بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. أما بعد ...أختاه ..
أسأل الله تعالى أن تكون بداية خير ورشاد ، وفاتحة هداية وسداد ، ورزقنا الله وإياكن الصدق والإخلاص في القول والعمل .
أختاه ..
إنني أحثكنَّ اليوم للخروج من تيه هذه الحياة ، من الانفصام الذي نعيشه بين ما نعرف ونتعلم وما نطبق ونفعل .
لذلك آثرت في رسالتي الأولى لكنَّ ، أن أسائلكنَّ :
ما بال الكثير اليوم لا يسمعون، وإذا سمعوا لا ينتفعون، أفي آذانهم صمم؟ أم هم في الأمر متهاونون؟ ولأي شيء يجتمعون ويقوم فيهم الخطباء المجيدون، والوعاظ المبلغون، ويذكرونهم أيام الله فلا يخشع الوعاظ ولا الموعظون، ويرغبونهم في الخير فلا يسارعون، وينذرونهم عواقب السوء فلا يتأثرون ؟؟؟
لقد كان السلف الصالح إذا وعظوا تأثر المستمع لهم تأثرًا عظيمًا، وفارق ما عنده من المنكرات، والمحرمات، وفارق من أصر عليها من أقاربه، وأولاده، وإخوانه وآبائه، وجدد توبة نصوحًا، عما سلف له من الأعمال، التي لا يرتضيها ربنا جل وعلا .
إنها غربة تحتاج إلى تصحيح نية وتجديد فكرة وبعث همة .
وهذه دورة " جددي إيمانك " تحثك : بالله كفاك غفلة وبعاد وحرمان ، كفاك ضياع وشتات وحيرة ، الآن الفرصة تواتيك لا تضيعيها فقد لا تجديها مرة أخرى ، الفرصة سانحة فانتهزيها وشمري عن ساعد الجد ، واليوم جددي توبتك ، واستقبلي يوم ولادتك الحقيقية ، افهمي مع " المحاضرة الأولى " قضية الإيمان ، وكيفية تجديده ، وابدئي الخطوات العملية للتغيير :
اليوم : تعلمي هذا الدعاء النبوي واحفظيه :
" اللهم بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي و توفني إذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم و أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة و أسألك كلمة الإخلاص في الرضا و الغضب و أسألك القصد في الفقر و الغنى و أسألك نعيما لا ينفد و أسألك قرة عين لا تنقطع و أسألك الرضا بالقضاء و أسألك برد العيش بعد الموت و أسألك لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان و اجعلنا هداة مهتدين " [ رواه أبو داود وصححه الألباني ] أختاه ... هيا بالله شمري عن ساعد الجد ، واجعليها بداية عهد جديد مع ربك المجيد ، وتذكري أن البداية المحرقة تؤدي للنهاية المشرقة ، والصادقة هي السابقة ، فأرين الله مظاهر الصدق بالأفعال ، والله معكم ولن يتركم أعمالكم ..................والله المستعان
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..
أما بعد .. أخواتنا الفضليات .. أسأل الله تعالى أن يبارك لكنَّ ، ويستعملكنَّ ، ويصفيكنَّ ، ويجعلكنَّ خير إمائه على الأرض ، ويجدد الإيمان في قلوبنا جميعًا ، ويجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين . اللهم ارزقنا قلوبًا سليمة وألسنة صادقة ، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك . أختاه .. هل تعلمين ذنبك ؟؟ هل تعرفين عيبك ؟؟ هل أنت على يقين من ذلك ؟؟ هل تنظرين إلى عيوب الناس ؟؟ هل تنشغلين بذلك ؟؟ الجواب هو موضع الإشكال ، فلو أنت تعلمين ذنبك حقيقة ، وتعرفين عيبك صدقًا ، وأنت على يقين من ذلك ، وكنت على دراية بخطر ذلك ، فستنشغلين بأن تتطهري ، ولن تلتفتي إلى غيرك ، ولن تنشغلي إلا بإصلاح نفسك . لذلك وصيتي إليك أن تقولي هذه الكلمة العظيمة : أنا من ذنوبي على يقين ومن ذنوب الناس على شك . فنحن لا ندري من يوفق للتوبة ومن يبتعد ؟؟ نحن لا ندري بماذا سيختم لنا ، والمرء يعمل بعمل أهل الجنة ظاهرًا ويسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار في الخاتمة فيدخلها والعياذ بالله يأ أختاه .. قارني بين نفسك ومن هو أفضل منك لتسلمي من عجبك بنفسك وتفيقي من داء الكبر والعجب الذي يولد عليك الاستحقار والاستخفاف بالناس مع العلم بأن فيهم من هو خير منك. فواجبنا العملي : أن تكثري من هذه الاستعاذة كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه » (رواه أبو دواد).
1ـ همزه : الموتة : نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان ، فإذا أفاق عاد إلى عقله.
2ـ نفخه : الكبر
3 ـ نفثه : الشعر المذموم . لذلك ونحن اليوم نجدد الإيمان بنفي الكبر نستعيذ بالله من نفخ الشيطان ، ومن ذرة كبر تحرم علينا الجنة . فتعلميها اليوم : أدافع الكبر عن نفسي عَنْ عَبدِ اللّهِ بنِ حَنْظَلَةَ: أَنَّ عَبدَ اللّهِ بنَ سَلامٍ مَرَّ فِي السُّوقِ، وَعَلَيهِ حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيسَ اللهُ قَدْ أَعْفَاكَ عَنْ هَذَا؟! قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَدْفَعَ بِهِ الكِبْرَ؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ: مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ"[ رواه عبد الله بن أحمد في "الزهد" ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب ] أختاه .. بالله عليك .. اوصيك بالله خيرا ... أوصيك بالإيمان الذي اصطفاك الله به ... بالله جددي توبتك من آفاتك ، وجددي معنا الإيمان خطوة خطوة ........ وسوف يعطيك فترضين .... فبالله استعيني ولن يضيعك ..
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ... الأخوات الفضليات .. جدد الله الإيمان في قلوبكن ، وأعاننا الله وإياكن على ذكره وشكره وحسن عبادته ، ورزقنا الاستقامة على الدرب ، وحفظنا بحفظه الذي لا يرام ، وكلأنا بعينه التي لا تنام ، وستر عوراتنا وأمَّن روعاتنا ، واصطفانا لطاعته ، إنه بالإجابة جدير ، نعم المولى ونعم النصير . أختاه .. هل تعلمين ما هي أفضل عبادة يمكنك أن تتقربي بها إلى الله لتجددي إيمانك ؟؟؟ هل طول القيام ؟ هل سرد الصيام ؟ هل دوام الذكر وتلاوة القرآن ؟ هل الاجتهاد في طلب العلم ؟ هل الدعوة إلى الله تعالى ؟ نعم كل هذا عظيم ، وضروري ، ولازم لكل أخت تريد الله والدار الآخرة ، ولكن استمعي لنصيحة أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فإنها قالت : أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ التَّوَاضُعُ . نعم لأنه من أعظم مقامات العبودية ، لأنه ينفي الكبر والعلو في الأرض ، ويوجب الفقر والذل والمسكنة لله تعالى ، وهي من أحب الأعمال إلى الله تعالى :" وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ " لكن كيف لك أن تحققي معنى التواضع بصورة عملية : (1) انظري للجوانب الإيجابية عند الناس واتركي سلبياتهم ، فانشغلي بفضلهم عن عيوبهم . قَالَ الْحَسَنُ : التَّوَاضُعُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِك فَلَا تَلْقَى مُسْلِمًا إلَّا رَأَيْتَ لَهُ عَلَيْك فَضْلًا . (2) جربي القيام بعمل يستحيل أن تتصوري أن تفعليه ، لاسيما في إعانة الفقراء والمساكين ، والاعتماد على النفس في قضاء الحوائج . خرج عبد الله بن سلام من بستان له بحزمة حطب يحملها فلما أبصره الناس قالوا: يا أبا يوسف قد كان يعنى في ولدك وعبيدك من يكفيك هذا، قال: أردت أن أجرب قلبي هل ينكر هذا. (3) إذا شعرت بتفضلك على الناس في شيء فدعي هذا الفعل تواضعًا لله . أمَّ أبو عبيدة بن الجراح قوماً مرةً فلما انصرف قال: ما زال الشيطان بي آنفا حتى رأيت أن لي فضلاً على من خلفي، لا أؤمُّ أبداً. (4) ابتعدي عن عبارات المدح واتفقي مع أخواتك على الابتعاد عن الإطراء الذي يفسد القلب معاذ بن جبل قال: لن يبلغ عبد ذروة الايمان حتى يكون الضعة أحب إليه من الشرف . (5) فري من أي صورة للكبر في حياتك . قال عمر بن الخطاب لسلمان: يا سلمان ما أعلم من أمر الجاهلية شيئاً إلا وضعه الله عنا بالاسلام إلا أنا لا ننكح إليكم ولانُنكحكم، فهلمَّ فلنزوجك ابنة الخطاب، قال: أفرُّ والله من الكبر، قال: فتفرُّ منه وتحمله عليَّ لا حاجة لي به . (6) إذا زدت نعمة فزيدي فقرا وتواضعا وانكسارا شكرا لله تعالى أرسل النجاشي ذات يوم إلى جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه وأصحابه فدخلوا عليه وهو في بيت عليه خُلقان، جالس على التراب، قال جعفر: وأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال فلما رأى ما في وجوهنا، قال: إني أبشركم بما يسركم، إنه جاءني من نحو أرضكم عين لي فأخبرني أن الله قد نصر نبيه وأهلك عدوه، وأُسر فلان وفلان، وقُتل فلان فلان، التقوا بوادٍ يقال له بدر، كثير الأراك، كأني أنظر إليه، كنت أرعى لسيدي رجل من بني ضبة إبله، قال جعفر: ما بالك جالساً على التراب ليس تحتك بساط وعليك هذه الأخلاق؟! قال: إنما نجد فيما أنزل الله على عيسى صلى الله عليه: إن حقاً على عباد الله أن يحدثوا لله تواضعاً عند كل ما أحدث لهم من نعمة، فلما أحدث الله لنا نصر نبيه عليه السلام أحدثت لله هذا التواضع . أختاه .. تواضعي وانكسري لله تعالى لتفوزي بأعظم عبادة ، واجتهدي في تطبيق ما أوصيتك به ، وتعاوني مع أخواتك في ذلك ، واتقي الله تعالى في سرك وعلانيتك ، وتذكري أنك تزدادين رفعة وقربا وعزًا بذلك لله تعالى ، وذلك للمؤمنين والمؤمنات . فمن ستصلح علاقتها بزوجها أو بوالديها أو بأخواتها وإخوتها بتواضعها ؟؟ من ستكون أبر الناس بتواضعها ؟ من ستغفر للناس أذاهم مستشعرة ذنبها وعيبها فتتواضع لله وتغفر ليغفر لها ؟ من ستتصدق اليوم صدقة لتتخلص من حب الذات وحب الدنيا وتترفق بالمساكين تواضعا لله ؟ من ستكون اليوم متصفة بصفة عباد الرحمن " يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً " ؟ من ستستغفر للمؤمنين والمؤمنات- وحتى من يؤذيها منهم - تواضعا لله ؟ بالله ... لله ماذا ستصنعين في هذين اليومين تطبيقًا لدرس التواضع ؟ اكتبي أفكارا وتجارب وأفيدينا لنجتمع على حسن الخلق . والله يتولانا ويرحم ضعفنا له وانكسارنا بين يديه