الوقف والصّدقة الجارية

الإسلام نور

:: عضو منتسِب ::
إنضم
10 جانفي 2014
المشاركات
5
نقاط التفاعل
3
النقاط
3
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الأستاذ محمد بن زموري وكيل الأوقاف بولاية المدية


من الفضائل الّتي رغّب إليها الإسلام وحثّ عليها المسلمين، الوقف، إذ هو شعيرة ربّانية وفضيلة إنسانية جعلت المسلمين في ارتقاء مادي ومعنوي منقطع النّظير.

الوقف أو ما يُعرَف بالحُبُس، يعني الصّدقة والّتي تتميّز بالديمومة والبَقاء، وقد سمّاها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأبلغ لفظ وأوجز أسلوب الصدقة الجارية، ففي الحديث الذي رواه الجماعة غير البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ” .

وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أوّل من غرس في المسلمين حبّ التصدّق وخصوصًا الوقف وذلك حين أوقف سبعة بساتين وجعلها لفقراء المسلمين. كما أوقف كثير من الصّحابة جزءًا من أموالهم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقف أرضه بخيبر، وهذا طلحة رضي الله عنه يوقف أرضه ببيرحاء، وهذا عثمان رضي الله عنه يوقف بئر رومة، وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه يوقف دروعه في سبيل الله.
وقد استمرّ الصّحابة رضوان الله عليهم في تنمية الوقف حتّى نقل لنا الخصاف عن محمد بن عبد الرحمان بن سعد بن زرارة قوله “ما أعلم أحدًا من أصحاب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم إلاّ وقد وقف من ماله حبسًا لا يشترى ولا يورث ولا يوهب حتّى يرث الله الأرض وما عليها”.
وتبعًا لهذا فقد تنوعت مصادر الوقف تنوّعًا عظيمًا، وهذا مصداقًا لحديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الّذي رواه ابن ماجه: “إنّ ما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علمًا نشره أو ولدًا صالحًا يتركه أو مسجدًا بناه أو بيتًا لأبناء السّبيل بناه أو نهرًا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحّته وحياته تلحقه بعد موته”. وبهذا نلحظ التنوّع العجيب في مصادر الوقف، ما ساهم في ترقية التّضامن الاجتماعي والتّعاطف الإنساني، فارتقى الوقف من وقف المساجد والمصاحف والمدارس القرآنية إلى وقف المستشفيات ودور الصحّة إلى وقف بيوت للفقراء وأبناء السّبيل إلى وقف الأراضي والمزارع والآبار والعيون إلى وقف الكتب ووقف النّفس على التّعليم كما ذكر ذلك الإمام سحنون رحمه الله: [كتبي ووقتي هي وقف لله].
وتطوّر تبعًا لهذا أثر الوقف فشمل كلّ مناحي الحياة، وقد مثل الوقف بحق سندا للمجتمع وعونًا له خصوصًا ما تعلّق بالجوانب الحيوية في المجتمع، فلم يترك شاردة ولا واردة إلاّ وأدرجها ضمن اهتماماته. ومن أطرف ما يذكر عن الوقف ولمساته الحانية أنّ الصّبيان الصّغار الّذين كانوا يكسرون مقتنياتهم من الفخار دون قصد، خصّصت لهم أوقاف تعوض لهم الأواني المكسورة بأخرى جديدة فيحول هذا دون معاقبتهم من طرف أوليائهم، كما خصّصت أوقاف لصنع كعك العيد الّتي كان يوضع بداخلها دنانير ذهبية حتّى تعم بهجة العيد كلّ النّاس.
وفعلاً فقد قدّم الوقف خدمات جليلة في العديد من الجوانب وحقّ له أن يكون نموذجًا لتضامن اجتماعي راقٍ ساهم في إزالة الفقر ومحو الفوارق الطبقية، بالإضافة إلى تنمية المجتمع وترقيته ماديًا ومعنويًا.
 
رد: الوقف والصّدقة الجارية

بـــارك الله فيـــك علــى طرحـــك لهـــذا الموضـــوع المميــز و الرائــع
في انتظـــار المزيــد من المواضيــع المتميـــــــزة
تقبلـ مروري ..
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top