الفيس و رابح كبير و المستقبل -----------

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

momoh1985

:: عضو منتسِب ::
إنضم
10 أوت 2006
المشاركات
18
نقاط التفاعل
4
النقاط
3
لماذا بايع كبير مزراف؟!

hmida.jpg



في هذا العدد ننشر حوارا مع السيد رابح كبير، قال فيه أن اختلافات في وجهات النظر أصبحت بينه وبين عباسي مدني وعلي بن حاج، أي الإختلاف مع القيادة التاريخية للفيس في التعاطي مع المشهد السياسي الحالي، وقال كذلك أن الفيس ظلم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد···

لكن سننشر أيضا وهذا لأول مرة، الوثيقة التي أمضاها مسؤول الهيئة التنفيذية للفيس بالخارج، وهو رابح كبير، وذلك بتاريخ 17 مارس 1995، الموافق لـ16 شوال 1415 هجرية··· وهذه الوثيقة هي وثيقة المبايعة التي قدمها رابح كبير لمؤسس الجيش الإسلامي للإنقاذ، مدني مزراق، حيث قال وبالحرف الواحد:''عملا بشريعة الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، فإن أعضاء الهيئة التنفيذية للجبهة الإسلامية للإنقاذ بالخارج، يعلنون عن مبايعة الأمير الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ، على السمع والطاعة في اليسر وفي العسر وفي المنشط وفي المكره···''·

1 ـ كبير والقيادة التاريخية للفيس:

لقد تأسس الفيس كما سبق وأن أشرت في مقال سابق في ظل ظروف غير طبيعية، بحيث كانت أحداث أكتوبر مفاجأة للجميع، للسلطة وللمعارضات التقليدية، سواء الدينية منها وغير الدينية··· فالإخوان الذين كان على رأسهم، نحناح، اعتبروا أحداث أكتوبر غامضة، وفيها الكثير من الإلتباس، لذا كان أول بيان صدر عن هذه الجماعة، يأمر أتباعه بعدم الإنخراط في الأحداث وأوصى بالحذر والإنتظار عما سيسفر عن هذه العاصفة، وبالنسبة للشيوعيين فلقد وجدوا أنفسهم غير مهيئين وحاولوا أن يؤكدوا أنهم أبرياء منها ولا يد لهم فيها، وهذا بالرغم من توجيه التهم لبعض عناصر شيوعية، على أساس أنها قامت بدور تحريضي، أما بالنسبة للحركة الثقافية البربرية، فلقد وقفت موقفا حياديا، واكتفى نشطاؤها بإعلان إضراب شامل لمدة يوم···

إن التيار السياسي الذي انبثق في تلك الظروف كان التيار السلفي الشعبوي وكان على رأسه علي بن حاج والهاشمي سحنوني وكمال قمازي وهؤلاء شكلوا النواة الأولى لميلاد حزب الإنقاذ، وبعد فشل اتصالهم مع نحناح، تمكنوا من اقناع عباسي مدني، الذي استقبلهم في بيته واغتنم الفرصة لتحويل المبادرة السلفية إلى حزب سياسي، أطلق عليه ''الجبهة الإسلامية للإنقاذ''، وارتبطت لحظة الميلاد السياسي للتيار والحزب بظرف اتسم بالإنهيار العام للوطنية الشعبوية ولرموزها وبالتالي استولت السلفية الوليدة على زخم الشعبوية ولونته بالتعبير الإسلامي·· وعندئذ لم يكن رابح كبير من الوجوه المعروفة أو من التي لعبت دورا في حركة النشوء والصعود، بل كان عبارة عن قادم جديد من بيت آخر هو بيت الإخوان·· وكان في بدايته يسعى إلى كسب ود عباسي مدني الذي لم يكن سلفيا في ذات الوقت، كان يسعى إلى تشكيل تياره الخاص داخل الفيس من أنصار غير سلفيين·· وكان رابح كبير أحدهم··· فلقد كان عباسي يراهن على الوافدين الجدد إلى الفيس والذين كانوا يشكلون قاعدة جديدة له، وللتيار الذي كان يسعى إلى تقويته قصد توظيفه عندما يشتد عود السلفيين، الذين كانوا منذ البداية يشكلون الثقل الرئيسي داخل الفيس··· ومن يتذكر السلوك الذي كان يظهر به رابح كبير غداة دخوله مسرح الأحداث، عندما تولى منصبا في اللجنة المؤقتة للهيئة السياسية للفيس، وكان ذلك بعد إلقاء القبض على رموز القيادة التاريخية، نسخة طبق الأصل لعباسي مدني من حيث الآداء والتفكير وفن المناورة·· لكن ماذا حدث حتى إنقلب رابح كبير على الفيس التاريخي؟؟!···

2 - إن رابح كبير يعتقد أنه تعلم الشيء الكثير عندما كان متواجدا بألمانيا، وسمحت له اتصالاته العديدة مع الشخصيات السياسية والحزبية بالخارج من تكوين نفسه سياسيا، وسمحت له احتكاكاته مع دوائر عربية وإسلامية غربية من نسج علاقات عديدة ومتشابكة، ويرى أنها جعلت كفته تميل بالمقارنة إلى كفة عباسي وبن حاج التي ضعفت، وهذا بسبب سجنهما لكن النقاط العديدة التي سجلت ضدهم، وبدا جيدا أن العلاقات التي أقامها رابح كبير مع دوائر في الحكم وهذا منذ منتصف التسعينيات، جعلته يفكر على صعيد استراتيجي، لكن ما كان يضايقه هو الشخصية القوية لعبد القادر حشاني، الذي كان في نظر أصدقائه وخصومه أقوى شخصية سياسية عرفها الفيس، فلقد كان المهندس الحقيقي لانتصاراته في تشريعيات ,91 وعقله المدبر في إدارة اللعبة السياسية في ظل تلك الظروف العصيبة التي عاشها الفيس .. إضافة إلى الرصيد الذي كسبه عندما دخل السجن مقابل كبير، الذي كثيرا ما اتهم من طرف إخوته في الفيس أنه يعيش الحياة الرغدة بألمانيا، وأنه استولى على أموال باهضة، باسم الفيس··· وهذا ما جعل القيادة تهدده صراحة، وكذلك أمير ''الجيا'' زيتوني الذي نعته بالإستيلاء على أموال المجاهدين··· بل وقد ذهب إلى حد شتمه على التليفون وأمره أن يدخل ويرجع الأموال وإلا كان مصيره الموت···

إن كل هذه العوامل والعناصر جعلت من رابح كبير يعلن طلاقه مع الفيس، الذي قد مات وما كانت عودته إلا رمزا على النهاية الحقيقية للفيس·· ورابح كبير الذي كان أول من قام بتقديم المبايعة لمدني مزراق، هو اليوم جاء ليجني ثمار المبايعة سياسيا·· 3 - ونكتشف هنا، أن مدني مزراق الذي صرّح في البداية أن الجيش الإسلامي للإنقاذ، هو الذرع المسلح للفيس، لم يكن ذلك إلا تكتيكيا··· والدليل على ذلك أن مدني مزراق عندما دخل في اتصالات مع السلطة أيام ليامين زروال، قام ذلك بمبادرة منه بعيدا عن سلطة السياسيين، بل لم يعرف إلى يومنا هذا هؤلاء السياسيون أو القيادة التاريخية للفيس، فحوى الإتفاق بين الجيش الإسلامي للإنقاذ والسلطة·. والوثيقة التي تنشرها ''الجزائر نيوز'' حول مبايعة رابح كبير والهيئة التنفيذية بالخارج لمدني مزراق، تكشف لنا أن الإنقلاب ضد القيادة التاريخية للفيس، حدث في تلك الفترة، أي حدث بتاريخ 17 مارس .1995 وتحولت هيئة رابح كبير بالخارج إلى الذراع السياسي والدبلوماسي للجيش الإسلامي للإنقاذ··· ومن هنا نفهم لماذا بقي التنسيق بين رابح كبير ومدني مزراق، بل أن اللقاءات التي أجراها بعد عودته من ألمانيا مع السياسيين، كان مزراق برفقته، وهذا يؤدي بنا إلى التساؤل التالي: من هو الرجل الفعلي لهذه النواة الجديدة التي لم تعلن عن نفسها؟··· مدني مزراق أم رابح كبير؟!··· هل مدني مزراق يريد أن يوظف رابح كبير مثلما وظفت مجموعة جيش التحرير التي رفعت السلاح، فرحات عباس، كذراع سياسي على الواجهة الدبلوماسية والسياسية كذلك؟! إن رابح كبير نفى لزميلنا الذي حاوره على هامش الحوار، أن يكون يوما قام بمبايعة مدني مزراق، لكن الوثيقة التي تنشر تؤكد طرحنا وتنفي نفي رابح كبير··· وإذا ما كان رابح كبير هو فقط الذراع السياسي للجيش الإسلامي للإنقاذ، فماذا يمكن أن يخفي ذلك من سيناريوهات في ظل اللعبة السياسية التي لم نكتشف ملامحها بعد؟!···​

من هو رابح كبير؟

QRTICLEN.jpg



عودة رابح كبير عبر البوابة السياسية أثارت أكثـر من تساؤل في أوساط المحللين، لكن أثارت أيضا حنقا لدى من كانوا يتقدمونه على واجهة المشهد السياسي الإسلامي··

وصف رئيس الحكومة الأسبق خطابه، بالمعتدل والمتزن، وأثنى عليه كل من كان التقاه، بدءا من عبد الحميد مهري وانتهاء بالسيد فاروق قسنطيني·· من هو هذا الرجل الذي خرج من عاصفة الفيس سالما في حين أضحى رفاق درب في عداد الغرقى؟!

ينحدر رابح كبير من عائلة يمكن وصف انتمائها على الصعيد الاقتصادي إلى البورجوازية العقارية، وكانت هذه العائلة من قبيلة أولاد حميداش، ويطلق عليها اليوم كناوة وهي عبارة عن قرية ذات طابع فلاحي· رأى رابح كبير النور عام ,.1956 يقول رابح كبير إن جده الذي فارقه عندما كان في سن الثالثة عشرة كان يفتح بيته بانتظام للنشطاء داخل حركة جمعية العلماء·· ويتذكر كبير الشيخ مرزوق الذي يقول إنه كان له عليه تأثير عميق نحو التوجه إلى التدين، وهو لازال في ذلك السن·· انتقل رابح كبير من أولاد حميداش إلى عنابة، حيث واصل دراسته الثانوية، وفي تلك الفترة انخرط في النشاط الديني والسياسي ودخل في معارك ضد اليساريين، وقد اشتد هذا النشاط عندما انتقل رابح كبير إلى الجامعة، وقتذاك تعرف على التيار الإخواني المحلي وأصبح أحد النشطاء ضمن هذا التيار الذي ترأسه آنذاك جاب الله وأطلق عليه حركة النهضة·

في ,1979 تحصل رابح كبير على شهادة الليسانس، وعاد إلى مدينة القل ليصبح مدرسا بإحدى ثانوياتها لمادة الفيزياء، واستمر في هذا المنصب إلى غاية عام ,1991 بحيث انتقل إلى ممارسة مسؤوليات داخل الفيس·

غادر رابح كبير تنظيم جاب الله وكان ذلك عام ,1989 والتحق بالفيس الذي كان يعيش عنفوان ميلاده، وأصبح نائب رئيس المكتب التنفيذي للفيس على صعيد ولاية سكيكدة· وأصبح محسوبا على جناح عباسي مدني داخل الحزب·

في مؤتمر باتنة الذي نظمه الراحل عبد القادر حشاني في جويلية ,1991 أصبح رابح كبير مسؤول لجنة العلاقات الخارجية، وفي هذه الفترة دخل رابح كبير مرحلة جديدة من حياته في النشاط السياسي·

عندما ألقي القبض على عبدالقادر حشاني من طرف قوات الأمن بعد ندائه الذي وجهه للعسكريين وطالبهم بالعصيان وكان ذلك في جانفي ,1992 أصبح رابح كبير الناطق باسم الفيس ومسؤول العلاقات مع الصحافة، لكن ذلك سوف لن يستمر أكثـر من شهر، فلقد ألقي عليه القبض بدوره في شهر فبراير من ذات السنة، لكنه تمكن من الهروب إلى ألمانيا في سبتمبر .1992 في ألمانيا أصبح رئيس الهيئة التنفيذية للفيس بالخارج، ولقد حاول المشاركة في ندوة سانت إيجيديو، لكن في آخر لحظة قال إنه وجد ضغوطات من طرف جهات حالت دون مشاركته، في حين كان غريمه وأخوه اللدود أنور هدام الممثل البارز للفيس في لقاء روما·

أكتوبر ,2006 يعود رابح كبير للجزائر، بعد أن غادرها هاربا، ليلتقي عدة شخصيات سياسية ووطنية، ويشير بوضوح أنه جاء ليلعب دورا مهما في المشهد السياسي، فهل سيتمكن من ذلك؟!​
 
في حوار صريح خص به ''الجزائر نيوز''·· رابح كبير يصرح:

أختلف مع عباسي وبلحاج ·· والشاذلي ظلمناه
··​

rabah_kibir.jpg


حاولت ''الجزائر نيوز'' في هذا الحوار الذي خصها به السيد رابح كبير، أن تسلط الضوء على جملة من القضايا، التي أثارتها عودة قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة في الخارج إلى الجزائر، كما أنها سعت إلى القيام بحوصلة لنشاط وتحركات الشيخ رابح كبير الذي سيغادر الجزائر مباشرة بعد عيد الفطر باتجاه ألمانيا ومنها إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، ليعود إلى البلاد بعد ذلك لاستتمام تحركاته الهادفة إلى التقريب بين التيارين الوطني والإسلامي، والتحضير بجدية للمواعيد السياسية القادمة·رابح كبير الذي فضل أن يتم اللقاء معه على مائدة الإفطار ببيت أخيه مصطفى بالعاصمة، حاول أن يكون صريحا وموضوعيا في إجاباته إلى أبعد الحدود وهذا إلى درجة أنه عندما سألناه فيما إذا كان الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد قد ظلم من قبل السلطة فيما سمي بأزمة الفيس، أجاب الشيخ كبير ''إننا نحن كذلك في الجبهة الإسلامية للإنقاذ ظلمنا الرجل''·

-- عودتنا بالصورة التي تمت، ستعزز مصداقية المصالحة الوطنية

-- ذهلت لمستوى الركود السياسي

-- مواقف الهيئة والأئياس ظلت معتدلة ومنسجمة

-- سنبقي على كل الخيارات السياسية مفتوحة

-- لم ينقطع تواصلنا بالرئيس حتى ونحن في المهجر

-- الدستور الحالي هو دستور الأزمة


قوبلت عودتكم إلى الجزائر بتفاؤل من قبل البعض، وريبة وقلق من طرف البعضالأخرالذي رأى في عودتكم إشارة إلى إحالته على التقاعد السياسي، كما أن الأستاذ علي يحي عبد النور شكك في قانونية هذه العودة، فما هو تعليقكم

على ذلك؟


بالنسبة للذين تفاءلوا بعودتنا، فإذا كان ذلك على أساس أننا نطرح أفكارا جديدة، متوازنة ومعتدلة تراعي مصلحة البلاد والعباد، فهذا نثمنه، ونعتبره تشجيعا لنا على السير في هذا المسعى· فحسب الأصداء والمعلومات، فإن أصحاب هذا التوجه المتفائل ليسوا بالأقلية في المجتمع الجزائري· أما بالنسبة للفئة الثانية التي تكون عودتنا قد أثارت قلقها، فنحن نقول لها بأننا لا نرى قلقا في ذلك، وأننا نقبل الآخر مثلما هو عليه لا مثلما نريد، ونود أن يقبلنا الآخر كذلك بنفس الطريقة، فالجزائر بلدنا جميعا والديمقراطية في الختام هي احترام رأي الأغلبية وحماية وضمان حقوق الأقلية، ومثل هذا الطرح لا يثير أي قلق في اعتقادنا· أما فيما يتعلق بالأستاذ علي يحي عبد النور، فهو رجل فاضل وأحترمه كثيرا، وقد بذل جهدا كبيرا في الدفاع عن حقوقي سواء هنا بالجزائر أو ألمانيا التي زارني فيها، وإنني شخصيا أكن له ودا كبيرا، وما يكون قد صرح به من أفكار سياسية، يمكن أن نوافقه كما يمكن أن نخالفه الرأي فيها·

هل ستسهم عودتكم في فتح باب العودة على مصراعيه لباقي زعماء الفيس وقاعدته في الخارج؟

إن عودتنا بالصورة التي تمت، ستعزز مصداقية المصالحة الوطنية، وستفتح الباب أمام الإخوة الآخرين للعودة إلى الجزائر والمساهمة بدورهم في ترسيخ المبادئ العميقة للمصالحة الوطنية، ولا أود أن أخص هنا بالذكر شخصا بعينه، وإنما أقصد جميع الأسماء الموجودة في الخارج·

شكلت الانتخابات الرئاسية السابقة منعرجا حاسما في تحديد مواقعكم في الخريطة السياسية، كما أنها جعلت بعض قياديي الفيس يخلفون موعدهم مع الزمن ويفوتون على أنفسهم فرصة الاندماج من جديد في الفضاء السياسي الوطني، كيف تعاملتم أنتم مع هذا الحدث؟

تحليلاتنا للانتخابات الرئاسية الماضية،كانت دقيقة إلى حد بعيد، وهذا راجع إلى صحة المعلومات التي كانت بحوزتنا وجعلتنا نتخذ الموقف السليم، عكس بعض إخواننا الذين انجروا وراء بعض المعطيات الواهية، فالهيئة التنفيذية استطاعت مع الوقت اعتماد سياسة متوازنة ومعتدلة، وثابتة مع الزمن، ولم يحدث في سياستنا أي منعرج غير طبيعي، فنحن على سبيل المثال ندعم المصالحة الوطنية كاستراتيجية، ورئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة جعل من المصالحة أهم شعار لعهدته الأولى، وجسد جزءا هاما من هذا الشعار على أرض الواقع، كما أنه جعل من شعار تعزيز وتعميق المصالحة شعار عهدته الثانية، وهذا ما دفعنا إلى المراهنة على هذا الرجل وهذه التوجهات لتعزيز وتعميق ما تم الحصول عليه من نتائج هذه السياسة التي انتهجناها منذ 1995 وإلى يومنا هذا، وقد كان كل ذلك نتاجا لمواقف ومراجعات لأخطائنا في الماضي، وبالتالي فإننا كهيئة تنفيذية في الخارج كنا نجهر بأن حل الأزمة إنما يتجسد في المصالحة الوطنية، وقد قلنا ذلك في وقت كان الحديث فيه عن المصالحة الوطنية من الممنوعات الكبرى في الجزائر·

هل ستراهنون بعد عودتكم على قاعدة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة باعتبارها إرثا شرعيا لكم، من أجل ضمان موقع مريح لتحركاتكم السياسية المستقبلية؟

نحن نراهن بالأساس على طبيعة الأفكار التي نطرحها، ونحن نعتقد أن الجزائر دولة وشعبا وسلطة بحاجة إلى هذه الأفكار، ومن هذا المنطق، فالأكيد أننا نستهدف الإخوة الذين ناضلوا في إطار حزبنا من باب الأقربون أولى بالمعروف، ولكن دون إكراه أحد، فمن اقتنع بأفكارنا وطريقنا فهو مرحّب به، ومن كان له رأي مخالف فله ذلك ونحن نحترمه، وأشير هنا إلى أننا منفتحون على المجتمع كله، ونستهدف بالأساس فئة الشباب، التي ما تزال غير منظمة سياسيا، فهذه الفئة بنظرنا هي الأقدر على إحداث التغيير عندما تتبناه·

مضى على خروجكم من الجزائر حوالي 15 سنة، كيف وجدتم التركيبة الاجتماعية والسياسية عند عودتكم؟

هنالك تغير كبير وفظيع وليس بالضرورة نحو الأحسن، لقد فاجأتنا مظاهر الفساد التي تنشر يوميا على صفحات الجرائد، وكذا الفساد الأخلاقي خاصة ما تعلق منه بتعاطي المخدرات، فالجزائر لم تكن بلدا مستهلكا للمخدرات، واليوم صار الوضع مؤسفا ويدعو إلى القلق، ونحن ننوي المساهمة مع الخيرين في كل المواقع في الجهود والمبادرات الرامية إلى مكافحة مظاهر الفساد هذه، ولنا من جهتنا حلول ومقترحات فيما يخص هذه الانشغالات· أما فيما يتعلق بالشأن السياسي، فأقول إنني ذهلت لمستوى الركود السياسي وانعدام الحركية السياسية، ونحن نريد إتمام فرصة عودتنا إلى الجزائر لنسهم بتواضع بالتعاون مع الفاعلين السياسيين لتحريك الوضع السياسي في الجزائر، ولنكون بذلك قوة اقتراح وإنتاج فكري، نقترح الحلول للمشاكل التي تتخبط فيها البلاد، فنحن نؤمن أن الدولة القوية والسلطة القوية بحاجة إلى معارضة سياسية قوية كذلك، وعلى هذه المعارضة مثلها مثل السلطة أن ترتب أولوياتها وتضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، بحيث لا تسمح تحت أي ظرف مهما كان قاسيا بالمساس بالمصالح العليا للبلاد·

هل كانت لكم اتصالات مع شيوخ الجبهة الإسلامية المحلة لإقناعهم بمسعاكم الجديد؟

لقد باشرنا لقاءات كثيرة مع إطارات في الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الصف الثاني، وكانت لي شخصيا لقاءات مع بعض الإخوة الشيوخ أمثال جدي وفمازي، وتفاجأت بحق عندما قالا لي إن الأفكار التي أطرحها اليوم لا يوافقان عليها فحسب بل أنهما يريان أن لها قبولا واسعا في قواعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ· أما بالنسبة للشيخ علي بلحاج فقد التقيت به وسجلنا اختلافات في وجهات النظر، ولا أزال أسعى للتحاور معه في كل المواضيع المطروحة· وبخصوص الشيخ عباسي مدني، فقد التقيت معه قبل سنة من الآن، بمناسبة مشاركتنا في برنامج خاص بقناة الجزيرة، وكانت وجهات نظرنا مختلفة، والتقينا بعدها في لقاء أخوي بقطر دائما، تناولنا فيه كل القضايا المطروحة آنذاك، الود كان متبادلا فيما بيننا، أما من ناحية الأفكار والرؤى السياسية، فقد اتسمت بالاختلاف في وجهات النظر·

المتتبع لتصريحاتكم منذ بداية الأزمة يلاحظ أنها تتقاطع وتتطابق مع تصريحات الأمير الوطني السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ المحل مدني مزراف، الذي لم يخف بأنكم الوحيد الذي خرج من الجزائر بإذن من قيادة الجبهة، فما هو تفسيركم لذلك؟

هذا الأمر صحيح من الناحية التاريخية مائة بالمائة، وفي اعتقادي أنه كان نابعا من اقتناع الإخوة بشخصي وقدرتي على القيام بالمهمة التي أناطوها بي، وأشير هنا إلى أن هذا التيار المتمثل في الهيئة التنفيذية بالخارج والأئياس، بقي متجانسا في طرحه، لأن الأولويات المشتركة كانت دائما هي نفسها، والتواصل ظل مستمرا مما سمح بالتطور الفكري الذي حصل عندنا مجتمعين، وهذا ما أعطانا القدرة على التحليل الموفق الذي قادنا في النهاية إلى تبني مواقف وصفها الجميع بالاعتدال والحكمة·

هل أنتم اليوم تطالبون باسترجاع حقكم في الممارسة السياسية أو حقكم في إنشاء تنظيم سياسي؟

لقد أعلنا منذ عودتنا إلى الجزائر عن نيتنا في تأسيس تنظيم سياسي، وقلنا آنذاك أنه مشروط بتوفر الشروط الموضوعية، ما يعني العمل في إطار المتاح، فهذه النية وهذا التوجه لا يزالان قائمان، في انتظار تحققهما· وإذا داهمتنا استحقاقات سياسية، ولم نكن قد أسسنا هذا التنظيم، فإننا سنبقي على كل الخيارات السياسية مفتوحة· أما عن حقنا في الممارسة السياسية، فتحركاتنا الحالية هي عمل ونشاط سياسي وعلى مستوى عال جدا·

هل كانت لكم اتصالات مع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة؟

اتصالنا برئيس الجمهورية تم بشكل أو بآخر، فخلال لقائي بالسيد فاروق قسنطيني بلغته رسائل إلى رئيس الجمهورية، كما أن لقائي برئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم يعكس هذا التواصل، الذي تم حتى ونحن في المهجر·

مادام أننا تحدثنا عن علاقتكم برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، فهل لكم أن تحدثونا اليوم عن نظرتكم لما كانت عليه علاقتكم بالرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد؟

حقيقة إننا ظلمنا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الرئيس الشاذلي بن جديد، فالرجل باعتقادي كان مخلصا في تعامله مع الأزمة، وكانت له إرادة لوضع حد للانزلاق بحكم درايته بخطورة الوضع، لكننا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم نسهل مهمته بل إننا وضعنا عدة عراقيل في طريقه نتيجة تصلب المواقف السياسية لبعض قادة الجبهة·

تثار في هذه المرحلة مسألة تعديل الدستور، فهل أنتم من مؤيدي هذا المسعى أم من الرافضين له؟

الدستور الحالي هو دستور الأزمة وليس فقط دستور ما قبل الأزمة، وبالتالي فنحن نرى في تعديله مطلبا شرعيا وملحا، لكن يبقى محتوى التعديل في نظرنا الإشكالية التي يتوجب أن ينصب عليها النقاش، وبرأينا أن التعديل يجب أن يذهب في اتجاه ترقية الممارسة السياسية، وترقية ودعم حقوق الإنسان، وتعزيز الحريات بمختلف أنواعها وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير بغرض الوصول إلى جزائر تؤمن بدرجة مواطنة واحدة·

هل لكم رسالة تودون تمريرها عبر هذا الحوار؟

بودي أولا توجيه تحية خاصة لقراء جريدة ''الجزائر نيوز''، وأشكرها هي الأخرى على المجهودات التي تقوم بها لترقية العمل السياسي بشكل عام، كما أتوجه إلى كل الذين ناضلوا في السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ وأطلب منهم أن يضعوا ثقتهم في هذا التنظيم الذي نسعى إلى إنشائه يهدف المساهمة الفعالة في إخراج البلاد من أزمتها، والعودة بالتالي إلى الحالة الطبيعية التي تسمح للجميع بممارسة حقوقهم دون قيد أو إكراه، كما أتوجه إلى أبناء التيار الوطني والأسرة الثورية بشكل أخص ليساهموا معنا في ترقية المصالحة الوطنية، للوصول إلى الجزائر التي كان يحلم بها الشهداء، جزائر الإخاء، والعزة والكرامة·
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top