قالت رابعه العدويه
وهي احدى شهيرات تلك العصور الغابره والتي لازالت سيرتها ضمن كبار مجلدات السير …
سكري في صحوي وصحوي في سكري فكيف افصل بينهما ؟!!
وكأنها تريد ان تقول عندما اكون سكرانه أبوح بحقيقة وضعي لكن عندما اكون واعيه أخفي الكثير من الحقائق وأُجامل وأظهر بما يتنافى مع ما أبطن …
أم انها تريد ان تقول ( إن الخمر مرآت الوعي )
نحن على يقين من الخمر يذهب الوعي ،، وعندما أتأمل فيما قالت اجد انها قالت ما يتوائم مع هذه الحقيقه لأنها في حالة سكرها ترفع الحجاب مؤقتا عما يختبئ في الداخل ، لأننا موقنين ان الخمر لايأخذ وعيا ولا يمنحه لكن المخمور يهذي بحقيقة وضعه بغير وعي منه ،،
فمن كان فيه عمق… طفا العمق.
ومن كان فيه فوضى… ظهرت الفوضى.
ولهذا ترى السكران شاعرا أحيانا، ومهرجا أحيانا، ووحشا في أحيان أخرى. فليست الخمره من تكشف بل الداخل يتعرى فإن كان وعيا، بان.
وإن كان خواء، طفا.
فهل ترون ما حاولت تحليله صائبا ؟
أهلا أخي بندر
لدي تعقيب بسيط حول العبارة المنسوبة إلى رابعة العدوية: "
سكري في صحوي وصحوي في سكري فكيف افصل بينهما؟"
أولاً، رابعة العدوية عاشت في القرن الثاني الهجري، وكانت سابقة على ظهور مصطلحات السُّكر والصحو والفناء التي اشتهر بها متقدّمو الصوفية في القرن الثالث وما بعده.
خطاب رابعة كان بسيطاً ومباشراً، قائماً على المحبة الإلهية والإنابة، لا على الاصطلاحات الذوقية التي ظهرت لاحقاً. لذلك فهذه العبارة أقرب إلى لسان المدرسة الصوفية المتأخرة وليس إلى رابعة نفسها.
وبالمناسبة، الصورة الشائعة عن رابعة في الفيلم المصري الذي صوّرها في بدايات حياتها غارقة في الشهوات، مردودة عند المحققين. إذ اشتهرت رابعة بالزهد مبكراً، لا بالعلاقات والفتنة كما ورد في الفيلم.
ثانياً، مفهوم الخَمر والسّكر عند الصّوفِية لا علاقة له بالخمر الحسيّ الذي يُشرب فيُذهب العقل.
عند الصوفية :
الخمر: رمز للمحبّة الإلهية حين تفيض على القلب
السُّكر: غلبة حال الوجد والهيام بحيث يغيب العبد عن الشعور بنفسه
الصَّحو: رجوع القلب إلى الاتزان والتمييز بعد ذلك الفيض
فالخمرة الروحية لا تُذهب الوعي كما يفعل النبيذ، بل تكشف وعياً أعمق لأنها تُميت الأنا لا العقل.
والمخمور (بالشراب) يتكلم بما يخجل منه إذا صحا، بينما المخمور (بالمحبة الإلهية) تتكشف له أنوار الجمال الربّاني. وإذا صحا ازداد نوراً واتزاناً.
خلاصة موجزة: السُّكر الحسي نزولٌ إلى النفس، والسُّكر الروحي صعودٌ عنها.