مولود بن زادي من بريطانيا: نقدت أحلام مستغانمي لأنها في قمة الهرم الأدبي و مكان الشعر الديوان وليس ا

mouloudb13

:: عضو منتسِب ::
إنضم
7 جويلية 2014
المشاركات
5
نقاط التفاعل
2
النقاط
3
الكاتب مولود بن زادي من بريطانيا: انتقدت أحلام مستغانمي لأنها في قمة الهرم الأدبي، ومكان الأسلوب الشعري القصيدة وليس الرواية
السؤال المتوقع أولا هو من هو مولود بن زادي؟
مولود بن زادي مترجم وكاتب جزائري مهجري مقيم بلندن ببريطانيا وهو عضو في اتحاد الكتاب الجزائريين والعرب. تخرج من معهد الترجمة في الجزائر في شهر جوان عام*1991، ومن ثمّ هاجر إلى بريطانيا حيث استقر في مدينة لندن حيث نشر أول كتاب وهو عبارة عن قصة أطفال بعنوان (الغزالة المغرورة)، موضّحة بصور رسمها الكاتب.
ونشر أيضا كتاب (الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية) وهو عبارة عن قاموس إنجليزي – عربي يختص في هذا النوع من الأفعال التي تخلق مشاكل جمة للطلاب والمدرسيين.
وفي سنة*2011، أصدر روايته الأولى بعنوان (عَبَرَاتٌ وعِبَرٌ) وهي رواية اجتماعية درامية مقتبسة من قصّة واقعية تقع في 277 صفحة.
وفي شهر أكتوبر*2013*نشر معجم الزّاد للمترادفات والمتجانسات العربية في أكثر من 600 صفحة وهو الأول من نوعه في الجزائر وفي المغرب العربي.
وفي شهر أكتوبر هذه السنة أصدر روايته الثانية وهي رواية عاطفية اجتماعية مقتبسة هي الأخرى من قصة واقعية بعنوان (رياحُ القدر) شاركت في معرض الكتاب ضمن إصدارات دار كرم الله للنشر.
وإضافة إلى المعجم والرواية وقصة الأطفال، كتب أيضا المقالة ومنها النقدية، وكتب أمثالا وحكما بالعربية والفرنسية والإنجليزية، تداولت بعضها مواقع إنجليزية وأخرى، وقد يكون أول كاتب جزائري يكتب مقولات باللغة الإنجليزية. من شعاراته: (أدب المهجر بروح جزائرية)، ومن مقولاته:*
"صَدِيقُكَ وَفِيٌّ إنْ عَاشَرْتَ، لَطِيفٌ إن حَاوَرْتَ، حَلِيمٌ إنْ نَاظَرْتَ، نَصِيحٌ إنْ شَاوَرْتَ، أسْيَانٌ إنْ هَاجَرْتَ"
وأيضا: "ليس العَيْبُ في التَّعَثُّرِ والفَشَلِ، وإنَّمَا في فُقْدانِ الثِّقَةِ والأمَلِ."

حضرت مؤلفات مولود بن زادي في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر وغاب المؤلف. بماذا شاركت في معرض الكتاب وما سبب غيابك عنه؟
شاركت في معرض الكتاب الدولي في الجزائر بمؤلفين:
1. (معجم الزَّاد للمترادفات والمتجانسات العربية) وهو أحدث عمل في هذه المادة وأول معجم من هذا النوع في الجزائر ومن إنتاج جزائري.
2. رواية عاطفية اجتماعية مقتبسة من قصّة حقيقية بعنوان (رِيَاحُ القَدَر)
واخترت عدم الحضور إلى المعرض أو بعبارة أخرى مقاطعته استياءً لواقع الكِتاب والقراءة بشكل خاص والأدب بشكل عام في بلادنا والوطن العربي.

ماذا عن جديد مولود بن زادي؟ حدثنا قليلا عن رواية رياح القدر
هي رواية تأتيكم من الجزر البريطانية ضمن أدب المهجر مختلفة من حيث الأسلوب والفكرة وبشخصيات حقيقية تحيا بيننا، تفرح حيناً وتتألم أحياناً. إضافة إلى قصة الحبّ الحقيقية، تتناول مسألة اللغة في الجزائر بحكم أن الكاتب مترجم ولغوي، وموضوع العنصرية، والعنف على المرأة في مجتمعاتنا، وتتعدّى حدود الجزائر لتكون أول رواية في تاريخ الأدب العربي تتحدث عن جمهورية بورندي بإفريقيا والحرب الأهلية فيها لأن بعض شخوصها من هناك. تقع أحداث الرواية في كل من الجزائر وبريطانيا وفرنسا وجمهورية بورندي الإفريقية، وهي ضمن أدب المهجر الذي له سماته ومنها الحنين إلى الوطن والنزعة الإنسانية والتحرر والنزعة التشاؤمية والانفراد بالأسلوب. يمثل أدوار هذه الرواية فؤاد وهو طالب من الجزائر العاصمة، وأمل وهي فتاة من أب جزائري وأم ألمانية يفرّ بها والدها من أوربا، وجون بول وفرانسواز من جمهورية بورندي وآخرون.

مولود بن زادي لم يتوقف عند الرواية ولا حتى عند المعجم الذي يتطلب الجهد والوقت، فقد تعدّى ذلك إلى مجال النقد. لماذا النقد؟
لأن للنقد صلة وطيدة بالأدب، والمقالة النقدية هي لون من ألوان الأدب الحديث. من مهام النقد كشف ما في النص الأدبي من نقائص وعيوب ليس إساءة للنصّ والمُؤلِّف وإنّما لتصحيح الكتاب وتشذيبه وصقله، فيكون في أفضل حال في الطبعة المقبلة، ويستفيد منه المؤلِّف فتكون أعماله المقبلة أسلم وأفضل. وأنّى للأديب أن يدرك ما في كتابه من نقائص وشوائب من غير نقد!
إن لم نمارس النقد ستستمر الأخطاء وسيتوارثها الآخرون للأبد. ومثال على رواية (الزقاق المدق) للأديب نجيب محفوظ، فالأخطاء التي كشفتها في هذه الرواية الناجحة ظلّت تنتقل من طبعة إلى أخرى لأكثر من نصف قرن ولم يشر إليها أحد قبلي! لا أحد منا في عصمة من الخطأ وبذلك فلا أحد في عصمة من النقد.

ولماذا اخترت مواطنتك أحلام مستغانمي في أول مقالة نقدية لك من بين كل الأدباء؟
سأكون صريحا معك ولن أجيبك إجابة ديبلوماسية مضلّلة. أنا لم انتقد أحلام مستغانمي من باب المصادفة. أنا اخترت أحلام لأنها كانت في القمة. لنكن واقعيين ولو للحظة. إذا نظرنا إلى لوحة زيتية تمثّل منظرا طبيعيا فإننا في بادئ الأمر لن ننظر إلى الأشياء الصغيرة الدقيقة فيها وإنّما إلى الأشياء الكبيرة الملفتة للانتباه مثل الحقول الرحبة، والبحار الواسعة، والأشجار الباسقة، والجبال الشامخة. وإن نظرنا إلى الجبال فإننا في العادة نجلّي بأبصارنا إلى قممها المرتفعة وهذه هي طبيعة البشر. فمن الطبيعي أن أهتم في بادئ الأمر بكاتبة بوزن أحلام مستغانمي توجد في قمّة الهرم الأدبي ليس فحسب في الجزائر وإنّما في الوطن العربي ومن غير منازع بدلا من كتاب آخرين يحاكونها ويقلّدون أسلوبها.
لكنّي لم أقصد الإساءة إلى أحلام بأي حال من الأحوال وخير دليل على ذلك أني كشفت فيما بعد في مقالة نقدية أخرى أخطاء طه حسين بعنوان "من أخطاء أحلام مستغانمي والمحدثين إلى أخطاء عميد الأدب العربي طه حسين" مع أني من عشاق هذا الأديب ومن المتأثرين به. وكشفت في وقت لاحق أخطاء نجيب محفوظ أيضا في مقالتي الأخيرة التي نشرتها حصريا اليومية الجزائرية "صدى الشرق". فأنا لا أمقت أحدا وإنّما أمقت الأخطاء وانتهاك أحكام اللغة.
حدثنا قليلا عن تلك المقالة التي تناولت رواية أحلام مستغانمي. هل كان لها صدى إيجابي أم سلبي؟
كان عنوان المقالة "الأخطاء اللغوية والألفاظ العامية لا تليق بك في رواية الأسود يليق بك" ومن خلالها كنت أود أن أوجّه رسالة إلى مواطنتي المحترمة أحلام وكل الأدباء وأنا واحد منهم وهذا الكلام يعنينا جميعا:
1. يجب علينا التأني واستشارة المعاجم العربية عند الكتابة، ليس العيب في ذلك مطلقا وإنما في إساءة استعمال الكلمات والتعابير ووضعها في غير محلّها وخلطها ببعضها وانتهاك أحكام لغة في مقام لغتنا العربية وهي لغة القرآن. والعيب أيضا في أن يتعلّم الأطفال أخطاءنا وتتوارثها الأجيال من بعدنا. وهذا الكلام لا يخص أحلام فحسب وإنما يخصّنا جميعا لأننا نشترك جميعا في ارتكاب مثل هذه الأخطاء. وأعطيكم هنا مثالا بسيطا ذكرته في تلك المقالة: فعل (رغب) لا يستعمل أبدا مع حرف الجر (ب) فمن الخطأ طبعا أن نكتب (رغب فلان بفلانة). يقال (رغب في) والمشكلة هنا هي أننا نرغب في الشيء وليس في فلان. لكن يمكن للكاتب أن يجد ما يشاء للتعبير عن أفكاره في لغة في مقام اللغة العربية وهي لغة ثرية بمفرداتها ومرادفاتها وكيف لا وابن خالويه اجتهد فوجد أكثر من 600 كلمة في الإشارة إلى حيوان واحد وهو الأسد في كتابه الشهير (أسماء الأسد). لابد أن نحذر جميعا عند استعمال الأفعال المتعدية لأنها ليست سهلة وقد يتغيّر المعنى بتغيير حرف الجر الذي يرافق الفعل. ففعل (رغب فيه) نقيض (رغب عنه). وفعل (دعا) يتغيّر معناه كلما غيرنا حرف الجرّ الذي يرافقه (ل، إلى، على). فالحذر إذا ضروري، ولقد كان الإنجليزي محقّا عندما أنشأ معاجم تختصّ في هذا النوع من الأفعال وأنا لي عمل في هذا المجال بعنوان (الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية). واليوم سأكون أول كاتب يدعو إلى تصنيف معجم الأفعال المتعدية باللغة العربية يشمل كلّ الأفعال المتعدية ويحدّد حروف الجر أو الأدوات التي ترافقها. وسيعين هذا المعجم الباحثَ على استعمال أحرف الجرّ والأدوات الصحيحة التي ترافق الأفعال المتعدية وإدراك معانيها المختلفة، فمثلا إذا لم نكن متأكدين من حرف الجر الذي يرافق فعل (استحوذ)، وهو مثال آخر مذكور في مقالة الأسود يليق بك، نستشير هذا المعجم فنرى (استحوذ عليه) وليس (استحوذ به)، على منهاج معجم الأفعال المركبة الإنجليزية English Phrasal Verbs
2. نحن في غنى عن استعمال اللهجات العامية والألفاظ الأجنبية في رواياتنا لأن اللهجات العربية كثيرة ومعقدة ولا تخضع لأية قواعد. أنا أعمل في لندن وألتقي مشارقة لا يمكنهم بأي حال من الأحوال فهم لهجاتنا الجزائرية، وما أكثر ما يستعمل المشارقة مترجمين أثناء رحلات العمل إلى الجزائر، فلمَ نملأ رواياتنا بحوارات عامية لا يفهمها إلا القليل ونحن في غنى عنها! ألم يكتب ميخائيل نعيمة رواية (يا ابن آدم)، وهي كلها حوارات، بلغة عربية فصيحة يفهمها الجميع! ولماذا الألفاظ الأجنبية وبأحرف لاتينية وهل شاهدنا يوما رواية غربية فيها كلمات عربية مكتوبة بأحرف عربية! هذا ما كنت أود أن أوصله إلى مواطنتي أحلام مستغانمي وإلى كل الكتاب الجزائريين والعرب الذين ما زالوا يستعملون الألفاظ العامية والأجنبية في رواياتهم وكأنها موضة أو إبداع وهي دمار للغتهم وأعمالهم وما أكثرهم.
المقالة أحدثت ضجّة في الوطن العربي وتناقلتها صحف ومواقع كثيرة من المحيط إلى الخليج وهو ما فاجأني. وما فاجأني أكثر هو ردّ فعل الجماهير. كنت أودّ مشاهدة ردّا يفنّد ما ذكرتُه في المقالة ضمن منافسة فكرية موضوعية ينتفع منها القارئ، وإذا بالجمهور يردّ عليّ بالإهانة والشتم والاتهام الباطل. والعجيب في الأمر أنّ بعض هؤلاء لم يقرأ أبدا لأحلام مستغانمي وبعضهم قرأ وتاه ولم يفهم شيئا وهذا ما اعترف به بعضهم في رسائل. عاتبني البعض تعصّبا لأني انتقدت كاتبة هي قبل كل شيء مواطنتي، ولامني البعض لأنه لا يؤمن بالنقد أساسا، وآخذني البعض لأنّي كنتُ أبدو شديد اللهجة في تلك المقالة.
وأغتنم فرصة هذا الحوار لأردّ على هؤلاء فأقول إنّي أعيش في المجتمع البريطاني وفيه تتعايش كل أجناس الدنيا ولو تعاطف الإنجليزي مع ابن جلدته الإنجليزي لما كانت لنا فرص متساوية ولما كانت لنا وظائف وسكن وما شابه ذلك كأبناء هذا البلد الأصليين، بل ولاستحال العيش في مثل هذا المجتمع ونحن بين أهاليه غرباء ليسوا منا في شيء.
ثم لماذا ينتقد العقاد أحمد شوقي وهو مواطنه، ولماذا يكلِّف المازني نفسه عناء نقد عبد الرحمن شكري والمنفلوطي وهم جميعا من بلد واحد. لابدّ أن نؤمن بمبادئ العدل والمساواة واحترام كل الخلق بغضّ النظر عن الجنسية والأصل والدين والجنس. فرغم النقد المتبادل نبقى أصدقاء ونتعايش ونتعاون بكل روح رياضية. وأقول لمن لا يرغب في مشاهدة النقد: "لَوْ نَطَقَ الأدَبُ وسُئِلَ عَنِ النَّقْدِ، لقَالَ: النَّقْدُ لَهُ ظِلٌّ ورَفِيقٌ لِلْأبَدِ." يحتاج الإنسان بفطرته إلى من يراقبه في مجالات كثيرة في حياته وإلاّ غفل عن أمره، وسها عن واجباته وعاث في الدنيا فسادا. فالعامل في المصنع يحتاج إلى مراقب ليقوم بعمله بإتقان، والحاكم يحتاج إلى معارض ليحكم بعدل، والأديب بدوره يحتاج إلى ناقد ينبّهه إلى أخطائه ونقائصه، وما الكمال إلا للمولى تعالى.

كيف ينظر مولود بن زادي إلى المشهد الأدبي الجزائري وهو يعيش بعيدا عن الجزائر؟
إنّ بعدي عن الجزائر جعلني أنظر إلى الأمور نظرة مختلفة وواقعية بعيدا عن المجاملات والذاتية.
اختلفتُ مع الكثير من زملائي الكتاب المحليين في هذا الموضوع، وكنت الكاتب الجزائري الوحيد الذي قال قبل أكثر من سنة في حصة تلفزيونية إن الأدب العربي يعيش عصر انحطاط، وانا متشبث بكلامي والحكم للأجيال المقبلة عند تقييمها لأدب هذا العصر، وقدمت مجموعة من الحجج ومنها 1. العزوف الرهيب عن القراءة والأرقام مفزعة إذ أن المواطن العربي لا يقرأ إلا نحو 6 صفحات من كتاب في السنة بينما هنا في بريطانيا يشجع الإنجليزي أطفاله على قراءة نحو 50 كتابا في السنة. فأطفالنا في بريطانيا لا ينامون إلا وقد قرأوا شيئا نافعا، بينما الأطفال في الجزائر والبلاد العربية ينامون بعد الخوض في الدردشة في مواقع التواصل الاجتماعي أو بعد مشاهدة أفلام الرعب واللعب وما شابه ذلك!
2. ضعف النشر في البلاد العربية 3. آفة المحاكاة التي جعلتنا نشاهد نصوصا متشابهة وقلّة الانفراد. 4. كثرة الأدباء وقلّة المستوى ورداءة الأعمال الأدبية. ما أكثر ما نشاهد لقب كاتب وشاعر في هذا العصر وبعضهم لم ينشر رواية ولا ديوانا! 5. الاهتمام بالشكل والماكياج على حساب المضمون وهو ما جعل الرواية العربية المترجمة لا تلقى رواجا خارج الوطن العربي. 6. قلّة المنافسة بين الكتاب. الأدب العربي يفتقد كتابا مثل العقاد والمازني وعبد الرحمان شكري وأحمد شوقي. نذكر جيدا تلك المنافسة بين عمالقة الأدب العربي في ذلك العصر المجيد وما يحمله كتاب "الديوان في الأدب والنقد" للعقاد والمازني من نقد لخصومهما أحمد شوقي والمنفلوطي وعبد الرحمن شكري إلا عينة عن ذلك. يضاف إلى كلّ ذلك قلّة الاحترافية لدى بعض الأدباء، فبدلا من المنافسة والإثارة بين الكتاب نجد تكتلات ونزاعات أبعد ما يكون عن النزاعات الفكرية، وتصلنا صور من معرض الكتاب لكاتب يحضن كتابا لأحد أصدقائه من باب المجاملة والدعاية على حساب المنافسة والقيم وهو عمل من شأنه أن يضلّل القراء ويؤثر فيهم ويشدّهم إلى ذلك الكتاب ويصرفهم عن أعمال أخرى بالمعرض قد تكون أرقى من ذلك العمل! هذا سلوك غير احترافي وغير لائق ويؤثر سلبا في المشهد الأدبي في مجتمعاتنا العربية، ولا نرى مثل هذه المشاهد المضلّلة في البلاد الغربية. 7. كثرة الأخطاء اللغوية والإسراف في استعمال الألفاظ والعبارات العامية والأعجمية في الرواية العربية أكثر من أي وقت مضى في تاريخ الأدب العربي وأدبنا في غنى عن ذلك...

إلى أي طرف تميل في النزاعات القائمة بين الكتاب الجزائريين والتي أشرت إليها الآن؟
أنا لست مع أحد وإنّما مع الجزائر وأصبو إلى تشريف الجزائر في المهجر بعيدا عن أي نزاعات. سألتزم الحياد فأكون ربما مثل سويسرا أو النمسا في أثناء الحرب الباردة، وربما العيش في الجزر البريطانية النائية يبعدني عن مثل هذه الصراعات التي لا طائل منها. أنا لا أحبّ الخصومات والنزاعات وأفضّل مشاهدة منافسة فكرية يسميها أحد الكتاب (دبزة فكرية) من باب المزاح تساهم في بعث الحياة في المشهد الأدبي الجزائري وإثرائه.

كيف ينظر مولود بن زادي اليوم إلى أدب أحلام مستغانمي؟
أحلام مستغانمي حققت نجاحا باهراً لم يحققه روائي قبلها برواية (ذاكرة الجسد) سنة 1993 وبعد ذلك في اعتقادي أخطأت الطريق باتباع نفس الفكرة ونفس الشكل في روايتها الثانية فوضى الحواس والثالثة عابر سبيل سنة 2003، فبدت وكأنها تقلّد نفسها، وتبقى رواية ذاكرة الجسد أرقى أعمالها من غير منازع منذ بداية مسيرتها في التسعينات وإلى حدّ الساعة. في اعتقادي الشخصي كان بإمكان أحلام أن تنسى تماما نجاح ذاكرة الجسد وتبدأ من جديد بأفكار مختلفة وربما بأسلوب مختلف قليلا فيبدو العمل شيئا جديدا مختلفا عما سبقه وإبداعا، حتى لا تقول عنها الأجيال المقبلة كان سبب نجاحها في البداية هو سبب إخفاقها لاحقا.
وتسرف أحلام مستغانمي في استعمال الأسلوب الشعري كثيرا مركزة على الشكل على حساب الفكرة وهذا في تصوّري خطأ كبير لأنه على سبيل المثال عندما تترجم هذه الأعمال إلى اللغات الأجنبية تزول جماليات النص الشعري فتفقد الرواية قيمتها إن لم يكن المضمون مثيرا للاهتمام.
الكثير من الأدباء الجزائريين والعرب يسرفون في استعمال الأسلوب الشعري ويكثرون من الصور البلاغية بل حتى أولئك الذين يكتبون باللغة الفرنسية يقعون في هذا الخطأ حتى أنّ أحد النقاد الفرنسيين قال عن رواية جزائرية باللغة الفرنسية: "تبدو معقّدة ومليئة بالحشو، وما جمعه هذا الكاتب في رواية قد يعبّر عنه كاتب آخر في فصل واحد من رواية". وهذا الكلام الخطير يلخصّ ما أردت أن أقوله. فكُتابنا للأسف يستغرقون في اللّف والدوران، وقد نقرأ لهم صفحات وصفحات وما زلنا في نفس الفكرة وفي البداية وقد نتوه فيها ولا نفهمها في مجتمع لا يقرأ أساسا ولا يتقن لغته العربية.
في السياسة، عندما يسود حكم عسكري وتنتشر المدرعات العسكرية في الشوارع تتعالى الأصوات الداعية إلى عودة الجيش إلى الثكنات حيث مقره، وأنا أرفع صوتي وأنا أشاهد هيمنة الأسلوب الشعري على الرواية العربية وما يحمله ذلك من حشو وغموض وتهديد ذلك للرواية العربية على المستوى العالمي، أدعو إلى عودة الشعر إلى مكانه الصحيح وهو القصيدة والديوان.
ومهما اختلفنا في الرأي والأسلوب ونظرتنا إلى الأدب والرواية، تبقى أحلام مستغانمي عظيمة.. عظيمة بأسلوبها الذي يعشقه الكثير من القراء ويقلده الكثير من الأدباء. وتبقى عظيمة بشخصيتها القوية الصريحة التي ترفض المراوغة والنفاق. وتبقى عظيمة ببساطتها وسعة خاطرها، فرغم نقدنا لها لم يأتنا منها سوء. وتبقى عظيمة بطيبة قلبها ومراعاتها للآخرين، فمقامها الرفيع لم يبعدها عن الجماهير وها هي اليوم تتواصل مع قرائها وترد على خطاباتهم على عكس أولئك الذين دبّ في نفوسهم الكبرياء والغرور وحبّ الذات فلا يجمعهم بالقراء إلا البيع بالتوقيع. وتبقى أحلام مستغانمي عظيمة أيضا بأمثالها وحكمها الكثيرة ومنها هذا المثل الرائع: "العلاج المثالي لكل أوجاع القلب هو الضحك، وعدم أخذ الذاكرة محمل الجدّ"
كلمة أخيرة؟
يحزنني أن أرى كاتبة تجتهد فتبلغ القمة بأسلوبها المميّز، ليأتي بعد ذلك متطفلون يحاكونها ويحصدون ثمار تعبها فيأتون بأدب يصعب تميزه من أدبها الذي صنعته هي بجهدها وسهدها وعرق جبينها.
لقد اخترت طريقا مختلفة منذ البداية وأسلوبا مختلفا يميّزني من غيري بعيدا عن آفة المحاكاة وهذا ما سيكتشفه القارئ في رواياتي ومنها رويتي الجديدة (رياح القدر). أدعو القراء في الجزائر إلى الاطلاع على أعمالي والتواصل معي في الفايسبوك.
قد أختلف مع مواطني أحلام مستغانمي في كثير من الأمور لكننا بلا ريب نشترك في أمور كثيرة ومنها الإقامة في ديار الغربة، والصراحة. ومهما اختلفنا فإننا نتفق جميعا على حب الجزائر والرغبة في خدمة الجزائر ولو بشيء قليل. وأشكر جزيل الشكر صحيفتكم الموقرة على هذا الحوار.

أجرى الحوار بـوراجي أحمد لعمـوري
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top