التقليد والشباب
الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
*فيعيش الشباب المعاصر في دوامة من الفتن المظلمة وتراه جيلا يصارع أمواجا متلاطمة من الأدواء والمصائب والعلل.
*فأما الكثيرون منهم فما يلبثون إلا ويغرقون في بحرها وأقل القليل-ممن رحم الله-يعضون بنواجذهم على دينهم ويحفظون الله فيحفظهم.
*ومن هذه الفتن
الانبهار)بالشباب الغربي المنحرف وعلى إثر ذلك يكون (التقليدالأعمى)لهم هو مرض عضال له مابعده.
*و(التقليد)كما يٌعرف علماء اللغة هو (ابتاع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل ,معتقدا الحقيقة فيه من غير نظر أو تأمل في الدليل فكأن هذا المتبع جعل قول الغير أ و فعله قلادة في عنقه.)
*أما "التقليد"المراد في هذه الرسالة فهو:
(ماسلكه الشباب المسلم محاكاة للكفار وتشبها بهم دون وعي)وسوف نؤكد على خطورة محاكاة الشباب الغربي في الملبس والمركب والأخلاق والتي قد تكون بداية للنهاية المؤلمة وهي الانصهار في عقائد النصارى أو الردة عن الدين –والعياذ بالله-.
وبعد تأمل لأطراف هذا الموضوع (الشباب والتقليد) اجتمعت هذه النقاط:
1- لماذا الحديث عن التقليد؟
2- أسباب تقليد الشباب للمظاهر الغربية؟
3- من مظاهر التقليد في واقع الشباب.
وقد حرصت على الاختصار مااستطعت إلى ذلك سبيلا والمقصود بيان المعاني وإنقاذ التشبييبة من هذا البلاء وأسال الله أن يهدي شبابنا بهداه وأن يردهم إلى مايحبه ويرضاه.
1- لماذا الحديث عن (التقليد)
يسطر المؤلفون الرسائل والمصنفات في آفة التقليد ويحذر الناصحون منها وعلى المنابر وفي المنتديات وما ذلك إلا لخطورة هذه الظاهرة على عموم الأمة فضلا عن خاصة شبابها, وخطورة التقليد الأعمى تظهر في عدد من العواقب الوخيمة وهذا سرد لأهمها:
أولا:التقليد قد يكون سببا للكفر والإلحاد.
فلقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن أناس ماتوا على الكفر محاكاة للكافرين فعن أنس رضي الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إن العبد إذا وضع في قبره تولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم فإذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له :ما كنت تقول في هذا الرجل -أي محمد صلى الله عليه وسلم-
فأما المؤمن فيقول :أشهد انه عبدالله ورسوله ,وأما الكافر والمنافق فيقول :لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه....) الحديث رواه البخاري ومسلم.
فالأمر عند هذا الصنف من الناس إنما هو مجرد تقليد ولا يقين معه ولا اعتقاد. لذا كانت عاقبتهم الهلاك والبوارُ في الآخرة.
ثانيا:التقليد سبيل صحبة الكافرين.
فمن خطورة (التقليد الأعمى) أنه يقود إلى صحبة المقلد شاء المقلد أم أبى ذلك أن المحاكاة في الظاهر تؤدي إلى المحاكاة في الباطن ولو بعد حين . فالتقليد صلة روحية بين المُقلِِِِِد والمُقلَد إما بشكل مباشر وعنيف ودفعة واحدة كما حدث في تركيا على يد مصطفى كما أتاتورك وإما بشكل تدريجي سريع أو بطيء كما يحدث في كل زمان ومكان بين كل مقلِد ومقلَد.
وهاهو (ليوبولد فايس) بعد أن هداه الله إلى الإسلام وسمى نفسه(محمد أسد) يشير إلى ذلك فيقول) :إذا حاكى المسلم أوربا في لباسها وعاداتها وأسلوب حياتها فإنه يتكشف عن أنه يؤثر المدينة الاوربية مهما كانت دعواه التي يعلنها وإنه لمن المستحيل عمليا أن تقلد مدينة أجنبية في مقاصدها العقلية والبديعية من غير إعجاب بروحها وإنه لمن المستحيل أن تعجب بروح مدينة مناهضة للتوجيه الديني وتبقى مع ذلك مسلما صحيحا).
ثالثا:التقليد سبب لانحراف المفاهيم الشرعية.
فبسبب (التقليد الأعمى) للحياة الغربية وأنماط سلوكها, انقلبت كثير من المفاهيم إلي معان مغلوطة فا لتفلت والتمرد صار حرية شخصية والنصيحة للشاب وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وأصبح تدخلا في الأمور الفردية تعديا على حريات الآخرين والبعض تشرب قناعة منكرة مفادها (أن لا حضارة ولا تطور إلا بركوب مسالك الغرب خيرها وشرها ولا رجعية ولا تدهور إلا بالتمسك بالدين والإنقياد لشرائع الاسلام).
رابعا:التقليد سبيل لمسخ الشخصية الإسلامية.
فالُمقلِد يلغي بتقليده وجوده ويقضي على شخصيته ويغمض عينيه ليرى بعيون الآخرين ويصم أذنيه ليسمع بآذانهم ويوقف حركة عقله وتفكيره ليفكر بعقولهم هذا في التقليد ككل فكيف إذا كان التقليد في الضار دون النافع والخبيث دون الطيب إنه حينئذ لايكون مسخا للشخصية الإسلامية فحسب بل إلغاء لها نزولا بها إلى درك العجماوات التي يقود قطيعها واحد منها فيسقط القطيع كله متتابعا إن سقط ذلك الواحد ويستمر مستقيما في سيرة إن استقام.
ولهذه المحاذير ولغيرها حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ا(التقليد الأعمى )وسماه (ابتاع السنن) وذلك فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قلنا يا رسول الله :اليهود والنصارى؟قال:فمن؟)رواه البخاري.
وجاء في رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله:كفار الفرس والروم ؟قال ومن الناس إلا أولئك؟)رواه البخاري.
ويلحظ المتأمل لهذين الحديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر بما أخبر لمجرد العلم بل أراد التحذير من ذلك (التقليد)البالغ الدقة فهو (شبر بشبر وذراع بذراع وأنه لو دخل اليهود والنصارى جحر ضب لدخله بعض المسلمين وراءهم)وفيه تعبير غاية في الدلالة على خطورة السير في نفس الخُطى.
وفي هذا الزمان ها نحن نر ما اخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذرنا منه ونكتوي بناره ونتألم من أثاره ونشتكي إلى الله من عواقبه).
* * *
2-أسباب التقليد للمظاهر الغربية.
إن التفات الشباب للمظاهر الغربية وتقليدهم لأنماط سلوكها له أسباب كثيرة من أهمها:
أولا:التربية الخاطئة:
وهذه التربية قد تكون في المنزل بين والدين ممن تشربوا الحياة الغربية و أعجبوا بمنهجها فيؤثرون على أبنائهم وقد قال صلى الله عليه وسلم
كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).
فالشاب يبقى على فطرته الدينية وحيائه ,فيبتلى بوالدين قد انمسخت فطرتهما فيحرفانه عن الصراط المستقيم إلى سبل الشياطين ومن التربية الخاطئة إهمال الوالدين لشذوذ أولادهم في الملبس والحركات فلا نصح لهم ولا تحذير وكلٌُُُُُُ يفعل ما شاء كما يشاء.
فكيف يرتاح للبلوى أخو شمم وعينه تبصر الأشرار يبغونا
وكيف يسكت ذو حق وقد عبثت بحقه عصبةٌ تقفوا الشياطينا
عافت هُدى الله وانقادت بعاطفة معصوبة العين لم تعرف موازينا .
ثانيا:التأثر بالقرناء المعجبين بالنمط الغربي.
فإن كثيراً من الشباب يخرجون من بيوت محافظة لا تقبل بالمنط الغربي لا في الملبس ولا في غيره ,ولكن هؤلاء يخالطون أصحابهم في الحي أو في المدرسة فيرونهم يستحسنون تكلم الملابس الغربية فيقلدونهم وهذا التأثر اخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل؟)
وقال الشاعر:
عن المرء لا تسئلْ وأبصر قرينه فكل قرين بلمقارن يقتدي
وهذا السبب هو الغالب في واقع الشباب.
ثالثا:حب الشباب للظهور بغير المألوف.
فبعض الشباب لاهمََََّ لهم إلا محاولة الظهور بهيئة غير مألوفة وكأن أحدهم يريد أن يرفع لافته (خالف تعرف) فتقليدهم للنمط الغربي ماهو إلا اسلوب لجذب انتباه الآخرين ولفت الأنظار.
رابعا:تقديس الموضة..
فمن باب التزيين الشيطاني وصف متبع الموضة بأنه (إنسان عصري ) , وهذه الخدعة إنطلت على أفواج من الشباب المسلم فبذلوا الغالي والرخيص في سبيل (الموضة) وترى الواحد منهم يتكدر ويشقى إذا لم يلحق بركابها وهذا التقديس للموضة جعل من الزينة المادية همَّ الشباب الأول وتبع ذلك طاعة مصممي الزينة طاعة عمياء ومعلوم أن اشتغال حواس الإنسان بالمظاهر والموضة الفاسدة يصرفه عن الجواهر المفيدة ويحرمه منها فضلا عن انشغاله عن مهمات الأمور فيبقى في تخلف وانحطاط فيسهل افتراسه من جهتين:أولها :بالتحكم فيه لإبعاده عن القيم والمباديء الأخلاقية النبيلة وثانيها:يسهل سلخه عن دينه وتحويله إلى الوجهة التي يريدها له اعداؤه وأعداء دينه وأمته.
وها أنت ترى مصدًّري الموضة يتلاعبون بعقول من يتبعونهم ويشكلونهم كيفما شاؤوا.. فتارة يجعلون الرجل أنثى وتارة يجعلونه بهيئة الحشرة وتارة متوحشا وهلمًّ جرا.
وتقديس الموضة قد يصل بالبعض إلى الاستسلام والانقياد لتنوعها دون حدود أو قيود ولو كان باتباعها خلع الحياء وتجاوز الضوابط الشرعية وهذا ماسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبودية القطيفة ودعا على أهلها قال صلى الله عليه وسلم
تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة...)فالهلاك والبعد والإنحطاط لكل من عبد الثياب وخالف ماأباح الله له.
خامساً:جهل الشباب المسلم بحقيقة دينه.
فكثير من الشباب يجهلون عظمة دينهم وارتفاع قدره ويتناسون أن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده دون سواه قال تعالى {إن الدين عند الله الإسلام}.
وقال تعالى{ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}.
ومما ساعد على الجهل بعظمة دينهم إعلامٌ يتناساه وتربيةٌ تتجاهله ولما غاب عنهم ذلك كله وصاروا يتخبطون في أودية الشرق والغرب يقلدون هذا تارةً أُخرى لا يعتزون بدينهم ولا يصطبغون بصبغة إسلامهم.
سادسا:جهل الشباب المسلم بحقيقة الحضارة الغربية.
فمن ناحية أخرى تجد الشباب يجهلون حقيقة الحضارة الغربية الزائفة وبخاصة فيما يتعلق بالجانب الروحي والنفسي فإن عنصر الإنسان عندهم فقد قيمته وصارت حياتهم للمادة والمتعة واللذة ليس إلا..
ويشهد لما ذكرنا دراسة علمية أجراها الباحثان جيمس با ترسون وبيتر كيم على بني قومهم فكانت هذه الأرقام التي تفصح عن انحطاط أخلاقي لامثيل له..جاء في هذه الدراسة مايلي:
74%قالوا:لن نتردد في السرقة متى ما وجدت الفرصة.
65%قالوا:لن نتردد في قيادة السيارة ونحن في حالة سكر.
41%قالوا:سنستخدم المخدرات للترفيه عن النفس.
53%(المتزوجين)قالوا:لن نتردد في الخيانة الزوجية.
91%قالوا:إن الكذب أصبح عادةً وسلوكا مألوفا في الحياة اليومية.
82%يمارسون الزنا وكأنه أمر عادي لا يندمون عليه.
ومن عجيب ما ذكره هذان الباحثان حول الشباب الغربي والعنف :أن الشباب عندهم هم الفئة التي تنفذ جرائم القتل في المجتمع وأن معدلات الانتحار بينهم بنسب عالية.
وهذه الأرقام الناطقة والحقائق الجلية تخفي على كثير من الشباب وإلا لكانت نظرتهم للحياة الغربية أكثر واقعية ,وحينها يسقط الإعجاب والانبهار وما يتبعهما من تقليد وانصهار.
سابعا:ضعف المسلمين ماديا وقوة الكافرين في هذه الجانب.
والذي أدى إلى الانبهار بهم ومن ثم تقليدهم فيما وراء ذلك والتسليم لهم في أنماط الحياة كلها في نهاية الأمر والحقيقة الغائبة عن هؤلاء المقلدين هي أن تقليد الكافرين في لباسهم فقط لن يأخذ بأيدي المسلمين للتقدم والتقنية الحديثة.
يقول ابو الأعلي المودودي
فهل لأحد عنده العقل أن يعتقد أن كل ما أحرزه الغرب من التقدم والرقي في مختلف حقول الحياة إنما أحرزه بالجاكيت والبنطلون وربطة العنق والقبعة والحذاء؟!).
* * *
3- من مظاهر التقليد في واقع الشباب.
المتأمل لواقع الشباب في الآونة الأخيرة يجد مظاهر عديدة تؤكد خطورة التقليد الأعمى وشيوعه بنسبة أكبر في صفوف المراهقين وهذا بعض البسط لعدد من هذه المظاهر المجاهر بها:
1- تقليد الشباب الغربي المنحرف في لباسهم المتفسخ والرضا بشذوذ المظهر, ومن صور ذلك:
1- قصات الشعر الغربية.(كابوريا,الفرنسية,البانكس, ...)لمجرد أن لاعبا أو مغنيا أو ملاكما تلبس بهذه القصة أو تلك فهذا يكفي في شيوعها عند المعجبين من أبناء المسلمين وأذكر مرة أنني رأيت شابا فرحا بقصة شعره الغربية إلا أنه لا يدري هذه القصة شعار من؟وكان معي أحد الأخوة فأخبرني متعجبا أن هذا الشاب قد تلبس بموضة الشاذين جنسيا في الغرب وشعارهم هذه القصة الغربية لشعر الرأس !!
2- القمصان الواسعة والسراويل القصيرة. التي لاتغطي تمام العورة فتجد من الشباب من قلد النمط الغربي في لباس مايسمى با لشورت وتراهم يجاهرون بذلك في الأماكن العامة دون حياء.
3- كتابة الكلمات الاجنبية. على صدر القميص ومن خلفه وقد تتضمن صورا قبيحة أو يكون معنى هذه الكلمات فاحشا أو رفعا وتمجيدا لفرق غنائية شاذة أو نحوه.
4-لبس قبعة ملونة تحمل كلمات بذيئة أو غربية.
5- انتشار لبس الجنز بصورة مبتذلة.
6- لبس السلاسل الذهبية.
2- ركوب السيارات فاقعة اللون أو مايسمى بالسبورت.
ومن الشباب من استفتح عادة جديدة وهي ركوب الدراجات النارية السريعة يصاحب هذا وذاك رسومات على السيارات وكلمات وصور حقيقة لبعض المغنيين والمغنيات.
3-الرقصات الغربية والغناء الصاخب المسمى الديسكو.
وهذا الأمر أصبح بعض المراهقين يتنافسون في إتقانه وفي مجلة وافدة أجري مع فتى لايتجاوز سنه التاسعة يتميز بإتقان حركات الرقص الخاصة بمايكل جاكسون المغني الماجن المشهور وفي ثنايا اللقاء وضعت صورة هذا الشاب وقد لبس مثل ملابس مايكل وبدأ يرقص مثله!
يُقضي على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
4-تقليد أبطال الأفلام.في حركاتهم ولباسهم ومتابعة أفلامهم وتمجيد صورهم ورفعها على الجدران.
5-تقليد حركات اللاعبين. عند التعبير عن فرحة الفوز حتى نقلت بعض وسائل الإعلام في أثناء مباراة كروية لاعبا مسلما يشير بيده على صدره حركة الصليب يقلد بعض اللاعبين الأوربيين النصارى.
6-تقليد الشباب الغربي في أعيادهم.ومن ذلك ماانتشر فيما ما سموه بعيد الحب إضافة إلى حضور مهرجان اعياد النصارى الكريسمس ورأس السنة ومايصاحب ذلك من اختلاط ومعازف.
7- السرعة الجنونية بالسيارات. وخوض المطاردات والتمرد على أنظمة المرور ورجال الأمن .
8- الرطانة بالكلمات الأجنبية. والتفاخر بها أمام الناطقين بالعربية الخلص.
9- تربية الكلاب.والإنفاق عليها والترفيه وعنها.
وقد وجد شاب عند أحد الشواطئ قد لبس ثيابا مشققة الأطراف ولف حوله سلسلة حديدية اتصلت بكلبين ويسيران معه وهو منظر غريب لا يُعرف بين أبناء المسلمين ولكن هكذا يفعل التقليد!
10- العبث في الإجازات.فإن كان الشباب الغربي المنحرف يعتبرون العطلة الأسبوعية فرصة للتحرر من كل القيود والمسئوليات فإن من الشباب المسلم من جعل هذه العطلة مرتعا لإضاعة الأموال والأوقات والأخلاق جميعا مثلا بثمل وسواء بسواء.
فإذا طوينا هذه الصفحة من المظاهر التقليد المخالفة الأمر الله فلنلفت النظر قبل طيها إلى أننا لا نبكي لمعاصي فردية تقع من هذا أو ذاك إنما نميط اللثام عن حقيقة مخفية وهي أن هذه المظاهر ويجاهر بها وسوف تشيع بين الشباب إن لم يتحرك الناصحون ويقوموا بواجب الأخوة لهم.
الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
*فيعيش الشباب المعاصر في دوامة من الفتن المظلمة وتراه جيلا يصارع أمواجا متلاطمة من الأدواء والمصائب والعلل.
*فأما الكثيرون منهم فما يلبثون إلا ويغرقون في بحرها وأقل القليل-ممن رحم الله-يعضون بنواجذهم على دينهم ويحفظون الله فيحفظهم.
*ومن هذه الفتن
*و(التقليد)كما يٌعرف علماء اللغة هو (ابتاع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل ,معتقدا الحقيقة فيه من غير نظر أو تأمل في الدليل فكأن هذا المتبع جعل قول الغير أ و فعله قلادة في عنقه.)
*أما "التقليد"المراد في هذه الرسالة فهو:
(ماسلكه الشباب المسلم محاكاة للكفار وتشبها بهم دون وعي)وسوف نؤكد على خطورة محاكاة الشباب الغربي في الملبس والمركب والأخلاق والتي قد تكون بداية للنهاية المؤلمة وهي الانصهار في عقائد النصارى أو الردة عن الدين –والعياذ بالله-.
وبعد تأمل لأطراف هذا الموضوع (الشباب والتقليد) اجتمعت هذه النقاط:
1- لماذا الحديث عن التقليد؟
2- أسباب تقليد الشباب للمظاهر الغربية؟
3- من مظاهر التقليد في واقع الشباب.
وقد حرصت على الاختصار مااستطعت إلى ذلك سبيلا والمقصود بيان المعاني وإنقاذ التشبييبة من هذا البلاء وأسال الله أن يهدي شبابنا بهداه وأن يردهم إلى مايحبه ويرضاه.
1- لماذا الحديث عن (التقليد)
يسطر المؤلفون الرسائل والمصنفات في آفة التقليد ويحذر الناصحون منها وعلى المنابر وفي المنتديات وما ذلك إلا لخطورة هذه الظاهرة على عموم الأمة فضلا عن خاصة شبابها, وخطورة التقليد الأعمى تظهر في عدد من العواقب الوخيمة وهذا سرد لأهمها:
أولا:التقليد قد يكون سببا للكفر والإلحاد.
فلقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن أناس ماتوا على الكفر محاكاة للكافرين فعن أنس رضي الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
فأما المؤمن فيقول :أشهد انه عبدالله ورسوله ,وأما الكافر والمنافق فيقول :لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه....) الحديث رواه البخاري ومسلم.
فالأمر عند هذا الصنف من الناس إنما هو مجرد تقليد ولا يقين معه ولا اعتقاد. لذا كانت عاقبتهم الهلاك والبوارُ في الآخرة.
ثانيا:التقليد سبيل صحبة الكافرين.
فمن خطورة (التقليد الأعمى) أنه يقود إلى صحبة المقلد شاء المقلد أم أبى ذلك أن المحاكاة في الظاهر تؤدي إلى المحاكاة في الباطن ولو بعد حين . فالتقليد صلة روحية بين المُقلِِِِِد والمُقلَد إما بشكل مباشر وعنيف ودفعة واحدة كما حدث في تركيا على يد مصطفى كما أتاتورك وإما بشكل تدريجي سريع أو بطيء كما يحدث في كل زمان ومكان بين كل مقلِد ومقلَد.
وهاهو (ليوبولد فايس) بعد أن هداه الله إلى الإسلام وسمى نفسه(محمد أسد) يشير إلى ذلك فيقول) :إذا حاكى المسلم أوربا في لباسها وعاداتها وأسلوب حياتها فإنه يتكشف عن أنه يؤثر المدينة الاوربية مهما كانت دعواه التي يعلنها وإنه لمن المستحيل عمليا أن تقلد مدينة أجنبية في مقاصدها العقلية والبديعية من غير إعجاب بروحها وإنه لمن المستحيل أن تعجب بروح مدينة مناهضة للتوجيه الديني وتبقى مع ذلك مسلما صحيحا).
ثالثا:التقليد سبب لانحراف المفاهيم الشرعية.
فبسبب (التقليد الأعمى) للحياة الغربية وأنماط سلوكها, انقلبت كثير من المفاهيم إلي معان مغلوطة فا لتفلت والتمرد صار حرية شخصية والنصيحة للشاب وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وأصبح تدخلا في الأمور الفردية تعديا على حريات الآخرين والبعض تشرب قناعة منكرة مفادها (أن لا حضارة ولا تطور إلا بركوب مسالك الغرب خيرها وشرها ولا رجعية ولا تدهور إلا بالتمسك بالدين والإنقياد لشرائع الاسلام).
رابعا:التقليد سبيل لمسخ الشخصية الإسلامية.
فالُمقلِد يلغي بتقليده وجوده ويقضي على شخصيته ويغمض عينيه ليرى بعيون الآخرين ويصم أذنيه ليسمع بآذانهم ويوقف حركة عقله وتفكيره ليفكر بعقولهم هذا في التقليد ككل فكيف إذا كان التقليد في الضار دون النافع والخبيث دون الطيب إنه حينئذ لايكون مسخا للشخصية الإسلامية فحسب بل إلغاء لها نزولا بها إلى درك العجماوات التي يقود قطيعها واحد منها فيسقط القطيع كله متتابعا إن سقط ذلك الواحد ويستمر مستقيما في سيرة إن استقام.
ولهذه المحاذير ولغيرها حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ا(التقليد الأعمى )وسماه (ابتاع السنن) وذلك فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجاء في رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
ويلحظ المتأمل لهذين الحديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر بما أخبر لمجرد العلم بل أراد التحذير من ذلك (التقليد)البالغ الدقة فهو (شبر بشبر وذراع بذراع وأنه لو دخل اليهود والنصارى جحر ضب لدخله بعض المسلمين وراءهم)وفيه تعبير غاية في الدلالة على خطورة السير في نفس الخُطى.
وفي هذا الزمان ها نحن نر ما اخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذرنا منه ونكتوي بناره ونتألم من أثاره ونشتكي إلى الله من عواقبه).
* * *
2-أسباب التقليد للمظاهر الغربية.
إن التفات الشباب للمظاهر الغربية وتقليدهم لأنماط سلوكها له أسباب كثيرة من أهمها:
أولا:التربية الخاطئة:
وهذه التربية قد تكون في المنزل بين والدين ممن تشربوا الحياة الغربية و أعجبوا بمنهجها فيؤثرون على أبنائهم وقد قال صلى الله عليه وسلم
فالشاب يبقى على فطرته الدينية وحيائه ,فيبتلى بوالدين قد انمسخت فطرتهما فيحرفانه عن الصراط المستقيم إلى سبل الشياطين ومن التربية الخاطئة إهمال الوالدين لشذوذ أولادهم في الملبس والحركات فلا نصح لهم ولا تحذير وكلٌُُُُُُ يفعل ما شاء كما يشاء.
فكيف يرتاح للبلوى أخو شمم وعينه تبصر الأشرار يبغونا
وكيف يسكت ذو حق وقد عبثت بحقه عصبةٌ تقفوا الشياطينا
عافت هُدى الله وانقادت بعاطفة معصوبة العين لم تعرف موازينا .
ثانيا:التأثر بالقرناء المعجبين بالنمط الغربي.
فإن كثيراً من الشباب يخرجون من بيوت محافظة لا تقبل بالمنط الغربي لا في الملبس ولا في غيره ,ولكن هؤلاء يخالطون أصحابهم في الحي أو في المدرسة فيرونهم يستحسنون تكلم الملابس الغربية فيقلدونهم وهذا التأثر اخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
وقال الشاعر:
عن المرء لا تسئلْ وأبصر قرينه فكل قرين بلمقارن يقتدي
وهذا السبب هو الغالب في واقع الشباب.
ثالثا:حب الشباب للظهور بغير المألوف.
فبعض الشباب لاهمََََّ لهم إلا محاولة الظهور بهيئة غير مألوفة وكأن أحدهم يريد أن يرفع لافته (خالف تعرف) فتقليدهم للنمط الغربي ماهو إلا اسلوب لجذب انتباه الآخرين ولفت الأنظار.
رابعا:تقديس الموضة..
فمن باب التزيين الشيطاني وصف متبع الموضة بأنه (إنسان عصري ) , وهذه الخدعة إنطلت على أفواج من الشباب المسلم فبذلوا الغالي والرخيص في سبيل (الموضة) وترى الواحد منهم يتكدر ويشقى إذا لم يلحق بركابها وهذا التقديس للموضة جعل من الزينة المادية همَّ الشباب الأول وتبع ذلك طاعة مصممي الزينة طاعة عمياء ومعلوم أن اشتغال حواس الإنسان بالمظاهر والموضة الفاسدة يصرفه عن الجواهر المفيدة ويحرمه منها فضلا عن انشغاله عن مهمات الأمور فيبقى في تخلف وانحطاط فيسهل افتراسه من جهتين:أولها :بالتحكم فيه لإبعاده عن القيم والمباديء الأخلاقية النبيلة وثانيها:يسهل سلخه عن دينه وتحويله إلى الوجهة التي يريدها له اعداؤه وأعداء دينه وأمته.
وها أنت ترى مصدًّري الموضة يتلاعبون بعقول من يتبعونهم ويشكلونهم كيفما شاؤوا.. فتارة يجعلون الرجل أنثى وتارة يجعلونه بهيئة الحشرة وتارة متوحشا وهلمًّ جرا.
وتقديس الموضة قد يصل بالبعض إلى الاستسلام والانقياد لتنوعها دون حدود أو قيود ولو كان باتباعها خلع الحياء وتجاوز الضوابط الشرعية وهذا ماسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبودية القطيفة ودعا على أهلها قال صلى الله عليه وسلم
خامساً:جهل الشباب المسلم بحقيقة دينه.
فكثير من الشباب يجهلون عظمة دينهم وارتفاع قدره ويتناسون أن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده دون سواه قال تعالى {إن الدين عند الله الإسلام}.
وقال تعالى{ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}.
ومما ساعد على الجهل بعظمة دينهم إعلامٌ يتناساه وتربيةٌ تتجاهله ولما غاب عنهم ذلك كله وصاروا يتخبطون في أودية الشرق والغرب يقلدون هذا تارةً أُخرى لا يعتزون بدينهم ولا يصطبغون بصبغة إسلامهم.
سادسا:جهل الشباب المسلم بحقيقة الحضارة الغربية.
فمن ناحية أخرى تجد الشباب يجهلون حقيقة الحضارة الغربية الزائفة وبخاصة فيما يتعلق بالجانب الروحي والنفسي فإن عنصر الإنسان عندهم فقد قيمته وصارت حياتهم للمادة والمتعة واللذة ليس إلا..
ويشهد لما ذكرنا دراسة علمية أجراها الباحثان جيمس با ترسون وبيتر كيم على بني قومهم فكانت هذه الأرقام التي تفصح عن انحطاط أخلاقي لامثيل له..جاء في هذه الدراسة مايلي:
74%قالوا:لن نتردد في السرقة متى ما وجدت الفرصة.
65%قالوا:لن نتردد في قيادة السيارة ونحن في حالة سكر.
41%قالوا:سنستخدم المخدرات للترفيه عن النفس.
53%(المتزوجين)قالوا:لن نتردد في الخيانة الزوجية.
91%قالوا:إن الكذب أصبح عادةً وسلوكا مألوفا في الحياة اليومية.
82%يمارسون الزنا وكأنه أمر عادي لا يندمون عليه.
ومن عجيب ما ذكره هذان الباحثان حول الشباب الغربي والعنف :أن الشباب عندهم هم الفئة التي تنفذ جرائم القتل في المجتمع وأن معدلات الانتحار بينهم بنسب عالية.
وهذه الأرقام الناطقة والحقائق الجلية تخفي على كثير من الشباب وإلا لكانت نظرتهم للحياة الغربية أكثر واقعية ,وحينها يسقط الإعجاب والانبهار وما يتبعهما من تقليد وانصهار.
سابعا:ضعف المسلمين ماديا وقوة الكافرين في هذه الجانب.
والذي أدى إلى الانبهار بهم ومن ثم تقليدهم فيما وراء ذلك والتسليم لهم في أنماط الحياة كلها في نهاية الأمر والحقيقة الغائبة عن هؤلاء المقلدين هي أن تقليد الكافرين في لباسهم فقط لن يأخذ بأيدي المسلمين للتقدم والتقنية الحديثة.
يقول ابو الأعلي المودودي
* * *
3- من مظاهر التقليد في واقع الشباب.
المتأمل لواقع الشباب في الآونة الأخيرة يجد مظاهر عديدة تؤكد خطورة التقليد الأعمى وشيوعه بنسبة أكبر في صفوف المراهقين وهذا بعض البسط لعدد من هذه المظاهر المجاهر بها:
1- تقليد الشباب الغربي المنحرف في لباسهم المتفسخ والرضا بشذوذ المظهر, ومن صور ذلك:
1- قصات الشعر الغربية.(كابوريا,الفرنسية,البانكس, ...)لمجرد أن لاعبا أو مغنيا أو ملاكما تلبس بهذه القصة أو تلك فهذا يكفي في شيوعها عند المعجبين من أبناء المسلمين وأذكر مرة أنني رأيت شابا فرحا بقصة شعره الغربية إلا أنه لا يدري هذه القصة شعار من؟وكان معي أحد الأخوة فأخبرني متعجبا أن هذا الشاب قد تلبس بموضة الشاذين جنسيا في الغرب وشعارهم هذه القصة الغربية لشعر الرأس !!
2- القمصان الواسعة والسراويل القصيرة. التي لاتغطي تمام العورة فتجد من الشباب من قلد النمط الغربي في لباس مايسمى با لشورت وتراهم يجاهرون بذلك في الأماكن العامة دون حياء.
3- كتابة الكلمات الاجنبية. على صدر القميص ومن خلفه وقد تتضمن صورا قبيحة أو يكون معنى هذه الكلمات فاحشا أو رفعا وتمجيدا لفرق غنائية شاذة أو نحوه.
4-لبس قبعة ملونة تحمل كلمات بذيئة أو غربية.
5- انتشار لبس الجنز بصورة مبتذلة.
6- لبس السلاسل الذهبية.
2- ركوب السيارات فاقعة اللون أو مايسمى بالسبورت.
ومن الشباب من استفتح عادة جديدة وهي ركوب الدراجات النارية السريعة يصاحب هذا وذاك رسومات على السيارات وكلمات وصور حقيقة لبعض المغنيين والمغنيات.
3-الرقصات الغربية والغناء الصاخب المسمى الديسكو.
وهذا الأمر أصبح بعض المراهقين يتنافسون في إتقانه وفي مجلة وافدة أجري مع فتى لايتجاوز سنه التاسعة يتميز بإتقان حركات الرقص الخاصة بمايكل جاكسون المغني الماجن المشهور وفي ثنايا اللقاء وضعت صورة هذا الشاب وقد لبس مثل ملابس مايكل وبدأ يرقص مثله!
يُقضي على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
4-تقليد أبطال الأفلام.في حركاتهم ولباسهم ومتابعة أفلامهم وتمجيد صورهم ورفعها على الجدران.
5-تقليد حركات اللاعبين. عند التعبير عن فرحة الفوز حتى نقلت بعض وسائل الإعلام في أثناء مباراة كروية لاعبا مسلما يشير بيده على صدره حركة الصليب يقلد بعض اللاعبين الأوربيين النصارى.
6-تقليد الشباب الغربي في أعيادهم.ومن ذلك ماانتشر فيما ما سموه بعيد الحب إضافة إلى حضور مهرجان اعياد النصارى الكريسمس ورأس السنة ومايصاحب ذلك من اختلاط ومعازف.
7- السرعة الجنونية بالسيارات. وخوض المطاردات والتمرد على أنظمة المرور ورجال الأمن .
8- الرطانة بالكلمات الأجنبية. والتفاخر بها أمام الناطقين بالعربية الخلص.
9- تربية الكلاب.والإنفاق عليها والترفيه وعنها.
وقد وجد شاب عند أحد الشواطئ قد لبس ثيابا مشققة الأطراف ولف حوله سلسلة حديدية اتصلت بكلبين ويسيران معه وهو منظر غريب لا يُعرف بين أبناء المسلمين ولكن هكذا يفعل التقليد!
10- العبث في الإجازات.فإن كان الشباب الغربي المنحرف يعتبرون العطلة الأسبوعية فرصة للتحرر من كل القيود والمسئوليات فإن من الشباب المسلم من جعل هذه العطلة مرتعا لإضاعة الأموال والأوقات والأخلاق جميعا مثلا بثمل وسواء بسواء.
فإذا طوينا هذه الصفحة من المظاهر التقليد المخالفة الأمر الله فلنلفت النظر قبل طيها إلى أننا لا نبكي لمعاصي فردية تقع من هذا أو ذاك إنما نميط اللثام عن حقيقة مخفية وهي أن هذه المظاهر ويجاهر بها وسوف تشيع بين الشباب إن لم يتحرك الناصحون ويقوموا بواجب الأخوة لهم.