إيران والفوضى الخلاقة...!!

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

عمار صادق

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 فيفري 2009
المشاركات
2,585
نقاط التفاعل
17
النقاط
77
إيران والفوضى الخلاقة...!!​
منذ أعيد انتخاب أحمدي نجاد رئيسًا للجمهورية الإيرانية للمرة الثانية في الثاني عشر من يونيو الماضي وخروج كلٍّ من مير حسين موسوي ومهدي كروبي مهزومين من المعركة الانتخابية واشتعلت الاحتجاجات والمظاهرات في إيران مطالبة بإعادة الانتخابات أو على الأقل إعادة فرز الأصوات، وذلك على خلفية اتهامات بحدوث تجاوزات في العملية الانتخابية.

ورغم محاولات النظام الإيراني وفي مقدمته المرشد الأعلى للجمهورية التدخل لوقف تلك الاحتجاجات إلا أنها لم تكد تتوقف حتى تندلع مرة أخرى كلما وجدت لذلك سبيلاً وكأن أحدًا يحول بين استعادة الهدوء في البلاد.

وعلى الرغم من أن المعارضة الإيرانية تصرح ليل نهار أنها جزء من النظام الإيراني وتحترم الدستور وتعترف بولاية الفقيه إلا أن تلك الاحتجاجات أخذت في التطور والتصاعد لتبدأ بمظاهرات سلمية مطالبة بإعادة فرز الأصوات والاحتجاج على نتيجة الانتخابات الرئاسية، ثم تطورت لتهاجم رأس الدولة متمثلاً في مرشدها الأعلى وتمزيق صوره في شوارع طهران، ثم ما لبثت تلك الاحتجاجات أن ظهرت بصورتها الأخيرة في ذكرى عاشوراء ثم في تأبين المرجع الشيعي آية الله منتظري، والتي أخذت منحنى خطيرًا حيث نتج عنها عدد من القتلى والجرحى وتدمير بعض الممتلكات واستعمال الأسلحة النارية وسط اتهامات للنظام بضلوعه في عمليات التصفية الجسدية للمتظاهرين.

والمتتبع لرد فعل النظام الإيراني في التعامل مع المحتجين قد جاء متدرجًا فكانت البداية تجاهل تلك التظاهرات، ثم تجريمها ثم حظرها، ثم نزول أنصار النظام للشوارع في مظاهرات استعراض قوة بالآلاف، وأخيرًا تصادمات بين الأمن والمتظاهرين كانت حصيلتها خسائر بشرية، ومادية في تطور ملحوظ يدعو للتساؤل والبحث عن أسباب ذلك التدهور.

الأسباب الحقيقية للأزمة
لا شك في أنه منذ عام 1979 تاريخ قطع العلاقات الإيرانية- الأمريكية لم تشهد العلاقات الإيرانية- الغربية تطورًا ايجابيًّا بل على العكس من ذلك كان تطور تلك العلاقات في الاتجاه السلبي وذلك نتيجة لعدد من الأسباب أهمها:-
* رفض أحمدي نجاد لأي تدخل خارجي لمنع إيران من حقها في تطوير برنامجها النووي.

* تطلع إيران للعب دور أهم في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها قوة إقليمية كبرى وهو ما لم يعد استنتاجًا بل هو ما أعلنه مسئولون إيرانيون في تصريحات نشرت مؤخرًا.

* تصريحات أحمدي نجاد في أكتوبر 2005 بضرورة إزالة إسرائيل من المنطقة والتي تحتل القدس، تلك التصريحات التي عبرت عن الموقف الإيراني من إسرائيل إضافة إلى إنكار إيران للمحرقة على لسان الرئيس أحمدي نجاد.

* إصرار إيران على موقفها الداعم للمقاومة الفلسطينية واللبنانية بكل صوره سواء إعلاميًّا أو في المحافل الدولية فضلاً عن الدعم المادي واللوجيستي الأمر الذي ساهم في تكبد إسرائيل خسائر فادحة في حربها على الجنوب اللبناني ثم حربها على قطاع غزة على التوالي هذا من جهة، ومن جهة أخرى ساهم في عرقلة مشاريع التسوية التي تم إعدادها والترويج لها بين الدول العربية لتصفية القضية الفلسطينية وبصورة نهائية.

* تذكير إيران الدائم لأمريكا والدول الغربية بأن قواتها المتواجدة في المنطقة سواء في العراق أو أفغانستان هي في مرمى حجر من القوات الإيرانية أو حلفائها في تلك البلاد مما يجعل الدول الغربية غير قادرة على اتخاذ موقف حاسم تجاه إيران على الأرض من مثل تلك المواقف التي اتخذتها ضد العراق.

الفوضى الخلاقة
لكل تلك الأسباب وغيرها دفعت الدول الغربية- خاصة إنجلترا وأمريكا- إلى البحث عن وسائل للضغط على النظام الإيراني للتخفيف من حدة مواقفه المتشددة، فعمدت في البداية إلى إرسال رسائل تهديد على لسان "إسرائيل" عن عزمها ضرب المنشآت النووية الإيرانية ردًّا على تمسك الأخيرة بحقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وردًّا على مواقفها الداعمة لحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية ولم تقابل إيران تلك الرسائل إلا باستعراضات عسكرية وتصريحات قوية تهدد بضرب "إسرائيل" أو أية دولة تنطلق منها هجمات ضد الأراضي الإيرانية مع التأكيد على أن القوات الغربية في العراق وأفغانستان دائمًا في متناول القوات الإيرانية وحلفائها في تلك البلاد الأمر الذي كان يدفع الولايات المتحدة لكبح جماح "إسرائيل" ووقف دورها في هذه المرحلة عند حيز التهديدات والبحث عن بدائل أخرى من الداخل الإيراني لزعزعة النظام بعد أن فشلت سيناريوهات الزعزعة من الخارج في ضوء إستراتيجية الفوضى الخلاقة التي أعلنت عنها كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي في إدارة بوش الابن السابقة والتي تعتمد على إحداث حالة من الفوضى في البلد المراد إحداث تغيير ما فيها (بصورة أو بأخرى....!!!!!) وتوجيه تلك الفوضى لتخرج بالصورة التي تم التخطيط لها بدلاً من التدخل العسكري المباشر والذي لا تستطيع تحمل خسائره ونتائجه غير مضمونة.

ولا شك عندي في أن ما يحدث في إيران هذه الأيام يأتي في إطار مخطط الفوضى الخلاقة الذي تحاول به الولايات المتحدة وإنجلترا تغيير الأمور في إيران ووضع النظام في حالة ضغط دائم وصولاً إلى دفعه لتقديم تنازلات ملحة بالنسبة للإدارة الأمريكية ولا مانع في هذا الإطار من تقديم تنازلات محسوبة لإيران في بعض الملفات مثل المشروع النووي، والاعتراف بدور إقليمي لإيران في قيادة المنطقة، وغض الطرف عن ممارساتها ضد دول الخليج العربي في الاستيلاء على آبار البترول والجزر والهيمنة على مياه الخليج العربي، وهو الأمر الذي ظهرت بوادره في التصريحات الأمريكية أثناء أزمة احتلال إيران لآبار البترول العراقية في الأيام القليلة الماضية والتي صرحت بأن ما يحدث هو أمر عراقي داخلي في حين أن الولايات المتحدة دولة احتلال بموجب قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتلتزم بالدفاع عن أراضي الدولة التي تحتلها.

السيناريوهات المحتملة
بالتأكيد لن يكون من بين تلك السيناريوهات المحتملة انهيار النظام الإيراني نظرًا لما يتمتع به من قوة هائلة سواء على المستوى الشعبي أو على مستوى الحرس الثوري، والذي يعتبر جيشًا موازيًا لقوات الجيش النظامي الإيرانية والذي يخضع لأوامر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية مباشرة والذي لم يتدخل حتى الآن في إحداث الفوضى التي تدور في طهران إلا بقدر تنظيم المظاهرات الضخمة ردًّا على مظاهرات المعارضة الإيرانية.

ولكن السيناريوهات المحتملة في اعتقادي لن تخرج عن أحد اثنين:
السيناريو الأول: ويتمثل في صمود النظام الإيراني أمام كل تلك المحاولات الساعية لزعزعة استقراره وثباته على موقفه من كل تلك الملفات خاصة فيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية واستمرار الوضع على ما هو عليه من شد وجذب لا يرقى إلى الصدام المسلح- الشامل- وهو الأمر الذي يمثل مكسبًا للنظام الإيراني الذي يلعب على عنصر الوقت وكل دقيقة تمر تقربه من تحقيق حلمه النووي وتدعم موقفه الإقليمي وتدع "إسرائيل" ترزح تحت ضغط مستمر من فصائل المقاومة والتي تحقق مكاسب يومًا بعد يوم حتى أنه من غير المستبعد أن يتم تسليم الأراضي اللبنانية المحتلة للبنان حتى لا يعود هناك مبرر لتواجد سلاح حزب الله، الأمر الذي يحمل في طياته انتصارًا للمقاومة وعلى الصعيد الفلسطيني لا زالت "إسرائيل" تتفاوض مع حماس بوجود الوسيط الألماني للإفراج عن شاليط ومن غير المحتمل أن يتم الإفراج عنه إلا بعد تقديم تنازلات مهمة لصالح المقاومة الأمر الذي سيصب في المصلحة الإيرانية بطريقة أو بأخرى.

السيناريو الثاني: أن يعقد التحالف الغربي تنازلات مهمة وحقيقية لإيران مستغلاً البراجماتية الواقعية للنظام الإيراني وسعيه لتسليم الولايات المتحدة وبريطانيا بقيادته لمنطقة الخليج العربي وغيرها..!! ورفع الحصار الاقتصادي عن إيران ووقف التدخل في الشأن الإيراني والاعتراف بحق إيران في التخصيب النووي على أراضيها في مقابل تراجع إيران عن دعم المشروع المقاوم وغض الطرف عن تمرير مشاريع التنازل والتسوية المخطط لها في الشرق الأوسط وضمان أمن إيران للقوات الغربية في المنطقة و....
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top