التفاعل
385
الجوائز
23
- تاريخ التسجيل
- 15 أكتوبر 2015
- المشاركات
- 323
- آخر نشاط
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . اما بعد يقول الامام الاصفهاني رحمه الله العبادة ضربان: علم وعمل. وحقهما أن يتلازما، لأن العلم كالأُس والعمل كالبناء، وكما لا يغني أُس ما لم يكن بناء، ولا يثبت بناء ما لم يكن أسٌّ، كذلك لا يغني علم بغير عمل ولا عمل بغير علم، ولذلك قال الله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه). والعلم أشرفهما لكن لا يغني بغير عمل، ولشرفه قال رجل للنبي ﷺ: أيما الأعمال أفضل يا رسول الله؟ فقال: " العلم " فأعاد عليه السوال فقال: " العلم " فقال الرجل في الثالثة: اسألك عن العمل لا عن العلم. فقال عليه السلام: " عمل قليل مع العلم خير من عمل كثير مع الجهل " وقال عليه السلام: " طلب العلم فريضة على كل مسلم " . فالعلم ضربان: نظري وعملي، فالنظري ما إذا علم كفى ولم يحتج فيه بعده إلى عمل كمعرفة وحدانية الله تعالى ومعرفة ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ومعرفة السموات وما أشبه ذلك. والعملي ما إذا عُلم لم يغن حتى يعمل به كمعرفة الصلاة والزكاة والجهاد والصوم والحج وبرّ الوالدين. والأعمال ثلاثة أضرب: منها ما يختص بالقلب، ومنها ما يختص بالبدن، ومنها ما يشارك فيه البدن القلب. والعلم أيضاً إذا نظر إليه وهو مكتسب فاكتسابه عمل وإذا نظر إليه وقد اكتسب وتصوّر في القلب خرج في تلك الحال عن أن يكون عملاً. ومن وجه آخر ضربان: واجب وندب فالواجب يقال له العدل والندب يقال له الإحسان وهما المذكوران في قول الله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) فالفرض والعدل تحري الإنسان لما إذا عمله أثيب وإذا تركه عوقب. والندب والإحسان تحري الإنسان لما إذا عمله أثيب وإذا تركه لم يعاقب والإنصاف من العدل والتفضل من البر والإحسان، فالإنصاف هو مقابلة الخير من الخير والشرّ من الشرّ بما يوازيه، والتفضل والبر هو مقابلة الخير بأكثر منه والشر بأقل منه. فالإحسان والتفضل احتياط في العدالة، والإنصاف ليؤمن به من وقوع خلل فيه وذلك إذا زدت في إعطاء ما عليك ونقصت في أخذ ما لك فقد احتطت وأخذت بالحزم، كدفع زيادة زكاء إلى الفقير وترك ما أُحل لك أن تتناول من مال اليتيم. فالعدالة إن كانت جميلة فالتفضل أحسن منها. ولذلك قال تعالى فيمن استوفى حقه فتحرى العدالة: (وَلمَن انتصر بعد ظلمه فأُولئك ما عليهم من سبيل) وقال سبحانه بعده: (وأن تعفوا أقرب للتقوى). وقال عز وجل: (ولا تنسُوا الفضل بينكم). إشارة إلى أن الإحسان حسن والتفضل أحسن وقال عز وجل: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) فالإنسان إنما يكون محسناً متفضلاً بعد أن يكون عادلاً منصفاً. فأما من ترك ما يلزمه ثم تحرى ما لا يلزمه فإنه لا يقال له متفضل ولا يجوز تعاطي التفضل إلا لمن كان مستوفياً وموفياً لنفسه، فأما الحاكم المستوفي والموفي لغيره فليس له إلا تحري العدالة والنَّصَفَةَ.
فصل
العلوم من حيث الكيفية ضربان تصور وتصديق فالتصور هو أن يعرف الإنسان معنى الشيء صحَّ عنده ذلك بدلالة أو لم يصح كمن عرف الصلاة وشرائطها وإن لم تثبت صحتها عنده بدلالة والتصديق هو أن يتصور الشيء ويثبت عنده بدلالة تقضي صحته.
والتصديق على ثلاثة أضرب: أما بغلبة الظن وهو أن يكون عليه دلالة وقد يعترضها شُبه توهنها وتبطلها، قال الله تعالى: (إذا مسَّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون). وأما بعلم اليقين وهو أن يصير بحيث يعلم ويعلم أنه يعلم ولا تعترضه شبه توهنه كالعلم مثلاً بأن ثلاثة وثلاثة ستةٌ وأنه لا يصح أن تكون أكثر من ذلك أو أقل، قال الله تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا). وأما بعين اليقين وهو أن يرى بعقله الشيء ويعانيه ببصيرته في حال اليقظة والنوم، وقد نبه الله تعالى على هذه الوجوه بقوله: (كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترونّض الجحيم ثم لترونَّها عين اليقين). فأما التصورات المجردة فالعامة الذين قال الله تعالى فيهم: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستبطونه). وأما غلبة الظن فللعامة الذين مدحهم الله بقوله: (والذين يظنون أنهم ملاقو ربهم). وأما علم اليقين فللخاصة. وأما عين اليقين ففي الدنيا للأنبياء ولبعض الصديقين. وإلى نحوه أشار النبي ﷺ بقوله: " تنام عيني ولا ينام قلبي " وبقوله: " إني أرى من خلفي كما أرى من قدامي " . قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: لو كشف الغطاءُ ما ازددت يقيناً. وقال بعض الحكماء: علم اليقين يحصل للعقل بالفكر والذكر فإن العقل بفكره أي ببحثه يدرك المعارف وبذكره يستحضرها إذا نسيها وغفل واشتغل عنها وبذهنه ينظر إليها دائماً كما ننظر نحن إلى محسوس غير غائب عن أبصارنا بلا حاجة إلى بحث وطلب وتفكر وتذكر، وكذلك قيل الإنسان يعقل فينظر إلى الحق بالفكر، والملائكة دائماً ينظرون إليه بالذهن من غير حاجة إلى تفكر وطلب.
فصل
للإنسان في استفادة العلم وإفادته ثلاثة أحوال: حال استفادة فقط، وحال استفادة ممن فوقه وإفادة لمن دونه، وحال إفادة فقط، وقلَّ من يستحق أن يوجد مفيداً غير مستفيد، ففوق كل ذي علم عليم إلى أن ينتهي الأمر إلى علام الغيوب فقد نبه الله تعالى على الحاجة إلى الاستفادة بما حكاه من قول موسى عليه السلام لصاحبه: (هل اتبعك على أن تعلمني مما عُلّمت رشدا) ونبه بما ذكر في قصة سليمان عليه السلام عن الهدهد بقوله: (أحطتُ بما لم تحط به علماً). إن الكبير قد يفتقر إلى الصغير في بعض العلوم فإذاً الإنسان ما دام حياً يجب أن لا يخرج من كونه مستفيداً ومفيداً كما قال النبي ﷺ: " الناس عالم ومتعلم وما سواهما همج " .
والى غد ان شاء الله سننظر في أن الغرض من العبادة تطهير النفس واجتلاب صحتها
فصل
العلوم من حيث الكيفية ضربان تصور وتصديق فالتصور هو أن يعرف الإنسان معنى الشيء صحَّ عنده ذلك بدلالة أو لم يصح كمن عرف الصلاة وشرائطها وإن لم تثبت صحتها عنده بدلالة والتصديق هو أن يتصور الشيء ويثبت عنده بدلالة تقضي صحته.
والتصديق على ثلاثة أضرب: أما بغلبة الظن وهو أن يكون عليه دلالة وقد يعترضها شُبه توهنها وتبطلها، قال الله تعالى: (إذا مسَّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون). وأما بعلم اليقين وهو أن يصير بحيث يعلم ويعلم أنه يعلم ولا تعترضه شبه توهنه كالعلم مثلاً بأن ثلاثة وثلاثة ستةٌ وأنه لا يصح أن تكون أكثر من ذلك أو أقل، قال الله تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا). وأما بعين اليقين وهو أن يرى بعقله الشيء ويعانيه ببصيرته في حال اليقظة والنوم، وقد نبه الله تعالى على هذه الوجوه بقوله: (كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترونّض الجحيم ثم لترونَّها عين اليقين). فأما التصورات المجردة فالعامة الذين قال الله تعالى فيهم: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستبطونه). وأما غلبة الظن فللعامة الذين مدحهم الله بقوله: (والذين يظنون أنهم ملاقو ربهم). وأما علم اليقين فللخاصة. وأما عين اليقين ففي الدنيا للأنبياء ولبعض الصديقين. وإلى نحوه أشار النبي ﷺ بقوله: " تنام عيني ولا ينام قلبي " وبقوله: " إني أرى من خلفي كما أرى من قدامي " . قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: لو كشف الغطاءُ ما ازددت يقيناً. وقال بعض الحكماء: علم اليقين يحصل للعقل بالفكر والذكر فإن العقل بفكره أي ببحثه يدرك المعارف وبذكره يستحضرها إذا نسيها وغفل واشتغل عنها وبذهنه ينظر إليها دائماً كما ننظر نحن إلى محسوس غير غائب عن أبصارنا بلا حاجة إلى بحث وطلب وتفكر وتذكر، وكذلك قيل الإنسان يعقل فينظر إلى الحق بالفكر، والملائكة دائماً ينظرون إليه بالذهن من غير حاجة إلى تفكر وطلب.
فصل
للإنسان في استفادة العلم وإفادته ثلاثة أحوال: حال استفادة فقط، وحال استفادة ممن فوقه وإفادة لمن دونه، وحال إفادة فقط، وقلَّ من يستحق أن يوجد مفيداً غير مستفيد، ففوق كل ذي علم عليم إلى أن ينتهي الأمر إلى علام الغيوب فقد نبه الله تعالى على الحاجة إلى الاستفادة بما حكاه من قول موسى عليه السلام لصاحبه: (هل اتبعك على أن تعلمني مما عُلّمت رشدا) ونبه بما ذكر في قصة سليمان عليه السلام عن الهدهد بقوله: (أحطتُ بما لم تحط به علماً). إن الكبير قد يفتقر إلى الصغير في بعض العلوم فإذاً الإنسان ما دام حياً يجب أن لا يخرج من كونه مستفيداً ومفيداً كما قال النبي ﷺ: " الناس عالم ومتعلم وما سواهما همج " .
والى غد ان شاء الله سننظر في أن الغرض من العبادة تطهير النفس واجتلاب صحتها