مختصر قصتي! رسالة اعتذار

The DoN

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
1 أوت 2008
المشاركات
2,980
نقاط التفاعل
702
النقاط
171
العمر
31




أيقظتني ليلة جملة الهموم، من سكرة كنت بها مغشوم ... بذكر "الطيبة" أميرة، بل همومي لذكرها أسيرة ... فناديت في ظلماته حائر، واستشهدت بقول شاعر:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي *** بصبح، وما الإصباح منك بأفضل
مالي ! فلم أكن يوما مائلا إلى الهوى، مصابا بسهم الصبابة والجوى.. واليوم إني من الساهرين في الليل الطويل من الذوائب، ممن صرف على المحبة حبات قلبي الذوائب...


فما هذا "استحسان"، ولا "قرب" ولا "مودة" يا صاحب البيان ... وليس "حبا" يستحكم القلوب، ولا "عشقا" لروح المحبوب ... قد فاق "تتيم" العشاق، بل صار "ولها" في العقل أفاق ... "طمع" بالقلب قد تولد، يعظم بالحرص على الطلب ويتأكد ... يخفى عن الأبصار، ويهيج باللجاج والتذكار... كامن كالنار في الحجر، كالزهر في الشجر... إن أقدحته أورى، وإن سقيته أخرج نورا ... يذهب العقل ويمرض الجسد، ويكثر الفكر ويقرب الأمد.. ترتعد منه الفرائص، وتتقد به نار النقائص... هو مثل الملك القاهر، الحاكم الجائر... يسوق وليه إلى غمام الغم، ويهيم به في عالم الوهم... هزله جد وراحته تعب، أوله فرح وآخره عطب... يصفر الأبدان، ويوقع في الذل والهوان.. يورث الأسى والحرق، ويجلب الوسواس والأرق...

مختصر قصتي: رسالة في البداية، نهايتها شمس في "الرغاية"... بينها أركان عديدة، لحظات حزينة وأخرى سعيدة... بطولتها العين التي تغار منها العين، الجونة التي وضح منها الجبين... خود تختلس الألباب، قد زادت جمالا لتلك الثياب... عديمة المثال، نشأت في حجر الدلال... ذات فرع نامي الأوراق، مرسل لتعذيب العشاق... جثل أسحم، يتلوى كالأرقم... غدائره مجمدة كالغدير، وضفائره مظفرة بقتل الأسير... غادة رؤود، طفلة أملود... جمالها عبرة كبيوت هود، وإني من المتأملين فيها من القعود... كاعب رداح، ترتاح لها الأرواح... يسرح الطوف في روض جمالها ويتنزه، وتمحو بمحاسنها الكثير ذكر عزه... ذات وجه مشرق الأنوار، تحج إلى كعبته الأنظار... يستمد من جمالها الشمس والقمر، وتزين به اللآلئ والدرر.. يبصر جمالها العمي والأكفاف ، ليس لسهامها سوى القلوب أهداف...

فيا أيها المعرض الهاجر، الذي سعى لصده دمع صبه على المحاجر... رفقا بمن ملك الوجد قياده، وعطفا على من أذاب الشوق فؤاده... متيم أقلقه فرط صدودك، ومغرم أغراه بحبك قول حسودك... وسقيم لا شفاء له دون مزارك، ومقيم على عهدك ولو طالت مدة نفارك... لقد تضاعف الأسف والأسى، وتطاول التعلل بلعل وعسى... وفني حاصل الصبر، ولم يبق إلا المقابلة بالجبر...

نعم لي حرمة وذمام، وسابق خدمة توجب رفع الملال والملام... ولت ألوذ إلا بباب نعمك، ولا أعتمد في محو الإساءة إلا على حلمك وكرمك... وما جل ذنب يضاف إلى صفحك، ولاعظم جرم يطرد غراب ليله باز صبحك... ومثلك من يسد الخلل، ويغفر الخطأ والخطل... ويقيل العثرات، ويتجاوز عن الهفوات... ويمح بالعفو تفضلاً، ويزيل القبض عن بسط العذر متطولاً... فلا تخدش وجه رضاك بالغضب، ولا تجمع لمن أسره التفريق بين العتب والتعب... أذق قلبا عاشقا أري وصالك، كما جرعته شري انفصالك.
وكنت اظن أن جبال رضوى **** تزول وأن ودك لا يزول
ولكن القلوب لها انقلاب **** وحالات ابن آدم تستحيل
طالما آنستني بقربك، ودنوت مني مفارقاً ظباء سربك... واعتنيت بأمري، وأخمدت برضاب ثغرك جمري... وأنجزت وعودي، وأطلعت نجوم سعودي.... وأطلت سروري وابتهاجي، وأصلحت بشراب وصلك مزاجي.... وجلوت طرفي بمحاسن طلعتك، وأرويت ظمئي بالعذب الفرات من شرعتك... قيدت أملي عن سواك، وبهرت ناظري بنظرة سناك... وضاقت بعدك عليّ المسالك، وغدت مطالبي محفوفة بالمهالك... وكسرت جيش قراري، وتركتني لا أفرق بين ليلي ونهاري...

أجول حول الديار، وأعوم في بحر الأفكار... وأتمسك بعطف عطفك، وأتعلق بأذيال مكارمك ولطفك.... أما علمت أن الكريم إذا قدر غفر؟ وإذا صدرت زلة أسبل عليها رداء العفو وستر... وأن شفيع المذنب إقراره، ورفض خطيئته عند مولاه استغفاره.... ومن أبدى باعترافه الحجة، فقد استوجب أن يُسلك في مساحته أوضح المحجة...

ومن كان ذا عذر لديك وحجة **** فعذري إقراري بأن ليس لي عذر
لهفي على عيش بسلاف حديثك سلف، وأوقات حلت ثم خلت وأورثت التلف... وزمان ولى مجانباً، وحبيب ذهب مغاضباً... واهاً لأيام بطيب أنسك مضت، وبروق ليال لولا قربك ما أومضت:
ما كنت أعرف في الهوى مقدارها **** رحلت وبالأسف المبرح عوضت
كيف السبيل إلى إعادة مثلها؟ **** وهي التي، بالبعد، قلبي أمرضت
إلى كم أموه وأغالط، وأجاهد في سبيل الصبر وأرابط... وأكلف اللسان مكابدة حمل الكتمان، وأسر من الصبابة ما أعلنه دمع الأجفان... أتكتم رائحة الطلا؟ وهل يخفى على ذوي الأبصار ابن جلا؟... لقد برح الخفاء، وأطلت يا حبيب القلب شقة الجفاء... وأشمت الأعادي، ومددت ظل التمادي... وزدت في الهجر والبعاد، وكلمت القلب بألسنة الصعاد.... فجد بالتداني، واسمح بنيل الأماني... وارحم والهاً وأبدت ظلمة الفراق فرقه، وتصدق على مدنف سائل دمعه يقبل الصدقة.... وألن قلبك القاسي، وعد عن التنائي والتناسي... وارع الود القديم، وأبدل شقاء محبك بالنعيم... ولا تعدل عن منهاج المعدلة، وسلم فقد أخذت حقها المسألة... واغمد سيف حيف صيرته مسلولا، وأوف بالعهد "إن العهد كان مسؤولاً"....
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top