انتبه التثاؤب قد يفسد صلاتك ويبطلها
(بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)
قال الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله: ((لقد قرأت رسالتك القيمة حول حكم التثاؤب في الصلاة وخارجها مرتين فرأيتها رسالة جامعة نافعة في بابها قد حوت فرائد فقهية وشوراد علمية نادرة دلت على دقة كاتبها ، وخلفيته العلمية العالية ، ولم أجد فيها ما يستحق التصويب والتنبيه .
وإني أهيب من كل من نظرتها عيناه أن يستفيد منها وينشرها في كافة وسائل الاتصال وعلى أكبر عدد ممكن فهي وبحق جديرة بالقراءة ولنشر ، خصوصا أنها تتعلق بأدب إسلامي داخل أعظم شعيرة من شعائر الإسلام العملية الظاهرة وهي الصلاة المفروضة والمسنونة مما قد يسبب الجهل بأحكامها خلل في أداء الصلاة كلي أو جزئي ، فكانت هذه الرسالة سادة لثلمة الجهل بإحكامها .
فجزى الله أخانا عز الدين خير الجزاء على إفادة إخوانه المسلمين)) .
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فمن الآداب التي شرعت لنا رد التثاؤب وكظمه ما استطاع، بضم الشفتين، أو بوضع اليد.
عن أبي سعيد الخدري
وعن أبي هريرة
تنبيه:
قال العلامة ابن عثيمين
ويتأكد رد التثاؤب عند قراءة القرآن وذكر الله.
عن مجاهد، قال: (إذا تثاءبت وأنت تقرأ القرآن، فأمسك عن القراءة حتّى يذهب تثاؤبك).
أخرجه أبو عبيد في (فضائل القرآن) وسعيد بن منصور في (التفسير) والآجري في (أخلاق حملة القرآن) والمستغفري في (فضائل القرآن) والبيهقي في (شعب الإيمان).
وعن عكرمة قال: (إذا تثاءب أحدكم وهو يقرأ القرآن فليسكت، ولا يقل: ها، ها، وهو يقرأ). أخرجه أبو عبيد في (فضائل القرآن).
قال الإمام الآجري
وقال العلامة النووي
وقال العلامة القرطبي
وقالت اللجنة الدائمة في (فتاواها): ((لتلاوة القرآن آداب منها:...
10 - ومن آداب القراءة أن يمسك عن القراءة إذا تثاءب حتى يذهب التثاؤب؛ تعظيما لله؛ لأنه مخاطب ومناج لربه، والتثاؤب من الشيطان)) اهـ.
كما جاء التنصيص على كظم التثاؤب في الصلاة.
عن أبي سعيد الخدري
أما الرواية التي أخرجها الطبراني في (المعجم الكبير) بلفظ: (كان يكره التثاؤب في الصلاة) فقد أودعها الإمام الألباني
قال الحافظ ابن حجر
فمن غلبه التثاؤب واختلت القراءة وذهبت بعض الحروف أو أدخل أحرفا وخاصة في فاتحة الكتاب وكذلك والأذكار الواجبة والتي هي ركن في الصلاة فالأمر جد خطير، وهل تفسد الصلاة ؟ ففيه تفصيل:
أولا: الأذكار الركنية.
وهي تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الأخير، والصلاة الإبراهيمية فيه، والتسليم، على خلاف في التشهد والصلاة على النبي.
فإذا تثاءب المصلي عند الأذكار الركنية واختل شيء منها فقد أخل بركن من أركان الصلاة، وإذا فسد الركن فسدة الصلاة سواء عن عمد أو سهو أما إن كان عن جهل فمعفو عنه ما لم يفرط في التعلم.
ثانيا: الأذكار الواجبة.
وهي: تكبيرات الانتقال، قول سمع الله لمن حمده، وقول ربنا لك الحمد أو ما جاء من روايات أخرى، وذكر الركوع، وذكر السجود، وذكر ما بين السجدتين والتشهد الأول والصلاة الإبراهيمية فيه، على خلاف فيها.
فإذا تثاءب المصلي عند الأذكار الواجبة فقد اختل شيء منها وقد أخل بواجب من واجبات الصلاة، وفساد الواجب إن كان عن عمد أو علم فقد أفسد الصلاة وأبطلها، وإن كان عن سهو فالواجب عليه أن يأتي بسجود سهو يجبر الخلل الذي وقع فيه، وإن كان عن جهل فمعفو عنه.
وهذا الحكم ينطبق على الإمام والمنفرد، أما المأموم فيتحمل الإمام عنه الأذكار الواجبة، ولا يتحمل عنه من الأذكار الركنية تكبيرة الإحرام والتسليم، أما قراءة الفاتحة للمأموم فهي ليست بركن في الصلاة الجهرية على الراجح فيتحملها عنه الإمام؛ وأما قراءتها في الصلاة السرية فهي ركن لا يتحمله عنه الإمام ومن ذهب من أهل العلم إلى أنها تسقط عنه فلا اشكل في تحمل الإمام عنه قراءة الفاتحة، والله أعلم.
والعفو حكم ينسحب على من غلبه التثاؤب في الصلاة، وأما من لم يغلبه وخرج منه أحرف نحو هاه هاه فقد أبطل صلاته وأفسدها.
قال ابن قدامة
وقال القاضي في من تثاءب، فقال آه آه: تفسد صلاته. وهذا محمول على من فعل ذلك غير مغلوب عليه؛ لما ذكرنا من فعل أحمد خلافه)) اهـ.
تنبيه:
قال الإمام ابن باز
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 7 ربيع الآخر سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 4 نوفمبر سنة 2019 ف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أي: الحافظ العراقي.
المصدر منتديات الابانة السلفية