ورك في طرحك اختي
حين رأيت ذاك الترند الوقح الذي يستخفّ بقول النبي ﷺ: «المرأة عورة»، أدركتُ إلى أي حدّ انحدر بعض الناس في زمنٍ صار فيه الجهل مجاهرة، والسخرية من النصوص الشرعية “مزحة” يتباهون بها. لم يعد الأمر مجرد سوء فهم، بل تجرّؤ صارخ على ما لا يعرفون، واتباعٌ أعمى لكل ما يلمع في فضاءٍ يعجّ بالسطحية.
أناسٌ لا يقرؤون، ولا يبحثون، ولا يعرفون سياق الحديث ولا معناه، لكنهم أول من يمدّ لسانه للاستهزاء. يمسكون بعبارة مجتزأة، يغتالون معناها، ثم يلوّحون بها كأنها دليل على عقلٍ ناضج أو موقف “تنويري”. وما هي في الحقيقة إلا عقلية الإمّعة: يصفّق حيث يصفّق الجمع، ويضحك حيث يضحك القطيع.
المؤسف أن بعضهم يتعامل مع الدين كأنه قائمة اختيار: يأخذون منه ما راق لهم، ويرمون ما خالف شهواتهم أو كسَلهم أو تصوّراتهم الشخصية. يصدّقون بعض النصوص ويكفرون ببعض، لا عن فكرٍ ولا عن حجّة، بل عن هوى… عن جهلٍ يختبئ خلف جرأة الكيبورد.
ولو أنهم أوقفوا ضجيجهم لحظة، وتدبروا النص على ضوء العلم والفقه، لأدركوا أن الحديث تكريمٌ وحماية ومسؤولية، لا ازدراء ولا انتقاصًا. لكن من اعتاد السخرية ضيّق بصيرته حتى عن الحق الذي أمامه.
وها نحن نرى كيف صار الدين عند البعض مادّة تسلية، بينما كان ينبغي أن يكون ميزانًا يردعهم عن هذا التجرؤ. وما يؤلم حقًا ليس انتشار الجهل، بل تحوّله إلى “ترند”، وكأن الجهل إذا كثرت مشاركاته صار حقيقة!