عِندما تُسجن الرّوح

الغفران

:: عضو مُشارك ::
إنضم
19 ديسمبر 2011
المشاركات
242
نقاط التفاعل
131
النقاط
9
بسم الله الرّحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

::

عِندما تُسجن الرّوح
....................

مُعتزّ شاهين.

5834533713994-thumb2.jpg



الروح تلك اللطيفة التي أوجدها الله – عز وجل – ونسبها تعالى إليه فقال تعالى ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ الحجر: الآية 29 ، وهي ذلك السر الذي أودعه الله في الجسد لتدب فيه الحياة بإذنه وتوجد، وأمرنا إلا نبحث فيها كثيرًا لأنه ( وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) الإسراء: الآية (85) ، ولكنه أعطانا ما نحتاجه أو ما تقدر عقولنا على استيعابه ( ... قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) الإسراء: الآية (85) .
والروح ترنو إلى العالم الذي جاءت وخلقت منه ( عالم السموات )، والجسد ينجذب نحو ما خلق منه ( الأرض )، يقول " ابن القيم " في كتاب ( الفوائد ): [ خلق بدن ابن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء وقرن بينهما، فإذا أجاع بدنه وأسهره وأقامه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة فتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه، واشتاقت إلى عالمها العلوي. وإذا أشبعه ونعمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته، أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه فانجذبت الروح معه فصارت في السجن. ]

لذا حينما تتوازن قوى الجسد والروح، نجد إنسانا متوازنا لا هو خالد إلى الأرض بجسده فهلك وأتعب من حوله، ولا هو يطوف بروحه في عوالم خيالية لا وجود لها، فيصير منفصلا عن الواقع الذي يعيشه، ويظل غائبًا حاضرًا، لا وجود له، فيصبح عبئًا عمن حوله.

ولقد أوجد الإسلام ذلك التوازن النفسي بين الروح والجسد، فلا هو أنكر أهمية الجانب الروحي ولا هو أخلد الإنسان إلى الأرض بتقييده بشهواته ورغباته، بل أوجد التشريع الإسلامي تلك المعادلة المفقودة بين الروح والجسد والتي غابت عن الأمم التي كانت قبل كانوا قبل بعدما حرفوا الحق واتبعوا الشهوات فمالوا وأمالوا الخلق معهم.

وسجن الروح ههنا بالطبع لانقصد به حقيقته , لأن شأن الروح لاعلم لنا به , لكننا نقصد ذاك السجن الذي يسجن المرء فيه كيانه كله ونفسه , وحينما يحبس في سجن الشهوة ويقيد بأغلال الغفلة،
لذا قالوا :خراب القلب من الأمن والغفلة، وعمارته من الخشية والذكر، وقد يظن البعض أنه لم يعاقب على ذنبه، ولو فطن لأدرك أنه يعاقب كثيرا ، ومجرد حرمان حلاوة المناجاة عقوبة .

وهو عقاب عسير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، فالروح منعت زادها وذبلت وضعف حالها، ووهنت أمام قوة الجسد، فانقلبت المعادلة القويمة، واختلت الموازين، وأترف الجسد في نعيم الدنيا ونسي العبد حظ روحه، فماتت وأماتت القلب.

وقال البعض أنه لتقوية وإعادة أواصر الصلة بين الروح وعالمها الفوقي، يكون ذلك بالبعد عن عوالق الدنيا والعزوف عنها نهائيًا، ولكن يكمن الحل الفعال لأحياء الروح من جديد في ترك الذنوب وليس ترك الدنيا كلية، فكما قال الأولون ترك الدنيا فضيلة، وترك الذنوب فريضة، فكيف نأمر من ترك الفريضة بالفضية؟! والنفس يجب أن تأخذ حظها وإلا كان المنع عائق لها عن الترقي، فكم منا ترك لذات الدنيا حتى ذاع عنه ذلك، فصار مدح الناس عنده في حد ذاته شهوة،

كما قال " الجوزي" [ رب مانع شهوة أعطاها بالمنع أوفى منها ].

فعلينا بملازمة الباب والاستمرار في قرعه وطرقه فمن أدرك الطرق يوشك أن يفتح له ، فلعله أن يفتح فتنجو الروح والجسد معا، والبعد عن الذنوب وتذكر ما لله من فضل ،
وقد قيل [ علمت كلبك فهو يترك شهوته في تناول ما صاده احترامًا لنعمتك وخوفًا من سطوتك .. فكم علمك معلم الشرع وأنت لا تقبل ].

.............................

وفقكمُ اللهُ.
 
وفقكي الله حبيبتي
و شكرا جزيلا على النقل الجميل
موضوع قيم
ليتنا نقرأ لنتعلم و ندرك و نطبق
فنحيا
الحياة الطيبة التي وعد المتقون
دمت طيبة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top