سعادة الصحابة بمحمد صلى الله عليه وسلم
لقد جاء رسولنا صلى الله عليه وسلم الى الناس بالدعوة الربانية , ولم يكن له دعاية من دنيا , فلم يلق اليه كنز , وما كانت له جنة ياكل منها , ولم يسكن قصرا , فاقبل المحبون يبايعون على شظف من العيش , وذورة من المشقة , حوصورا في الشعب , وضيق عليهم في الرزق , وابتلوا في السمعة , وحوربوا من القرابة , واوذوا من الناس , ومع هذا احبوه كل الحب .
سحب بعضهم على الرمضاء , وحبس اخرون في العراء , ومنهم من تفنن الكفار في تعذبيه , وتانقوا في النكال به , ومع هذا احبوه كل الحب .
سلبوا اوطانهم ودورهم , واهليهم واموالهم , وطردوا من مراتع صباهم , وملاعب شبابهم ومغاني اهلهم , ومع هذا احبوه كل الحب .
احبوه وسعدوا برسالته , واطمانوا لمنهجه , واستبشروا بقدومه , ونسوا كل الم وكل مشقة وجهد ومعاناة من اجل اتباعه
لقد سكب في قلوبهم الرضا , فما احسوا للالام في سبيل دعوته حسابا , وافاض على نفوسهم من اليقين ما انساهم كل جرح وكدر وتنغيص .
واطفا من ارواحهم نار الحقد والعدواة , وصب على المشاعر ماء اليقين , فهدات نفوسهم , وسكنت ابدانهم , واطمانت قلوبهم , وبردت اعصابهم .
وجدوا لذة العيش معه , والانس في قربه , والرضا في رحابه , والامن في اتباعه , والنجاة في امتثال امره , والغنى في الاقتداء به .
(( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين )) -- (( ويخرجهم من الظلمات الى النور )) -- (( وكنتم على شغا حفرة من النار فانقذكم منها )) .
لقد كانوا سعداء حقا مع امامهم وقدوتهم , وحق لهم ان يسعدوا ويبتهجوا .
اللهم صل وسلم على محرر العقول من اغلال الانحراف ,ومنقذ النفوس من ويلات الغواية , وارض عن الاصحاب والامجاد , جزاء ما بذلوا وقدموا .