مشاركتي في فعاليات شهر الانتصار

ONjINE

:: عضو مُشارك ::
إنضم
13 سبتمبر 2019
المشاركات
446
نقاط التفاعل
1,813
النقاط
46
محل الإقامة
الجزائر
الجنس
أنثى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1595280979232.png


بمناسبة شهر الاستقلال وددت اضافة مشاركتي في هذا القسم تحت عنوان دور الدين و العلماء في الثورة

هو الموضوع متفرع فعلا وانا ساحاول استجماع التفاصيل في بحث مطول محاولة ارضاء فضولي
متابعة طيبة


سيكون هناك شطران : دور الدين ----- دور العلماء

اول ماساتطرق اليه : الأبعاد الروحية في ثورة التحرير المباركة { يعني دور الدين الاسلامي }

العنوان الرئيسي باللون والفرعي باللون

إن فضل الإسلام كبعد روحي على الثورة التحريرية، حقيقة ثابتة، يشهد بها القاصي والداني، والعدو قبل الصديق، إذ يكفي أنها طبقت أحكام الشريعة الإسلامية في مختلف المجالات. والثورة التحريرية في جوهرها قامت على مبدأ الجهاد في سبيل الله، وبروحه انتصرت، والشعب الجزائري الذي نهض بأعباء المقاومة "مسلم وإلى العروبة ينتسب"، وكاد المجاهدون أن يرتقوا إلى مصاف الملائكة المنزهين في صورة بشر أو صحابة مقربين، بسمو أخلاقهم وعلو همتهم. ولو كان هذا الزمان زمان النبوات والمعجزات، لكان الشعب الجزائري نبي شعوب هذا الزمان، ومعجزته ثورته التحريرية الخالدة.

وهذا لأن ثورة نوفمبر، ثورة ربانية، وهي عودة حقيقية إلى الله، وهي ثورة جزائرية محضة وخالصة، لا شرقية ولا غربية، ثورة جزائرية في التفكير وفي التخطيط، وفي القرار وفي التنفيذ. إنها ثورة اندلعت باسم كافة الشعب الجزائري، ولم تنسب لزعيم، فاحتضنها الشعب والتف حولها وظل يناصرها ويمدها بالرجال والمال والسلاح والأخبار (المعلومات). ولم يتخل عنها لحظة حتى انتصرت حضارة باديس العربية الإسلامية على مدينة باريس ونزعتها الصليبية. إن موضوع الأبعاد الروحية للثورة المباركة، سر انتصارها وظفرها بالاستقلال، يوقظ ذاكرة الأمة ويستقرئ ماضيها الحضاري العريق الحافل بالأمجاد والبطولات وينتشلها من واقعها المنكود الذي آلت إليه، ويستشرف مستقبل نهضتها المنشود.

الثورة التحريرية الكبرى المباركة ثورة إسلامية الروح، فجرها وحماها المخلصون للدين والوطن، وحب الوطن من الإيمان، وكان أغلب قادتها ومسؤوليها قد تربوا في مدرسة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي كان شعارها الأول والأخير: ( الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا)، ومن هؤلاء المجاهدين الذين تكونوا في الكشافة الجزائرءة نذكر : باجي مختار-ديدوش مراد- سويداني بوجمعة-احمد زهانة-زيغود يوسف-كيلاني الارقط-علي بن مستور-العربي بن مهيدي-عواطي مصطفى-حسيبة بن بوعلي-مريم باج-محمد بوقرة-عبد الحق قويسم وغيرهم كثير.وإن معظم هؤلاء نالوا الشهادة في معارك الشرف.


يمكن القول بأن البعد الروحي في ثورة نوفمبر المجيدة، كان أصيلا في سجل التاريخ الجهادي للأمة ومتنوعا بشموليته لأحداث الثورة ونشاطاتها وفاعلا ببعده الإيماني العميق، الذي جسده المجاهدون في واقعهم النضالي بشجاعتهم واستبسالهم في القتال وثباتهم في صفوف المعارك وثقتهم بربهم في النصر المؤزر.

ونعني بالبعد الروحي للثورة؛ إلتزام المجاهدين والثوار بالقيم الإسلامية، عبادات ومعاملات وتحليهم بقوة الإيمان في جهادهم ضد العدو الفرنسي.

وإن استعمال الثورة للدين الإسلامي، لم يكن تعصبا أو عنصرية، وإنما هو استلهام للقيم الحضارية الإسلامية، عكس الاستعمار الفرنسي الذي وظف الدين المسيحي منذ احتلاله للجزائر لأغراض صليبية حاقدة على الإسلام والمسلمين الجزائريين.

ومن الشواهد على البعد الديني الإسلامي للثورة ما يأتي:

- اختيار الثورة تسمية المجاهد لكل ثائر بدلا من المناضل والرفيق الشائعة في القاموس العالمي للثورات آنذاك.
ـ في تقسيم المجاهدين حسب وظائفهم الميدانية اختاروا الأسماء الآتية : الفدائي والمسبّل والجندي، وهي تسميات مقتبسة من المعجم العربي الإسلامي، المسبّل هو جندي احتياطي يرتدي لباسا مدنيا.
ـ اختار المجاهدون يوم الإثنين على الساعة صفر من أول نوفمبر 1954م، لتفجير الثورة للرمزية الإسلامية التي يحملها هذا اليوم وهو مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان التيمن به.
ـ جاء في بيان أول نوفمبر ما يلي : ولكي نبيّن بوضوح هدفنا فإنّنا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي: الهدف: الاستقلال الوطني بواسطة إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
ـ كانت كلمة " الله أكبر" مرافقة لكل العمليات العسكرية، بل إن كلمة السرّ في عمليات ليلة أول نوفمبر في جميع أنحاء الوطن تضمنت الله أكبر، خالد عقبة، وفي هذا إشارة ودلالة على الروح الإسلامية للثورة.
ـ جاء في المحور الثالث من تصريح الوفد الجزائرء المفاوض في مفاوضات إيفيان بفرنسا يوم 19 مارس 1962م، لوكالة الأنباء الجزائرية(aps ) بعنوان الوصاياه الخالدة للمستقبل وللأجيال القادمة ما يلي : (الواجبات الوطنية المستقبلية من الأجيال هي: إجلال الشعب الجزائري البطل على الدوام، تقديس الشهداء الميامين، الوفاء للمبادئ والتضحيات، تخليد "الإثنين" في الذاكرة الجماعية كيوم معلمي، كانت فيه بداية اندلاع الثورة في الأول من نوفمبر 1954م، وكانت فيه بداية الانتصار والاستقلال في 19 مارس، وكان فيه ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يوم خالد بمنطق الدين والوطن).
ـ جاء في خطاب رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة عشية 19 مارس 1962م بمناسبة اتفاق وقف إطلاق النار بين المجاهدين وقوات الاحتلال الفرنسي التأديد على: ( وحدة الشعب الجزائري ، وإن الوحدة الوطنية للشعب الجزائري تدعم حضارته العربية الإسلامية التي انصهرت في المعركة من أجل الاستقلال).
ـ كانت محاكم الثورة الجزائرية تصدر الأحكام وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.
ـ الصحيفة الناطقة باسم الثورة الجزائرية سميت " المجاهد"
ـ كان المتطوعون للمشاركة في الثورة الجزائرية بوازع ديني، وبحثا عن الشهادة في سبيل الله.
ـقامت الثورة الجزائرية على مبدأ الأخوة والتضامن، ومن أبرز أمثلة التضامن معارك 20أوت1955م التي انطلقت من مناطق عسكرية بهدف فك الحصار عن مجاهدي المنطقة الأولى.
ـ كان من أهداف معارك 20 أوت 1955م التضامن الإسلامي الأخوي وبالدم مع الشعب المغربي الشقيق في ذكرى نفي الملك محمد الخامس في 1953م إلى مدغشقر. ورد الجميل للملك على تعاطفه وتضامنه مع الثورة الجزائرية، وهو دليل قاطع على تلاحم الثورة مع محيطها ومع الشعوب الإسلامية الشقيقة ومبادئ حسن الجوار.
ـ التزام الثورة بمبادئ الشورى والقيادة الجماعية
ـ الأخلاق الإسلامية مبدأ من مبادئ الثورة يبنها الأمر الصادر في بداية الثورة الآتي
🙁
يجب العمل منذ اليوم الأول للثورة على احترام الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين، يجب أن لا يكون عملنا ضربا من اليأس أو تعبيرا عنه بل يجب أن يكون عملا واعيا وعقلانيا ومنظما، فقد تؤدي أقل خطوة خاطئة إلى تدمير البناء الثوري الذي تم إنجازه بعد صبر طويل وبجهود جبارة وتضحيات كبيرة).

المصدر: د.الشارف لطروش { Latroch Charef لطروش الشارف professeur de langue et littérature arabe de univ-mosta.dz } وجدت الشواهد في صفحة الدكتور الخاصة فقط من الشواهد هذوك لي قبلهم -

البعد الديني في المجال السياسي:

إن البعد الديني كان متجليا في الثورة التحريرية من حيث التنظيم والتسيير على الصعيد السياسي، فمن يمعن النظر في المجال السياسي، يجد الثورة قد اعتمدت نظام المجالس محليا ومركزيا، وفضلت نظام الحكم والقرار الجماعيين، تكريسا لمبدأ الشورى، "وأمرهم شورى بينهم"، و"شاورهم في الأمر"، وهو ما جسده مؤتمر الصومام على الميدان بفضل إعادة هيكلته للثورة من الناحية السياسية والإدارية على نحو من التنسيق والانسجام بين المؤسسات المستحدثة (المجلس الوطني للثورة - لجنة التنسيق والتنفيذ التي تحولت إلى الحكومة المؤقتة منذ سنة ١٩٥٨.

- إحياء مفهوم الأمة من جديد كموروث حضاري بعد ضموره عقب الاحتلال بإيعاز من فرنسا وحلول مصطلحات جديدة تهدف إلى تفتيت البنية الاجتماعية للشعب الجزائري، فربطت الثورة نفسها بالعالمين الإسلامي والعربي، إضافة إلى البعد المغاربي.

- تكريس النظرة الشمولية لوحدة الوطن أرضا وشعبا ولغة ودينا ومصيرا.

اعتمدت الثورة على اقتصاد المجتمع والتزمت بترشيد النفقات ونبذ الإسراف والتبذير وضبط التسيير المالي والاقتصادي بإحكام، مع الثقة والأمانة في التصرف في أموال الثورة جمعا ونقلا وإنفاقا. ومن المعروف أن الأفالان قد كون مصلحة الأوقاف الاسلامية لحماية أموالها ومداخيلها وللإنفاق منها على الأئمة وطلاب العلم ومعلمي القرآن الذين جندتهم للعمل في هذا الميدان.


البعد الديني وبعض صفات الشهداء:

إن حياة الشهداء وموتهم قدوة، ومثل أعلى، وقد عرف شهداء نوفمبر بجملة من الصفات التي تميزوا بها، من بينها الشجاعة النادرة وحب الوطن والأمة والإخلاص والصدق في القول والعمل والتضحية بالممتلكات والأزواج والأولاد... وتفضيل الموت على الحياة، وآثاروا الشهادة على الاستسلام للعدو... مع نبذهم للزعامة والأنانية والكبرياء والتسلط وتحملهم المسؤولية مهما كان ينوء بحملها لجسامتها، ونكرانه لذاته على الإسلام وشريعته وعلى المحارم وحدود الله والدفاع عنها.

كما يتميز الشهداء بروح الطاعة والإنقياد وتحدي العدو وآلياته العسكرية، رغم عدم التكافؤ بين الطرفين في القوى، وكيف لا يرقى الشهيد إلى هذا المستوى الرفيع من الخلق والإيمان، وهو يسمع دوما من قادته قوله الله تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" (التوبة ١١٢).

وكيف لا يكونون كذلك والخطيب فيهم يذكرهم دائما بمقام الشهداء عند ربهم..

"ولا تقول لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون" - البقرة ١٥٤-

وقوله تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (آل عمران ١٦٩- ١٧٠).


تزامن البعد الروحي والديني مع الاحتلال الفرنسي للجزائر

والحقيقة التي لاشك فيها، أن فكرة الدين الإسلامي كانت تمثل بالنسبة للجزائريين القلب النابض والمحرك الرئيسي للثورة على الإستعمار الفرنسي، حتى قبل الثورة التحريرية نفسها، وذلك منذ الوهلة الأولى التي وطئت فيها أقدام الجيش الفرنسي أرض الجزائر منذ سنة ١٨٣٠، والأمثلة على جهاد الجزائريين في القرن ١٩ كثيرة، امتدت لفترة زمنية تجاوزت ٧٠ سنة.

إذ أن المقاومات الشعبية التي خاضها الشعب الجزائري ضد الإحتلال الفرنسي، كانت تحت قيادة الزعامات الدينية بالدرجة الأولى، ابتداء من الأمير عبد القادر إلى الشيخ بوعمامة.

فالبعد الديني في الجزائر بعد احتلالها من طرف العدو الفرنسي، قد مثلته الزوايا.

ومن هنا، يمكن أن نعتبر الزاوية عصبا للمجتمع الإسلامي في الجزائر، وهي التي حافظت على البنية الاجتماعية، وعلى تماسك الأسرة والمجتمع، ولولاها لذابت القيم الأصيلة للجزائر في عهد الاحتلال.

وليس أدل على دور الزاوية من أنه لما سقط الكيان السياسي للجزائر عام ١٨٣٠، بقي الكيان الثقافي قائما بفضل هذه المؤسسة الدينية التي حافظت على الإسلام في رجوعها، رغم أن العدو الفرنسي قضى على أغلب المساجد.

فهي التي مارست أركان الإسلام في دورها، وتمسكت بالتعليم العربي والقرآني، وحافظت على القضاء الإسلامي، فلم تترك الشعب يلوذ إلى المحاكم الفرنسية، فضلا عن اهتمامها بالتضامن الاجتماعي.

وأعظم مسؤولية اضطلعت بها، أنها حملت ورفعت لواء الجهاد باسم الدين الإسلامي، وبفضلها تواصلت الثورات الشعبية التي قاربت ٣٠ ثورة على مدى قرن من الزمن (١٨٣٠- ١٩٣٠)، كما لاننسى دورها في مقاومة التنصير المسيحي، وعلى ذكر التنصير، فإن مهاجمته الشرسة قائمة منذ سقوط نابليون الثالث سنة ١٨٧٠ والحاكم العام في الجزائر "دورقيدوفن" الحاقد على الإسلام مصدر الثورات.

ومن العلماء وحفظة القرآن الكريم الذين بالموازاة مع ذلك، مارسوا النضال السياسي:

❊ عمر بن قدور ونضاله السياسي من تركيا.

❊ عبد الحميد ابن باديس والمؤتمر الإسلامي ومناداته بالاستقلال الوطني ودعوته إلى الثورة أثناء حملات التنصير.

إلى جانب ورود المصطلحات والرموز الإسلامية في أبجديات ونصوص الحركة الوطنية.

❊ الدعوة إلى حماية الشخصية الوطنية والدين الإسلامي.

❊ دعوة جمعية العلماء إلى فصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية، كما فصل عن الديانتين اليهودية والمسيحية بموجب قرار ١٩٠٥، ومن هنا لا يمكننا تجاهل الدور الذي لعبته الطبقة السياسية في الجزائر من أجل التحرر من قيود الاحتلال، وهو نشاط لا يجوز غمطه، إذ يندرج ضمن ما يعرف بالجهاد السياسي.

❊ استعمال مصطلح الأمة الذي غيبته فرنسا.

❊ جمعية العلماء واختيارها لمصطلح الأمة الإسلامية

المصدر : الأستاذ: الطيب بوسعد/ قسم التاريخ بجامعة "البليدة 2" كذلك من صفحته الشخصية

ساواصل الشطر الثاني في الردود اسفله 👇

@الامين محمد
 
موضوع في القمة و هو امتداد لموضوعي دور العلماء في الثورة التحريرية
جزاك الله خيرا ، بالتوفيق إن شاء الله في المسابقة
 
ثانيا : دور العلماء

وهنا سنتحدث عن جمعية العلماء المسلمين بصفة خاصة مع اضفاء بعض الحقائق بصفة عامة 👇

عاشت الجزائر في مرحلة الاستعمار الفرنسي (1830 – 1962م) أخطر أوضاعها الأمنية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية، فكانت بحاجة إلى هيئة شعبية جامعة، تكافح للدفاع عن هويتها الحضارية العربية والإسلامية ضد المستعمِر الفرنسي. فأتى تشكل جمعية العلماء المسلمين في الجزائر شبيه بالجدار الفولاذي الحامي وحمل أعباء التجربة النضالية، فقد بذل الآباء الأوائل جهودهم وطاقاتهم للحفاظ على هوية الأمة وعقديتها، والدفاع عن الشخصية الجزائرية في وجه خطط الاستعمار التغريبية، والتصدي للخرافات والبدع التي شوهت الإسلام، وثقافة المجتمع العريقة وقيمه الحضارية.

سطرت الجمعية منذ إنشائها أهدافا واضحة في مقدمتها تثبيت هوية الشعب العربية الإسلامية وفق شعارها المعروف "الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا"


أولًا: تشكل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

الاجتماع التأسيسي الأول

بعد لقاءات عدة بين عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، تارة في سطيف وأخرى في قسنطينة، والتي كانت تركز على دراسة الوضع في الجزائر والبحث عن السبل الكفيلة بمعالجة هذا الوضع. وبعد هذه اللقاءات الممهدة فكر الشيخ عبد الحميد في أن يخطو خطوة عملية تكون تمهيدًا مباشرًا للشروع في التحضير لتأسيس هذه الجمعية، التي ظلت فكرة لم تجد طريقها للتنفيذ. وتوالت الجهود بعد ذلك لإنشاء هذه الهيئة، ويذكر الشيخ خير الدين في مذكراته أنه في عام 1928م دعا الشيخ عبد الحميد بن باديس الطلاب العائدين من جامع الزيتونة والمشرق العربي لندوة يدرسون فيها أوضاع الجزائر، وما يمكن عمله لإصلاح هذه الأوضاع.

وكان ممن لبى الدعوة من يمكن تسميتهم «رواد الإصلاح» أمثال: البشير الإبراهيمي، ومبارك الميلي، والعربي بن بلقاسم التبسي، ومحمد السعيد الزاهري، ومحمد خير الدين، واجتمعوا برئاسة الشيخ عبد الحميد بمكتبه، وقدم الشيخ حديثاً مطولاً عن وضعية البلاد والقوانين الجائرة التي تحكمها، ليصل بعد ذلك إلى دور العلماء في المقاومة والتضحية، ومن جملة ما قال: لم يبق لنا إلا أحد أمرين لا ثالث لهما: "إما الموت والشهادة في سبيل الله منتظرين النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين، وإما الاستسلام ومدّ أيدينا إلى الأغلال وإحناء رؤوسنا أمام الأعداء، فتكون النتيجة لا قدر الله أن يجري علينا ما جرى ببلاد الأندلس.." ثم عرض خطة عمل مؤلفة من نقاط هي:

1. إنشاء المدارس الحرة لتعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية.
2. الالتزام بإلقاء دروس الوعظ لعامة المسلمين في المساجد الحرة.
3. الكتابة في الصحف والمجلات لتوعية طبقات الشعب.
4. إنشاء النوادي للاجتماعات وإلقاء الخطب والمحاضرات.
5. إنشاء فرق الكشافة الإسلامية للشباب.
6. العمل على إذكاء روح النضال في أوساط الشعب لتحرير البلاد من العبودية والخضوع للحكم الأجنبي.

ومما يلاحظ هنا أن هذا الاجتماع قد سطر البرنامج الذي تستنهض به الجمعية المزمع إنشاؤها، فكأن ابن باديس أراد أن يسبق الأحداث، فحدد محاور النشاط الإصلاحي، الذي يجب أن تضطلع به الجمعية التي دعا إلى إنشائها، وفعلاً كان ذلك هو البرنامج الذي اتبعته الجمعية بعد ميلادها في عام 1931م.
تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم الخامس من ماي 1931م في نادي الترقي بالعاصمة الجزائر، إثر دعوة وجهت إلى كل عالم من علماء الإسلام في الجزائر، من طرف هيئة مؤسسة مؤلفة من أشخاص حياديين ينتمون إلى نادي الترقي، غير معروفين بالتطرف لا يثير ذكرهم حساسية أو تكوين لدى الحكومة، ولا عند الطرقيين، أعلنوا أن الجمعية دينية تهذيبية تسعى لخدمة الدين والمجتمع، لا تتدخل في السياسة ولا تشتغل بها.

الدهاء والحنكة لدى رواد الجمعية
لم يحضر ابن باديس الاجتماع التأسيسي للجمعية من الأول، وكان وراء ذلك هدف يوضحه الشيخ خير الدين أحد المؤسسين الذي حضر الجلسات العامة والخاصة لتأسيس الجمعية، يقول: كنت أنا والشيخ مبارك الميلي في مكتب ابن باديس بقسنطينة يوم دعا الشيخ أحد المصلحين محمد عبابسة الأخضري، وطلب إليه أن يقوم بالدعوة إلى تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالعاصمة، وكلفه أن يختار ثلاثة من جماعة نادي الترقي الذي لا يثير ذكر أسمائهم شكوك الحكومة أو مخاوف أصحاب الزوايا، وتتولى هذه الجماعة توجيه الدعوة إلى العلماء لتأسيس الجمعية في نادي الترقي بالعاصمة، حتى يتم الاجتماع في هدوء وسلام، وتتحقق الغاية المرجوة من نجاح التأسيس، ويقول الشيخ خير الدين وأسرّ إلينا ابن باديس أنه سوف لا يلبي دعوة الاجتماع ولا يحضر يومه الأول حتى يقرر المجتمعون استدعاءه ثانية بصفة رسمية، لحضور الاجتماع العام، فيكون بذلك مدعواً لا داعياً، وبذلك يتجنب ما سيكون من ردود فعل السلطة الفرنسية وأصحاب الزوايا ومن يتحرجون من كل عمل يقوم به ابن باديس.

وتم وضع القانون األساسي وتعيين مجلس اإلدارة ورة اآلتية :
- عبد الحميد بن باديس.......................................... رئيسا.
- محمد البشير اإلبراهيمي................................. نائبا للرئيس.
- محمد األمين....................................................كاتبا.
- الطيب العقبي................................................ معاونه. -
مبارك الميلي..............................................أمين المال.
- إبراهيم بيوض.................................................معاونه.
- المولود الحافظي.............................................مستشارا.
- موالي بن الشريف............................................مستشارا.
- الطيب المهاجي..............................................مستشارا.
- السعيد اليجري ..............................................مستشارا.
- حسن الطرابلسي ..............................................مستشارا.
- عبد القادر القاسمي ...........................................مستشار




ثانيًا: العوامل التي ساعدت على تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

تضافرت ظروف عديدة وعوامل كثيرة ساهمت جميعها في إظهار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى الوجود نذكر منها:



الظروف التي نشأت فيها الجمعية
بعد مرور قرن كامل على الاحتلال الفرنسي للجزائر، واحتفال الفرنسيين بذلك استفزازًا للأمة، وإظهارًا للروح الصليبية الحاقدة التي يضمرونها للإسلام والمسلمين، كانت الاحتفالات عام 1930م. فأقامت فرنسا مهرجانات بمئوية استعمارها للجزائر واستفزت هذه الاحتفالات ضمير الأمة وفجرت فيها روح الإصلاح وطاقات المقاومة، ففي تلك الاحتفالات خطب أحد كبار الساسة الاستعماريين الفرنسيين فقال: إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن من وجودهم وأن نقتلع العربية من ألسنتهم.

وخطب سياسي آخر فقال: لا تظنوا أن هذه المهرجانات من أجل بلوغنا مائة سنة في هذا الوطن، فلقد أقام الرومان قبلنا فيه ثلاثة قرون، ومع ذلك خرجوا منه، ألا فلتعلموا أن مغزى هذه المهرجانات هو تشييع جنازة الإسلام بهذه الديار. كما خطب أحد كرادلة الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية ـ بهذه المهرجانات ـ فقال: إن عهد الهلال في الجزائر قد غبر وإن عهد الصليب قد بدأ وإنه سيستمر إلى الأبد، وإن علينا أن نجعل أرض الجزائر مهداً لدولة مسيحية مضاءة أرجاؤها بنور مدنية منبع وحيها الإنجيل.


تعطش الشعب الجزائري لجمعية العلماء في كفاحه

إن وجود الجمعيات والاتحادات والنوادي المسيحية وغير المسيحية كان معروفاً في ذلك الوقت، مما دفع بالعلماء المسلمين إلى إنشاء جمعية إسلامية تحدياً للجمعيات غير الإسلامية، حتى تنظم التعليم الحر وتقيم الشعائر الإسلامية وبعض الاحتفالات الدينية، بالإضافة إلى تلك الجمعيات الدينية والثقافية، فقد كانت هناك بعض التنظيمات والأحزاب السياسية الأوروبية في الجزائر قد جذبت بعض الجزائريين للانخراط في تنظيماتها، ثم نشأت بعض الأحزاب السياسية الجزائرية لتحقيق بعض المطالب السياسية الاجتماعية. وكل ذلك ساهم في دفع الشيخ عبد الحميد بن باديس وإخوانه إلى تكوين الجمعية وقفاً للنزيف والتشتت وتقويماً للمطالب والمشروعات الاجتماعية والسياسية.

النهوض التربوي على أيدي رواد الجمعية
لقد كان لحركة ابن باديس التربوية التعليمية التي شرع فيها منذ تفرغه للتدريس بقسنطينة سنة 1913م، إثر تخرجه من جامع الزيتونة أثر عظيم في طلابه المتوافدين على رحاب جامع الأخضر بقسنطينة من كل أرجاء الجزائر.. أثر في العقول والقلوب والسلوك لم تشهده البيئة الجزائرية من قبل، مما جعل الإمام محمد البشير الإبراهيمي نائب ابن باديس في حياته وخليفته من بعده يقرر في مقدمة كتاب سجل مؤتمر جمعية العلماء المنعقد بنادي الترقي في العاصمة في سبتمبر 1935م؛ أن من العوامل الأساسية في نشوء الحركة الإصلاحية في الجزائر؛ الثورة التعليمية التي أحدثها الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس بدروسه الحية، والتربية الصحيحة التي كان يأخذ بها تلاميذه، والتعاليم الحقة التي كان يبثها في نفوسهم الطاهرة النقية والإعداد البعيد المدى الذي يغذي به أرواحهم الوثابة الفتية، فما كادت تنقضي مدة حتى كان الفوج الأول من تلاميذ ابن باديس مستكمل الأدوات من أفكار صحيحة، وعقول نيرة، ونفوس طامحة، وعزائم صادقة، وألسن صقيلة، وأقلام كاتبة.



01bfd343-5ca2-491b-8d1f-e725d9cdd2d7.jpeg



فكان التعليم الباديسي ثورة شاملة تعدّى أثرها تلاميذ ابن باديس ومدينة قسنطينة إلى قطاعات كثيرة في شتى نواحي الوطن وشتى المجالات ومن ذلك:
1. إنشاء جريدة المنتقد والشهاب وغيرهما منذ عام 1925م.
2. إنشاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931م، وما تبع ذلك من تأسيس مساجد حرة للوعظ والإرشاد للرجال والنساء، ومدارس حرة للتربية والتعليم للبنين والبنات، وأندية للتثقيف والتوجيه للشباب.
3. اهتمام الزوايا برفع مستوى التعليم فيها، بجلب الأساتذة الأكفاء وتحسين البرامج وطريقة التعليم.
4. اهتمام السياسيين بالتعليم وعنايتهم به بعد أن كانوا يرون أن الاشتغال بالتعليم إنما يأتي بعد الاستقلال.
5. اهتمام المدارس الحكومية التي تشرف عليها السلطة الاستعمارية بالثقافة العربية الإسلامية، حتى لا تفقد مكانتها الثقافية والإدارية في أوساط الشعب الجزائري.



أثر جمعية العلماء في التغيير الفكري بين فئات الشعب
فقد تأثر علماء الجزائر بالحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي منذ محمد بن عبد الوهاب، وخير الدين التونسي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، والكواكبي وغيرهم من زعماء الإرشاد والإصلاح في الشرق الإسلامي وغربه، فكانت لمدارس الإصلاح تأثير مباشر في زعماء جمعية علماء المسلمين.



وخلاصة القول: إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد نشأت في ظروف غاية الصعوبة، وواجهت الكثير من المؤامرات والمناورات من الاستعمار وأعوانه وأذنابه. وقد رأت الجمعية النور في وقت اشتدت فيه وطأة الاستعمار وتفشى فيه الجهل، وعمَّ الفساد، وخالط الدين كثير من مظاهر الجهل والدجل والشعوذة، وحوربت فيه اللغة العربية في أحد معاقلها. وقد اضطلع برسالة الجمعية رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولم تكن الظروف مواتية، ولا المهمة سهلة، ولا العدو هينًا، وكان سلاحهم الإيمان والصبر والاتكال على الله، فكانوا بحق خير خلف لخير سلف.

________________________________________________________________________________________________
– مراجع:
1. علي الصلابي، كفاح الشعب الجزائري، بيروت، دار ابن كثير، ج2، ص. ص197 – 217.
2. لطيفة عميرة، سؤال النهضة عند الشيخ عبد الحميد.
3. مصطفى حميداتو، عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية.
4. مطبقاني، عبد الحميد بن باديس.
5. صالح فركوس، دور جمعية العلماء د بقسم التاريخ والآثار قالمة،
6. جريدة البصائر، من جرائد جمعية علماء المسلمين.

ساتابع في التعليق الموالي بعنصر اخر👇
 
شهداء من جمعية العلماء

الشيخ العلامة العربي التبسي:كان الشيخ العلامة الشهيد العربي التبسي أحد مؤسسي جمعية العلماء وأحد أقطابها الكبار إلى جانب الإمام العلامة عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي وغيرهما.ولد العربي التبسي في دوار السطح من ولاية تبسة سنة 1891 م، ولما كبر حفظ القرآن الكريم على يد والده الشيخ بلقاسم. وفي سنة 1915 م انتقل إلى جامع الزيتونة المعمور حيث قضى مدة فيه، تكللت دراسته بالتحصيل على شهادة التطويع، كما تسمى في تلك الفترة ولم يكتف بذلك حيث تاقت نفسه الى المزيد من العلم، فانتقل في سنة 1920 م إلى الأزهر الشريف. عاد إلى الجزائر سنة 1927 م، حيث التقي بالإمام عبد الحميد بن باديس ، واتفق معه على خدمة المقومات الأساسية للأمة الجزائرية.اعتقل الشيخ العربي إثر مظاهرات ماي 1945 م. وعندما اندلعت الثورة التحريرية أفتى الشيخ العربي التبسي: "أنه لا يجوز لأي مسلم دون عذر أن يتخلف عن الجهاد"(18).التحق بالثورة منذ بدايتها بالرغم من مرضه وشيخوخته كان كذلك يجمع المال للثورة ويعبئ الشعب ويدعو إلى الجهاد ضد الاستعمار. وكان يقول عن المجاهدين: "أنهم رجال دبت فيهم روح الحياة الحرة الجامعة التي تحطم أمامها كل معترض مهما كان قويا، وتقدموا إلى الأمام يخوضون معركة الحياة وقد حملوا أرواحهم فوق أيديهم يزحفون إلى الأمام ولا يتقهقرون أبدا إلى الخلف"(19).ولما رحل الشيخ محمد البشير الإبراهيمي إلى المشرق العربي سنة 1952 م تولى الشيخ العربي التبسي رئاسة الجمعية إلى أن أوقفها العدو الفرنسي في 1956 م.وكان منذ تأسيس الجمعية رئيسا للجنة الفتوى، وكان يصدر مقالات في جرائد الجمعية، ولم يتوقف نشاطه حتى بعد قيام الثورة إذ انتقل إلى العاصمة، وبسبب صلابته في المواقف، انتقم منه المحتل مقابل اغتيال رئيس الشرطة الفرنسية في قسنطينة من طرف الثورة في 1956 م، اذ أخرجوه من داره في منتصف ليلة رمضان 9 أفريل 1957 م، واقتادوه عاريا وحافيا وحسير الرأس، وهو في حالة مرض فأعدموه، ولم يعرف مكانه إلى الآن، ويقال على حسب بعض الروايات بأنه ألقي في أتون "الزيت المغلي"، وقد أنزلوه بتأن كي تتساقط أطرافه وتذوب من الأسفل إلى الأعلى، وهذا بأمر من "فرانسوا ميتران " وزير العدل في تلك الفترة مع أربع جنرالات في الجزائر(20).

الشهيد العلامة رضا حوحو :ولد بقرية سيدي عقبة (بسكرة) ومنها أخذ ثقافته، هاجر هو وعائلته إلى الحجاز عام 1934 م، درس الأدب والشريعة هناك. عاد إلى الجزائر عام 1946 م، حيث انضم في نفس السنة إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تولى رئاسة تحرير جريدة " الشعلة " التي كانت تصدرها الجمعية لمحاربة الاستعمار وأعوانه .تولى في هذه الأثناء مهمة كاتب عام لمعهد الإمام عبد الحميد بن باديس في صحبة محمد البشير الإبراهيمي، العربي التبسي، الشيخ خير الدين، محمد العيد آل خليفة، وغيرهم ... ولعب دورا في توعية الشعب الجزائري.وبعد عملية فدائية ضد أحد المعمرين بمدينة عنابة حاصر المحتل الشهيد رضا حوحو مع ستة من الجزائريين ونقل إلى أحد ضواحي مدينة قسنطينة، حيث عذب عذابا شديدا ثم أطلقت رصاصة في أذنه، بعد ذلك مزقت أعضاؤه بالمنشار، ووجد الرعاة جثته متناثرة صباح يوم 20 مارس 1956 م(21).تلك هي شهادة على دور جمعية العلماء في الثورة الجزائرية وما قدمته من رجال فداء في سبيل الله كي تتحرر الأمة الجزائرية من ظلم وطغيان الاستعمار.

الشهيد صالح بوذراع :ولد بمدينة قسنطينة عام 1920 م وتتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس بالجامع الأخضر. كما كان مناضلا في صفوف حزب الشعب الجزائري. كان الشهيد يطوف بين القرى الواقعة في قمم الجبال مبشرا بالثورة على الاستعمار، وما أن اندلعت الثورة حتى كان في الطليعة، حيث عين بعد عام واحد مسؤولا سياسيا في المنطقة الأولى من الولاية الثانية واستشهد في 10/10/1961 م(22).


مايلي وجدته في مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر للطالبة سعيدي إيمان تخصص : تاريخ العالم المعاصؤ بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية جامعة محمد بوضياف بالمسيلة عنوان الرسالة : شهداء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين خلال الثورة التحريرية 👇


1595284216415.png1595284229103.png 1595284258756.png


1595284397705.png 1595284420234.png 1595284433434.png

1595284530776.png 1595284544580.png 1595284558871.png




ساكمل في التعليق الموالي 👇
 
شعراء من الجمعية

كان الشاعر مفدي زكرياء يجمع بين الاتجاهين الإصلاحي لجمعية العلماء والسياسي لحزب الشعب. هذا الشاعر الذي كان يجاهد بالقلم والكلمة المؤثرة لحمل الجزائريين على الكفاح ومقاومة العدو، نذكر على سبيل المثال قصيدته الشعرية يوم فاتح نوفمبر 1958 م:

النار لا التقتيل يثني عزمه * * * لا السجن لا التنكيل لا الإعدام

لا الذاريات الماحقات هواطلا * * * لا الشامخات تذكها الألغــــام

لا القاصرات الغافلات كواعبا * * * ديست قداستها وفض ختـــام

لا الحاملات بطونها مبقــورة * * * ذبحــت أجنتها، وفك حــــــزام

لا والمراضع عوضت أثداؤها * * * بفم المسدس والرصاص فطام

يا للفظاعة من وحوش جوع * * * تسمو على أخلاقها الأنعــــام

وضعت فرنسا للنذالة بدعة * * * لم تروها الأعصار وهي ظـــلام

يا لعنة الآباد أنت شهادة أن * * * التمـــدن للشــــرور لثــــــــام

والعدل زور، والسلام خرافة * * * لغـــة تحلل باسمها الآثــــــام​

كما نجد شاعر الثورة الجزائرية من جمعية العلماء محمد العيد آل خليفة يحرض الشباب على القتال ، حيث أنشد يقول :

صوت بعيد المدى * * * هــل يجــــــــاب

ناداكــــــم للندى * * * بالــــــرقــــــــــاب

الى الفـــدى إلى * * * الفدى يا شباب

بيعوا حيـــاة الفناء * * * بالخـــــــلـــــود

من لا يبالي الردى * * * لا يهـــــــــــاب​

فقهاء من الجمعية

الفقيه أحمد حماني:

ولد أحمد حماني يوم 6 سبتمبر 1915 م بدوار "تمنجرت" في بلدية العنصر التابعة لولاية جيجل بالشرق الجزائري. ولما كبر أدخله أبوه المدرسة القرآنية وهو ابن خمس سنوات وتعلم المبادئ العلمية واللغة العربية والعلوم الشرعية على يد والده الفقيه الشيخ محمد حماني. وفي سنة 1931 م وهي السنة التي تأسست فيها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين دفاعا عن الإسلام واللغة العربية كرد فعل على احتفال العدو الفرنسي بموت الإسلام، انخرط أحمد حماني في سلك طلبة ابن باديس بالجامع الأخضر وذلك لمدة ثلاث سنوات. وبعدها هاجر إلى تونس في سنة 1934 م، حيث جمع أحمد حماني بين الدراسة في جامع الزيتونة ومعهد الخلدونية، وقد حصل في عام 1936 م على الشهادة الأهلية بامتياز. وبعد عودته إلى الجزائر أصبح يشرف على لجنة التعليم في مدارس الجمعية إلى أن أوقفها العدو الفرنسي خلال سنة 1957 م.

وفي خضم الثورة وعنفوان جهادها ألقي القبض على الشيخ أحمد حماني في 11 أوت 1957 م وبحوزته وثائق الثورة، وبسببها تعرض للاستنطاق والتعذيب، وحكمت عليه المحكمة بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة قضاها في سجني الكدية بقسنطينة وتازولت في باتنة، ولم يطلق سراحه إلا في 9 أفريل 1962 م وكان يؤدي واجبه التعليمي في السجن مع مجموعة من العلماء(23).

الفقيه عبد الرحمن شيبان :

ولد في قرية) الشرفاء) بولاية لبويرة يوم 23 فبراير سنة 1918 م. حفظ القرآن في قريته، ثم انتقل إلى جامع الزيتونة بتونس، حيث نال شهادة التطويع بعدها عاد إلى الجزائر عام 1940 م وبدأ نشاطه بالجمعية فقها وتدريسا.

ولما اندلعت الثورة الجزائرية شارك في تحرير نداءين للشعب الجزائري :الأول في 12 فبراير 1955 م والثاني في 11 مارس من نفس السنة، ومضمونهما التضامن مع الثورة من طرف الشعب والالتحاق بها من طرف الشباب، ومن ثم استرعى أنظار فرنسا نحوه فقامت بتفتيش منزله في سنة 1956 في قسنطينة، وحينئذ تمكن من الفرار إلى تونس وانضم إلى جبهة التحرير الوطني(24).

الفقيه الشيخ عمر دردور :

ولد الشيخ عمر دردور في قرية حيدوش بدائرة ثنية العابد، يوم 13 أكتوبر سنة 1913 م، من أسرة معروفة في منطقة توارثت العلم وخدمة الدين أبا عن جد.

حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في مسقط رأسه، وعمره لا يتجاوز الحادية عشرة، كما حفظ عدة متون ومصنفات علمية في مختلف فنون العلوم الإسلامية كالتجويد والنحو والصرف والفقه والعقائد.

انتقل بعد ذلك إلى زاوية الشيخ علي بن عمر في طولقة، وهناك تلقى العلم على يد عدد من المشايخ، حيث درس ألفية ابن مالك ورسالة ابن أبي زيد القيرواني وعلم الفرائض وعلم الفلك بتوسع. وفي طولقة بدأ يطرق سمعه اسم الشيخ عبد الحميد بن باديس.

أصبح الشيخ عمر بذلك تلميذا في الجامع الأخضر منتظما في الدروس، وسرعان ما أكتشف فيه شيخه ابن باديس قوة الفهم وحدة الذكاء وسرعة التحصيل، فأسند اليه تدريس بعض المتون في أوقات فراغه .

أدركت السلطات الاستعمارية ان الجهود التي كان يقوم بها الشيخ عمر تمثل خطرا كبيرا على وجودها، فقامت بإلقاء القبض عليه والزج به في سجن باتنة.

وقد جرت محاكمة الشيخ في مقر السجن، على غير العادة تفاديا لضغوط التجمع الشعبي الذي قاده الشيخ ابن باديس والذي حضر من قسنطينة خصيصا لنصرة الشيخ دردور، والقى درسا بالمناسبة في المسجد العتيق بباتنة.

قضى الشيخ عمر دردور أربعة أشهر في السجن، وخلالها لم تنقطع علاقته بشيخه العلامة ابن باديس، حيث كان يبعث إليه برسائل من سجنه، وكان الشيخ ابن باديس يقرأ هذه الرسائل على طلبته في قسنطينة، ويحثهم ليكونوا مثل الشيخ عمر في جهاده ونضاله.

بعد خروجه من السجن، واصل الشيخ نضاله العلمي في إطار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث أصدرت السلطات الاستعمارية قرارا بتوقيف نشاط جميع الحركات السياسية وحركة جمعية العلماء المسلمين، مما أجبر الشيخ التخفيف من نشاطه الذي أصبح مقتصرا على التعليم المسجدي لا غير.

ظل الشيخ على دأبه ونشاطه النضالي والعلمي إلى حين اندلاع ثورة أول نوفمبر المظفرة، حيث أصبح إلى جانب نشاطه التعليمي يناصر الثورة بأفكاره ونضاله.

شعر سنة 1955 بأن القبض عليه بات وشيكا، مما جعل المسؤولين عن الثورة في الأوراس ينصحونه بالسفر إلى الجزائر العاصمة، وهناك أصدر له الدكتور هدام شهادة طبية تثبت حاجته إلى العلاج في الخارج.

سافر الشيخ إلى فرنسا، حيث نزل في مدينة فيشي، وهناك استأنف نشاطه في إطار جبهة التحرير الوطني، عاملا على التعريف بالثورة الجزائرية وأهدافها ومنجزاتها، متنقلا بين عدة مدن في الشمال الفرنسي مثل ليون وباريس، وقد استمر من جويلية 1955 م إلى يناير 1956 م.

انتقل بعد ذلك إلى القاهرة، أين التقى بالشيخ محمد البشير الإبراهيمي وأعضاء قيادة الثورة في الخارج ابن بلة وآيت أحمد وخيضر. وهناك اسندت له مهمة التنقل بين البلدان العربية للتعريف بالثورة الجزائرية ولجمع المساعدات لها، وهي المهمة التي أداها بكل نشاط وحيوية. بعد عودته إلى القاهرة أسندت إليه مهمة الإشراف على الطلبة وضمان أجورهم ومنحهم، كما كلف بضمان أجور أعضاء الجبهة أيضا.

ظل الشيخ يؤدي عمله في القاهرة إلى غاية سنة 1960 م، حيث تم تحويله إلى تونس، أين كلف بمهمة تعليم وتوعية الجنود في الحدود الجزائرية، وتحت إشراف العقيد محمدي السعيد المدعو سي ناصر رحمه الله، استمر في عمله هذا إلى غاية الاستقلال(25)


يتبع 👇
 
قادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

1595284876227.png



المصدر للعناصر السابقة {الشعراء الفقهاء ... }


د. فركوس صالح: قسم التاريخ والآثار، قالمة.

مجلة العلوم الإنسانية، العدد28، ديسمبر 2007، المجلد أ، ص257-268

يتبع 👇
 
حقائق :

ثورة نوفمبر والحقيقة التي‮ ‬يراد لها أن تُقبر


كثيرة هي‮ ‬الحقائق التي‮ ‬يراد لها أن توأد وتقبر تحت الثرى،‮ ‬حقائق تتعلّق بتاريخ وحاضر‮ ‬هذا البلد ومستقبله،‮ ‬لعلّ‮ ‬من أهمّها حقيقةَ‮ ‬أنّ‮ ‬الثورة الجزائرية كانت جهادا دينيا،‮ ‬إسلاميّ‮ ‬المنطلق والشّعارات والأهداف،‮ ‬ضدّ‮ ‬مستعمر صليبيّ،‮ ‬سعى قبل إهلاك الحرث والنّسل واستنزاف الخيرات،‮ ‬إلى إبعاد هذه الأمّة عن دينها وطمس هويتها‮.‬


حينما انطلقت ثورة نوفمبر على وقع صيحات‮ “‬الله أكبر‮”‬،‮ ‬وأعلنت في‮ ‬أوّل بند من بيانها أنّها تهدف إلى‮ “‬إقامة الدّولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السّيادة،‮ ‬ضمن إطار المبادئ الإسلامية‮”‬،‮ ‬رمى المستعمر الصّليبيّ‮ ‬بكلّ‮ ‬ثقله لتحريف مسار هذه الثّورة،‮ ‬وتفريغها من شعاراتها وأهدافها الإسلاميّة،‮ ‬وأوعز إلى عملائه‮ -‬الذين ربّاهم على عينه‮-‬،‮ ‬أن‮ ‬يجعلوا هذه الغاية على رأس أولوياتهم‮.‬

أدرك قادة الجهاد هذه الحقيقة،‮ ‬فجعلوا الهوية الإسلاميّة للثّورة عنوانا لا‮ ‬يقبل المزايدة ولا التّساهل،‮ ‬وكانوا أحرص عليه منهم على أرواحهم،‮ ‬وقد سجّل التّاريخ بأحرف من ذهب أنّ‮ ‬القائد البطل‮ “‬العقيد عميروش‮” ‬عليه رحمة الله ـ سليل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ـ ثار على أحد الأطباء في‮ ‬الجبل،‮ ‬حينما كتب عبارة‮ “‬محاربي‮ ‬جيش التّحرير الوطني‮”‬،‮ ‬وأمره أن‮ ‬يكتب بدلا عنها‮ “‬مجاهدي‮ ‬جيش التّحرير الوطني‮”.‬

كما شهد المجاهد‮ “‬محمد لحمر‮” -‬أحد مجاهدي‮ ‬أولاد جلال بولاية بسكرة‮- ‬أنّ‮ ‬أحد المراقبين خلال ثورة التّحرير جاءه‮ ‬يتفقّد عناصر الجيش الذين كانوا تحت مسؤوليته،‮ ‬وسأله قائلا‮: ‬ما الشّعار الذي‮ ‬يتعلّمه المجاهدون معك؟ قال‮: ‬إنّ‮ ‬هؤلاء المجاهدين‮ ‬يعتقدون ويردّدون بأنّهم التحقوا بالثّورة باسم الجهاد في‮ ‬سبيل الله‮. ‬ولمّا أراد المراقب أن‮ ‬يصرف أذهانهم عن هذا الهدف،‮ ‬ما كان منهم إلا أن ألقوا أسلحتهم،‮ ‬وقالوا بصوت واحد‮: “‬إمّا أن نقاتل العدوّ‮ ‬باسم الجهاد في‮ ‬سبيل الله وإما رجعنا من حيث أتينا‮”.‬

هكذا كان مجاهدو جيش التّحرير‮ ‬يقفون بالمرصاد لكلّ‮ ‬من‮ ‬يريد أن‮ ‬يفرّغ‮ ‬ثورتهم من بُعدها الإسلاميّ،‮ ‬وينسيهم الغاية التي‮ ‬لأجلها حملوا السّلاح،‮ ‬ولأجلها استعذبوا الموت،‮ ‬حتى قال أحدهم وهو‮ ‬يسْلم الرّوح إلى باريها في‮ ‬ساحات الوغى،‮ ‬قال‮: “‬إنّني‮ ‬الآن أموت قرير العين‮ ‬غير آسف على شيء،‮ ‬فالجنّة أمامي‮ ‬والنّصر ورائي‮”‬،‮ ‬وقال آخر‮: “‬بعد لحظات ستنفلت روحي‮ ‬من هذا الوجود وتلتحق بربّها،‮ ‬ولا شيء‮ ‬يؤسفني‮ ‬لأنّي‮ ‬أموت في‮ ‬سبيل الله‮”.‬

وكيف لا تكون هذه حالهم عند الموت وهم الذين كان الواحد منهم‮ ‬يقسم عند التحاقه بالجبال على المصحف الشّريف،‮ ‬بأن‮ ‬يقاتل حتى النّصر أو الشهادة،‮ ‬وهم من كانوا‮ ‬يصطحبون المصاحف للتعبّد بقراءة ما حوته،‮ ‬وطلب الثّبات بتلاوة ما ضمّته،‮ ‬بل قد كان المصحف عند بعضهم زادا أهمّ‮ ‬من زاد الطّعام والشّراب،‮ ‬وقد سجّل التّاريخ أنّ‮ ‬المجاهد البطل العقيد عميروش ـ عليه رحمة الله ـ استشهد وهو‮ ‬يحمل المصحف الشّريف في‮ ‬جيبه،‮ ‬ولعلّه‮ ‬يكون المصحفَ‮ ‬الذي‮ ‬أرسله إليه الشّيخ العربي‮ ‬التبسي،‮ ‬حين طلب منه أن‮ ‬يكتب له وصية‮ ‬يعمل بها في‮ ‬ميادين الجهاد‮.‬

هذه هي‮ ‬الحقيقة التي‮ ‬يراد طمسها إرضاءً‮ ‬لقوم لا‮ ‬يرضون إلا باتّباع ملّتهم وسلوك سبيلهم،‮ ‬حقيقة أنّ‮ ‬جهاد آبائنا كان جهادا إسلاميا،‮ ‬لله وفي‮ ‬سبيل الله،‮ ‬وإعزازا لدين الله،‮ ‬نحسبهم كذلك ولا نزكّيهم على الله،‮ ‬ولعلّ‮ ‬ما هو أبلغ‮ ‬في‮ ‬الدّلالة على هذه الحقيقة من كلّ‮ ‬ما سبق،‮ ‬أنّ‮ ‬قادة الجهاد في‮ ‬هذا البلد،‮ ‬كانوا قد أعلنوا أنّهم لن‮ ‬يكتفوا بجعل راية جهادهم راية إسلاميّة،‮ ‬بل إنّهم سيواصلون خوض معركتهم بعد الاستقلال ضدّ‮ ‬الشّيوعيين واللاديننين والمندسّين من أجل دينهم وقيمهم ولغتهم،‮ ‬وقد سجّل بعض المؤرّخين أنّ‮ ‬الشّهيد البطل العقيد عميروش‮ -‬عليه رحمة الله‮- ‬بعد لقائه الشيح محمد الصّالح صديق في‮ ‬تونس،‮ ‬وفي‮ ‬لحظة الوداع،‮ ‬أخرج العقيد عميروش ساعة من جيبه فضبطها على ساعته،‮ ‬وأهداها إليه وقال‮: “‬خذها لِتَعُدَّ‮ ‬بها أيام الاستعمار الباقية في‮ ‬الجزائر وهي‮ ‬قليلة،‮ ‬وبعد الاستقلال سنخوض معركة أخرى من أجل قِيَمِنا وإسلامنا ولغتنا العربية،‮ ‬فذلك هو الجهاد الأكبر‮”.‬

فما أروعها وأحلاها من كلمات،‮ ‬خرجت من قلب رجل صدق الله ما عاهده عليه،‮ ‬نحسبه كذلك،‮ ‬فاختاره الله في‮ ‬ركب الشّهداء،‮ ‬ولم‮ ‬يدرك الاستقلال،‮ ‬ولو أدركه ورأى ما نرى لربّما قال ما قاله الإمام الإبراهيميّ‮ ‬عليه رحمة الله،‮ ‬حينما قام في‮ ‬أوّل جمعة بعد الاستقلال خطيبا في‮ ‬النّاس في‮ ‬مسجد كتشاوة،‮ ‬فكان ممّا قال‮: “‬يا معشر الجزائريين‮! ‬إنّ‮ ‬الاستعمار كالشّيطان الذي‮ ‬قال فيه نبيّنا‮ -‬صلّى الله عليه وسلّم‮-: (‬إنّ‮ ‬الشيطان قد‮ ‬يئس أن‮ ‬يعبد في‮ ‬أرضكم هذه،‮ ‬ولكنّه رضي‮ ‬أن‮ ‬يطاع فيما دون ذلك‮). ‬فهو قد خرج من أرضكم،‮ ‬ولكنّه لم‮ ‬يخرج من مصالح أرضكم،‮ ‬ولم‮ ‬يخرج من ألسنتكم،‮ ‬ولم‮ ‬يخرج من قلوب بعضكم،‮ ‬فلا تعاملوه إلا فيما اضطررتم إليه،‮ ‬وما أبيح للضّرورة‮ ‬يقدّر بقدرها‭…‬‮”.‬

يتبع 👇
 
نشاط الجمعية


وانطلق نشاط الجمعية في تنفيذ برنامجها الذي كان قد ضبطت محاوره في الاجتماع الذي عقد عام 1928م مع صفوة من العلماء الذين رجعوا من المشرق ومن تونس، واستجاب الشعب لهذا البرنامج وبدأ يؤسس المساجد وينشئ المدارس والنوادي بأمواله الخاصة، ويستقبل العلماء ويُيَسر لهم الاضطلاع بمهامهم. وحتى يسهل الإشراف على متابعة العمل الإصلاحي وتنشيط العمل التربوي الذي يقدم في المدارس الحرة التي بدأت تنتشر في أرجاء القطر، كلف الإمام عبد الحميد بن باديس باقتراح من الجمعية:

  • الشيخ الطيب العقبي بأن يتولى الإشراف على العمل الذي يجري في العاصمة وما جاورها ؛
  • الشيخ البشير الإبراهيمي بأن يتولى العمل الذي يجري بالجهة الغربية من البلاد انطلاقا من تلمسان ؛
  • وأبقى قسنطينة وما جاورها تحت إشرافه شخصيا.
وهكذا تقاسم الثلاثة العمل في القطر كله. وتنفيذا لما تضمنه القانون الأساسي للجمعية تم إحداث فروع لها (شعب) في جهات مختلفة من القطر، ففي السنة الأولى تم تأسيس 22 شعبة، وفي سنة 1936م كان عدد الشعب 33 شعبة، أما في سنة 1938م فقد تطور العدد إلى 58 شعبة، واستمر هذا الجهد التعليمي والإصلاحي رغم العراقيل والاضطهاد الذي كان العلماء والمعلمون عرضة له، ولكن الملاحظة التي يجب تسجيلها هنا هي أن الشعب أقبل على التعليم الحر بكيفية خارقة للعادة، لذلك انتشرت المدارس في جميع مدن الجزائر وقراها. وبعد مضي ست سنوات من عمر الجمعية، بادر الإمام عبد الحميد بن باديس بوضع إطار حرّ وشامل للجمعية وهو أشبه بميثاق أو دستور وضعه لتسير على هديه الجمعية في نشاطها الإصلاحي والتعليمي، فحدد من خلال هذا الإطار ما أسماه "بدعوة جمعية العلماء وأصولها" ونشره في مجلة الشهاب العدد الرابع، المجلد الثالث عشر في جوان 1937 ثم طبع ووزع على العموم .

حرمت جمعية العلماء من استئناف نشاطها في الجزائر المستقلة، فقام نخبة من بقايا الجمعية وتلاميذها ومدرسيها بتأسيس جمعية القيم الإسلامية. عادت لنشاطها تحت إسمها التاريخي بعد أحداث 5 أكتوبر 1988 في الجزائر

نشاط جمعية العلماء في فرنسا

لم تغفل الجمعية عن الجالية الجزائرية المقيمة بـفرنسا فأنشأت الجمعية عشرات من النوادي وزوّدتها بالعديد من الشيوخ والمعلمين فأرسل ابن باديس الشيخ سعيد صالحي مبعوثا إلى فرنسا سنة 1938م بالإضافة إلى العديد من الشخصيات البارزة وعلى رأسها الشيخ الفضيل الورتيلاني، وهذا للقيام بسلسلة من المحاضرات في نوادي الجمعية بمختلف المدن الفرنسية، يتعلم فيها أعضاء الجالية العربية ضروريات دينهم ودنياهم، ويتعلم فيها أبناؤهم اللغة العربية تكلما وكتابة، ويتربون على الدين والوطنية.

مجلات الجمعية
  1. جريدة السنة النبوية المحمدية : صدر أول عدد منها في الثامن من ذي الحجة عام 1351هـ الموافق للعاشر من أفريل سنة 1933 م أي بعد سنتين من تأسيس الجمعية وما صدر منها إلا 13 عددا حتى أوقفتها السلطات الاستعمارية، فكان آخر عدد يوم 1 ربيع الأول سنة 1352 هـ الموافق لـ 03 جويلية 1933 م.
  2. جريدة الشريعة النبوية المحمدية : طبع أوّل عدد منها يوم الاثنين 24 ربيع الأوّل 1352 هـ الموافق لـ 17 جويلية 1933 م واستمرت حتى عددها السابع يوم الإثنين 7 جمادى الأولى 1352 هـ الموافق لـ 28 أوت 1933 م أين جاء قرار تعطيلها، قد واكبت هذه الجريدة بداية السنة الثالثة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين كما بيّنه العدد الأوّل منها الذي ذُكر فيه خطاب الرئيس في الاجتماع العام الثالث لجمعية العلماء ؛
  3. جريدة الصراط السوي : صدر أول عدد يوم الإثنين 21 جمادى الأولى عام 1352 هـ الموافق لـ 11 سبتمبر 1933 م وصدر منها 17 عددا حتى 22 رمضان 1352 هـ الموافق لـ 8 جانفي 1934م.
  4. جريدة البصائر : بعد توقيف جريدة الصراط السوي أعادت الجمعيّة طلبها الرخصة القانونية بإصدار جريدة تكون لسان حالها. وبعد مدة ليست بالقصيرة أذنت لها الإدارة الاستعمارية بإصدار جريدة "البصائر" ، وذلك في 01 شوال 1354 هـ الموافق لـ27 ديسمبر 1935 م وقد أشرف عليها الشّيخ الطيب العقبي من أول عدد لها 27 سبتمبر 1935 م إلى العدد 83 الصادر في 30 سبتمبر 1937 م، حين تحولت إدارة تحريرها من العـاصمة إلى قسنطينة، وعين المجلس الإداري لجمعيّة العلمـاء الشّيخ مبارك الميلي مديرا ومحررا لها خلفا للشّيخ العقبي إلى أن توقفت بسبب الحرب عند العدد 180 الصادر في 25 أوت 1939 م. وتعد جريدة البصائر الجريدة الوحيدة التي بقيت تصدر بعد وفاة الشّيخ ابن باديس (من بين الجرائد التي أشرف على إصدارها) حيث عادت إلى الصدور بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية من عام 1947 م إلى غاية 1956 م، بإشراف وإدارة رئيس الجمعيّة الثاني الشّيخ محمد البشير الإبراهيمي ، وقد بدأ صدورها يوم 25 جويلية 1947 م، ولكنها لم تلبث أن توقفت عن الصدور مجددا من طرف المشرفين عليها سنة 1956 م، بسبب احتدام الثورة التحريرية وتأزم الأوضاع.

1595285475230.png

المجلس الإداري لجمعية العلماء - 1949. (الجلوس، من اليمن إلى الشمال) أحمد بوشمال، عبد اللطيف سلطاني، محمد خير الدين، محمد البشير الإبراهيمي (نائب الرئيس)، العربي التبسي، أحمد توفيق المدني، عباس بن الشيخ الحسين، نعيم النعيمي، (الوقوف من خلف) مجهول، حمزة بوكوشة، أحمد سحنون، عبد القادر المغربي، الجيلالي الفارسي، أبو بكر الأغواطي، أحمد حماني، باعزيز بن عمر، مجهول، مجهول.


مراجع هذا الجزء :



  1. جمعية العلماء المسلمين الجزائريين نسخة محفوظة 28 يناير 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ لتحميل دعوة جمعية العلماء وأصولها، مستخرجة من مجلة الشهاب ج4 م13 11جوان 1937م. نسخة محفوظة 5 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ للإطلاع أكثر في كتاب: نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في فرنسا 1936-1954 ، بورنان سعيد ، دار هومه ، الجزائر، 2012.
  4. ^ تحميل أعداد جريدة السنة النبوية المحمدية. نسخة محفوظة 9 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ تحميل أعداد جريدة الشريعة النبوية المحمدية. نسخة محفوظة 9 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ تحميل أعداد جريدة الصراط السوي. نسخة محفوظة 9 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ تحميل بعض أعداد جريدة البصائر (1935-1937). نسخة محفوظة 5 مايو 2020 على موقع واي باك مشين
  8. ويكيبيديا

يتبع 👇
 
مواقف باهتة في زمن التحولات


وللأسف أنه حتى بعد حصول الجزائريين على استقلالهم الوطني، الذي ساهمت فيه جمعية العلماء مساهمة فعالة يشهد بها كل المؤرخين المنصفين، تمت محاصرة الجمعية بطريقة أشد وأشرس مما حاصرها به المستعمر الفرنسي، حتى تباين بوضوح دورها الفعال خلال الفترة الاستعمارية (1931/1954)، إذا ما استثنينا فترة الثورة والكفاح المسلح التي انخرطت فيها بقوة (1954/1962) مع دورها وتأثيرها الخافت خلال كامل فترة الاستقلال إلى اليوم (57 سنة)، إلا أن تراجع دورها في السنوات الأخيرة، بات ملحوظا أكثر، وتطرح حوله أسئلة كثيرة، تستلزم من كل الخيرين في الجزائر أن يقدموا مراجعات حقيقية لهذه الوضعية غير المريحة، والمتناقضة مع عظمة المشروع الباديسي الذي حملته، والذي رغم تراجع أداء القائمين عليه، إلا أنه مع ذلك، يلقى قبولا شعبيا كاسحا، ترجمته شعارات الهبة الشعبية الراهنة في الجزائر، وهي ترفع صور الشيخ ابن باديس، وتردد أشعاره الخالدة، بل وتعلن صراحة أنها تحمل مشروعه النهضوي لإخراج الجزائر من أزماتها وتخلفها.

ميراث عظيم

لا يمكن حصر ميراث جمعية العلماء المسلمين مطلقا، لأن تأثيرها على مجمل الحركة الوطنية خلال مرحلة الاستعمار، وعلى اندلاع الثورة التحريرية، وحتى على صناعة النخب الإسلامية والوطنية بعد الاستقلال، هائل جدا، ويكفي أن الجمعية منذ نشأتها خلال عقد المؤتمر الإسلامي طالبت علانية بالاعتراف باللغة العربية لغة رسمية للبلاد، وإعادة مجمل النشاط الديني إلى أشراف المسلمين، وقد كانت الجمعية وقتها الناطق شبه الرسمي عن الشعب الجزائري المقهور، حتى إن المفكر مالك بن نبي عارض أن تتنازل الجمعية عن قيادة الحركة الوطنية، وأن يتنازل الشيخ بن باديس عن رئاسة الوفد الجزائري الذي توجه إلى باريس في 18 تموز (يوليو) 1936 لرئيس كتلة النواب الجزائريين بن جلول، وهو ما اعتبره تنازلا خطيرا أدى إلى تأخر انطلاق ثورة تشرين ثاني (نوفمبر)، وإلى الانحرافات والمشاكل العويصة التي حصلت بعد الاستقلال، إلا أن الجمعية وقتها كما يقول شيخ المؤرخين الجزائريين أبو القاسم سعد الله، كانت تخشى العمل السياسي العلني الصريح، خشية حلها من الاستعمار، وبمن ثم فقدان العمل الدعوي الهائل الذي تقوم به لتوعية الجزائريين واستعادة هويتهم المسلوبة.



%D8%A3%D8%B9%D8%B6%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%20%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86%20(%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%B1).jpg


لقد سطرت الجمعية منذ إنشائها أهدافا واضحة في مقدمتها تثبيت هوية الشعب العربية الإسلامية وفق شعارها المعروف "الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا"، وكان العلامة عبد الحميد بن باديس في الجزائر، علما من أعلام الأمة الكبار وقتها، من أمثال الشيخ جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدو، لكن وفاته المفاجئة في العام 1940، تركت فراغا رهيبا لم يتمكن حتى نائبه العلامة الكبير الشيخ البشير الإبراهيمي من ملئه، خاصة بعد أن تم إيقافه عن العمل العام بعد اندلاع الثورة التحريرية في 1954، ما دفع بكوادر الجمعية إلى الانخراط في الثورة والعمل الوطني المسلح، الذي مهدت له قوافل العلماء التي كانت تجول القرى والمداشر لزرع الوعي والروح الوطنية الإسلامية، حتى إن الكثير من كوادر الثورة المسلحة كانوا من خريجي جمعية العلماء المسلمين، وهو ما بينه الشّيخ محمّد البشير الإبراهيمي في خطاب له عندما قال: "لو تأخّر وُجود الجمعية عشرين سنة أخرى، لما وجدنا في الجزائر من يسمع صوتنا، ولو سلكنا سبيلا غير الذي سلكناه في إيقاظ الأمّة وتوجيهها في السّبيل السّوي لما قامت هذه الثّورة الجارفة في الجزائر التي بيّضت وجه العرب والمسلمين".

مطاردات ما بعد الاستقلال

ما تخوف منه مالك بن نبي قبل الاستقلال وقع بالفعل بعد استعادة الجزائر استقلالها، حيث وجدت القيادة التي استولت على منظومة الحكم بقوة السلاح بسبب أن توجهاتها الأيديولوجية لا تتماشى وتوجهات جمعية العلماء المسليمن، في موقف التضاد مع الجمعية، فقد كان في بداية الستينيات المد الشيوعي على أوجه، وهو الذي كان وراء انحرافات مؤتمري الصومام وطرابلس في تاريخ الثورة المسلحة الجزائرية، وبالفعل لم تمض أكثر من ثلاث سنوات على الاستقلال، حتى وقع انقلاب العقيد هواري بومدين على غريمه أحمد بن نبلة سنة 1965، ليقوم بتأثير دوائر حاقدة بحل الجمعية باعتبارها من القوى "الرجعية"، والتضييق على علمائها، إلا أن الإسهامات الفردية لرجال جمعية العلماء كانت أقوى من أن تسحقها آلة المنع تلك، فظهرت جمعية القيم الإسلامية امتدادا لنضال رجالات الجمعية الذين بادروا إلى تأسيس هذه الجمعية الجديدة، ليواصلوا إسهاماتهم في الصحف والقنوات الإذاعية والمساجد ومؤتمرات الفكر الإسلامي، محاولة ما استطاعت مواجهة موجات الفرنسة والانحلال، إلى أن اندلعت انتفاضة تشرين أول (أكتوبر) 1988، لتعود الجمعية إلى اسمها التاريخي بعد إقرار التعددية الحزبية وحرية إنشاء الجمعيات.


من العدل الاعتراف أن تراجع أداء جمعية العلماء المسلمين، بعد وفاة ابن باديس، وبعده الشيخ البشير الإبراهيمي، كان جله لأسباب موضوعية


غير أن عودة جمعية العلماء بداية التسعينبات من القرن الماضي، كان أيضا في ظروف صعبة واستثنائية، حيث صادف الرجوع اندلاع الحرب الأهلية في الجزائر، ونشوب أزمة أمنية خطيرة، عقب انقلاب 1992، لم تتمكن معها الجمعية وكثير من الأحزاب والجمعيات الأخرى، من أدى دور فاعل فيها، بسبب قلة الحريات ومصادرة الرأي، إلى غابة 1999 تاريخ وصول الرئيس بوتفليقة إلى سدة الحكم وإقرار قانون المصالحة الوطنية، أين تخلصت الجمعية من الظرف الخاص الذي سيطر على مجمل البلاد، لتقع للأسف ضمن دائرة مضايقات مختلفة أخرى، وهذه المرة مرتبطة بالتضييق المالي ومشكلة المقر الرئيس للجمعية، الأمر الذي أدخل الجمعية في متاهة هي أكبر منها، وتغرق إثرها في أمور صغيرة تتعلق برواتب الموظفين وإيجاد مقر لائق، والعمل على بقاء صوت الجمعية جريدة "البصائر" ومنع اندثارها بسبب أزماتها المالية، وهي كلها مشاكل مصطنعة من طرف جهات نافذة لم يكن يخدمها عودة الجمعية لسابق عهدها، أو أن تقوم بدورها الحضاري الريادي في تثبيت هوية الأمة الجزائرية العربية المسلمة، وهذه المرة للأسف ليس باسم الشيوعية والتقدمية، وإنما تقف وراءها لوبيات تابعة لفرنسا وجماعات البربريست والرافضين لأي توجه عربي إسلامي للجزائر.

وعليه يكون من العدل الاعتراف أن تراجع أداء جمعية العلماء المسلمين، بعد وفاة ابن باديس، وبعده الشيخ البشير الإبراهيمي، كان جله لأسباب موضوعية، حتى وإن كانت الأسباب الذاتية متوفرة أيضا، بعد العام 1992 في زمن قيادة الشيخ أحمد حماني، أو الشيخ علي المغربي، أو الشيخ أحمد حماني، وإلى غاية تولي الدكتور عبد الرزاق قسوم القيادة الحالية، وجب معها إعادة النظر في استراتيجية الجمعية بشكل كامل، خاصة إذا ما تمكن الحراك الحاصل اليوم في البلاد، من تحرير الجمعية من الأغلال التي قيدتها طويلا.

واقع حزين

رغم المحاولات الحثيثة التي تقوم بها جمعية العلماء المسلمين حاليا في محاولة نشر الوعي والثقافة والتربية، إلا أن ذلك يظهر بالنظر إلى تاريخ الجمعية وعظمة الأهداف التي أنشئت من أجلها، ضئيلة جدا، صغيرة بحيث لا تكاد تُرى في الواقع الجزائري، إلا بشق الأنفس.

لقد تقلص نشاط الجمعية وتأثيرها كثيرا اليوم، ورغم الفترة الذهبية التي قاد فيها الشيخ عبد الرحمن شيبان رحمه الله الجمعية، قبل أن تؤول مؤخرا إلى الدكتور عبد الرزاق قسوم، إلا أن المحصلة تبدو هزيلة وبعيدة كل البعد عن تطلعات الشعب من هذا الصرح النهضوي الكبير، ومن يتابع نشاط الجمعية اليوم، سيكتشف سريعا أن الأمر يقتصر على إصدار صحيفة "البصائر" التي تعاني مشكلات مالية كبيرة، ونقص في التوزيع والتأثير يكاد يكون مرعبا، فصحيفة بهذا التاريخ لا تكاد تراها في المكتبات إلا نادرا، ولا يتجاوز مدى تأثيرها في أحسن الأحوال بعض الشخصيات المحبة للجمعية، بينما عموم الشعب في واد آخر، يعيش صراعه الحضاري مع الآخر المنسلخ بكل ترسانة الإعلام والمال التي يملكها، مجردا من أي غطاء عقدي.



%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%81%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%B1%20%20(%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%B1).jpg


وقد بينت الأحداث التي مرت بها الجزائر خاصة في العشريتين الماضيتين من حكم بوتفليقة، كم أن الاحتقار الرسمي وصل مداه إلى الحد الذي تمادت فيه وزارة التربية مثلا، التي سيطرت عليها قوى استئصالية بقيادة الوزيرة نورية بن غبريط، إلى حد محاولة إلغاء مادة التربية الإسلامية من كثير من الأطوار التعليمية، وتقليص الحجم الساعي لهذه المادة في أطوار أخرى، بل وإلى نزع البسملة من الكتب المدرسية، والمس بعقيدة الشعب ولغته العربية وتاريخه الإسلامي لصالح تاريخ آخر جاهلي مزيف، من دون أن يكون للجمعية القدرة على وقف تلك المهازل، وأقصى ما كانت الجمعية تقدر عليه أن تصدر بيانات صحفية تشجب فيه أو تستنكر الدوس على قيم الشعب ومقوماته، قبل أن يواصل قطار المسخ والدجل مساره المرسوم.

الأدهى والأمر، أن تغيب شخوص وشخصيات الجمعية أو تكاد، عن الخوض في لب الصراع الحاصل بالبلد، من خلال بلاطوهات الإعلام، بشخصيات وازنة تكون لها قوة الحجة والطرح، مزودة بميراث ثقيل، في المقابل ترى كل الكائنات الأيديولوجية تدلي بدلوها في مصير البلاد، الأمر الذي يحز في قلوب المخلصين كثيرا، ويجعلهم يتساءلون أين الخلل، هل التضييق والتعتيم الرسميين وحدهما كافيين لتفسير هذا التراجع، أم إن هناك اسبابا أخرى ذاتية مرتبطة باستراتيجية الجمعية وقيادتها حاليا؟

الأدهى والأمر، أن تغيب شخوص وشخصيات الجمعية أو تكاد، عن الخوض في لب الصراع الحاصل بالبلد


لقد ظلت الجمعية في زمن الاستعمار تتحرى عدم الانجرار الكامل في المستنقع السياسي، وتحاول أن تتحايل على قوانين فرنسا "اللائكية" لكي تقول كلمتها، وبالفعل كانت رغم تلك الظروف الصعبة رقما صعبا في المعادلة الجزائرية، بينما تكاد الجمعية اليوم، تختفي من المعادلة الوطنية، لأن دولة الاستقلال فرضت القيود ذاتها على الجمعية، غير أن الفرق بين نتيجة الأمس واليوم، هي الفرق في نوعية رجال الأمس ورجال اليوم، وهو ما يفتح المجال واسعا أمام التأويلات بكل أبعادها.


وجدت هذا المقال ل : حسان زهار في "عربي21" صحيفة عربية إلكترونية إخبارية مستقلة شاملة

يتبع 👇
 
ماذا يعني أن يقزّم البعض دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ؟


أصالة المبدأ الثوري في تكوين جمعية العلماء:

جمعية العلماء لم تحمل في فكر مشايخها ولا في مبادئها ولا في نضالها غير الثورة وطرد المحتل، ولا يغيب ذلك في كل نصوص وأدبيات جمعية العلماء منذ البدايات وحتى النهايات، فهذا شيخها وشيخنا عبد الحميد بن باديس عليه رحمة الله يقول قبل الثورة بسنين طويلة : “وأنا أقول لكم في هذا اليوم، لم يبق لنا إلاّ أحد الأمرين، لا ثالث لهما: إما الموت أو الشهادة في سبيل الله، منتظرين النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين، أو الاستسلام ومد أيدينا إلى الأغلال، وإحناء رؤوسنا، أمام الأعداء، فتكون النتيجـة لا قدر الله أن تجري علينا، ما جرى ببلاد الأندلس”.
ويقول رحمه الله عليه: «أنا أُحارب الاستعمار لأنّي أُعلِّم وأُهذب، فمتى انتشر التعليم والتهذيب في أرض أجدبت على الاستعمار وشعر في النهاية بسوء المصير»، وفي كلمة واضحة وصريحة يقول الشيخ: «إنّ الاستقلال حق طبيعي لكل أمّة من أمم الدنيا، وقد استقلت أمم كانت دوننا في القوة والعلم والمنعة والحضارة … وستصبح البلاد الجزائرية مستقلة استقلالاً واسعاً تعتمد عليها فرنسا اعتماد الحر على الجر”، ونقل عنه أنه قال مرة بصريحة العبارة كلمة في صميم الدعوة إلى الثورة وتواترت هذه العبارات ونقلها الكثيرون: «والله لو وجدتُ عشرة من عقلاء الأمة الجزائرية يوافقوني على إعلان الثورة لأعلنتها”.
وما أجمل قول شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا في حق جمعية العلماء حينما قال:
جمعية العلماء المسلميــــن، ومَــن *** للمسلمين سواكِ اليوم منشودُ
خاب الرجا في سواك اليوم فاضطلعي *** بالعبء، مُذ فَرَّ دجَال و رعدِيدُ
أمانـة الشعب، شُدَّت بعاتقكــــم *** فما لغيـــركم تُلقـــى المقاليدُ
سيروا ولا تهنـــوا فالشعب يرقبكم *** وجاهدوا فلواء النصر معقـــودُ.

ومما يظهر عمق الثورة في أبجديات البناء الفكري والوجداني لدى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ذاك النشيد الخالد الذي قاله أحد مشايخ الجمعية محمد العيد آل خليفة، إنه نشيد (من جبالنا طلع صوت الأحرار)، والعجيب أنه قيل سنة 1931م، والذي يقول فيه:
مِنْ جِبَالِنَا طَلَعَ صَوْتُ الْأَحْرَارْ *** يُنــَــادِيـــنَا لِلْاِسْتــِــقـــْــلَالْ
يُنــَــادِيــنَا لِلْاِسـْـتــِقــْلَالْ *** لِاســْـتـِـقــْــلاَلِ وَطـْـنـِـنــــَــا

جمعية العلماء طيلة فترات الحركة الوطنية كانت تمثل ضمير الوعي والإصلاح والجمع والتهيئة للشعب الجزائر حتى يتغير حاله ويتهيأ للحظة الحسم من أجل تحقيق حلمه في الانعتاق والنهضة، وقد قال عثمان سعدي وهو يصف الجمعية خلال مرحلة ما يعرف بالحركة الوطنية بقوله: ( إذا كان حزب الشعب هو هراوة الحركة الوطنية فإن جمعية العلماء هي ضميرها).

جمعية العلماء والثورة التحريرية المباركة:
كثير ما نجد الكلام من هنا وهناك يثار حول حقيقة مشاركة الجمعية في الثورة التحريرية المباركة، وكل من يطرح هذا بشك، هو يحاول جاهدا أن يهمّش دورها الكبير ، رغم أنها سرت في دماء وفكر وضمير غالب رجال ثورة التحرير، فما من كشّاف إلاّ وقد مرّ على مبادئ الجمعية، بل لم تؤسس الكشافة الإسلامية سنة 1935م إلاّ برعاية جمعية العلماء لها، ومجمل من كان في الثورة من المتعلمين قد مرّوا على مدارس جمعية العلماء، واسألوا في ذلك القائد مصطفى بن بولعيد وعميروش والعربي بن مهيدي وغيرهم .
ولإثبات دور الجمعية أطرح هذه التساؤلات في ضمير كل صاحب قلب حي نقي يريد الخير للجزائر، وأترك له الحكم:
ــ ما معنى أن يكون أول بيان مساند للثورة الجزائرية هو بيان جمعية العلماء منذ البدايات، يوم 2 نوفمبر 1954، ولم يصدر بيان قبلها من أي جهة كانت، هيئة أو منظمة أو حزب أوغيرهم يعلن مساندته للثورة.؟
ــ ماذا يعني خطاب الشيخ البشير الابراهيمي عقب اندلاع الثورة بساعات، أي صبيحة يوم 2 نوفمبر حينما قال:
أيها الإخوة الجزائريون الأبطال لم تبق لكم فرنسا شيئا تخافون عليه، أو تدارونها لأجله، ولم تبق لكم خيطا من الأمل تتعللون به. أتخافون على أعراضكم وقد انتهكتها؟ أم تخافون على الحرمة وقد استباحتها، لقد تركتكم فقراء تلتمسون قوت اليوم فلا تجدونه؟ أم تخافون على الأرض وخيراتها وقد أصبحتم فيها غرباء حفاة عراة جياعا، أسعدكم من يعمل فيها رقيقا زراعيا يباع معها ويشترى، وحظكم من خيرات بلادكم النظر بالعين والحسرة في النفس؟ أم تخافون على القصور، وتسعة أعشاركم يأوون إلى الغيران كالحشرات والزواحف؟ أم تخافون على الدين؟ ويا ويلكم من الدين الذي لم تجاهدوا في سبيله، ويا ويل فرنسا من الإسلام، ابتلعت أوقافه وهدمت مساجده، وأذلت رجاله، واستعبدت أهله، ومحت آثاره من الأرض، وهي تجهد في محو آثاره من النفوس.

أيها الإخوة المسلمون:
إن التراجع معناه الفناء. إن فرنسا لم تبق لكم دينا ولا دنيا، وكل إنسان في هذا الوجود البشري، إنما يعيش لدين ويحيا بدنيا، فإذا فقدهما فبطن الأرض خير له من ظهرها.
إن أقل القليل مما وقع على رؤوسكم من بلاء الاستعمار الفرنسي يوجب عليكم الثورة عليه من زمان بعيد، ولكنكم صبرتم، ورجوتم من الصخرة أن تلين، فطمعتم في المحال، وقد قمتم الآن قومة المسلم الحر الأبي فنعيذكم بالله وبالإسلام أن تتراجعوا أو تنكصوا على أعقابكم، إن التراجع معناه الفناء الأبدي والذل السرمدي.

أيها الإخوة الأحرار
هلموا إلى الكفاح المسلح إننا كلما ذكرنا ما فعلت فرنسا بالدين الإسلامي في الجزائر، وذكرنا فظائعها في معاملة المسلمين، لا لشيء إلا لأنهم مسلمون، كلما ذكرنا ذلك احتقرنا أنفسنا واحتقرنا المسلمين، وخجلنا من الله أن يرانا ويراهم مقصرين في الجهاد لإعلاء كلمته، وكلما استعرضنا الواجبات وجدنا أوجبها وألزمها في أعناقنا، إنما هو الكفاح المسلح فهو الذي يسقط علينا الواجب، ويدفع عنا وعن ديننا العار، فسيروا على بركة الله، وبعونه وتوفيقه إلى ميدان الكفاح المسلح، فهو السبيل الواحد إلى إحدى الحسنيين، إما موت وراءه جنة، وإما حياة وراءها العزة والكرامة.
ــ ماذا يعني بيان يوم 3 نوفمبر 1954 من قبل الشيخ الفضيل الورتيلاني لمساندة الثورة من القاهرة وصدر في كل الصحف المصرية، وجاء بعنوان: (إلى الثائرين الأبطال )، وبيان 11 نوفمبر الذي صدر في مختلف الصحف المصرية لمساندة الثورة ودعمها ونداء الشعب للانضواء تحتها؟
ــ ماذا يعني بيان 16 نوفمبر 1954 والذي جاء تحت عنوان: ( نداء إلى الشعب الجزائري المجاهد: نعيذكم بالله أن تتراجعوا ) وقد جاء هذا البيان بعاطفية كبيرة اتجاه الشعب أن يواصل كفاحه وثورته ويهيبون عليه عدم التراجع والمضي نحو الاستقلال أو الشهادة ..؟
ــ في أي خانة نضع طلب الشيخ البشير الإبراهيمي إلى شيخ الأزهر يوم 12 نوفمبر 1954 بالإعلان للمسلمين بالجهاد الأكبر في الجزائر .؟
ــ ما معنى قيام الشيخ الإبراهيمي عقب الثورة مباشرة بزيارات للممالك والدول رغم مرضه وكبره، ومنها السعودية حيث بقي لأزيد من ساعتين يطلب من الملك سعود بن عبد العزيز دعم الثورة ماديا ومعنويا وحث دول العالم الإسلامي على ذلك، وبعد اللقاء مباشرة سقط مغشيا عليه وبقي في غيبوبة لأيام وهو تحت العلاج ما الذي دفعه إلى كل هذه المتاعب .؟
ـــ وكيف نصنف خطابات البشير الابراهيمي المؤثرة لنصرة ودعم الثورة في إذاعة صوت العرب من القاهرة؟
ـــ في أي خانة نضع شهادات الصحف والإذاعات العربية بأنه لولا البشير الإبراهيمي لما عرفنا حقيقة الثورة الجزائرية، مما جعلنا ننادي بدعمها ماديا ومعنويا وهو ما كان؟
ـــ ماذا يعني تشكيل الشيخ البشير الإبراهيمي لجبهة تحرير الجزائر في فيفري 1955 في القاهرة، وقد كان معه فيها: ( أحمد بن بلة، وحسين آيت أحمد وأحمد مزغنة ومحمد يزيد..) لتقديم المساندة لجبهة التحرير الوطني والثورة في الداخل ، وقد نص ميثاق هذه الجبهة على ما يلي:
1 ــ محاربة الإحتلال الفرنسي بكل الوسائل الممكنة
2 ــ طلب المساعدة من الأشقاء العرب والمسلمين وكل الأحرار في العالم من أجل التحرر والاستقلال
ـــ ماذا يعني أن يكتب الشيخ البشير الإبراهيمي في مجلة العرفان اللبنانية في الذكرى الأولى لاندلاع الثورة، قال فيها: «بأن الثورة التحريرية هي مولود سيفضي بلوغه ونضجه إلى تحرير الجزائر والمغرب العربي كاملا من طغيان الاستعمار»، وكانت فراصته كما قال.؟
ـــ في أي خانة نصنف صولات وجولات الشيخ البشير الإبراهيمي طيلة سنوات الثورة ( 1954 ــ 1958) في الوقوف على أبواب سلطان العرب باستمرار منها السعودية وسورية وغيرها وكان ينظم في كل الدول خطابات حماسية لدعم الثورة، رغم معاناته من المرض لكنه كان يقول من أجل الجزائر أقدم حياتي .؟
ـــ ماذا تعني فتاوى الجهاد من قبل مشايخ الجمعية في الداخل والخارج لمناهضة المحتل ونصرة الثورة واعتبروها واجبا شريعا لا ينبغي التراجع عنه أو تثبيطه أو عدم نصرته ، وحرّموا الفرار والتراجع عن القتال، وتحريم موالاة العدو الكافر بأي شكل من الأشكال.؟
ــ ماذا يعني قيام الشيخ العربي التبسي عند اندلاع الثورة باجتماع لأعضاء الجمعية وحثهم على الالتحاق بها والاقتطاع من رواتب معلمي مدارس الجمعية لتنفق على أسر المجاهدين والشهداء والمعتقلين؟ وكيف نصنف قوله: (من عاش فليعش بعداوة فرنسا، ومن مات فليحمل معه هذه العداوة إلى القبر)؟
ـــ ما معني قول الشيخ المجاهد أحمد حماني: (كنت واسطة بين الشيخ العربي التبسي رئيس جمعية العلماء والمجاهد عميروش، القائد في الولاية الثالثة وقد أرسل له التبسي آلات الطبع والكتابة والسحب والأموال والمحافظين السياسيين والمعلمين ).؟
ـــ في أي مجال نصنف القائد عميروش حينما أرسل إلى الشيخ العربي التبسي رسولا وقال له قل للشيخ يوصيني، فلم يكتب له الشيخ التبسي رسالة أو يوصيه بكلمات، بل أخذ مصحفه، وقال للرسول قل له: (هذا المصحف الشريف هو وصيتي له).؟
ـــ ماذا يعني قول رئيس جمعية العلماء الشيخ العربي التبسي: ( أنقلوا عني وبلّغوا كل من لقيتم ممن تعرفون، أن كل هجرة من الوطن إلى خارجه، تعتبر مروقا من الدين وخيانة للوطن، ما لم تكن في مهمة كلفت بها جبهة التحرير الوطني )؟
ـــ ماذا يعني أن ترسل فرنسا للشيخ العربي التبسي رئيس الجمعية في محاولة لفصلها عن الثورة، وتقول له إن فرنسا توافق على فصل الدين على الدولة وتقوده جمعية العلماء في الجزائر، بمعنى فصل الدين الإسلامي عن وصاية فرنسا في الجزائر وترك الحرية لهم، فردّ عليه الشيخ بالقول: ( إن جمعية العلماء لم ترد فصل الدّين الإسلامي عن السلطات الفرنسية، وإنما تريد فصل الجزائر عن فرنسا). فقيل له يا شيخ لقد قلت كلمات هي قاتلتك، فاخرج من الجزائر فقال: (إن خرجت أنا فمن يبقى في الجزائر).؟
ـــ ماذا يعني أن تقدم الجمعية للثورة كعربون صدق ووفاء رأس شيخها ورئيسها العربي التبسي.سنة 1957.؟
ــ ما ذا يعني أن يكون أمين عام الجمعية الشيخ أحمد توفيق المدني هو الواسطة بين مركز القيادة في العاصمة وبقية جبهات المعارك والقيادات الفرعية، وكان معه مجموعة من أعضاء الجمعية منهم: (حمزة بوكوشة، أحمد سحنون، الجيلالي الفارسي، مصباح الحويذق، وغيرهم).؟
ـ ماذا يعني النشاط الكبير الذي قام به الشيخ الفضيل الورتيلاني في كسب دعم الدول العربية والإسلامية للثورة، حتى أنه عين كمندوبا لعلماء الإسلام أمام الهيئات والجماعات الإسلامية في العالم، مما جعله يستغله هذا المنصب لكسب التأييد للثورة؟
ـ في أي مجال نصنف قول مؤرخ الجزائر الأعظم أبو القاسم سعد الله حينما قال: (لولاهم لبقي الثوار في حصار مادي ومعنوي قاتل ).؟
ـــ ما معنى أن يقول الضابط الفرنســــي ( سيرفي) SERVY : (إن حوادث الثورة الجزائرية هي من تدبير جمعية العلماء)
إنها تساؤلات قليلة من تساؤلات أكبر وأعمق، أترك لكل من يقرأها بقلب حي أن يستنتج دور جمعية العلماء في ثورة التحرير، ومن ذهب عنه كل هذا فلا يجعل العصبية تهوي به مهاوي، وما أجمل قول الشاعر:
ما مـن كاتب إلا سيفــــنى *** ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيء *** يســرك يوم القيامة أن تراه


المصدر : د. مصطفـــــى داودي *أستاذ التاريخ بجامعة الشهيد زيان عاشور / الجلفة
 
“إنسان ما بعد الاستقلال”

كنت أطالع مذكرات الدكتور يحيى بوعزيز – رحمه الله – فاستوقفني ما قصه عندما كان راجعا إلى الجزائر من تونس بعدما أرغم الشعب الجزائري فرنسا على الاعتراف بأن الجزائر ليست فرنسا، ولا تحب أن تكون فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت، كما أكد الإمام ابن باديس، الذي يردد “شر الدواب” أنه دعا إلى الاندماج، وهو الذي حرم مجرد التجنس بالجنسية الفرنسية، بينما نرى الآن كبراءنا “الأحرار” عبيدا لفرنسا…

في أثناء تلك العودة، وكانت بالقطار، جاء مراقب التذاكر، وهو فرنسا، وبدأ يراقب تذاكر الركاب. فلما وصل إلى أحد الركاب طلب منه تذكرته ليراقبها، فانتفض ذلك الشخص، ورفض إظهار تذكرته، وربما لم يشترها أصلا، وأخذته “عزة الاستقلال بالإثم والغرور” وأمطر ذلك المفتش بوابل من كلمة “أحنا مستقلين”، أي إننا مستقلون.. (يحيى بوعزيز: رحلة في فضاء العمر. ج2. ص79).

لا شك في أن هذا الشخص، الذي رفض إظهار تذكرته – ولو لمراقب فرنسي – يمثل أصدق تمثيل، ويجسد أحسن تجسيد من سماه المفكر المغربي الدكتور المهدي ابن عبود: “إنسان ما بعد الاستقلال”. (عمر عبيد حسنة. الأعمال الكاملة المجلد 1. ج2. ص 188).

إننا نستطيع أن نحصي كثيرا من الصفات السلبية التي طبعت تصرفات كثير منا عن “إنسان ما بعد الاستقلال”، والتي ما يزال كثر منا، خاصة كثير من المسئولين، لم يتخلصوا منها.. ويأتي على رأس هذه الصفات السلبية “الغرور”، الذي يجعل كثيرا منا لا يعترفون بأخطائهم، ويرفضون تصحيحها، ويصرون على الاستمرار عليها..

وإنني أرى أكبر مجسد لـ “إنسان ما بعد الاستقلال” هو من قدر له أن “يتربع” على عرش الجزائر، في بداية استعادة استقلالها.. وهو لا يملك إلا شهادة “لا إله إلا الله”، ومع ذلك لم يجد حرجا في أن يتولى ستة مناصب عليا.. لقد أخبرني أحد الإخوة أن مواطنا “حكيما” عقب على بعض ما رأى وما سمع بقوله “الاستقلال فسدناه”… والسؤال هو: “متى نصلح ما أفسدناه، وبعدما وصل الفساد إلى المنظومة التربوية المعول عليها في الإصلاح المنشود؟”.

المصدر : الاستاذ محمد الهادي الحسني كلية الآداب (قسم التاريخ) بجامعة الجزائر

يتبع غدا باذن الله ✌
 
وخلاصة القول:

إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد نشأت في ظروف غاية الصعوبة، وواجهت الكثير من المؤامرات والمناورات من الاستعمار وأعوانه وأذنابه. وقد رأت الجمعية النور في وقت اشتدت فيه وطأة الاستعمار وتفشى فيه الجهل، وعمَّ الفساد، وخالط الدين كثير من مظاهر الجهل والدجل والشعوذة، وحوربت فيه اللغة العربية في أحد معاقلها. وقد اضطلع برسالة الجمعية رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولم تكن الظروف مواتية، ولا المهمة سهلة، ولا العدو هينًا، وكان سلاحهم الإيمان والصبر والاتكال على الله، فكانوا بحق خير خلف لخير سلف.

كانت هذه مشاركتي في فعاليات شهر الاستقلال
صحيح ان البحث كان طويلا نوعا ما لكن اعتقد اني ادرجت كل التفاصيل

استغرق مني ساعات للحصول على هاته النتيجة فعلا اتمنى ان يكون مفيدا لكم ✌

في امان الله 🦋

@الامين محمد
 
فعلا فعلا فدور الاسلام في الثورة بل في بقاء دولتنا
كان دورا محوريا ثابتا و مؤثرا فلولا الاسلام لاندثرت دولتنا
لان الاستعمار كان هدفه محو الجزائر و بناء دولة مفرنسة جديدة
لكن عقيدة هته الامة وقفت في وجهه
بل و شجعت قيام الثورة التحريرية و جلب الاستقلال
مقابل ملايين الشهداء
فالمرأة التي تزغرد عندما تسمع باستشهاد ابنها او زوجها او والدها
ليس أمرأة عادية بل تحمل عقيدة
صلبة صحيحة


شكرا شيموما بارك الله فيك
يعني بحث مكتمل الاركان
 
فعلا فعلا فدور الاسلام في الثورة بل في بقاء دولتنا
كان دورا محوريا ثابتا و مؤثرا فلولا الاسلام لاندثرت دولتنا
لان الاستعمار كان هدفه محو الجزائر و بناء دولة مفرنسة جديدة
لكن عقيدة هته الامة وقفت في وجهه
بل و شجعت قيام الثورة التحريرية و جلب الاستقلال
مقابل ملايين الشهداء
فالمرأة التي تزغرد عندما تسمع باستشهاد ابنها او زوجها او والدها
ليس أمرأة عادية بل تحمل عقيدة
صلبة صحيحة


شكرا شيموما بارك الله فيك
يعني بحث مكتمل الاركان

وفيك بارك اخي الامين
ان شاء الله يكون عند حسن الظن
 
موضوعك كان في القمة لكن هي تكملة لي موضوعي دور العلماء في الثورة التحريرية
 
موضوعك كان في القمة لكن هي تكملة لي موضوعي دور العلماء في الثورة التحريرية

صحيح لانو انا اخترت نفس الموضوع والعناصر اكيد رح تكون نفسها فالنهاية جمعية العلماء المسلمين شريان الثورة
 
صحيح لانو انا اخترت نفس الموضوع والعناصر اكيد رح تكون نفسها فالنهاية جمعية العلماء المسلمين شريان الثورة
نعم هي عصب انطلاق الثورة التحريرية علما أن كل اعضاء جمعية العلماء المسلمين من الأوائل الذي كانت مواقفهم من المؤيدين للثورة التحريرية على رأسهم كان الشيخ البشير الابراهيمي و الطيب العقبي و الشيخ العربي التبسيط و غيرهم من العلماء
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top