التفاعل
769
الجوائز
695
- تاريخ التسجيل
- 31 أكتوبر 2008
- المشاركات
- 3,593
- آخر نشاط
- الوظيفة
- استاذ

من يجرؤ على قول الحقيقة
كتب الاستاذ عبد العالي رزاقي
الخوف من قول الحقيقة هو الذي يجعلنا لا نشعر بقيمة ثورة أول نوفمبر وشهدائها ومدى تأثيرها في تاريخ شعوب العالم الثالث، ومن يعتقد ان مذكرات من هم على قيد الحياة تشوّه الثورة فهو مخطئ، ومن سعى إلى توقيف نشر بعض المذكرات مثل مذكرات العقيد الراحل عبد الله بن طوبال هو الذي أغلق الباب أمام المجاهدين لكتابة شهاداتهم، وأكاد أشك في أن الراحل الشاذلي بن جديد كتب شيئا حول استقالته أو إقالته وإنما كتب شيئا مرتبطا بالتاريخ ولكنه تأخر في الظهور لأن هناك أطرافا في السلطة لا تريد حتى الحديث عن الماضي الذي مرت عليه خمسون سنة، فما بالك بالماضي القريب؟
تدريس (التضليل الإعلامي)؟
قرأنا في المدرسة بأن عبّان رمضان استشهد في الميدان وحين كبرنا واكتشفنا الحقيقة وأردنا نقلها إلى أبنائنا تصدى لنا من لا يعرف أن الثورة كانت تحارب فرنسا ليس بالسلاح فقط ولمن بـ (التضليل الإعلامي) بحيث أن إعدام عبان رمضان كان متوازيا مع إقامة جنازة له في تونس ونشر خبر(استشهاده) حتى لا يحدث انشقاق داخل الثورة ولكن بعد استرجاع السيادة لم يجرؤ احد على نشر الحقيقة وتصحيح الأحداث التاريخية، وهي مهمة المؤرخين .
والحقيقة هي أن هؤلاء المؤرخين تجنبوا ذلك ليس خوفا من الحقائق وإنما حتى لا تستغل ضد أطراف معينة، وفي هذا السياق لجأ احد المرشحين للبرلمان في الجنوب الجزائري إلى استغلال بعض الوثائق التي وردت في كتاب أحد المؤرخين الكبار لتصفية منافسه مما أدى إلى اشتعال فتنة بين قبيلتين كان ضحيتها المؤرخ.
لو يدرك الكثير أن الاغتيالات أثناء الثورة أو بعدها كانت تتم بـ(السلك) أو (جوارب النساء) لاهتزت مشاعره وفقد الثقة في رجال الثورة أو من حكموا البلاد، ولكن الخوف من الحقيقة هو الذي يشوه الحقيقة.
إن أول عمل روائي في تاريخ الرواية العالمية هو إنتاج جزائري للكاتب ابوليوس وعنوانه "تحولات الجحش الذهبي" ترجمه الدكتور علي فهمي خشيم ثم الدكتور أبو العيد دودو ولكنهما تجنبا ترجمة نص أساسي موجود في جميع اللغات بحجة أنه يجسّد "لحظة شذوذ جنسي لبطل الرواية"، فهل يعقل أن نشوّه نصا تاريخيا؟
لا أعتقد أنه بإمكان أحفاد الدكتور طه حسين أن ينشروا كتاب "الشعر"، ولا أعتقد أنه بإمكان أحفاد الفيلسوف عبد الرحمن بدوي أن ينشروا كتابه "الإلحاد في الإسلام" لأن النظام الحالي في مصر لن يسمح بنشره.
والخوف من الحقيقة هي التي جعلت من كانوا مشرفين على مكتبة الحكومة الجزائرية من إخفاء كتاب "السجل الذهبي" السنوي الذي بدأت فرنسا الاستعمارية في نشره منذ احتفالها سنة 1930م بمرور قرن على وجودها في الجزائر لغاية خروجها عام 1962م.
ولو قرأ الرافضون للحقيقة مذكرات فتحي الدبيب رئيس المخابرات المصرية خلال الثورة الجزائرية الموسوم بـ"عبد الناصر والثورة الجزائرية" لطعنوا في دور مصر الكبير لدعم الثورة الجزائية.
.
الكذب على النفس
هناك قراء يحترمون أنفسهم ويعتزون بأسمائهم المرتبطة ببريدهم الإلكتروني، وهناك قراء يخافون من الكشف عن أسمائهم بالرغم من وجودها في البريد الالكتروني، وكأن أصحابها لا يخافون من كاتب المقال لأنه يطلع على أسمائهم، وإنما يخافون من زملائهم القراء، ولهذا يلجأون إلى إخفائها، ومن يقرأ التعاليق باللغات الثلاثة (العربية والإنجليزية والفرنسية) يكتشف حقيقتين أولاهما هي عدم التمكن من اللغة وثانيهما عدم القدرة على الاحتفاظ بالمسافة ما بين المعلقين بحيث تتحول التعاليق إلى تبادل التهم بينهم، ولعل هذا ما يجعل الكثير من التعاليق لا تصل إلى النشر.
صحيح أن الأنترنت وفرت للكثير فشاء لحرية "الكذب على النفس" وكشفت عورات الكثير فماذا لو أن هذه المذكرات تنشر في هذا الفضاء؟
من حق القارئ العزوف عن قراءة مقال من لا يعجبه ولكنه ليس من حقه على ما يكتب أو الخوف من المعلومات التي يوردها الكاتب اللهم إذا كان هذا القارئ قد يفقد قيمته الاجتماعية أو السياسية أو الأخلاقية بعد كشف الحقيقة.
ولا أخالني أتردد في الكتابة على أي موضوع لأنني أعتقد أن الكاتب بقدر ما يكون حرا في
كتب الاستاذ عبد العالي رزاقي
الخوف من قول الحقيقة هو الذي يجعلنا لا نشعر بقيمة ثورة أول نوفمبر وشهدائها ومدى تأثيرها في تاريخ شعوب العالم الثالث، ومن يعتقد ان مذكرات من هم على قيد الحياة تشوّه الثورة فهو مخطئ، ومن سعى إلى توقيف نشر بعض المذكرات مثل مذكرات العقيد الراحل عبد الله بن طوبال هو الذي أغلق الباب أمام المجاهدين لكتابة شهاداتهم، وأكاد أشك في أن الراحل الشاذلي بن جديد كتب شيئا حول استقالته أو إقالته وإنما كتب شيئا مرتبطا بالتاريخ ولكنه تأخر في الظهور لأن هناك أطرافا في السلطة لا تريد حتى الحديث عن الماضي الذي مرت عليه خمسون سنة، فما بالك بالماضي القريب؟
تدريس (التضليل الإعلامي)؟
قرأنا في المدرسة بأن عبّان رمضان استشهد في الميدان وحين كبرنا واكتشفنا الحقيقة وأردنا نقلها إلى أبنائنا تصدى لنا من لا يعرف أن الثورة كانت تحارب فرنسا ليس بالسلاح فقط ولمن بـ (التضليل الإعلامي) بحيث أن إعدام عبان رمضان كان متوازيا مع إقامة جنازة له في تونس ونشر خبر(استشهاده) حتى لا يحدث انشقاق داخل الثورة ولكن بعد استرجاع السيادة لم يجرؤ احد على نشر الحقيقة وتصحيح الأحداث التاريخية، وهي مهمة المؤرخين .
والحقيقة هي أن هؤلاء المؤرخين تجنبوا ذلك ليس خوفا من الحقائق وإنما حتى لا تستغل ضد أطراف معينة، وفي هذا السياق لجأ احد المرشحين للبرلمان في الجنوب الجزائري إلى استغلال بعض الوثائق التي وردت في كتاب أحد المؤرخين الكبار لتصفية منافسه مما أدى إلى اشتعال فتنة بين قبيلتين كان ضحيتها المؤرخ.
لو يدرك الكثير أن الاغتيالات أثناء الثورة أو بعدها كانت تتم بـ(السلك) أو (جوارب النساء) لاهتزت مشاعره وفقد الثقة في رجال الثورة أو من حكموا البلاد، ولكن الخوف من الحقيقة هو الذي يشوه الحقيقة.
إن أول عمل روائي في تاريخ الرواية العالمية هو إنتاج جزائري للكاتب ابوليوس وعنوانه "تحولات الجحش الذهبي" ترجمه الدكتور علي فهمي خشيم ثم الدكتور أبو العيد دودو ولكنهما تجنبا ترجمة نص أساسي موجود في جميع اللغات بحجة أنه يجسّد "لحظة شذوذ جنسي لبطل الرواية"، فهل يعقل أن نشوّه نصا تاريخيا؟
لا أعتقد أنه بإمكان أحفاد الدكتور طه حسين أن ينشروا كتاب "الشعر"، ولا أعتقد أنه بإمكان أحفاد الفيلسوف عبد الرحمن بدوي أن ينشروا كتابه "الإلحاد في الإسلام" لأن النظام الحالي في مصر لن يسمح بنشره.
والخوف من الحقيقة هي التي جعلت من كانوا مشرفين على مكتبة الحكومة الجزائرية من إخفاء كتاب "السجل الذهبي" السنوي الذي بدأت فرنسا الاستعمارية في نشره منذ احتفالها سنة 1930م بمرور قرن على وجودها في الجزائر لغاية خروجها عام 1962م.
ولو قرأ الرافضون للحقيقة مذكرات فتحي الدبيب رئيس المخابرات المصرية خلال الثورة الجزائرية الموسوم بـ"عبد الناصر والثورة الجزائرية" لطعنوا في دور مصر الكبير لدعم الثورة الجزائية.
.
الكذب على النفس
هناك قراء يحترمون أنفسهم ويعتزون بأسمائهم المرتبطة ببريدهم الإلكتروني، وهناك قراء يخافون من الكشف عن أسمائهم بالرغم من وجودها في البريد الالكتروني، وكأن أصحابها لا يخافون من كاتب المقال لأنه يطلع على أسمائهم، وإنما يخافون من زملائهم القراء، ولهذا يلجأون إلى إخفائها، ومن يقرأ التعاليق باللغات الثلاثة (العربية والإنجليزية والفرنسية) يكتشف حقيقتين أولاهما هي عدم التمكن من اللغة وثانيهما عدم القدرة على الاحتفاظ بالمسافة ما بين المعلقين بحيث تتحول التعاليق إلى تبادل التهم بينهم، ولعل هذا ما يجعل الكثير من التعاليق لا تصل إلى النشر.
صحيح أن الأنترنت وفرت للكثير فشاء لحرية "الكذب على النفس" وكشفت عورات الكثير فماذا لو أن هذه المذكرات تنشر في هذا الفضاء؟
من حق القارئ العزوف عن قراءة مقال من لا يعجبه ولكنه ليس من حقه على ما يكتب أو الخوف من المعلومات التي يوردها الكاتب اللهم إذا كان هذا القارئ قد يفقد قيمته الاجتماعية أو السياسية أو الأخلاقية بعد كشف الحقيقة.
ولا أخالني أتردد في الكتابة على أي موضوع لأنني أعتقد أن الكاتب بقدر ما يكون حرا في
معالجة الموضوعات ذات الصلة ببلاده وأبناء جلدته بقدر ما يستطيع تنفس الحرية التي لا تكفي في الوطن العربي حتى لمواطن واحد.