{أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}
أن تقول نفس....
إنها النفس الظالمة، إنها النفس الآثمة، إنها النفس الظلومة الغاشمة، التي ما تركت باب من الذنوب إلا قرعته، و لا باب من الإساءة إلا ولجته.
أن تقول يا حسرتا.
و ما أعظم الحسرة اذا خسر أصحابها وعظمت خسارة أربابها، و خرجوا من الدنيا صفر اليدين من رحمة الله، ما أعظمها من خسارة اذا طويت الصحائف باللعنات، ما أعظمها من خسارة يوم يطبع على القلوب، يوم يتعظم غضب الله علاّم الغيوب من عظيم الاساءة و عظيم الذنوب، ما أعظمها من خسارة يوم لا يستطيع الرجوع، يوم لا تنفع المعذرة و لا تغني الدموع، يوم يتقطع القلب من الألم، يوم يعتصر من شديد الندم.
أن تقول نفس و متى تقول.
حين تضع أخر أقدمها من أعتاب هذه الدنيا و تستقبل الدار التي هي غريبة عليها، يوم تنقطع المعاذر و تغص السكرات بالحناجر، و يصير العبد ذليلا حقيرا إلى الله الواحد القاهر
أن تقول نفس ياحسرتاه ...
يـاحسرتاه يوم طال السَّهر ياحسرتاه يوم ضاعت الأعمار ياحسرتاه على السّاعات واللّحظات يـاحسرتاه على الليل والنّهار.
ياحسرتاه على أصحابٍ لم ينفعوا ياحسرتاه على أحبابٍ لايشفعوا.
يـاحسرتاه على عمر مضى وزمان ولّى وانقضى.
ياحسرتاه إذا كُشف الدّيوان بخطيئة اللّسان وزلاّت الجنان.
يـاحسرتاه يوم يُعرض على الله حافياَ عارياَ.
ياحسرتاه إذا عُرض الشّباب وما فيه من خطأ وصواب ولم يفقِد العبد فيه زلّة ولا حسنة بين يدي الله رب الأرباب.
يـاحسرتاه على ثلاثين عاما أو أربعين أو خمسين أو ستين حين يلقى بها العبد الله رب العالمين.
يـاحسرتاه على مافرطت في جنب الله، ذهب اللّيل وما تمتعت عيني بالبكاء فيه من خشية الله، ذهب الليل وما تمتعت قدمي بالوقوف بين يدي الله.
يـاحسرتاه يوم يذهب العمر دون وجود الغنيمة والذخر.
يـاحسرتاه يوم مضى ليله وطلعت شمسه ولم تنعم يداه بالسّجود بين يدي الله.
ياحسرتاه على صلاة أضعتها، ياحسرتاه على زكاة منعتها، ياحسرتاه على أيام أفطرتها ياحسرتاه على ذنوب فعلتها يـاحسرتاه على خطايا تلذذت بها ياحسرتاه إذا خُتم الدّيوان وعظم الوقوف بين يدي الله الواحد الديّان.
يـاحسرتاه وهل تغني الحسرات ياحسرتاه وهل يؤذن بالرجوع عند الممات.
يـاحسرتاه يوم لم أشكر النعم، ياحسرتاه لم أشكر الله على دفع النّقم، ياحسرتاه يوم لم يلهج لساني بذكره، يا حسرتاه يوم لم يتلذذ لساني بشكره، يا حسرتاه يوم فاز الفائزون وغنم الغانمون وجئت صفر اليدين مما هم فيه يتنعمون، يا حسرتاه يوم فاز الصالحون بالدرجات وسموا إليها بنفوسٍ عاليات أبيّات، ووقفت في الأخريات أنظر إليهم بتلك الحسرات، يـا حسرتاه ولو كنت مطيعا على ما فرطت في جنب الله إذ كنت مستطيعا، يا حسرتاه يوم يلفظها اللسان و يعتقدها الجنان فيخرج كل حرف منها من كل عضو و أركان، يحسرتاه على فرطت في جنب الله لعظم حقه علي، و جزيل نعمته لدي، فكم أنعم و تفضل و كم وهب و أجزل، سبحانه العلي (المتصف بالوصف) الأكمل، يا حسرتاه يوم لم أعظمه حق تعظيمه و لم أمجده حق تمجيده، يا حسرتاه على التفريط في جنب الله يوم فتحت لي أبواب الخيرات فقلت هيهات هيهات فما زلت الأعمار و البقيات، يا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله يقولها المذنبون و يوقن بمعناها المسيئون المخطئون، يا حسرتاه و لو كان العبد مطيعا، يا حسرتاه و لو كان العبد خيرا دينا مستقيما، و لذلك سمى ذلك اليوم المشهود و اللقاء الموعود، سماه بيوم التغابن، لأنه ما من نفس إلا و هي في غبن، لو كانت نفوس الصالحين، في غبن أن لم يفوزوا بالخيرات، أن لم يستكثروا من الطاعات، في غبن أن لم يفوزوا بالرحمات و إن كانوا على خيرات و حسنات.
(يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ).
فويل لذلك اللسان الذي تمتع بالسخرية من أولياء الرحمان، إنها الكلمة التي يقولها من زل لسانه و خاب جنانه و أساءت جوارحه و أركانه، يا حسرتاه يوم ضحكت من المطيعين و أستهزئت بعباد الله الصالحين، يا حسرتاه يوم رأيتهم ذاهبون إلى المساجد فقلت إلى أين هم ذاهبون، يا حسرتاه يوم رأيتهم مع كل راكع و ساجد فقلت لماذا هم يتعبون، يا حسرتاه إذ لم أقدر الله حق قدره استهزأت من عباده و استهترت بأمره.
(يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ).
..............................
تم تفريغها من أحد المقاطع الصوتية على اليوتيب مع نقل لشطر منها من أحد المواقع و القيام على مراجعته.
في الأخير لا تنسونا من صالح دعائكم، و الى لقاء أخر مع موعظة أخرى ان شاء الله تعالى.
..............................
تم تفريغها من أحد المقاطع الصوتية على اليوتيب مع نقل لشطر منها من أحد المواقع و القيام على مراجعته.
في الأخير لا تنسونا من صالح دعائكم، و الى لقاء أخر مع موعظة أخرى ان شاء الله تعالى.
