بسم الله الرحمن الرحيم
مدونة
" الجزائر الحقيقة "
القصة كاملة
يكتبها : بلعون محمد من الجزائر
Sonaa_oran@yahoo.fr
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على الهادي الأمين و بعد:مدونة
" الجزائر الحقيقة "
القصة كاملة
يكتبها : بلعون محمد من الجزائر
Sonaa_oran@yahoo.fr
"دزاير" أو "الجزاير" أو "الجزائر" أو "Algérie" أو "Algeria "، ذلك البلد المسلم العربي الافريقي الذي تتجاوز مساحته مليوني كلم مربع،شعبه شعب مسالم،وفيٌ لتطلعاته، محب للحياة،شعب مناضل و مكافح، تعداده أكثر من 32 مليون نسمة، 72 بالمائة منهم من فئة الشباب...
نعم شعب شاب في بلد شاب عمره 45 سنة... نعم ألا تعلم أن الجزائر استقلت سنة 1962 بعد ثورة مسلحة دامت أكثر من سبعة سنوات و مقاومة شعبية امتدت طوال القرن و النصف قرن من الاحتلال الفرنسي للجزائر.
للجزائر ثورة "مقدسة" و يصفها الشعب "بالمباركة" كان ثمنها أكثر من مليون و نصف مليون شهيد ، و التي أطاحت بأكبر قوة استدمارية في ذلك الوقت، ثورة توجت بأشهر المفاوضات التي عرفها القرن العشرين، إنها مفاوضات "إفيان" التاريخية والتي توجت بدورها بأغلى إنجاز للشعب الجزائري "إنه الاستقلال" .إلى هنا أكون قد استعرضت ميلاد الجزائر التي أرادها الشهداء "الجزائر الجزائرية" و "جزائر للجزائريين" و " جزائر الديمقراطية"، صفتان لم نعد نلمسهما منذ وفاة القائد الرمز الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي عاشت الجزائر في حقبة حكمه أحلى أيامها، أنه عهد القوة و المجد و العزة ، أين أَمَمْنَا النفط بل واستعملناه كسلاح ضد الغرب، أنه الشموخ اللا متناهي،أيام الرجولة الفعلية،لكن الرئيس مات سنة 1978 أنها سنة التحول الرجعي ،ليبدأ بذلك الانحطاط السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي ، فبتولي الرئيس الشاذلي بن جديد سدة الحكم،تحول المجتمع الجزائري إلى قنبلة موقوتة، و تجردت السياسة من قيمها لنعيش عهد الحزب الواحد، حزب سيره أشخاص مهتمين فقط بملء الجيوب و بناء الفلل، وشراء السيارات، و اجتهدوا في تعلم كل ما يستنزف أموال الخزينة العمومية و ثروات هذا الوطن الحبيب.و طوال الفترة الممتدة من سنة 1979إلى سنة1988 لم يرتق المجتمع الجزائري قيد أنملة بل تراجع إلى الوراء ، و انفجر صمام الأمان سنة1988 في أشهَر انتفاضة شعبية في تاريخ الجزائر الفتية المستقلة ،حيث خرج كل الشعب إلى الشوارع و الساحات العامة في اعتصام "سلمي"، لكن الحكم البوليسي الدكتاتوري حول هذا الاعتصام السلمي إلى أبشع الجرائم و أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان، لكن الشعب المناضل قال كلمته و كانت حاسمة رغم كل القمع و كان الثمن باهظ جدا ، المهم أن هذه الانتفاضة أنجبت ما يعرف بالتعددية الحزبية لأول مرة في تاريخ الجزائر و تشكل بذلك اكثر من 60 حزب سياسي بكل التيارات ،حتى الجامعة عرفت انتعاش في ما يسمى بـ"الوعي السياسي" و شكلت المنظمات الطلابية.. إلى هنا كل شيئ على ما يرام ، لتصبح الجزائر رمزا للديمقراطية في دول العالم الثالث.وجاء ت الانتخابات البرلمانية سنة1991 و خاضت كل الاحزاب هذه الانتخابات، و كانت المفاجأة ،إنها الفوز الساحق "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" أول حزب اسلامي بالجزائر و كان الفوز بالاغلبية الساحقة كنتيجة لتعطش الشعب الجزائري للحكم الاسلامي كون النظام العلماني أذاق الشعب كل اطعم الويلات.لكن للجيش كلمته رغم التزامه الحياد عادة، حيث لم يرض الجنرالات بفكرة الحكم الاسلامي لتعلن حالة الطوارئ و يحل البرلمان و اعتقل رموز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، و اختلط الحابل بالنابل و كانت الكارثة....
و عادت الجزائر إلى العصر الحجري، و صعد مناضلي الجبهة الاسلامية للانقاذ إلى الجبال بعدما اعلن كوادرهم "الجهاد"، وشكل الجيش الاسلامي الذي أعلن الحرب على الجيش النظامي و النظام، لتصبح الفترة الممتدة من 1992 إلى سنة1999 أحلك حقبة زمنية في تاريخ الجزائر المستقلة،إنها " العشرية السوداء" و التي كان ثمنها 100ألف قتيل و 20 ألف مفقود ، كما عرفت هذه الفترة أبشع جريمة سياسية حيث اغتيل الرئيس الراحل محمد بوضياف برصاصة في رأسه و هو على منصة يخطب على الحضور في قاعة تعرف إجراءات أمنية مشددة ، و حدث لغط كبير في مسألة " من قتل الرئيس" و الجواب مفقود إلى يومنا هذا؟؟.
و انتخب بعد الراحل بوضياف الجنرال اليمين زروال،و الذي عمل جاهدا على اخماد نار الفتنة و الذي سن أجرأ قانون في تاريخ الجزائر ،إنه "قانون الرحمة" الذي ينص على مسامحة من غرر بهم بعد نزولهم من الجبال إلا أن هذا القانون فشل ،و لم يستطع الرئيس زروال تحمل الضغط الهائل الذي سببه قانون الرحمة فتنحى عن الرئاسة و دعا إلى انتخابات رئاسية مبكرة سنة 1999 ، وكانت هذه السنة بمثابة طوق النجاة للشعب الجزائري حيث انتخب عبد العزيز بوتفليقة و الذي غاب عن الساحة السياسية منذ وفاة الرئيس بومدين، عاد و هو عازم على إرجاع المياه إلى مجاريها، أعطى أولوية بالغة للملف الأمني، وعمل على استئصال الإرهاب بسنه قانون " الوئام المدن" و الذي ضمن جملة من الحقوق للذين غرر بهم و لم تتلطخ أياديهم بدماء الأبرياء، و كانت النتائج سحرية و غير متوقعة ، و استتب الأمن ، و عرفت الجزائر إعادة هيكلة شاملة في جميع القطاعات، و عززت الجزائر من مكانتها الدولية و الاقليمية و انتعش الاقتصاد ، و أعطى الشعب للرئيس مرة اخرى الثقة في الانتخابات الرئاسية سنة 2004 ، و أصبحت لكل وزارات ورشات ، و لكن لا يزال بالملف الأمني خلل مقلق حيث لم تستجب كل الجماعات المسلحة لنداء الوئام المدني، فسن الرئيس مرة أخرى قانون شامل إنها " المصالحة الوطنية" ليرفع الشعب مع الرئيس شعار " عفا الله عما سلف " و قال الشعب نعم للمصالحة في استفتاء شعبي و عم الامان و اعتبر المفقودين كضحايا للمأساة الوطنية و تلقى ذويهم تعويضات مادية و عولج بذلك الملف الامني، لتتواصل برامج التهيئة و زادت نسبة الاستثمارات و ارتقت الخدمات و سدد جزء كبير من الديون الخارجية و عرفت الخزينة العامة بحبوحة مالية ، و بدا بذلك أن كل المشاكل قد حلت.لا ، لا لم تحل بعد.فالمجتمع مسموم بأفكار غربية ، البطالة ، انحراف، أفات الاجتماعية،مخدرات، اعتداء على الناس في وضح النهار ، هذه هي الجزائر الحالية ،فالفقر فعل مافعل ، الشعب جائع و منه من يقتات من القمامة ، معدل الدخل الفردي اليومي3 دولار يوميا ، أمية منتشرة ، وشبح الهجرة السرية يسيطر على الشباب ، فساد إداري و بيروقراطية ، هذا ما تسبب في انعدام الثقة بين الحاكم و المحكوم، و لم يعد الرئيس سوى رمز يظهر في المناسبات الرسمية واقتصر الخطاب السياسي على ثلة من الناس و كممت الأفواه و صودرت الحقوق الفردية و الجماعية و عمت البلطجة و غاب الدور الفعلي للمجتمع المدني و غاب كل ما يدل على النهضة و الجميع الجميع الجميع يسعى للمال و السلطة...
قد تعتقدون أن هذه المشاكل مشتركة بين معظم دول العالم الثالث، لا فالجزائر نموذج خاص، نموذج مليء بالتجاوزات و المغالطات و القمع الفكري و الفساد و ازدواجية الولاء و انعدام الأخلاق و تضارب المصالح و تزايد الفضائح، كما أجزم ان كل الجزائريين يعرفون رموز الفساد بالبلاد ، و لكن الديمقراطية المستورد على مقاس هؤلاء الرموز لا تمكننا من التكلم عليهم كأقل تقدير ، و هكذا أصبح الشعب لا يسمع لا يرى لا يتكلم ، حتى قطاع الخدمات العمومية أصبح يمثل أكبر رموز الفساد و المحسوبية و البيروقراطية ، عليك فقط أن تدفع 200 دينار جزائري(1.5دولار) لتحصل على أي وثيقة تريد؟؟؟.نعم هذا هو حالنا،مع العلم أن هذه الخدمات من المفترض أن تكون مجانية.
و حتى الجامعة التي من المفترض أن تنجب القيادات الرشيدة و الزعامات الحكيمة أصبحت هي أيضا رمز من رموز الفساد، و أعني بالجامعة كل الجامعة من طلبة و مسيرين ،فالطلبة المنضوين تحت ألوية مختلف المنظمات الطلابية أصبحوا يتاجرون بالاسم الطالب و حقوقه التي يصادرونها بعد التحصل عليها،ومن هنا نسجل أيضا مدى سذاجة الطلبة الذين يتاجر بأسمائهم فهم أيضا طرف في معادلة الفساد الجامعي، و الكارثة انه أصبح اسم كل تنظيم يمثل الحزب معين لتحزب الجامعة ،أما عن الإدارة فحدث و لا حرج، حيث تتجلى كل أنواع الفساد الإداري و المالي كل شي تشوبه الضبابية و لا مكان لمصطلح الكفاءة بل كل واحد يساوي قدر ما يدفع، و فضائح الأساتذة الوهميين أكبر دليل على ذلك؟؟؟.
أما عن المجتمع المدني،فقد ابتعد ممثلوه كليا عن المسار المطلوب، ليصبح غرض تأسيس جمعية يدل على أمرين لا أكثر فإما لخدمة حزب معين أو للاستفادة الشخصية من الإعانات المالية التي تقدمها الدولة، لتصبح الجمعية عبأ على المجتمع بدلاً من أن تكون سندًا له.
لكننا نحن دعاة الاصلاح و الرشاد سنعمل إن شاء الله على جعل الجزائر كما أرادها الشهداء، نقية كاللبن الأبيض، صافية كالماء العذب، متلاحمة كالفولاذ، متحدة كالنحل، و مجتمع متعاون مع بعضه كالنمل...
بلعون محمد