تفقدي إيمانك -

Nilüfer

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
15 أكتوبر 2011
المشاركات
11,103
نقاط التفاعل
16,877
النقاط
351
الحمد لله سبحانه.. عدد ما سبّحت له الرمال.. وسجدت له الظلال، وتدكدكت من هيبته الجبال.. عدد كل لمحة وطرفَة ونَفَس... والصلاة والسلام على سفيره بينه وبين خلقه.. رحمته للعالمين.. وحجته على العابدين.. صلاةً وسلاماً دائمين حتى يجمعنا الله به،
article_salla.gif
وبعد:

فعلى كل مؤمنة في طريقها الطويل إلى الله.. أن تعنى بتفقد إيمانها بين الآونة والأخرى.. فإن الإيمان يزيد وينقص.. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.. وينعدم ببعض ما حذر منه ربك.. ونهاك عنه نبيك
article_salla.gif
.. وما أجدرنا في هذا الزمان الذي يصبح فيه الرجل مؤمناً ويمسي كافراً.. أن نتدبر ونحذر.. ونتفقد إيماننا بين الفينة والفينة.. إذ لم ييأس الشيطان من الدخول على كل مؤمن من مداخل قد تخفى لإفساد دينه ونزع تقواه.. ومما يزيد المؤمنة التقية الورعة خوفاً.. أن تسمع حديث نبيها
article_salla.gif
كما جاء في صحيح مسلم حيث يقول
article_salla.gif
: { إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم }.

لقد أعد الشيطان أيتها المؤمنة هذه المصيدة الخاصة لأهل الايمان في جزيرة العرب، ليصل إلى إفساد قلوبهم وإيمانهم.. فإياك أن تكوني ممن اشتغل بالصلاة والصيام وغفل عن قلبه وتنقيته مما به من فساد أو غش لأحد من المسلمين.. فقد نادى نبيك
article_salla.gif
بأن هذه هي الكارثة التي تودي بالدين إلى غير رجعة.. استمعي اليه
article_salla.gif
حيث يقول: { ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ } قالوا: بلى: قال: { إصلاح ذات البين.. فإن فساد ذات البين هي الحالقة.. لا أقول تحلق الشعر.. ولكن تحلق الدين } [رواه الترمذي].

أرأيت أيتها المؤمنة.. تحلق الدين، أي: تزيله. فعليك أيتها المؤمنة بنداء ربك:
braket_r.gif
فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
braket_l.gif
[الأنفال:1].

وعليك أيتها المؤمنة بالدعاء.. فاتجهي إلى ربك دوماً أن يمسح من قلبك الغل على أي من أخواتك في الإيمان.. واجعلي لسانك رطباً بهذه الدعوة التي دعا بها المؤمنون قبلك
braket_r.gif
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
braket_l.gif
[الحشر:10].

أيتها المؤمنة: إنه لمما يدمي قلب كل مؤمن.. أن يرى إخوانه المسلمين في أي مكان.. متباغضين متنافرين متعادين، مع أن نبيهم
article_salla.gif
أوصاهم فقال: { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً } [رواه البخاري]، فانقلبوا كأنهم سمعوها المؤمن للمؤمن كالثعبان يلدغ بعضه بعضاً..!! فترى الدسائس والفتن.. والغيبة والنميمة قد استشرت فيهم.. غافلين عما وصفهم به نبيهم
article_salla.gif
فقال: { مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد.. إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } [رواه البخاري]..

فإياك أن تُخرجي نفسك من دائرة المؤمنين.. واملئي قلبك منذ الساعة لكل من آخاك في هذا الايمان، وداً وتعاطفاً ورحمة.. ولا تحملي في قلبك سوى ذلك لأي من أخواتك في الله.
أيتها المؤمنة: لقد جاء عن نبيك
article_salla.gif
حديث يجب أن نتوقف عنده طويلاً.. روى البخاري في صحيحه عن النبي
article_salla.gif
أنه قال: { من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه اليوم.. من قبل ألا يكون دينار ولا درهم.. إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته.. وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فَحُمل عليه }.

انظري ايتها المؤمنة.. إلى قوله
article_salla.gif
: { من عرْض أو من شيء } إن كلمة { شيء } هذه تشمل أي شيء وكل شيء سواء كان حركة أو لفتة أو لمزة أو غمزة فيها تعريض بأي مسلم.. فتصبح له مظلمة عندك يطالبك بها يوم القيامة..

فإياك أيتها المؤمنة فان الثمن باهظ حقاً.. وإنها لنهاية مؤلمة حقاً.. فرب كلمة آذت أختاً لك في الله.. كانت عندك هينة.. ولكنها عند الله عظيمة.. ورب حركة أسأت بها لأخت لك مؤمنة.. كان ثمنها ما أجهدت نفسك فيه من الحسنات.. توزعينها على أصحاب المظالم والحقوق في يوم أنت أحوجُ ما تكونين إليها.. ثم ماذا؟ ثم إلى النار.. وما أخال مؤمنةً تود ذلك المصير الأليم...
أيتها المؤمنة: ها أنت تحترزين من الربا قليله وكثيره.. سمعاً وطاعةً للجليل المتعال.. وهرباً من حرب يشنها الله ورسوله على آكل الربا.. ولكن ما موقفك من أفظع أنواع الربا وأعظمها.. أتدرين ما هي؟ استمعي إلى نبيك
article_salla.gif
في الحديث الصحيح يقول: { أتدرون ما أربى الربا عند الله؟ } قالوا: الله ورسوله أعلم.. قال: { فان أربى الربا عند الله استحلال عرض امرىء مسلم }..

إن استحلال الحديث عن أي فرد في أي جانب من جوانب شخصيته، والانتقاص من شأنه سواء بالغيبة أو النميمة أو الاستهزاء أو غيرها مما يسيء إليه ولو كان فيه حقاً، كل هذا أعظم عند الله من الربا والعياذ بالله.
فالحذر.. الحذر أيتها المؤمنة.. فإن استحلال عرض مسلم بما فيه قد يجر إلى الهول العظيم.. والعقاب الأليم.. وذلك ما لا تطيقينه.. ومن يطيق الحبس في النار..
استمعي إلى نبيك ماذا يقول: { من ذَكَرَ امرأً بشيء ليس فيه ليعيبه به.. حبسه الله في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه } [رواه ابو يعلى].. ولذلك حرم الله الجنة على النمام الذي ينقل الكلام على سبيل الافساد، فقال
article_salla.gif
: { لا يدخل الجنة نمام } [رواه البخاري].. ولئن حمل هذه النميمة نمامٌ.. بسبب حسد يأكل قلبَه فبلغها إلى من يثير بها غضبه ويستفزه.. فقد جمع هذا النمام بين مصيبتين، وأحرق إيمانه بناريين:

الأولى: نارُ الحسد وقد جاء عن الصادق المصدوق: { الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب }.
والثانية: النميمة، ومصيبتها أعظم من الأولى، إذ تحرم صاحبها من دخول الجنة.. فماذا تفعلُ أيتها المؤمنة من أَكَلَ حسناتها الحسدُ.. وحرَمتْها النميمةُ من دخول الجنة؟ إنها والله هي الكارثة...
فاحذري أيتها المؤمنة من الحسد، وتذكري أنه لا يجتمع الإيمان والحسد أبداً. قال
article_salla.gif
: { لا يجتمع في جوف عبد الإيمانُ والحسد.. } [رواه البيهقي].

وها هي وقفتي الأخيرة معك...
لقد نهى النبي
article_salla.gif
عن أربعة أشياء نهياً أكيداً، وحذرنا من الارتداد في حمأتها دون أن نشعر. فقال: { لا تقاطعوا.. ولا تدابروا.. ولا تحاسدوا.. ولا تباغضوا.. وكونوا عباد الله إخواناً } [رواه البخاري]..

فاياك من مقاطعة أخت لك في الله مهما كانت الأسباب.. وإياك من مدابرة أخت لك في الله مهما سولت لك النفس الأمارة بالسوء من مبررات.. وإياك من التباغض فإن ذلك وسيلة إلى غضب الله ومقته..
ولقد ختم النبي
article_salla.gif
حديثه السابق الذي رواه البخاري في صحيحه بقوله: { التقوى هاهنا }.. ويشير إلى صدره ثلاث مرات.. مبيناً
article_salla.gif
أن التقوى كما جاء في أحاديث أخرى ليست بكثرة صلاة ولا بطول قيام.. ولكن بتقوى القلب ومخافته من الله ومراقبته له وبعدم الإساءة إلى المسلمين.

وقد يستعين البعض بالمقاطعة.. وقد تُقدم على ذلك المسلمة جاهلةً أن ذلك قد يكون سبباً في ألا تُقبل صلاتها.. بل ترد عليها فلا ترفع أبداً.. أتعجبين؟.. هذا حديث نبيك
article_salla.gif
فاستمعي: { ثلاثة لا تُرفع صلاتهم فوق رؤسهم شبراً: رجل أَم قوماً وهم له كارهون.. وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط.. وأخوان متصارمان ( أي متقاطعان ) }.. فإياك أن تكون بينك وبين إحدى المؤمنات خصومة أو شحناء أو خلاف.. ولا تتهاوني في ذلك وسارعي بالصلح والتسامح.. لئلا تُحرمي من مغفرة الله سبحانه وتجاوزه عن عباده. فقد جاء عن نبيك
article_salla.gif
: { تُعرَضُ الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرىء لا يشرك بالله شيئاً.. إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شحناء.. فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا } [رواه مسلم].. وإياك أن يمنعك الكبر والغرور من الصلح فتظلي طوال حياتك محرومة من مغفرة الله.. لا تُرفع صلاتك أبداً...

وعليك أيتها المؤمنة بحسن الخلق.. ضعيه نصب عينيك.. واكتبيه بماء الذهب في سويداء قلبك.. واخلعيه على حركاتك.. وسكناتك.. ونظراتك ولفتاتك.. مع كل من حولك.. مع جيرانك ومع زوجك.. ومع أبنائك وأقربائك.. ومع أخواتك وزميلاتك.. لعل الله أن يمن عليك بكمال الإيمان، فإن نبيك
article_salla.gif
يقول: { أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً } [رواه الطبراني]..

فالله.. الله أيتها المؤمنة.. عليك بكمال الإيمان فالزميه.. والله يغفر لي ولك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
رد: تفقدي إيمانك -

جزاك الله خيرا اختاه وجعله في ميزان حسناتك ..كلماتك فعلا تستحق الدعوة لك بالخير ..الف شكر اختاه ...صلى الله على نبينا محدم وجمعنا به ..وغفر الله لي ولك ولكل المؤمنين ..شكرا جزيلا
 
رد: تفقدي إيمانك -

جزاك الله خيرا اختاه وجعله في ميزان حسناتك
 
رد: تفقدي إيمانك -

بارك الله فيكِ و في كلماتكِ الناصحة هذه
نسأل الله أن ينير قلوبنا و دروبنا بنور إيمانه - و أحبّتنا و المسلمين -

 
رد: تفقدي إيمانك -

بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top