حكم الصيام بعد منتصف شعبان

ناصر dz

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جانفي 2015
المشاركات
8,423
نقاط التفاعل
11,668
النقاط
1,106
محل الإقامة
مصر
الجنس
ذكر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد رُوي عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه نهى عن الصوم بعد منتصف شهر شعبان، فقد أخرج الخمسة من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قال: "إذا انتصف شعبان، فلا تصوموا".

وقد اختلف الفقهاء في حكم الصوم بعد منتصف شهر شعبان بناء على اختلافهم في حكم هذا الحديث، والعمل به على قولين مشهورين:

1- ذهب الشافعية إلى كراهة الصوم؛ أخذًا بالنهي الوارد، ومنهم من حرَّم ذلك، وهو قول شاذ اشتهر عن ابن حزم الظاهري.

2- ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز ذلك وعدم كراهته؛ لعدم صحة الخبر عندهم.

الترجيح:

الصحيح أن صوم الإنسان بعد منتصف شهر شعبان جائز مطلقًا لا كراهة فيه؛ وذلك للوجوه الآتية:

أولاً: أن هذا الحديث لا يصح من جهة الإسناد، وعلته تفرد العلاء عن أبيه بهذا الحديث، وقد نبه الأئمة النقاد على ذلك أحمد والنسائي والخليلي وغيرهم. وقال الحافظ ابن رجب في اللطائف: "وتكلم فيه من هو أكبر من هؤلاء وأعلم، وقالوا: هو حديث منكر، منهم عبد الرحمن بن مهدي، والإمام أحمد، وأبو زرعة، والأثرم، وقال الإمام أحمد: لم يرو العلاء أنكر منه، ورده بحديث (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين...)".

ثانيًا: أن في متنه نكارة ومخالفة لحديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين، أن النبي صلّ الله عليه وسلم قال: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه". فمنطوق الحديث يدل على النهي عن صوم ما قبل رمضان بيوم أو يومين إلا من كانت له عادة في الصوم. ويدل أيضًا بمفهومه على جواز صوم ما قبل ذلك في جميع الشهر، سواء أوَّله وآخره. وهذا ظاهر جدًّا، وإن لم يكن هذا مرادًا، فما فائدة النهي عن صوم يومين قبل رمضان؟ والحديث السابق مخالف لهذا الحديث ومعارض له.

ولا شكَّ أن دلالة هذا الحديث مقدَّمة على حديث العلاء؛ لصحة إسناده وعدم الاختلاف في متنه، وهو حديث محفوظ. وهذا من قرائن ووسائل الترجيح المعتبرة حال التعارض عند أهل الأصول. ولهذا أعلَّه الإمام أحمد بهذا.

ثالثًا: قالت عائشة: "فما رأيت رسول الله صلّ الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان"[1].
الراوي:عائشة أم المؤمنين المحدث:البخاري المصدر:صحيح البخاري الجزء أو الصفحة:1969 حكم المحدث:[صحيح]
وفي رواية: "وما كانَ رسولُ اللَّهِ يصومُ في شَهْرٍ ما يصومُ في شعبانَ ، كانَ يصومُهُ كُلَّهُ إلَّا قليلًا بل كانَ يصومُهُ كُلَّهُ
الراوي:عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني المصدر:صحيح النسائي الجزء أو الصفحة:2177 حكم المحدث:صحيح
. وظاهر هذا أن النبي صلّ الله عليه وسلم كان يصوم من جميع الشهر، سواء في أوله أو آخره، ولم يكن يفرق بين النصف الأول والنصف الثاني في الحكم. وهذا يضعف حديث العلاء، ويوهي متنه.

رابعًا: مما قد يشهد لهذا أن ليلة النصف من شعبان ليس لها فضل خاص ولا مزية في الشرع، ولم يرتب الشارع عليها أحكامًا خاصة، ولم يثبت في ذلك شيء. فهذا المعنى يوجب عدم توقيت النهي عن الصيام بدخولها جريًا على قاعدة الشارع. ولا معنى للتفريق بين النصف الأول والثاني من الشهر.

أما النهي عن الصوم قبل دخول رمضان فلحِكَم ظاهرة، منها تمييز النفل عن الفرض، ومنها ترك المكلف التشدد والاحتياط في ابتداء العبادة؛ ولهذا نُهي عن صوم يوم الشك.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

بقلم: الشيخ خالد بن سعود البليهد[2]

المصدر: موقع صيد الفوائد.
[1] متفق عليه.
[2] عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها.
 
شكراااااا
هناك اختلاف في هذا الموضوع
 
جزاك الله خيرا
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top