الشيخ بوعمامة وثورة أولاد سيدي الشيخ الشجعان



74.gif


فلم الشيخ بوعمامة وثورة أولاد سيدي الشيخ الشجعان

فلم جزائري يروي جهاد بوعمامة في منطقة ولاية النعامة في غرب الصحراء الجزائرية انطلاقا من منطقة عين الصفراء ويروي كيف قاوم وجاهد أولاد سيدي الشيخ الاستعمار الفرنسي وثاروا عليه استكمالا وتنسيقا للمقاومات في الغرب والشرق و الوسط والشمال فمنذ دخول الفرنسيين لم ينعموا بالراحة ولم يهنؤوا بالهدوء في كل ارجاء الجزائر الواسعة الشاسعة حتى اخرجوهم أحفاد الملك صيفاقس و الملك ماسينيسا والملك باكا و الملك فيرميناوالملك يوغرطة والقائد تاكفاريناس و الملك يوبا الاول و الملك يوبا الثاني و القائد طارق بن زياد الجزائري و الأميرعبد القادر الجزائري مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ومجددها وصاحب الراية الجزائرية الحالية اي العلم الوطني الجزائري الحالي و القائد بن زعموم و فضيلة الشيخ العنابي مفتي الديار الجزائرية قبل الاحتلال و القائد الامجد بن عبد الملك والشيخ المقراني والقائمة جد طويلة .

و الفلم الحربي هذا يبين قدرة السينما الجزائرية و تفوقها وتميزها في الافلام الحربية لان الشعب الجزائري بحكم حروبه الطويلة مع الغزاة لا يعرف المزاح و يعرف ماذا تعني المعارك و الحروب من صرامة وجد وابتعاد عن الابتذال و المسخرة والمزاح والاحلام الكاذبة و التمثيل الهابط لهذا تجده مميز وقوي في هذه الافلام البطولية والسينما الجزائرية رائدة بلا منازع في هذا النوع من الامثال الافلام الحربية و البطولية و لله الحمد والمنة.




‫ط§ظ„ط´ظٹط® ط¨ظˆط¹ظ…ط§ظ…ط© ط«ظˆط±ط© ط§ظˆظ„ط§ط¯ ط³ظٹط¯ظٹ ط§ظ„ط´ظٹط®â€¬â€ژ - YouTube


مقاومة الشيخ بوعمامة 1881-1908

%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE_%D8%A8%D9%88%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%85%D8%A9.jpg

الشيخ بوعمامة



من هو الشيخ بوعمامة؟؟
cheik_10.jpg


الشيخ محمد بن العربي بن الشيخ بن الحرمة بن إبراهيم والملقب بالشيخ بوعمامة هو قائد إحدى الثورات الشعبية الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي بالجنوب الغربي للبلاد والتي استمرت مدة 23 سنة من 1881 تقوى أحيانا وتفتر أخرى إلى غاية 1904 م. ولد على الأرجح ما بين 1838 و1840 بقصر الحمام الفوقاني ناحية فقيق المغربية وتوفي في 17 أكتوبر 1908 بوجدة. على الرغم من مولده بفكيك المغربية إلا أنه جزائري وذلك لأنه ينتسب إلى قبيلة أولاد سيدي التاج الجزائرية وفقاً لاتفاقية لالة مغنية.


نسبه
الشيخ بوعمامة ينتسب إلى قبيلة أولاد سيدي الشيخ والتي يرجع نسبها إلى الصحابي الجليل أبي بكر الصديق فهو بذلك أبوعمامة محمد البوشيخي الصديقي بن العربي بن الشيخ بن الحرمة بن محمد بن ابراهيم بن التاج بن مؤسس الطريقة الشيخية الشيخ عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة بن أبي ليلى بن أبي يحيا بن عيسى بن معمر بن سليمان بن سعد بن عقيل بن حرمة الله بن عسكر بن زيد بن أحمد بن عيسى بن الثادي بن محمد بن عيسى بن زيدان بن يزيد بن طفيل بن المضي بن ازراو بن زغوان بن صفوان بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
كان أبوه العربي بن الشيخ بن الحرمة يزاول مهنة بيع البرانس والحلي ما بين منطقة فكيك ومغرار التحتاني وقد وافته المنية في هذه المنطقة عام 1879..


نشأته

ولد بقصر الحمام الفوقاني في منطقة فقيق ما بين 1838 و1840، وفي هذه الفترة الصعبة من تاريخ الجزائر أجبرت عائلته على الهجرة ومغادرة الأرض والاستقرار في الأراضي المغربية فمن المعلوم أن معاهدة لالة مغنية الموقعة بين فرنسا والمغرب في 18 مارس 1845م، قسمت قبيلة أولاد سيدي الشيخ إلى فرقتين :
أولاد سيدي الشيخ “الشراقة” أو الشرقيين وأصبحوا بموجب الاتفاقية جزائريين.
أولاد سيدي الشيخ “الغرابة” أو الغربيين وأصبحوا بموجب نفس المعاهدة مغاربة.



حفظ القرآن الكريم صغيرا وتعلم العلوم الشرعية في الزوايا على يد مجموعة من الشيوخ نخص بالذكر منهم والده الفقيه العربي بن الشيخ بن الحرمة أما تربيته الصوفية فقد تلقاها عن مقدم زاوية سيدي الشيخ سيدي محمد بن عبد الرحمان وهو الذي أشار عليه بالذهاب إلى مغرار التحتاني جنوب ولاية النعامة بالجزائر حالياً.

تأسيسه للزاوية

ينتمي الشيخ بوعمامة عقائديا إلى الطريقة الطيبية التي حلت من المغرب الأقصى, وعن طريق الحدود وصلت إلى الغرب الجزائري حيث انتشرت انتشارا واسعا ،كماأن انتماءه إلى الطريقة الطيبية لم يمنعه من التأثر بالطريقة السنوسية كذلك ومرد ذلك القرابة التي كانت بين الطريقة السنوسية وبين أولاد سيدي الشيخ ،على اعتبار أن هذه الطريقة كان منبعها الغرب الجزائري.


استطاع الشيخ بوعمامة تأسيس زاوية له في منطقة المقرار التحتاني مما زاد في شعبيته وكثر بذلك أتباعه ومريدوه في العديد من المناطق الصحراوية. دامت مقاومة الشيخ بوعمامة أكثر من ثلاثة وعشرين عاما، حتى أطلق عليه لقب الأمير عبد القادر الثاني ،وقد اشتهر بقدرته الفائقة في مواجهة قوات الاحتلال التي لم تنجح في القضاء عليه رغم محاولاتها سياسيا وعسكريا ،إلىأن وافته المنية في 17 أكتوبر 1908 بمنطقة وجدة المغربية.



عانى الجنوب الوهراني على غرار المناطق الجزائرية الأخرى ويلات الاستعمار الفرنسي من خلال سياسته الجهنمية المبنية على ضرب الصف الواحد معتمد في ذلكعلى الدور الكبير للمكاتب العربية التي نجحت بدورها في خلق البلبلة وإثارةأحقاد القبائل فيما بينها حتى يستتب لها الأمر, كما أنها استطاعت أن تتغلغل بين العائلات الكبيرة لخلق الفتن وهذا ما حدث بين فرع الغرابة الذي ينتمي إليه الشيخ بوعمامة و فرع الشراقة أبناء عمومته إلا أن الشيخ بوعمامةأدرك نوايا الاستعمار الفرنسي ,فأعلن الجهاد لتخليص البلاد والعباد من براثن الاحتلال الفرنسي وقداستمر جهاده إلى غاية عام 1908.

2- الأوضاع الممهدة لمقاومة الشيخ بوعمامة

%D9%82%D9%84%D8%B9%D8%A9.jpg
إن المتتبع لتاريخ منطقة الجنوب الوهراني منذ مقاومة أولاد سيدي الشيخ يجد أن المنطقة كانت تعيش إستقلالية في تسييرها لشؤونها الداخلية ومرد ذلك هو التمركز الضئيل جدا للمستوطنين في المنطقة ,وحتى الجيش الفرنسي لم يكن يملكإلا مركزا واحدا في لبيض سيدي الشيخ فرع الشراقة , لكنه استطاع بعد معارك ضارية خاضتها ضده عائلة أولاد سيدي الشيخ من تشتيت هذه العائلة , فمن أفرادها من اضطر مكرها إلى الهجرة إلى المغرب الأقصى ,ومنهم من نزح إلى ضواحي الجنوب الأقصى وتمركز في منطقة المنيعة .

و الملفت للانتباه أن عزوف سكان المنطقة عن المقاومة التي كانوا قد أعلنوهاعام 1864 لم يدم طويلا ,حيث ظهر على مسرح الأحداث فرع أولاد سيدي الشيخ الغرابة من خلال الصمود الذي أثبته الشيخ سي معمر بن الشيخ الطيب رئيس فرع الغرابة في مقارعته للعدو الفرنسي في المنطقة بداية من شهر أفريل 1873 , لكن هذا الأخير اضطر إلى الانسحاب ووضعه تحت الإقامة الجبرية , ولكن ما أن انتهت فترة 1878 -1880 حتى ظهرت شخصية مجاهدة أخرى من نفس الفرع وهي الشيخ بوعمامة الذي حمل لواء الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي ووقف في وجه التوسع في المناطق الصحراوية.


3- أسباب مقاومة الشيخ بوعمامة

يكفي القول بأن رفض الشعب الجزائري للاحتلال الفرنسي يعد من أهم العوامل التي دفعت بالشيخ بوعمامة إلى الإعداد والتنظيم للعمل الثوري ضد العدو بالجنوب الوهراني ومما لاشك فيه أن هناك جملة من الأسباب ساهمت بشكل كبير في التعجيل بإشعال الثورة ومن أهمها مايلي:

1- الأسباب المباشرة:

يعتبر مقتل الضابط
الفرنسي واين برونر وهو برتبة ملازم أول وكان يشغل رئيس المكتب العربي لمنطقة البيض وذلك في 22أفريل 1881 ,مع أربعة من حراسه من فرسان الصبايحية عندما حاول جاهدا إيقاف نشاط الشيخ بوعمامة السبب المباشر في اندلاع المواجهة بين الشيخ بوعمامة والإدارة الاستعمارية الفرنسية .

2- الأسباب غير المباشرة :

لقد تأثر الشيخ
بوعمامة بفكرة الجهاد ضد الصليبيين الغزاة المحتلين لكونه رجل دين وصاحب زاوية , هذا إلى جانب الأفكار الإصلاحية التي وصلت إلى المناطق المجاورة وأثرت تأثيرا مباشرا على الشيخ , وكان من أبرزها دعوة جمال الدين الأفغاني والسلطان عبد الحميد الثاني إلى بناء تحالف إسلامي في إ طار الخلافة الاسلامية كأساس لتغيير أوضاع المسلمين وطرد المستعمرين و هي الأفكار التي وصلت إلى المغرب العربي كذلك عن طريق الوافدين من المشرق العربي ,يضاف إلى هذا كله دور دعاة الطريقة السنوسية في إثارة سكان المناطق الصحراوية ضد تغلغل الاستعمار ومواجهته وقد كان لهذا الدور مفعوله على نفسية الشيخ بوعمامة ,وهي عوامل كافية ليقوم الشيخ بوعمامة بحركته الجهادية ضد الإستعمار الفرنسي في منطقته.

السبب الإقتصادي:

إن تردي الأوضاع الإقتصادية في منطقة الجنوب الوهراني في تفجير الأوضاع واندلاع الثورة , خاصة بعد انتشار المجاعة التي أهلكت سكان المنطقة وفقدوا جرائها كل ممتلكاتهم ناهيك عن الغبن الذي تسببت فيه السياسة الجائرة للإدارة الاستعمارية ,ومنها منع بعض القبائل من التنقل ما بين 1879
و1881,خاصة قبائل آفلو والبيض و قبائل جبال القصور الرحالة وقد تولد عن ذلكنوع من التذمر و الاستياء الشديدين ,وقد نجم عن موت أعداد كبيرة من المواشي وقد وصلت نسبة الخسائر التي لحقت بمنطقة آفلو وحدها بثلاثمائة رأس أي 80/. منهانسبة 37/. في سنة 1879-1880 و نسبة 43/. سنة 1880-1881 .

وكذلك عزم السلطات الفرنسية على إقامة مركز عسكري للمراقبة في قصر تيوت ,بعد فشل البعثة الرسمية لدراسة مشروع مد الخط الحديدي عبر الصحراء في الجنوب الغربي لإقليم وهران عام
1879


مراحل المقاومة

أ- المرحلة الأولى

لم يعلن الشيخ بوعمامة الثورة على الاستعمار الفرنسي بمنطقة الجنوب الوهرابي إلا بعد أن هيأ جميع القبائل الصحراوية عن طريق مريدي الطريقة الشيخية المنتشرين عبر كل المنطقة, ومنها قبائل الطرافي و رزاينة والأحرار وفرندة و تيارت ,وقد وجدت هذه الدعوة صداها لدى قبائل عمور و حميان و الشعامبة ,وقد استطاع الشيخ بوعمامة في وقت قصير أن يجمع حوالي ألفان وثلاثمائة جندي بين فرسان و مشاة .لقد وقعت أول مواجهة عسكرية بين الشيخ بوعمامة و القوات الفرنسية في 27 أفريل 1881 بالمكان المسمى سفيسيفة جنوب عين الصفراء ,أسفرت عن انهزام الجيش الفرنسي واستشهاد بعض رجال الشيخ بوعمامة منهم وقائد المعاليف قائد الرزاينة.وأمام خطورة الوضع سارعت السلطات الاستعمارية إلى إرسال قوات إضافية إلى المنطقة لقمع الثورة والقضاء عليها وتمثل المدد الذي وصل إلى المنطقة فيما يلي:

- ثلاث فيالق من المشاة تحت قيادة العقيد إينوسانتي .

- فرقتين يقودهما القايد قدور ولد عدة .

- فرقة تيارت يقودها الحاج قدور الصحراوي.

- قافلة من ألفين وخمسمائة جمل ومعها ستمائة جزائري .

- قائد الشعبة العسكرية لمعسكر الجنرال كولينو دانسي هو الذي تولى القيادة العامة لهذه القوة العسكرية.

أما المواجهة العسكرية الثانية بين الطرفين الجزائري والفرنسي كانت في 19 ماي 1881 بالمكان المسمى المويلك وتقع قرب قصور الشلالة بجبال القصور ,وكانت معارك عنيفة جدا اشتد فيها القتال بين الطرفين وكان النصر فيها حليفالشيخ بوعمامة رغم تفوق العدو في العتاد والعدة .



صورة لمعركة الشلالة في عام 1881، بقيادة الشيخ بوعمامة.

وحسب تقارير الفرنسيين أنفسهم فإن هذه المعركة خلفت خسائر لكلا الطرفين ,وقد قدرت خسائر الفرنسيينفيها ستون قتيل واثنان وعشرون جريحا.وبعد هذه المعركة ظل الشيخ بوعمامة سيد الموقف ,حيث توجه إلى الأبيض سيدي الشيخ مما ساعد الثوار في هذه الفترةعلى قطع خطوط التلغراف الرابط بين فرندة والبيض ومهاجمة مراكز الشركة الفرنسية الجزائرية للحلفاء,وقد قتل العديد من عمالها الإسبان مما دفع بالسلطات الفرنسية إلى اتخاذ اجراءات لحماية مصالحها منها تجميع أربعة طوابير قوية في النقاط التالية:

- فرقة راس الماء أسندت مهمتها إلى العقيد جانين.

- فرقة بخيثر بقيادة العقيد زويني .

- فرقة تيارت وأسندت مهمتها إلى العقيد برونوسيار.

- فرقة البيض وكانت بقيادة العقيد تاديو ثم العقيد نيغريي.

ولمواجهة انتصارات الشيخ بوعمامة المتتالية قامت السلطات الفرنسية بتحركات سريعة تمثلت في إرسال قواتها نحو الجنوب الغربي من أجل تطويق الثورة والقضاء عليها وبالتالي تتوسع في المنطقة وتبسط نفوذها على كل قصور الجنوب الوهراني. لقد تم تكليف العقيد نيغريي بمهمة معاقبة القبائل التي شاركت مع الشيخ بوعمامة في الثورة وكانت البداية بنسف زاوية سيدي الشيخ الكبير المتواجدة بالبيض سيدي الشيخ,تلتها المجازر الرهيبة التي قام بها جيش الاحتلال في حق السكان العزل من أهالي الطرافي والربوات بمنطقة البيض انتقاما لمشاركتهم في الثورة ,ونفس الجرائم ارتكبت ضد سكان الشلالة الظهرانية ,و في الأبيض سيدي الشيخ ارتكبت أعمال شنيعة على يد السفاح نيغريي في 15أوت 1881 الذي قام بتفجير قبة سيدي الشيخ ونبش قبره وهو استهزاء بالجوانب الروحية للشعب الجزائري وعاداته وتقاليده.

وما بين سبتمبر وأكتوبر عام1881 تعرضت القوات الفرنسية بقيادة كل من الجنرال كولونيو والجنرال لويس إلى هجومات المجاهدين قرب عين الصفراء نتج عنها سقوط العديد من القتلى والجرحى بين الطرفين ,كذلك قام السفاح لويس بتحطيم القصرين اللذين كان يمتلكهما الشيخ بوعمامة وهما قصر مغرار الفوقاني وقصر مغرار التحتاني,كما دمرت زاوية الشيخ بوعمامة أيضا وقتل العديد من السكان العزل.

ومن التطورات الهامة التي حصلت خلال هذه الفترة كذلك هو التحاق الشيخ سي سليمان بن حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الغرابة إلى ثورة بوعمامة على رأس ثلاثمائة فارس ,واتجه مع قوته إلى جنوب غرب عين الصفراء ومنها إلى منطقة البكاكرة للضغط على القبائل الموالية للاستعمار الفرنسي.

أمام تزايد القوات الاستعمارية وتوافد الدعم لها من كل منطقة ازداد الضغط على الشيخ بوعمامة فاضطر إلى الانسحاب متجها إلى منطقة فقيق بالمغرب الأقصى ,حيث قل نشاطه وتفرق أتباعه وأنصاره ,وقد انضم البعض منهم إلى السي قدور بنحمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الشراقة ,أما البعض الآخر فقد انضم إلى صفوف الشيخ سي سليمان بن حمزة قائد أولاد سيدي الشيخ الغرابة ,وباقي المجاهدين فقد مكثوا بمنطقة فقيق وضواحيها.

وفي 16 أفريل 1882 لاحقت قوات الاحتلال الشيخ بوعمامة في الأراضي المغربية ,لكنه رد عليها بهجوم عنيف في شط تيغري كبد العدو خسائر فادحة في الأرواح وأجبره على الانسحاب .لقد كان لهذه الهزيمة وقع كبير في الأوساط العسكرية الفرنسية ,وزادت من جهة أخرى الثورة صمودا وتحديا وأثبتت تفوقها مرة أخرى على القوات الفرنسية .

ب- المرحلة الثانية:

عرفت مقاومة الشيخ بوعمامة خلال هذه المرحلة فتورا ملحوظا بعد استقرار في مسقط رأسه الحمام الفوقاني بفقيق التي وصلها في جويلية 1883, حتى يتمكن من تنظيم صفوفه للمستقبل ,وهذا ماجعل السلطات الاستعمارية تتخوف من تحركاته الكثيفة لذا سارعت في إرسال برقية موقعة من طرف الجنرال سوسيي قائد الفيلق التاسع عشر إلى حكومته في باريس يدعوها إلى الضغط على السلطان المغربي لطردالشيخ بوعمامة من الأراضي المغربية لأنه يشكل خطرا على المصالح الفرنسية في المنطقة .

هذا التحرك دفع الشيخ بوعمامة إلى مغادرة المنطقة ,ولجوئه إلى إقليم توات واحتمى بسكان واحة دلدول مع نهاية عام1883 ,واستقر هناك إلى
غاية عام 1894 حيث أسس زاوية له وشرع في تنظيم الدروس الدينية لمواصلة الجهاد ووقف زحف التوسع الاستعماري في الجنوب الغربي ,حيث قام بمراسلة مختلف شيوخ القبائل الصحراوية لإعلان الجهاد ضد الكفار ومقاومتهم .كما كان لهذا النشاط صدى واسعا بين القبائل الصحراوية ,خاصة قبائل التوارق الذين اقترحوا عليه الانتقال إليهم ليتعاونوا في الجهاد ضد العدو الفرنسي ,كما آزرته وانضمت إليه بعض القبائل المقيمة على الحدود الجزائرية - المغربية.
لقد حاول الاستعمار الفرنسي خنق الثورة من كل الجهات وبكل الوسائل والتوسعفي الجنوب وذلك عن طريق إقامة المؤسسات الاقتصادية وإنشاء المراكز التجارية في كل من إقليم توات وتاديكالت .

ج- المرحلة الثالثة:


تعتبر هذه المرحلة بداية النهاية ,ففي خضم هذه الأحداث استطاع الشيخ بوعمامة أن يكسب العديد من الأنصار ويحضى بثقة سكان المناطق الصحراوية ,وهذا ما جعل السلطات الاستعمارية تفكر في استمالته بكل الوسائل فقامت بالاتصال عن طريق المفوضية الفرنسية بمدينة طنجة المغربية عام 1892 للتفاوضحول قضية الأمان التي انتهت بدون نتيجة .

إن الصلات الودية والطيبة التي كانت بين الشيخ بوعمامة والسلطات المغربية أثارت قلق وتخوف السلطات الاستعمارية الفرنسية ,خاصة بعد الاعتراف به زعيمالقبائل أولاد سيدي الشيخ ومشرفا على كل المناطق الصحراوية مما دفعها مرة أخرى إلى محاولة كسب وده لتسهيل مهمتها في التوسع وبسط نفوذها على المناطق الصحراوية ,لذلك قرر الوالي العام لافريار في 16 أكتوبر 1899 منح الشيخ بوعمامة الأمان التام دون قيد أو شرط.ومع مطلع القرن العشرين دخل الشيخ بوعمامة المغرب الأقصى واستقر في منطقة وجدة , الأمر الذي جعل السلطات الفرنسية في الجزائر تتنفس الصعداء بتخلصها من أحد أشد أعدائها مقاومة .

إن السنوات التي خاضها الشيخ بوعمامة في الجهاد عرقلت بشكل كبير التوسع الاستعماري في أقصى الصحراء خاصة الناحية الغربية منها ,رغم الحصار الكبير الذي حاولت السلطات الاستعمارية فرضه على المقاومة بقيادة الجنرال ليوتي .

نتائج مقاومة الشيخ بوعمامة

تمثلت هذه النتائج فيما يلي:

1- كانت ثورة الشيخ بوعمامة تحديا كبيرا لسياسة الجمهورية الثالثة ,والتي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر ,واستطاعت أن تعطل وتعرقل المشاريع الفرنسية في الجنوب الغربي.

2- تمثل ثورة الشيخ بوعمامة المرحلة النهائية من استراتيجية الزعامات الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عن طريق المقاومات الشعبية التي تعتمدأساسا على العامل الديني في تعبئة الجزائريين لمقاومة الاحتلال.

3- تعتبر ثورة الشيخ بوعمامة من أعنف المقاومات الشعبية خلال القرن التاسع عشر بعد مقاومة الأمير عبد القادر.

4- كشفت ثورة بوعمامة ضعف الفرنسيين في مواجهة المقاومة مما جعلها تبحث عنالحلول السياسية لإخماد نار الثورة خصوصا مع المرحلة الثانية 1883 -1892 حين ظهرت قضية الأمان الذي كانت تبحث عنه السلطات الفرنسية من بوعمامة الذي رفضه من خلال المراسلات و المفاوضات التي كانت تسعى إليها فرنسا.

5- الخسائر البشرية والمادية هي الأخرى كانت من أبرز النتائج التي تمخضت عن الثورة

6- عجلت الثورة بإتمام مشاريع السكك الحديدية في المنطقة وربط الشمال بالجنوب.

7- إن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة بسبب العقبات التي اعترضتها منها على وجه التحديد عدم التمكن من توحيد فرعيأولاد سيدي الشيخ وكذلك ضغوط السلطان المغربي عبد العزيز على الثورة وحصرهافي الحدود ,إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس وعرقلة التوسع في المنطقة .

الخلاصة

لقد ظهر سيدي بوعمامة منذ سنة 1888م في منطقة جنوب الصحراء رجلا صالحا، مستقطبا ولاء أغلب القبائل الصحراوية بلا منازع، فضلا عن تقدير أشراف تافيلالت له بجنوب المغرب الأقصى، ولم يستطع أحد أن ينازعه هذا النفوذ، بل امتد نفوذه إلى قبائل الطوارق الذين عبَّروا له عن استعدادهم للالتحاق به في الوقت المناسب، وذلك من خلال مراسلتهم له أواخر سنة 1888م.

وهكذا ما إن حلت سنة 1892م حتى أدركه كل من القصر العلوي بالمغرب والمفوضية الفرنسية بطانجة، ما أصبح عليه سيدي بوعمامة من نفوذ روحي، وتأييد قبلي، وقوة حربية بالمناطق الصحراوية ومحيطها، وبذلك سعى الطرفان إلى اكتسابه، في حين تبدو رغبة الشيخ بوعمامة في الحفاظ على حريته واستقلاله واضحة من خلال معاملاته ومراسلاته السياسية مع الحكام العسكريين المباشرين، ولا شك أن له يداً في الوقائع التي دارت بين الفرنسيين والبرابر في نخيلة في 05 جويلية 1903م، وفي الهجوم الواسع على مركز تاغيت بجبل بشار، وتنظيم حملات الساهلة والمطارفة، وأوجروت وشروين وتيميمون إلى آخر المعارك التي خاضها وحرض عليها.

وقد امتد الشيخ بوعمامة في ثورته من الواحات الجنوبية عبر وادي الزوزفانة ووادي الناموس، وعندما وصل إلى الناحية الشمالية فيغيغ أسس زاوية بواحة المغرار التحتاني، كما حاول إقامة حلف من قبائل لعمور وبني كيل وغيرهما من قبائل الحدود إلى ناحية تلمسان نفسها: والهجوم على الفرنسيين الذين أرغموا على استرجاع عدد من فيالق جيوشهم؛ حيث استعدوا من جديد بعدما تكبدوا خسائر فادحة للهجوم بأسلحتهم المتفوقة والضغط على الشيخ بوعمامة نحو الجنوب، حيث رجع سنة 1882 إلى دلدول وهي واحة في جورارة وسط توات، حيث أسس زاوية هناك يدرس فيها القرآن الكريم والعلوم الشرعية، فاكتسب بها مزيدا من الأنصار والأتباع.

وظل الشيخ بوعمامة ثائرا إلى سنة 1908م حيث استقر بأنكاد أماسي حمزة وسي قدور بن حمزة وغيرهما من زعماء أولاد سيدي الشيخ الشرقية.ولقد أخذت وضعية توات تنقلب، فقد بدأت فرنسا تؤسس لنفسها نفوذا سياسيا بين بعض القبائل التي أصابها الخوف نتيجة تزايد الضغط العسكري الفرنسي ضد واحات توات.

وهكذا استطاع الفرنسيون أن يعقدوا اتفاقيات مع عدد من الفصائل التي تسكن بواحة جورارة، وكذلك مع بعض فصائل ذوي منيع، وبعض الطوائف من سكان عين صالح.

وفي الوقت الذي أعطى فيه مؤتمر برلين 1885م حرية التوسع الأمبريالي في أفريقيا بالنسبة للدول الأوروبية التي حضرت هذا المؤتمر، بادرت فرنسا إلى تهيئة الشروط الضرورية لاكتساح توات، وفعلا شيدت في السنة التالية للمؤتمر 1886م حصنا في المنيعة، ووضعت فيه حامية عسكرية تتركب من 156 جنديا بصفة دائمة، وهي الحامية التي سيقرر البرلمان الفرنسي في بداية العقد الأخير من القرن 19م رفع عددها إلى 600 جندي، وقد كائن حامية فرنسا قد حاولت الاستقرار بها منذ 1873م، ولكنها انسحبت منا لأسباب أمنية.

وفي التاريخ نفسه 1886م قامت بعثة دراسية فرنسية تحت إشراف الضابط (بالا) الذي تجول عبر توات كلها بمساعدة شخصين مسلمين من كبار قصور حاسي الشيخ بالحدود الوسطى، وقد خرج (بالا) من قصور الأبيض سيدي الشيخ، ونزل عبر حوض وادي كير، ثم وصل إلى واحات الخنافسة، ثم تجول في قصور جورارة، وزار مؤسسة الشيخ بوعمامة في دلدول، ومكث هناك في ضيافة بعض الأهالي مدة ثمانية أيام، ثم توجه إلى عين صالح مروراً بتادمايت؛ حيث اغتيل هناك في شهر فبراير 1886م هو ومرافقاه الجزائريان، وقد كان اغتياله على يد أصحاب الشيخ عبد القادر بن باجودة الذي كان من أكبر زعماء عين صالح، الذي سبق له أن نصب كمينا للبعثة العسكرية الفرنسية سنة 1881م.

الشيخ بوعمامة

الشيخ بوعمامة – رحمة الله عليه - هو أحد أحفاد الولي الصالح الشيخ عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ.

وهو من بني عمومة سي سليمان بن حمزة زعيم الانتفاضة المسماة في التاريخ ثورة أولاد سدي الشيخ.

دخل بوعمامة التاريخ من بابه الواسع، واشتهر حتى بلغت شهرته الأصقاع والآفاق، مشرقا ومغربا؛ لأنه أشرف على انتفاضة كادت أن تعم الغرب الجزائري بأكمله، بل لأنه أدرك بالبديهة الصائبة والرأي الراجح الدور الذي يجب أن تلعبه الزوايا الروحية.

للشيخ بوعمامة هو محمد بن العربي بن الحرمة بن إبراهيم بن التاج بن عبد القادر بن محمد سيد الشيخ بن سليمان بن سعيد بن أبي ليلة بن عيسى بن أبي يحي بن معمر الملقب أبو العالية بن سليمان بن سعيد بن عقيل بن حفص الملقب حرمة الله بن عساكر بن زيد بن حميد بن عيسى بن التادلي بن محمد الملقب السلي بن عيسى بن زيد بن الطفيل المدعو الزغاوي بن صفوان بن محمد بن عبد الرحمان بن سيدنا أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-.

فهو من مواليد امغرار سنة 1845م، حيث نشأ وترعرع في هذه المنطقة التي عرفت بالتوتر والغليان في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وانعدام مايسمى بالدولة إضافة إلى طغيان قطاع الطرق، خاصة وأن المنطقة حدودية، وهناك ما يسمى مخزن السلطان لا يتساهلون مع هذه القبائل، فهم يمارسون معها سياسة العصا الغليظة، وهي تشكل خطرا جاثما يهدد الأمن ويجعل المنطقة كلها على فوهة بركان سرعان ما يندلع في أي مكان وفي أي اتجاه.

وكان احتراف الوعي لا محيد عنه للشباب، قبل أن يشتد عودهم، فيمتهنون التجارة، وعن طريق القوافل يكونون همزة وصل بين الصحراء والتل الوهراني، إلا أن والده السي العربي بن الحرمة قرر أن يجعل ابنه ملازما للشيخ محمد بن عبد الرحمان أحد مقدمي الطريقة الشيخية، الذي تعلم على يديه بعض القرآن الكريم والحديث الشريف، وبعد ذلك بالنسبة لأهل لطريقة الأوراد، والأذكار ثم المبادئ العامة للتصوف والزهد في الحياة.
وتعلم ما يؤهله لأن يكون شيخا مقدما، ومن هنا بات واضحا أن زاوية امغرار قد حُسم الأمر في شيخها ومقدمها من البداية لما عرف عن هذا الشاب من ورع وحكمة وسداد رأي ونفاذ بصيرة، وحسن تدبير تألقاً بجديه الرجلين الصالحين سيدي الشيخ وسيدي سليمان بن أبي سماحة.

فها هو يكرس جانباً مهماً من حياته في طلب العلم والبحث في الأمور الفقهية المختلفة، إلا أن العصر بأكمله لم يكن ليزخر بحواضر متميزة للعلم والعلماء في هذه المنطقة من الجزائر بالضبط، فهي بؤرة توترات وحروب سواء تعلق الأمر بالغزو الفرنسي أم مخزون السلطان المغربي، المهم أن الشاب يكون قد ارتحل إلى المغرب ليتابع حلقات درس القرويين.

ويمكن أن نؤكد أن الرجل عصامي، نهل من المصادر المهمة التي وقعت بين يديه، فأخذ ما كان يجب أن يأخذ، فتثقف وتفقه واطلع على كثير من المعارف التي كان يرغب في الاطلاع عليها ككتب الدين - على سبيل المثال.ولقد ارتبط الشيخ بوعمامة بالسيدة ربيعة ابنة عمه، والتي أنجبت له نجله السي الطيب في عام 1870م، الذي أصبح رفيق حياته ومعاركه كلها.

لم تكن سلطات الاحتلال الفرنسي على جهل تام بما يحضره الشيخ بوعمامة، الذي وصفته التقارير المختلفة بأنه مجرد رجل مهوس، بينما ذكرته تقارير أخرى بأنه رجل دين، صاحب طريق مرابط، يجمع أموال الزكاة لينفقها على أصحابه المجاذيب.وواصل الشيخ بوعمامة تحضيراته المادية والبشرية في سرية تامة، فاجتمع إليه شيوخ القبائل المجاورة للمنطقة، وشرع في مراسلة العديد من الذين اعتقد فيهم المؤازرة والمساندة، وقد أعطت قبيلة الشعانبة خير مثال على ذلك، كما أنه بعث وفوداً إلى أولاد سيد الشيخ الغرابة، ثم أولاد سيد الشيخ الشراقة الذين كانوا أكبر سند له رغم الخسائر البشرية الكبيرة التي أصابتهم أثناء ثورة أولاد سيدي الشيخ (خسائر الجبهة الفرنسية كانت أضعاف خسائر أولاد سيدي الشيخ ).

وهذه أسماء بعض الرسل:

-مرزوق السروري: إلى قبائل الطرافي.

-الطيب بن الجرماني: إلى قبائل الأحرار الشراقة.

-بلقاسم ولد لزفران: إلى قبائل أولاد ازياد.

-العربي ولد الطيب أحمد: إلى قبائل الرزاينة.


لقد بعث الشيخ بوعمامة عدة رسائل إلى أعيان القبائل وتلا عليهم رسالة الجهاد مع توضيح الأسباب، وهذه الرسالة التي تلاها عليهم:

الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله: جماعتنا المحروسة بعين الرضا قبيلة بعد قبيلة من غير تخصيص، نعلمكم أعلمكم الله خيرا على أمر الجهاد في سبيل الله بعدما فرق الكفار الفرانساويون بين الأخوة، وفسقوا في أرضنا، واستحلوا حرماتنا، أرادكم الله وأعانكم، وللخير والجهاد وفقكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

فتوكل الشيخ على المولى عز وجل، وخاض المعارك الطاحنة رفقة أتباعه ومريديه، والسبب المباشر في إعلان الجهاد من طرفه هو هذا الوازع العقائدي، بل أن الجحافل المنضوية تحت راية جهاده والتي تعد بالآلاف ماكان لها أن تكون لولا شدة اقتناعها بأنها تحارب قوات الكفر، وتحمل شعار الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق، وعلى وجه أخص أن الجميع متأكد بأن الزعيم الروحي ليس له من هدف يصيبه إلا الإيمان الراسخ، ثم أنه أثبت للملأ أنه لا يسعى إلى تكوين زعامة سياسية، وإنما كان تركيزه على أن يفهمه الجميع بأنه قائد روحي ثائر على الظلم والاضطهاد على شاكلة سليمان بن حمزة وبقية أبناء عمومته، يتزعم مجاهدين أوفياء كما كان يصفهم، يدافعون عن شرفهم ولا يسكتون أمام جبروت الظالم المستبد.

إنه بذلك هو رفاقه يعلنون كلمة الحق تمازجها لحظات النصر ، وفي الوقت ذاته يقيمون حلقات الذكر لقراءة القرءان الكريم حيثما حل بهم الظلام، وفي زاويتهم المتنقلة يستعيدون أورادهم وأدعيتهم الصوفية العميقة، مهللين ومكبرين ومسبحين على طريقتهم الإيمانية.

فعلى الرغم من عدم تمكنه من الثقافة العميقة إلا أنه استطاع مجاراة أحداث زمانه نتيجة دهائه السياسي وخبرته بالمنطقة ومجالسته لكبار العارفين من هذه القبائل المختلفة التي جمعته بها كلمة الجهاد، ثم إنه متمكن من الثقافة الشفوية التي عرف بها كبار القادة وعظماء الرجال .
راسل شيوخ القبائل وقادة الاحتلال الفرنسي برسائل تاريخية وعرض المشورة على ثلة من المقربين منه .
استقبل مبعوثي القادة العسكريين وأجابهم مشافهة وتارة عبر رسائل، وفي كل الحالات كان يلح على ترديد كلمته التاريخية الشهيرة: (يجب أن تخرجوا من أرضنا) رافضا الصلح بكل صوره، وكان يراه خيانة .

ومرت زاويته بعدة مراحل في حياته، ولكنها بدت إلى التطور شيئا فشيئا، فبعد أن أسسها في أمغرار وجدد الحصون حولها وبني جوانبها، خاض عدة معارك أهمها معركة تازينا 19-05-1881م والتي انتصر فيها المجاهدون انتصارا عظيما، وفتحت الطريق أمام الشيخ بوعمامة لينشر ثورته في مناطق عين الصفراء البيض، أفلو، فرندة، تيارت، سعيدة، بشار، وبعد هده الثورات اضطرت السلطات الفرنسية أن تجعل باستعادة جزء من قواتها العسكرية التي اشتركت في احتلال تونس.

وإرسال العقيد القائد (نقريي) من البيض إلى الأبيض سيدي الشيخ، الذي فكر في أن القضاء على ثورة أولاد سيدي الشيخ يستلزم تحطيم ضريح سيدي الشيخ، والزاوية بالأبيض سيدي الشيخ .وانتقلت الزاوية والطريقة الإيمانية إلى الخيم حيث الشيخ بوعمامة متنقل عبر التلال والفيافي، ثم أعاد بناءها في دلدول قرب تيميمون بأقصى الجنوب وتجمعت حوله القبائل وأعيان القصور والواحات.

لقد قام الشيخ بوعمامة بعدة معارك في ناحية جرارة وأماكنها معلومة إلى يومنا هذا، ومنها:

معركة حاسي الشيخ: يقع بين المنيعة ولحمر.

معركة حاسي علي :
هناك مقبرة الشهداء بزاوية الدباغ إلى حد الآن .

ومن دلدول حيث فقد ابنه: المسمى السهلي بوعمامة انتقل إلى العرق، وأقام زاويته في مكان يسمى: اعريس سيدي بوعمامة.

ومن العرق انتقل إلى بني ونيف، حيث بني قبة جده الشيخ سيدي سليمان بن أبي سماحة البكري الصديقي وبني المسجد ومرافق الزاوية سنة 1891م الموافق لـ 1311هـ، ولما أنجز البناء أقام صدقة عظيمة ودعى إليها أهل بني ونيف والقصور القريبة منها، وفي ذلك يقول الأستاذ طواهرية عبد الله:

بن ضريحه المجاهد العتيد
أبو عمامة لجده السعيد

مشيدا ضريحه والمسجدا
حتى بدا في حلة مجددا

في ألف هجرة ثلاثمائة
وواحد ملازم لعشرة


ومن بني ونيف ذهب الشيخ رحمه الله إلى واد قير.

وفي سنة 1886م قدم الشيخ بوعمامة ورقة طلب الأمان من فرنسا حينما أشتد عليه الخناق من مختلف الجبهات، إلا أن الفرنسيين رفضوا طلبه،ولم تبرر التقارير العسكرية سبب الرفض ، والذي يكون مرده إلى عملية استدراج استراتيجي عسكري كانت تخفيه لتستعمله محالة قصف المواقع التي يستعملها الشيخ ، ولذلك بدأت تموه في اعتقادنا، وهو الأمر الذي تفطن إليه الشيخ بوعمامة بدليل أنه بعث رسالة ثانية يطلب فيها الأمان وجاءه الرد بتاريخ 08 ديسمر 1899م في رسالة تقول فيها السلطات العسكرية للعين الصفراء بأننا نقبل طلبك الأمان.

إلا أن الشيخ بوعمامة استغل هده الموافقة المبدئية سياسيا وكأنه يقول لهم : ها أنتم تعترفون بالانتفاضة المباركة التي أنهكتكم ودوختكم، وهنا يمكن نجاح الشيخ سياسي .

إن الانتصارات العديدة التي أحرزها على العدو خلال سنوات الجهاد صنعت منه رمزا بطوليا جعل السلطات توافق مكرهة على طلبه، إلا أن الشيخ رفض قبولهم لطلبه الأمان ورمى به جانبا وتوغل في أعماق الصحراء وبالضبط إلى دلدول، وكان يشرف على عمليات سريعة تداهم العدو في حصونه من حين إلى أخر .

- نتائج مقاومة الشيخ بوعمامة:

تمثلت هذه النتائج فيما يلي:

1- كانت ثورة الشيخ بوعمامة تحديا كبيرا لسياسة الجمهورية الثالثة ,والتي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر ,واستطاعت أن تعطل وتعرقل المشاريع الفرنسية في الجنوب الغربي.

2- تمثل ثورة الشيخ بوعمامة المرحلة النهائية من استراتيجية الزعامات الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عن طريق المقاومات الشعبية التي تعتمد أساسا على العامل الديني في تعبئة الجزائريين لمقاومة الاحتلال.

3- تعتبر ثورة الشيخ بوعمامة من أعنف المقاومات الشعبية خلال الى جانب مقاومة الأمير عبد القادر و ثورة أولاد سيدي الشيخ.

4-كشفت ثورة بوعمامة ضعف الفرنسيين في مواجهة المقاومة مما جعلها تبحث عن الحلول السياسية لإخماد نار الثورة خصوصا مع المرحلة الثانية 1883 -1892 حين ظهرت قضية الأمان الذي كانت تبحث عنه السلطات الفرنسية من بوعمامة الذي رفضه من خلال المراسلات و المفاوضات التي كانت تسعى إليها فرنسا.
5- الخسائر البشرية والمادية هي الأخرى كانت من أبرز النتائج التي تمخضت عن الثورة
6- عجلت الثورة بإتمام مشاريع السكك الحديدية في المنطقة وربط الشمال بالجنوب.
7- إن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة بسبب العقبات التي اعترضتها منها على وجه التحديد عدم التمكن من توحيد فرعي أولاد سيدي الشيخ وكذلك ضغوط السلطان المغربي عبد العزيز على الثورة وحصرها في الحدود ,إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس وعرقلة التوسع في المنطقة .

حــوصلـة :

قاد الشيخ بوعمامة انتفاضة لم تتوقف إلا بوفاته في يوم 08 أكتوبر 1908م عمل كل ما في وسعة لتوحيد القبائل، جعل من أولاد سيدي الشيخ والمجادبة، وحميان، والعمور، والشعانبة، قوة عظيمة يحسب لها ألف حساب بعد أن كانوا في غالبيتهم متطاحنين على أماكن كلأ والآبار ، بل أنه أدخلهم التاريخ من باب الواسع، قال عنه أحد القادة الفرنسيين (( إن انتفاضة بوعمامة هي قضية شعب بأكمله)).

وقال عن نفسه: (( بأنني خلقت من أجل رفاهية أبناء هدا البلد الأوفياء لأوامر القرآن)) .

وكان يقول : (( إن جيشي الحقيقي هو الإيمان )).

وكان يرى في قبول الاستسلام مع فرنسا بأنها: (( قبول السيادة الفرنسية معناه خيانة الله)). كذا قام في تسيير مراحل انتفاضته والتي عمت أرجاء الغرب الجزائري، وشملت التل والصحراء على السواء، لقد ملأ الدنيا وشغل الناس، وفتق عقولا أخمدتها جلابيب تحجر الدروشة العميقة، وجعل الزاوية متفتحة على فهم ما حولها بل انتقل بها إلى مرحلة العطاء والتضحية .

إن الشيخ بوعمامة جعل العدو بقواته الرهيبة يجعل ألف حساب للمقاومات ،مهما كان شكلها ومهما كانت قوات نفدها وأنصارها .

إن انتفاضة الشيخ بوعمامة انطلقت ثائرة على الأوضاع المزرية التي كان يعيشها المواطن الجزائري متفهمة لحقائق العصر ونابضة بدفق هواجس المستقبل، وبذلك تكون مكملة للحلقة التي فتحها الأمير عبد القادر، وعمقها أولاد سيد الشيخ والثوار التواتيين في انغر والدغامشة، ومنطقة جرارة لتجدها أجيال أول نوفمبر 1954م مرتكزا تستند عليه لمواصلة المسيرة.

قصيدة في رثاء الشيخ بوعمامة:

عزوني ياناس في شيخ العـربان *** عزي وعنايتي ومفاتح أورادي

تبكي عيني لبوعمامة طول الزمان *** تبكي عيني على مدى نكس ميعادي

تبكـي عيني عليه ماطـال الزمان *** طول الحياة والدموع على خدي

تبكـي عيني عليه مفتاح البيان *** ركن الرحمة الله عليه الخير يهدي


490913122.jpg

إنه الشيخ الفاضل سي معمر أحد احفاد الشيخ بوعمامة
الساكن حاليا في ولاية البيض

جزائري ولو لم أكن جزائريا لتمنيت أن أكون جزائريا

zge91310.jpg


dalicom%20%28186%29.jpg


diapo_1442075.jpg




DSC00556.JPG



DSC03623.JPG


sp_500642094.jpg


p_0003.jpg



ouarsenis-bf4fb82269.jpg




 
آخر تعديل:
ميرسي ليك بزااااف
جزاك الله خيرا
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top