سلسلة تفسير سورة الفاتحة-5-(تفسير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فضل "الحمد لله" ومواضعها )

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ:

(الحمد لله) الشكر له خالصاً دون سائر ما يُعبد من دونه ، ودون كل ما برأ من خلقه بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ، ولا يحيط بعددها غيره أحد من غير استحقاق منهم ذلك عليه ، فلربنا الحمد على ذلك أولاً وآخراً .
والألف واللام في الحمد ، لاستغراق جميع أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى : كما جاء في الحديث :
(اللهم لك الحمد كله ، ولك الملك كله ، وبيدك الخير كله ، وإليك يرجع الأمر كله) .

(رب العالمين) : الرب : هو المالك المتصرف ، ولا يقال : (الرب) معرفاً بالألف واللام إلا لله تعالى ، ولا يجوز استعمال كلمة الرب لغير الله إلا بالإضافة ... فنقول : رب الدار ، ورب السيف ، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل .

(العالمين) : جمع عالم ، وهو كل موجود سوى الله جل وعلا ، والعالَم جمع لا واحد له من لفظه، والعوالم أصناف المخلوقات في السموات والأرض في البر والبحر ، فالإنس عالّم ، والجن عالّم ، والملائكة عالّم ..
وهكذا قال بشر بن عمارة بسنده عن ابن عباس : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الحمد لله الذي له الخلق كله في السموات والأرض وما فيهن وما بينهن مما نعلم ومما لا نعلم .
وقال ابن جرير رحمه الله : (الحمد لله) : ثناء أثنى به على نفسه ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه ، فكأنه قال : قولوا الحمد لله .
قال : وقد قيل : إن قول القائل : " الحمد لله " ثناء عليه بأسمائه وصفاته الحسنى ، وقوله : "الشكر لله" ثناء عليه بنعمه وأياديه .

من هداية الآية :
1- الحمد يكون لله فقط ولا يكون لغيره ، لأنه رب العالمين .
2- أما الشكر فيكون لله ولغيره ، قال الله تعالى :
{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} .
3- في الآية توحيد الرب الذي كان يعترف به المشركون : قال تعالى عن المشركين :
{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} .
فالمشركون اعترفوا بأن الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، كما اعترفوا بأن الله خالقهم ، ولكن هذا الاعتراف لم يستفيدوا منه ، لأنهم أشركوا بالله حينما دعوا وعبدوا غيره .

فضل "الحمد لله" ومواضعها :

1- بعد الأكل والشرب :

لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
أ- (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها) .
ب- وقال صلى الله عليه وسلم : (من أكل طعاماً فقال : الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفر له ما تقدم من ذنبه) .

2- عند النوم : عن أنس رضي الله عنه :
أ- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال :
الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى).
ب- وعن علي رضي الله عنه :
أن فاطمة رضي الله عنها شكت ما تلقى في يدها من الرحى ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بِسَبي (عبيد) فانطلقت ، فلم تجده ، فوجدت عائشة فأخبرتها .
فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجئ فاطمة ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم الينا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبت لأقوم ، فقال : ( على مكانكما) فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري ، وقال :
( ألا أعلمكمـا خيراً مما سألتماني ؟ إذا أخذتما مضاجعكما : فكبرا أربعاً وثلاثين ، وسبحا ثلاثاً وثلاثين ، وأحمدا ثلاثاً وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم) . ويجوز أن يقال قبل النوم :
(سبحان الله 33) و ( الحمد لله 33) و (الله أكبر 33) .

3- عند الاستيقاظ من النوم :
عن حذيفة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول : ( باسمك اللهم أحيا وأموت) .
وإذا استيقظ قال : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا واليه النشور) .

4- عند العطاس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا عطس أحدكم فليقل "الحمد لله" وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له : يرحمك الله ، فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم) .

5- عند رؤية مبتلى :

عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من رأى صاحب بلاء فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً ، إلا عوفي من ذلك البلاء كائناً ما كان ما عاش) .

6- بعد الرفع من الركوع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده ، فقولوا : " ربنا ولك الحمد" فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) .

7- بعد الصلاة :

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من سبح الله في دُبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين ، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين ، وقال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك الله ، لـه الملك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير ، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) . "دبر كل صلاة : بعد كل صلاة"

8- عند الاستيقاظ من النوم ليلاً :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من تعارّ من الليل (أي استيقظ) فقال : لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم أغفر لي ، فإن دعا استجيب له ، فإن توضأ وصلى قُبلت صلاته) .

<b><u>
 
آخر تعديل:
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-5-(تفسير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فضل "الحمد لله" ومواضعه

ﺷـﻜــ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻚ ـــﺮﺍ ﻟﻚ ... ﻟﻚ ﻣﻨﻲ ﺃﺟﻤﻞ ﺗﺤﻴﺔ
 
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-5-(تفسير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فضل "الحمد لله" ومواضعه

بارك الله فيك
جعله في ميزان حسناتك
 
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-5-(تفسير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فضل "الحمد لله" ومواضعه

بارك الله فيك أخي
وجزاك الله كل خيرا
ان شاء الله في ميزان حسناتك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top