المسجد الأقصى بين مخاطر الانهيار وضرورة الإنقاذ

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

محمد العباسي

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
11 أكتوبر 2007
المشاركات
1,362
نقاط التفاعل
37
النقاط
37
الجنس
ذكر

MasjidQibli1_l.jpg
تعهد رئيس وزراء العدو المستقيل «الإسرائيلي» أيهود أولمرت، في (29/01/2008)، أمام رئيس حزب شاس الصهيوني إيلي يشاي، بأن «إسرائيل» لن تجمد الاستيطان في القدس، كما أن وزير الحرب إيهود باراك تعهد بدراسة عدم وقف الاستيطان في جبل أبو غنيم بالقدس، ثم اتخذ مجلس حاخامات يشاي قراراً مفاده إذا بدأت الحكومة «الإسرائيلية» بالتفاوض مع الفلسطينيين حول مصير القدس فإن الحزب سينسحب من الحكومة فوراً.
وفي سياق هذه السياسة الصهيونية المبرمجة التي تستهدف جميع المقدسات الإسلامية في فلسطين، فإنه يوم (الخميس 13/3/2008) قام عشرات الصهاينة باقتحام ساحة الأقصى المبارك ومنبر صلاح الدين، وفي ذات السياق كذلك شرعت سلطة وجيش الاحتلال الصهيوني بتسجيل ممتلكات عقارية عربية وأوقاف إسلامية في البلدة القديمة بالقدس في قسم التسجيل بوزارة الداخلية الصهيونية «الطابو»، وتسجيلها على أساس أنها أملاك يهودية وتقوم بإطلاق أسماء عبرية عليها رغم أنها أملاك عربية كانت تتبع الوقف الإسلامي.
فالكيان الصهيوني الغاصب يواصل إرهابه وإجرامه الدموي بغطاء ومباركة دولية، عبر الاعتداءات والاقتحامات وعبر التوسع في المشاريع الاستيطانية في القدس المحتلة وإنشاء المزيد من المغتصبات وتسمين القائم منها وطرح مناقصات لبناء أحياء استيطانية جديدة على أراضي صور باهر والمكبر، ناهيك عن القضم المنهجي لما تبقى من أرض مقدسية أتى عليها جدار الضم/ الفصل العنصري.
في الوقت نفسه تتواصل الحفريات أسفل المسجد الأقصى حتى بلغت أخطر مراحلها، وتهدد بقاءه تمهيداً لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
إن الموقف الصهيوني ليس بالجديد بل إنه الموقف الطبيعي، إلا أن ما هو غير طبيعي هو هذا التخاذل العربي المطبق عن النصرة، نعم هناك أصوات تعلو هنا وهناك ولكنها تبقى أصواتاً باهتة، وغير مؤثرة، لقد غاب التأثير مع غياب التحرك المنظم لإنقاذ الأقصى والقدس، فلا نكاد نلمس ردود فعل عربية أو إسلامية قوية على عمليات التخريب والتهويد والتشويه المستمرة والمتواصلة، وكأني بأن ما يجري في هذه البقعة المقدسة هو خارج هذا العصر الصهيو ـ أمريكي بامتياز.
القدس اليوم في أخطر مراحل احتلالها، ومؤتمرات القمة العربية والإسلامية لم تنجح في توجيه أية رسائل تفيد بأن الأمة تتحرك وتتصدى، مما يغري بالمزيد من التطرف والمزيد من الأذى.

السكان
وتتباين الإحصاءات لكن 750 ألف نسمة تقريباً يسكنون ما تطلق عليه إسرائيل بلدية القدس التي تغطي مساحة تبلغ 128 كليومتراً مربعا. وثلث السكان تقريبا من العرب معظمهم مسلمون وبعضهم مسيحيون وهناك نصف مليون يهودي. ويعيش نحو نصف اليهود وغالبية العرب في المناطق التي كان يحكمها الأردن حتى عام 1967. ولا يحمل معظم الفلسطينيين من سكان القدس الجنسية الإسرائيلية لكنهم يحملون وثائق تمنحهم حرية السفر داخل إسرائيل. ويستطيع هؤلاء السكان السفر إلى الخارج بوثائق إسرائيلية، وهم يدفعون ضرائب لإسرائيل ويستطيعون الحصول على الخدمات العامة ويستطيعون التصويت في الانتخابات المحلية لكنهم نادرا ما يفعلون، ولا يستطيعون التصويت في الانتخابات العامة.

الصراعات
تسعى إسرائيل أن تكون القدس عاصمتها الموحدة. لكن منذ اتفاقات اوسلو عام 1993 تجري مفاوضات مع بعض القيادات الفلسطينية التي تريد أن تقيم عاصمة لدولتها في نهاية المطاف في القدس.
ومن بين النتائج المحتملة إقامة عاصمة فلسطينية في المنطقة الشرقية من القدس مع التوصل إلى صيغة ما لسيطرة مشتركة أو دولية على الأماكن المقدسة. وترفض معظم القوى والحركات وعموم الشعب الفلسطيني التنازل عن القدس أو عن أجزاء منها.
فإسرائيل تمضي ببناء مستوطنات يهودية تفصل القدس الشرقية بالفعل عن الضفة الغربية ومن خلال التفرقة في المعاملة التي تدفع الفلسطينيين إلى الرحيل عن المدينة المقدسة.
ويواجه العرب كثيرا من العقبات للحصول على حق الإقامة في القدس وبخاصة إذا عاشوا خارجها لأي فترة من الزمن وأنهم لا يحصلون عادة على تراخيص لبناء منازل جديدة كما أن خدمات البلدية ضعيفة في مناطقهم. ويقتطع الجدار العازل في الضفة الغربية بالفعل بعض المناطق النائية التي يسكنها عرب من بلدية القدس عن مركز المدينة.
ويدرك الجميع بما فيهم الكثير من الإسرائيليين، بأن الممارسات والإجراءات الإسرائيلية بحق المقدسيين العرب، تدفع بهم إلى التصدي ومقاومة الاحتلال والدفاع عن حقوقهم ووجودهم في المدينة المقدسة، وأن جذر المشاكل وسببها المباشر هو الاحتلال، والذي يقتل الإنسان المقدسي في اليوم ألف مرة، فماذا يتوقع الإسرائيليون والمجتمع الدولي، من أسرة ونتيجة للتقسيمات الإسرائيلية، بأن تكون خلف الجدار، ويتوفى أحد أبنائها وكون مقبرة البلدة واقعة داخل الجدار تحرم من دفن فقيدها في مقبرة البلدة، وتحتار مع ما يمكن عمله بالجثة؟!
وواضح جداً أن هناك شيء ما يدبر للسكان العرب المقدسيين، وهو يندرج ضمن السياسة الإسرائيلية الداعية إلى تقليل عدد السكان العرب المقدسيين في المدينة إلى أدنى حد ممكن.
ومن هنا يجب التنبه جيداً لطبيعة الاستهداف الإسرائيلي للمدينة المقدسة، حيث دعت النائبة الإسرائيلية «استرينا طرطمان» إلى منع الأذان من المسجد الأقصى عند صلاة الفجر، بحجة أن ذلك يزعج السكان اليهود، والمشكلة ليست في الآذان، بل بما يمثله من وجود عربي – إسلامي في المدينة المقدسة، وهذا مصدر قلقها وانزعاجها هي وحكومتها، وكذلك يعكف مستوطنو الجمعية الاستيطانية المتطرفة «عطروت كوهنيم» على اقامة كنيس يهودي على سطح حمام العين في البلدة القديمة، ويترافق ذلك مع أعمال حفر واقامة أنفاق أسفل المسجد الأقصى، والعمل على إقامة كنيس يهودي ملاصق له، تمهيداً لخطة لاحقة للسيطرة على المسجد الأقصى، وإعادة بناء ما يسمى بالهيكل المزعوم مكانه.
والحقيقة التي لابد من الاعتراف بها وإقرارها هي أنه تواجه مدينه القدس المحتلة خصوصاً البلدة القديمة منها هجمة استيطانية يهودية شرسة تستهدف في المقام الأول النيل من عروبة وإسلامية هذه المدينة المقدسة ومحاولة طمس وتشويه وجهها وأصالتها العربية تحت ادعاءات واهية وافتراءات لا حجة لها.

التمييز في مجال التخطيط والبناء
وبيّن التقرير أنه منذ عشرات السنين لا تتوافر إمكانيّة قانونيّة لاستصدار تراخيص بناء في شرقي المدينة، ولعل ذلك بسبب مصادرة الأراضي لصالح اليهود، ومشاكل في التسويات التخطيطيّة لسائر الأراضي، بالإضافة إلى الإجراءات والتقييدات الإداريّة ذات التكلفة الباهظة.
وذكر أن نسبة البناء المسموح بها تتراوح (النسبة من مساحة الأرض التي يُسمح بالبناء عليها، بما في ذلك البناء إلى الأعلى)، التي حُدّدت في معظم أحياء القدس الشرقيّة، تتراوح بين 25% إلى 75%، مقابل 75%- 125% في القدس الغربيّة.
ويتمتّع سكّان الأحياء اليهوديّة في القدس بعمليّة إعمار واستثمارات غير مسبوقة، بالمقابل يتم تقييد البناء القانوني في صفوف السكّان الفلسطينيّين، وتقليص الحيّز الجغرافيّ لتطوّر الأحياء العربيّة.
وأكد التقرير أن الخارطة الهيكلية المحلّـيّة «القدس 2000» التي صادقت عليها اللجنة المحلّـيّة للتخطيط والبناء ترسخ السياسةَ التمييزيّة المقصودة من خلال تخصيص غير كافٍ لوحدات السكن، ومصادر التشغيل، والبنى التحتيّة للسكّان العرب في القدس.
ونتيجة هذا التمييز، بُنيت (وما زالت تُبنى) جميع البنايات في القدس الشرقيّة دون تراخيص بناء، ويعيش السكّان فيها باكتظاظ شديد وبخوف دائم من إقدام السلطات على هدم بيوتهم، ويتبيّن أنّ العدد الكبير من البيوت غير المرخّصة لا يدلّ ذلك على عدم الامتثال للقانون، بل على أنّ جهاز التخطيط في البلدية، الذي لا يتعامل مع الاحتياجات الحقيقيّة للسكان المقدسين.
وأوضح التقرير أنه بالرغم من مسؤوليّة البلديّة عن البناء غير المنظم إلا إنها تنفذ سياسة فرض القانون والمعاقبة (السياسة التي تشمل هدم البيوت وفرض الغرامات الماليّة) من خلال التمييز بين شطرَيِ المدينة. فعلى سبيل المثال، وُجِدت 85% من مخالفات البناء في القدس الغربيّة ، لكن 91% من أوامر الهدم الإداريّة أُصدرت ضدّ البناء في القدس الشرقيّة.

الزحف الاستيطاني
وما يجري الآن في البلدة القديمة من القدس خصوصاً ما يتعلق بالزحف الاستيطاني وانتزاع البيوت من ملاكها هو في حقيقته بداية لمخطط صهيوني رهيب لم تعد أهدافه خافية على أحد فالمتطرفون اليهود في البلدة القديمة وبدعم كامل من سلطات الاحتلال يمارسون كافة الضغوط ووسائل الترغيب والترهيب ضد أهلها.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أدخلت في عام 2002 تعديلاً على «قانون التجنيس الإسرائيلي» المعدل عام 2002 يمنع خلاله الزوج في العيش مع زوجته في القدس، إذ أنه لا يحمل الهوية المقدسية التي تخوله من ذلك، الأمر الذي يعني أن كامل الإجراءات ومعاملات لم الشمل التي كانت بانتظار الرد قد توقفت بالكامل.
وبحسب القانون الجديد يجب عند تقديم جمع الشمل لأحد سكان السلطة الفلسطينية أن يكون سن المطلوب شمله للرجال 35 عاما، وللنساء فوق سن ال25، أي أن بعض الحالات تضطر للانتظار على الأقل عشر سنوات للبدء بهذه الإجراءات.
بالإضافة إلى أنه يمنع النظر في الطلب نهائيا في حالة «وجود موانع أمنية» والتي يمكن أن تكون مظلة تندرج تحتها قائمة طويلة من الأسباب، ويشترط دفع رسوم الطلب وهي 1350 شيكلاً والتي يمكن أن يضطر مقدم الطلب إلى دفعها سنويا كون القانون ينص على أن الطلب يجب أن يجدد سنويا.

المخططون لتهويد القدس
يخطئ من يظن أن الذي يعمل على تهويد مدينة القدس هو رئيس البلدية الإسرائيلي تيدي كوليك أو رئيس الوزراء أو أعضاء مجلسه... لأن الحركة الصهيونية وهي الأداة المركزية قد أعطت لعدة فرقاء صلاحيات متنوعة ومختلفة حتى يقوم كل ضمن اختصاصه في تنفيذ المخطط الصهيوني.
وقد كشفت حركة العمال«الهستدروت» أن أحد أجهزتها يطلق عليه اسم «شعبة الاستيطان» قد أعد مشروعاً لمضاعفة عدد السكان اليهود في القدس خلال الخمسة والعشرين عاماً القادمة وقد عرض هذا المشروع رسمياً على حبس القدس الكبرى وأن هذا المشروع وجد تأييداً وحماساً وجرى تأليف طاقم من المخططين برئاسة المهندس يوسي نعيم لدراسته وتقديم التوصيات للعمل على تنفيذه بأسرع وقت ممكن.
ومشروع «الهستدورت» من حيث امتداد حدود القدس إلى المدن العربية المجاورة قد لا يختلف عن غيره من المشاريع الصهيونية الأخرى التي استهدفت مصادرة الأراضي العربية المجاورة... فهذا المشروع الجديد يقترح امتداد حدود القدس شمالا إلى بيت إيل أي شمال رام الله وجنوباً إلى كفر عتسيون جنوبي بيت لحم ومن باب الواد حتى «أدوميم» شرقاً أي بالقرب من أريحا.
ولكن الجديد في مشروع «الهستدروت» هو قناعة واضعي المشروع استحالة استمرار التعايش العربي الإسرائيلي لهذا فإن أول عمل يطالب المشروع تنفيذه هو إلغاء مقبرة «مأمن الله» التي تحتل مساحة واسعة في قلب مدينة القدس وإقامة أحياء تجارية وسكنية عليها لإزالة كل أثر من الآثار العربية والإسلامية في تلك المنطقة. كما يوصي المشروع بمنح طائفة «المورمون» ترخيصاً لإقامة جامعة على الأراضي العربية المصادرة في منطقة جبل الزيتون لأن هذه الطائفة التبشيرية ستساعد على إزالة التراث والوجود العربي.

التنظيم الإرهابي وتدمير الأقصى
ويؤكد مشروع «الهستدروت» أن هذا المشروع هو الذي يضمن بقاء «القدس الإسرائيلية» إلى الأبد وأنه لا بد من تطبيقه بشتى الأساليب والوسائل ولو كان بين تلك الأساليب والوسائل تشجيع الجماعات الإرهابية لطرد العرب من القدس أو على الأقل للتخفيف من نسبتهم فيها.
وطبعاً هذا المشروع يعيدنا إلى عصابات التنظيم السري اليهودي التي ثبت بأن أعضاءها ليسوا من الجماعات المتديّنه رغم انتمائهم إليها وأن معظمهم من جنود الجيش الإسرائيلي وأن السلاح والقنابل الذي استعملوه هو من سلاح الجيش الإسرائيلي وقد حصلوا عليه بطرق رسمية من مستودعات الجيش.
وقد نشرت صحيفة «دافار» تقريراً عن أعمال هذا التنظيم لا بد من نشر بعض مقتطفاته للوقوف على مخططات تهويد مدينه القدس بأي أسلوب وبأي وسيلة.
.. و«بعد الإطلاع على ما كان يريد أفراد عصابة التنظيم السري القيام به وبعد اكتشاف ذلك التنظيم أصبح مؤكداً بأن هؤلاء الأشخاص كانوا مصرين على الأقدام على عمل إجرامي لا يمكن تقدير نتائجه فقد إتضح تماماً أن تلك العصابة كانت تخطط لنسف وتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وأنهم على استعداد لفعل ذلك حتى لو اضطروا لمهاجمته بالطائرات من الجو... هذا الكشف لا يمكن المرور عليه بسهولة أو التعامل معه مثل غيره من المعلومات التي كشفتها أجهزة الأمن أثناء وبعد إلقاء القبض على أفراد العصابة ويدفع كل من يملك من عقلاً وحكمة المطالبة بالوقوف عند هذا الحد ودراسة الوضع وتحديد حجم المخاطر الهائلة التي تحيط بإسرائيل في حالة قيام هذه العصابة بمثل هذا الهجوم وهذه المتفجرات وغيرها من الاعتداءات التي ارتكبت ضد المواطنين العرب. والمعروف أن المسجد الأقصى هو المكان الأكثر قداسة عند مئات الملايين من المسلمين وهو المكان الثالث بعد مكة والمدينة وأن ملايين المسلمين ليسوا في الدول العربية فقط بل هم موزعون في أرجاء العالم في آسيا وأفريقيا وشرق أوروبا»...
وطالعتنا وسائل الإعلام بخبر بدا صغيراً لأول وهلة، ولكن أبعاده ليست بأقل أهمية وخطراً من أكبر الكوارث التي وقعت في بلادنا منذ بداية الاحتلال الظالم.. فلعل القارئ قد سمع وربما لم يسمع عن انهيار جزء صغير من أرضية المسجد الأقصى المبارك في الجهة الغربية من المسجد بين بابي القطانين والسلسلة.. مجرد جزء صغير.. وعلى امتداد مساحة صغيرة لا تتعدى متراً ونصف المتر طولاً وعمقاً... ربما بدا الأمر إلى هذه اللحظة بسيطاً وليس فيه ما يثير الضجة.
ولكن الأمر في حقيقته أخطر وأكبر وأشد مما يبدو، ويتجلى خطره وأبعاده الهائلة في بعديه: الزماني والمكاني.. فمن حيث الزمان، يأتي ذلك الانهيار الصغير في وقت أعلن فيه عن حفرية جديدة تصل إلى تحت البلدة القديمة من حائط البراق، ويأتي في الوقت نفسه الذي حدثت فيه هزة أرضية صغيرة بقوة 4 درجات تقريباً في القدس في نفس وقت الانهيار، وكان مركز هذه الهزة بحيرة طبريا ولم يشعر بها الكثير من السكان في القدس والمناطق التي حولها.. ولكن الانهيار حدث بُعَيد هذه الهزة الصغيرة ليدق ناقوساً شديداً لكارثة بدأت تدك جسد المسجد الأقصى المبارك الذي وقع في الخطر الحقيقي والفعلي منذ احتلاله قبل أربعين عاماً ونصف.
وأما المكان، فهذا الانهيار هو الأول في داخل الجهة الغربية للمسجد الأقصى المبارك، مع العلم أن أول تصدع من هذا الشكل كان قد حدث في بدايات ثمانينيات القرن الماضي، عندما تم البدء بتوسيع ما يسمى (نفق الحشمونائيم) قبل أن يتم افتتاحه بعد أكثر من عشر سنوات على تلك الحادثة، ولكن الفارق بين هذه الحادثة وتلك أن التصدع الذي تسبب فيه العمل في ذلك النفق في الثمانينات من القرن الماضي كان قد حصل خارج المسجد الأقصى المبارك، وكان ذلك في مباني المدرسة المنجكية، ولكن التصدع هذه المرة وصل إلى قلب المسجد الأقصى المبارك، بل وفي أكثر المناطق المطروقة في المسجد الأقصى المبارك، حيث من المعروف أن باب السلسلة هو أحد الأبواب الرئيسية الثلاثة التي تفتح خمس مرات يومياً في الأقصى، وهي باب الأسباط، وباب الناظر، وباب السلسلة (بينما لا تفتح بقية الأبواب إلا في النهار). وباب القطانين هو أكبر البوابات وأكثرها ارتباطاً بأهم المواقع في تلك الجهة وعلى رأسها المدرسة الأشرفية والعثمانية والزاوية الوفائية وغيرها، والرواق الغربي للأقصى المبارك هو أقرب الأروقة للمدرسة التنكزية المحتلة التي تم الكشف سابقاً عن مخطط لتحويلها إلى كنيس كبير ملاصق لحائط البراق بحيث يتم تأمين تلك المنطقة كلها لضمها للمناطق اليهودية الخالصة التي على رأسها حائط البراق المحتل.
إن قراءة متأنية لما يمكن أن يحدثه مثل هذا الانهيار من تطور في قضية المسجد الأقصى المبارك تظهر فداحة الكارثة التي يمثلها هذا الانهيار – على صغر حجمه – في الأقصى، حيث إن أشد ما أخشاه أن تتحول مسألة الانهيار إلى ذريعة صهيونية للتدخل السافر في الساحات الغربية داخل المسجد الأقصى المبارك بحجة حماية اليهود في الأنفاق التي تحته أو منطقة حائط البراق خارج الأقصى المبارك بما يمهد لضم المنطقة الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى المبارك بالكامل إلى الحوض اليهودي الذي خرج عن سيطرة المسلمين منذ ستينات القرن الماضي كما سبق وحذرت من ذلك عدة هيئات وشخصيات عربية وإسلامية.
إن انهيار هذا الجزء من أرضية المسجد الأقصى المبارك يظهر أن سبب كل الانبعاجات التي طرأت على أجزاء من سور الأقصى، وجميع المشاكل البنيوية التي تحصل في المسجد الأقصى المبارك وبدأت تظهر واضحةً للعيان ليس أعمال الترميم التي يجريها المسلمون داخل الأقصى كما تزعم سلطة الآثار الإسرائيلية، وإنما هو الحفريات، والحفريات فقط... ولا شيء غير هذه الحفريات التي باتت تنخر عظام المسجد الأقصى المبارك كالسوس.
وهنا أجد من الهام جداً أن أعيد التأكيد على قضية خطيرة جداً.. وهي أن التركيز على قضية الحفريات والانهيارات في أرضية المسجد الأقصى المبارك في الفترة الحالية ينبغي أن لا تلفت نظرنا عن الخطر الحقيقي على المسجد الأقصى المبارك، وهو الاحتلال نفسه، فالاحتلال وقع قبل أربعين عاماً، والاحتلال كان وما زال وسيبقى الخطر الأكبر الذي كان يتهدد الأقصى ووقع المسجد تحته فعلياً سنة 1967م، وكل ما نراه اليوم ما هو إلا نتيجة لذلك الاحتلال الظالم، وكل هذه الانهيارات لا تعدو أن تكون مقدمة لاستكمال الاحتلال بإخراج المسجد الأقصى المبارك أو أجزاء منه من حوزة المسلمين نهائياً، وما حائط البراق منا ببعيد.


عن نشرة الجهاد لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top