نصر وتمكين
:: عضو منتسِب ::
التفاعل
0
الجوائز
1
- تاريخ التسجيل
- 30 جانفي 2009
- المشاركات
- 45
- آخر نشاط
يقول تعالى
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
[FONT=ae_AlMateen]إذا أطلق وصف الحكم بغير ما أنزل الله فإنه يشمل التشريع من دون الله وتبديل أحكام الشريعة وإلزام الناس بالقوانين الوضعية المخالفة لأحكام الله تعالى، كما يشمل حكم الحاكم أو القاضي المسلم في قضية معينة بما يخالف حكم الله تعالى، محاباة للمحكوم له، أو لرشوة، ونحو ذلك، مع الالتزام بتحكيم الشريعة، وعدم الاعتراض على أحكام الله تعالى .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ومعلوم أن الحاكم أو القاضي المسلم إذا خالف في قضية معينة فإن فعله يكون من الظلم المستوجب للذم والعقوبة، لكنه لا يكفر به ما لم يستحل ما فعل، وينكر حكم الله تعالى في تلك الواقعة المعينة. أهل السنة مجمعون على ذلك، ولم يخالف فيه إلا الخوارج .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وأما التشريع من دون الله تعالى وتبديل أحكامه والإلزام بالقوانين الوضعية فهو كفر لذاته، لا يشترط فيه الاستحلال، بل يكون الكفر به مترتباً على مجرد فعله عن علم وبينة بأن ذلك الفعل مخالف لحكم الله تعالى .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وذلك أن التشريع مما يختص به الله تعالى، فمن شرع من دونه، أو ألزم الناس بغير شرعه فقد نازع الله تعالى فيما يختص به، ومن رضي بذلك ولو لم يفعله فقد نقض توحيده وإيمانه بالله تعالى. فكما أن الله تعالى هو المتفرد بالربوبية والخلق فهو كذلك المتفرد بالأمر والتشريع كما قال تعالى: {أَلاَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف/54] والأمر إذا أطلـق فقد يراد به الأمر الكوني كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَمْرُهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِذَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَرَادَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]شَيْئًا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَقُولَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]كُنْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَيَكُونُ} [يس / 82]. وقد يراد به الأمر الشرعي كما في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَئِمَّةً [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَهْدُونَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِأَمْرِنَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen] …[/FONT][FONT=ae_AlMateen]} [السجدة / 24]. فيكون الأمر الشرعي مما يختص به الله تعالى كالأمر الكوني ولا فرق .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ولهذا عد الله المشرعين من دونه شركاء فقال تعالى: {أَمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]شُرَكَاء [/FONT][FONT=ae_AlMateen]شَرَعُوا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُم [/FONT][FONT=ae_AlMateen]مِّنَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الدِّينِ مَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَأْذَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِهِ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللَّهُ} [ الشورى/ 21] وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]زَيَّنَ لِكَثِيرٍ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]مِّنَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْمُشْرِكِينَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]قَتْلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ} [الأنعام / 137] .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وسمى الله الأحبار والرهبان أرباباً لما شرعوا من دون الله فأطاعهم الأتباع في ذلك، وعد ذلك عبادة لهم من دون الله فقال تعالى: {اتَّخَذُواْ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَرْبَابًا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]مِّن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]دُونِ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهِ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]وَالْمَسِيحَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]ابْنَ مَرْيَمَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]وَمَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أُمِرُواْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلاَّ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لِيَعْبُدُواْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلَـهًا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]وَاحِدًا لاَّ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلَـهَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلاَّ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُوَ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]سُبْحَانَهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]عَمَّا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]يُشْرِكُونَ} [التوبة / 31] .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ومعلوم أن الحاكم أو القاضي المسلم إذا خالف في قضية معينة فإن فعله يكون من الظلم المستوجب للذم والعقوبة، لكنه لا يكفر به ما لم يستحل ما فعل، وينكر حكم الله تعالى في تلك الواقعة المعينة. أهل السنة مجمعون على ذلك، ولم يخالف فيه إلا الخوارج .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وأما التشريع من دون الله تعالى وتبديل أحكامه والإلزام بالقوانين الوضعية فهو كفر لذاته، لا يشترط فيه الاستحلال، بل يكون الكفر به مترتباً على مجرد فعله عن علم وبينة بأن ذلك الفعل مخالف لحكم الله تعالى .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وذلك أن التشريع مما يختص به الله تعالى، فمن شرع من دونه، أو ألزم الناس بغير شرعه فقد نازع الله تعالى فيما يختص به، ومن رضي بذلك ولو لم يفعله فقد نقض توحيده وإيمانه بالله تعالى. فكما أن الله تعالى هو المتفرد بالربوبية والخلق فهو كذلك المتفرد بالأمر والتشريع كما قال تعالى: {أَلاَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف/54] والأمر إذا أطلـق فقد يراد به الأمر الكوني كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَمْرُهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِذَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَرَادَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]شَيْئًا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَقُولَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]كُنْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَيَكُونُ} [يس / 82]. وقد يراد به الأمر الشرعي كما في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَئِمَّةً [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَهْدُونَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِأَمْرِنَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen] …[/FONT][FONT=ae_AlMateen]} [السجدة / 24]. فيكون الأمر الشرعي مما يختص به الله تعالى كالأمر الكوني ولا فرق .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ولهذا عد الله المشرعين من دونه شركاء فقال تعالى: {أَمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]شُرَكَاء [/FONT][FONT=ae_AlMateen]شَرَعُوا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَهُم [/FONT][FONT=ae_AlMateen]مِّنَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الدِّينِ مَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَأْذَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِهِ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللَّهُ} [ الشورى/ 21] وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]زَيَّنَ لِكَثِيرٍ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]مِّنَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْمُشْرِكِينَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]قَتْلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ} [الأنعام / 137] .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وسمى الله الأحبار والرهبان أرباباً لما شرعوا من دون الله فأطاعهم الأتباع في ذلك، وعد ذلك عبادة لهم من دون الله فقال تعالى: {اتَّخَذُواْ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَرْبَابًا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]مِّن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]دُونِ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهِ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]وَالْمَسِيحَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]ابْنَ مَرْيَمَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]وَمَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أُمِرُواْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلاَّ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لِيَعْبُدُواْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلَـهًا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]وَاحِدًا لاَّ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلَـهَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلاَّ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُوَ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]سُبْحَانَهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]عَمَّا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]يُشْرِكُونَ} [التوبة / 31] .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]والكفر بالتشريع وتحكيم القوانين لا يقيد بمجرد اعتقاد كونها أفضل من الشريعة أو مساوية لها، أو اعتقاد جواز التحاكم إليها كما يقوله المرجئة، وإنما هو كفر لذاته ، للتعارض الضروري التام بين
[FONT=ae_AlMateen]الإيمان بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وبين مجرد التشريع وتحكيم القوانين. فإنه لا يتصور أن مؤمناً يفعل ذلك مع علمه بمخالفة تلك القوانين لأحكام الله تعالى، إذ لو كان راضياً بشريعة الله لامتنع أن يبدل أحكامها، أو يلزم الناس بما يعلم أنه يناقضها تمام المناقضة .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ولهذا جعل الله تعالى طاعته وطاعة رسوله من لوازم الإيمان ومقتضياته فقال تعالى: {قُلْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَطِيعُواْ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]وَالرَّسُولَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فإِن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]تَوَلَّوْاْ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَإِنَّ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لاَ[/FONT][FONT=ae_AlMateen]يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران / 32] فجعل مجرد التولي عن طاعة الله ورسوله كفراً بهما. وأي تول عن طاعة الله ورسوله أعظم من التشريع من دون الله، وتحكيم القوانين الوضعية، والإلزام بها فيما يخالف أحكام الله تعالى. وذلك أن القوانين إنما أرسل رسوله بالشريعة ليطاع بتلك الشريعة، لا لمجرد أن يصدق أن ما جاء به من عند الله من الشرائع حق وصدق، كما يقول هؤلاء المرجئة. وهذا هو معنى قوله تعالى {وَمَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَرْسَلْنَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]مِن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]رَّسُولٍ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]إِلاَّ لِيُطَاعَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِإِذْنِ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهِ} [النساء / 64]، فمن ظن أنه يمكن أن يتحقق الإيمان بالله تعالى والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم والإيمان بالقرآن وما أنزل الله من الوحي مع [/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]تنحيه الأحكام الشرعية والالتزام بالقوانين الوضعية المخالفة لها فقد ناقض الأصل الذي لأجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]تنحيه الأحكام الشرعية والالتزام بالقوانين الوضعية المخالفة لها فقد ناقض الأصل الذي لأجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وبهذا الإجمال يظهر أن مسألة التشريع من دون الله، وتحكيم القوانين فيما يخالف أحكام الشريعة ليست من جنس الحكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة، مع الالتزام بالشريعة والتحاكم إليها .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]إن الحالة الأولى تعتبر رفضاً للشريعة ونقضها لمبدأ الالتزام بالدين وخروجاً من الملة .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وأما الحالة الثانية فلا تعدو أن تكون معصية كأي معصية، لا تنقض أصل الدين، ولا تكون كفراً لذاتها، لأن المعاصي مع أنه خالف الالتزام الواجب، لكنه مع ذلك ملتزم بالشريعة، مستسلم لحكم الله، معتقد أنه قد ارتكب ذنباً. وهذا مالا يمكن بحال أن يتحقق فيمن بدل دين الله، ورفض شريعته، وشرع من دون الله .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ويستمسك الذين لا يفرقون بين الحالتين، فلا يكفرون بالتشريع وتحكيم القوانين بأقوال للسلف، وردت في حكم من حكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة، وأن القاضي والحاكم الذي تحقق منه ذلك لا يكفر إلا بشرط الاستحلال .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وكلام السلف هنا صحيح، لكن فهم المرجئة المعاصرين قاصر عن إدراك حقيقته ومناطه .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ومن ذلك ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى: {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْكَافِرُونَ} [المائدة / 44] أنه قال (ليس بالكفر الذي تذهبون إليه). وقال (كفر دون كفر).[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]لكن ابن عباس رضي الله عنه لم يكن يقصد بذلك من نحى الشريعة وتحاكم إلى القوانين الوضعية، لأنه لم يكن في عصره من فعل ذلك. وإنما يقصد الحاكم المسلم الملتزم بالحكم بشريعة الله، لكنه قد يجوز فيحكم بغير العدل في مسألة أو مسائل معينة، فهذا لا يكفر إلا إذا استحل ما فعل .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وما قاله ابن عباس رضي الله عنه حق، لكنه إنما ينطبق على الحكم بغير ما نأن[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]أنزل الله في قضايا معينة، دون أن يصل الأمر إلى حد التشريع من دون الله وتبديل أحكام الله تعالى .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وفي بيان مراد ابن عباس رضي الله عنه بذلك، ومتى يكون الحكم بغير الله ما أنزل الله من الكفر الأصغر يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، وهو الذي لا يخرج من الملة، فقد تقدم أن تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقول الله عز وجل {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْكَافِرُونَ) قد شمل ذلك في قوله رضي الله عنه في الآية: (كفر دون كفر) وقوله أيضاً: (ليس الكفر الذي تذهبون إليه). وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]يقول ابن ابراهيم في رسالة تحكيم القوانين[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمى، أكبر من الكبائر كالزنا وشرب الخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها، فإن معصية سماها الله في كتابه كفراً أعظم من معصية لم يسمها كفراً) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][1][/FONT][/FONT]).[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ومثله ما ورد عن أبي مجلز أنه جاءه أناس من الخوارج الإباضية فقالوا له: أرأيت قول الله: {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم بِمَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْكَافِرُونَ} [المائدة /44]، أحق هو ؟ قال: نعم. قالوا: {وَمَن لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الظَّالِمُونَ} [المائدة /45]، أحق هو ؟ قال: نعم. قالوا: {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْفَاسِقُونَ} [المائدة / 47]، أحق هو: قال: نعم. فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدعون. فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً. فقالوا: لا والله، ولكنك تعرف. قال: أنتم أولى بهذا مني، لا أرى وأنكم ترون هذا ولا تخروجون..) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][2][/FONT][/FONT]) .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وفي رواية أخرى لابن جرير أنه قال لهم: (أنتم أحق بذلك منا، أما نحن فلا نعرف ما تعرفون ولكنكم تعرفونه، ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][3][/FONT][/FONT])[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]إن الحالة الأولى تعتبر رفضاً للشريعة ونقضها لمبدأ الالتزام بالدين وخروجاً من الملة .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وأما الحالة الثانية فلا تعدو أن تكون معصية كأي معصية، لا تنقض أصل الدين، ولا تكون كفراً لذاتها، لأن المعاصي مع أنه خالف الالتزام الواجب، لكنه مع ذلك ملتزم بالشريعة، مستسلم لحكم الله، معتقد أنه قد ارتكب ذنباً. وهذا مالا يمكن بحال أن يتحقق فيمن بدل دين الله، ورفض شريعته، وشرع من دون الله .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ويستمسك الذين لا يفرقون بين الحالتين، فلا يكفرون بالتشريع وتحكيم القوانين بأقوال للسلف، وردت في حكم من حكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة، وأن القاضي والحاكم الذي تحقق منه ذلك لا يكفر إلا بشرط الاستحلال .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وكلام السلف هنا صحيح، لكن فهم المرجئة المعاصرين قاصر عن إدراك حقيقته ومناطه .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ومن ذلك ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى: {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْكَافِرُونَ} [المائدة / 44] أنه قال (ليس بالكفر الذي تذهبون إليه). وقال (كفر دون كفر).[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]لكن ابن عباس رضي الله عنه لم يكن يقصد بذلك من نحى الشريعة وتحاكم إلى القوانين الوضعية، لأنه لم يكن في عصره من فعل ذلك. وإنما يقصد الحاكم المسلم الملتزم بالحكم بشريعة الله، لكنه قد يجوز فيحكم بغير العدل في مسألة أو مسائل معينة، فهذا لا يكفر إلا إذا استحل ما فعل .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وما قاله ابن عباس رضي الله عنه حق، لكنه إنما ينطبق على الحكم بغير ما نأن[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]أنزل الله في قضايا معينة، دون أن يصل الأمر إلى حد التشريع من دون الله وتبديل أحكام الله تعالى .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وفي بيان مراد ابن عباس رضي الله عنه بذلك، ومتى يكون الحكم بغير الله ما أنزل الله من الكفر الأصغر يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، وهو الذي لا يخرج من الملة، فقد تقدم أن تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقول الله عز وجل {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْكَافِرُونَ) قد شمل ذلك في قوله رضي الله عنه في الآية: (كفر دون كفر) وقوله أيضاً: (ليس الكفر الذي تذهبون إليه). وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]يقول ابن ابراهيم في رسالة تحكيم القوانين[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمى، أكبر من الكبائر كالزنا وشرب الخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها، فإن معصية سماها الله في كتابه كفراً أعظم من معصية لم يسمها كفراً) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][1][/FONT][/FONT]).[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ومثله ما ورد عن أبي مجلز أنه جاءه أناس من الخوارج الإباضية فقالوا له: أرأيت قول الله: {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم بِمَا[/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْكَافِرُونَ} [المائدة /44]، أحق هو ؟ قال: نعم. قالوا: {وَمَن لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أنزَلَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الظَّالِمُونَ} [المائدة /45]، أحق هو ؟ قال: نعم. قالوا: {وَمَن [/FONT][FONT=ae_AlMateen]لَّمْ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]يَحْكُم [/FONT][FONT=ae_AlMateen]بِمَا [/FONT][FONT=ae_AlMateen]أَنزَلَ اللّهُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]فَأُوْلَـئِكَ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]هُمُ [/FONT][FONT=ae_AlMateen]الْفَاسِقُونَ} [المائدة / 47]، أحق هو: قال: نعم. فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدعون. فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً. فقالوا: لا والله، ولكنك تعرف. قال: أنتم أولى بهذا مني، لا أرى وأنكم ترون هذا ولا تخروجون..) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][2][/FONT][/FONT]) .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وفي رواية أخرى لابن جرير أنه قال لهم: (أنتم أحق بذلك منا، أما نحن فلا نعرف ما تعرفون ولكنكم تعرفونه، ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][3][/FONT][/FONT])[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]يقول الشيخ محمود شاكر في تعليقه على هذه الروايات (..من البين أن الذين سألوا أبا مجلز من الإباضية إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء، لأنهم في معسكر السلطان، ولأنهم ربما عصوا أو ارتكبوا بعض ما نهاهم الله عن ارتكابه، ولهذا قال لهم في الخبر الأول فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً. وقال لهم في الخبر الثاني: إنهم يعملون بما يعملون ويعلمون أنه ذنب .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وإذن فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام. ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالأحكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا الفعل إعراض عن حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة – على اختلافهم – في تكفير القائل به والداعي إليه .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]وإذن فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام. ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالأحكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا الفعل إعراض عن حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة – على اختلافهم – في تكفير القائل به والداعي إليه .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]والذي نحن فيه اليوم هو هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء، وإيثار أحكام غير حكمه في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في شريعة الله .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله المنزلة، وادعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زمانا، ولعلل وأسباب انقضت فسقطت الأحكام كلها بانقضائها. فأين هذا مما بيناه من حديث أبي مجلز والنفر من الأباضية من بني عمرو بن سدوس) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][4][/FONT][/FONT]).[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ويقول الشيخ أحمد شاكر في ذلك أيضاً: (إن كلام ابن عباس وأبي مجلز وغيره حق لا مراء فيه، وهو لا ينطبق على واقعنا .. وهما لم يردا أبداً فيمن رد الأمر إلى شريعة غير شريعة الله عند التنازع ..) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][5][/FONT][/FONT]) .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (الذي قيل فيه كفر دون كفر إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاده أنه عاص، وأن حكم الله هو الحق، فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها، وأما الذي جعل قوانين [/FONT]
([1]) (تحكيم القوانين) ص(7)
[FONT=ae_AlMateen]بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله المنزلة، وادعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زمانا، ولعلل وأسباب انقضت فسقطت الأحكام كلها بانقضائها. فأين هذا مما بيناه من حديث أبي مجلز والنفر من الأباضية من بني عمرو بن سدوس) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][4][/FONT][/FONT]).[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ويقول الشيخ أحمد شاكر في ذلك أيضاً: (إن كلام ابن عباس وأبي مجلز وغيره حق لا مراء فيه، وهو لا ينطبق على واقعنا .. وهما لم يردا أبداً فيمن رد الأمر إلى شريعة غير شريعة الله عند التنازع ..) ([FONT=ae_AlMateen][FONT=ae_AlMateen][5][/FONT][/FONT]) .[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (الذي قيل فيه كفر دون كفر إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاده أنه عاص، وأن حكم الله هو الحق، فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها، وأما الذي جعل قوانين [/FONT]
([1]) (تحكيم القوانين) ص(7)
([2]) (جامع البيان) لابن جرير (6/252)
([3]) المرجع السابق (6/253) .
([4]) (عمدة التفسير) أحمد شاكر (4/157)
([5]) المرجع السابق.
[/FONT]
[FONT=ae_AlMateen]- يتبع -[/FONT]