القصبة .... جزء الاول

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

الراوي

:: عضو منتسِب ::
إنضم
19 جانفي 2007
المشاركات
1
نقاط التفاعل
0
النقاط
2
اتمنى اعرف رايكم في هذه المحاولة البسيطه. عن حي عظيم حي القصبة


عشت أيها البطل الصغير , كان هذا صوت الحجة فطيمة.
رمت لي كيس الطعام في حذر. الظلام حالك في الزقاق , سمعت صوت محرك السيارة , وبعض الكلمات بالفرنسية .
- الجنود في كل مكان !.
- قال لي أبو محمود وهو يركض نحوي .
همست :
ـ أين عبدالقادر ؟!
أجاب وهو ينظر إلى كيس الطعام :
ـ لا أعرف .. لقد اختفى .
أطلت الحجة فطيمة من شباك منزلها وهتفت :
ـ ادخلوا .. ادخلوا .
قفزنا من عتبة الشباك ...
اخرج أبو محمود مسدسه من جيبه , صاحت به الحجة فطيمة :
ـ لا .. لدينا أطفال .
أعاد مسدسه إلى جيبه , لكنه بقي متحفزاً .
وقال بحنق :
ـ لن نبقى هنا !
تناهى إلى مسامعنا خطوات الجنود . ثم إطلاق رصاص , وصوت نحيب امرأة .
قالت الحجة فطيمة بهلع :
ـ هذا صوت ! . صوت مليكه .
كان نحيبا قويا مؤلما, بدد سكون المكان هدوءً مخيفاً، كان نحيبها كسر هدوءه ويزيد من الخوف منه .
تلصصت الحجة فطيمة من الشباك بحذر.
ثم قالت :
ـ لقد ذهب الملاعين .
خرجنا ووجدنا مليكه تبكي بألم وعلى حجرها رجل ميت .. صاحت وهي تقبله :
ـ لقد قتلوا أبا فرحات .. قتلوا أبا فرحات .
ظهر طفل صغير أمام الباب , كان يرتجف .
بدأت السماء تمطر. المرة الأولى التي أشاهد فيها رجلا ميتا, ثقب جسده بعدة رصاصات . وبقيت جثة أبو فرحات تلازمني فترة طويلة , تذكرت أبي.
هو أيضاَ مات برصاص الفرنسيين , لكني لم أشاهد جثته .
أخرج أبو محمود مسدسه وصاح :
ـ والله لأقتل أحدهم , وركض مبتعدا عنا .
حاولت اللحاق به لأمنعه لكنه تلاشىتحت المطر و الظلام . بعد قليل سمعنا طلقات رصاص .
وضعت الحجة فطيمة يدها على صدرها وتمتمت :
ـ لا اله إلا الله .
والتفتت إلي :
ـ ارحل الآن .. قبل أن يعودوا .
ركضت كثيرا , كنت وضعت كيس الطعام تحت ثيابي حتى لايبتل.
صوت المطر وارتطامه على الأرض . وهدوء المكان المتقطع . ووقع قدماي زادني رعبا .
ركضت أكثر من ساعة . لم أشعر بالخوف كما أشعر به الان خيل لي أن الفرنسيون يطاردونني .
وصلت البيت ، ركلت بابه بقوة وأنا اصرخ مذعورا :
ـ لقد قتلوا أبا محمود!!.
وصمت !
المكان فارغ ومخيف , ضؤ خافت ينطلق من قنديل وحيد ، معلق بسلسلة تتحرك به ذهابا وإيابا.. الدماء تملأ الغرفة , الجدران مثقوبة بالرصاص ، تراجعت إلى الخلف مذعورا , وتعثرت بشي وسقطت فاقدا الوعي .
لا أعرف كم بقيت فاقداً الوعي , حيث استيقظت على ظلام دامس من حولي .
بصيصاَ من الضوء يتقدم نحوي . كلما يتقدم يبهرني الضؤ , وضع يده على جبهتي بلطف وقال :
ـ أنت في مكان آمن بني .
ثم وضع القنديل بجانبي .
صحت بفرحة :
ـ عم يوسف .. أنت !!
شهدت ابتسامته تتلألأ وقال :
ـ تلك الدماء في البيت ليس دماءنا .
سمعت سعدي يقول :
ـ الفرنسيون .
تمتمت :
ـ الحمد الله .
عرفت أن العم يوسف ورجاله أحسوا بحركة خارج البيت . فخرجوا من خلال نفق سري، وشاهدوا ثلاثة من الجنود الفرنسيين يدخلون البيت , باغتوهم بإطلاق رصاص عليهم وقتلوا اثنين وأسروا الثالث .
سألت العم يوسف :
ـ ماذا ستفعلون بالأسير ياعم يوسف؟
قال تؤده :
ـ سنبادله أحد رجالنا , هذا إذا لم يمت من الخوف منّا ..
اكتشفت أننا جميعا نقيم في حارتنا ، حي القصبة . حيث ولدت وترعرعت في هذا الحي الكبير، كانت لي طفولتي الخاصة. واشتهر الحي بقصوره العثمانية و منازله العتيقة أزقته الضيقة . وبالمحلات، والدكاكين ، خياطون وصانعيوا الفخار، حذاؤن ، وبائعيوا ملابس التقليدية . وعرف هذا الحي بأنه كان معقلا الثوار الجزائريين .
كان الفرنسيون يرهبونه ، لم يتجرأو كثيرا في التوغل إلى عمقه ، فالثوار يتوزعون في أزقته وبيوته، وما سهل لهم كثيراَ الإفلات من الفرنسيين .
ذات يوم كان العم يوسف مجتمعا مع رجاله ، فيها تردد إلى مسامعي ـ غير مره ـ اسم جميلة بوحيرد لأول مرة .
سمعت صوت امرأة تصرخ :
ـ سأحمل السلاح مثل جميلة .
وخرجت مسرعة وبيدها بندقية ، باليد الأخرى تجر طفل خلفها .
تبعها بوعلي صائحا :
ـ مليكة انتظري .. يا أم فرحات .. انتظري .
يلحقه العم يوسف بصوته :
ـ دعها .. إنها امرأة شجاعة .
التفت إلي بوعلي وقال :
ـ أنت ! .. نمّ .
وأغلق الباب خلفه .
لم أكن أحب بوعلي ، كان يعتبرني طفلاً ، رغم أني بلغت السادسة عشر من عمري ، العم يوسف وهو صديق والدي ، يعتمد علي كثيرا في القبام ببعض الأعمال ، كجلب الطعام للثوار، وفي نقل الرسائل ، وفي التجسس على أماكن الفرنسيين ورصد تحركاتهم ، وهو عمل بقدر ماكان يشعرني بالمتعة ، كان له رهبته .
ما زلت أذكر وجه سعدي متجهماً عندما دخل علينا الغرفة وبيده صحن من الطعام ، قال بصوت ضعيف :
الفرنسي .. لقد انتحر .
ركضنا جميعاً إلى البدروم ، يسبقنا العم يوسف ، وجدنا الفرنسي ممددا على الأرض والدماء تنزف من رسغ يده اليسرى. وقنينة زجاج مكسورة .
تحرك الفرنسي ، ارتبكنا ، اسرع العم يوسف في ربط مكان الجرح ليمنع نزيف الدم ، وصاح بنا :
ـ ليذهب أحدكم ويحضر الحكيم بسرعة .
بقيت أراقب الفرنسي وهو ينازع الموت ، لا أدري لم حاول الانتحار رغم أني أخبرته بأننا سوف نبادله بأحد من رجالنا .
قال سعدي غاضباً :
ـ كان يجب أن تدعه يموت .
جاء الحكيم ، وعالج الفرنسي ، و خرج علينا قائلاً :
ـ سوف يشفى ، لم يكن الجرح عميقاً .
وقبل أن يغادر المنزل قال بصوت هادئ وعميق :
ـ احذروا .. إنهم يبحثون عنه ، يفتشون بيتاَ. بيتاَ .. مع السلامة .
بدأ اسم جميلة بو حيرد يتردد بيننا كثيراَ وأيضاَ جميلة أبو عزة .
مليكه قبض عليها وهي تحاول قتل تاجر فرنسي ، عذبت واغتصبت ثم أطلق سراحها عن طريق الخطأ ، لم أرها ، سمعت بأنها تزوجت رجلاَ من الثوار وشكلت معه فصيلة من المقاومين .
أعدم أبو محمود وعبد القادر بالمقصلة بعد محاكمة سريعة ، وبقت جثتاهما معلقتين بجانب ثكنة عسكرية فرنسية .
حزن العم يوسف عليهما حزنا ً عميقاً ، أول مرة أشاهده يبكي ، كان أبو محمود أكثر الرجال المقربين إليه ، قال وفي عينيه إصرار عجيب :
ـ قسماَ بالله إني لن أموت ألا شهيداً مثلك يا أبا محمود .
لكن العم احمد لم يمت شهيداً حيث عمر وعاش فترة طويلة ما بعد الثورة .
كنت نائماً عندما خرج العم يوسف ورجاله من البيت في الساعة الثانيةصباحا وعادوا قبل الفجر بقليل ، قال لي وهو يلكزني بكعب بندقية :
ـ انهض أيها الشاب .
فتحت عينّي وجدتهم جميعهم حولي مبتسمين .. سألت :
ـ ماذا حدث ؟! .
قال لي زبانه :
ـ لقد ضربناهم .. قتلنا الكثير منهم
ـ حقاً ، ثم لمّ لم تدعوني أذهب معكم ؟!.
رفع العم يوسف البندقية عالياً وقال :
ـ هذه بندقيتك سترافقنا في المرة القادمة .
قفز بوعلي واحتج قائلاً :
ـ لا .. مازال صغيراَ .
- ـ لقد كبر ..
قال ذلك وقذف البندقية في حجري .
بقيت جالساً في فراشي والبندقية في يدي .. كنت فرحاً أتمنيت طويلاً حمل البندقية مثل أبي ، أبي مات شهيداً ، مات واقفاً وبيده بندقيته ، بكيت بشده ، كم تمنيت الانتقام لأبي ، فجأة قفزت من فراشي ، وركضت إلى البدروم وصوبت فوهة البندقية على رأس الأسير الفرنسي فأخذ يصرخ من الخوف حتى تبول على بنطلونه ، والعرق يسيل من جبهتي رغم برودة المكان وينقط على كعب البندقية ثم يمر إلى الزناد لينحصر هناك ، لحقني العم يوسف وتبعه الآخرون ، سحب من يدي البندقية وهمس:
ـ اهدأ بني .
ارتميت على صدره وأجهشت بالبكاء .
في اليوم التالي أخبرني العم يوسف أن الجندي الفرنسي قد مات ، قال لي سعدي مبتسماً : ـ لقد أخفته .
لم أعلق ، كنت أحب مواجهة الجندي في ساحة المعركة .
دار نقاش حاد بين بوعلي والعم يوسف بسببي ، لم يكن بوعلي يوافق على ذهابي معهم للقتال مبرراً بأني مازلت طفلاً ، فدخلت عليه غاضباً ووقفت إمامه مستعداً لمصارعته .. صحت :
ـ هييه .. دعني أر قوتك .
قال بلا مبالاة :
ـ أبق في فراشك .
فعجلته بلكمه بوجهه ، لم يترنح ، لكمني بقوة حتى سقطت متألماً ، لكني نهضت كالثور وحملته ورميته بعيداً ، وشجعني العم يوسف ورجاله :
ـ هيا بني .. دعه يُرِى قوتك .
نهض بوعلي مسدداً لي عدة لكمات قوية ، ترنحت لكني بقيت واقفاً ، لم أسقط . أنفي وفمي ينزفان ، ثم سدد لكمه قويه قذفت بي أرضاً ، تقدم بعد ذلك نحوي ومد يده ليرفعني , صافحني ,ً وشدني إلى صدره واحتضنني بقوه .
مليكه وزوجها استشهدا في كمين نصب لهما .
أخبرنا أحدهم أنه تم القبض على جميلة بوحيرد .. لم نصدقه .
عرفناه بعد أيام أن الخبر كان ملفقاً من قبل الفرنسيون .. تحولت جميله إلى أسطورة .
 
يعطيك العافية اخي
رأي في قصة هي كويسة
بس بفضل لو انك بدأت القصة بوصف الشخصيات الموجودة في القصة وتوصف المكان الي موجودين فيه
فى البداية انت بدأت بالعقدة على طول بس المفروض تكون البداية هادئة
وبعدها تبدا الامور تتعقد أكثر
بتمنى تتوفق فى كتابة القصص لأن عندك طريقة جملية جدا في وصف الأحداث.
 
والله شي عظيم اابداع ومزيد من التقدم
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top