوم الواحد منهم وهو في ظل دولة لها إمام فيُحرض الناس على ما يسميه هو جهاداً بدون أن يُخَوله ولي أمر المسلمين بذلك ويقول أنا أمتثل قول الله تعالى (يا أيها النبي حَرِّضِ المؤمنين على القتال) ولا شك أنَّ هذا باطل من القول، وإذا أردت أن تعرف بطلانه فانظر هل كان الصحابة يُعلنون الجهاد مِن عند أنفسهم أم كانوا ينتظرون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم يُجاهدون بأمره ويكفون بأمره.

أفهؤلاء القوم أحرص على تطبيق القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لا. ولكن مَنع أولئك العلمُ والتقوى والوقوفُ عند حدود الله.

إنَّ الله خَاطَبَ نَبِيَّهُ بالتحريض على القتال باعتبار أنه ولي أمر المسلمين وإمامهم ، وهو خِطابٌ مِن بَعدِه لأُولي الأمر فأمر الجهاد مَوْكُولٌ إليهم باتفاق الأئمة قال صلى الله عليه وسلم ( الإمام جُنَّة يُقَاتَلُ مِن وَرَائِه ).

ومِن أمثلة تغيير معاني القرآن أنهم يَجيئون إلى آيات النهي عن موالاة الكفار فأدخلوا في الموالاة المحرمة التعامل المباح الذي دَلَّ الكتاب والسنة على إباحته، فإذا تعاقدت الدولة المسلمة مع الدولة الكافرة قالوا هذا كُفر ورِدَّة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قَدم المدينة أَبرَمَ اتفاقية حسن الجوار مع يهود المدينة ثم أبرم عهد الصلح مع مشركي قريش في الحديبية.

وإذا حصل التبادل التجاري مع الدولة الكافرة قالوا هذه موالاة وحرموا على الناس شراء المنتجات التي تأتي من دول الكفر، مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَاتَ ودِرْعهُ مَرهونة عند يهودي اشترى منه ثلاثين صاعاً من شعير فلم يكن عنده قيمته فرهن لديه درعه صلوات الله وسلامه عليه.

فهذه بعض صور تغيير معاني القرآن الكريم التي ضلوا بسببها وأضلوا كثيراً مِمَّن لا فِقْهَ عنده ولا عِلم ولا بَصيرة.

رابعاً: هذا التغيير لمعاني القرآن ولأحكام الشريعة له سببان رئيسان.

الأول: الجهل، وسبب الجهل هو عدم تلقي العلم على أهل العلم والسنة بل يرمي الشاب نفسه على جهال مثله يتلقى على أيديهم. أو ينعزل على كتبه يقرؤوها دون وعي ولا بصيرة، والله أمرنا بالرجوع إلى أهل الذِّكر، أمَّا تلقي العلم عن طُرق الكتب وحدها أو الأشرطة وحدها أو مواقع "النِّت" وحدها ونحو ذلك فهذه لا تُخرج إلا جُهَالاً ضُلالاً إلا مَن عَصَمَهُ الله تعالى.

إنَّ كثيراً مِمَّن يَقتدي بهم بعض شبابنا وفتياتنا هم في الأصل مِن الجهال الذين لم يتلقوا العلم الشرعي على أهله بل إن فتشت اكتشفت بأن هذا تخصصه في الزراعة وذاك تخصصه في التجارة وإدارة المال والثالث تخصصه في علم النفس والرابع تخصصه فن و تمثيل والخامس تخصصه عربدة وتفحيط، وبين عشية وضُحاها وإذا هُم أصحاب فَتْوَى وتوجيه وصَارُوا مَرجِعاً للناس تُعقد لهم المحاضرات والدروس وتصدر لهم الأشرطة وأصبح لهم جمهور عريض تُرَدُّ مِن أَجل كلماتهم فتاوى أهل العلم بل تُرَدُّ لأجلهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

السبب الثاني: الهوى، فبعض الناس يكون عنده علم لكنه يفتقد المصداقية فيحرف معاني الشريعة لمصلحة شخصية أو مصلحة حزبية والعياذ بالله، ولهذا تَجد هذا الصنف كثيري التلون والتشكل كل يوم لهم وجه كل يوم لهم موقف، لا أقول في المسائل الفقهية التي يدخلها الاجتهاد ولكن في المسائل العقدية المحسومة التي لا تقبل إلا التسليم والانقياد.

فعلى المسلم أن يجتهد في طلب العلم قبل أن يتكلم في دين الله، وعليه أن يلتزم الصدق والتقوى وأن يمشي على مقتضى العلم لا الهوى.

خامساً: من هنا ندرك أن حفظ القرآن وحده لا يكفي، بل لابد من شيء هو أعظم من الحفظ ألا وهو الفقه فيه ومعرفة أحكامه ومعانيه، ولهذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يَجمعون بين الحفظ والعلم فإذا تعلموا بضع آيات لم يتجاوزوا تلك الآيات حتى يتعلموا فقهها وأحكامها فجمعوا بين العلم والعمل والإيمان.

وليس معنى كلامي التهوين من شأن حفظ القرآن -معاذ الله- ولكن التنبيه إلى ضرورة الجمع بين الحفظ والفهم حتى لا ينزل القرآن على غير منازله. والنبي صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ أنَّ مِن أبرز صفات الخوارج قراءة القرآن دون فقه ولا فهم يقرؤون القرآن ولا يُجاوز حناجرهم أو تراقيهم.

سادساً: هذا الرجل الذي تَخَوَّفَهُ علينا النبي صلى الله عليه وسلم لم يَكتف بأنْ ضَلَّ في نفسه بل تعامل مع الناس على ضوء ذلك الضلال فقام على جاره أي أخيه المسلم فَكَفَّرَهُ أيْ بغير حقّ ولم يكتف بذلك بل قام عليه بالسيف فقتله، فأي فساد بعد هذا.

هذا الذي كان ينظر إليه بالأمس نظرة احترام وتوقير وتقدير يقوم على من كان يوقره لفضله وقراءته القرآن فيقتله مُعتقداً كُفره، ولم يقف الأمر عند قتل جاره وأخيه ، بل وصل الأمر إلى أدهى من ذلك لقد افتخر بعض هؤلاء بأنه ذبح أباه وأمه في الله تعالى. نعم وصل الحال ببعضهم إلى هذه الدركة والعياذ بالله. ذبح أبويه وهما مِن أهل لا إله إلا الله ولم يكن لهما ذنب إلا أنه اعتنق فكر التكفير فكفر أباه وأمه ثم تقرب إلى الله بسفك دمائهما تدليلاً على أنه لا تأخذه في الله لومة لائم، وتأكيداً على أنه لا يُحابي في دين الله أحداً ولو كان أباه أو أمه. فهل رأيتم أو سمعتم بمثل هذا الضلال والانحراف.

فأين هذا من الأمر بالإحسان إلى الوالدين ولو كَانَا مُشرِكين ولو جاهداك على أن تُشرك بالله كما جاء به نص الكتاب الكريم.

انظروا إلى هذه الفئات اليوم كيف كَفَّرَت العلماء وولاة الأمور ورجال المباحث ورجال الأمن بل المجتمع كله عند بعضهم ثم استحلوا سفك دمائهم.

إنه الأمر نفسه الذي تخوفه علينا النبي صلى الله عليه وسلم وصدق الله وبَلَّغَ رسوله عليه الصلاة والسلام.

سابعاً: في الحديث تَحذير بَالِغٌ لكل مَن تُسَوِّلُ له نفسه أن يُكَفِّرَ المسلمين بغير حقّ بأنه الأحق بالكفر والأولى به والعياذ بالله، فإن مَن كَفَّرَ مُسلماً بغير حقّ رجع تكفيره عليه فَلْيُقْدِم أو لِيحْجِم.

ثامناً: على المسلم أن يتبصر في هذا الفكر وفي رموزه وفي تنظيماته وليرجع إلى كبار العلماء فإننا نعيش فتنة عامة جَرفت كثيراً من الناس لاسيمَا من الشباب.

تأملوا في هذه التنظيمات ماذا جَرَّتْ على المسلمين مِن الويلات ؟! ماذا جَرَّت عليهم مِن الفتن والدمار؟!

سَلُوا أنفسكم هل استفاد منهم المسلمون؟
هل حرروا فلسطين؟
هل رفعوا الظلم عن المستضعفين؟
هل أعانوا المنكوبين؟
هل عَمَرُوا المساجد وشَيَّدُوا المدارس؟
هل نشروا التوحيد وحاربوا لبدع ؟
هل فتحوا للإسلام بلاداً جديدة؟
هل هيئوا للمسلمين حياة سعيدة؟
هل ازداد المسلمون بسببهم ألفةً ومَحبةً وتَرابطاً وأُخُوّة ؟

أم أنهم ما دخلوا بلدةً إلا أفسدوها وفرقوا كلمة أهلها وأشاعوا الفتنة والخراب في أرجائها، وتعاونوا مع كل مفسدٍ مُجرم فصاروا بذلك ذريعة لأعداء الإسلام للإفساد في أرض المسلمين.

تأملوا في مكايدهم ومُخططاتهم وتفاهة أفكارهم بالأمس يقولون أَخْرِجُوا المشركين مِن جزيرة العرب، واليوم يقولون دمروا آبار النفط وأدخلوا المشركين جزيرة العرب؟ لماذا؟ حتى يفتكون بهم بزعمهم ؟

سَلُوهُم هل استطاعوا أن يُحرروا أفغانستان حتى يزعموا أن في قدرتِهم إخراجَهم من جزيرة العرب بعد أن يستدرجوهم إليها ؟ فأين العقول أين البصائر؟ أين التجرد للحق؟

أيها الإخوة مَن المستفيد لو تمت هذه المؤامرات التي تحاك ضد بلادكم وأوطانكم، مَن؟ والله لن يستفيد منها إلا اليهود والصهاينة وأذنابهم.

وقبل أن أختم أحب أن أطرح عليكم سؤالاً بالغ الأهمية، أتدرون من هو هذا الرجل الذي خافه علينا الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

إنه ليس شخصاً واحداً بعينه ولكنه كل من انطبقت عليه هذه الصفات، فاحذر أخي الكريم أن تكون هو.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.


كتبه
علي بن يحيى الحدادي
إمام وخطيب جامع أم المؤمنين بالرياض

يتبع باذن الله...
 
بيان ضلال من ضل في
حقيقة الإيمان ومسألة التكفير


كثر الخوض في بيان حقيقة الإيمان ومسألة التكفير وأخذ من لا يريد خيرا بالمسلمين يلقي بذورها المنحرفة بينهم من خلال وجهتين ضالتين ومذهبين باطلين ‏:‏

أحدهما ‏:‏ في جانب الغلو والإفراط في نصوص الوعيد وهو مذهب الخوارج الذين ضلوا في بيان حقيقة الإيمان فجعلوه بشقيه شيئاً واحداً ، إذا زال بعضه زال جميعه فأنتج هذا مذهبهم الضال ‏:‏ ‏"‏ وهو تكفير مرتكب الكبيرة ‏"‏ ‏.‏

ومن آثاره ‏:‏ فتح باب التكفير على مصراعيه ، مما يصيب الأمة بالتصدع والانشقاق وهتك حرمات المسلم في دينه وعرضه ‏.‏

وثانيهما ‏:‏ في جانب التقصير والجفاء والتفريط في فهم نصوص الوعد ، والصدِّ عن نصوص الوعيد وهو مذهب المرجئة الذين ضلوا في بيان حقيقة الإيمان فجعلوه شيئاً واحداً لا يتفاضل وأهله فيه سواء ، وهو ‏:‏ ‏"‏ التصديق بالقلب مجرداً من أعمال القلب والجوارح ‏"‏ وجعلوا الكفر هو ‏"‏ التكذيب بالقلب ، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه ‏"‏ فأنتج هذا مذهبهم الضال ‏:‏ ‏"‏ وهو حصر الكفر بكفر الجحود والتكذيب ‏"‏ المسمى ‏:‏ ‏"‏ كفر الاستحلال ‏"‏ ‏.‏

ومن آثاره ‏:‏ فتح باب التخلي عن الواجبات والوقوع في المحرمات وتجسير كل فاسق وقاطع طريق على الموبقات مما يؤدِّي إلى الإنسلاخ من الدين وهتك حرمات الإسلام ‏.‏ نعوذ بالله من الخذلان ‏.‏

كما يلزم عليه عدم تكفير الكفار ، لأنهم في الباطن لا يكذبون رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما يجحدونها في الظاهر كما قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ‏}‏ ‏[‏ الأنعام/33 ‏]‏ ‏.‏

وقال - سبحانه - عن فرعون وقومه ‏:‏ ‏{‏ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماًَ وعلواً ‏}‏ ‏[‏ النحل/14 ‏]‏ ‏.‏

و لهذا قال إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى - ‏"‏ لفتنتهم - يعني المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة ‏"‏ ‏.‏

وقال الإمام الزهري - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ ما ابتدعت في الإسلام بدعة هي أضر على أهله من هذه - يعني ‏:‏ الإرجاء - ‏"‏ رواه ابن بطة في ‏:‏ ‏"‏الإبانة‏"‏ ‏.‏

و قال الأوزاعي - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ كان يحيى بن كثير و قتادة يقولان ‏:‏ ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء ‏"‏ ‏.‏

و قال شريك القاضي - رحمه الله تعالى - وذكر المرجئة فقال ‏:‏ ‏"‏ هم أخبث قوم ‏,‏ حسبك بالرفض خبثا ‏,‏ و لكن المرجئة يكذبون على الله ‏"‏ ‏.‏

وقال سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري ‏"‏ ‏[‏ الفتاوى ‏:‏ 7/394 - 395 ‏]‏

و عن سعيد بن جبير - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ أن المرجئة يهود أهل القبلة ‏,‏ و صابئة هذه الأمة ‏"‏ ‏[‏ رواه ابن بطة وغيره ‏]‏

* لوازم الإرجاء الباطلة ‏:‏

و إنما عظمت أقوال السلف في الإرجاء ‏,‏ لجرم آثاره ‏,‏ ولوازمه الباطلة ‏,‏ و قد تتابع علماء السلف على كشف آثاره السيئة على الإسلام و المسلمين ‏.‏

قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - في الرد على المرجئة ‏:‏ ‏"‏ ويلزمه أن يقول ‏:‏ هو مؤمن بإقراره ‏,‏ و إن أقر بالزكاة في الجملة و لم يجد في كل مائتي درهم خمسة ‏:‏ أنه مؤمن ‏,‏ فيلزمه أن يقول ‏:‏ إذا أقر ثم شد الزنار في وسطه ‏,‏ و صلى للصليب ‏,‏ و أتى الكنائس و البيع ‏,‏ و عمل الكبائر كلها ‏,‏ إلا أنه في ذلك مقر بالله ‏,‏ فيلزمه أن يكون عنده مؤمنا ‏.‏ و هذه الأشياء من أشنع ما يلزمهم ‏"‏ انتهى ‏.‏

ثم قال بعده شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ قلت ‏:‏ هذا الذي ذكره الإمام أحمد من أحسن ما احتج الناس به عليهم ‏,‏ جمع في ذلك جملا يقول غيره بعضها ‏.‏ و هذا الإلزام لا محيد لهم عنه ‏.‏‏.‏ ‏"‏ انتهى ‏[‏ الفتاوى 7/401 ‏]‏

ثم إن هذه اللوازم السيئة على قول المرجئة التي ذكرها الإمام أحمد ‏,‏ بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في ‏"‏ الفتاوى ‏:‏ 7/188-190 ‏"‏ ‏.‏

ثم قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ ‏"‏ النونية ‏"‏ ناظما لآثار الإرجاء ولوازمه الباطلة هذه ‏:‏

وكذلك الإرجاء حين تقر بالــ **ـمعبود تصبح كامل الإيمان

فارم المصاحف في الحشوش و خرب الـ ** ـبيت العتيق وجد في العصيان

واقتل إذا ما استطعت كل موحد ** وتمسحن بالقس والصلبان

واشتم جميع المرسلين ومن أتوا **من عنده جهرا بلا كتمان

وإذا رأيت حجارة فاسجد لها ** بل خر للأصنام و الأوثان

و أقر أن رسوله حقا أتى ** من عنده بالوحي والقرآن

فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا ** وزر عليك وليس بالكفران

هذا هو الإرجاء عند غلاتهم ** من كل جهمي أخي شيطان


وقال - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ إعلام الموقعين ‏:‏ في بيان تناقض الأَرْئَتِيَّة ‏:‏ ‏"‏ ومن العجب إخراج الأعمال عن مسمى الإيمان ‏,‏ و أنه مجرد التصديق ‏,‏ والناس فيه سواء ‏,‏ وتكفير من يقول ‏:‏ مُسَيْجِدْ ‏,‏ أو فُقَيْه ‏,‏ أو يصلي بلا وضوء أو يلتذ بآلات الملاهي ‏,‏ ونحو ذلك ‏"‏ انتهى ‏.‏

وكشف عن آثار الإرجاء ولوازمه الباطلة الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - ‏[‏ فتح الباري ‏"‏11/270 ‏.‏ وانظر فيض القدير ‏:‏ 6/159 ‏.‏ و أصله في شرح المشكاة للطيبي ‏:‏ 2/477 ‏]‏ ‏:‏ ‏"‏ قال الطِّيبي ‏:‏ قال بعض المحققين ‏:‏ وقد يتخذ من أمثال هذه الأحاديث المبطلة ذريعة إلى طرح التكاليف و إبطال العمل ‏,‏ ظنا أن ترك الشرك كاف ‏!‏‏!‏ و هذا يستلزم طي بساط الشريعة و إبطال الحدود ‏,‏ و أن الترغيب في الطاعة و التحذير من المعصية لا تأثير له ‏,‏ بل يقتضي الانخلاع عن الدين ‏,‏ و الانحلال عن قيد الشريعة ‏,‏ و الخروج عن الضبط ‏,‏ والولوج في الخبط ‏,‏ وترك الناس سدى مهملين ‏,‏ وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد أن يفضي إلى خراب الأخرى ‏,‏ مع أن قوله في بعض طرق الحديث ‏:‏ ‏"‏ أن يعبدوه ‏"‏ يتضمن جميع أنواع التكاليف الشرعية ‏,‏ وقوله ‏:‏ ‏"‏ ولا يشركوا به شيئا ‏"‏ يشمل مسمى الشرك الجلي والخفي ‏,‏ فلا راحة للتمسك به في ترك العمل ‏,‏ لأن الأحاديث إذا ثبتت وجب ضم بعضها إلى بعض ‏,‏ فإنها في حكم الحديث الواحد ‏,‏ فيحمل مطلقها على مقيدها ليحصل العمل بجميع ما في مضمونها ‏.‏ وبالله التوفيق ‏"‏ انتهى ‏.‏

وفي كتاب ‏"‏ صفوة الآثار و المفاهيم ‏"‏ في فوائد قول الله تعالى ‏:‏ ‏{‏ إياك نعبد و إياك نستعين ‏}‏ قال مبينا أن القول بالإرجاء دسيسة يهودية وغاية ماسونية ‏[‏ 1/187 للشيخ عبدالرحمن الدوسري - رحمه الله تعالى - ‏]‏ ‏:‏

‏"‏ التاسع و الثمانون بعد المائة ‏:‏ تعليم الله لعباده الضراعة إليه بـ ‏{‏ إياك نعبد و إياك نستعين ‏}‏ إعلام صريح بوجوب الصلة بين الإيمان والعمل ‏,‏ وأنه لا يستقيم الإيمان بالله ولا تصح دعواه إلا بتحقيق مقتضيات عبوديته ‏,‏ التي هي العمل بطاعته ‏,‏ وتنفيذ شريعته ‏,‏ وإخلاص القصد لوجهه الكريم ‏,‏ والانشغال بمرضاته ‏,‏ والعمل المتواصل لنصرة دينه ‏,‏ والدفع به إلى الأمام بجميع القوى المطلوبة ؛ ليرتفع بدين الله عن الصورة إلى الحقيقة ‏,‏ وأن المسلم لا يجوز له الإخلال بذلك ‏,‏ ولا لحظة واحدة ‏.‏

وإن الدعوات لمجرد إيمان خال من العمل هي إفك وخداع وتلبيس ‏,‏ بل هي من دس اليهود على أيدي الجهمية ‏,‏ وفروعها من المرجئة كالماسونية ‏,‏ وغيرهم ‏,‏ إذ متى انفصمت الصلة بين الإيمان والعمل ، فلن نستطيع أن نبني قوة روحية نقدر على نشرها والدفع بمدها في أنحاء المعمورة ‏,‏ بل إذا انفصمت الصلة بين الإيمان و العملفقد المسلم قوته الروحية ‏,‏ وصار وجوده مهددا بالخطر ‏,‏ الذي يزيل شخصيته أو يذيبها في بوتقة غيره ‏,‏ لأنه لا يستطيع أن ينمي قوة روحية يصمد بها أمام أعدائه ‏,‏ فضلا عن أن يزحف بها عليهم ‏"‏ انتهى ‏.‏

وبالجملة فهذان المذهبان ‏:‏ مذهب الخوارج ومذهب المرجئة ‏,‏ باطلان ‏,‏ مُردِيَان ، أثَّرا ضلالاً في الاعتقاد ‏,‏ وظلما للعباد ، وخرابا للديار ‏,‏ وإشعالا للفتن ‏,‏ ووهاءً في المد الإسلامي ‏,‏ وهتكاً لحرماته وضرورياته ‏,‏ إلى غير ذلك من المفاسد والأضرار التي يجمعها الخروج على ما دلت عليه نصوص الوحيين الشريفين ، والجهل بدلائلها تارة ، وسوء الفهم لها تارة أخرى وتوظيفها في غير ما دلت عليه ‏,‏ وبتر كلام العالِم تارة ‏,‏ والأخذ بمتشابه قوله تارة أخرى ‏.‏

وقد هدى الله ‏(‏ جماعة المسلمين ‏)‏ أهل السنة والجماعة - الذين مَحَّضُوا الإسلام ولم يشوبوه بغيره - إلى القول الحق ‏,‏ والمذهب العدل ‏,‏ والمعتقد الوسط بين الإفراط والتفريط مما قامت عليه دلائل الكتاب والسنة ، ومضى عليه سلف الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان إلى يومنا هذا ‏,‏ وقد بينه علماء الاسلام في كتب الاعتقاد ‏,‏ وفي ‏(‏ باب حكم المرتد ‏)‏ من كتب فقه الشريعة المطهرة ‏,‏ من أن الإيمان ‏:‏ قول باللسان ، واعتقاد بالقلب ‏,‏ وعمل بالجوارح ‏,‏ يزيد بالطاعة ‏,‏ وينقص بالمعصية ولا يزول بها ‏,‏ فجمعوا بين نصوص الوعد والوعيد ونزلوها منزلتها ‏,‏ وأن الكفر يكون بالاعتقاد وبالقول وبالفعل وبالشك وبالترك ‏,‏ وليس محصورا بالتكذيب بالقلب كما تقوله المرجئة ‏,‏ ولا يلزم من زوال بعض الإيمان زوال كله كما تقوله الخوارج ‏.‏

و أختم هذا الفصل بكلام جامع لابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتاب ‏:‏ ‏"‏ الفوائد ‏"‏ بيَّن فيه آراء من ضل في معرفة حقيقة الإيمان ‏,‏ ثم ختمه ببيان الحق في ذلك ‏,‏ فقال - رحمه الله تعالى - ‏:‏

‏"‏ و أما الإيمان ‏:‏ فأكثر الناس أو كلهم يدعونه ‏{‏ و ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ‏}‏ ‏[‏ يوسف/103 ‏]‏ و أكثر المؤمنين إنما عندهم إيمان مجمل ‏,‏ و أما الإيمان المفصل بما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم معرفة وعلما و إقرارا و محبة ‏,‏ ومعرفة بضده وكراهيته وبغضه ‏,‏ فهذا إيمان خواص الأمة وخاصة الرسول ‏,‏ وهو إيمان الصديق وحزبه ‏.‏

وكثير من الناس حظهم من الإيمان الإقرار بوجود الصانع ‏,‏ وأنه وحده هو الذي خلق السماوات و الأرض وما بينهما ‏,‏ و هذا لم يكن ينكره عباد الأصنام من قريش ونحوهم ‏.‏

و آخرون الإيمان عندهم التكلم بالشهادتين سواء كان معه عمل أو لم يكن ‏,‏ وسواء رافق تصديق القلب أو خالفه ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان مجرد تصديق القلب بأن الله سبحانه خالق السماوات و الأرض و أن محمدا عبده ورسوله ‏,‏ و إن لم يقر بلسانه ولم يعمل شيئا ‏,‏ بل ولو سب الله ورسوله و أتى بكل عظيمة ‏,‏ وهو يعتقد وحدانية الله ونبوة رسوله فهو مؤمن ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان هو جحد صفات الرب تعالى من علوه على عرشه ‏,‏ وتكلمه بكلماته وكتبه ‏,‏ وسمعه وبصره ومشيئته وقدرته و إرادته وحبه وبغضه ‏,‏ وغير ذلك مما وصف به نفسه ‏,‏ ووصف به رسوله ‏,‏ فالإيمان عندهم إنكار حقائق ذلك كلهوجحده ‏,‏ والوقوف مع ما تقتضيه آراء المتهوكين وأفكار المخرصين الذين يَرُدُّ بعضهم على بعض ‏,‏ وينقض بعضهم قول بعض ‏,‏ الذين هم كما قال عمر بن الخطاب و الإمام أحمد ‏:‏ مختلفون في الكتاب ‏,‏ مخالفون للكتاب متفقون على مفارقة الكتاب ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان عبادة الله بحكم أذواقهم ومواجيدهم وما تهواه نفوسهم من غير تقييد بما جاء به الرسول ‏.‏

و آخرون الإيمان عندهم ما وجدوا عليه آباءهم و أسلافهم بحكم الاتفاق كائنا ما كان ‏,‏ بل إيمانهم مبني على مقدمتين ‏:‏ إحداهما ‏:‏ أن هذا قول أسلافنا و آبائنا ‏,‏ و الثانية ‏:‏ أن ما قالوه فهو الحق ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان مكارم الأخلاق وحسن المعاملة وطلاقة الوجه و إحسان الظن بكل أحد ‏,‏ وتخلية الناس وغفلاتهم ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان التجرد من الدنيا و علائقها وتفريغ القلب منها و الزهد فيها ‏,‏ فإذا رأوا رجلا هكذا جعلوه من سادات أهل الإيمان و إن كان منسلخا من الإيمان علما وعملا ‏.‏

و أعلى من هؤلاء من جعل الإيمان هو مجرد العلم وإن لم يقارنه عمل ‏.‏

وكل هؤلاء لم يعرفوا حقيقة الإيمان ولا قاموا به و لا قام بهم ‏,‏ وهم أنواع ‏:‏

منهم من جعل الإيمان ما يضاد الإيمان ‏.‏

ومنهم من جعل الإيمان ما لا يعتبر في الإيمان ‏.‏

ومنهم من جعله ما هو شرط فيه و لا يكفي في حصوله ‏.‏

ومنهم من اشترط في ثبوته ما يناقضه ويضاده ‏.‏

ومنهم من اشترط فيه ما ليس منه بوجه ‏.‏

و الإيمان وراء ذلك كله ‏,‏ وهو حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم علما و التصديق به عقدا و الإقرار به نطقا و الانقياد له محبةوخضوعا ‏,‏ والعمل به باطنا وظاهرا ‏,‏ وتنفيذه والدعوة إليه بحسب الإمكان ‏,‏ وكماله في الحب في الله والبغض في الله ‏,‏ والعطاء لله و المنع لله ‏,‏ و أن يكون الله وحده إلهه ومعبوده ‏,‏ والطريق إليه ‏:‏ تجريد متابعة رسوله ظاهرا وباطنا ‏,‏ وتغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله ورسوله ‏.‏ وبالله التوفيق ‏"‏ انتهى ‏.‏

المصدر
كتاب درء الفتنة
الأستاذ الدكتور الشيخ بكر عبد الله أبي زيد

يتبع باذن الله...
 
حسنا بارك الله فيكم سنراجع المداخلات السابقة بامعان وفهم أكثر .
فقط اضيف سؤال مهم يجب ان يكون ضمن البحوث والمداخلات ونكمل الحوار المثمر باذن الله .
هل ثبت في تاريخ الامة من بعد الخلافة الراشدة الى غاية اليوم تكفير تابعين اومشايخ وعلماء وحكام أو شخصيات عامة من قبل هيئة او مجمع او علماء ثقات . كيف تم تكفيرهم من اصدر القرار وكيف تم كل شيء .؟
 
الأصول والضوابط في مسألة التكفير

ونظرا لما حصل من تسرب المذهبين المذكورين المخالفين لمذهب أهل السنة إلى عقائد بعض المعدودين من أهل السنة ، وخفاء أصول هذه المسألة شرعاً على آخرين ؛ رأيت إيضاح ما يجب اعتباره شرعاً في هذه المسألة مما يُعْرَفُ به الحق بدليله ‏,‏ وبطلان ما خالفه من المذاهب المردية ‏,‏ والاتجاهات الفكرية الضالة ‏,‏ وأنها مسألة خطيرة ‏,‏ وعظيمة ‏,‏ مُحاطةٌ شرعا بما يحفظ للإسلام حرمته ‏,‏ وللمسلمين حرمتهم ‏,‏ وذلك فيما يأتي ‏:‏

1- التكفير حكم شرعي لا مدخل للرأي المجرد فيه ‏,‏ لأنه من المسائل الشرعية لا العقلية ‏,‏ لذا صار القول فيه من خالص - حق الله تعالى - لا حَقَّ فيه لأحد من عباده ، فالكافر من كفره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا غير ‏.‏

وكذلك الحكم بالفسق ، والحكم بالعدالة ، وعصمة الدم ، والسعادة في الدنيا والآخرة ، كل هذه ونحوها من المسائل الشرعية ‏,‏ لا مدخل للرأي فيها ‏,‏ وإنما الحكم فيها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ‏,‏ وهي المعروفة في كتب الاعتقاد باسم ‏:‏ ‏"‏ مسائل الأسماء والأحكام ‏"‏ ‏.‏


2- للحكم بالردة والكفر موجبات وأسباب هي نواقض الإيمان والإسلام ، من اعتقاد ‏,‏ أو قول ‏,‏ أو فعل ‏,‏ أو شك ‏,‏ أو ترك ، مما قام على اعتباره ناقضا الدليلُ الواضح ‏,‏ والبرهان الساطع من الكتاب أو السنة ‏,‏ أو الإجماع ‏,‏ فلا يكفي الدليل الضعيف السند ‏,‏ ولا مشكل الدلالة ، ولا عبرة بقول أحد كائنا من كان إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح ‏.‏

وقد أوضح العلماء - رحمهم الله تعالى - هذه الأسباب في كتب الاعتقاد ‏,‏ وفرعوا مسائلها في ‏:‏ ‏"‏ باب حكم المرتد ‏"‏ من كتب الفقه ‏.‏

وأَوْلَوها عناية فائقة ‏,‏ لأنها من استبانة سبيل الكافرين ، والله - تعالى - يقول ‏:‏ ‏{‏ وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ‏}‏ ‏[‏ الأنعام/55 ‏]‏ ‏.‏

وفي استبانة سبيل المجرمين ‏:‏ تحذير للمسلم من الوقوع في شيء منها ، وهو لا يشعر ‏,‏ وليتبين له الإسلام من الكفر ، والخطأ من الصواب ويكون على بصيرة في دين الله تعالى ‏.‏

وبقدر ما يحصل من الجهل بسبيل المؤمنين ، وبسبيل الكافرين ، أو بأحدهما يحصل اللبس ويكثر الخلط ‏.‏

وكما أن للحكم بالردة والكفر موجباتٍ وأسباباً فله شروط وموانع ‏.‏

فيشترط إقامة الحجة الرسالية التي تزيل الشبهة ‏.‏

وخلوه من الموانع كالتأويل ‏,‏ والجهل ‏,‏ والخطأ ‏,‏ والإكراه ‏.‏

وفي بعضها تفاصيل مطولة معلومة في محلها ‏.‏

3- يتعين التفريق بين التكفير المطلق وهو ‏:‏ التكفير على وجه العموم في حق من ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام ، وبين تكفير المعين ، فإن الاعتقاد ، أو القول ، أو الفعل ، أو الشك ، أو الترك ، إذا كان كفرا فإنه يطلق القول بتكفير من فعل ذلك الفعل ، أو قال تلك المقالة وهكذا ‏.‏‏.‏‏.‏ دون تحديد معين به ‏.‏ أما المعين إذا قال هذه المقالة ، أو فعل هذا الفعل الذي يكون كفرا ‏,‏ فينظر قبل الحكم بكفره ‏,‏ بتوفر الشروط ‏,‏ وانتفاء الموانع في حقه ، فإذا توفرت الشروط ‏,‏ وانتفت الموانع ، حكم بكفره وردته فيستتاب فإن تاب وإلا قتل شرعاً ‏.‏

4- الحق عدم تكفير كل مخالف لأهل السنة والجماعة لمخالفته ‏,‏ بل ينزل حكمه حسب مخالفته من كفر ، أو بدعة أو فسق أو معصية ‏.‏

وهذا ما جرى عليه أهل السنة والجماعة من عدم تكفير كل من خالفهم وهو يدل على ما لديهم بحمدالله من العلم والإيمان والعدل والرحمة بالخلق ، وهذا بخلاف أهل الأهواء ، فان كثيرا منهم يكفِّرون كل من خالفهم ‏.‏

5- كما أن ‏"‏الإيمان‏"‏ شعب متعددة ورتبها متفاوتة أعلاها قول ‏"‏لا اله إلا الله‏"‏ وأدناها ‏:‏ إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ، فكذلك ‏"‏الكفر‏"‏ الذي هو في مقابلة الإيمان ، ذو شعب متعددة ، ورتب متفاوتة أشنعها ‏"‏الكفر المخرج من الملة‏"‏ مثل ‏:‏ الكفر بالله ، وتكذيب ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وهناك كفر دون كفر ، ومنه تسمية بعض المعاصي كفراً ‏.‏

ولهذا نبه علماء التفسير ، والوجوه والنظائر في كتاب الله - تعالى- وشراح الحديث والمؤلفون في‏:‏ ‏"‏لغته‏"‏ وفي الأسماء المشتركة ، والمتواطئة ، أن لفظ ‏"‏الكفر‏"‏ جاء في نصوص الوحيين ، على وجوه عدة ‏:‏ ‏"‏الكفر الناقل عن الملة‏"‏ و ‏"‏كفر دون كفر‏"‏ و‏"‏كفر النعمة‏"‏ و‏"‏التبرؤ‏"‏ و‏"‏الجحود‏"‏ و‏"‏التغطية‏"‏ على أصل معناه اللغوي ‏.‏

وبناء على هذا ‏:‏ فانه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر بالعبد ، أن يصير كافراً الكفر المطلق ، الناقل عن الملة ، حتى يقوم به أصل الكفر ، بناقض من نواقض الإسلام ‏:‏ الاعتقادية أو القولية أو العملية عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا غير ‏.‏

كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يكون مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان ‏.‏

فالواجب وضع النصوص في مواضعها وتفسيرها حسب المراد منها من العلماء العاملين الراسخين ، وان الغلط هنا إنما يحصل من جهة العمل وتفسير النصوص وعلى الناصح لنفسه أن يحس بخطورة الأمر ودقته وأن يقف عند حده ويكل العلم إلى عالمه ‏.‏

6- إصدار الحكم بالتكفير لا يكون لكل أحد من آحاد الناس أو جماعاتهم وإنما مرد الإصدار إلى العلماء الراسخين في العلم الشرعي المشهود لهم به ، وبالخيرية والفضل الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يبلغوا الناس ما علموه وأن يبينوا لهم ما أشكل عليهم من أمر دينهم امتثالا لقول الله تعالى ‏(‏وإذ أخذ الله ميثاق الذي أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه‏)‏ ‏"‏آل عمران/187‏"‏ ‏.‏ وقوله سبحانه ‏(‏إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون‏)‏ ‏"‏البقرة/159‏"‏ وقوله سبحانه ‏:‏ ‏(‏ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏)‏ ‏"‏النحل/43‏"‏ ‏.‏

فما أمر الله بالسؤال حتى أخذ سبحانه العهد والميثاق على العلماء بالبيان ‏.‏

7- التحذير الشديد ، والنهي الأكيد عن سوء الظن بالمسلم فضلا عن النيل منه فكيف بتكفيره والحكم بردته والتسرع في ذلك بلا حجة ولا برهان من كتاب ولا سنة ‏.‏

ولهذا جاءت نصوص الوحيين الشريفين محذرة من تكفير أحد من المسلمين وهو ليس كذلك كما قال الله تعالى ‏(‏يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عَرَض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعلمون خبيرا ‏)‏ ‏"‏النساء/94‏"‏ ‏.‏

وفي عموم قول الله سبحانه ‏:‏ ‏(‏والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا‏)‏ ‏"‏الأحزاب/58‏"‏ ‏.‏

وقد تواترت الأحاديث النبوية في النهي عن تكفير المسلم بغير حق ، منها ‏.‏‎‏:‏

حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر ،إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ‏"‏ متفق على صحته ‏.‏

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏أيَّما رجل قال لأخيه ‏:‏يا كافر فقد باء بها أحدهما ‏"‏ متفق على صحته ‏.‏

وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ومن دعا رجلا بالكفر ، أو قال ‏:‏ عدو الله ، وليس كذلك ، إلا حار عليه ‏"‏ متفق على صحته ‏.‏

ومعنى حار عليه ‏:‏ رجع عليه ‏.‏

وفي حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏"‏ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله‏"‏ رواه البخاري في صحيحه ‏.‏

فهذه النصوص وغيرها فيها الوعيد الشديد لمن كَفَّر أحداً من المسلمين وليس هو كذلك ، وهذا والله أعلم - لما في إطلاق الكفر بغير حق على المؤمن من الطعن في نفس الإيمان ، كما أن فيها التحذير من إطلاق التكفير إلا ببينة شرعية ، إذ هو حكم شرعي لا يصار إليه إلا بالدليل ، لا بالهوى والرأي العاطل من الدليل ‏.‏

وهذه الحماية الكريمة والحصانة العظيمة للمسلمين في أعراضهم وأديانهم من أصول الاعتقاد في ملة الإسلام ‏.‏

بناء على جميع ما تقدم فليحذر المسلم أن يخوض مع الخائضين في هذا الأمر الخطير في المجالس الخاصة ، والمجتمعات العامة ، وفي الصحف والمجلات وغيرها ، من غير قدرة شرعية ولا قواعد علمية ولا أدلة قطعية فهذا تصرف يأباه الله ورسوله والمؤمنون ، وفاعله مأزور غير مأجور ، فالله تعالى ، يقول ‏:‏‏(‏ ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ‏)‏ ‏"‏الإسراء/36‏"‏ ‏.‏


ويقول -سبحانه- ‏:‏ ‏(‏قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ‏)‏ ‏"‏الأعراف

وبذلك يكون المسلم في مأمن من الإثم والتبعة في الدارين ، وتسلم المجتمعات الإسلامية من مظاهر الانحراف التي سببها الجهل والميل إلى الهوى ‏.‏ والله المستعان ‏.‏

وفي هذا الفصل نقض لمذهب الخوارج في غلوهم وإفراطهم ‏.‏

المصدر
كتاب درء الفتنة
الأستاذ الدكتور الشيخ بكر عبد الله أبي زيد

يتبع باذن الله...
 
بيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير
والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخريب للمنشآت .


الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , أما بعد :

فقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة بالطائف ابتداء من تاريخ 2\4\1419هـ ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها من التكفير والتفجير , وما ينشأ عنه من سفك الدماء , وتخريب المنشآت , ونظرا إلى خطورة هذا الأمر , وما يترتب عليه من إزهاق أرواح بريئة , وإتلاف أموال معصومة , وإخافة للناس , وزعزعة لأمنهم واستقرارهم , فقد رأى المجلس إصدار بيان يوضح فيه حكم ذلك نصحا لله ولعباده , وإبراء للذمة وإزالة للبس في المفاهيم لدى من اشتبه عليهم الأمر في ذلك , فنقول وبالله التوفيق :

أولا : التكفير حكم شرعي , مرده إلى الله ورسوله



فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله , فكذلك التكفير , وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل , يكون كفرا أكبر مخرجا عن الملة .

ولما كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله ؛ لم يجز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة , فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن , لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة , وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات , مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير , فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات ؛ ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر , فقال : " أيما امرىء قال لأخيه : يا كافر , فقد باء بها أحدهما , إن كان كما قال وإلا رجعت عليه " . وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الإعتقاد كفر , ولا يكفر من اتصف به , لوجود مانع يمنع من كفره .

وهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها , وانتفاء موانعها كما في الإرث , سببه القرابة - مثلا - وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين , وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به .
وقد ينطق المسلم بكلمة بالكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد , كما في قصة الذي قال :" اللهم أنت عبدي وأنا ربك " . أخطأ من شدة الفرح .

والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استحلال الدم والمال , ومنع التوارث , وفسخ النكاح , وغيرها مما يترتب على الردة , فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة .



وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشد ؛ لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم , وإشاعة الفوضى , وسفك الدماء , وفساد العباد والبلاد , ولهذا منع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من منابذتهم , فقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان " . فأفاد قوله :" إلا أن تروا " , أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة .



وأفاد قوله :" كفر " أنه لا يكفي الفسوق ولو كبُرَ , كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار , والإستئثار المحرم . وأفاد قوله : " بواحا " أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر , وأفاد قوله : " عندكم فيه من الله برهان " . أنه لابد من دليل صريح , بحيث يكون صحيح الثبوت , صريح الدلالة , فلا يكفي الدليل ضعيف السند , ولا غامض الدلالة . وأفاد قوله : " من الله " أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وهذه القيود تدل على خطورة الأمر .

وجملة القول :



أن التسرع في التكفير له خطره العظيم ؛ لقول الله عز وجل : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به , سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) - الأعراف 33 - .


ثانيا : ما نجم عن هذا الإعتقاد الخاطىء



من استباحة الدماء وانتهاك الأعراض , وسلب الأموال الخاصة والعامة , وتفجير المساكن والمركبات , وتخريب المنشآت , فهذه الأعمال وأمثالها محرمة شرعا بإجماع المسلمين ؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة , وهتك لحرمة الأموال , وهتك لحرمات الأمن والإستقرار , وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم , وغدوهم ورواحهم , وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها .

وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم , وحرم انتهاكها , وشدد في ذلك , وكان من آخر ما بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال في خطبة حجة الوداع :" إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا , في بلدكم هذا " .



ثم قال صلى الله عليه وسلم :" ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد " . متفق عليه .



وقال صلى الله عليه وسلم :" كل المسلم على المسلم حرام , دمه وماله وعرضه " . وقال عليه الصلاة والسلام :" اتقوا الظلم , فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " .

وقد توعد الله سبحانه من قتل نفسا معصومة بأشد الوعيد , فقال سبحانه في حق المؤمن : (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )) - النساء 93 - .

وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ :(( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة )) - النساء 92 -
فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة , فكيف إذا قتل عمدا , فإن الجريمة تكون أعظم , والإثم يكون أكبر . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة " .

ثالثا : إن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخطورة إطلاق ذلك



لما يترتب عليه من شرور وآثام , فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطىء , وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة , وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة , وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي , والإسلام بريء منه , وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه , وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف , وعقيدة ضالة , فهو يحمل إثمه وجرمه , فلا يحتسب عمله على الإسلام , ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام , المعتصمين بالكتاب والسنة , المستمسكين بحبل الله المتين , وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة ؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله .

قال الله تعالى : (( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام , وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد , وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد )) . - البقرة 204 - 206 - .

والواجب على جميع المسلمين في كل مكان التواصي بالحق , والتناصح والتعاون على البر والتقوى , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة , والجدال بالتي هي أحسن , كما قال الله سبحانه وتعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) - المائدة 2 -


وقال سبحانه : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )) - التوبة 71 - , وقال عز وجل : (( والعصر , إن الإنسان لفي خسر , إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .)) - سورة العصر -

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " . قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال: " لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين وعامتهم " , وقال عليه الصلاة والسلام :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " , والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

ونسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكف البأس عن جميع المسلمين , وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد وقمع الفساد والمفسدين , وأن ينصر بهم دينه , ويعلي بهم كلمته , وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا في كل مكان , وأن ينصر بهم الحق , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

رئيس المجلس :

عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى .


المصدر :

مطوية بعنوان بيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخريب للمنشآت.

يتبع باذن الله...
 
الشيخ اللحيدان يندد بمن يعتنق فكر التكفير ويحمل الغل على العلماء وبلاد التوحيد

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا تفريغ لسؤال طرح على سماحة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان يوم الخميس 22/06/1429 بعد صلاة المغرب ضمن الدروس والتوجيهات التي يقوم بها أيده الله في الحرم المكي الشريف لإجازة هذا العام

السؤال: يقول نريد من سماحة الشيخ توجيها للشباب الذين يعتنقون فكر التكفير وينتقدون العلماء ويحملون الغل والكراهية لهذه البلاد

أولا نسأل الله أن يصلحهم

ويهديهم ويجيرنا وإياهم من شرهم وشر غيرهم والواجب على كل أحد أن يخاف الله جلا وعلا في السر والعلن وان ينظر في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته

رضي الله عنهم وأرضاهم وأن يحرص على التخلق بأخلاقهم

والإقتداء بهم ثم يراجع سير الفرق الضالة والجماعات المنحرفة وحملة الدعايات الفاسدة المفسدة وليتجنبها

في ما يتعلق بالتكفير من قال لأجد -إنسان واحد- يا كافر إن لم يكن كافرا حقا رجع التكفير إلى المتكلم (1) فإن قال لشخص ياعدو الله وليس بعدو الله رجعت هذه الكلمة على قائلها كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح (2)عن سيد البشر

لا شك أن هذه الأفكار الخطيرة والنزعات السيئة الفاحشة ما نبتت في البلاد نباتا وإنما وفدت وفودا حملها دعاة ضلال وتعاهدها جهال بالإيمان حاقدون على الإيمان ن وأهله

نسمع نرى ما كتب في الجرائد وما ذكر عن مقاصد ونعجب أشد العجب فسبحان الله ما أوسع حلم الله على هؤلاء وأمثالهم لا شك أن ذنوبنا كثيرة وانه لا مصيبة تأتي إلا بسبب الذنوب لكن هؤلاء وما قيل انه ينوونه ويقصدونه أمر خطير بالغ الخطورة

نصيحتي لكل شاب أن يحذر من الأصدقاء وأن يبتعد عن قرناء السوء

فإن النبي قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح

مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير الجالس عند الكير إما أن يشم رائحة منتنة أو أن تتطاير عليه الشرارات تحرق الثوب أو قد تحرق الثوب والجسد وحامل المسك أقل ما يصيب جليسه

أن يشم الرائحة الطيبة وربما أهداه وربما حملته الرائحة على أن يشتري منه

وأصحاب الأفكار الخبيثة هؤلاء من جلساء السوء فيجب على الآباء و الأمهات أن يكونوا غاية في الحذر ولاسيما وقد دخل زمن الفراغ من الدراسات فيتفقدوا أولا دهم ويتعرفوا على أحوالهم ومن يجالسون ومن يصاحبون في أفكارهم وإذا استطاعوا أن يضعوا معهم ما يسجل ما يقولون وما يسمعون فينبغي أن يفعلوا لا عداوة بهم وإنما رحمة بهم وبالمجتمع الذي يعيشون فيه ،هذه شرور عصفت بالعالم الإسلامي أجمع ولم نسلم في هذه البلاد من شرها رغم أن هذه البلاد والفضل لله جلا وعلا كله تبذل خيرا كبيرا في الدعوة إلى الله وإيواء من يفد وتوفير الأمن إلى الوافدين لحج أو عمرة أو زيارة أو طلب معيشة فهي تحسن إلى الناس وتبذل، (.....)4 مفسدين يزرعون في قلوب الشباب الشر والفحش ,يحملونهم على أفعال الخوارج وأعمال المبتدعة الضلال ودعايات الفجور والإلحاد ينبغي للمسلم أن يكون غاية في الحذر منهم وان يهتم بذريته ومن له عليهم سلطة أن لا يسايروا وأن لا يصاحبوا دعاة التكفير والفجور فنسأل الله أن يهدينا وإياهم سواء السبيل



-------------------------
(1) يشير الشيخ على ما رواه الإمام البخاري برقم ( 6103،6104) ومسلم برقم (61)
(2) يشيرالشيخ إلى الحديث الذي رواه الإمام مسلم برقم (61) من حديث أبي ذر رضي الله عنه
(3) يشير الشيخ على الحديث الذي رواه البخاري (رقم: 2101 ـ 5534) عن أبي موسى رضي الله عنه
(4) كلمة غير واضحة لي


من له حق التكفير؟!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فإنَّ من المظاهر السيئة التي انتشرت عند البعض ((ظاهرة التكفير))!!؛ حيث يزعم البعض أنَّ كل مسلم له حق التكفير، وليس هو من حقوق أهل العلم، الخاصة بهم!!، مما أدى إلى تساهل الكثير من أولئك في تكفير المسلم والحكم عليه بالردة عن الإسلام!!؛ ونبينا صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول:((أيُّما امرئٍ قال لأخيه: يا كافرُ؛ فقد باء بها أحدُهما؛ إن كان كما قال وإلا رجعت عليه!!)) رواه مسلم.

وممن تصدى لبيان هذه المسألة فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء حفظه الله تعالى:

سؤال: يُلاحظ على من يطلق لفظ " الجاهلية " على المجتمعات الإسلامية أنَّه يريد به: تكفير تلك المجتمعات، وبالتالي الخروج - أي على الحكام والمحكومين!! - ؟.

جواب فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى: ((ليس من حق كل أحد أن يطلق التكفير أو أن يتكلم بالتكفير على الجماعات أو على الأفراد!!، التكفير له ضوابط فمن يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام فإنَّه يحكم بكفره ...،

فالتكفير خطير، ولا يجوز لكل أحد أن يتفوه به في حق غيره!!، إنَّما هذا من صلاحيات الحاكم الشرعي، ومن صلاحيات أهل العلم الراسخين في العلم: الذين يعرفون الإسلام، ويعرفون نواقض الإسلام، ويعرفون الأحوال، ويدرسون واقع الناس والمجتمعات؛ فهم أهل الحكم بالتكفير وغيره، أما الجهال وأما أفراد الناس وأنصاف المتعلمين فهؤلاء ليس من حقهم إطلاق التكفير على الأشخاص أو على الجماعات أو على الدول؛ لأنهم غير مؤهلين لهذا الحكم!!)) [مراجعات في الفقه السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة ص 50- 51؛ إعداد وحوار: د. عبدالله بن محمد الرفاعي] .

وقال قبل ذلك في ص49: ((والتكفير له ضوابط شرعية؛ فمن ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام التي ذكرها علماء أهل السنة والجماعة حكم بكفره بعد إقامة الحجة عليه!!، ومن لم يرتكب شيئاً من هذه النواقض فليس بكافر وإن ارتكب بعض الكبائر التي هي دون الشرك)).

وقال في ص58: ((الحكم بالردة والخروج من الدين من صلاحيات أهل العلم الراسخين في العلم!!؛ وهم القضاة في المحاكم الشرعية والمفتون المعتبرون، وهي كغيرها من القضايا، وليس من حق كل أحد أو من حق أنصاف المتعلمين أو المنتسبين إلى العلم الذين ينقصهم الفقه في الدين؛ ليس من صلاحياتهم أن يحكموا بالردة!!؛ لأنَّ هذا يلزم منه الفساد!!، وقد يحكمون على المسلم بالردة وهو ليس كذلك، وتكفيرالمسلم الذي لم يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام فيه خطورة عظيمة، ومن قال لأخيه يا كافر أو فاسق وهو ليس كذلك؛ فإنَّ هذا الكلام يعود على قائله، فالذين يحكمون بالردة: هم القضاة الشرعيون والمفتون المعتبرون، والذين ينفذون هذا الحكم: هم ولاة أمر المسلمين، وما عدا هذا فهو فوضى!!!)).
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom