التفاعل
472
الجوائز
73
- تاريخ التسجيل
- 28 مارس 2014
- المشاركات
- 787
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 6 أكتوبر
(1) :
نقول ، وبالله العون ، إن الزكاةَ حق المال ، وهي عبادة ، من ناحية ، وواجب اجتماعي / مجتمعي من ناحية أخرى . ومع ذلك فالزكاة ليست ، وحدها ، حق المال ؛ فهي " الحد الأدنى " المفروض في الأموال حين لا تحتاج الجماعة إلى غير حصيلة الزكاة ، فأما حين لا تفي ، فإن الإسلام أعطى للحاكم سلطاتٍ واسعةً للتوظيف في رؤوس الأموال ، بمعنى الأخذ منها بقدَر معلوم ، وفي الحدود اللازمة للإصلاح ، ولدينا النص " إن في المال حقاً سوى الزكاة ". وكذا الحال بقراءة أبواب " المصالح المرسلة " و " سد الذرائع " ، فهذا كله يمثل ، برأينا ، دوائرَ واسعةً تشمل تحقيق المصالح العليا للجماعة بما يضمن دفع الضرر ... الذي هو أحد مقاصد الشريعة .
إن المصالح التي ليس لها نص شرعي ، من القرآن الكريم أو السنة النبوية ، ويُشهد لها بالاعتبار تُسمى ، عند الأصوليين ، بـ " المصالح المرسلة " ... وكونها أصلاً فقهياً موضع نظر بين الفقهاء ؛ وقد ادّعى القرافي أن الفقهاء ، جميعاً ، أخذوا بها ، واعتبروها دليلاً في الجزئيات ، وإنْ أنكر أكثرُهم كونها أصلاً في الكليات ... وقال في ذلك : " إن المصلحة المرسلة غيرنا صرّح بإنكارها ، ولكنهم ، عند التفريع ، نجدهم يعللون بمطلق المصلحة ، ولا يطالبون أنفسهم ، عند الفروق والجوامع ، بإبداء الشاهد لها بالاعتبار ، بل يعتمدون على مجرد المناسبة . وهذا هو المصلحة المرسلة " .
ومن أمثلة الأخذ بالمصالح المرسلة :
• وُجِد أصحابُ الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يقومون بأمور ، من بعده ، لم تكن موجودةً في عهده عليه الصلاة والسلام ؛ فجمعوا القرآن الكريم في المصاحف ، ولم يكن ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن المصلحة " تقاضتْهم فعلَ ذلك " .
• اتفق الصحابةُ ، رضي الله عنهم ، ومن بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، على حد شارب الخمر ثمانين جلدةً ، مستندين في ذلك إلى المصالح ، أو الاستدلال المرسَل ؛ حيث رأوا " الشراب ذريعةً إلى الافتراء وقذف المحصنات بسبب كثرة الهذيان " .
• اتفق الخلفاء الراشدون ، رضي الله عنهم ، على تضمين الصّناع . مع أن الأصل أن أيديهم على الأمانة ، ولكن وُجد أنهم لو لم يضمنوا لاستهانوا بالمحافظة على أمتعة الناس وأموالهم ، وفي الناس حاجة شديدة إليهم ؛ فكانت المصلحة في تضمينهم ليحافظوا على ما تحت أيديهم ، ولذلك قال الإمام علي ، كرم الله وجهه ، : " لا يصلح الناس إلا ذاك " .
• كان عمر بن الخطّاب ، رضي الله عنه ، يشاطر الولاة ، الذين يتهمهم في أموالهم ، لاختلاط أموالهم الخاصة التي استفادوها بسلطان الولاية . وذلك من باب المصلحة ، أو المصالح ، المرسلة أيضاً ، لأنه رأى في ذلك " مصلحة الولاة " ، ومنْعهم من استغلال سلطان الولاية لجمع المال وجرّ المغانم من غير حِلّ .
• ورد ، تاريخياً ، أنه ، عمر ، رضي الله عنه ، قد أراق اللبن المغشوش بالماء ، تأديباً للغاشّ . وذلك من باب " المصلحة العامة " ؛ فلا يعود بائعو اللبن للغش .
• وورد ، تاريخياً ، أنه ، عمر ، رضي الله عنه ، قتل الجماعةَ بالواحد إذا اشتركوا في قتله ، لأن المصلحة تقتضي ذلك ، إذ لا نصّ في هذا الأمر . ووجه المصلحة أن القتيل معصومٌ ، وقد قُتل عمداً ، فإهداره داعٍ إلى خرم أصل القِصاص ، واتخاذ الاستعانة والاشتراك " ذريعةً " إلى السعي بالقتل ، حال عُلمَ أنه لا قصاص فيه . وقد يقال إن مثل هذا يعد أمراً بدعياً ، لأن كل واحد لا يعد قاتلاً على حدة . والرد : إن القاتلَ الجماعةُ ، من حيث إنهم اجتمعوا على أمر القتل ، فقتلُها ، الجماعة ، كلها قتلٌ كالقاتل وحده ، إذ القتل مضافٌ إليها ، مثل إضافته إلى الفرد الواحد . وهنا أنزل عمر ، رضي الله عنه ، الكثير ( = الأشخاص ) المجتمعون لغرض القتل منزلة الفرد الواحد ، وقد دعت المصلحة إلى هذا الأمر الجديد ، وواضح أن فيه حقناً للدماء ما يوجد صيانةً للمجتمع وأفراده .
يُتبع ...
نقول ، وبالله العون ، إن الزكاةَ حق المال ، وهي عبادة ، من ناحية ، وواجب اجتماعي / مجتمعي من ناحية أخرى . ومع ذلك فالزكاة ليست ، وحدها ، حق المال ؛ فهي " الحد الأدنى " المفروض في الأموال حين لا تحتاج الجماعة إلى غير حصيلة الزكاة ، فأما حين لا تفي ، فإن الإسلام أعطى للحاكم سلطاتٍ واسعةً للتوظيف في رؤوس الأموال ، بمعنى الأخذ منها بقدَر معلوم ، وفي الحدود اللازمة للإصلاح ، ولدينا النص " إن في المال حقاً سوى الزكاة ". وكذا الحال بقراءة أبواب " المصالح المرسلة " و " سد الذرائع " ، فهذا كله يمثل ، برأينا ، دوائرَ واسعةً تشمل تحقيق المصالح العليا للجماعة بما يضمن دفع الضرر ... الذي هو أحد مقاصد الشريعة .
إن المصالح التي ليس لها نص شرعي ، من القرآن الكريم أو السنة النبوية ، ويُشهد لها بالاعتبار تُسمى ، عند الأصوليين ، بـ " المصالح المرسلة " ... وكونها أصلاً فقهياً موضع نظر بين الفقهاء ؛ وقد ادّعى القرافي أن الفقهاء ، جميعاً ، أخذوا بها ، واعتبروها دليلاً في الجزئيات ، وإنْ أنكر أكثرُهم كونها أصلاً في الكليات ... وقال في ذلك : " إن المصلحة المرسلة غيرنا صرّح بإنكارها ، ولكنهم ، عند التفريع ، نجدهم يعللون بمطلق المصلحة ، ولا يطالبون أنفسهم ، عند الفروق والجوامع ، بإبداء الشاهد لها بالاعتبار ، بل يعتمدون على مجرد المناسبة . وهذا هو المصلحة المرسلة " .
ومن أمثلة الأخذ بالمصالح المرسلة :
• وُجِد أصحابُ الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يقومون بأمور ، من بعده ، لم تكن موجودةً في عهده عليه الصلاة والسلام ؛ فجمعوا القرآن الكريم في المصاحف ، ولم يكن ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن المصلحة " تقاضتْهم فعلَ ذلك " .
• اتفق الصحابةُ ، رضي الله عنهم ، ومن بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، على حد شارب الخمر ثمانين جلدةً ، مستندين في ذلك إلى المصالح ، أو الاستدلال المرسَل ؛ حيث رأوا " الشراب ذريعةً إلى الافتراء وقذف المحصنات بسبب كثرة الهذيان " .
• اتفق الخلفاء الراشدون ، رضي الله عنهم ، على تضمين الصّناع . مع أن الأصل أن أيديهم على الأمانة ، ولكن وُجد أنهم لو لم يضمنوا لاستهانوا بالمحافظة على أمتعة الناس وأموالهم ، وفي الناس حاجة شديدة إليهم ؛ فكانت المصلحة في تضمينهم ليحافظوا على ما تحت أيديهم ، ولذلك قال الإمام علي ، كرم الله وجهه ، : " لا يصلح الناس إلا ذاك " .
• كان عمر بن الخطّاب ، رضي الله عنه ، يشاطر الولاة ، الذين يتهمهم في أموالهم ، لاختلاط أموالهم الخاصة التي استفادوها بسلطان الولاية . وذلك من باب المصلحة ، أو المصالح ، المرسلة أيضاً ، لأنه رأى في ذلك " مصلحة الولاة " ، ومنْعهم من استغلال سلطان الولاية لجمع المال وجرّ المغانم من غير حِلّ .
• ورد ، تاريخياً ، أنه ، عمر ، رضي الله عنه ، قد أراق اللبن المغشوش بالماء ، تأديباً للغاشّ . وذلك من باب " المصلحة العامة " ؛ فلا يعود بائعو اللبن للغش .
• وورد ، تاريخياً ، أنه ، عمر ، رضي الله عنه ، قتل الجماعةَ بالواحد إذا اشتركوا في قتله ، لأن المصلحة تقتضي ذلك ، إذ لا نصّ في هذا الأمر . ووجه المصلحة أن القتيل معصومٌ ، وقد قُتل عمداً ، فإهداره داعٍ إلى خرم أصل القِصاص ، واتخاذ الاستعانة والاشتراك " ذريعةً " إلى السعي بالقتل ، حال عُلمَ أنه لا قصاص فيه . وقد يقال إن مثل هذا يعد أمراً بدعياً ، لأن كل واحد لا يعد قاتلاً على حدة . والرد : إن القاتلَ الجماعةُ ، من حيث إنهم اجتمعوا على أمر القتل ، فقتلُها ، الجماعة ، كلها قتلٌ كالقاتل وحده ، إذ القتل مضافٌ إليها ، مثل إضافته إلى الفرد الواحد . وهنا أنزل عمر ، رضي الله عنه ، الكثير ( = الأشخاص ) المجتمعون لغرض القتل منزلة الفرد الواحد ، وقد دعت المصلحة إلى هذا الأمر الجديد ، وواضح أن فيه حقناً للدماء ما يوجد صيانةً للمجتمع وأفراده .
يُتبع ...