سلسلة شجرة الايمان 3 (في حد الإيمان وتفسيره الجزء الثالث)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
وفي صحيح مسلم( [8])–من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه- قال : قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً) .
والرضا بذلك يقتضي الفرح بذلك ، والسرور بربوبية الله له ، وحسن تدبيره وأقضيته عليه ، و[أن( [1])] يرضى بالإسلام ديناً ، ويفرح به ، ويحمد الله على هذه النعمة التي هي أكبر المنن : حيث رضي الله له( [2]) الإسلام ووفقه له ، واصطفاه له : ويرضى بمحمد- (صلى الله عليه و سلم)- نبياً : إذ هو أكمل الخلق ، وأعلاهم في كل صفة كمال ، وأمته وأتباعه أكمل الأمم وأعلاهم ، وأرفعهم درجة في الدنيا والآخرة .
فالرضا بنبوة الرسول ورسالته ، وإتباعه –: من أعظم ما يثمر الإيمان ، ويذوق به العبد حلاوته ، قال تعالى : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)( [3]) ( 3/164) .
( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) ( 9/128) .
فكيف لا يرضى المؤمن بهذا الرسول الكريم ، الرءوف الرحيم ؛ الذي أقسم الله( [4]) أنه لعلى خلق عظيم ؛ وأشرف مقام للعبد انتسابه لعبودية الله ، واقتداؤه برسوله ، ومحبته واتباعه ؛ وهذا علامة محبة الله وباتباعه تتحقق المحبة والإيمان ؟!
قال تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي( [5])يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ( 3/31) .
وفي صحيح مسلم( [6])–من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي –قال: قلت : يا رسول الله ؛ قل لي في الإسلام قولاً ، لا أسأل عنه أحداً بعدك . قال : ( قل آمنت بالله ثم استقم) .
فبين (صلى الله عليه و سلم) -بهذه الوصية الجامعة -: أن العبد إذا اعترف بالإيمان ظاهراً وباطناً ، ثم استقام عليه –قولاً وعملاً ، فعلاً وتركاً-: فقد كمل أمره ، واستقام على الصراط المستقيم ، ورجى له أن يدخل مع من قال الله عنهم : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ( 31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) ( 41/30-32) .
وفي حديث ابن عباس –المتفق عليه- في وفد عبد القيس ، حين وفدوا على النبي (صلى الله عليه و سلم) ، حيث قالوا : ( مرنا بأمر فصل : نخبر به من وراءَنا وندخل به الجنة ) ؛ وسألوه عن الأشربة . فأمرهم بأربع ، ونهاهم عن أربع : أمرهم : بالإيمان بالله وحده ؛ [و] قال : ( أتدرون : ما الإيمان بالله وحده؟) قالوا ؛ ( الله و رسوله أعلم) ؛ قال : ( شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ؛ وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وأن تعطوا من المغنم الخمس ) ونهاهم عن أربع : ( عن الحنتم ، والدُبَّاء ، والنَّقير ، والمزفت)( [7]) وقال :
( احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم) .
فهذا -أيضاً – صريح في إدخاله الشرائع الظاهرة بالإيمان ؛ مثل الصلاة والزكاة والصيام ، وإعطاء الخمس من المغنم . وكل هذا يفسر الإيمان تفسيراً تدخل فيه الأعمال البدنية فكل ما يقرب إلى الله –من قول وعمل واعتقاد- فإنه من الإيمان .
وفي سنن أبي داود( [8]) ، عن أبي أمامة ، قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) : ( من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله : فقد استكمل الإيمان).
فالحب والبغض : في القلب والباطن ؛ والعطاء والمنع : في الظاهر . واشترط فيها كلها : الإخلاص الذي هو روح الإيمان ولبه وسره .
فالحب في الله فهو أن يحب الله ، ويحب ما يحبه : من الأعمال والأوقات والأزمان والأحوال ؛ ويحب من يحبه : من أنبيائه وأتباعهم.
والبغض في الله : أن يبغض كل ما أبغضه [الله] : من كفر وفسوق وعصيان ويبغض من يتصف بها ، أو يدعو إليها .
والعطاء يشمل عطاء العبد من نفسه كل ما أمر به ؛ مثل قوله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ( 5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ( 6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) ( 92/5-7) وهذا يشمل جميع ما أمر به العبد : لا يختص بالعطاء المالي ؛ بل هو جزء من العطاء . وكذلك مقابلة المنع .
وبهذه الأمور الأربعة ، يتم للعبد إيمانه ودينه .
وكذلك ما رواه الترمذي والنسائي –من حديث أبي هريرة مرفوعاً( [9]) ( المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) يدل : على أن الإيمان الصحيح يحمل صاحبه على رعاية الأمانة ، وينهاه عن الخيانة؛ حتى يطمئن إليه الناس ، ويأمنوه على أنفس الأشياء عندهم ، وهي : الدماء ، والأموال .
وهذه النصوص كلها تبين معنى الإيمان وحقيقته ، وأنه –كما قال الحسن( [10]) وغيره : ( ليس الإيمان بالتمني والتحلي ولكنه : ما وقر في القلوب ، وصدقته الأعمال) .
فالأعمال الظاهرة ، والباطنة تصدق الإيمان ، وبها يتحقق كما قال تعالى : ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) ( 64/11) .
فالعبد إذا أصابته المصيبة ، فآمن أنها من عند الله وأن الله حكيم رحيم في تقديرها ،" وأنه أعلم بمصالح عبده-: هدى الله قلبه هداية خاصة للرضا والصبر والتسليم والطمأنينة . كما قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ)( 10/9) . فحذف المتعلق : ليشمل هدايتهم لكل خير ، وهدايتهم لترك كل شر؛ وذلك بسبب إيمانهم . فالأعمال من الإيمان من جهة ، ومن ثمرات الإيمان ولوازمه من جهة أخرى . والله الموفق .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) ( 2/143) .
وقال تعالى : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ).
كثير من المفسرين فسروا الإيمان هنا ، بالصلاة إلى القبلة التي كانوا عليها (و هي تجاه) بيت المقدس قبل أن تنقل القبلة إلى الكعبة ، فحصل عند بعضهم اشتباه في شأنهم ، فأنزل الله هذه الآية( [11]) . وذلك : أن صلاتهم إلى بيت المقدس في ذلك الوقت ، التزام منهم لطاعة الله ورسوله : وذلك هو الإيمان .
وهذه الآية فيها بشارة كبرى [وهي] ( [12]) : أن الله لا يضيع إيمان المؤمنين : قَلَ ذلك الإيمان ، أو كثر . كما ورد في الصحيح : ( أن الله يخرج من النار من في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من إيمان) ( [13]) .
وبشارة لكل من عمل عملاً قصده طاعة الله ورسوله ، وهو متأول أو مخطئ ، أو نسخ ذلك العمل . فإنه إنما عمل ذلك العمل : إيماناً بالله ، وقصداً لطاعته ، ولكنه تأول تأويلاً أخطأ فيه ، أو أخطأ بلا تأويل ؛ فخطؤه معفو عنه ، وأجر القصد والتوجه إلى الله وإلى طاعته ، لا يضيعه الله .
ولهذا قال الله عن المؤمنين : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ( 2/286) ، قال الله على لسان نبيه : ( قد فعلت) .
وفي الحديث الصحيح : ( إذا اجتهد الحاكم فحكم( [14]) فأصاب : فله أجران : وإذا اجتهد فأخطأ : فله أجر واحد ، وخطؤه مغفور له).
وكذلك : من نوى عملاً صالحاً ، وحرص على فعله ، ومنعه مانع : من مرض ، أو سفر ، أو عجز أو غيرها . كتب له ما نواه من ذلك العمل ، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم –من حديث أبي موسى مرفوعاً- : "من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل : صحيحاً مقيماً" ( [15])ويدخل في ذلك من أقعده الكِبَرُ عن عمله المعتاد .
* * * *
............................................................................

( [1]) هذه الزيادة منه .

( [2]) عبارة الأصل : ( ... لك الإسلام ووفقك له واصطفاك له واصطفاه لك) . والظاهر أن أصلها ما أثبتنا ، وهو الملائم للسابق واللاحق.

( [3]) في الأصل : "رسولاً منهم" ؛ وهو اشتباه بآية الجمعة ( 62/2) .

( [4]) في سورة القلم : ( 68/4) .

( [5]) بالأصل : "فاتبعون" ، وهو خطأ وتحريف .

( [6]) 1/47، والمصابيح ، ( 1/4) ؛ ومسند أحمد ، وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه كما في الجامع الصغير : ( 2/86) ، والفتح الكبير : ( 2/300) . وفي بعض الروايات بلفظ : ( أحداً غيرك) .

( [7]) بالأصل : "والمؤفت" ؛ وهو خطأ وتصحيف . وهذا الحديث أخرجه الشيخان باختلاف كبير- من طرق مختلفة عن ابن عباس وأخرجه عنه الترمذي والنسائي، كما في هداية الباري : ( 1/7) كما أخرجه عنه مختصراً أبو داود في السنن : ( 4/219) ، والبغوي في المصابيح : ( 1/4) وأخرجه مسلم وأحمد عن أبي سعيد الخدري فانظر : صحيح البخاري ( 1/16 و8/41 و9/90 و160) ومسلم ( 1/35) – ( 37) والفتح الكبير ( 1/12-13) .

( [8]) 4/220 والمصابيح ( 1/5) والأحاديث المختارة للضياء المقدسي، كما في الجامع الصغير : ( 2/160) والفتح الكبير 3/149) . وأخرج أحمد والترمذي –عن معاذ بن أنس مثله . وهو ضعيف كما قال المناوي في فيض القدير .
قلت صححه السيوطي في الجامع وحسنه الأرنؤط في تعليقه على جامع الأصول 1/239) ( الناشر) .

( [9]) بلفظ : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمؤمن) إلخ.. وقد أخرجه أيضاً عنه أحمد والحاكم وابن حبان ، وعن وائلة الطبراني الكبير. وأخرجه باختلاف وزيادة في آخره عنه أيضاً . فانظر : الجامع الصغير ( 2/183، 185) والفتح الكبير ( 3/251، 257) وفيض القدير ( 6/252-253و270) .

( [10]) كما هو ثابت عنه بسند جيد ، وروى بمعناه –من طريق أنس مرفوعاً -: في تاريخ بغداد لابن النجار ، ومسند الفردوس للديلمي وهو منكر أو ضعيف . انظر : الجامع الصغير ( 2/132) ، والفتح الكبير ( 3/57)، وفيض القدير ( 5/355-356) .


( [11]) كما في صحيح البخاري : ( 1/12-13) ، وسنن أبي داود ( 4/220).

( [12]) في الأصل : "وإن" بكسر الهمزة وهو خطأ . ولعل الزيادة سقطت من الناسخ ، أو لعل الواو زيادة منه . وما في الأصل يصح مع فتح الهمزة . ولكن الأولى ما أثبتناه .

( [13]) انظر : حديث أبي سعيد الخدري ، المذكور في صحيح البخاري ( 1/9 و8/115) مسلم ( 1/117-118) ، والفتح الكبير ( 3/321-422). وحديث أنس المذكور في صحيح مسلم ( 1/125-127) .

( [14]) الرواية : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد) . فما في الأصل روعي فيه المعنى المراد . وهذا الحديث أخرجه أحمد مع الستة عن أبي هريرة ، ومعهم- ماعدا الترمذي- عن عمرو بن العاص وأخرجه البخاري عن أبي سلمة. انظر : صحيح البخاري ( 9/108) ومسلم ( 5/135) ، وسنن أبي داود ( 3/299) ، والجامع الصغير ( 1/23) ، والفتح الكبير ( 1/102-103) وهداية الباري ( 1/9) .

( [15]) هذا الحديث أخرجه البخاري وأحمد ، بلفظ : ( إذا مرض العبد أو سافر) مع اختلاف في سائره ، وأخرجه أبو داود بمعناه . ولا ذكر له في صحيح مسلم ، ولم يشر أحد إلى روايته له . فانظر : صحيح البخاري ( 3/221) ، والجامع الصغير ( 1/34) ، والفتح الكبير ( 1/155) وهداية الباري : ( 1/68) وفيض القدير ( 1/444) .
 
آخر تعديل:
رد: سلسلة شجرة الايمان 3 (في حد الإيمان وتفسيره الجزء الثالث)

يرفع من جديد.
 
رد: سلسلة شجرة الايمان 3 (في حد الإيمان وتفسيره الجزء الثالث)

أرجوا من الإخوة الكرام مطالعة هذا الموضوع.
 
هذه الحلقة الثالثة من سلسلتنا شجرة الإيمان و ما أدراك ما شجرة الإيمان.
 
ياااااااااه يا اخي اباليث يعني مصر انك تتركني انام
و مدامعي على خدودي الله يغفر لك اخي

رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً و رسولا
 
ياااااااااه يا اخي اباليث يعني مصر انك تتركني انام
و مدامعي على خدودي الله يغفر لك اخي

رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً و رسولا
.
أحسن الله إليك أخي محمد و جعل هذه الدموع سبيلا إلى الرضوان.

بارك الله فيك وجزاك خيرا
و فيك بارك أخي إلياس.
 
ما معنى الحنتم و الدباء و النقبر و الزفيت
كيف يكبر حب الرسول صلى الله عليه و سلم في قلوبنا و حبي لله أكبر لنعمه عليا و عفوه و صبره على اخطائي مهما كانت و أطمع في مغفرته و لا تغادر مخيلتي قول الرسول صلى الله عليه و سلم و هو يقول أمتي أمتي بينما البقية يقولون نفسي نفسي
 
ما معنى الحنتم و الدباء و النقبر و الزفيت
السؤال

ما المقصود بالدباء والحنتم والمزفت؟


الإجابــة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد روى مسلم في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: آمركم بأربع و أنهاكم عن أربع: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، وأعطوا الخمس من الغنائم. وأنهاكم عن أربع: عن الدباء والحنتم و المزفت والنقير.

والمراد بهذه الأشياء أوعية كانوا يجعلون فيها التمر أو الزبيب مع الماء حتى يحلو ثم يشربونه وقد يتخمر. وسبب النهي سرعة تخمر ما وضع بها، وقد نسخ النهي عن الانتباذ فيها مع منع كل ما كان مسكرا.


والدباء هو القرع اليابس، والحنتم جرار، والمزفت هو الإناء المطلي بالزفت وهو القار.

وقد جاء في شرح النووي على مسلم: وأما قوله صلى الله عليه و سلم وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير. وفى رواية المزفت بدل المقير فنضبطه ثم نتكلم على معناه إن شاء الله تعالى فالدباء بضم الدال وبالمد وهو القرع اليابس أي الوعاء منه، وأما الحنتم فبحاء مهملة مفتوحة ثم نون ساكنة ثم تاء مثناة من فوق مفتوحة ثم ميم الواحدة حنتمة، وأما النقير فبالنون المفتوحة والقاف، وأما المقير فبفتح القاف والياء فأما الدباء فقد ذكرناه وأما الحنتم فاختلف فيها فأصح الأقوال وأقواها أنها جرار خضر وهذا التفسير ثابت في كتاب الأشربة من صحيح مسلم عن أبى هريرة وهو قول عبد الله بن مغفل الصحابي رضي الله عنه وبه قال الأكثرون أو كثيرون من أهل اللغة وغريب الحديث والمحدثين والفقهاء. والثاني أنها الجرار كلها قاله عبد الله بن عمر وسعيد بن جبير وأبو سلمة. والثالث أنها جرار يؤتى بها من مصر مقيرات الأجواف وروى ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه ونحوه عن ابن أبى ليلى وزاد أنها حمر. والرابع عن عائشة رضي الله عنها جرار حمر أعناقها في جنوبها يجلب فيها الخمر من مصر. والخامس عن ابن أبى ليلى أيضا أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف، وكان ناس ينتبذون فيها يضاهون به الخمر. والسادس عن عطاء جرار كانت تعمل من طين وشعر وادم.


وأما النقير فقد جاء في تفسيره في الرواية الأخيرة أنه جذع ينقر وسطه.


وأما المقير فهو المزفت وهو المطلى بالقار وهو الزفت وقيل الزفت نوع من القار والصحيح الأول فقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: المزفت هو المقير.


وأما معنى النهى عن هذه الأربع فهو أنه نهى عن الانتباذ فيها وهو أن يجعل في الماء حبات من تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويشرب، وإنما خصت هذه بالنهى لأنه يسرع إليه الإسكار فيها فيصير حراما نجسا وتبطل ماليته فنهي عنه لما فيه من إتلاف المال، ولأنه ربما شربه بعد إسكاره من لم يطلع عليه. ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الأدم بل أذن فيها لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر بل إذا صار مسكرا شقها غالبا، ثم إن هذا النهى كان في أول الأمر ثم نسخ بحديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا. رواه مسلم في الصحيح.


والله أعلم.

 
آخر تعديل:
جزاك الله كل خيرا على هذا الشرح للمصطلحات الصعبة و التي نجد الغالبية العظمى لا تعرف معناها
 
13256119281.gif
 
كيف يكبر حب الرسول صلى الله عليه و سلم في قلوبنا
كيف يستطيع المسلم أن ينمّي داخله محبة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أي شيء آخر في الدنيا ؟.


تم النشر بتاريخ: 2002-09-28

الحمد لله


محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تكون قوتها تبعاً لإيمان المسلم فإن زاد إيمانه زادت محبته له ، فحبه صلى الله عليه وسلم طاعة وقربة ، وقد جعل الشرع محبة النبي صلى الله عليه وسلم من الواجبات .


عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " . رواه البخاري ( 15 ) ومسلم ( 44 ) .


ويمكن أن تتأتى محبة الرسول صلى الله عليه و سلم بمعرفة ما يلي :


أولاً : أنه مرسل من ربه اختاره واصطفاه على العالمين ليبلغ دين الله للناس وأن الله اختاره لحبه له ورضاه عنه ، ولولا أن الله رضي عنه لما اختاره ولا اصطفاه ، وعلينا أن نحب من أحب الله وأن نرضى بمن رضي الله عنه ، وأن نعلم أنه خليل الله والخلة مرتبةٌ عُليا وهي أعلى درجات المحبة .


عن جندب قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً " . رواه مسلم ( 532 ) .


ثانياًُ : أن نعلم منزلته التي اجتباه الله بها ، وأنه أفضل البشر صلى الله عليه وسلم .


عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع " . رواه مسلم ( 2278 ) .


ثالثاً : أن نعلم أنه لقي المحن والمشقة من أجل أن يصلنا الدين وقد كان ذلك ـ والحمد لله ـ ويجب أن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوذي وضرب وشتم وسُبّ وتبرأ منه أقرب الناس إليه ورموه بالجنون والكذب والسحر وأنه قاتل الناس ليحمي الدين من أجل أن يصل إلينا فقاتلوه وأخرجوه من أهله وماله ودياره وحشدوا له الجيوش .


رابعاً : الاقتداء والتأسي بأصحابه في شدة محبتهم له ، فقد كانوا يحبونه أكثر من المال و الولد بل وأكثر من أنفسهم وإليك بعض النماذج :


عن أنس قال : " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل " . رواه مسلم ( 2325 ) .


وعن أنس رضي الله عنه قال : " لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مُجَوّب به عليه بحَجَفَة له وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد القِد يكسر يومئذ قوسين أو ثلاثا وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول انشرها لأبي طلحة فأشرف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك. . .


رواه البخاري ( 3600 ) ومسلم ( 1811 ) .


( الحجفة ) هي الدرع ، ويقال لها : جوبة ، والمعنى أن أبا طلحة معه درع يحمي بها النبي صلى الله عليه وسلم .


( شديد القد ) القد هو وتر القوس ، والمعنى أنه شديد الرمي


خامساً : أن تُتبع سنته من قول أو عمل وأن تكون سنته منهجاً لك تتبعه في حياتك كلها وأن تقدم قوله على كل قول وتقدم أمره على كل أمر ثم تتبع عقيدة أصحابه الكرام ثم عقيدة من تبعهم من التابعين ثم عقيدة من تبع نهجهم إلى يومنا هذا من أهل السنة والجماعة غير متبع بدعة ولاسيما الروافض فإن قلوبهم غليظة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنهم يقدمون أئمتهم عليه ويحبونهم أكثر مما يحبونه .


نسأل الله أن يرزقنا محبة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يجعله أحب إلينا من أولادنا وآبائنا وأهلينا ونفوسنا .


والله أعلم .
منقول.
 
صلى الله عليه و سلم
اللهم ارزقنا محبة رسول الله و اجعله احب الينا من اولادنا و ابائنا و اهلينا و انفسنا
جزاك الله خيرا
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top