أقوال وحكم خالدة من أفواه السلف الصالح

المؤمن لا يشفي غيظه


جاء في "تاريخ بغداد" (9/66) في ترجمة سعيد بن سليمان المديني المساحقي القاضي الإمام – رحمه الله – ما نصه: «قال نوفل ابن ميمون: جاء سعيد بن سليمان إلى عبد الله بن محمد بن عمران شاهدًا، فرد ابن عمران شهادته. فلما ولي سعيد القضاء، جاء عبد الله بن محمد بن عمران شاهدًا، فأخذ شهادته فنظر فيها ساعة ثم رفع رأسه، فقال: المؤمن لا يشفي غيظه، أوقع شهادته يا ابن دينار، فأوقعها».
 
ليس كل غَيْبَة جفوة، ولا كل لقاء مودة




جاء في "سير أعلام النبلاء" (13/358) في ترجمة الشيخ الإمام الحافظ، أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق البغدادي الحربي صاحب التصانيف:

عن أبي الحسن بن قريش؛ قال: «حضرت إبراهيم الحربي وجاءه يوسف القاضي ومعه ابنه أبو عمر، فقال له: يا أبا إسحاق! لو جئناك على مقدار واجب حقك، لكانت أوقاتنا كلها عندك. فقال: ليس كل غيبة جفوة، ولا كل لقاء مودة، وإنما هو تقارب القلوب».

 
السعاية قبيحة ولو كانت صحيحة



جاء في "وفيات الأعيان" لابن خلكان (4/210) في ترجمة الوزير محمد بن علي بن خلف أبو غالب – الملقب بفخر الملك – ما نصه: «أنه وقع في قصة رجل سعى برجل: السعاية قبيحة، ولو كانت صحيحة، فلئن كنت أخرجتها بالنصح، فخسرانك فيها أكثر من الربح، وإنا لا ندخل في محظور، ولا نسمع قول مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبتك لقابلناك على جريرتك، مقابلة تشبه أفعالك، وتروع أمثالك، فاستر على نفسك هذا العيب، واتق من يعلم الغيب، فإن الله تعالى للصالح والطالح بالمرصاد».
 
انزل فإن السخي لا تؤدبه التجارب



جاء في "البداية والنهاية" للإمام ابن كثير (9/349) عن الشافعي أنه قال: «عتب رجاء بن حيوة على الزهري في الإسراف، وكان يستدين، فقال له: لا آمن أن يحبس هؤلاء ما بأيدهم عنك، فتكون قد حملت أمانيك.

قال: فوعده الزهري أن يقتصر، فمر بعد ذلك وقد وضع الطعام، ونصب موائد العسل، فوقف به رجاء، وقال: يا أبا بكر، ما هذا بالذي فارقنا عليه. فقال الزهري: انزل فإن السخي لا تؤدبه التجارب».
 
إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام الناس


جاء في (سير أعلام النبلاء) (11/211) في ترجمة الإمام القدوة الرباني أحمد بن حنبل أبي عبد الله الشيباني – رحمه الله تعالى –
عن المروزي أنه قال:
أدخلت نصرانيًّا على أبي عبد الله – يعني أحمد بن حنبل – فقال له: إني لأشتهي أن أراك منذ سنين، ما بقاؤك صلاح للإسلام وحدهم، بل للخلق جميعًا، وليس من أصحابنا أحد إلا وقد رضي بك. فقلت لأبي عبد الله: إني لأرجو أن يكون يُدعى لك في جميع الأمصار. فقال: يا أبا بكر، «إذا عرف الرجل نفسه، فما ينفعه كلام الناس».
 


إن البلاء مُوكل بالمنطق

جاء في (نزهة الألباء في طبقات الأدباء) لابن الأنباري (ص61-62) في ترجمة الإمام اللغوي علي بن حمزة أبي الحسن الكسائي (رحمه الله تعالى) ما نصه: «قال ابن الدورقي: اجتمع الكسائي و اليزيدي عند الرشيد، فحضرت صلاة الجهر، فقدموا الكسائي فصلى بهم فارتج عليه في قراءة [FONT=&quot]}قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT].[/FONT]


فلما سلم قال اليزيدي: قارئ أهل الكوفة يرتج عليه في قراءة: [FONT=&quot]}قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT].[/FONT]


فحضرت صلاة الجهر فتقدم اليزيدي فصلى فارتج عليه في سورة الحمد، فلما سلم قال:

احفظ لسانك لا تقول فتبتلى *** إن البلاء موكل بالمنطق
 
لا يكون النمام صادقًا



جاء في "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي رحمه الله تعالى (3/156) ما نصه:

«رُوي أن سليمان بن عبد الملك كان جالسًا؛ وعنده الزهري، فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني أنك وقعت فيَّ؛ وقلت: كذا وكذا؟ فقال الرجل: ما فعلت. ولا قلت. فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق. فقال له الزهري: لا يكون النمام صادقًا. فقال سليمان: صدقت؛ ثم قال للرجل: اذهب بسلام».
 
ما رزق امرؤ مثل عافية

جاء في (سير أعلام النبلاء) للذهبي (15/507) في ترجمة زاهد الأندلس أبي وهب (رحمه الله تعالى)، عن أبي جعفر بن عون الله؛ قال: سمعته – يعني أبا وهب – يقول:
«لا عانق الأبكار في جنات النعيم والناس غدًا في الحساب إلا من عانق الذل، وضاجع الصبر، وخرج منها كما دخل فيها، ما رزق امرؤ مثل عافية، ولا تصدق بمثل موعظة، ولا سأل مثل مغفرة».
الذل: أي أن يذل العبد لله فيطيعه، ويشعر بضعفه البشري أمام قوة العزيز الجبار.
[FONT=&quot] [/FONT]
 
ما خيرٌ في الدنيا إلا للآخرة

جاء في (تهذيب الكمال) للمزي (7/481) في ترجمة العابد الزاهد الفقيه حيوة بن شريح بن صفوان التجيبي أبي زرعة المصري رحمه الله تعالى ما نصه:
«قال أحمد بن سهل الأُرْدُنِّيُّ، عن خالد بن الفِزر: كان حيوة بن شريح دَعّاءً من البكائين، وكان ضيق الحال جدًا، فجلست إليه ذات يوم، وهو متخلٍّ وحده يدعو، فقلت: رحمك الله، لو دعوت الله أن يوسع عليك في معيشتك. فالتفت يمينًا وشمالاً فلم ير أحدًا، فأخذ حصاة من الأرض فقال: اللهم اجعلها ذهبًا.
فإذا هي والله تِبرةً في كفه ما رأيت أحسن منها فرمى بها عليَّ، وقال: ما خير في الدنيا إلا للآخرة.
ثم التفت إليَّ فقال: هو أعلم بما يصلح عباده.
فقلت: ما أصنع بهذه؟
فقال: استنفقها، فهبته والله أن أراده».
 
بادر فإنك مبادرٌ بك

جاء في كتاب "اقتضاء العلم العمل" للحافظ الخطيب البغدادي (ص114) عن يوسف بن أسباط أنه قال: كتب إليَّ محمد بن سَمُرَة السائح بهذه الرسالة: أي أخي، إياك وتأمير التسويف على نفسك وإمكانه من قلبك، فإنه محل الكلال، وموئَل التلف، وبه تقطع الآمال، فإنك إن فعلت ذلك أدلته من عزمك وهواك عليه فعلاً، واسترجعا من بدنك من السآمة ما قد ولى عنك، فعند مراجعته إياك لا تنتفع نفسك من بدنك بنافعة.



وبادر يا أخي فإنك مبادرٌ بك، وأسرع فإنك مسروعٌ بك، وجدَّ فإن الأمر جدٌّ، وتيقظ من رقدتك، وانتبه من غفلتك، وتذكر ما أسلفت وقصرت، وفرطت وجنيت وعملت، فإنه مثبت محصى، فكأنك بالأمر قد بَغَتَكَ، فاغتبطت بما قدمت، أو ندمت على ما فرطت.
 
سقوط العالِم سقوط العالَم



جاء في "مقدمة حاشية ابن عابدين" (1/67) ما نصه: «رأى الإمام أبو حنيفة غلامًا يلعب بالطين، فقال له: يا غلام، إياك والسقوط في الطين. فقال الغلام للإمام: إياك أنت من السقوط، لأن سقوط العالِم سقوط العالَم. فكان أبو حنيفة لا يفتي بعد سماع هذه الكلمة إلا بعد مدارسة المسألة شهرًا كاملاً مع تلامذته».
 
المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العيوب




جاء في كتاب "إحياء علوم الدين" (3/36) للإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله أنه قال:




«فإن أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم، لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة، بل بعين الرضا بعضهم، وبعين السخط بعضهم، ولذلك قال الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المسايا













فيجب الاحتراز عن ظن السوء، عن تهمة الأشرار، فإن الأشرار لا يظنون بالناس كلهم إلا الشر، فمهما رأيت إنسانًا سيء الظن بالناس طالبًا للعيوب، فاعلم أنه خبيث الباطن، وأن خبثه يترشح منه، وإنما رأى غيره من حيث هو، فإن المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العيوب، والمؤمن سليم الصدر في حق كافة الخلق».
 
لا أمين إلا من يخشى الله



جاء في كتاب "الزهد" لعبد الله بن المبارك رحمه الله (491) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «لا تتعرض لما لا يعنيك، واعتزل عدوك، واحتفظ من خليلك إلا الأمين، فإن الأمين ليس شيء من القوم يعدله، ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تصحب الفاجر فيحملك على الفجور، ولا تفش إليه بسرك، وشاور في أمرك الذين يخشون الله تعالى».
 

لأن تلقى الله حانثًا خيرٌ من أن تلقاه قاتلاً



جاء في كتاب "تاريخ الخلفاء" لجلال الدين السيوطي رحمه الله (ص320) في ترجمة الخليفة العباسي أبي العباس عبد الله المأمون بن هارون الرشيد – رحمه الله تعالى – عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: «وقف رجل بين يدي المأمون قد جنى جناية، فقال له: والله لأقتلنك, فقال: يا أمير المؤمنين بأنَّ عليَّ، فإن الرفق نصف العفو. قال: كيف وقد حلفت لأقتلنك؟ فقال: لأن تلقى الله حانثًا خير من أن تلقاه قاتلاً. فخلى سبيله».
 
أجرأ القوم على الفتيا أدناهم علمًا

جاء في كتاب "أخلاق العلماء" للآجري (ص110، 111) عن حجاج بن عمير بن سعد، قال: «سألت علقمة عن مسألة، فقال: ائت عبيدة فاسأله. فأتيت عبيدة، فقال: ائت علقمة. فقلت: علقمة أرسلني إليك. فقال: ائت مسروقًا فاسأله. فأتيت مسروقًا، فسألته، فقال، ائت علقمة، فاسأله. فقلت: علقمة أرسلني إلى عبيدة، وعبيدة أرسلني إليك. فقال: ائت عبد الرحمن بن أبي ليلى.
فأتيت عبد الرحمن بن أبي ليلى، فسألته، فكرهه، ثم رجعت إلى علقمة، فأخبرته، قال: كان يقال: أجرأ القوم على الفتيا أدناهم علمًا».
 


بئس الأخ أخًا يرعاك غنيًا ويقطعك فقيرًا



جاء في كتاب "المتحابين في الله" لابن قدامة المقدسي (ص79) عن الأسود بن كثير أنه قال: «شكوت إلى محمد بن علي بن الحسين الحاجة وجفاء الإخوان. فقال: بئس الأخ أخًا يرعاك غنيًّا، ويقطعك فقيرًا، ثم أمر غلامه، فأخرج كيسًا فيه سبعمائة درهم، فقال: استنفق هذه، فإذا نفدت، فأعلمني».
 
من لم يصن نفسه لم ينفعه علمه



جاء في كتاب "طبقات الشافعية" للإمام السبكي رحمه الله تعالى: (2/99) ما نصه: «قال الشافعي رحمه الله تعالى: من تعلم القرآن، عظمت قيمته. ومن نظر في الفقه، نبل قدره. ومن كتب الحديث، قويت حجته. ومن نظر في اللغة، رق طبعه، ومن نظر في الحساب، جزل رأيه. ومن لم يصن نفسه، لم ينفعه علمه».
 
لا يمكَّن حتى يبتلى

جاء في كتاب "الفوائد" للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى (ص269) ما نصه: «سأل رجل الشافعي فقال: يا أبا عبد الله، أيما أفضل للرجل أن يُمكن أو يُبتلى؟ فقال الشافعي: لا يمكن حتى يُبتلى، فإن الله ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنهم، فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة».

 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top