نضال ابن فوزي
:: عضو منتسِب ::
التفاعل
84
الجوائز
2
- تاريخ التسجيل
- 20 أكتوبر 2017
- المشاركات
- 71
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 31 ماي 1997
- الجنس
- ذكر

تَمَامُ التَّوْبَةِ وَشُرُوطُهَا وَدَوَامُهَا
ذَكَرْنَا أَنَّ التَّوْبَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نَدَمٍ يُورِثُ عَزْمًا وَقَصْدًا ، فَالنَّدَمُ هُوَ تَوَجُّعُ الْقَلْبِ عِنْدَ شُعُورِهِ بِفَوَاتِ الْمَحْبُوبِ ، وَعَلَامَتُهُ طُولُ الْحَسْرَةِ وَالْحُزْنِ وَإِسْكَابُ الدَّمْعِ ، وَالْفِكْرُ ،
ذَكَرْنَا أَنَّ التَّوْبَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نَدَمٍ يُورِثُ عَزْمًا وَقَصْدًا ، فَالنَّدَمُ هُوَ تَوَجُّعُ الْقَلْبِ عِنْدَ شُعُورِهِ بِفَوَاتِ الْمَحْبُوبِ ، وَعَلَامَتُهُ طُولُ الْحَسْرَةِ وَالْحُزْنِ وَإِسْكَابُ الدَّمْعِ ، وَالْفِكْرُ ،
فَمَنِ اسْتَشْعَرَ عُقُوبَةً نَازِلَةً بِوَلَدِهِ طَالَ عَلَيْهِ مُصِيبَتُهُ وَبُكَاؤُهُ ،
وَأَيُّ عَزِيزٍ أَعَزُّ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ ؟
وَأَيُّ عُقُوبَةٍ أَشَدُّ مِنَ النَّارِ ؟
وَأَيُّ سَبَبٍ أَدَلُّ عَلَى نُزُولِ الْعُقُوبَةِ مِنَ الْمَعَاصِي ؟
وَأَيُّ مُخْبِرٍ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؟
وَأَيُّ عَزِيزٍ أَعَزُّ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ ؟
وَأَيُّ عُقُوبَةٍ أَشَدُّ مِنَ النَّارِ ؟
وَأَيُّ سَبَبٍ أَدَلُّ عَلَى نُزُولِ الْعُقُوبَةِ مِنَ الْمَعَاصِي ؟
وَأَيُّ مُخْبِرٍ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؟
وَلَوْ حَدَّثَهُ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ يَتَطَبَّبُ أَنَّ مَرَضَ وَلَدِهِ لَا يَبْرَأُ وَأَنَّهُ سَيَمُوتُ مِنْهُ لَطَالَ فِي الْحَالِ حُزْنُهُ
فَلَيْسَ وَلَدُهُ بِأَعَزَّ مِنْ نَفْسِهِ
وَلَا الطَّبِيبُ بِأَعْلَمَ وَلَا أَصْدَقَ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَا الْمَوْتُ بِأَشَدَّ مِنَ النَّارِ
وَلَا الْمَرَضُ بِأَدَلَّ عَلَى الْمَوْتِ مِنَ الْمَعَاصِي عَلَى سُخْطِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَالتَّعَرُّضِ بِهَا إِلَى النَّارِ .
فَأَلَمُ النَّدَمِ كُلَّمَا كَانَ أَشَدَّ كَانَ تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ بِهِ أَرْجَى ، فَعَلَامَةُ صِحَّةِ النَّدَمِ رِقَّةُ الْقَلْبِ وَغَزَارَةُ الدَّمْعِ ، وَمِنْ عَلَامَتِهِ أَنْ تَتَمَكَّنَ مَرَارَةُ تِلْكَ الذُّنُوبِ فِي قَلْبِهِ بَدَلًا مِنْ حَلَاوَتِهَا ، فَيَسْتَبْدِلُ بِالْمَيْلِ كَرَاهِيَةً، وَبِالرَّغْبَةِ نَفْرَةً كَمَنْ يَنْفِرُ عَنْ عَسَلٍ فِيهِ سُمٌّ وَلَوْ كَانَ فِي غَايَةِ الْجُوعِ وَالشَّهْوَةِ لِلْحَلَاوَةِ ، فَوِجْدَانُ التَّائِبِ مَرَارَةَ الذَّنْبِ كَذَلِكَ يَكُونُ ، وَذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ كُلَّ ذَنْبٍ فَذَوْقُهُ ذَوْقُ الْعَسَلِ وَعَمَلُهُ عَمَلُ السُّمِّ ، وَلَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ وَلَا تَصْدُقُ إِلَّا بِمِثْلِ هَذَا الْإِيمَانِ ؛ وَلَمَّا عَزَّ مِثْلُ هَذَا الْإِيمَانِ عَزَّتِ التَّوْبَةُ وَالتَّائِبُونَ ، فَلَا تَرَى إِلَّا مُعْرِضًا عَنِ اللَّهِ - تَعَالَى - مُتَهَاوِنًا بِالذُّنُوبِ مُصِرًّا عَلَيْهَا . وَلَا الطَّبِيبُ بِأَعْلَمَ وَلَا أَصْدَقَ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَا الْمَوْتُ بِأَشَدَّ مِنَ النَّارِ
وَلَا الْمَرَضُ بِأَدَلَّ عَلَى الْمَوْتِ مِنَ الْمَعَاصِي عَلَى سُخْطِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَالتَّعَرُّضِ بِهَا إِلَى النَّارِ .
فَهَذَا شَرْطُ تَمَامِ النَّدَمِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَدُومَ إِلَى الْمَوْتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِدَ هَذِهِ الْمَرَارَةَ فِي جَمِيعِ الذُّنُوبِ .
وَأَمَّا الْقَصْدُ الَّذِي يَنْبَعِثُ مِنْهُ وَهُوَ إِرَادَةُ التَّدَارُكِ
- فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالْحَالِ وَهُوَ يُوجِبُ تَرْكَ مَحْظُورٍ هُوَ مُلَابِسٌ لَهُ ، وَأَدَاءَ كُلِّ فَرْضٍ هُوَ مُتَوَجِّهٌ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ.
- وَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالْمَاضِي وَهُوَ تَدَارُكُ مَا فَرَطَ ،
- وَبِالْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ دَوَامُ الطَّاعَةِ وَدَوَامُ تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الْمَوْتِ .
وَمِنْ أَهَمِّ مَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ ، فَمَنْ تَنَاوَلَ مَالًا بِغَصْبٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ غَبْنٍ فِي مُعَامَلَةٍ بِنَوْعِ تَلْبِيسٍ كَتَرْوِيجِ زَائِفٍ أَوْ سَتْرِ عَيْبٍ مِنَ الْمَبِيعِ أَوْ نَقْصِ أُجْرَةِ أَجِيرٍ أَوْ أَكْلِ أُجْرَتِهِ ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُفَتِّشَ عَنْهُمْ لِيَسْتَحِلَّهُمْ أَوْ لِيُؤَدِّيَ حُقُوقَهُمْ لَهُمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ ، وَلْيُحَاسِبْ نَفْسَهُ عَلَى الْحَبَّاتِ وَالدَّوَانِقِ قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ فِي الْقِيَامَةِ ، وَلْيُنَاقِشْ قَبْلَ أَنْ يُنَاقَشَ ، فَمَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا طَالَ فِي الْآخِرَةِ حِسَابُهُ ، فَإِنْ عَجَزَ فَلَا يَبْقَى لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِقَدْرِ كَثْرَةِ مَظَالِمِهِ ، فَهَذَا طَرِيقُ كُلِّ تَائِبٍ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ الثَّابِتَةِ فِي ذِمَّتِهِ . وَأَمَّا أَمْوَالُهُ الْحَاضِرَةُ فَلْيَرُدَّ إِلَى الْمَالِكِ مَا يَعْرِفُ لَهُ مَالِكًا مُعَيَّنًا ، وَمَا لَا يَعْرِفُ لَهُ مَالِكًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ ، فَإِنِ اخْتَلَطَ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ الْحَرَامِ بِالِاجْتِهَادِ وَيَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ .
وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى الْقُلُوبِ بِمُشَافَهَةِ النَّاسِ بِمَا يَسُوؤُهُمْ أَوْ بِعَيْبِهِمْ فِي الْغِيبَةِ ، فَلْيَطْلُبْ كُلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِلِسَانِهِ أَوْ آذَى قَلْبَهُ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ ، فَمَنْ وَجَدَهُ وَأَحَلَّهُ بِطِيبِ قَلْبٍ مِنْهُ فَذَلِكَ كَفَّارَتُهُ ، وَمَنْ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالُهُ فَقَدْ فَاتَ أَمْرُهُ وَلَا يُتَدَارَكُ إِلَّا بِتَكْثِيرِ الْحَسَنَاتِ .
وَمِنْ مُهِمَّاتِ التَّائِبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْكِنَهُ الِاسْتِقَامَةُ .
______________________________
من كتاب "موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين" وهو كتاب نفيس جدا في تزكية النفوس، من أراد المطالعة عليه، فليضغط على عنوانه لتحميله.