آداب الحوار

ملامح شاعر

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
17 جانفي 2015
المشاركات
1,025
نقاط التفاعل
2,285
النقاط
71
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: فنحن بحاجة شديدة إلى معرفة أحكام الحوار، لأننا نتحاور في مجالسنا، نحاور غيرنا فيما يجدّ علينا من القضايا، وفيما نتكلم به من الأمور والمواضيع، سواء كان ذلك في مجالسنا، أو في محاضراتنا في الدعوة إلى الله – جل وعلا – أو في غيره من الأعمال التي نتقرب بها إلى الله – عز وجل – وحينئذ فنحن محتاجون – أشد الحاجة – إلى معرفة آداب الحوار، فالحوار ليس مقتصرا على المراكز التي تقام، ولا الحوار يشمل المناقشات التي تكون بين اثنين في مجالسهم فقط، بل الحوار يشمل كذلك المناقشات التي تكون في مجال الدعوة إلى الله – عز وجل – فعندما تلتقي مع شخص عنده فكرة مخالفة للشرع، سواء كان ذلك في العقائد، أو في الأخلاق، أو في العبادة، وتريد أن تناقشه، وأن تبعد ما في ذهنه من فكر سيء، فلا بد أن تلتزم بآداب الحوار.
معنى الحوار
والحوار في أصل اللغة مأخوذ من الفعل حار، بمعنى رجَعَ، كما قال – جل وعلا – ﴿ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾ [سورة الانشقاق: الآية 14]، يعني ظن أن لن يرجع إلى الدنيا، وقد ذكر الله – عز وجل – في سورة الكهف قصة المتحاورَين اللذين ذكر الله من شأنهما ما ذكر، ﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ [سورة الكهف: الآية 34].
والحوار عند العلماء المتقدمين يسمونه الجدال، ويستدلون عليه بقوله – جل وعلا – ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [سورة المجادلة: الآية 1]، فسمى ذلك الجدال والمجادلة حوارًا.
وقد اعتنى علماء الإسلام ببيان حكم الحوار والمجادلة، واعتنوا كذلك ببيان الآداب والضوابط التي يجب أن يكون عليها الحوار والمجادلة، وذلك في كتبهم الأصولية، فإنهم عندما يبحثون في قوادح الاستدلال والأسئلة الواردة على الاستدلال بالأدلة، فإنهم يجعلون فصلا خاصا في أحكام الجدل وآدابه.
ثم إن طائفة من أهل العلم ألفوا مؤلفات مستقلة في هذا الفن، في مسمى الجدل على طريقة الفقهاء، وقد اعتنيت بذكر العديد من هذه المؤلفات من خلال كتاب “قوادح الاستدلال بالإجماع”.
والحوار والمجادلة قد جاء في الشريعة ببيان مشروعيتهما، وببيان أنهما وسيلة إلى الدعوة إلى الله – جل وعلا – قال ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [سورة النحل: الآية 125]، فجعل المجادلة وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله – عز وجل -، فهكذا الحوار، وقال – جل وعلا – ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [سورة العنكبوت: الآية 46]، فالاستثناء من النفي يكون إثباتًا، كأنه قال: جادلوهم بالتي هي أحسن، وقال – جل وعلا – ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [سورة البقرة: الآية 111]، وهذا فيه نوع مجادلة ومحاورة.
ثم إن الله – عز وجل – قد حكى في كتابه العزيز من المحاورات مع الذين كانوا في عهد النبوة، سواء كانوا من اليهود، أو النصارى، أو المشركين، فإن الله – جل وعلا – قد حكى لنا العديد من هذه المحاورات والمناقشات التي ترد على أفكارهم السيئة، قال – تعالى – ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [سورة يس: الآية 78-79]. وهكذا تتعدد الآيات في محاورة أصحاب هذه الأفكار.
وكذلك كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحاور من في عصره، سواء كانوا من أصحاب الديانات الأخرى، كما في سورة آل عمران التي ذكر الله – عز وجل – فيها محاورة النبي – صلى الله عليه وسلم – مع نصارى أهل نجران، وكما في عدد من السور التي فيها بيان عدد من المحاورات مع المنافقين وغيرهم.
وإذا تقرر هذا، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يقتصر في محاوراته على أصحاب الديانات الأخرى، بل قد حاور أيضا بعض أهل الإسلام الذين جاءوا يسألونه عن بعض الأمور التي ترد عليهم إشكالات فيها، فقد ثبت أن فتى شابًّا أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنى. فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه. فقال: «ادنه». فدنا منه قريبا، قال: فجلس. قال: «أتحبه لأمك». قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم». قال: «أفتحبه لابنتك». قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك. قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم». قال: «أتحبه لأختك». قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم». قال: «أتحبه لعمتك». قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم». قال: «أتحبه لخالتك». قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم». قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه». فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء (1).
فالنبي – صلى الله عليه وسلم – ناقشه وبين له، حتى أبعد الشبهة التي وردت في نفسه.
وهكذا نعلم أن هذا المبدأ قد فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد حاور في زمانه أصحاب الديانات، وحاور أصحاب الأفكار التي تكون مخالفة لشريعة الإسلام، ثم بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – استمر صحابته على منهجه، فبدءوا يحارون أصحاب الديانات الأخرى، حاوروا الروم، وحاوروا الفرس، فدخل العديد منهم في دين الله – عز وجل – كل ذلك بأسلوب مقنع، وبحجة واضحة، وبدليل تذعن له النفوس.
وهكذا أيضا حاوروا أهل الإسلام من أصحاب الفرق التي عندها شيء من البدع والضلالات، فأهل الإسلام، وأهل التواريخ ينقلون لنا محاضرة ابن عباس – رضي الله عنهما – للخوارج عندما خرج آلاف منهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه ورفع الله درجته – فأرسل إليهم ابنَ عباس – رضي الله عنه – فناقشهم وحاورهم، وكشف شُبههم حتى عادوا إلى سبيل الحق، وإلى طاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -.
ولا زالت الأمة – بعد عصر الصحابة – توجد فيها المناقشات والمحاورات والمجادلات الفقهية، حتى يتمكن العلماء من الوصول إلى الحق، وبيان حكم الله – عز وجل – فيما يرد عليهم من المسائل والحوادث، إلا أننا نجد أن بعض النصوص قد نهت عن شيء من ذلك، فجاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «أنا زعيم ببيت في رَبَض (2) الجنة لمن ترك المِرَاء وإن كان مُحِقًّا» (3).
وجاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ» (4). ثم تلا قول الله – جل وعلا – ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [سورة الزخرف: الآية 58].
ما هو الحوار المشروع؟
فإذا تقرر ذلك فما هو الفاصل بين ما يكون جدالا مشروعا مرغبا فيه في الشرع، وبين ما يكون مِراء محظورا ممنوعا منه في الشرع؟ فنقول:
إن الذي يلازم آداب الحوار والجدل، ويراعي هذه الأحكام الشرعية المتعلقة به، يكون فعله محمودًا، مرغبًا فيه، مثابًا عليه، ومن لم يكن كذلك، ولم يراع الأحكام الشرعية، والآداب المتعلقة به، فإنه يكون مذموما، وحينئذ ينبغي علينا أن نعرف الآداب التي جاء بها شرعنا فيما يتعلق بالحوار والجدال.
إن الحوار في مثل عصرنا الحاضر بدأ ينتشر، وبدأت تستجد له وسائل لم تكن توجد من قبل، وهذا يجعلنا نؤكد على التزام هذه الآداب الشرعية للحوار، ففي عصرنا الحاضر مثلا نجد أن هناك وسائل عديدة، قد استعمل فيها الحوار، فمن ذلك مثلا الصحف التي يتناقش فيها الكتاب، ومن ذلك أيضا القنوات التليفزيونية التي توجد فيها محاضرات ومناقشات ومناظرات، وكذلك ما في الإذاعات، وهكذا أيضا في المجالس واللجان والمجامع العلمية، وكلها مبنية على المناقشة والحوار، وكل منهم يبين ما يراه ويبين دليله، وبعد ذلك يتناقشون في مذاهب بعضهم بعضا، ويحاور بعضهم بعضا في ذلك، وحيئنذ فلا بد من جعل الحوار في هذه الوسائل جميعها مبنيا على الضوابط الشرعية، حتى يكون هذا الحوار على وفق شريعة الله، وحتى يكون مفيدا.
ضوابط الحوار
إحسان النية والقصد:
أولا: من أول هذه الضوابط إحسان النية والقصد، وذلك بأن ننوي بمناقشاتنا الوصول إلى الحق والتقرب إلى الله – جل وعلا – والتعبد له – سبحانه وتعالى – فنحن ندعو إلى الله بالحوار من أجل أن نحصل على الثواب الأخروي، من أجل أن يرضى عنا ربنا – جل وعلا – وفي إحسان النية والقصد أجر عظيم، وثواب كبير، فالأعمال إنما يثاب عليها بقدر النيات كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (5).
والدليل على وجوب إحسان القصد في مثل هذه المناظرات والمحاورات قوله – جل وعلا – ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [سورة النساء: الآية 114]، فحينئذ نحاضر، نبتغي بذلك مرضاة رب العالمين، حتى نحصل على الأجر العظيم.
الحرص على الصدق:
ثانيا: ومن آداب الحوار في شريعة الإسلام، الحرص على الصدق، فلا يدعو الإنسان إلا إلى مبدإ يصدق فيه، ولا يستدل إلا بدليل يكون صادقًا فيه، فلا يكذب في مثل ذلك، فإن الكذب خُلُق مذموم، جاءت الشريعة بالنهي عنه، والصدق خلق فاضل جاءت الشريعة بالأمر به، قال الله – جل وعلا – ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة التوبة: الآية 119].
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» (6). فمن صفات المنافق أنه إذا حدث كذب.
وجاء في سنن الترمذي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «دَع ما يَرِيبُك إلى ما لا يَريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة» (7). فعلينا أن نحرص في محاوراتنا ومناقشاتنا على أن نكون صادقين، فلا نتكلم إلا بما هو موافق للواقع، وألا نتكلم في أمر نعلم أنه مخالف للحق والواقع.
ألا يتكلم الإنسان إلا بعلم:
ثالثا: ومن آداب الشريعة في هذه المحاورات والمناقشات ألا يتكلم الإنسان إلا بعلم، فلا يقول شيئا إلا وهو يعلم مستنده، ويعرف دليله، لئلا يكون ممن يتكلم في أمور لا يعرف الحق فيها، ولا يسندها إلى علم صحيح، قال – سبحانه – ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [سورة الإسراء: الآية 36]، وخصوصًا إذا كان ذلك فيما يتعلق بشرع الله ودينه، فإن القول على الله – جل وعلا – بغير علم من أعظم الذنوب وأكبرها، قال – جل وعلا – ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [سورة الأنعام: الآية 21]، يعني أنه لا يوجد أحد أعظم إثما ممن يفترون على الله الكذب، وينسبون إلى الله ما لا يجوز نسبته إليه، وقال – جل وعلا – ﴿وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى﴾ [سورة طه: الآية 61].
فعلى الإنسان أن يحذر من أن ينسب إلى شرع الله ما ليس منه، فإن ذلك من أعظم الذنوب، ولما ذكر الله – عز وجل – المحرمات قال – سبحانه – ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة الأعراف: الآية 33]، وقال – جل وعلا – ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: الآية 168-169]، فهذا يدعو الإنسان إلى الحذر من الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلبه، فيجادل عنها، ويتكلم بها، ويحاور من أجلها، فهذا كله مخالف للشرع، ومن أعظم الذنوب، قال – جل وعلا – ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [سورة الأنعام: الآية 121].
وإن من أعظم الإثم، وكبائر الذنوب ما يفعله بعض أصحاب الوسائل الإعلامية – من صحف وغيرها – من نشر مقالات لأناس لا ينتسبون إلى علم شرعي، ينكرون فيه شيئًا من المبادئ الشرعية، أو شيئًا من الأحكام الشرعية الثابتة بالكتاب والسنة، فلا شك أن هذا من عظائم الذنوب، ومن كبائر الإثم، فعندما يأتي إنسان يناقش شيئًا من هذه المسلمات يجب علينا أن نقف ضد مثل هذه المقالات، ويجب علينا أن نتقرب إلى الله – عز وجل – بإنكارها.
ألا يتكلم الإنسان بما يخالف مبدأ شرعيا:
رابعا: ومن آداب الحوار، ألا يتكلم الإنسان بما يخالف مبدأ شرعيا، فقد توافرت النصوص بالأمر بالتزام ما جاء في الشرع، في كتاب الله – جل وعلا – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وعدم مخالفتهما، قال – تعالى – ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [سورة آل عمران: الآية 32]، وقال – سبحانه – ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [سورة الأحزاب: الآية 36]، وقال – سبحانه – ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [سورة النور: الآية 63].
وإذا تقرر هذا، فيجب علينا إذا وقع بيننا خلاف في مسألة نتحاور فيها، أن نرجع إلى الأدلة الشرعية، كتابا وسنة، كما قال – جل وعلا – ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [سورة النساء: الآية 59]، وكما قال – جل وعلا – ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [سورة الشورى: الآية 10]، فالأدلة الشرعية وحدها هي الحاكمة.
وهذا هو شأن أهل الإيمان، وأما غيرهم فلا يُحكّمون هذين الأصلين العظيمين، فالحذر الحذر من ترك التحاكم إلى كتاب الله – تعالى – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – قال – جل وعلا – ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [سورة النساء: الآية 65]، فأهل الإيمان إذا جاءهم شيء من النصوص سلموا به، ولم يناقضوه ولم يدعوا إلى مقالة تخالف ما في كتاب الله، قال – تعالى – ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [سورة النور: الآية 51]، وهذا هو فعل أهل الإيمان.
التواضع:
خامسا: ومن الآداب التي جاء بها الشرع فيما يتعلق بالحوار، التواضع فيما بين المتحاورين، بحيث لا يفخر بعضهم على بعض، ولا يتكبر بعضهم على بعض، فإن الفخر والتكبر ليس من شأن أهل الإسلام، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كبر». قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونَعْلُه حسنة. قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر (8) الحق، وغَمْط (9) الناس» (10).
وجاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلاَ يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» (11).
وقال – سبحانه – ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [سورة غافر: الآية 56]، فعلى المتحاور تجنب التكبر على من يناقشه، ويحاوره، وعليه أن يتواضع معه ويرفق به، حتى يكون بذلك موصلا إلى الحق، داعيًا إلى الخير.
عدم الاعتداء على الآخرين بالكلام السيئ:
سادسا: ومن الأمور التي جاء الشرع بالتزام بها في الحوار، عدم الاعتداء على الآخرين بالكلام السيئ، بل الواجب على المؤمن إذا حاور غيره في دعوته إلى الله، أو إلى شيء من شرائعه، أن يخاطبه بالأسلوب الحسن، وبالكلام الطيب الهين الذي يجد طريقه ومسلكه إلى القلوب كما قال – سبحانه – ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ [سورة الإسراء: الآية 53]، ومن الوصايا الإلهية للأقوام السابقين ما قاله – سبحانه – ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [سورة البقرة: الآية 83].
والنبي – صلى الله عليه وسلم – قد بين أن الكلمة الطيبة صدقة، فعلى المتحاور ألا يتكلم إلا بكلام طيب، تقبله النفوس، خصوصا في محاوراته التي يقصد بها الدعوة إلى الله – جل وعلا -.
ألا نعين على الظلم:
سابعا: ومن الأمور التي يجب علينا التزامها فيما يتعلق بمجادلتنا وحوارنا، ألا نكون في مجادلتنا وحوارنا ممن يعين على الظلم، أو يعين الظالمين، بل يجب أن يكون المقصود بالحوار إيصال الحق إلى الخلق، وترغيب الناس في التزام شرع الله، وطاعته حتى نكون بذلك ممن أثيب على عمله أعظم الأجر والثواب، قال – جل وعلا – في قوم سرقوا في عهد النبوة فجاء بعض قرابتهم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يجادلونه فيهم ويحاولون مع النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يقذف هذه التهمة إلى غيرهم، فأنزل الله – جل وعلا – قوله – سبحانه – ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ [سورة النساء: الآية 109].
فعلينا أن نحرص في مجادلتنا ومحاورتنا ألا نكون ممن جعل هذه المجادلة والمحاورة في نصرة الظلم، أو الظالمين، بل ينبغي أن نجعلها في سبيل نشر الحق والعدل بين الناس، ومن هنا، فإن النصرة الحقيقية للظالم إنما تكون بردعه عن الظلم، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا، كَيْفَ أَنْصُرُهُ ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» (12).
فمن الأمور التي جاءت الشريعة بجعلها أدبا من آداب الحوار التزام جانب العدل، فلا نظلم من نتحاور معه، سواء كان هذا الظلم بمقالة سيئة، أو بنسبة خبر كاذب إليه، بل الواجب العدل مع من يخاصمنا ويحاورنا.
ولا شك أن العدل من المبادئ الشرعية التي وردت بها شريعتنا يقول – سبحانه – ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ [سورة النحل: الآية 90] وقال – جل وعلا – ﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [سورة الحجرات: الآية 9]، وجاء في الحديث: «إن المقسطين عند الله على مَنابِرَ من نور عن يمين الرحمن – عز وجل – وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» (13).
والعدل خلق إسلامي فاضل قد جاءت الشريعة بالالتزام به في كل حياتنا، ومن ذلك أن نلتزم به فيما يتعلق بمحاوراتنا ومناقشاتنا ومجادلاتنا لغيرنا.
المحبة:
ثامنا: ومن الأمور التي جاءت بها الشريعة أيضا أن يلتزم المتحاوران المحبة بينهما، فيحب كل واحد منهما الآخر، مع اختلافهما في المسألة التي يتحاورون فيها، فإن الشريعة قد رغّبت أهل الإيمان في أن يحب بعضهم بعضا، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أولا أدُلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفْشُوا السلام بينكم» (14).
وجاء في الحديث القدسي أن الله – عز وجل – يقول: «وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيّ، والمتباذلين فيّ، والمتزاورين فيّ» (15).
وفي الحديث الآخر: «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي» (16).
وقد جاءت نصوص عديدة ترغب المؤمنين في أن يحب بعضهم بعضا.
المعاملة بالحسنى:
تاسعا: ومن الأخلاق الإسلامية التي رغبت فيها الشريعة عموما، وفيما يتعلق بالمتحاورين خصوصا، المعاملة بالحسنى، بحيث يعامل كل من المتحاورين الآخر معاملة طيبة رقيقة فاضلة، قال – جل وعلا – ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [سورة فصلت: الآية 34-35].
فعلى أهل الإيمان أن يتعاملوا فيما بينهم بالمعاملة الحسنة الطيبة، حتى يكونوا بذلك ممن أثنى الله – عز وجل – عليهم في الآية السابقة.
الحلم:
عاشرا: ومن الصفات التي ينبغي أن يلتزم بها المتحاوران الحلم، فكل منهما يحلم على صاحبه، بحيث لا يسرع في الرد عليه، أو في جوابه بحيث يطيش ذهنه، فلا يتمكن من الجواب.
وقد جاءت الشريعة بالترغيب في الحلم، وبيان فضله، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لأشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين (17) يحبهما الله الحلم والأناة (18)» (19).
فعلينا أن نحرص في مجادلاتنا ومحاوراتنا على الرفق بمن نحاور، وبمن نناقش، فإن الرفق خلق إسلامي فاضل، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الرِّفْقَ لا يكُونُ فِى شىْءٍ إِلاَّ زانهُ ولا يُنْزَعُ مِنْ شىْءٍ إِلاَّ شانهُ» (20).
ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «إِنّ اللّه رفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْق، ويُعْطِي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطِي على الْعُنْفِ، وما لا يُعْطِي على ما سِواهُ» (21).
فعلى المسلم أن يكون رفيقًا مع محاوره ومجادله، فيحرص عند المحاورة والمجادلة على ترك الغضب، فلا يغضب على المتخاطب معه، ولا يرفع صوته على جهة الغضب، فإن الشريعة قد نهت عن الغضب، وحذرت منه، فقد جاء رجل للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: أوصني. قال: «لا تغضب». فردد مرارا، قال: «لا تغضب» (22 ). قال له ذلك ثلاثا، وقد جاء في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ليس الشديد بالصُّرَعة (23 )، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (24).
الصفح:
حاديَ عشرَ: ومن الأخلاق الإسلامية أيضا الواردة في مثل هذا، أن المتحاورين إذا اعتدى أحدهما على الآخر، فيستحب للآخر أن يصفح عن خطإ مقابله، وأن يتجاوز عن خطئه، وأن يعفو عنه، فإن الصفح والعفو من الأخلاق الإسلامية التي رغبت فيها الشريعة، قال – تعالى – ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [سورة النور: الآية 22]، وقال ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [سورة آل عمران: الآية 133-134]، ثم بين الله – جل وعلا – أنه أعد لهذا الصنف جنات يوم القيامة.
فينبغي لنا أن نحرص على هذا الخلق الفاضل، فإن الأنبياء هم قدوتنا، وقد كانوا على أعلى الدرجات من الصفح، فقد عامل النبي – صلى الله عليه وسلم – الذين قاتلوه وحاربوه، بالصفح والعفو، وانظروا كيف عامل الله – جل وعلا – الذين حاربوا دينه، وحاربوا أنبياءه وشرعه، حيث عفا عنهم، وتجاوز عما مضى من أفعالهم، لما تابوا إليه – جل وعلا -.
فالمقصود أن خلق الصفح والتجاوز، هو خلق الأنبياء – عليهم السلام – وجاء في حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – في الصحيح: كأني أنظر إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يحكي نبيًّا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (25).
إذا تقرر هذا، علمنا أن الصفح خلق إسلامي فاضل، التزمه الأنبياء – عليهم السلام – فأورثهم الله – جل وعلا – المثوبة العظيمة في الآخرة، وأثابهم به أيضا في الدنيا رفعة الشأن، فإن الله – جل وعلا – قد أجرى سنة كونية في خلقه، وهي أنه من كان متصفا بصفة العفو والصفح، فإن الله يرفع درجته، ويعلي منزلته، كما جاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عِزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (26).
فالتزام خلق العفو والصفح في المناظرات والمحاورات، لا شك أنه يورث الخير الكثير، ويورث رضا رب العالمين.
الوضوح في الكلام:
ثانيَ عشرَ: ومن الآداب التي ينبغي على المتحاورين التزامها، أن يكون كلامهم بيّنا واضحا، يفهمه كل من سمعه، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان كلامه بينا سهلا، يفهمه كل من سمعه، كما وصفته عائشة – رضي الله عنها -.
ويدخل في ذلك أن يحفظ الإنسان لسانه، فلا يتكلم بكلمة تغضب لله – جل وعلا – ولا يتكلم بكلمة قبل أن يتروى فيها، وأن ينظر حكم الله فيها هل، هي موافقة للشرع أو مخالفة، فإن كل كلمة يتكلم بها الإنسان مسجلة عليه، وسيحاسب عليها يوم القيامة ما لم يتب منها، أو يعفو عنه رب العالمين، جاء في مصداق ذلك قوله – سبحانه – ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [سورة ق: الآية 18]، وقال – جل وعلا – ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [سورة الانفطار: الآية 10-12].
فجميع الأقوال والأفعال مسجلة عليكم، وقد جاءت النصوص تُرغّب في حفظ اللسان، وعدم الابتذال في الكلام، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» (27).
وجاء في الحديث الآخر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من يضمن لي ما بين لحَيْيَه وما بين رجليه أضمن له الجنة» (28).
فعلى الإنسان أن يحرص على صيانة لسانه، بحيث لا يتكلم بكلمة عاقبتها سيئة في الدنيا والآخرة، وعليه أن يتكلم بالكلام الطيب، الذي يكون في ميزان حسناته.
التثبت في الكلام:
ثالثَ عشرَ: ومن آداب المحاورات والمجادلات والمناقشات، أن يتثبت الإنسان في كلامه، بحيث لا يقبل كلاما إلا بعد أن يتثبت منه، ولا يتكلم بكلام إلا بعد أن يتثبت منه، جاء في صحيح مسلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (29).
وجاء في الآية القرآنية الأمر بالتثبت فيما يلقى إلى الإنسان، يقول – جل وعلا – ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [سورة الحجرات: الآية 6]، فلا يتحدث الإنسان إلا بحديث يثق فيه، ويعرف صحته، فقد حذر النبي – صلى الله عليه وسلم – من ذلك، فقال: «مَن حَدَّث عنى بحديث، وهو يَرى أنه كَذِبٌ، فهو أحد الكذابين» (30).
تجنب الفحش في القول وسوء الظن:
رابعَ عشرَ: ومن الآداب الشرعية أيضًا الواردة في الحوارات والمناقشات، تجنب الفحش في القول، بحيث لا يتكلم الإنسان إلا بكلام طيب، بكلام يسر سامعه، فإن أهل الإيمان يجتنبون الكلام السيئ، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن بالطعَّان، ولا اللعَّان، ولا الفاحش، ولا البذيء» (31).
فعلى المسلم اجتناب الفحش في القول، كما يحرص في محاورته ومناقشته على تجنب إساءة الظن بالآخرين، بحيث لا يسيء الظن بمناقِشِه ومحاوِرِه، وإنما يعامله على وفق ما يبدر منه، وما يظهر من حاله قال – جل وعلا – ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [سورة الحجرات: الآية 12]، وجاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إياكم والظنَّ، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا (32)، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا (33 )، وكونوا عباد الله إخوانًا» (34 ).
وكذلك يحرص الإنسان في محاورته على اجتناب السباب، فلا يسب محاوره، فإن السباب مخالف لخلق أهل الإسلام، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (35). حتى في محاورة الإنسان مع غير المسلمين، عليه أن يجتنب السباب، قال – تعالى – ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [سورة الأنعام: الآية 108].
كذلك يجتنب المؤمن في محاورته ومناقشته السخرية بمحاوره، فلا يسخر منه، ولا يتكلم بكلمة يفهم منها احتقاره، أو الحط من مقداره، يقول الله – جل وعلا – ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ﴾ [سورة الحجرات: الآية 11]، وحينئذ يجتنب الإنسان السخرية.
وكذلك يجتنب اللمز، قال – تعالى – ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [سورة الحجرات: الآية 11]، ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ [سورة الهمزة: الآية 1]، فلا يشير إليه إشارة يفهم منها احتقاره، سواء كانت تلك الإشارة بيد، أو بعين، أو بغير ذلك من الأعضاء، وإنما يحرص الإنسان على أن يعامل محاضره المعاملة الطيبة.
كذلك يحرص الإنسان في هذه المعاملة مع المحاضر والمناقش، أن يكون حسن الخلق، فيعامله بأخلاق فاضلة طيبة، فإن الشريعة تأمر بحسن الخلق، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «أنا زعيم ببيت في رَبَض (36) الجنة لمن ترك المِرَاء وإن كان مُحِقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خُلُقه» (37).
وفي سنن أبي داود عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار» (38).
وجاء في الحديث: «إن خياركم أحاسنكم أخلاقا» (39). فحينئذ يحرص المسلم على حسن الخلق.
ألا يثني الإنسان على نفسه:
خامسَ عشرَ: من الأمور التي جاءت الشريعة بالتزامها في مثل هذه المحاورات، ألا يثني الإنسان على نفسه، وألا يتكلم بما فيه صفات طيبة عن نفسه، فإن الله – جل وعلا – يقول ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [سورة النجم: الآية 32]، فلا يزكي الإنسان نفسه، ولا يعجب بنفسه، أو بقدرته على الكلام، أو بما لديه من معلومات، أو بغير ذلك، فإن الإعجاب بالنفس طريق إلى خذلان النفس، بحيث يكل الله العبد إلى نفسه، فلا ينصره، قال – جل وعلا – ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [سورة التوبة: الآية 25].
عدم مجاوزة الحد في الكلام:
سادس عشر: كذلك من الأمور التي ينبغي للناس أن يحرصوا عليها في هذه المحاورات، أن يضبطوا أنفسهم بحيث لا يتجاوزوا إلى حدود لا يسمح الشرع لهم بها، بحيث لا يتكلم الإنسان بكلمة تورده أمرًا سيئًا في دنياه وأخراه، فإن الانفعال في مثل هذه المحاورات والمناقشات تجعل الإنسان يتكلم بكلام لا يعرف عاقبته، وقد جاء في الحديث: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم» (40).
فعلى الإنسان أن يضبط نفسه، فلا يتجاوز الحدود الشرعية، التي وردت بها شريعتنا.
الصبر:
سابعَ عشرَ: ومن الأخلاق التي وردت بها شريعتنا فيما يتعلق بمثل هذه المحاورات، الصبر، بحيث يصبر المتحاور على محاوره، لو تجاوز معه في شيء من الأمور التي لا يحق له التجاوز فيها، والصبر خلق إسلامي فاضل، تواترت النصوص بفضله، وبالأمر به، قال – جل وعلا – ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا﴾ [سورة آل عمران: الآية 200]، وقال – سبحانه – ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [سورة الزمر: الآية 10]، وقال ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [سورة الشورى: الآية 43]، وقال – تعالى – ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [سورة آل عمران: الآية 186].
الرحمة:
ثامنَ عشرَ: وكذلك من الأمور التي ينبغي على المتحاور أن يحرص على الاتصاف بها، أن يكون رحيمًا، يرحم المقابل له، لأنه يرغب أن يكون ذلك المحاور متصفًا بالخلق الفاضل، والعقيدة الصافية، لذا فهو يحاوره ليس انتصارًا لنفسه، وإنما رغبة في الأجر الأخروي، ورحمة بذلك الشخص الذي يحاوره، ليبعده عما هو فيه من أفكار سيئة، أو أفعال رديئة.
ولا شك أن النصوص قد وردت بالترغيب في رحمة الخلق، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء» (41).
ويقول: «من لا يَرحم لا يُرحم» (42).
ويقول: «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله – عز وجل -» (43).
لذا علينا في حواراتنا أن نلتزم بهذا الخلق الفاضل، خلق الرحمة.
بشاشة الوجه:
تاسع عشر: كذلك من الأمور التي جاءت الشريعة بالترغيب فيها في مثل هذه المحاورات، الترغيب في بشاشة الوجه، ولُقيا الناس بوجه منبسط ضاحك، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «تبسمك في وجه أخيك صدقة» (44). ويقول: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» (45).
فعلينا أن نحرص على الالتزام بهذا الخلق الفاضل.
عدم نشر ما يرد في هذه المحاورات من أفكار سيئة:
عشرون: كذلك من الأمور التي جاءت الشريعة بجعلها أدبًا في هذه المحاورات، عدم نشر ما يرد في هذه المحاورات من أفكار سيئة، أو أقوال رديئة، فإن بعض الناس إذا وجد شيئًا من الأقوال السيئة في هذه المحاورات، نشرها، وتكلم فيها، ووسع الخلاف فيها، وهذا بخلاف أهل الإيمان الذين ينصحون، ولا يفرحون بهذه الأفكار السيئة، كما يفعل بعض وسائل الإعلام في ملتقيات الحوار، إذ يحرص كثير منهم على انتقاء الكلام الرديء، الذي لا يكون محمودًا، وله عواقب سيئة، فينشرونه، ويبثونه، سواء كان ذلك النشر في صحف، أو في الإنترنت، أو في غيره من الوسائل الحديثة، أو القديمة، ولا شك أن هذا مخالف للخُلق الفاضل الذي جاءت به الشريعة، فإن الشريعة قد أمرت بستر العيوب، وعدم إظهارها، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من سَتَر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» (46).
وجاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «يا معشر من قد أسلم بلسانه، ولم يُفْضِ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعَيِّروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله» (47).
ومما يتعلق بهذا، أنه بعد المحاورات، أو في أثناء المحاورات على الإنسان أن يجتنب الكلام السيئ في غيره، سواء أكان ممن يحاور، أو ممن لم يحضر تلك المحاورة، وبعد المحاورة لا يتكلم بكلام سيئ في محاوره، فلا يغتابه، ولا ينشر معايبه، فإن الكلام بمعايب الآخرين من الغيبة المحرمة شرعا، يقول فيها – سبحانه – ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [سورة الحجرات: الآية 12].
وجاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «أتدرون ما الغَيْبَة؟ ذِكْرُكَ أخاك بما يكره». قيل: أَفَرَأَيْتَ إن كان فى أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه (48)» (49).
فعلى الإنسان أن يجتنب الغيبة بالكلام في معايب من يحاوره، أو بمعايب الناس الذين لم يحضروا تلك المحاورات، وإن من أعظم أنواع الغيبة أن يغتاب الإنسان علماء الشريعة، وأن يقدح فيهم، خصوصًا في مثل هذه المحاورات، أو في مثل هذه المناقشات والمجادلات، أو فيما بعدها، فإن الكلام في علماء الشريعة من عظائم الذنوب، لأنه يؤدي إلى مناقضة مقصود الله – سبحانه وتعالى – من رفعة مكانتهم، وعلو منزلتهم، كما قال – جل وعلا – ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [سورة المجادلة: الآية 11]، وقال – سبحانه – ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [سورة الزمر: الآية 9]، والحديث عنهم والكلام فيهم يؤدي إلى عدم الثقة فيهم، ويؤدي إلى عدم الرجوع إليهم فيما يحصل للناس من مسائل شرعية، وهذا مناقض للنصوص الشرعية الواردة بالأمر بمراجعتهم وسؤالهم عما يشكل على الإنسان، قال – سبحانه – ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة النحل: الآية 43]، وقال – جل وعلا – ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [سورة النساء: الآية 83] وقال – جل وعلا – ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [سورة التوبة: الآية 122].
حسن الاستماع:
الحادي والعشرون: ومن الآداب الإسلامية التي وردت في مثل هذه المحاورات والمناقشات، حسن الاستماع لمن يكلمك ويخاطبك ويحاورك ويناقشك، فإن هذا خلق إسلامي، فهذا النبي – صلى الله عليه وسلم – لما جاءه عُتْبة ليحاوره في دينه، ويبين له ما ترتب على دعوته إلى دين الإسلام، من أمور يظنها مفاسد، من التفريق بين الوالد والولد، وجعل ذلك تسفيهًا لدين الآباء والأجداد، أنصت له النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم قال له: «أفرغت يا أبا الوليد» (50). قال: نعم.
فالنبي – صلى الله عليه وسلم – استمع له، وأنصت له حتى أكمل كلامه كله، فلما قضى كلامه قرأ عليه أوائل سورة فصلت، فكان ذلك سببًا في تغيير شيء من موقفه.
عدم التعصب:
الثاني والعشرون: ومن الآداب الشرعية التي يحسن التزامها في المحاورات والمناقشات، عدم التعصب، فلا يتعصب الإنسان إلى شخص، أو إلى رأي، وإنما يبين قوله، ويبين دليله، بأوضح حجة، فلا يكون مراده تعصبًا لشخص، أو انتصارًا له في مقابلة الحق، وإنما يعرف الحق من خلال دليله، ولا يعرف الحق من خلال المتكلمين الذين يتكلمون، فالمقصود أن التعصب لمبدإ، أو لفرقة، أو لرأي، أو لشخص، يجعل الإنسان يبتعد عن الآداب الشرعية الواردة في مثل هذه المناظرات.
التعليق على الكلام دون الأشخاص:
الثالث والعشرون: ومن الأمور الشرعية المتعلقة بهذا، أن يكون الإنسان محاورته ومناقشته مركزًا على الرأي، فإذا أراد أن ينقد فكرة، أو رأيا، فينبغي عليه أن يعرض لذلك الرأي، ويبين مخالفته للشرع، بدون أن ينسبه لقائله، لئلا يورث ذلك تعصبًا لذلك الشخص، أو لتلك الفرقة.
ومثال ذلك: إذا كان عندنا فرقة ضالة مخالفة للشرع، وعندهم شبهة، فعندما نناقش تلك الشبهة ينبغي ألا ننسب تلك الشبهة إلى قائلها، وإنما نورد الشبهة، ونقول هذه الشبهة مخالفة للشرع، مخالفة لقوله – تعالى – كذا، ولقول النبي – صلى الله عليه وسلم – كذا، دون أن ننسبها إلى قائلها، لئلا يكون ذلك سببا في جعل الخصم يتعصب لذلك القائل، ومن ثم يلتزم تلك البدعة المخالفة للحق، والمخالفة للأدلة تعصبًا لشيخه، أو لفرقته، ونحن إنما نريد أن نبعد ذلك التفكير السيئ، وذلك المعتقد المخالف، بدون أن نورث تعصبًا في نفوس الناس، يجعلهم لا يقبلون الحق.
اختيار الألفاظ الطيبة المحببة إلى النفوس:
الرابع والعشرون: ومن الأمور المتعلقة بهذا، أن يختار الإنسان الألفاظ الطيبة المحببة إلى النفوس، بحيث يجد كلامه قبولا عند مستمعه، ولا يورث ذلك صدًّا له عن قبول الحق.
البدء بحمد الله والثناء عليه:
الخامس والعشرون: ومن الأخلاق الشرعية الواردة في مثل هذه المناظرات، أن يبدأ الإنسان مناظرته بحمد الله – تعالى – والثناء عليه، والصلاة على نبيه – صلى الله عليه وسلم – وسؤاله الاستعانة، كما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول في خُطَبِه، فقد كان يبدؤها بقوله: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه» (51). فيستعين المرء بربه – جل وعلا – في كل أموره، وخصوصًا في معرفة الحق، وفي الهداية إليه، وفي الدعوة إليه، وفي جعل الناس يقبلون ما لديه من حق، ليكون بذلك ممن دخل في قوله – جل وعلا – ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [سورة العصر: الآية 1-3]، فإن الثناء على الله – جل وعلا – والاستعانة به – سبحانه – لها أثر عظيم.
تجنب الحديث بما لا فائدة فيه:
السادس والعشرون: ومن الآداب الشرعية المتعلقة بهذا، أن يجتنب الإنسان كثرة الحديث بما لا فائدة فيه، ويقتصر في حديثه على ما يحقق المصلحة، ويحقق إقناع محاوره ومناقشه، وأما الثرثرة والكلام الزائد الذي لا يستفاد منه، فعليه أن يجتنبه، وقد ورد في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن من أحبكم إليَّ، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون». قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبرون » (52).
فعلى الإنسان أن يجتنب الإنسان هذا الخلق الذي حذرت منه الشريعة.
الحرص على اتباع الحق:
السابع والعشرون: ومن الآداب الشرعية في مثل ذلك، أن يحرص الإنسان على الرغبة في اتباع الحق، فهو إنما يدعو إلى الحق، ويرغب في الحق، حتى يكون بذلك من الداعين إلى دين الله، الداخلين في قوله – تعالى – ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [سورة فصلت: الآية 33]، وقد جاء في الحديث: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» (53).
وجاء في الحديث: «لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» (54).
فالمقصود أن الإنسان عليه أن يحرص على اتباع الحق في مثل هذه المناظرات، ويحرص على معرفة الحق، سواء كان ذلك الحق خارجا مما لديه، أو كان من عند مقابله أو المتحاور معه.
عدم الإيذاء:
الثامن والعشرون: ومن الأمور التي ينبغي علينا أن نحرص عليها في مثل هذه المحاورات، ألا نؤذي غيرنا، سواء كان محاورًا لنا، أو غير محاور، فإن الإيذاء بالأقوال من الأمور المحرمة، قال – جل وعلا – ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [سورة الأحزاب: الآية 58]، ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «المسلم مَن سَلِم المسلمون من لسانه ويده» (55).
فلا يتكلم الإنسان بالقدح في المقابل له، ولا يصفه بأوصاف رديئة سيئة، وإن كان متصفًا بها حقيقة، لأن مرادنا ليس القدح في المحاور لنا، وإنما المراد إيصال الحق له.
وهنا أمر متعلق بهذا، وهو أنه في مثل هذه المحاورات، قد يكون المحاور لنا ممن لا تقنع نفسه بإظهار الموافقة في الحال، فليكن مقصودك إيصال الحق إليه، وتعريفه بدين الله وبشريعة الله، فإذا أوصلت إليه ذلك، فإنه حينئذ قد انتهى دورك وواجبك، أما هدايته وإلزامه بالحق، فهذا ليس من شأنك، وليس مما تطالب به شرعا، فإن الهداية بيد الله، يهبها لمن يشاء، قال – تعالى – ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [سورة البقرة: الآية 272]، وقال ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [سورة القصص: الآية 56].
لذا فمقصودنا هو إرضاء رب العالمين، من خلال إيصال الحق إلى المحاور لنا، وأما إلزامه به، فقد لا نتمكن من ذلك، وإنما نقنع بإيصال الحق إليه، لأنه قد يأخذه التعصب، وتأخذه العزة بالإثم، بحيث لا يتمكن من إظهار الحق، ومن إظهار الموافقة على ما لديك من صواب.
فهذه آداب شرعية جاءت شريعتنا بالترغيب فيها في حياتنا كلها، وفيما يتعلق بالحوار وبالنقاش بشكل خاص، حتى تكون حواراتنا ومناقشاتنا محققة للمقصود الشرعي، فيتحقق بذلك التزام شرع الله – جل وعلا – ويتحقق بذلك أيضا الالتزام بالعقيدة الصافية، فنستطيع بذلك إبعاد البدع والخرافات من حياة الناس، ونستطيع بذلك أيضا إبعاد العقائد الفاسدة، والديانات المخالفة للحق، ونستطيع بهذه المحاورات والمناقشات أيضًا أن نجعل الناس يلتزمون بشريعة الله – سبحانه وتعالى – في سائر حياتهم، فيكونوا بذلك ممن أخلصوا دينهم لله، ويكونوا بذلك ممن وافقوا في حياتهم شريعة الله، فينطبق عليهم قوله – تعالى – ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [سورة الأنعام: الآية 162-163].
أمور ينبغي الحذر منها في الحوار
هناك أمور مهمة يجب للمحاور ألا يغفل عنها، منها:
ألا يكون الحوار وسيلة لمخالفة الشرع:
أولا: أن الحوار ينبغي ألا نجعله وسيلة من الأمور المخالفة للشرع، ومن أمثلة ذلك أن نجعل الحوار وسيلة للتنازل عن الحق الذي عند الإنسان، أو عن بعض الحق الذي لدى المحاور باسم التقريب بين المتحاورين، فالحوار المراد به أن يظهر كل إنسان ما لديه من أقوال ومذاهب، ثم يستدل على ذلك، ثم يبين وجه القدح في دليل خصمه، ثم بعد ذلك يبين الجواب عن الاعتراضات الواردة عليه، هذا هو المراد بالحوارات التي يرغب فيها الشرع، ويترتب عليها التمييز بين الحق والباطل، ولكن بعض الناس يدعو إلى حوار، يريد به أن يترك أهل الحق بعض الحق الذي معهم، ولا شك أن هذا خطأ ومخالف للشريعة، فإن الشريعة قد أمرت بالتزام الحق والسير عليه، فحينما يدعونا داعٍ إلى ترك بعض الحق، بأي اسم فإننا لا نستجيب لدعوته، لأن هذا مخالف للنصوص الشرعية الواردة بالتزام الحق والسير عليه.
ألا يكون وسيلة لتحقيق مطالب شخصية:
ثانيا: أن بعض الناس يجعل الحوار وسيلة لتحقيق مطالبه، وما يرغب فيه، سواء كانت هذه المطالب لشخصه، أو لطائفته، وإنما الواجب أن يجعل الحوار لمناقشة الأفكار والآراء، بحيث يتبين الحق فيها من الصواب، أما تحويل الحوار عن الهدف منه – وهو بيان الحق – إلى المطالبات الشخصية، ونحو ذلك، فإن هذا خروج بالحوار عن المقصود منه.
ألا يؤدي إلى تكتلات وأحزاب:
ثالثا: وكذلك من الأمور التي ينبغي أن نتحرز منها في حواراتنا، ألا تكون وسيلة لجعل هذه الحوارات أمكنة للتكتلات والتجمعات، بحيث تجتمع كلٌّ لفرقة، فأنا أؤيد هذا الرأي لكونه جاء به فلان، تعصبا له، أو لجعل بعض أهل المبادئ والأفكار يتحزبون فيما بينهم، فيوافق أهل الشرق أهل الغرب في بعض أمورهم باسم ما يدعى بالحوار من أجل القضاء على الحق، أو محاربته، أو محاربة أهله.
عدم التلبيس:
رابعا: ومن الأمور التي ينبغي علينا أن نحذرها فيما يسمى بالحوارات، إدخال التلبيس في هذه الحوارات، بحيث لا يدخل المتكلمون حِيَلا في القول، ومغالطات لا تكون أمورًا حقيقة، وإنما هي من باب التلبيس على الناس، فإن الباطل لو جعل وحده لم يَرُجْ على الناس، وإنما يقوم أهل الباطل بتلبيس باطلهم ثوبا من الحق ليروج على الناس، ولذلك قال – جل وعلا – ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: الآية 42]، لذا فإننا نحذر من أولئك الذين يفعلون ذلك، سواء أكان هذا التلبيس من باب إدخال رأي في رأي، أو إدخال مسألة في مسألة، بحيث يظن الإنسان أن المسألتين متلازمتان.
وهذا يقع في كثير من مسائل العقائد، حيث يظن بعض الناس في مسألتين أنهما متلازمتان، وأن من قال بقول في مسألة، لا يلزمه أن يقول بقول في المسألة الأخرى، ظنا منه أن هناك تلازما بين هاتين المسألتين، والأمر ليس كذلك.
عدم استعمال المصطلحات والألفاظ غير المفهومة:
خامسا: ومما يتعلق بهذا، أن يحرص الإنسان على تحرير المصطلحات التي يتكلم بها في مثل هذه الحوارات، فإن الناس قد يتكلمون بالكلمة، ويكون مقصود الناس بها مختلفا بحيث تظن طائفة أن المراد بها شيء، ويظن آخرون أن المراد بها شيء آخر، ومن ثم يقع اللبس والخطأ في مثل هذه الحوارات، ومن أمثلة ذلك مثلا لفظ الإرادة الذي يوصف به رب العزة والجلال، يتكلم فيها الإنسان ويخلط فيها بين الإرادة الشرعية، والإرادة القدرية، فيوقع الناس في اللبس، فيؤدي ذلك إلى نفي القدر، أو يؤدي إلى عدم الالتزام بالشرع ظنًّا أن الإرادتين متلازمتان، والأمر ليس كذلك.
الحذر من المغالطات:
سادسا: وكذلك يحذر الإنسان في مثل هذه المحاورات من المغالطات التي تكون في أساليب الحوار، فإن تركيب الأدلة له وسائل وطرق يعرفها أهل العلم، فعندما يكون الإنسان غير عالم بهذه الطرق التي تركب بها الأدلة، فإن هذا قد يوقعه في التسليم بأشياء لا يكون التسليم بها صوابا، وأهل العلم يمثلون لذلك بقولهم: يقول القائل: العلماء فقراء، وأنا فقير. إذا النتيجة: أنني عالم، لأني فقير، وهذه نتيجة خاطئة لأنها قد رُكّبت من مقدمتين لا يلزم منهما أن تنتج هذه النتيجة، فالمقصود أن يحذر الإنسان من مغالطات أهل الحيل التي يوردونها على الناس، بحيث ير**** دلائل، لا يصح تركيب بعضها على بعض، ومن ثم ينتج عن ذلك نتائج غير صحيحة.
فالمقصود أن الحوار والمناقشات والجدل له علم مستقل اعتنى به علماء الشريعة، وضّحوا طرائقه وأساليبه، ووضحوا حكمه وضوابطه وآدابه، فيحسن بأهل الإسلام أن يراعوا هذه الضوابط، وأن يتعلموا هذا العلم، ليكونوا في حديثهم ومناقشاتهم وحواراتهم منطلقين على أسس شرعية، فيرضوا بذلك رب العالمين، وينشروا الحق، ويجعلوا الناس يلتزمون بشريعة الله – جل وعلا – في سائر أمورهم.
أسأل الله – عز وجل – لجميع المسلمين التوفيق لخيري الدنيا والآخرة، وأسأله – سبحانه – أن يجعلنا ممن التزم بضوابط الشريعة وآدابها، كما أسأله – جل وعلا – أن يصلح أحوال الأمة، وأن يردهم إلى دينه ردا جميلا، وأن يوفق ولاة أمور المسلمين لكل خير، وأن يجعلهم أسباب هداية ورحمة وصلاح للناس أجمعين، وصلى الله على نبينا محمد.



منقول للفائدة
 
رد: آداب الحوار

إيـه لكم نحن بحاجة إلى قرآءة هذا الموضوع حرفاً حرفاً وبتمعن
فمن النآس من إن كنت تخالفه الرأي يبدأ بالشتم والكلام بطريقة سوقية
بارك الله فيكم أخي الكريم على هذا الموضوع المميز
دمتم بخير وهدانا الله أجمعين​
 
رد: آداب الحوار

السلام عليكم
موضوع نحتاجه وبشدة
خاصة في ظل وجود ناس متعصبين ومتشبثين بأرائهم
يا ريت لو كل واحد منا يتطلع عليه ويتعظ
بارك الله فيك
 
رد: آداب الحوار

إيـه لكم نحن بحاجة إلى قرآءة هذا الموضوع حرفاً حرفاً وبتمعن
فمن النآس من إن كنت تخالفه الرأي يبدأ بالشتم والكلام بطريقة سوقية
بارك الله فيكم أخي الكريم على هذا الموضوع المميز
دمتم بخير وهدانا الله أجمعين​
آمين و اياكم
وبارك الله فيك وجزاك كل خير
ودمت بألف خير أختاه
 
رد: آداب الحوار

السلام عليكم
موضوع نحتاجه وبشدة
خاصة في ظل وجود ناس متعصبين ومتشبثين بأرائهم
يا ريت لو كل واحد منا يتطلع عليه ويتعظ
بارك الله فيك
وعليكم السلام
ياريت .اللهم اهدينا جميعا لطريق الخير
وبارك الله فيك أختاه وجزاك كل خير
 
رد: آداب الحوار

حقيقة في وقتنا الكثير يفتقد للغة الحوار وان خالفته في الراي او الفكرى سيشتمك او ربما يعتدي عليك
شكرا لك على الطرح
 
رد: آداب الحوار

حقيقة في وقتنا الكثير يفتقد للغة الحوار وان خالفته في الراي او الفكرى سيشتمك او ربما يعتدي عليك
شكرا لك على الطرح
العفوا
نعم أخي حمزة
الشتم هو لغة حوار الضعفاء و للأسف قد وصلنا إليه
ومشكور أخي بارك الله فيك وجزاك كل خير
 
رد: آداب الحوار

جعله الله في ميزان حسناتك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top