الإدراك: لماذا نفكر فيما نفكر فيه وكيف نفكر بذكاء؟

rasdarb

:: عضو منتسِب ::
إنضم
17 أفريل 2017
المشاركات
6
نقاط التفاعل
10
النقاط
3
العمر
35
محل الإقامة
شفشاون، المغرب
عندما يُطلب منك إعطاء رأي، ما الذي تفكر فيه؟

كلا.. أقصد ما الذي تفكر فيه؟ وكيف ولماذا تفكر فيه؟

إن أنت استطعت الإجابة عن هذه الأسئلة، ستحصل على مفتاح العبور لعالم الإدراك، والذي يعتبر مجموعة العمليات العقلية المرتبطة باكتساب المعارف وتخزينها واستغلالها وكذا استخلاصها عندما تحتاجها. إذا ما فهمت هذه العمليات التي تجسد إدراكك فهما معمقا، ستكون قد قَوَّيْتَه لكي تصبح أكثر ذكاء.

peace-92157_1280.jpg

ما الذي نفكر فيه: أمر يتعلق بعقلنا الباطني
إن الأمر الذي نفكر فيه سهل الوصف في الحقيقة. فإن طلبتُ منك التفكير في حيوان كالفيل، ستسعمل قدراتك الإدراكية لاستخلاص المعلومات المتعلقة بالمصطلح ”فيل.“ قد تتذكر حديقة الحيوان التي أخذك لها شخص ما في صغرك فلمسته بيدك الصغيرة، ثم شاهدته لاحقا في فيلم كرتون، فأصبحت ذكرى هذا الحيوان المبهر مُتَأَصِّلَةً في ذاكرتك من أجل استخلاص لاحق لهذه المعلومة.

الآن، وأنت تفكر في حيوان الفيل، قد تبدو ذاكرتك واضحة للغاية، ولكنك تستغل المعلومة التي توجد بعقلك انطلاقا مما تعيه (الوعي) وما لاتعيه (اللا وعي) أيضا. فأنت تفكر في الشعور الذي انتابك وأنت تلمسه، والرائحة التي كانت تنبع منه، وشكله… ولكن من الراجح أنك قد نسيت ثمن التذكرة، أيُّ وسيلة مواصلات استخدمتموها، وكم عمر ذاك الفيل. إن هذا مثال واضح يشرح قدرتك المعرفية لاستخلاص المعلومات واستغلالها.

في جزء الثانية الذي استغرقته لقراءة الكلمة ”فيل،“ لقد عشت كل أوجه الادراك دون وعيك، ولكن وأنت تَتَبَّعُ المراحل التي رسمتُ، ستجد أنك قد عشت وجها آخر للإدراك: الوعي. إذا نحن قمنا بالعمليات المعرفية أو الادراكية عن وعي وفهم الأشياء التي تؤثر على إدراكنا، نكون بذلك قادرين على خلق حياة تجعلنا أذكى.

فلنغص في فهم معمق لكيف ولماذا نفكر.

كيف نفكر: التفاعل بين الخلايا العصبية لأدمغتنا
إن الجواب على ”كيف نفكر“ يوجد في الروابط العصبية لدماغك. في دماغك، ستجد ما يقارب 100 مليار خلية عصبية تدعى العُصْبُونَات. يتكون كل عصبون من جسم الخلية واسقاطات شبيهة بالفروع (محوار واحد والعديد من استطالات الهيولية) ترسِل وتستقبل رسائل من عصبونات أخرى. ترسل العصبونات الرسائل بنقل نبضات كهربائية عبر فتحات صغيرة تدعى الوصلات العصبية. إن هذه الرسائل والممرات التي تتشكل بين العصبونات هي العنصرُ المادي لإدراكك.

في سنواتنا الثلاث الأولى، يكون لأدمغتنا حوالي ضعف عدد الوصلات العصبية الذي سنتوفر عليه ونحن كبار. تساعد هذه الوصلات على عملية التعلم حتى نتمكن من الإندماج داخل وسطنا في أقرب وقت ممكن. بعض الروابط العصبية قد تم إملاؤها من طرف جيناتنا، الشيء الذي يوفر مخططا تفصيليا لأدمغتنا. ولكن، لمحيطنا والطريقة التي نتكيف وسطه دور البطولة في التحديد النهائي للروابط العصبية في الدماغ.

على سبيل المثال، عندما أذكر المصطلح ”فيل،“ فإن كل روابطك العصبية المرتبطة بالمصطلح ”فيل“ أطلقتِ النارَ معا فشكلت ذاكرة لحدث قد مضى. وإن كنت تعيش في وسط لا يعرف معنى الفيل، قد يُنتِج عقلك روابط عصبية تتعلق ”بغابة“ أو ”فاكهة“ أو ”حيوان“… ولكن لن تكون لديك تجربة ذات صلة بحيوان ”الفيل“ مخزنةً في دماغك. ولكن، أول ما ترى هذا الحيوان، تخزَّن تلك التجربة ثم يُشَكَّل ممر عصبي جديد في الدماغ. قد يتم تفعيل ذاك الممر العصبي الجديد إذا ما تم ذكر أو رؤية فيل، فيغمرك إحساس المتعة أو الألم الذي عشته آخر مرة رأيت فيها فيلا.

يفسر هذا المثال منطق ال”ماذا“ وراء تشكيل قدراتنا العقلية. تتصل العصبونات مع بعضها البعض فتشكِّل روابطَ معقدةً لكي ترسلَ فكرةً ما أو شعورا أو ذكرى أو نوعا آخر من التجارب التي قد نعيش، ولكن لماذا يحدث هذا؟

لماذا نفكر: قدرتنا على البقاء على قيد الحياة
بالرغم من أننا قادرون على تناول موضوع الإدراك من زوايا مركبة ومعقدة والتي قد تمت مناقشتها بنوع من العصبية من قبل فلاسفة ومفكرين وأدباء، لنحاول تبسيط الأمر. إن عملية الإدراك مهمة جدا إن أردنا البقاء على قيد الحياة. فنحن ليست لدينا قوة جسدية تمكننا من التعايش مع سائر الحياوانات – بإمكان أضعف غوريلا أن تمزق أقوى رجل في العالم إلى أحشاء. إن القدرة على اكتساب المعارف وتخزينها واستغلالها وكذا استخلاصها عند الحاجة تسمح لنا بالتكيف مع المحيط الذي نعيش فيه.


”بإمكاننا تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع عقلنا الباطني.. عن وعي.“– عماد كماح

ومن جهة أخرى، يسمح لنا الوعي باستغلال الادراك عن قصد. فبعض علماء الأعصاب، كسام هارس، يزعمون أن هذه الإرادة الحرة التي نعتقد أننا نمتلكها ليست إلا وهما. ولكن قامت مجموعة من الباحثين بأربعة تجارب قد تقدم دليلا ضد الادعاء الذي قام به سام هاريس. وجد هاؤلاء الباحثون أننا قادرون على أن نتحكم، عن وعي، في الطريقة التي تؤثر بها المحفزات الباطنية (الأشياء التي تحفز عقلك الباطني) على سلوكاتنا. ويعني هذا أنك قادر على أن تغير، تغييرا تاما، تفاعلك مع المحفزات الباطنية كالأحاسيس والأفكار التي تحدث بعقلك عندما تقرأ أو تفكر في المصطلح ”فيل.“

يمكننا أن نعيد صياغة الروابط العصبية داخل أدمغتنا بسهولة لكي نخلق شعور الاشمئزاز عوض الحماس إذا ما فكرنا في فيل. كما يمكننا أن نستعمل قوة القصد والنية، علاوة على التغذية والتغيرات البيئية لتعزيز وتقوية الإدراك.

كيف نعزز قوة إدراكنا لنصبح أكثر ذكاء
إن كنت تظن أنه ليس بمقدورنا أن نُمَرِّن إدراكنا، فلتعد النظر في الموضوع مرة ثانية! هناك عشرات الطرق التي يمكنك القيام بها حتى تتمكن من تنمية وتطوير هذه المَلَكَة.

للاضطلاع على الطرق الثلاث التي يمكنك استخدامها اليوم، اضغط هنا.
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top