من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى

الطيب الجزائري84

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جوان 2011
المشاركات
4,033
نقاط التفاعل
4,409
النقاط
191
العمر
39
الجنس
ذكر
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على اله و صحبه اما بعد :
فالسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته


هذه بعض فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعة و اسكنه الجنة
و هذه الفتاوى مقتطفة من الدروس المتوفرة على الشبكة تحت عنوان ( اللقاء الشهري )




__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

حكم الأقمشة المرسوم عليها صور حيوانات أو نساء عاريات



السؤال:
فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو من فضيلتكم الإجابة عن الأسئلة التالية:
توجد بعض الأقمشة النسائية مرسوم عليها صورة حيوانات أو نساء عاريات، تمثل مريم العذراء، أو صورة رجال وأطفال، أو غير ذلك من الصور، وأقمشة أخرى كتب عليها لفظ الجلالة مع أن كثيراً منها لا يتضح للعين إلا بعد الملاحظة والتدقيق، فما حكم شراء هذه الأقمشة، ولبسها والصلاة فيها ؟
وما حكم دخول الحمام فيما كتب عليه لفظ الجلالة ؟
وهل يجوز للبائع بيعها دون أن يعلم المشتري بما فيها ؟ وهل يحل له ثمنها حتى إن أعلم المشتري؟
وما واجب المجتمع -رجاله ونسائه- في القضاء على هذه الظاهرة، وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟


الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
جوابنا على هذا السؤال أن أقول لمقدمه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأما ما ذكره من هذه الألبسة المشتملة على ما ذكر، فإن الواجب علينا مقاطعتها وعدم شرائها، وذلك لأنها محرمة، حيث إنها تشتمل على صور، إما صور حيوانات، وإما صور نساء عاريات، وإما كتابات غير لائقة، وإما كتابات شيء محترم، كذكر الله عز وجل، وكل هذا يوجب مقاطعتها حتى لا يتمكن أعداء الإسلام من الدخول علينا بمثل هذه الأمور التي يستعملها الصغار والكبار، وأهل الشر لهم أساليب في الدعوة إلى الشر، يغزوننا بمثل هذه الأشياء ليمررونها علينا، والشيء إذا مر على الإنسان كثيراً سقطت هيبته من نفسه وصار شيئاً معتاداً، ولهذا كان من الأمثال السائرة المعروفة: (إذا كثر الإمساس قلَّ الإحساس). أما بالنسبة لجلبها وبيعها وشرائها فإنه حرام، ولا يحل لأحد أن يجلب مثل هذه الألبسة إلى بلاد المسلمين، ولا يحل لأحد أن يتولى بيعها على المسلمين، ولا يحل لأحد أن يشتريها أيضاً، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) فإذا كانت هذه الأشياء محرمة، كان ثمنها محرماً، ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يكونوا متيقظين لما يريدهم به أعداؤهم، فنسأل الله السلامة وأن يعيننا حتى نرد كيد أعدائنا في نحورهم.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين


الضابط في الكلام على الجماعات الإسلامية



السؤال:
فضيلة الشيخ! كثر الكلام بين كثير من الناس حول الجماعات وغيرها، فما هو الضابط في النقد والكلام على الجماعات الإسلامية التي على الساحة بحيث أصبح الناس فيها ما بين مُفْرِطٍ ومُفرِّط؟


الجواب:
الواقع أن الجماعات التي على الساحة -كما يقول السائل- أمر واقع، ولكن ما الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات؟
الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات هو ما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الائتلاف وعدم العداوة، ووجوب الاجتماع وعدم التفرق، وأن نكون دعاة إلى الله عز وجل بألسنتنا وقلوبنا، فلا ينفر بعضنا من بعض، ولا يضلل بعضنا بعضاً، وعلينا أن نجتمع وأن نتناقش فيما اختلفنا فيه، حتى إذا تبين الحق مع أحد الجانبين وجب على الآخر اتباعه؛ لأن الله قال في كتابه العظيم:
start.gif
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
end.gif
[النساء:59].

أما كون الأمة تتفرق شيعاً وكل حزب يقول: الحق معي، ومع ذلك لا يقتصر على هذا القول بل يضلل غيره، ويبدع غيره، وينفر منه، فلا شك أن هذه وصمة عار وعيب على الأمة الإسلامية، وهي من أشد الأسلحة فتكاً بهذه الصحوة المباركة.
فالذي أنصح به إخواننا، أن يجتمعوا ويتدارسوا ما بينهم من الخلاف، والرجوع إلى الحق واجب كل مسلم.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

حكم إدخال الأشرطة الإسلامية إلى البيت دون علم الزوج



السؤال:
عندي والدة لم يتسنَّ لها التعلم، وعندها جهل، وترغب في سماع الأشرطة من المسجل، إلا أن والدي حرجنا ومنعنا من إدخاله البيت، وهي تسأل فضيلتكم وتقول: هل عليَّ حرج في إدخاله بدون علمه، لأستفيد منه في أمور ديني لأني كما ذكرت لا أقرأ ولا أكتب، ولو كنت أقرأ لاستغنيت عنه وجزاكم الله خيراً؟



الجواب:
ليس للزوج أو لعائل البيت أن يمنع من دخول الأشرطة المفيدة، بل الذي ينبغي له أن يشكر الله على هذه النعمة، أن فتح قلوب أهل البيت لسماع مثل هذه الأشرطة المفيدة، وإذا قدر أنه حرَّج عن دخول هذه الأشرطة، فلا حرج على أهل البيت أن يدخلوها خفية عنه؛ لأنه ليس لأحد أن يمنع أحداً من استماع الذكر، وإذا كان الزوج الذي منع أهله من إدخال هذه الأشرطة أو سماعها، إذا كان في شك منها فليستمع إليها أولاً، ثم ليمنع ما كان محظوراً، أما ما ليس بمحظور فليس من حقه أن يمنع أهله من استماع الذكر، ولهم أن يدخلوا ذلك خفية عنه وينتفعوا.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

مخالفات في بيع السلم



السؤال:
إذا باع صاحب مزرعة محصوله من القمح بيع سلم فهل يجوز إدخاله الصوامع باسمه ليحصل المشتري على الثمن منها؟


الجواب:
الواجب على المسلم أن يكون صادقاً مبيّناً في بيعه وشرائه وفي جميع أحواله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذباً وكتما محقت بركة بيعهما) فلا يحل لصاحب المزرعة أن يدخل زرعه الذي باعه سلماً على غيره باسمه -أي باسم صاحب المزرعة- لأن هذا القمح لم يعد ملكاً له، بل قد انتقل ملكه إلى ملك المشتري، وحينئذٍ نقول: إذا حصل مثل هذا الشيء فعلى الطرفين أن يتوبا إلى الله، وألا يعودا لمثل ذلك.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

حكم صلاة الجنازة بالنسبة للنساء


السؤال:
هل يجوز للمرأة أن تجمع أهل البيت من النساء وتصلي بهن صلاة الجنازة على ميتهم في ذلك المنزل؟


الجواب:
لا حرج أن تصلي المرأة على الجنازة، سواء صلت عليها في المسجد مع الناس، أو صلت عليها في بيت الجنازة؛ لأن النساء لا يمنعن من الصلاة على الميت، وإنما يمنعن من زيارة القبور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج
هذا إن قصدت الزيارة، أما إذا لم تقصد الزيارة بأن تكون ذهبت لشغل لها، ومرت بالمقبرة فلا حرج عليها أن تقف وتسلم على أهل القبور وتدعو لهم.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

المصدر ..ملتقى اهل الحديث
 
حكم التشريك في العقيقة



السؤال:
هل يجزئ سُبْع البقرة في عقيقة البنت قياساً على الأضحية؟


الجواب:
يقول العلماء: إنه لا تشريك في العقيقة التي نسميها التميمة، وذلك لأن العقيقة فدية عن نفس، فلا بد أن تكون نفساً كاملة، وبناءً على ذلك: لا يجزئ الإنسان أن يذبح بدنة عن سبع عقائق، بل إن العلماء رحمهم الله قالوا: إن ذبح الشاة أفضل من ذبح البعير، يعني: لو أردت أن تعق بشاة أو ببعير قلنا لك: الأفضل أن تعق بشاة؛ لأنها هي التي وردت بها السنة.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
حكم العمل بشهادة نيلت بالغش وحكم راتبه




السؤال:
فضيلة الشيخ! أنا تخرجت من الجامعة لكن غشَّاً وقدمت أوراقي للجهات المختصة للحصول على وظيفة. فما حكم الراتب والحال ما ذكرت والعمل حيال ذلك؟



الجواب:
النجاح بالغش إذا كان في الشهادة الأخيرة التي بني عليها الراتب، فالذي أرى أنه لا يستحق الراتب؛ لأن المبني على الباطل باطل، وعلى هذا فيعيد الاختبار مرة ثانية، اللهم إلا إذا كانت الوظيفة من مختصات الدروس التي نجح فيها بدون غش فأرجو ألا يكون عليه بأس، ولكن عليه التوبة. مثال ذلك: لو توظف وظيفة محاسبة، وكان في مادة المحاسبة قد نجح، وغش في غيرها، فأرجو أن تكون وظيفته حلالاً؛ لأنه يجيد العمل الخاص بها ولكن عليه أن يتوب إلى الله مما صنع من الغش.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
حكم خروج الزوجة والبنات مع السائق



السؤال:
أنا أب ولي أبناء ونحن مشغولون بأعمالنا، لذا نسمح للسائق أن يذهب بزوجتي وبناتي إلى السوق والمحاضرات الدينية والثقافية، أرجو إعطائي وإخواني الجواب الكافي حول هذا الفعل من ناحية حله وحرمته، والله يحفظكم.



الجواب:
إذا كان السائق أميناً وركبت معه امرأتان فأكثر إلى السوق، فإن هذا لا بأس به، وذلك لأن المحذور هو الخلوة أو السفر؛ فلا يحل أن يخلو السائق بامرأة واحدة ولو إلى السوق، ولا يحل للسائق أن يسافر ولو بنساء متعددات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)
فإذا كان الذهاب والمجيء في نفس البلد ولم تحصل خلوة، بل كان مع السائق امرأتان فأكثر، وكان السائق أميناً، فإن هذا لا محذور فيه ولا حرج فيه
ولكن السائق لا بد أن يكون أميناً، أما إذا كان غير أمين فإنه يخشى من شره، ولو كانت المرأة معها امرأة أخرى.
وأما مسألة استجلاب السائقين والخدم والخادمات، فالذي نرى أنه لا ينبغي إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك؛ لأن الأمور الواقعة من بعض الخدم من رجال أو نساء توجب للإنسان التوقف في استجلاب هؤلاء الخدم. __________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
كيفية صلاة المريض جالساً



السؤال:
كيف يصلي المريض جالساً؟ هل يجلس متربعاً أو كهيئة التشهد؟ وما هو الدليل على ذلك حفظك الله؟



الجواب:
المريض إذا صلى جالساً أو إذا صلى غير المريض النفل جالساً، فإنه يتربع في حال القيام وفي حال الركوع، أما في حال السجود والجلوس، فإنه يكون كهيئته في جلوس التشهد أو الجلسة بين السجدتين، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى جالساً صلى متربعاً، وأما في حال السجود وفي حال الجلوس بين السجدتين وفي حال التشهد فإن الافتراش هو الأقرب إلى هيئة الصحيح، وما كان هو الأقرب إلى هيئة الصحيح فهو أولى.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
السؤال:
هل مسح الرأس للمرأة مثل الرجل؟ وماذا تفعل إذا كان شعرها طويلاً؟ هل تمسحه إلى نهايته وترجع، أم يكفي مسحه إلى حد رأس الرجل؟



الجواب:
يجب أن نعلم أن الأحكام الشرعية تتفق فيها النساء مع الرجال والرجال مع النساء، إلا ما قام الدليل على التفريق بينهما، وعلى هذا: فالمرأة يشرع لها في مسح الرأس ما يشرع للرجل، فتضع يديها على مقدم الرأس، ثم تردهما إلى قفاه ثم تردهما إلى المحل الذي بدأت منه كما يصنع الرجل ولا يلزمها أن تمسح إلى أسفل الرأس، بل تمسح إلى حد منابت الرأس، وكذلك الرجل إذا كان له شعر طويل إلى الكتفين، فإنه لا يلزمه أن يمسح إلا على قدر منابت الشعر فقط.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
أهمية التوبة




السؤال:
أنا أصلي ولكن أفعل بعض المنكرات، فما هي نصيحتكم لي؟ ولماذا لم تنهني صلاتي عن المنكر؟



الجواب:
نصيحتي لك أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تصدق الإقبال إلى الله، وأن تستحضر عظمة من عصيت وعقوبته عز وجل لمن خالف أمره، وأن تقرأ قول الله تعالى:
sQoos.gif
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
eQoos.gif
[الحجر:49]

sQoos.gif
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ
eQoos.gif
[الحجر:50] فاستغفر الله واسترحمه، وخف من عذابه. وأما كونك تصلي وصلاتك لا تنهاك عن المنكر فلعل صلاتك فيها قصور؛ لأن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة الكاملة، التي تكون على وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم باستحضار القلب، وأداء العمل كما جاءت به السنة. وليس كل صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، بل الصلاة المقامة التي أقامها الإنسان على الوجه الذي ينبغي، قال الله تعالى:
sQoos.gif
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
eQoos.gif
[العنكبوت:45] يعني: التي أقمتها على الوجه الصحيح.


__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
الموقف الصحيح للمسلم عند اختلاف العلماء في مسألة من المسائل الفرعية





السؤال:
للعلماء في قلوبنا مكانة عظيمة ومنزلة كبيرة، فهم الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم وسؤالهم، وهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولكن ما هو الموقف الصحيح للمسلم عند اختلافهم في مسألة من المسائل الفرعية، هل للشخص أن يرجِّح هو بين أقوالهم ويأخذ ما ناسبه مع أنه ليس من أهل الترجيح والعلم والاجتهاد؟ ثم هل إذا أخذ بهذه المسألة عن العالم الفلاني ثم المسألة الأخرى عن فلان هل يعد هذا من تتبع الرخص؟ وهل يخرجه من الحرج أن يقول قائلهم: أنا آخذ هذا القول والإثم على من أفتى به، وبلسان العامة: (اجعل بينك وبين النار مطوعاً)؟ فما هو القول الفصل في هذه المسألة؟ وهل فعل الناس جائز؟ وما هو الضابط في ذلك وفي الترجيح؟ وهل يلزم الإنسان اتباع العالم مطلقاً في كل ما أفتى به أم لا؟ أرجو بسط المسألة بسطاً شافياً وجزاكم الله خيراً؟




الجواب:
يسرنا ما قاله السائل في أن في قلوب الناس للعلماء مكانة، لأن الناس لا يزالون بخير ما عظموا ولاة أمورهم؛ اتباعاً لقوله تعالى:
sQoos.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
eQoos.gif
[النساء:59]

وأولو الأمر منا هم: العلماء والأمراء.
أما العلماء فهم أولو الأمر في شرع الله يبينونه للأمة ويوضحونه لهم وينشرونه بينهم.
وأما الأمراء فهم أولو الأمر المنفذون لأمر الله الملزمون لعباد الله به، ولهذا كان مرجع أولي الأمر من الأمراء إلى أولي الأمر من العلماء. إذ أن الأمراء إذا ساروا بدون العلماء فقد يضلون ضلالاً بعيداً، وإذا لم يأخذوا بما دلت عليه شريعة الله، أو بما جاءت به شريعة الله، فإن معصية الناس لهم تكون بقدر معصيتهم لله. وهذه نقطة يجب أن نتفطن لها؛ فمعصية الناس لولاة الأمور بقدر معصية ولاة الأمور لله عز وجل.
فكلما أطاع ولاة الأمور ربهم أخضع الله لهم قلوب الناس، وأطاعوهم ولم يتمردوا عليهم، فمن اتقى الله فيمن ولاه الله عليه، اتقاه من ولاهم الله عليهم، والعكس بالعكس. ويذكر أن عبد الملك بن مروان لما رأى تمرد الناس عليه جمع أشراف الناس وخطبهم وقال لهم: إنكم تريدون منا أن نكون لكم كـأبي بكر وعمر، فأنتم كونوا لنا كرجال أبي بكر وعمر، نكون لكم كـأبي بكر وعمر . وجاء رجل من الخوارج إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له: يا علي! ما بال الناس خرجوا عليك ولم يخرجوا على أبي بكر وعمر ؟ فقال له: لأن رجالي أنت وأمثالك، ورجال أبي بكر وعمر أنا وأمثالي، فألقمه حجراً.
المهم أن ولاة الأمر إذا كانوا مرجع الناس فإن الناس في خير، أما إذا تمرد الناس على ولاة الأمر فخالفوا العلماء بغير علم، وتمردوا على الحكام فذلك عنوان الشقاء في هؤلاء وهؤلاء.
فالواجب علينا احترام ولاة أمورنا من العلماء، واحترام ولاة أمورنا من الأمراء، وأن نبذل لهم النصيحة، وبذل النصيحة ليس هو الفضيحة على رءوس المنابر وفي المجالس العامة، في تتبع مساوئهم، فبعض الناس تجده يقول: قال العالم الفلاني: كذا وكذا وقد أخطأ؛ فهذا خطأ ويقول: فعلت الدولة كذا وكذا وقد أخطأت. هذا ليس من النصيحة في شيء، النصيحة أن تتصل بالمخطئ إما بواسطة أو بغير واسطة، وتبيّن له خطأه، فقد يكون مع المناقشة يتبين للجميع الصواب، إما أن يكون الصواب معك فيرجع إليك، وإما أن يكون معه فترجع إليه، وإما أن يكون كل منكم له وجهة نظر يعذره فيها الآخر. وأما من وراء جدر يقع الناس في أعراض العلماء، أو يقعون في أعراض الأمراء، فإن هذا لا شك عنوان على التفرق وتمزق الأمة.
فإذا كان -كما قال السائل وفقه الله- للعلماء مكانة في قلوب الناس فهذا عنوان الخير والسعادة، ونرجو أن يكون في قلوب الناس -أيضاً- مكانة لولاة الأمر من الأمراء، وأن يناصحوهم وأن يعلموا أنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ، هم يخطئون كما يخطئ البشر، أنت الآن في بيتك ألست تخطئ في تربية أولادك؟
إذاً: هم قد يخطئون، مع أن دائرة عملهم أوسع من دائرة عمل البيت. فعمل البيت محصور لكن ولاة الأمور دائرة عملهم واسعة جداً. لهذا أقول: إن من نعمة الله على الأمة أن يكون بينهم وبين ولاة الأمور من العلماء والأمراء مودة واتصال ومناصحة، وعلى كل من تبين له الحق من هؤلاء وهؤلاء أن يرجع إليه؛ لأن الله يقول:
sQoos.gif
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
eQoos.gif
[النساء:59].

أما ما ذكره من الفقرات في السؤال فكلها ترجع إلى شيء واحد، إذا اختلف أهل العلم، سواء في فتوى استفتاهم فيها إنسان، أو في كلام سمعه منهم، فإن الواجب أن يتبع الإنسان من يرى أنه أقرب إلى الصواب، إما لسعة علمه وإما لقوة فهمه وإما لقوة إيمانه وأمانته، هذا هو الواجب. ويشهد لذلك أن المريض إذا عرض نفسه على طبيبين فوصف له أحد الطبيبين دواءً ووصف له الثاني دواءً آخر يخالف الأول، فبمن يأخذ؟ بقول من يرى أنه أقرب إلى الصواب لحذقه واطلاعه ومعرفته وتجربته. كذلك -أيضاً- ما يتعلق بالفتوى في الدين اتبع من ترى أنه أوثق في العلم سعة وفهماً وفي الديانة والأمانة. فإن تساوى عندك الأمران وترددت في أيهما أرجح، فقال بعض العلماء: أنت مخير، إن شئت خذ بقول هذا وإن شئت خذ بقول هذا في هذه المسألة وغيرها أيضاً، وقال بعض العلماء: خذ بالأشد؛ لأنه أحوط، وقال آخرون: خذ بالأيسر؛ لأنه للشريعة أوفق؛ فإن الشريعة مبناها على اليسر والسهولة.
فمن صَدَقَ الله عز وجل في ذلك وقارن بين العالمين ولم يترجح له أحدهما، فهذه أقوال العلماء في هذه المسألة:
القول الأول: التخيير: إن شئت خذ بهذا أو بهذا؛ حتى لو أخذت بقول أحدهما اليوم فلك أن تأخذ غداً بقول الآخر.
الثاني: الأشد؛ لأنه أحوط.
الثالث: الأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة، وعندي أن هذا أصح، وهو أن تأخذ بالأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة والأصل براءة الذمة.
ولكن المحذور أن تذهب إلى عالم ترضاه في علمه ودينه وتستفتيه، ثم إذا أفتاك بما لا يوافق هواك، ضربت بفتواه عرض الحائط، ثم ذهبت إلى رجل آخر لعله أيسر، فهذا هو الحرام؛ لأن هذا تلاعب بدين الله، وما أكثر الذين يفعلون ذلك! يستفتي هذا العالم فإذا لم يوافقه على هواه، قال: أذهب إلى فلان، ذهب إلى فلان فوجد قوله أشد من الأول قال: كل هؤلاء ما عندهم علم، فيأتي الثالث والرابع والخامس حتى يصل إلى ما يوافق هواه، فحينئذ يقول:
ألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر
هذا هو الذي لا يجوز. فإذا قال قائل: هذا رجل في قرية، ليس عنده عالم متبحر، هل يسأل من فيها على نية أنه متى وجد عالماً أحسن منه سأله أو لا؟ نقول: نعم. إذا كان في قرية ليس عنده عالم متبحر، وسأل من يظنه أعلم الناس فيها، فليسأل على نية أنه متى وجد عالماً متبحراً سأله فهذا لا بأس به.
__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
حكم الإتيان بالأيدي العاملة من غير المسلمين وإدخالهم إلى جزيرة العرب





السؤال:
انتشرت الأيدي العاملة من غير المسلمين في هذه الجزيرة وإدخالهم إليها بأعداد كبيرة جداً وخاصة أننا نرى أن النصارى يقتلون المسلمين بالجماعات، فما حكم ذلك؟ وما حكم من أتى بهم أو سهل مجيئهم إلى هنا خاصة مكاتب الاستقدام وأصحاب المؤسسات؟ وهل الأموال التي يأخذونها -إذا كان عملهم محرماً- بسبب عمل أولئك هل هو حلال أم حرام؟ وما ردكم على من يقول: إن العامل المسلم ليس أميناً ولا يعمل جيداً وفقكم الله وجزاكم الله خيراً؟




الجواب:
أما الأول وهو: استقدام غير المسلمين إلى هذه الجزيرة فإني أقول له: يتأهب لجواب النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حيث قال صلى الله عليه وسلم : (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب).
وليعلم أن الموت قريب وأن الدنيا لن تبقى له، ولن يبقى هو للدنيا، فليحرر الجواب الصحيح الذي ينجيه من عذاب الله، والذي ينجيه من الآثار السيئة التي تنتج عن كثرة غير المسلمين في هذه الجزيرة، ولقد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن زينب بنت جحش قالت: ( استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه وهو يقول: (لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه -وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها- فقالت زينب: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم. إذا كثر الخبث ) فإذا كثر غير المسلمين في هذه الجزيرة فويل لهم من شر قد اقترب والعياذ بالله، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) فأقول لمن يستقدم هؤلاء العمال مع أننا لسنا بحاجة إليهم أقول له: ليعد الجواب الصحيح إذا سئل يوم القيامة عن فعله وعن مصادمته لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ). وقال صلى الله عليه وسلم : (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً ).
هذا جوابي على من استقدم.
وأما ما يكسبه من عملهم إذا كان محرماً فإني أجيبه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ) فكل عين محرمة وكل منفعة محرمة فإن عوضها محرم بهذه القاعدة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما قول القائل: إن المشركين أو الكفار أنصح من المسلمين فأنا أجيبه بقول رب العالمين:
sQoos.gif
وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ
eQoos.gif
[البقرة:221] ..
sQoos.gif
وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ
eQoos.gif
[البقرة:221]. فإذا كانت عضلاته شديدة وبدنه قوياً فليجب عن هذه الآية:
sQoos.gif
وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ
eQoos.gif
[البقرة:221].

والعجيب أن بعض الناس يجلب عمالاً يمكن أن يقوم المسلمون بمثل عملهم، يعني: ليس العمل الذي يجلبهم إليه عملاً لا يجيده المسلم، بل هو عمل سهل يجيده المسلم وغير المسلم، ثم يختار الكافر على المسلم. وأدنى ما يكون في جلب الكفار إلى البلاد هو ذهاب الغيرة التي كانت في قلوب المؤمنين والهيبة من إيواء الكفار وموالاتهم ومودتهم إلا من شاء الله، حتى إن بعض الناس يظن أنهم إخوة لنا، بل يسميهم إخوة، فيقول: الأخ فلان، سبحان الله! سلب الإيمان من قلبك حتى جعلت عدو الله أخاً لك، نسأل الله السلامة.
لكن كيف نحل هذه المشكلة التي وقعنا فيها كما قال السائل؟
أولاً: يجب علينا أن ندعو هؤلاء للإسلام وألا نيئس من إسلامهم، وقد بلغني شيء محزن القلب، بلغني أن بعض الكفلاء سامحهم الله وهداهم، إذا رأوا داعية يدعو عمالهم للإسلام منعوه، وقالوا: لا تفسدهم علينا. أعوذ بالله! والله لا يقول أحد إن الكافر إذا أسلم هو فساد إلا من أفسد الله قلبه وأعمى بصيرته. وإننا نعرف أن إخواننا الذي أسلموا من هؤلاء العمال صاروا أنصح بكثير مما كانوا عليه من قبل، وربما الأخ الشيخ حمود يدري عن ذلك، صاروا أنصح وأتقن عملاً وأحسن خلقاً وهذا هو اللائق بالمسلم.
sQoos.gif
وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ
eQoos.gif
[البقرة:221]

نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم.

__________________
لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top