ماذا يجري في غرداية ؟

momoh1985

:: عضو منتسِب ::
إنضم
10 أوت 2006
المشاركات
18
نقاط التفاعل
4
النقاط
3
بحثا عن محاولة فهم ما يجري في مدينة غرداية من أحداث عنف سنحاول توضيح الصورة من خلال ما اطلعنا عليه من صور و روبورتاجات و معلومات من مصادر مختلفة.
تقع مدينة غرداية على بعد 600 كلم عن الجزائر العاصمة يتميز أهلها و شعبها بأنهم مسالمون و أناس منضبطون, أمازيغ يعرفون ببني مزاب يعتنقون المذهب الاباضي السني يعيش بجانبهم عرب سنة أيضا ذو مذهب مالكي مما يؤدي ذلك لتنوع في العرق و المذهب.
و رغم هذا التنوع و الاختلاف الا أن العرب و المزابيين دائما ما كانوا يعيشون في توافق و سلام, لكن في السنوات الأخيرة و تحديدا منذ أحداث 1989 بدأت تطفو نوع من الصراعات لتكبر مع مرور السنوات خاصة في السنتين الماضيتين أين شهدت غرداية أحداثا مؤلمة في بريان أو المنيعة و هذه المرة في القراراة.
و لما نريد أن نسلط الضوء على أحداث القرارم الأخيرة و ما حدث من تخريب لأملاك عمومية و خاصة لم تسلم منها حتى المقابر و الموتى, بالإضافة الى تحيز بعض الجهات الأمنية الفاضح في ادارة النزاع, يتبادر للكثير أن مرد العنف سببه عروشي قبلي عشائري مذهبي طائفي مناطقي جهوي إثني عرقي لغوي سياسي.
صحيح أن الأمر يبدو ذلك, لكن لو تعمقنا أكثر لنرى أن مثل هذه الحالات الصراعية الطائفية المذهبية العرقية حالة عامة جزائرية عربية اسلامية افريقية و ليست خاصة بغرداية فقط.
مما يؤدي بنا الى طرح تساؤلات عن ما يجري حقيقة من أحداث على الأرض, و الى ماذا يرجع ذلك, ما هي العوامل و الأسباب التي تقف وراء أحداث قرارة خاصة و غرداية عامة ؟

للاجابة على تساؤلاتنا يمكن ارجاع مثل هذه الأحداث التي تعرفها غرداية على وجه الخصوص كما يمكن تعميمها على مختلف الأحداث التي تحدث من حين لاخر في جميع المناطق الجزائرية.

1- يمكن أن نعتبر أن أزمة المشروع الوطني سببا و عاملا من العوامل, و يتمثل ذلك انطلاقا من اعتبار التنوع مشكلة, ففي الحقيقة المشكلة و الاستغراب يكمن في استخدام العنف لتحقيق مصالح معينة خاصة و أن الانتخابات على الأبواب, أو محاولة فرض هوية أحادية للوطن أو سذاجة طلب التدخل الأجنبي.
إن جوهر الأزمة هو تسويق فكرة أحادية الهوية و عدم الاعتراف بتعددية انتماءاتنا مما يؤدي بنا الى سجن أنفسنا في علب صغيرة في عالم أصبح كالقرية الصغيرة, بينما كان حريا بنا أن نستفيد من التنوع للتبادل المعيشي.
2- فشل المنظومة التربوية الاعلامية المدرسية و المسجدية و العائلية في تحضير و توعية المجتمع و نقله من الحالة العنفية لما قبل الوطنية و ما قبل الحداثة الى الحالة السلامية الوطنية المعولمة المنفتحة على الجميع, فمثلا على المستوى السياسي لازلنا بعيدين عن بناء الدولة و لم ترضنا لا المشاريع الوطنية و لا الاقليمية و لا القومية و لا المغاربية و لا حتى الاسلامية, دون التكلم عن البناء الديمقراطي الذي أصبح جد هشا بعد أن استبشر الجميع بالتعددية التي جاءت بها ثورة 1988.
و في هذا السياق مازالت الكثير من القرى و الأرياف و القرارة خصوصا تعاني من الثورة الزراعية الظالمة اذ مازال الكثير من ملفات التعويض لم تسو بعد, كما أنها تعاني التهميش الاقتصادي و البيروقراطية المركزية سواء من عاصمة البلاد نحو الولاية, أو من الولاية نحو القرى الطرفية كبريان المنيعة و القرارم و غيرها.
3- بالاضافة الى ذلك نلاحظ نوعا من حالة التعارض بين التقسيم الاثني العروشي للعمل و التقسيم الوظيفي للعمل في الجزائر, هذه المحسوبية التي أصبحت عنوانا لايجاد عمل و منصب في الجزائر تعتمد في الكثير من الأحيان على القبلية و الاثنية في وقت كان يجب النظر للمستوى التعليمي و للكفاءة للتوظيف, مما يؤدي بالشباب الى اللجوء لتفريغ مكبوتاتهم عن طريق استخدام العنف فشاهدنا احراقا للمخابز و المحلات, دون ادراكه أنه سبتضرر من ذلك و لو كانت تابعة لأناس مختلفين عن مذهبه و عرقه, لغياب الوعي بضرورة التبادل المعيشي.
4- ضف الى ذلك التغطية الاعلامية الغير مهنية و المتحيزة, فالكثير من الاعلاميين يلجأون لتوظيف مثل هذه الأحداث في زيادة مبيعات و مقروئية جرائدهم و قنواتهم مما يزيد من حدة العنف و اشعال لنار الفتنة, و يتوجب المتابعة القضائية لمثل هذه الأعمال الانحرافية الغير مهنية, كما أن مشكل التحكم في شبكات التواصل الاجتماعي يزيد من فرص نشر الاشاعة و التحريض على التطرف و العنف.

و مهما تكن الأسباب و العوامل التي تقف وراء أحداث قرارة الأخيرة إلا أنه لا يمكن اغفال وجود أطراف تغذي و تشعل الصراع بين الفئتين لتحقيق مصالج و أهداف انتخابية سلطوية من خلال تحريك الحلقات الأضغف في الشارع الجزائري و خلق الفوضى, و ما يدعم هذه الفرضية تصريح وزير الداخلية الذي قال بالحرف الواحد وجود أطراف خفية داخلية و لم يقل خارجية مثلما اعتدنا على سماعه, مما يعتبر مؤشرا قويا على الصراع القائم على مستوى هرم الدولة الجزائرية و النظام الجزائري, فهل هم المطرودين من المخابرات مؤخرا ؟ أم البوليس . أم مساندي العهدة الرابعة أو معارضيها ؟

في الأخير لا يسعنا القول الا بضرورة توخي الحيطة و الانتباه للخطر الذي يحوم بالبلد و منه كشف الأعداء, و كما يقال الحروب تبدأ في العقول فلنسلحها بالوعي بخطط الأعداء لافشالها, كما يجب أن نؤكد أن الاثنية و الطائفية لم تكن أبدا مصدرا للاحتراب و انما المصالح هي جوهر الصراعات و أن استهدام الدين و المذهب بغرض المصلحة هو ظلم لهذه العناصر أولا مما يتوجب علينا الوقوف ضد هذه الممارسات سلميا.


يمكنكم قراءة المقال و متابعتنا من هنا أيضا
http://urlz.fr/eat
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top