العبد بين الخوف والرجاء

الطيب الجزائري84

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جوان 2011
المشاركات
4,033
نقاط التفاعل
4,408
النقاط
191
العمر
39
الجنس
ذكر
العبد بين الخوف والرجاء

قال ابن القيِّم ـ رحمه الله ـ: «وكثيرٌ مِن الجهَّال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه، وضيَّعوا أَمْرَه ونهيه، ونسُوا أنه شديد العقاب، وأنه لا يُرَدُّ بأسُه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند.

قال معروفٌ: رجاؤك لرحمةِ مَن لا تطيعه مِن الخذلان والحمق.

وقال بعض العلماء: مَن قطع عضوًا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم، لا تأمن أن تكون عقوبتُه في الآخرة على نحو هذا.

وقيل للحسن: نراك طويلَ البكاء، فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي.

وكان يقول: إنَّ قومًا ألهتهم أمانيُّ المغفرة حتَّى خرجوا مِن الدنيا بغير توبةٍ، يقول أحدُهم: لأنِّي أُحْسِنُ الظنَّ بربِّي، وكذب، لو أَحْسَنَ الظنَّ لأحسن العمل.

وسأل رجلٌ الحسنَ فقال: يا أبا سعيدٍ، كيف نصنع بمجالسة أقوامٍ يخوِّفونا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: واللهِ لَأن تصحب أقوامًا يخوِّفونك حتى تدرك أمنًا خيرٌ لك مِن أن تصحب أقوامًا يؤمِّنونك حتى تلحقك المخاوف.

وفيه [مسند أحمد] أيضًا عنه، قال: كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يكثر أن يقول: «يَا مُقَلِّب القُلُوبِ وَالأَبْصَارِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فقلنا: «يا رسول الله آمنَّا بك وبما جئتَ به، فهل تخاف علينا؟» قال: «نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ شَاءَ».

وفيه أيضًا عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لجبريل: «مَا لِي لَمْ أَرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا قَطُّ؟» قال: «مَا ضَحِكَ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ» .

ثمَّ قال في (ص: ٣٤): «والأحاديث في هذا الباب أضعافُ أضعافِ ما ذكَرْنا، فلا ينبغي لمن نصح نَفْسَه أن يتعامى عنها، ويرسل نَفْسَه في المعاصي، ويتعلَّق بحسن الرجاء وحسن الظنِّ.

قال أبو الوفاء بنُ عقيلٍ: احْذَرْه ولا تغترَّ به، فإنه قطع اليدَ في ثلاثة دراهم، وجلد الحدَّ في مثل رأس الإبرة مِن الخمر، وقد دخلت المرأةُ النارَ في هرَّةٍ، واشتعلت الشملةُ نارًا على مَن غلَّها وقد قُتل شهيدًا.

وقال الإمام أحمد: حدَّثنا معاوية: حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهابٍ يرفعه قال: «دَخَلَ رَجُلٌ الجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ»، قالوا: «وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟» قال: «مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ صَنَمٌ لَا يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا، فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَرِّبْ، فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ، قَالُوا: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا، فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ فَدَخَلَ النَّارَ، وَقَالُوا لِلآخَرِ: قَرِّبْ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقَرِّبَ لِأَحَدٍ شَيْئًا مِنْ دُونِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَضَرَبُوا عُنُقَهُ فَدَخَلَ الجَنَّةَ»، وهذه الكلمةُ الواحدة يتكلَّم بها العبدُ يهوي بها في النار أبعدَ ما بين المشرق والمغرب».

[«الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي» أو «الداء والدواء» لابن القيِّم (٢٨)]

المصدر موقع الشيخ فركوس حفظه الله
 
اللهم ندعوك خوفا من عذابك يا رب العالمين
اللهم ندعوك رجاءا في جناتك النعيم
بورك فيك على الموضوع القيم
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top