علامات النبــوة

رد: علامات النبــوة

الدقة في ذكر أخبار الأنبياء عليهم السلام

وما جري لهم مع أممهم([1])



لقد علم كل أحد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم ظهر في مكة واشتهر بالأُمية فلم يكن يتلو شيئًا من الكتاب فيتعلم بذلك ما يمكن تعلم من أخبار الأمم المتقدمة ولم يكن يكتب بيده هذه الأخبار فيقدم ويؤخر ليخرجها أخيرًا بأسلوب جديد وكتاب فريد اسمه القرآن. قال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ.



أليس يكفي إذًا للإقرار بنبوة من هذه حاله من الأُمية أن يقول وهو الذي اشتهر بالصدق والأمانة حتى سمي بالصادق الأمين قبل مبعثه: أن الله اصطفاه وبعثه للناس رسولا ويأتي بكلام لم يعهد أنه تكلم به في ما مضى من حياته ويذكر مجمل ما جرى من قصص الأولين وما جرى لهم مع أنبيائهم وحوادث طوفان نوح وريح هود وناقة صالح وغير ذلك من الأحداث بتفصيل دقيق حتى إنه ليذكر عن أهل الكهف أنهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا, وعند أهل الكتاب أنهم لبثوا في الكهف ثلاثمائة سنة وهذه السنون التسع هي الفرق بين عدد السنين الشمسية عند أهل الكتاب والقمرية عند العرب. والذي نفسي بيده لو لم يكن من علامات نبوته إلا هذه لكفى وزاد عن الكفاية فتعسًا لمن لا يستجيب.

﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إن شئت فاقرأ من القرآن الكريم سورة الأعراف أو سورة هود أو سورة مريم.[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

ما في القرآن من العلوم والمعارف التي يستحيل
على الأُميين الإحاطة بها

قال الزرقاني رحمه الله: وبيان ذلك أن القرآن قد اشتمل على علوم ومعارف في هداية الخلق إلى الحق، بلغت من نبالة القصد ونصاعة الحجة وحسن الأثر وعموم النفع مبلغًا يستحيل على محمد وهو رجل أمي نشأ بين الأميين أن يأتي بها من عند نفسه بل يستحيل على أهل الأرض جميعًا من علماء وأدباء وفلاسفة ومشترعين وأخلاقيين أن يأتوا من تلقاء أنفسهم بمثلها.

هذا هو التنزيل الحكيم، تقرؤه فإذا بحر العلوم والمعارف متلاطم زاخر وإذا روح الإصلاح فيه قوي قاهر، ثم إذا هو يجمع الكمال من أطرافه، فبينما تراه يصلح ما أفسده الفلاسفة بفلسفتهم إذ تراه يهدم ما تردى فيه الوثنيون بشركهم وبينما تراه يصحح ما حرفه أهل الأديان في دياناتهم إذ تراه يقدم للإنسانية مزيجًا صالحًا من عقيدة راشدة ترفع همَّة العبد، وعبادة قويمة تطهر نفس الإنسان، وأخلاق عالية تؤهل المرء لأن يكون خليفة الله في الأرض، وأحكام شخصية ومدنية واجتماعية تكفل حياة المجتمع من الفوضى والفساد وتضمن له حياة الطمأنينة والنظام والسلام والسعادة... دينًا قيمًا يساوق الفطرة ويوائم الطبيعة ويشبع حاجات القلب والعقل، ويوفق بين مطالب الروح والجسد ويؤلف بين مصالح الدين والدنيا، ويجمع بين عزِّ الآخرة والأولى، كل ذلك في قصد واعتدال وببراهين واضحة مقنعة تبهر العقل وتملك اللب. والكلام على هذه التفاصيل يستنفذ مجلدًا بل مجلدات فلنجتزئ هنا بأمثلة وإشارات، ولنخترها في موضوع العقائد التي هي واحدة في جميع أديان الله بحسب أصلها قبل التحريف، ولنتعرض في هذه الأمثلة إلى شيء من المقارنة بين تعاليم الإسلام وتعاليم اليهود والنصارى على عهد نزوله، ثم إلى شيء من ردِّ القرآن عليهم وتصحيحه لأغلاطهم وفضحه لأباطيلهم, ومقصدنا من هذا قطع ألسنة خراصة، زعم أصحابها أن تعاليم القرآن استمدها محمد من بعض أهل الكتاب في عصره ثم نسبها إلى ربِّه ليستمد من هذه النسبة قُدسيتها ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا.
 
رد: علامات النبــوة


أ- أمثلة من عقيدة الإيمان بالله:


1-جاء القرآن بالعقيدة في الله بيضاء نقية, نزهه فيها عن جميع النقائص ونص على استحالة الولد وكل ما يشعر بمشابهة الخالق بالمخلوق ووصف الله بالكمال المطلق ونص على وحدانيته في ربوبيته ووحدانيته في ألوهيته، بمعنى أنه أحد في تدبير خلقه واحد في استحقاقه العبادة دون غيره.


ألم تر أنه يقول: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
ويقول: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا.
ويقول: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ.
ويقول: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
ويقول: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ أَحَدًا.
ويقول: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
ويقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
ويقول: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ.
ويقول: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ.
ويقول: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.
ويقول: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا إلى غير ذلك وهو جد كثير.


2- وضلَّ اليهود بعد موسى فعبدوا بعلا، وزعموا في عهد من عهودهم أن لله ابنا، وشبهوا الله تعالى بالإنسان فنعتوه بأنه تعب من خلق السماوات والأرض فاستراح يوم السبت، وركبوا رؤوسهم فقالوا أنه سبحانه ظهر في شكل إنسان وصارع إسرائيل فلم يقدر على التفلت منه حتى باركه فأطلقه، إلى غير ذلك من أغلاطهم وفضائحهم.


3- وضلَّ النصارى بعد عيسى، فذهبوا إلى عقيدة معقدة من التثليث وصارت كنائسهم من عهد قسطنطين كهياكل الوثنية الأولى وخلعوا على رجال كهنوتهم ما هو حقٌّ الله وحده من التشريع والتحليل والتحريم، حتى تعزى بهم وثنيو العرب ورأوا أنهم أمثل من هؤلاء المسيحيين في الوثنية.


﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ.


ثم احتجوا على شركهم بأنهم ما سمعوا دعوة التوحيد الذي جاء به الإسلام في الملة الآخرة.


﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ أي النصرانية.


4- فانظر مدى البون الشاسع بين الحق الذي جاء به القرآن في هذا الباب، وبين الباطل الذي جاء به هؤلاء وهؤلاء، على أن كتاب الله لم يكتف بذلك، بل ردَّ على أولئك المبطلين ببراهينه الساطعة وأدلته القاطعة استمع إليه وهو يقول: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
ويقول: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا * لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا.
ويقول: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ.
﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ.
ويقول: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
ويقول في نفي التعب الذي افتراه اليهود على الله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ.
ويقول نعيا عليهم في فرية أخرى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ.
ويقول في نفي البنوة التي زعموها لله هم والنصارى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.
 
رد: علامات النبــوة


ب- أمثلة من عقيدة البعث والجزاء:


1- جاء القرآن بعقيدة البعث بعد الموت واضحة شاملة للروح والجسد، عادلة لا ظلم فيها ولا محاباة، مقسطة لا شفاعة هناك بالمعنى الفاسد ولا فداء، عامة لا فضل لجنس ولا لطائفة ولا لشخص إلا بالتقوى.
اقرأ إن شئت قوله سبحانه: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا.
وقوله:﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى *.
وقوله:﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ *.
وقوله: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ.
وقوله: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ.
وقوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ.


2- وضلَّ اليهود فزعموا أنهم الشعب المختار من بين شعوب الأرض، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس، وأن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودة هي مدة عبادتهم العجل أربعين يومًا.


3- وضلَّ النصارى فزعموا أيضًا أنهم أبناء الله وأحباؤه وذهبوا في المسيح مذهب الهنود في كرشنة أنه قتل وصلب ليخلص الإنسان ويفديه من الخطيئة فهو المخلص الفادي الذي يخلص الناس من عقوبة الخطايا ويفديهم بنفسه، وهو الأقنوم الثاني من الثالوث الإلهي الذي هو عين الأول والثالث وكل منهما عين الأخير. كذلك قال الهنود في كرشنة، ثم جاء مُخرِّفة النصارى فتابعوهم على هذا الخيال الفاسد، الذي تأباه العقول والطباع، ولا يتفق وعدل الله وحكمته في الجزاء والمسئولية، ولم يستطع الخابطون في هذا الضلال أن يروجوه في ضحاياهم إلا بترويضهم عليه من عهد الصغر، وتنشئتهم على سماعه واعتقاده من غير بحث ولا نظر، بل قالوا: "اعتقد وأنت أعمى".


4- وضلَّ نساك النصارى فتابعوا الهنود أيضًا في احتقار اللذات المادية، وفي تربية النفوس على الحرمان وتعذيب الجسد، وزادوا الطين بلة فقالوا: إن البعث روحاني مجرد عن إعادة الجسم، مخدوعين بتلك النظرية الفلسفية الخاطئة وهي احتقار اللذات المادية وذمهم إياها بأنها حيوانية، وغاب عنهم أنها لا تكون نقصًا إلا إذا سخر الإنسان عقله وقواه لها وأسرف فيها إسرافًا يشغله عن اللذات العقلية والروحية القائمة على العلم النافع والعمل الصالح، أما إذا اعتدل فيها ووفق بين المطالب الروحية والجسمية، فتلك مفخرة للإنسان وميزة لنوع الإنسان بها صار عالمًا عجيبًا جمع بين روحانية الملائكة وجثمانية الحيوان والنبات، وقد خلقه الله في الدنيا مظهرًا من مظاهر إبداعه واقتداره، فكيف ينقص ملكوت الآخرة هذا المظهر العجيب، على حين أن الآخرة هي دار العجائب والغرائب فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ؟
﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ([1]) لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.


5- وكذلك ضلَّ متطرفة اليهود فعكسوا الأمر، وأفرطوا في حب المادة حتى أحلُّوا لأنفسهم جمعها من أي طريق، وبالغوا في استنزاف دماء العالم في الربا وأكل أموال الناس بالباطل وظنوا أن لا جناح عليهم إذا رزءوا أي عنصر غريب عنهم.
﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ.


6- ولكن القرآن قد جاء يردُّ هؤلاء وهؤلاء إلى جادة الاعتدال، ووقف موقفًا وسطًا يرجع إليه الغالي وينتهي إليه المقصر، فأعلن عقيدته في وضوح على نحو ما ذكرنا، وتناول أخطاءهم المذكورة بالإصلاح والتقويم, فقال في معرض الردِّ على أنهم الشعب المختار: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ.
وقال في هذا المعرض أيضًا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
وقال أيضًا: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا([2])﴾.


وقال في معرض الرد على أنهم أبناء الله وأحباؤه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ.


وقال في تفنيذ ما زعموه من أن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودة: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *.


وقال في تكذيب ما زعموا من قتل عيسى وصلبه: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا.


وقال في دحض عقيدة الفداء: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ *.


وقال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ.


ونزلت سورة المسد تسجل العذاب على عمٍّ من أعمام أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وذكر القرآن ما ذكر في ابن نوح ولم يطب القرآن نفسًا بضلالة "اعتقد وأنت أعمى" بل حثَّ على النظر والتفكر وحاكم العقائد والتعاليم الإسلامية إلى العقول السليمة، ونعى على المقلدين تقليدًا أعمى والأمر في هذا أظهر من أن تساق له الأمثلة.


وعالج القرآن شبهة احتقار اللذات المادية بالمعنى الذي أرادوه فقال: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ.


وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ.


وذمَّ الرهبانية ومبتدعيها فقال: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا.


وعاب على اليهود خيانتهم وظلمهم للشعوب فقال: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.


وقال: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا.


وقال: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ *

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([FONT=&quot][1][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الحيوان: أي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دار الحياة الدائمة التي لا زوال لها ولا انقضاء ولا يموت أهلها ولا يسقمون ولا يحزنون ولا يهرمون بل هم أبدًا في نعيم مقيم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref2[FONT=&quot]([FONT=&quot][2][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النقير: نكتة في ظهر النواة منها تنبت النخلة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

إلى غير ذلك من آيات كثيرة في هذه المواضيع.


والذي نريد أن تفطن له هنا، هو أن هداية القرآن كما رأيت هداية تامة عامة صححت معارف الفلاسفة المنكبين، على البحث والنظر كما صححت معارف الأُميين ومن لا ينتمي إلى العلم بسبب، وصححت أغلاط أهل الكتاب من يهود ونصارى، كما صححت أغلاط مؤلهة الحجر وعبدة الوثن وإذن فليس يصح في الأذهان شيء إذا قيل: إن هذه الهدايات القرآنية ليست وحيًا من الله وإنما هي نابعة من نفس محمد الأُمي الناشيء في الأُميين وليس يصح في الأذهان شيء إذا قيل أنه صلى الله عليه وسلم قد استقى هذه الهدايات من بعض أهل الكتاب الذين لقيهم في الجزيرة العربية، ولو صحَّ هذا لكانوا هم أولى منه بدعوى الرسالة والنبوة، وكيف يصح هذا والقرآن هو الذي علمهم ما جهلوا من حقائق دينهم؟ وهل فاقد الشيء يعطيه؟ وحسبك ما قدمناه لك من تلك الأمثلة التي تتصل بأساس الأديان وصميم العقائد والتي تُريك بالمنظار المُكبِّر أن القرآن جالس على كرسي الأستاذية العليا للعالم كله يعلم اليهود والنصارى وغير اليهود والنصارى، لا على معقد التلمذة الدنيا يتلقف من هؤلاء وهؤلاء.


فإن لم يكفك ما سمعت، فدونك القرآن تصفحه وتجول في آفاقه وناهيك مثل قوله: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.


ومثل قوله: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.


وإن شئت أكثر من هذا فتأمل كيف أعلن الحق في صراحة أن بيانه لأهل الكتاب ما اختلفوا فيه هو من مقاصده الأولى إذ قال في سورة النحل: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.


هكذا قدم أنه بيان لما اختلف فيه الكتابيون قبل أن يقول: وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. وكذلك قال في سورة النحل: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ * فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ.


لقد لفت القرآن نفسه أنظار الناس إلى هذه الناحية من الإعجاز وأقام الدليل على أنه كلام الله ولا يمكن أن يكون كلام محمد، إذ قال جلَّت حكمته في سورة العنكبوت: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ *.


وقال سبحانه مرة أخرى في سورة الشورى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ([1]).

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([FONT=&quot][1][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مناهل العرفان (2/238/246).[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

النبوءات القرآنية تتحقق طبق ما جاء سواء بسواء

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ بظهور الروم على الفرس في بضع سنين
قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿أَلم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.


وهذا الوعد وقع كما أخبر به الباري جلت قدرته وذلك أنه لمَّا غلبت فارس الروم فرح المشركون واغتم بذلك المسلمون لأن النصارى أقرب إلى الإسلام من المجوس فأخبر الله عزَّ وجلَّ رسوله صلى الله عليه وسلم بأن الروم ستغلب الفرس بعد هذه المدة في أقل من تسع سنين وكان من أمر مراهنة الصديق رضي الله عنه رؤوس المشركين على أن ذلك سيقع في هذه المدة ما هو مشهور ومبسوط في كتب التفسير فوقع الأمر كما أخبر به الله تعالى، غلبت الروم فارس بعد غلبهم غلبًا عظيمًا جدًا وأسلم عند ذلك ناس كثير. فسبحان الله علَّام الغيوب, ولله الحمد والمنة.


ولقد كان الإخبار بهذا النصر وبأنه كائن في وقت معين إخبارًا بأمرين كل منهما خارج عن متناول الظنون وإحاطة العلماء والأُميين، ذلك أن دولة الروم كانت قد بلغت من الضعف حدًا يكفي من دلائله أنها غُزيت في عُقر دارها وهُزمت في بلادها فغلب سابور ملك الفرس على بلاد الشام وما والاها من بلاد الجزيرة وأقاصي بلاد الروم واضطر هرقل ملك الروم حتى ألجأه إلى القسطنطينية وحصره فيها مدة طويلة فلم يكن أحد يظن أنها تقوم لها بعد ذلك قائمة فضلًا عن أن يحدد الوقت الذي سيكون لها فيها النصر ولذلك كذب به المشركون وتراهنوا على تكذيبه، على أن القرآن لم يكتف بهذين الوعدين بل عززهما بثالث حيث يقول: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ.


إشارة إلى أن اليوم الذي يكون فيه النصر هنالك للروم على الفرس سيقع فيه ها هنا نصر للمسلمين على المشركين وإذا كان كل واحد من النصرين في حد ذاته مستبعدًا عند الناس أشد الاستبعاد فكيف بالظن بوقوعهما مقترنين في يوم؟ لذلك أكده تعالى أعظم التأكيد بقوله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.


ولقد صدق الله عزَّ وجلَّ وعده فتمَّت للروم الغلبة على الفرس بإجماع المؤرخين في أقل من تسع سنين, وكان يوم نصرها هو اليوم الذي وقع فيه النصر للمسلمين على المشركين في غزوة بدر الكبرى كما رواه الترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: «لمَّا كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس» فلله الحمد والمنة ولله الأمر من قبل ومن بعد وسبحان الله علَّام الغيوب.


﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ.


يقول المؤرخ إدوارد جيبون في كتابه "تاريخ سقوط واندحار الأمبرواطورية الرومانية".


"في ذلك الوقت حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة لم تكن آية نبوءة يظن أنها أبعد وقوعًا منها لأن السنين الإثنتي عشرة الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبراطورية الرومانية"([FONT=&quot][1]).[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإسلام يتحدى (201).[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ بموت أبي لهب

وامرأته على الكفر



قال تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ * فأخبر أن عمَّه عبد العزى بن عبد المطلب الملقب بأبي لهب سيدخل النار هو وامرأته فقدَّر الله عزَّ وجلَّ أنهما ماتا على شركهما لم يسلما حتى ولا ظاهرًا وهذا من دلائل النبوة الباهرة إذ أنه أمر من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا مُقدِّر الأقدار.
 
رد: علامات النبــوة

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ بهزيمة جمع المشركين في بدر

قال تعالى في سورة القمر وهي مكية: ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ.

ووقع هذا يوم بدر وقد تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خارج من العريش قبل المعركة ورماهم بقبضة من الحصباء فكان النصر والظفر فلله الحمد والمنة، وفي هذا اليوم استجاب الله عزَّ وجلَّ لنبيه صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجل، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مدَّ يديه فجعل يهتف بربه:
«اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض».

فما زوال يهتف بربِّه مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ.

فأمدَّه الله بالملائكة، قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم([FONT=&quot][1]) فنظر إلى المشرك أمامه فخرَّ مستلقيًا فنظر إليه فإذا هو قد خُطِّم([FONT=&quot][2][/FONT]) أنفه وشقَّ وجهه كضربة السوط فأخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدَّث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة» فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين([FONT=&quot][3][/FONT]) والحمد لله رب العالمين.[/FONT]​

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حيزوم: اسم فرس الملك.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خطم: أي وسم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]صحيح مسلم (12/86).[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ النبي صلى الله عليه وسلم بدخول المسجد الحرام

قال تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا.

فكان هذا الوعد في سَنة الحديبية عام ستٍّ ووقع إنجازه في سنة سبع عام عمرة القضاء. فلله الحمد والمنة وسبحان الله علَّام الغيوب.
 
رد: علامات النبــوة

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ باستخلاف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأرض



قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا.



قال ابن كثير: ولقد صدق الله عزَّ وجلَّ وعده فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر وإسكندرية وهو المقوقس وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة رحمه الله وأكرمه ثم لمَّا مات رسول الله واختار الله له ما عنده من الكرامة قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق فلم شعث ما وَهَى بعد موته صلى الله عليه وسلم وأخذ جزيرة العرب ومهدها وبعث جيوش الإسلام إلى بلاد فارس صحبه خالد بن الوليد رضي الله عنه ففتحوا طرفًا منها وقتلوا خلقًا من أهلها، وجيشًا آخر صحبه أبي عبيدة رضي الله عنه ومن اتَّبعه من الأمراء إلى أرض الشام، وثالثًا صحبه عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى بلاد مصر، ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصرى ودمشق ومخاليفها من بلاد حوران وما والاها, وتوفاه الله عزَّ وجلَّ واختار له ما عنده من الكرامة ومن على أهل الإسلام بأن ألهم الصديق أن يستخلف عمر الفاروق, فقام بالأمر بعده قيامًا تامًا, فتمَّ في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها, وديار مصر إلى آخرها, وأكثر إقليم فارس, وكسر كسري وأهانه غاية الهوان وتقهقر إلى أقصى مملكته وقَصَم قيصر وانتُزع يده عن بلاد الشام واضطَّره إلى القسطنطينية وأُنفق أموالها في سبيل الله كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده, وإذا هلك كسرى فلا كسري بعده، والذي نفسي بيده لتُنفقن كنوزهما في سبيل الله».


ثم لمَّا كانت خلافة عثمان رضي الله عنه امتدت الممالك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها ففتحت بلاد المغرب بما فيها القيروان وبلاد سبتة (المغرب) والأندلس ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين وقتل كسرى وباد ملكه بالكلية وفتحت مدائن العراق وخارسان والأهواز.



فانظر يا عبد الله, كيف جاء تأويل الآية على أوسع معانيها في عصر الصحابة أنفسهم الذين وقع لهم خطاب المشافهة في قوله جلت قدرته (منكم) فبدلوا من بعد خوفهم أمنًا لا خوف فيه واستخلفوا في أقطار الأرض فورثوا مشارقها ومغاربها وهذا من علامات النبوة الباهرة المؤيدة لصدق النبي صلى الله عليه وسلم فتعسًا لمن لا يعتبر.
[FONT=&quot]
[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ للنبي صلى الله عليه وسلم بالنصر والتمكين

قال تعالى:﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ.
وقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.


ولم تمض على هذه البُشرى أيام طويلة حتى وجد المسلمون الجزيرة العربية كلها تحت أقدامهم, فقد انتصرت أقلية ضئيلة لا تملك الخيول ولا الأسلحة على أعداء يملكون الجيوش الجرَّارة والعُدَّة والعتاد، وعَمَّ هذا الدين وغلب على سائر الأديان, وعلت كلمته في زمن الصحابة ومن بعدهم وذلت لهم أكثر البلاد ودان لهم جميع أهلها على اختلاف أصنافهم, وصار الناس إمَّا مؤممن داخل في الدين أو مُهادن باذل الطاعة والمال أو محارب خائف وجل من سطوة الإسلام وأهله.
 
رد: علامات النبــوة

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ للمؤمنين بالاستغناء بما شرعه لهم من قتال أهل الكتاب وغيرهم

قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ.

وهكذا وقع, عوضهم الله عمَّا كان يغدوا إليهم مع حجاج المشركين بما شرعه لهم من قتال أهل الكتاب وغيرهم, وضرب الجزية عليهم وسلب أموال من قتل منهم على كفره كما وقع بكفار أهل الشام من الروم ومجوس الفرس بالعراق وغيرها من البلدان التي انتشر الإسلام على أرجائها, حتى أتى على المسلمين يوم يخرج أحدهم بالصدقة فلا يجد محتاجًا يقبلها.
 
رد: علامات النبــوة

تحقق وعد الله عزَّ وجلَّ بإيمان الناس -إلا من شاء له الضلالة- بما أظهر من الآيات على إثبات الرسالة

قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

وكذلك وقع، أظهر الله من آياته ودلائله في أنفس البشر وفي الآفاق بما أوقعه من البأس بأعداء النبوة ومخالفي الشرع, ممن كذب به من أهل الكتابين والمشركين والمجوس, وما تبيَّن من الآيات العلمية الكثيرة المبثوثة في القرآن والسنة ما دلَّ ذوي البصائر والنهى على أن محمدًا رسول الله حقًا, وأن ما جاء به من الوحي عن الله عزَّ وجلَّ صدق.

الآيات الكونية في القرآن والتي تُصدقها الأبحاث العلمية الحديثة تجزم بأن هذا الكتاب المقدس مُوحى من عند الله عزَّ وجلَّ.

وأما الأمر الثانيالذي ييستحيل الوصول إليه عن طريق الذكاء الفطري والبصيرة النافذة, فهو الأمور العلمية المبثوثة في القرآن الكريم والتي برز صدق هذا الكتاب المقدس, وتجزم بشكل تام أنه مُوحى من عند الله عزَّ وجلَّ، وعلى الرغم من نزول القرآن قبل قرون كثيرة من عصر العلوم الحديثة فإن أحدًا لم يتمكن من إثبات أية أخطاء علمية فيه، ولو أنه كان كلامًا بشريًا لكان هذا ضربًا من المستحيل خاصة وأن أفكار الناس في زمن محمد صلى الله عليه وسلم عن الكون وفروع العلم الأخرى ستبدوا لغوًا باطلًا لو درسناها في ضوء معلومات العصر الحاضر.
 
رد: علامات النبــوة

:regards01::up::regards01: thenks:up::regards01::up:
 
رد: علامات النبــوة

أخباره عزَّ وجلَّ أن الكون كان منظمًا متماسكًا ثم بدأ يتمدد في الفضاء

قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا([FONT=&quot][1]).[/FONT]


فالكون بناءً على تفسير هذه الآيات كان منضمًا ومتماسكًا, ثم يتمدد في الفضاء, وهذه هي النظرية العلمية الحديثة عن الكون, فقد توصل العلماء خلال أبحاثهم ومشاهداتهم لمظاهر الكون إلى أن "المادة" كانت جامدة وساكنة في أول الأمر وكانت في صورة غاز ساخن كثيف متماسك وقد حدث انفجار شديد في هذه المادة قبل 5.000.000.000.000 سَنة على الأقل, فبدأت المادة تتمدد وتتباعد أطرافها, ونتيجة لهذا أصبح تحرك المادة أمرًا حتميًا لا بد من استمراره طبقًا لقوانين الطبيعة التي تقول: إن قوة الجاذبية في هذه الأجزاء من المادة تقل تدريجيًا بسبب تباعدها ومن ثم تتسع المسافة بينها بصورة ملحوظة([FONT=&quot][2]) ولعل في ذلك تفسيرًا لآية كونية وهي قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ أي أن الله عزَّ وجلَّ جعل السماء واسعة، أو أنه يوسع ويزيد فيها. والله أعلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الرتق: المنضم الأجزاء.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإسلام يتحدى (214).[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

إخباره عزَّ وجلَّ أن كلاًّ من الليل والنهار يطلب الآخر طلبًا سريعًا



قال تعالى: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا أي أن كلا من الليل والنهار يطلب الآخر طلبًا سريعًا أي يعقبه دون فاصل, وتحوي هذه الآية الكريمة إشارة رائعة إلى دوران الأرض محوريًا, وهو الدوران الذي يعتبر سبب مجيء الليل والنهار طبقًا لمعلوماتنا الحديثة, كذلك قال تعالى: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ. وقال تعالى أيضًا: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ. وقال عزَّ وجلَّ أيضًا: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ.



قال رجل الفضاء الروسي "جاجارين" بعد دورانه في الفضاء حول الأرض: إنه شاهد تعاقبًا سريعًا Rapid Succession للظلام والنور على سطح الأرض بسبب دورانها المحوري حول الأرض([FONT=&quot][1]).[/FONT]​

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإسلام يتحدى: (213).[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

إخباره عزَّ وجلَّ أنه رفع السموات بعمد غير مرئية -الجاذبية-

قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وهذه الآية مطابقة لما كان يراه الرجل القديمو فإنه كان يشاهد عالَمًا كبيرًا قائمًا بذاته في الفضاء مكونًا من الشمس والقمر والنجوم, ولكنه لم يرَ لها أية ساريات أو أعمدة, والرجل الحديث يجد في هذه الآية تفسيرًا لمشاهدته التي تثبت أن الأجرام السماوية قائمة دون عمد في الفضاء اللانهائي، بيد أن هنالك "عمدًا غير مرئية" تتمثل في قانون "الجاذبية" وهي التي تساعد كل هذه الأجرام على البقاء في أمكنتها المحددة([FONT=&quot][1]).[/FONT]

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: وقوله: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا روى عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد أنهم قالوا: لها عمد ولكن لا تُرى([FONT=&quot][2]). فانظر إلى اتفاق ذلك التفسير القديم مع ما أثبتته الكشوف العلمية الحديثة.[/FONT]​

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإسلام يتحدى: (212).[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1874490#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفسير ابن كثير, سورة الرعد, آية (2).[/FONT]
 
رد: علامات النبــوة

إخباره عزَّ وجلَّ أن الضغط الجوي
يقل بالارتفاع عن سطح الأرض

قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ.

والذي نعلمه اليوم أن غاز "الأوكسجين" الضروري للتنفس والهواء الجوي عمومًا يقل كلمَّا ارتفعنا عن سطح الأرض, ولذلك يشعر الإنسان بالضيق كلمَّا ازداد ارتفاعًا, حتى يصل إلى درجة الاختناق، وفي هذه الآية دلالة من دلائل النبوة وشهادة بأن القرآن من عند ربِّ السماوات والأرض؛ لأن هذا العلم لم يعرفه عالم أو جاهل من ولد آدم في زمن محمد صلى الله عليه وسلم, ولم يُعرف إلا بعد صعود الإنسان في طبقات الجو العليا في العصر الحديث وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا.
 
رد: علامات النبــوة

إخباره عزَّ وجلَّ عن سرعة دوران الأرض


قال تعالى: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ.

وهذه والذي نفسي بيده من أعظم الآيات الدالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, في أن هذا الكتاب إنما هو كلام الله ليس كلام البشر، وذلك أنه من المعلوم اليوم أن الأرض تدور حول محورها دورة كاملة كل أربع وعشرين ساعة وهذا -والله أعلم- هو الذي أشار إليه الباري سبحانه وتعالى في الآية, وذلك أن الناظر إلى الجبل القريب منه يراه ساكنًا جامدًا لا يتحرك, أمَّا الحقيقة التي يستطيع أن يستيقنها رجل الفضاء فهي: أن هذه الجبال وإن كانت فيما يرى الناظر ساكنة جامدة, فإنها كما يرى هو من عَلٍ تمر مر السحاب. فتبارك الله الذي أحاط بكل شيء علمًا ألا إنه حكيم عليم.
 
رد: علامات النبــوة

إخباره عزَّ وجلَّ أن الرياح لواقح

قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ.

وبالأمس كان الإنسان القديم يرى السحب تتكاثر ثم تمطر السماء، أمَّا اليوم فمن المعلوم أن تكاثف بخار الماء على شكل قطرات مطر لا يحدث حتى ولو بلغت نسبة الرطوبة في الكتلة الهوائية 400% بدون توفر ذرات ملحية أو ثلجية بالغة الصغر, وأن الرياح هي التي تقوم بنقل هذه الذرات حتى إذا التقت بإذن الله بكتلة هوائية رطبة بدأ التكاثف ثم يهطل المطر، كذلك قوم الرياح ببناء السحابة الرعدية حيث تنقل الهواء الدافئ الشديد الرطوبة من الطبقة الملامسة لسطح الأرض إلى طبقات الجو العليا الشديدة البرودة فيتكاثف ما به من بخار ماء وتتطور السحابة الرعدية ثم يهطل المطر بإذنه تعالى, كذلك تقوم الرياح بنقل حبوب اللقاح من الزهور المُذكَّرة إلى الزهور المُؤنَّثة فحدث الثمرة بإذنه تعالى. وأنى لهذا العلم أن يخطر في عقول الأُميين.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top