الفصل الثاني ( من أين جاء يلمان )
من خلال ما ذكرناه سابقا يمكننا أن نجزم بأن يلمان بن أمحمد الشريف جاء من فاس ، وقد أشارت الكثير من المصادر التاريخية إلى ذلك كابن خلدون وابن فرحون والعشماوي والحسين الورتيلاني والكثير من الوثائق ، كمخطوط يحمل خاتم علي بن باي عبده يونس مؤرخ بسنة 1233هـ وهذا نص ما جاء في المخطوط

هذه نسبة سيدي يلمان بن أمحمد الشريف و أصولهم من مدينة فاس ، انتقل جدهم لأرض ونوغة المسماة القصبة ثم انتشرت ذريته في الأوطان ..... )1
وجاء في شجرة الأشراف المستخرجة من الأرشيف الوطني مانصه عند ذكر بني يلمان

هم أهل مدينة فاس وفرقة منهم بأرض ونوغة وبعضهم في بني ملّيكش . )2
وجاء في نسخة تحت عنوان « النسب الشريف لقبيلة بني يلمان » مانصه

وأما بنو يلمان فأصلهم من مدينة فاس ثم استقر جدهم في ونوغة ، وفرقة منهم في بني يحفد «« يقال لهم بنو يلمان » ...)3
و قد جاء في شجرة يلمان بن أمحمد التي نسخها علي بن عثمان الطولقي مانصه : ( شرف بني يلمان بن أمحمد حازوه بثبوت نسبهم إلى الرسول الكريم r و إنهم حازوا هذا النسب ... ويلحقهم من هذا النسب الشامخ والشرف الراسخ من التعظيم و التوقير والتكريم لهم ... وقد جاء جدهم من فاس إلى أرض ونوغة [ القصبة ] )4.
1- مخطوط موضوع عليه خاتم علي بن باي عبده يونس تحت عنوان النسب الشريف ليلمان بن أمحمد .
2- وثيقة تبين جملة من أشراف المغرب العربي مستخرجة من الأرشيف الوطني
3- نسخة مخطوطة لصاحبها السيد زروق السطايفي وهو كما ذكر الأستاذ جمال ميهوبي والد الأستاذ عز الدين ميهوبي تحت عنوان ( النسب الشرف لقبيلة بني يلمان )
4- نسخة مخطوطة بخط السيد علي بن عثمان بن أحمد بن عبيد بن علي بن عثمان الطولقي حكم بسكرة
و جاء في كتاب تاريخ البربر مانصه : ( بني يلمان يسكنون فاس ومنهم فرقة تقطن في الصحراء وأخرى في أولاد أوكوكه1 جدهم يدعى يلمان بن أمحمد ...)2
وجاء في رسالة للأستاذ هيشور مانصه : ( أن يلمان هذا كان والي محافظة فاس بالمغرب الأقصى ثم هجر إلى الجزائر فنزل بداية ذي بدء بمدينة معسكر ثم تركها إلى برج بويرة أخيرا إلى المكان الذي أنشأ فيه قرية بني يلمان3 ...)4
وقد ورد في بعض الروايات الشفوية المنقولة بالتواتر أن يلمان بن أمحمد رحمه الله جاء من فاس إلى أرض ونوغة وأسس القصبة والجامع الأعظم هناك وهو معلم شاهد إلى يومنا هذا5 .
ومن هذه التقول وغيرها يتأكد لنا أن يلمان بن أمحمد جاء من فاس إلى القصبة , وكان هدفه من هذه الرحلة الطويلة تأسيس مدينة للعلم والتقوى ، والهدف من وراء حفر التراب ورده إلى حفرته هو اختبار صلابة الأرض ثباتها ، وبركتها لأن الأرض التي يبقى تراب كثير بعد الحفر والردم هي أرض خير وبركة
وسبب اختيار يلمان لأرض القصبة لتضاريسها الرائعة الجميلة ، فالقصبة هي مدينة فوق قمة جبل يخيل لزائرها بأنها عش نسر ، وهو موقع استراتيجي رائع و ملائم لظروف ذلك العصر الذي كثر فيه الغزو والسطو ...
1- أولاد أوكوكه منطقة تابعة لدائرة عين الحمام ولاية تيزي وزو .
2- كتاب تاريخ البربر للمؤرخ مولود قايد ص 88
3- أول ما أنشأ يلمان القصبة وقد ورد في بعض الروايات أن تأسست قبلة قصبة الجزائر العاصمة بحوالي أربعين سنة وبني يلمان في الوقت الحاضر بلدية تابعة لولاية المسيلة وهي أقصى نقطة شمالية في هذه الولاية تبعد عن المسيلة بحوالي 70 كلم
4- رسالة بعث الأستاذ بوجمعة هيشور الباحث القسنطيني إلى السيد بن حالّة لحسن أحد أحفاد حالّة بن عامر [عمر ] بن يلمان بن أمحمد
5- كلام تناقله الناس بالتواتر جيل بعد جيل ، والجامع ما زال قائم إلى يومنا هذا وهو معروف بجامع الجمعة ، ويحتوي الجامع على قاعتين للصلاة وله أبواب ونوافذ منقوشة بنقوش تضاهي النقوش الموجودة على أبواب جامع الزينيين بتلمسان وقد ذكر بأنها مصنوعة في تونس، مع العلم أن القصبة قد هجرت بعد المجزرة التي تعرض أهالي بني يلمان سنة 1957م وهي في الوقت الراهن مجرد أطلال ، تستنجد بمن يعيد إليها الاعتبار وينفض الغبار عن تاريخها المجيد .
الفصل الثالث ( أين استقر يلمان )
لقد استقر يلمان في القصبة ، مشتغلا بالعلم والعبادة والدعوة إلى الله تعالى ، لأنه من الدعاة إلى تعالى ، وهذا ظاهر من خلال وصيته لولداه عيسى المزوار وعمر الشريف بالإحسان إلى الوافدين إلى القصبة1 ، وإسكانهم بزاويتها الصديقية2 التي كانت تشع بالعلم و المعرفة على مر العصور ..
وبعد ما استقر يلمان بالقصبة كان همه البحث عن الماء ، لأن الماء هو الحياة ، فأوعز إلى بعض جنده وخدمه بهذه المهمة وهي البحث عن الماء في الأماكن القريبة من القصبة ...