في مسئولية الولي في اختيار الكفء لموليته ((فريق الضياء))

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

أبو هيثم

:: عضو مُتميز ::
أحباب اللمة
في مسئولية الولي في اختيار الكفء لموليته

السؤال: لقد تقدّمَ لخطبة أختي رجلٌ من الذين يحملون عقيدةَ التكفير العامِّ والخروج، فرفضت هذا الأمر مطلقًا، ولكنَّ الأختَ راضيةٌ ومقتنعةٌ قناعةً تامّةً به بحجّة أنه تاب من هذه العقيدة، ولعلَّ اللهَ يهديه، والوالدة كذلك وافقت، وحتى العمّات طَلَبْنَ من الوالد الموافقة مع العلم أنَّهنَّ لا يعرفنه، فاحتارَ الوالدُ في هذا الأمر مع أنَّه غيرُ راضٍ ولكنَّهُ لم يجد إلى الرفض سبيلاً، وهذا الرجل لا يزال يخالط بعضَ مَن كان معهم في نفس العقيدة، ولا يجالس أهل السنّة ولا يقترب منهم، فنرجو منكم بيان ما يلي:
- هل ينبغي لها إن كانت سُـنِّيةً سلفية أن تتزوّج ممّن هذا حاله؟
- هل للوالد الحقّ في منعها من هذا الزوج؟
- كيف يكون تعاملنا معه لو تمَّ هذا الزواج مع أنِّي قلت لها بأنِّي أعرفه، ولن أدخل بيته، وتبقين أختي، فلم تُعِرْ لهذا الكلام اهتمامًا ولا وزنًا؟

الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالوَلِيُّ مسئولٌ في اختيار الكُفْءِ لمُوَلِّيَتِه، والكفاءةُ الدينيةُ مطلوبةٌ شرعًا، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»(١- أخرجه ابن ماجه في «النكاح»: (1967)، والحاكم في «المستدرك»: (2695)، والطبراني في «المعجم الصغير»: (466)، وحسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (1022)، وفي «صحيح الجامع»: (270))، وفي الحديث توجيهُ الخطابِ للأولياء في أن يُزوِّجوا مُوَلِّيَاتِهِمْ من ذوي الدِّين والأمانةِ والأخلاقِ، فإن لم يفعلوا كانت الفتنةُ والفسادُ الذي لا آخرَ له، فالمرأةُ يُحتاطُ في حقِّها فيُختارُ لها صاحبُ الدِّين وحُسْنِ الخلق؛ لأنها رقيقة بالنكاح لا مُخَلِّصَ لها وقد نقل عن بعض السلف أنَّ «النكاح رِقٌّ فلينظر أحدُكم أين يضع كَرِيمَتَه»(٢- قال البيهقي في «السنن الكبرى»: (7/82): «ويذكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: «إنما النكاح رق فلينظر أحدكم أين يرق عتيقته». وروي ذلك مرفوعًا والموقوف أصحّ والله سبحانه أعلم». وقال العراقي: في «تخريج الإحياء» (3/488): «رواه أبو عمر التوقاني في معاشرة الأهلين موقوفًا على عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر»)؛ لأنَّ صاحب الدينِ والخُلُقِ إن عاشرَها عاشرَها بمعروف وإن سرَّحها سرَّحها بإحسان، ومَنْ زوَّج مولِّيَّـتَه من ظالِمٍ أو فاسقٍ أو مُبتدِعٍ أو شاربِ خمرٍ فقد جَنَى على دينه بسوءِ الاختيارِ؛ ذلك لأنَّ شرط الكفاءةِ للمرأة الصالحةِ استقامةُ الرجلِ، وليس معنى ذلك أن يُهملَ رَأْيُ المرأةِ أو يُتعسَّفَ في استشارتها، بل عليه أن يُطْلِعَ كريمَتَه صلاحَ الرجل من عدم صلاحِه، ويجوز له إن تحقّق من توبة الفاسق بامتحانه أن يزوَّجَها له؛ لأنَّ صفةَ الفِسق ترتفع عنه بالتوبة النصوح عمّا اعتقده أو ارتكبَه بشرط أن يكون صادقًا في توبته؛ لأنَّ «التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ»(٣- أخرجه ابن ماجه في «الزهد»: (4250)، والبيهقي: (21150)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (10281)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال ابن حجر في «فتح الباري»: (13/557): «سنده حسن»، وحسّنه الألباني في «صحيح الجامع»: (3008))، على ما جاء في الحديث، و«النَّدَمُ تَوْبَةٌ»(٤- أخرجه ابن ماجه في «الزهد»: (4252)، وابن حبان: (612)، والحاكم: (7612)، وأحمد: (3558)، وأبو يعلى في «مسنده»: (4969)، والبزار في «مسنده»: (1926)، والطبراني في «المعجم الصغير»: (80)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وحسّنه ابن حجر في «فتح الباري»: (13/557)، وصحّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (6802))، أمَّا المصرُّ على ما اعتقده واقترفه فلا يُعان على الزواج من الصالحة قال ابن تيمية –رحمه الله-: «إذا كان مُصِرًّا على الفِسق فإنّه لا ينبغي للولي تزويجُها له، كما قال بعض السلف: من زوج كريمته من فاجر فقد قطع رحمها، لكن إن علم».
أمَّا إذا زوَّجها أبوها من فاسقٍ أو فاجرٍ أو مبتدِع ورضيَتْ به على صِفته وإصراره على المعصية فشأنهم شأن المسلم العاصي الذي يهمل بعض الواجبات ويفعل بعض المحرَّمات التي لا تصل إلى حدِّ الكفر الأكبر على ما ثبت أنَّ رجلاً في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كان يشرب الخمر، فأتي به إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فَلَعَنَهُ رجلٌ وقال: ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَلْعَنُوهُ فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ»(٥- أخرجه البخاري في «الحدود»: (6398)، وأبو يعلى في «مسنده»: (176)، وعبد الرزاق في «المصنف»: (17082)، والبزار: (269)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه).
وعليه فهؤلاء يستحقُّون الولاء من جهة الإيمان والطاعة ويستحقُّون البراء من جهة الذنب والمعصية، ولا يلزم البراء منهم من جهة المعصية الإساءةُ لهم بالأقوال والأفعال، ولا يمنعه بُغْضُ المعصية وعدمُ الرضا بها أداءَ الحقوق لهم، وحُسنَ المخالقة معهم ولو كانوا أهل الكتاب، قال تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، وقال سبحانه في معاشرة الزوجة الكتابية وغير الكتابية: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]، وقال في الأبوين المشرِكَيْنِ: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، وإذا كان هذا في شأن أهل الكفر والشرك فإنَّ أهل المعاصي من أهل الإيمان أحقُّ بالبرِّ والصِّلةِ والإحسانِ لعُمومِ قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: 36]، فبُغْضُ المعصيةِ وعدمُ الرضا بالذنب لا ينافي بالضرورة حُسْنَ المعاملة والمخالقة.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.


الجزائر في: 5 شعبان 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 29 أوت 2006م

١- أخرجه ابن ماجه في «النكاح»: (1967)، والحاكم في «المستدرك»: (2695)، والطبراني في «المعجم الصغير»: (466)، وحسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (1022)، وفي «صحيح الجامع»: (270).

٢- قال البيهقي في «السنن الكبرى»: (7/82): «ويذكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: «إنما النكاح رق فلينظر أحدكم أين يرق عتيقته». وروي ذلك مرفوعًا والموقوف أصحّ والله سبحانه أعلم». وقال العراقي: في «تخريج الإحياء» (3/488): «رواه أبو عمر التوقاني في معاشرة الأهلين موقوفًا على عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر».

٣- أخرجه ابن ماجه في «الزهد»: (4250)، والبيهقي: (21150)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (10281)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال ابن حجر في «فتح الباري»: (13/557): «سنده حسن»، وحسّنه الألباني في «صحيح الجامع»: (3008).

٤-أخرجه ابن ماجه في «الزهد»: (4252)، وابن حبان: (612)، والحاكم: (7612)، وأحمد: (3558)، وأبو يعلى في «مسنده»: (4969)، والبزار في «مسنده»: (1926)، والطبراني في «المعجم الصغير»: (80)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وحسّنه ابن حجر في «فتح الباري»: (13/557)، وصحّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (6802).

٥- أخرجه البخاري في «الحدود»: (6398)، وأبو يعلى في «مسنده»: (176)، وعبد الرزاق في «المصنف»: (17082)، والبزار: (269)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
المصدر: علي فركوس
مع تحيات فريق الضياء.
لاتنسونا من صالح دعائكم يرحمكم الله.
 
رد: في مسئولية الولي في اختيار الكفء لموليته ((فريق الضياء))

أمَّا إذا زوَّجها أبوها من فاسقٍ أو فاجرٍ أو مبتدِع ورضيَتْ به على صِفته وإصراره على المعصية



لا حول و لا قوة الا بالله

جزى الله الشيخ الفركوس عنا كل خير

شكر الله لكم اخي

طيب الله اوقاتكم بكل خير

ملاحظة اخي ارجو منكم تكبير الخط ليتسنى للجميع القراءة بوضوح

و جزاكم الله خيرا

 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom