التفاعل
145
الجوائز
679
- تاريخ التسجيل
- 10 مارس 2007
- المشاركات
- 3,371
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 30 جانفي
- الجنس
- ذكر
1
- الأوسمة
- 4

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لطالما حلم أفلاطون.. ذلك الفيلسوف الإغريقي الشهير... بتأسيس مدينة فاضلة،
أساسها الصدق و الإحترام و الألفة المتبادلة بين القلوب...
مدينة تملأ سماءها ضحكات الأخوّة و أهازيج المحبة...
لكن، للأسف، فالواقع المرير كفيل بأن يبقي ذلك الحلم القديم مجرد أمنية مستحيلة
التحقيق، و أملا صعب المنال.... في طل مجتمع تسوده الصراعات و النزاعات
الدامية... مجتمع أساسه الأول و الوحيد...
النفاق !!!

ذلك الوحش الكاسر الذي يفتك بعلاقاتنا الانسانية النبيلة... و يوشح قلوبنا بسواد
الكره و الانتقام...
ذلك الوباء الذي استفحل في مجتمعنا ... و عجزت أنفسنا عن إيجاد علاج لمخلفاته الوخيمة...
كل صباح،، أخرج لأتجول بين ثنايا هذه الارواح التائهة....
واتفحص في شخوصها المبهمة الضائعة.. املا مني في إيجاد وجه حقيقي
يشع أملا و حياة... وجه غارق بين بحور هاته الاقنعة الزائفة...
ولعل ما عمق نظرتي التشاؤمية هاته... ما رأيته احد الأيام بأم عيني...

إذ صادف يوما أن التقيت مع صديق لي ( لا أعرف حقا إن كان يجدر بي أن أطلق
عليه لفظة الصديق في زمن بادت في الصداقة و انتهت..)... جاء ليحدثني عن
صديق له... وللأسف فقد تحدث عنه بالسوء... رغم انه على فراش المرض
بعد تعرضه لحادث خطير...
" يا له من شخص متكبر... مغرور.. أحمد الله انه قد اصابه ذلك الحادث..
اسأل الله ان يبقيه معاقا عاجزا بقية عمره.. حتى يكف عن غروره و تباهيه امامنا "
في الحقيقة صدمت من كلام هذا الصديق.. و استغربته كثيرا لأنني كنت اظنهما
صديقان حميمان... لكنني قلت في نفسي لعل ذاك الشخص قد أخطأت في حق صديقي...
لكن ما أثار صدمتي أكثر، ... اذ بعد هذه الحادثة بأسابيع... التقيت بالصديقين معا
مجددا... والابتسامة تعلو محياهما...
و اذ بصديقي يقول للاخر و الدموع تملأ عيناه... " الحمد لله على سلامتك أخي الحبيب"...
أقسم لكـ أن الأيام التي مرت وأنت مريض لم أذق فيها طعم النوم... و تمنيت ألف مرة
أن أكون أنا من أصابه الحادث مكانكـ !!! "

تفاجئت كثيرا من ذلك... و قلت في نفسي سبحان مغير الأحوال !!!
يبدو أنهما تصالحا و لله الحمد...
لكن ما صدمني أكثر بعد ذلك ان صديقي جاء لتحدثني ... فعاتبته كثيرا لأنه
تحدثت يوما بالسوء عن ذلكـ الشخص...
و جعلني أسيء الظن به... لكنه أجابني بالحرف الواحد و بكل برودة دم " والله
انت نية يا خويا... لانك صدقتني... لأنه أنا ليس من مصلحتي أن أظهر لذلكـ الشخص
كرهي و حقدي... لأنه الوحيد الذي اعتمد عليه في الدراسة " !!!

يالها من صدمة !!!! ياسبحان الله ألهذه الدرجة من النفاق اصبح بعض البشر ؟؟؟؟
نسأل الله المغفرة والرحمة... !!!
أنا شخصيا لم أعد أفهم شيئا من هؤلاء؟؟؟
أين انت أيها الصدق... بين هذه الأكوام من الكذب والخداع؟؟؟
أين لنا أن نبحث عن بسمة بريئة بين هذه الابتسامات المصطنعة البائسة في زمن
أصبح عنوانه الأهم " المظاهر و الخدع"؟؟

كيف لنا أن ننير أبصارنا ونحن نعلم أن بصيرتنا عميت و شلّت عن تحديد ما هو صالح
لحياتنا؟؟
كيف لنا أن نجرؤ على أن نتحدث عن القيم الاسامية النبيلة.. و نحن نضحك في وجه ذلك مرة
ونغتابه في ظهره الاف المرات؟؟
لقد حان الوقت لنعرف جميعا أن النفاق قد قتل بذرة الخير في قلوب البعض...
و أفقدنا الثقة في الكثيرين للأسف...
وقد أصبح عادة دنيئة... خسيسة.. ينقاد خلفها البعض دون أدنى تفكير...
لا لشيء سوى لتحقيق مصالحه و رغباته الشخصية
أو خوفا من الآخرين... اذ يبدو ان نسي حتما خوفه من الله تعالى.. في قوله تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا).(النساء:145)
/

فكفانا نفاقا جميعا... و كفانا كذبا و افتراء...
ولنرم هذه الأقنعة السوداء جانبا... و نرمي معها ايضا كل تلك المجاملات الزائفة
والكلمات الخادعة...
ولنكن و لو لمرة ... صادقين... صريحين مع ذاتنا...
فلا شي اجمل من الصدق والصراحة لتحقيق امالنا المنشودة...
و رغم أن مجتمعنا أصبح أسير هذه الآفة الاخلاقية المنتشرة..
إلا أن أملنا مازال كبيرا نظرا لوجود يد طاهرة نقية بإمكانها انتشالنا من الغرق في
مستنقع الضلال و الظلمة... و هي ديننا الإسلامي الحنيف..
. الذي ينص أولا و اخرا على مبدأ الأخوة .. و يرفض كل انواع الكذب و الخداع..

فلنهتدي كلنا بهذا الكنز الزاخر الذي نملكه..
و لننر ابصارنا و عقولنا بعقيدتنا الغراء...
فهي خير منارة تضيء عتمة نفوسنا... و خير بلسم يداوي كل ألم دفين في قلوبنا..
و لنعمل بمقولة رسولنا الأكرم صلى الله عليه و سلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
و لنتحابب في الله...
فكلنا إخوة في الله..
و ما هذه الدنيا سوى درب طويل من الأشواك و الورود..
فلنتعاون جميعا على قطف ورودها... و على رمي أشواكها جانبا..
و لنجعل قلوبنا صافية... بريئة و لنحمها من دنس النفاق و الافتراء...
وأخيرا فلنعلم أن الله يرانا أينما كنا... ومهما فعلنا..
و أختم حديثي بقول الله تعالى (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون)
فلا تجعل نفسك ممن يمقت بهم الله يوم الحساب
وفق الله الجميع لكل خير .
:: أخوكم علي ::