التفاعل
472
الجوائز
73
- تاريخ التسجيل
- 28 مارس 2014
- المشاركات
- 787
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 6 أكتوبر

(1) :
إذا كان الإمام فخر الدين الرازي قد أكد أن " علم الكلام أشرف العلوم ، لأن المطلوب الأعظم منه ( = علم الكلام ) معرفة ذات الله تعالى ، وصفاته ، وكيفية أفعاله " ، فإن هنالك مفاهيمَ / تصوراتٍ نرى أنها تحتاج شيئاً من " الجرأة " الثقافية / المعرفية حتى نكون " مجتهدين " على صواب ، كما على ثقة من أمرنا المعرفي .
شاع بين الناس ، حتى مثقفيهم ، قول القائل " إن الاجتهاد يجب أن يكون في الفروع " لأن الأصول ، بزعم هذا النص ، من الثوابت ، أو هي ، بلغة الأصوليين ، من المعلوم من الدين بالضرورة !!! ما يعني تحريم أن يمسها تعديل / اجتهاد .
وهذا قولٌ مرسل ، ربما لا يستقيم مع منطق " البحث العلمي " عامة ، وبحوث علم الكلام خاصةً ، تأسيساً على علم سابق بأن من أسماء علم الكلام " علم التوحيد ". ما يؤسس ضرورة تفتيت النص الفائت بغية الوقوف على " فهم / تصور " الثابت والمتغير قبل أن " نحكم " ، إذ الحكم فرع على التصور ... يقول الأصوليون والمناطقة .
نحن المسلمين نؤمن ، اعتقاداً ، بالله والملائكة والكتب السماوية ورسل / أنبياء الله تعالى واليوم الآخر . وهذه ، كلها ، " عين " الثوابت العقدية ، أما التفصيلات فيها ، فهي محل اجتهاد مقبول ... بل ومطلوب ليصح قولنا إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان .
إن المتكلمين ما اختلفوا ولا تفرقوا إلا عند محاولتهم فهم هذه " الثوابت " ؛ فذات الله ، تعالى ، وصفاته ، ورؤيته ، سبحانه ، بالأبصار يوم القيامة ، والقضاء والقدر ، وبعث الرسل / الأنبياء ، ثم الكلام في " عصمتهم " ومعجزاتهم ، وكذا الفوارق بين الرسول المَلك والرسول البشر ، والكلام في القرآن الكريم بين حدوثه وقدمه . كل ذلك يمثل لنا ، نحن المسلمين ، أموراً دراسية يتأسس عليها الدين من حيث كونها " ثوابت " ، إلا إن تاريخ الأمة الفكري يوضح لنا أن هذه المباحث كانت ، وربما لم تزل ، محل اجتهاد / خلاف .
إن مهمومي الأمة ، ومنذ بواكير عصر النهضة ، مشغولون بقضية " التجديد " ، وربما عنوا بالتجديد القصرَ على " الفروع " لكن منطق الأشياء يملي علينا بيان أنه " لا تجديد في الفروع ، إلا بعد التجديد في الأصول " ! من حيث إن كل من ثبتت له شرعية الأصل ثبتت له ، قياساً ، شرعية الوجود في الذي هو لاحق كاملاً .
وقد يكون واجباً بيان الفارق بين " علم الكلام " وعلم " أصول الدين ، أو التوحيد " ؛ فلعلم الكلام تسميات ... منها : أنه علم التوحيد ، وأنه علم أصول الدين ، وأنه الفقه الأكبر . لكن حين يعرض الدارس لمسألة عقدية / أصولية بطريقة " أفقية " ، بأن يدرس المسألة كما هي عند " الفِرق " فهو " علم الكلام " . أما حين يعرض الدارس لمسألة عقدية / أصولية بطريقة " رأسية " ، بأن يدرس المسألة كما هي عند " فرقة " باعتبارها ، الفرقة ، تمثل " صحيح الإسلام " ، فهو " علم أصول الدين " .
وقضية تمثيل " صحيح الإسلام " تحتاج لتدقيق ؛ فمن الخطأ التعميم غير الدقيق !!! ... كأن نقول إن الأزهر الشريف ينشر " الإسلام "!!! ما يعني ضرورة الإشارة إلى " المذهب الذي يدين بهذا الأمر أو ذاك " ، فنقول " إن الإزهر ينشر الإسلام على مذهب الأشاعرة منذ قيام الدولة الأيوبية ، كما كان ينشر الإسلام على المذهب الإمامي في زمن الدولة الفاطمية ، كما ينشر النجف الأشرف الإسلام على مذهب الشيعة الاثنى عشري ، كما تنشر المعاهد الدينية في غير بلد خليجي الإسلام على مذهب السلف " .
• وقضية أن " أهل السنة يمثلون التمسك الصحيح بسنة النبي صلى الله عليه وسلم " تحتاج لتدقيق ، فغيرهم ، كالمعتزلة والخوارج والشيعة ، يتمسكون بسنة النبي ، صلى الله عليه وسلم " ، مع فهم خاص / فرع لكلٍّ من هؤلاء للسنة النبوية ، لكن يبقى الأصل " التمسك بالسنة " . ولذا فقد رجح البعض أهمية بيان / تحديد تعبير " أهل السنة " ؛ فهناك " السلف من أهل السنة الذين يتبعون ، في الأصول ، ابن تيمية ( المتوفَّى العام 728 هـ ) ، ويتبعون ، في الوقت نفسه ، وفي الفروع / الفقه ، الإمام أحمد بن حنبل ( المتوفَّى العام 241 هـ ). وهناك " الخلف " من أهل السنة ، ويمثلهم الأشاعرة المنتسبين للإمام أبي الحسن الأشعري ( المتوفَّى العام 324 هـ ) ، مع الإشارة إلى أن ذيوع هذا المذهب ، كصياغة عقدية ،كان بجهد أبي حامد الغزالي ( المتوفَّى العام 505 هـ ) . كما أن من " الخلف " من أهل السنة الماتريديةَ المنسوبة للإمام أبي منصور الماتريدي ( المتوفَّى العام 331 هـ ) . ولا شك في اتفاق " خلف " أهل السنة مع " سلف " أهل السنة في الأصول ، ذلك الاتفاق الذي لم يدفع اختلافهم في مسائل فرعية ، كالموقف من التصوف ؛ فيراه " السلف " بدعةً !!! ولا يرى " الخلف " حرجاً في الأخذ بالتصوف وعن رجالاته ... ؛ فابن تيمية يرى أن " إن الأمور الصوفية التي فيها زيادة في العبادة والأحوال ، خرجت من البصرة ، فافترق الناس في أمر هؤلاء الذين زادوا في أحوال الزهد والورع والعبادة على ما عُرف من حال الصحابة : فقوم يذمونهم وينتقصونهم . وقوم يجعلون هذا الطريق أكمل الطُرق وأعلاها . والتحقيق أنهم في هذه العبادات والأحوال مجتهدون ، كما كان جيرانهم من أهل الكوفة مجتهدين في مسائل القضاء والإمارة " . ثم الرجل يقسّمهم ثلاثة أصناف :
• صوفية الحقائق ، وهم المتبعون للشريعة المقتفون خطى الأوائل.
• صوفية الأرزاق ، وهم الذين وقِفت لهم الأوقاف والتكايا .
• صوفية الرسم ، وهم الذين اكتفوا بالتسمية والمظهر ليس إلا .
لكن ابن الجوزي ، في كتابه " تلبس إبليس " ، يذم التصوف لأسباب تتعلق بتصرفات بعض الصوفية منها : إعراضهم عن العلم الكسبي اكتفاءً بالعلم اللدني ، ومنها الانقطاع في المساجد ، ومنها التجرد عن الأموال ، ومنها لبس المرقّعات ، ومنها السماع والرقص ، ومنها الشطح ، ومنها قطع العمل بالأسباب بادعاء التوكل ، ومنها ترك التداوي حال المرض .
ولعل هذا الكلام / المدخل أن يعطينا فسحة من الوقت للكلام في " الفرقة الناجية ".
يُتبع ...
إذا كان الإمام فخر الدين الرازي قد أكد أن " علم الكلام أشرف العلوم ، لأن المطلوب الأعظم منه ( = علم الكلام ) معرفة ذات الله تعالى ، وصفاته ، وكيفية أفعاله " ، فإن هنالك مفاهيمَ / تصوراتٍ نرى أنها تحتاج شيئاً من " الجرأة " الثقافية / المعرفية حتى نكون " مجتهدين " على صواب ، كما على ثقة من أمرنا المعرفي .
شاع بين الناس ، حتى مثقفيهم ، قول القائل " إن الاجتهاد يجب أن يكون في الفروع " لأن الأصول ، بزعم هذا النص ، من الثوابت ، أو هي ، بلغة الأصوليين ، من المعلوم من الدين بالضرورة !!! ما يعني تحريم أن يمسها تعديل / اجتهاد .
وهذا قولٌ مرسل ، ربما لا يستقيم مع منطق " البحث العلمي " عامة ، وبحوث علم الكلام خاصةً ، تأسيساً على علم سابق بأن من أسماء علم الكلام " علم التوحيد ". ما يؤسس ضرورة تفتيت النص الفائت بغية الوقوف على " فهم / تصور " الثابت والمتغير قبل أن " نحكم " ، إذ الحكم فرع على التصور ... يقول الأصوليون والمناطقة .
نحن المسلمين نؤمن ، اعتقاداً ، بالله والملائكة والكتب السماوية ورسل / أنبياء الله تعالى واليوم الآخر . وهذه ، كلها ، " عين " الثوابت العقدية ، أما التفصيلات فيها ، فهي محل اجتهاد مقبول ... بل ومطلوب ليصح قولنا إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان .
إن المتكلمين ما اختلفوا ولا تفرقوا إلا عند محاولتهم فهم هذه " الثوابت " ؛ فذات الله ، تعالى ، وصفاته ، ورؤيته ، سبحانه ، بالأبصار يوم القيامة ، والقضاء والقدر ، وبعث الرسل / الأنبياء ، ثم الكلام في " عصمتهم " ومعجزاتهم ، وكذا الفوارق بين الرسول المَلك والرسول البشر ، والكلام في القرآن الكريم بين حدوثه وقدمه . كل ذلك يمثل لنا ، نحن المسلمين ، أموراً دراسية يتأسس عليها الدين من حيث كونها " ثوابت " ، إلا إن تاريخ الأمة الفكري يوضح لنا أن هذه المباحث كانت ، وربما لم تزل ، محل اجتهاد / خلاف .
إن مهمومي الأمة ، ومنذ بواكير عصر النهضة ، مشغولون بقضية " التجديد " ، وربما عنوا بالتجديد القصرَ على " الفروع " لكن منطق الأشياء يملي علينا بيان أنه " لا تجديد في الفروع ، إلا بعد التجديد في الأصول " ! من حيث إن كل من ثبتت له شرعية الأصل ثبتت له ، قياساً ، شرعية الوجود في الذي هو لاحق كاملاً .
وقد يكون واجباً بيان الفارق بين " علم الكلام " وعلم " أصول الدين ، أو التوحيد " ؛ فلعلم الكلام تسميات ... منها : أنه علم التوحيد ، وأنه علم أصول الدين ، وأنه الفقه الأكبر . لكن حين يعرض الدارس لمسألة عقدية / أصولية بطريقة " أفقية " ، بأن يدرس المسألة كما هي عند " الفِرق " فهو " علم الكلام " . أما حين يعرض الدارس لمسألة عقدية / أصولية بطريقة " رأسية " ، بأن يدرس المسألة كما هي عند " فرقة " باعتبارها ، الفرقة ، تمثل " صحيح الإسلام " ، فهو " علم أصول الدين " .
وقضية تمثيل " صحيح الإسلام " تحتاج لتدقيق ؛ فمن الخطأ التعميم غير الدقيق !!! ... كأن نقول إن الأزهر الشريف ينشر " الإسلام "!!! ما يعني ضرورة الإشارة إلى " المذهب الذي يدين بهذا الأمر أو ذاك " ، فنقول " إن الإزهر ينشر الإسلام على مذهب الأشاعرة منذ قيام الدولة الأيوبية ، كما كان ينشر الإسلام على المذهب الإمامي في زمن الدولة الفاطمية ، كما ينشر النجف الأشرف الإسلام على مذهب الشيعة الاثنى عشري ، كما تنشر المعاهد الدينية في غير بلد خليجي الإسلام على مذهب السلف " .
• وقضية أن " أهل السنة يمثلون التمسك الصحيح بسنة النبي صلى الله عليه وسلم " تحتاج لتدقيق ، فغيرهم ، كالمعتزلة والخوارج والشيعة ، يتمسكون بسنة النبي ، صلى الله عليه وسلم " ، مع فهم خاص / فرع لكلٍّ من هؤلاء للسنة النبوية ، لكن يبقى الأصل " التمسك بالسنة " . ولذا فقد رجح البعض أهمية بيان / تحديد تعبير " أهل السنة " ؛ فهناك " السلف من أهل السنة الذين يتبعون ، في الأصول ، ابن تيمية ( المتوفَّى العام 728 هـ ) ، ويتبعون ، في الوقت نفسه ، وفي الفروع / الفقه ، الإمام أحمد بن حنبل ( المتوفَّى العام 241 هـ ). وهناك " الخلف " من أهل السنة ، ويمثلهم الأشاعرة المنتسبين للإمام أبي الحسن الأشعري ( المتوفَّى العام 324 هـ ) ، مع الإشارة إلى أن ذيوع هذا المذهب ، كصياغة عقدية ،كان بجهد أبي حامد الغزالي ( المتوفَّى العام 505 هـ ) . كما أن من " الخلف " من أهل السنة الماتريديةَ المنسوبة للإمام أبي منصور الماتريدي ( المتوفَّى العام 331 هـ ) . ولا شك في اتفاق " خلف " أهل السنة مع " سلف " أهل السنة في الأصول ، ذلك الاتفاق الذي لم يدفع اختلافهم في مسائل فرعية ، كالموقف من التصوف ؛ فيراه " السلف " بدعةً !!! ولا يرى " الخلف " حرجاً في الأخذ بالتصوف وعن رجالاته ... ؛ فابن تيمية يرى أن " إن الأمور الصوفية التي فيها زيادة في العبادة والأحوال ، خرجت من البصرة ، فافترق الناس في أمر هؤلاء الذين زادوا في أحوال الزهد والورع والعبادة على ما عُرف من حال الصحابة : فقوم يذمونهم وينتقصونهم . وقوم يجعلون هذا الطريق أكمل الطُرق وأعلاها . والتحقيق أنهم في هذه العبادات والأحوال مجتهدون ، كما كان جيرانهم من أهل الكوفة مجتهدين في مسائل القضاء والإمارة " . ثم الرجل يقسّمهم ثلاثة أصناف :
• صوفية الحقائق ، وهم المتبعون للشريعة المقتفون خطى الأوائل.
• صوفية الأرزاق ، وهم الذين وقِفت لهم الأوقاف والتكايا .
• صوفية الرسم ، وهم الذين اكتفوا بالتسمية والمظهر ليس إلا .
لكن ابن الجوزي ، في كتابه " تلبس إبليس " ، يذم التصوف لأسباب تتعلق بتصرفات بعض الصوفية منها : إعراضهم عن العلم الكسبي اكتفاءً بالعلم اللدني ، ومنها الانقطاع في المساجد ، ومنها التجرد عن الأموال ، ومنها لبس المرقّعات ، ومنها السماع والرقص ، ومنها الشطح ، ومنها قطع العمل بالأسباب بادعاء التوكل ، ومنها ترك التداوي حال المرض .
ولعل هذا الكلام / المدخل أن يعطينا فسحة من الوقت للكلام في " الفرقة الناجية ".
يُتبع ...